المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان جملة من المسائل المهمة التي يخفى حكمها على الكثير من الناس - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٥

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌من جوابي لفضيلة الشيخ: أبي الأعلى المودوديفيما يتعلق بالفرق بين العبادة والطاعة

- ‌عمل المسلم

- ‌أسئلة وأجوبة بعد محاضرة عمل المسلم

- ‌ الموظفون الذين لا يؤدون أعمالهم أو لا ينصحون فيها

- ‌ الأشياء التي تستطيع المرأة المسلمة كشفها أمام المرأة الكافرة

- ‌ من تجب تغطية الوجه عنه

- ‌تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

- ‌شرح معنى قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}

- ‌إثبات اليد والقدرة جميعا لله سبحانه وتعالى

- ‌إثبات المجيء والنزول لله سبحانه وتعالى

- ‌حكم الاحتفال بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بمناسبة المولد النبوي

- ‌من أكثر من ذكر الله اطمأن قلبه وارتاح ضميره

- ‌وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌أسئلة مهمة وجوابها تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ كيفية النهي عن المنكر بالقلب

- ‌ الطريقة المثلى في إنكار المنكر

- ‌ تسجيل المقالات النافعة، والمواعظ والأحاديث المفيدة

- ‌ المؤسسات التي تستقدم العمال من الكفار

- ‌ رسالة المسجد ورسالة المنبر في الإسلام

- ‌وجوب التعاون على البر والتقوى

- ‌أسباب سعادة الأمة الإسلامية

- ‌أسباب ضعف المسلمين أمام عدوهم ووسائل العلاج لذلك

- ‌واجب الشباب

- ‌من أهداف الحج توحيد كلمة المسلمين

- ‌حكم التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية

- ‌القبيلي والخضيري

- ‌رسالة إلى العلماء المجاهدين في أفغانستان بشأن الفتن التي يثيرها أعداء الله بين صفوف المجاهدين

- ‌سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في لقاء مع " المجاهد

- ‌دعم المجاهدين والمهاجرين الأفغان من أفضل القربات وأعظم الصدقات

- ‌شكر النعمة حقيقته وعلاماته

- ‌من برنامج نور على الدرب

- ‌حكم الإسلام في عيد الأم والأسرة

- ‌الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا

- ‌واجب العلماء تجاه الأزمات الكثيرة والنكبات التي حلت بالعالم الإسلامي

- ‌بيان جملة من المسائل المهمة التي يخفى حكمها على الكثير من الناس

- ‌مشروعية الحجاب

- ‌الاختلاط في الدراسة

- ‌الاختلاط بين الرجال والنساء

- ‌التحذير من القمار وهو الميسر

- ‌لقاء طلاب متوسطة الفارابي بالرياض مع سماحته بمكتبهوإجابته على أسئلتهم

- ‌حادث التفجير بمكة المكرمة إجرام عظيم

- ‌أجوبة أسئلة صحيفة الدعوة حول الجامعة الإسلامية

- ‌حوار عكاظ مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌ينبغي للشباب ألا يتركوا مجالات الإعلام للجهلةوالمنحرفين عن الحق

