المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ قولهم: " إننا لا نعبد الأصنام إنما نعبد الأولياء - مجموع فتاوى ورسائل العثيمين - جـ ٧

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌نوح أول الرسل بالكتاب، والسنة، والإجماع

- ‌ الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه

- ‌ توحيد الألوهية

- ‌ قولهم: " إننا لا نعبد الأصنام إنما نعبد الأولياء

- ‌ الشفاعة كلها لله

- ‌ الالتجاء إلى الصالحين

- ‌ أشرك في عبادة الله أحدا من الصالحين

- ‌ التوحيد هو أعظم ما جاءت به الرسل

- ‌ الاستغاثة بغير الله ليست شركًا

- ‌شرح الأصول الستة

- ‌إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك ل

- ‌ السمع والطاعة لمن تأمر علينا

- ‌بيان الله سبحانه لأولياء الله وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله

- ‌رد الشبهة التي وضعها الشيطان في ترك القرآن والسنة

- ‌مختارات من اقتضاء الصراط المستقيم

- ‌الإخلاص

- ‌فوائد في العقيدة

- ‌أفعال العباد:

- ‌مراتب القضاء والقدر

- ‌الرضا بالقضاء

- ‌ قص إهلاك الأمم علينا

- ‌ جواز قول لعمري

- ‌الوصايا العشر

- ‌الوصية الرابعة:{وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [

- ‌الوصية الخامسة:{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [

- ‌الوصية السابعة:{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} [

- ‌الوصية العاشرة:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ

- ‌العقيدة وأثرها في انتصار المسلمين

- ‌المتابعة وقبول العمل

- ‌العبادات ليست تكليفا

الفصل: ‌ قولهم: " إننا لا نعبد الأصنام إنما نعبد الأولياء

واعلم: أن هذه الشبه الثلاث هي أكبر ما عندهم، فإذا عرفت أن الله وضحها لنا في كتابه وفهمتها فهما جيدا فما بعدها أيسر منها.

ــ

قوله - رحمه الله تعالى -: " هذه الشبه الثلاث ": الشبهة الأولى:‌

‌ قولهم: " إننا لا نعبد الأصنام إنما نعبد الأولياء

".

الشبهة الثانية: قولهم: " أننا ما قصدناهم وإنما قصدنا الله- عز وجل -في العبادة".

الشبهة الثالثة: قولهم: " أننا ما عبدناهم لينفعونا أو يضرونا، فإن النفع والضرر بيد الله عز وجل ولكن ليقربونا إلى الله زلفى، فنحن قصدنا شفاعتهم بذلك، يعني فنحن لا نشرك بالله سبحانه وتعالى".

فإذا تبين لك انكشاف هذه الشبه فانكشاف ما بعدها من الشبه أهون وأيسر؛ لأن هذه من أقوى الشبه التي يلبسون بها.

ص: 65

فإن قال: أنا لا أعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة.

فقل له: أنت تقر أن الله فرض عليك إخلاص العبادة لله وهو حقه عليك، فإذا قال: نعم. فقل له: بين لي هذا الذي فرض عليك وهو إخلاص العبادة لله وحده، وهو حقه عليك فإن كان لا يعرف العبادة ولا أنواعها. فبينها له بقولك: قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [سورة الأعراف، الآية: 55] فإذا أعلمته بهذا، فقل له: هل علمت هذا عبادة لله فلا بد أن يقول: نعم، والدعاء مخ العبادة.

ــ

إذا قال هذا الرجل المشبه: أنا لست أعبدهم كما أعبد الله- عز وجل -والالتجاء إليهم ودعاؤهم ليس بعبادة فهذه شبهة.

وجوابها أن تقول: إن الله فرض عليك إخلاص العبادة له وحده. فإذا قال: نعم، فاسأله ما معنى إخلاص العبادة له؟ فإما أن يعرف ذلك، وإما أن لا يعرف، فإن كان لا يعرف فبين له ذلك ليعلم أن دعاءه للصالحين وتعلقه بهم عبادة.

