الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما العمرة فقد اختلف العلماء في وجوبها، فمنهم من قال: إنها واجبة، ومنهم من قال: إنها سنةٌ، ومنهم من فرق بين المكي وغيره، فقال: واجبة على غير المكي، غير واجبةٍ على المكي،
والراجح عندي: أنها واجبة على المكي وغيره، لكن وجوبها أصغر من وجوب الحج. لأن وجوب الحج فرض مؤكد، لأن الحج أحد أركان الإسلام بخلاف العمرة.
س 3: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل وجوب الحج على الفور أم على التراخي
؟
فأجاب فضيلته بقوله-: الصحيح أنه واجب على الفور، وأنه لا يجوز للإنسان الذي استطاع أن يحج بيت الله الحرام أن يؤخره، وهكذا جميع الواجبات الشرعية، إذا لم تُقيّد بزمن أو
سبب، فإنها واجبة على الفور.
س 4: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما شروط وجوب الحج والعمرة
؟
فأجاب فضيلته بقوله-: شروط وجوب الحج والعمرة خمسة: مجموعة في قول الناظم:
الحجُّ والعمرةُ واجبان في العمر مرة بلا توان بشرط إسلام كذا حرية عقل بلوغ قدرة جلية
فيشترط للوجوب:
أولاً: الإسلام، فغير المسلم لا يجب عليه الحج، بل ولا يصح لو حج، بل ولا يجوز دخوله مكة، لقوله تعالى:(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)(1) فلا يحل لمن كان كافراً بأي سبب كان سفره، لا يحل له دخول حرم مكة. ولكن يحاسب الكافر على ترك الحج وغيره، من فروع الإسلام على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لقول الله تعالى:
(إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)) (2)
الشرط الثاني: العقل، فالمجنون لا يجب عليه الحج، فلو كان الإنسان مجنوناً من قبل أن يبلغ حتى مات، فإنه لا يجب عليه الحج ولو كان غنيًّا.
الشرط الثالث: البلوغ، فمن دون البلوغ فإن الحج لا يجب عليه، ولكن لو حج، فحجه صحيح، إلا أنه لا يجزئه عن فريضة الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي رفعت إليه صبيًّا وقالت: ألهذا حج؟ قال: "نعم ولك أجر"(3) لكنه لا يجزئه عن فريضة الإسلام، لأنه لم يوجه إليه الأمر بها حتى يجزيه عنه. إذ لا يتوجه الأمر إليه إلا بعد بلوغه.
(1) سورة التوبة، الآية 28.
(2)
سورة المدثر، الآيات: 39-47.
(3)
أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب صحة حج الصبي (1336)(409) .
وبهذه المناسبة أحب أن أقول: إنه في مثل المواسم التي يكثر فيها الزحام، ويشق فيها الإحرام على الصغار، ومراعاة إتمام مناسكهم، فالأولى ألا يحرموا لا بحج لا بعمرة، أعني هؤلاء الصغار، لأنه يكون فيه مشقة عليهم وعلى أولياء أمورهم، وربما شغلوهم عن إتمام نسكهم، أي ربما شغل الأولاد آباءهم، أو أمهاتهم عن إتمام نسكهم، فبقوا في حرج، وما دام الحج لم يجب عليهم، فإنهم في سعة من أمرهم.
الشرط الرابع: الحرية، فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج، لأنه مملوك مشغولٌ بسيده، فهو معذور بترك الحج، لا يستطيع السبيل إليه.
الشرط الخامس: القدرة على الحج بالمال والبدن، فإن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه، فإنه ينيب من يحج عنه، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما أن امرأة خثعمية سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج، شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال:"نعم "(1) وذلك في حجة الوداع، ففي قولها: أدركته فريضة الله
على عباده في الحج، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، دليل على أن من كان قادراً بماله دون بدنه، فإنه يجب عليه أن يقيم من يحج عنه، أما إن كان قادراً ببدنه دون ماله، ولا يستطيع الوصول إلى مكة ببدنه، فإن الحج لا يجب عليه.
(1) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله (رقم 1513) ، ومسلم، كتاب الحج، باب الحج عن العاجز (رقم 1334) .