- ‌حكم سؤال السحرة والمشعوذين

- ‌ذبح الأبقار لغرض الاستسقاء

- ‌تعليم الأصم والأبكم

- ‌الإحساس بالمعاصي

- ‌طاسة السم

- ‌حكم الإقامة على القبر

- ‌الدعاء عند الخوف والخجل

- ‌حكم حلق العارضين والذقن

- ‌مضايقة دعاة الباطل لأهل العلم والخير

- ‌التحرج من التصوير في وسائل الإعلام

- ‌توضيح عن العقيدة الصحيحة

- ‌أسئلة وأجوبة تتعلق بالعقيدة

- ‌حكم المصارحة بعدم قبول الدعاء

- ‌أسئلة وأجوبتها " في العقيدة

- ‌حكم من يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس ببشر

- ‌ما يشرع في التوسل بالنبي وما لا يشرع

- ‌حكم الذبح عند الأضرحة ودعاء أهلها

- ‌حكم الذبح لله وللخضر بالحلم

- ‌حكم زيارة النساء للقبور

- ‌هل الذنوب تسبب محق البركة

- ‌الكبائر تؤثر في إسلام العبد

- ‌وجوب التصديق مع الشهادتين

- ‌لا يجوز بدء الكفار بالسلام

- ‌طريقة النصيحة لمن يجاهر بالمعاصي

- ‌حكم إقامة مراسم العزاء

- ‌حكم قيام الطالبات للمدرسة

- ‌أجوبة مفيدة تتعلق بالرؤيا والصوم عن الميت

- ‌لا حرج من الرحلة للتفقه في القرآن واستماعه من حسن الصوت به

- ‌حكم أخذ الكتب من المكتبات المدرسية

- ‌طاعة الوالد بالمعروف

- ‌أسئلة متفرقة وأجوبتها

- ‌ إهداء تلاوة القرآن الكريم للوالدين

- ‌ شرح قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ}

- ‌ متى يكون الأعجمي أفضل من العربي

- ‌ أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن الكريم

- ‌ العبارات التي تطلق في حق الأموات

- ‌ معنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}

- ‌ حكم التأويل في الصفات

- ‌ تصوير المحاضرات بجهاز الفيديو

- ‌ فضائل الأعمال وأجرها

- ‌حكم بيع واقتناء الحيوانات المحنطة

- ‌هل الوصية واجبة وما نصها الشرعي

- ‌حكم الإسبال إذا كان عادة وليس خيلاء

- ‌سؤالان في العطور

- ‌لا يجوز للإنسان أن يأخذ بثأره من قاتله بغير الطرق الشرعية

- ‌لا يجوز الكف عن تدريس القرآن خشية الثناء أو المدح

- ‌الذبح عند انتصاف البناء أو اكتماله

- ‌حكم الصلاة في مسجد فيه قبر

- ‌السفر إلى بلاد الكفر

- ‌المرأة والطبيب

- ‌قراءة القرآن سرا

- ‌هواية رسم الأشياء

- ‌وجوب رضا الأولاد بقسمة أبيهم العادلة

- ‌الحساب عن لبس الثوب

- ‌حكم أكل ذبائح النصارى

- ‌تعدد القراءات في القرآن

- ‌هجر أصحاب الكبائر

- ‌هجر المغتاب

- ‌هل يجوز قول المرأة في الدعاء: " أنا عبدك

- ‌حكم مس ترجمة معاني القرآن

- ‌السلام على الكافر

- ‌لا يشرع غرس الشجر على القبر

- ‌ذكر الله في القلب مشروع في كل زمان ومكان

- ‌آية منسوخة

- ‌حكم من ارتكب جريمة بنية التوبة

- ‌الطاعة في المعروف

- ‌سبب تقديم المال على الأولاد في القرآن

- ‌هذا الكلام من الكفر البواح

- ‌الفرق بين كلمة نصراني ومسيحي

- ‌رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌العلاج عند طبيب شعبي يستخدم الجن

- ‌الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة

- ‌العلاج الشرعي لمن ابتلي بالمعاصي

- ‌حكم التفكير في الحرام دون عمل

- ‌هل هناك حرف غير شريفة مع الدليل

- ‌حكم إمامة المخالف لأهل السنة كالأشعري ونحوه

- ‌كتابة البسملة على البطاقات مشروعة

- ‌التوبة كافية

- ‌الأصم الأبكم هل هو مكلف

- ‌ليس لأحد الاعتراض على الأحكام التي شرعها الله لعباده

- ‌من أصر على المعصية لا يجالس

الفصل: ‌بيان جملة من المسائل المهمة التي يخفى حكمها على الكثير من الناس

‌بيان جملة من المسائل المهمة التي يخفى حكمها على الكثير من الناس

(1) .

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد:

فهذه كلمة موجزة في بيان بعض المسائل التي قد تخفى على كثير من الناس.

فأقول: من المعلوم أن الله جل وعلا خلق الثقلين الجن والإنس لعبادته، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لبيانها والدعوة إليها، وليس ذلك خاصا بالذكور دون الإناث ولا بالإناث دون الذكور، بل الدعوة للجميع. أرسل الرسل وأنزل الكتب لبيان حقه على عباده من الذكور والإناث من الجن والإنس. وهكذا خلقهم لهذا الأمر، خلقهم جميعا ذكورهم وإناثهم جنهم وإنسهم، عربهم وعجمهم أغنياءهم وفقراءهم حكامهم ومحكوميهم خلقوا جميعا ليعبدوا الله وليعملوا بما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب، هذا أمر مشترك بين الذكور والإناث والحكام والمحكومين والرؤساء والمرءوسين والجن والإنس والعرب والعجم والأغنياء والفقراء والبادية والحاضرة، فجميع الشعوب وجميع جنس الجن والإنس، كلهم مأمورون بطاعة الله ورسوله، وكلهم ما خلقوا إلا ليعبدوا الله ويعظموه ويطيعوه.

