الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يضل الناس، وينخدعوا بما يروجه المتصوفة وأهل البدع والخرافات وهذا واجب كل وسائل الإعلام لخدمة العقيدة النقية الصافية ونشر الدعوة الإسلامية، والله المستعان.
أسئلة مهمة وجوابها
هذه أسئلة وجهت إلي في 23 صفر سنة 1406 هـ وجوابها:
س 1: يقال: إن المشركين الأولين كانوا يعترفون بأنهم ما يعبدون آلهتهم إلا ليقربوهم إلى الله، وكانوا يعبدون أصناما، فكيف تحكمون على من تسمونهم بالقبوريين بالشرك، وهم لا يعبدون أصناما، ولا قالوا إنهم يعبدون، ولكنهم يتبركون؟ .
جـ 1: العبادة ليست تعرف بآراء الناس وإنما هي بحكم الله عز وجل، فالمشركون الأولون معبوداتهم أقسام، منهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد الأنبياء، ومنهم من يعبد الصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد غير ذلك. فليسوا على حد سواء، وقد كفرهم الله جميعا حتى يدخلوا في دين الله، وحتى يعبدوا الله وحده، قال تعالى:{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (1) فجعل عباد النبيين والملائكة كفارا، إذا لم ينصاعوا إلى الحق، ومعلوم أن
(1) سورة آل عمران الآية 80
أهل الطائف يعبدون اللات، وهو رجل صالح فكفرهم الله، حتى دخلوا في الإسلام، وقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلوا في الإسلام، وهكذا النصارى يعبدون المسيح، ويعبدون أمه، والمسيح نبي، وأمه صديقة، وهم كفار بذلك، وهكذا اليهود عبدوا أحبارهم ورهبانهم وعبدوا عزيرا، وقالوا: إنه ابن الله، وهم كفار بذلك، والله جل وعلا قال في محكم التنزيل:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} (1){أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (2) أخبر سبحانه عن بعض المشركين أنهم يعبدون ناسا صالحين يبتغون إلى ربهم الوسيلة، ويرجون رحمته، ويخافون عذابه، فأنكر عبادتهم من دون الله، وبين أنهم لا يملكون كشف الضر عن عابديهم ولا تحويله.
وقد قال علماء التفسير في هذه الآية: إنها نزلت في المسيح وأمه والعزير، وفي كل رجل صالح أو نبي.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إنها نزلت في أناس من الإنس، كانوا يعبدون ناسا من الجن، فأسلم الجن، وتمسك الإنس بعبادتهم.
فالحاصل أنها نزلت في الصالحين والأنبياء، وكفر الله عابديهم بذلك، وأخبر أنهم لا يملكون كشف الضر عن عابديهم ولا تحويله.
وقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (4)
(1) سورة الإسراء الآية 56
(2)
سورة الإسراء الآية 57
(3)
سورة فاطر الآية 13
(4)
سورة فاطر الآية 14
فسمى دعاءهم لهم شركا، مع أنهم لم يدعوهم إلا لأنهم شفعاء، ما دعوهم لأنهم يملكون الضر والنفع، أو يخلقون أو يرزقون، بل قال الله عنهم: إنهم قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1) وقالوا: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (2) فكفرهم بذلك، وهم لم يعتقدوا إلا أنهم شفعاء ومقربون، ولم يزعموا أنهم يخلقون أو يرزقون، أو ينفعون أو يضرون.
وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) سماهم كفارا وهم ما عبدوهم لأنهم ينفعون أو يضرون، أو يستقلون بجلب النفع، أو دفع الضر، أو يخلقون، وإنما عبدوهم لأنهم بزعمهم يقربونهم إلى الله زلفى، ويشفعون لهم عنده.
وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} (4){وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (5) فهذه عامة للأنبياء والصالحين وغيرهم.
والمقصود أن أهل العلم قاطبة، قد أجمعوا على أن من عبد غير الله: صنما أو نبيا أو صالحا أو جنيا أو غير ذلك، فهو كافر مطلقا،
(1) سورة الزمر الآية 3
(2)
سورة يونس الآية 18
(3)
سورة المؤمنون الآية 117
(4)
سورة الأحقاف الآية 5
(5)
سورة الأحقاف الآية 6
ولو كان المعبود نبيا أو صالحا. وهذا إجماع أهل العلم قاطبة، والأدلة على ذلك من قول الله عز وجل، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم واضحة، وقد تقدم بعضها، والله جل وعلا ولي التوفيق.
