الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجوز الحج عنه، وكذلك الطواف عنه يجوز، وكذلك جميع الأعمال الصالحة تجوز عن الميت، قال الإمام أحمد رحمه الله: كل قربة فعلها وجعل ثوابها لحي أو ميت مسلم نفعه.
ولكن الدعاء للميت أفضل من إهداء الثواب له، والدليل على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له "(1) ووجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: (أو ولد صالح يتعبد له، أو يقرأ، أو يصلي، أو يعتمر، أو يصوم، أو ما أشبه ذلك مع أن الحديث في سياق العمل) فهو يتحدث عن العمل الذي ينقطع بالموت، فلو كان المطلوب من الإنسان أن يعمل لأبيه أو لأمه، لقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو ولد صالح يعمل له. ولكن لو عمل الإنسان عملاً صالحاً، وأهدى ثوابه لأحد من المسلمين فإن ذلك جائز.
س 317: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: والدتي توفيت قبل ثلاث سنوات ولم تؤد فريضة الحج، وأريد أن أؤدي فريضة الحج عنها، وأنا لم أتزوج ولم أحج عن نفسي، فهل يصح أن أحج
لها والأمر كذلك، أفتونا بذلك جزاكم الله خيراً
؟
فأجاب فضيلته بقوله: أولا: لا بد أن نسأل عن هذه الوالدة هل الحج فريضة عليها أم لا؟ لأنه ليس كل من لم يحج يكون الحج فريضة عليه. إذ إن من شرط الحج أن يتوفر عند الإنسان مال يستطيع به أن يحج بعد قضاء الواجبات، والنفقات الأصلية،
(1) تقدم ص 150.
فنسأل: هل أمك كان عندها مال يمكنها أن تحج به، إذا لم يكن عندها مال يمكنها أن تحج به فليس عليها حج، فالذي ليس عنده مال يحج به ليس عليه حج، كالفقير الذي ليس عنده مال، ليس
عليه زكاة، وقد ظن بعض الناس أن الحج فريضة على كل حال، ورأوا أن الإنسان إذا مات ولم يحج أن الحج باق في ذمته فريضة، وهذا ظن خطأ. فالفقير لا حج عليه ولو ما لا نقول: إنه مات
وترك فريضة، كما أن الفقير لو مات لا نقول: إنه مات ولم يزك.
بل نقول: من ليس عنده مال فلا زكاة عليه، فنحن نسأل أولا: هل أمك كانت قادرة على الحج ولم تحج حتى ماتت، أو أنها عاجزة ليس عندها مال، فالحج ليس فريضة عليها، وحينئذ لا تكن في قلق، ولا تكن منزعجاً من ذلك، لأنها ماتت، وكأنها حجت ما دامت لا تستطيع الحج.
وعلى الاحتمال الأول أن عندها مالاً تستطيع أن تحج به، ولكنها لم تحج فيحج عنها من تركتها، لأن ذلك دين عليها، وإذا لم يمكن كما هو ظاهر السؤال فإنه لا يحل لك أن تحج عنها حتى تحج عن نفسك، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما أن رجلاً كان يقول: لبيك عن شبرمة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من شبرمة؟ " قال: أخ لي، أو قريب لي، قال له:"أحججت عن نفسك؟ " قال: لا.
قال: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "ابدأ بنفسك " فلا يحل أن تحج عن أمك حتى تؤدي الفريضة عن نفسك، تم إذا أديت الفريضة عن نفسك، فإن كنت في حاجة شديدة إلى النكاح فقدم النكاح، لأن النكاح