وهذه مسألة عظية هي أعظم المسائل وأهمها وهي أن نعلم يقينا أن الله خلقنا جميعا لنعبده وحده، ونطيع أمره ونهيه، ونقف عند حدوده، ونحذر

(1) محاضرة ألقاها الشيخ في جمعية فتاة ثقيف بالطائف في 18\11\1404 هـ.

ص: 207

ما نهى عنه عز وجل ونهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، كلنا خلقنا لهذا الأمر، يقول الله عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (2) ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} (3) وهكذا يعم الذكور والإناث ويعم الحاكم والمحكوم ويعم الجن والإنس، ويعم العرب والعجم ويعم الأغنياء والفقراء، كلهم مأمورون بهذا الأمر، يقول سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (4) ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (5)

ويقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (6) ويقول عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (7) ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (8)

في أمثال هذه الآيات التي عم فيها سبحانه جميع الناس بالأوامر، ليعلموا

(1) سورة الذاريات الآية 56

(2)

سورة البقرة الآية 21

(3)

سورة النساء الآية 1

(4)

سورة لقمان الآية 33

(5)

سورة البقرة الآية 21

(6)

سورة النساء الآية 1

(7)

سورة الحج الآية 1

(8)

سورة الحجرات الآية 13

ص: 208

جميعا أنهم مأمورون بأن يعبدوا الله الذي خلقهم ويتقوه، وذلك بفعل الأوامر وترك النواهي، وهذه العبادة هي التقوى وهي الإيمان والهدى والبر، وهي الإسلام الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب، ومعناها أن نعبده وحده ونخصه بطاعاتنا وعباداتنا على الوجه الذي شرعه لنا سبحانه وتعالى لا نعبد معه سواه، ولا جنا ولا إنسا ولا أصناما ولا كواكب ولا غير ذلك، من المخلوقات بل نعبده وحده؟ كما قال سبحانه في سورة الفاتحة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1) وقال جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2) ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (3) الآية ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4) ويقول تبارك وتعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (5) في آيات كثيرة كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده دون كل ما سواه.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا (6) » ولما سئل عن الإسلام قال عليه الصلاة والسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا (7) » ولما سئل عن الإيمان قال «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره (8) » . ولما سئل عن الإحسان قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم

(1) سورة الفاتحة الآية 5

(2)

سورة البينة الآية 5

(3)

سورة البقرة الآية 21

(4)

سورة الإسراء الآية 23

(5)

سورة غافر الآية 14

(6)

صحيح البخاري الجهاد والسير (2856) ، صحيح مسلم الإيمان (30) ، سنن الترمذي الإيمان (2643) ، سنن ابن ماجه الزهد (4296) ، مسند أحمد بن حنبل (5/238) .

(7)

صحيح مسلم الإيمان (8) ، سنن الترمذي الإيمان (2610) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4990) ، سنن أبو داود السنة (4695) ، سنن ابن ماجه المقدمة (63) ، مسند أحمد بن حنبل (1/52) .

(8)

صحيح مسلم الإيمان (8) ، سنن الترمذي الإيمان (2610) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4990) ، سنن أبو داود السنة (4695) ، سنن ابن ماجه المقدمة (63) ، مسند أحمد بن حنبل (1/27) .

ص: 209

تكن تراه فإنه يراك (1) » .

وهذه الأمور مطلوبة من الجميع من الرجال والنساء على السواء عليهم جميعا أن يشهدوا أن لا إله إلا الله صدقا من قلوبهم، ويعتقدوا أنه لا معبود حق إلا الله وحده لا شريك له، سبحانه وتعالى، فيدعوه وحده، ويصلوا له وحده، ويصوموا له وحده، ويخصوه بالعبادات كلها سبحانه وتعالى.

