الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحج عن أمها (1) . أما إذا كان قد حج الفريضة فإن الدعاء له أفضل من الحج عنه، وأفضل من الصدقة عنه، وأفضل من الأضحية عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو
له " (2) فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء، ولم يرشد إلى غيره مما يفعله الناس اليوم من صدقة، وأضحية، وصوم، وصلاة، ولكن لو فعلت هذا فلا بأس، ولا حرج عليها أن تتصدق عن ابنها، أو أن تحج عنه. أما الأضحية فالأفضل أن تكون أضحية واحدة عن أهل البيت جميعاً الأحياء والأموات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بشاة واحدة عنه، وعن أهل بيته (3) .
س 284: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من مات ولم يحج وهو في الأربعين وكان مقتدراً على الحج مع أنه محافظ على الصلوات الخمس، وكان في كل سنة يقول: سوف أحج هذه
السنة، ومات وله ورثة هل يحج عنه وهل عليه شيء
؟
فأجاب فضيلته بقوله: اختلف العلماء في هذا، فمنهم من قال: إنه يحج عنه وأن ذلك ينفعه، ويكون كمن حج لنفسه،
(1) تقدم ص 142.
(2)
تقدم ص 150.
(3)
عن أنس رضي الله عنه قال: ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأتيه واضعاً قدمه على صفاحهما يسمِّي ويكبر فذبحهما بيده.
أخرجه البخاري، كتاب الأضاحي، باب من ذبح الأضاحي بيده (رقم 5558) ومسلم، كتاب الأضاحي، باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل (رقم 1966) .
ومنهم من قال: لا يحج عنه، وأنه لو حج عنه ألف مرة لم تقبل.
يعني لم تبرأ بها ذمته، وهذا القول هو الحق، لأن هذا الرجل ترك عبادة واجبة عليه مفروضة على الفور بدون عذر، فكيف يذهب عنها، ثم نلزمها إياها بعد الموت، ثم التركة الآن تعلق بها حق
الورثة، كيف نحرمهم من ثمن هذه الحجة وهي لا تجزىء عن صاحبها، وهذا هو ما ذكره ابن القيم- رحمه الله في تهذيب السنن، وبه أقول: إن من ترك الحج تهاوناً مع قدرته عليه لا يجزىء عنه الحج أبداً، لو حج عنه الناس ألف مرة، أما الزكاة فمن العلماء من قال: إذا مات وأديت الزكاة عنه أبرأت الذمة، ولكن القاعدة التي ذكرتها تقتضي ألا تبرأ ذمته من الزكاة، لكني أرى أن تخرج الزكاة من التركة، لأنه تعلق بها حق الفقراء والمستحقين للزكاة، بخلاف الحج، فلا يؤخذ من التركة، لأنه لا يتعلق به حق إنسان، والزكاة يتعلق بها حق الإنسان، فتخرج الزكاة لمستحقيها، ولكنها لا تجزىء عن صاحبها، سوف يعذب بها عذاب من لم يزك، نسأل الله العافية، كذلك الصوم إذا علم أن
هذا الرجل ترك الصيام وتهاون في قضائه، فإنه لا يقضى عنه، لأنه تهاون وترك هذه العبادة، التي هي ركن من أركان الإسلام بدون عذر، فلو قضي عنه لم ينفعه، وأما، قوله صلى الله عليه وسلم:" من مات وعليه صيام صام عنه وليه "(1) فهذا فيمن لم يفرط، وأن من ترك القضاء جهراً وجهاراً بدون عذر شرعي فما الفائدة أن نقضي عنه.
(1) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم (رقم 1952) ، ومسلم، كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت (رقم 1147) .