س 2: وأما قول السائل: أولئك قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا، فاعترفوا بالعبادة ولكن هؤلاء المتأخرين ما يقولون إنهم يعبدونهم، ولكن يقولون إنهم يتبركون بهم؟
جـ 2: والجواب أن يقال: الاعتبار بالحقائق والمعنى لا باختلاف الألفاظ، فإذا قالوا: ما نعبدهم وإنما نتبرك بهم، لم ينفعهم ذلك، ما داموا فعلوا فعل المشركين من قبلهم، وإن لم يسموا ذلك عبادة، بل سموه توسلا أو تبركا، فالتعلق بغير الله، ودعاء الأموات والأنبياء والصالحين والذبح لهم أو السجود لهم، أو الاستغاثة بهم، كل ذلك عبادة ولو سموها خدمة، أو سموها غير ذلك؛ لأن العبرة بالحقائق لا بالأسماء كما تقدم.
ومن هذا القبيل قول الجماعة الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لما رأوا المشركين يعلقون أسلحتهم على سدرة. قالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة (1) » .
فجعل المقالة واحدة، مع أن هؤلاء قالوا: اجعل لنا ذات أنواط، فجعل قولهم مثل قول بني إسرائيل؛ لأن العبرة بالمعنى والحقائق، لا بالألفاظ.
(1) سنن الترمذي الفتن (2180) ، مسند أحمد بن حنبل (5/218) .
س 3: وأما قول السائل: إنكم تدعون إلى التوحيد فما دليلكم على كلمة التوحيد، من أين اشتقت؟
جـ 3: فالجواب أن يقال على ذلك أدلة كثيرة من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. والتوحيد معناه توحيد الله يعني الاعتقاد أنه واحد لا شريك له. ومن الآيات الدالة على ذلك قوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) وقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2) والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وأما الأحاديث فمنها: ما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن:«ادعهم إلى أن يوحدوا الله (3) » بهذا اللفظ رواه البخاري في الصحيح، وفي صحيح مسلم عن طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله (4) » فصرح بقوله: وحد الله فدل ذلك على أن هذا هو معنى لا إله إلا الله.
ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس، على أن يوحد الله (5) » الحديث، وذلك تفسير لقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى:«بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (6) » الحديث.
(1) سورة الذاريات الآية 56
(2)
سورة الأنبياء الآية 25
(3)
صحيح البخاري التوحيد (7372) ، صحيح مسلم الإيمان (19) ، سنن الترمذي الزكاة (625) ، سنن النسائي الزكاة (2435) ، سنن أبو داود الزكاة (1584) ، سنن ابن ماجه الزكاة (1783) ، مسند أحمد بن حنبل (1/233) ، سنن الدارمي الزكاة (1614) .
(4)
صحيح مسلم الإيمان (23) ، مسند أحمد بن حنبل (6/394) .
(5)
صحيح البخاري الإيمان (8) ، صحيح مسلم كتاب الإيمان (16) ، سنن الترمذي الإيمان (2609) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5001) ، مسند أحمد بن حنبل (2/93) .
(6)
صحيح البخاري الإيمان (8) ، صحيح مسلم الإيمان (16) ، سنن الترمذي الإيمان (2609) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5001) ، مسند أحمد بن حنبل (2/93) .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. . والله الموفق.
س 4: وأما قول السائل: عن رجل له أخوات تزوجن برجال مشركين، وعندما اهتدى أراد دعوتهم إلى التوحيد، فأجبنه أخواته، ولم يستجب له أزواجهن، فهل يفصل أخواته عن أزواجهن، أم ماذا يفعل؟
جـ 4: إذا كن مسلمات فالنكاح باطل، ويجب عليه فصل أخواته عنهم، ويلزمه ذلك. وإذا كان في بلاد إسلامية وجب على حاكمها أن يفصلهن من أزواجهن الكفار. أما إذا كن كافرات معهم مثل يهوديات أو نصرانيات أو وثنيات فنكاحهن صحيح، فإذا أسلمن حرم عليهن البقاء معهم وهم غير مسلمين لقوله جل وعلا:{لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (1) وعليهن أن ينفصلن عن أزواجهن الكفار، إلا إذا أسلم الزوج في العدة فهي امرأته، وهكذا بعد العدة على الصحيح إذا كانت ما تزوجت، له الرجوع إليها كما رجعت بنت النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها إلى زوجها أبي العاص بن الربيع بعدما أسلم وقد مضت العدة. . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
(1) سورة الممتحنة الآية 10