وهكذا " شهادة أن محمدا رسول الله " على الرجل والمرأة أن يشهدا جميعا أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب هو رسول الله حقا، أرسله الله إلى الناس عامة من الجن والإنس والعرب والعجم والذكور والإناث والأغنياء والفقراء والرؤساء والمرؤسين، عليهم جميعا أن يطيعوا هذا الرسول صلى الله عليه وسلم ويصدقوه، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي ثم المدني عليه الصلاة والسلام، بعثه الله من أشرف قبيلة ومن أشرف بلاد، وهي مكة المكرمة وبأشرف دين، وهو الإسلام فعلى جميع الثقلين أن يؤمنوا به وينقادوا له عليه الصلاة والسلام، ويؤمنوا بأنه خاتم الأنبياء لا نبي بعده، قال تعالى في كتابه العظيم:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (2)

وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (3) وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (4) عليه الصلاة والسلام، فهو رحمة لجميع العالمين ورسول لجميع العالمين من الجن والإنس، فعليهم أن يؤمنوا به ويصدقوه وينقادوا لأوامره ونواهيه، ويعملوا بشرعه عليه الصلاة والسلام ويشهدوا أنه خاتم النبيين كما قال تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (5)

(1) صحيح البخاري تفسير القرآن (4777) ، صحيح مسلم الإيمان (10) ، سنن ابن ماجه المقدمة (64) ، مسند أحمد بن حنبل (2/426) .

(2)

سورة الأعراف الآية 158

(3)

سورة سبأ الآية 28

(4)

سورة الأنبياء الآية 107

(5)

سورة الأحزاب الآية 40

ص: 210

وهكذا على الجميع أن يقيموا الصلوات الخمس الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر في أوقاتها، رجالا ونساءا عربا وعجما جنا وإنسا، وعليهم أن يؤدوا الزكاة المفروضة في الأموال وأن يصوموا رمضان في كل سنة، وأن يحجوا البيت الحرام مع الاستطاعة مرة في العمر، وأن يؤمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ومعناه: الإيمان بالبعث بعد الموت والجزاء والحساب والجنة والنار، وعليهم أن يؤمنوا بالقدر خيره وشره، ومعناه: أن الله سبحانه وتعالى قدر الأشياء وعلمها وأحصاها وكتبها فآجالنا وأرزاقنا وأعمالنا كلها مكتوبة قد علمها الله وكتبها وقدرها سبحانه وتعالى، فعلينا أن نعمل بما شرع الله لنا وأن نترك ما نهانا عنه، وكل ميسر لما خلق له.

وكمال الدين أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهذا هو الإحسان، وهو أن تعبد ربك بصلاتك وغير ذلك كأنك تشاهده، حتى تنصح في العمل وحتى تكمل العمل، فإن لم تكن تراه ولم تستحضر ذلك فاعلم أنه يراك، أي فاعبده على أنه يراك وأنه يراقبك ويشاهدك ويعلم حالك سبحانه وتعالى. حتى تؤدي حقه عن إخلاص وعن صدق وعن عناية به على الوجه الأكمل. وهذه جمله يجب أن نعلمها جميعا وأن هذا الدين للجميع للرجال والنساء والجن والإنس والعرب والعجم، عليهم جميعا أن يلتزموا به وأن يعبدوا الله وحده، وأن يستقيموا على هذه الأركان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا مع الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خير وشره، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما

ص: 211

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت (1) » ومما يوضح هذا الأمر ويبين أنه حق على الجميع قول الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (2)

فجعلهم جميعا شركاء المؤمنين والمؤمنات في الولاية فيما بينهم والتحاب في الله وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وفي طاعة الله ورسوله في كل شيء، وقال عز وجل:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3) فعم سبحانه الرجال والنساء جميعا ليبين سبحانه أن الأمر عام لهم جميعا وقال سبحانه: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} (4){وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (5) فبين سبحانه أن من يعمل سوءا يجز به من الذكور والإناث، ومن يعمل من الصالحات من الذكور والإناث عن إيمان وصدق وإخلاص فإن مصيره إلى الجنة والكرامة والسعادة، وقال تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (6)

(1) صحيح البخاري الإيمان (8) ، صحيح مسلم الإيمان (16) ، سنن الترمذي الإيمان (2609) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5001) ، مسند أحمد بن حنبل (2/26) .