قوله: "فبينها له" أي بين له أنواع العبادة فقل له: إن الله يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} والدعاء عبادة، وإذا كان عبادة فإن دعاء غير الله يكون إشراكا بالله- عز وجل -وعلى هذا، فالذي يستحق أن يدعى ويعبد ويرجى هو الله وحده لا شريك له.

ص: 66

فقل له: إذا أقررت أنها عبادة، ودعوت الله ليلا ونهارا، خوفا وطمعا، ثم دعوت في تلك الحاجة نبيا، أو غيره هل أشركت في عبادة الله غيره؟ فلا بد أن يقول: نعم. فقل له: إذا علمت بقول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [سورة الكوثر، الآية: 2] وأطعت الله ونحرت له، هذا عبادة؟ فلا بد أن يقول: نعم.

فقل له: إذا نحرت لمخلوق نبي، أو جني أو غيرهما هل أشركت في هذه العبادة غير الله؟ فلا بد أن يقر ويقول: نعم.

وقل له أيضا: المشركون الذين نزل فيهم القرآن، هل كانوا

ــ

قوله: " فقل له " الخ، يعني إذا بينت أن الدعاء عبادة وأقر به فقل له: ألست تدعو الله تعالى في حاجة، ثم تدعو في تلك الحاجة نفسها نبيا، أو غيره فهل أشركت في عبادة الله غيره؟ فلا بد أن يقول: نعم؛ لأن هذا لازم لا محالة. هذا بالنسبة للدعاء.

ثم انتقل المؤلف رحمه الله إلى نوع آخر من العبادة، وهو النحر قال: فقل له: إذا علمت بقول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وأطعت الله ونحرت له أهذا عبادة؟ فلابد أن يقول: نعم فقد اعترف أن النحر لله تعالى عبادة، وعلى هذا يكون صرفه لغير الله شركا، قال المؤلف رحمه الله مقررا ذلك:" فقل له: إذا نحرت لمخلوق" إلخ وهذا إلزام واضح لا محيد عنه.

قوله: " وقل له أيضا: المشركون " إلخ انتقل المؤلف - رحمه الله تعالى - إلى إلزام آخر سبقت الإشارة إليه، وهو أن يسأل هذا المشبه هل كان المشركون يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك فلا بد أن

ص: 67

يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك؟ فلا بد أن يقول: نعم، فقل له: وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والالتجاء ونحو ذلك، وإلا فهم مقرون أنهم عبيده وتحت قهره، وأن الله هو الذي يدبر الأمر، ولكن دعوهم والتجؤوا إليهم للجاه والشفاعة، وهذا ظاهر جدا. فإن قال: أتنكر شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ منها؟ فقل: لا أنكرها ولا أتبرأ منها، بل هو صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع وأرجو شفاعته، ولكن الشفاعة كلها لله، كما قال الله تعالى:{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [سورة الزمر، الآية: 44] .

ــ

يقول: نعم. فيسأل مرة أخرى: هل كانت عبادتهم إلا في الدعاء والذبح والالتجاء، ونحو ذلك مع إقرارهم بأنهم عبيد الله وتحت قهره، وأن الله هو الذي يدبر الأمر لكن دعوهم والتجؤوا إليهم للجاه، والشفاعة كما سبق وهذا ما وقع فيه المشبه تماما.

قوله: " فإن قال " يعني إذا قال لك المشرك المشبه: هل تنكر شفاعة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يقول هذا من أجل أن يلزمك بجواز دعاء النبي- صلى الله عليه وآله وسلم عسى أن يشفع لك عند الله إذا دعوته. فقل له: لا أنكر هذه الشفاعة ولا أتبرأ منها، ولكني أقول: إن الشفاعة لله ومرجعها كلها إليه، وهو الذي يأذن فيها إذا شاء، ولمن شاء؛ لقول الله تعالى:{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [سورة الزمر، الآية: 44] .

ص: 68