(2)

سورة التوبة الآية 71

(3)

سورة النحل الآية 97

(4)

سورة النساء الآية 123

(5)

سورة النساء الآية 124

(6)

سورة الأحزاب الآية 35

ص: 212

فسوى الله سبحانه وتعالى بينهم جميعا رجالا ونساء.

فينبغي أن يعلم هذا عن يقين، وأن يجتهد كل مؤمن وكل مؤمنة في أداء الواجب؛ لأنه مسئول كما قال سبحانه وتعالى:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (1){عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) فكل منا مسئول عن حق الله عليه وعن الحقوق الأخرى التي عليه للآباء والأمهات والأزواج والأولاد والجيران وغير ذلك، فكل منا مسئول عما عليه من الحق لله وللعباد، فعلينا أن نؤدي الواجب ونتفقه في الدين، وأن نتعلم حتى نستفيد ونعلم حكم الله في كل شيء.

وعلينا جميعا أن نتدبر القرآن الكريم لأن القرآن أنزل للجميع، للرجال والنساء والجن والإنس، فعلينا جميعا أن نتدبر القرآن الكريم وأن نعمل به ونتخلق بالأخلاق التي يدعو إليها. ونحذر الأخلاق التي ينهي عنها فهو كتاب الله فيه الهدى والنور أنزله الله علينا لنعمل به ونستقيم على ما فيه، فهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم أنزله علينا جل وعلا على يد رسوله صلى الله عليه وسلم للعمل لا لمجرد التلاوة، فالتلاوة وحدها لا تكفي بل لا بد من العمل، قال جل وعلا:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) فجعل الرحمة في اتباع هذا القرآن العظيم، وقال سبحانه وتعالى:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (4) وقال عز وجل: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (5) وقال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (6)

(1) سورة الحجر الآية 92

(2)

سورة الحجر الآية 93

(3)

سورة الأنعام الآية 155

(4)

سورة الأعراف الآية 3

(5)

سورة ص الآية 29

(6)

سورة الإسراء الآية 9

ص: 213

وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (1)

فكتاب الله فيه الهدى والنور وهو صراط الله المستقيم للرجال والنساء والملوك وغيرهم والرؤساء والمرؤسين والأغنياء والفقراء، فيجب على الجميع أن يحكموا كتاب الله وأن يتمسكوا به ويتدبروه ويتعقلوه، قال عز وجل في كتابه العزيز:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (2) وهذا يدل على أن من الواجب تدبره والحذر من الإعراض عنه.

كما يجب علينا جميعا التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي: أحاديثه التي قالها أو عمل بها أو أقرها، هذه سنته صلى الله عليه وسلم إما قول وإما فعل وإما تقرير لما شاهده أو سمعه من غيره.

فعلى الرجال والنساء جميعا اتباع السنة؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3) وطاعة الرسول هي العمل بالسنة التي صحت عنه صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (4) وقال عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (5) وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (6) ومعنى الرد إلى الله هو الرد إلى القرآن الكريم، أما الرد إلى الرسول فمعناه الرد

(1) سورة فصلت الآية 44

(2)

سورة محمد الآية 24

(3)

سورة آل عمران الآية 132

(4)

سورة النساء الآية 80

(5)

سورة الحشر الآية 7

(6)

سورة النساء الآية 59

ص: 214

إليه في حياته صلى الله عليه وسلم، وإلى سنته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته. وقال عز وجل:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1)

فعلينا جميعا رجالا ونساء وحكاما ومحكومين، ورؤساء ومرءوسين وأمناء وسفراء وعربا وعجما علينا جميعا أن نعظم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأن نستقيم عليها ونحكمها ونعمل بها؛ لأنها الأصل الثاني من أصول الشريعة، ولأنها المفسرة لكتاب الله والموضحة لما قد يخفى منه، قال تعالى يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النحل:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (2) فأخبر سبحانه وتعالى أنه أنزل الذكر وهو القرآن الكريم على نبيه صلى الله عليه وسلم ليبين للناس أحكام دينهم، من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فعلينا أن نعظم كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، وأن نعمل بهما جميعا في كل شيء، ونحذر مخالفتهما كما قال تعالى:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (3)

ومن الأمور المهمة أن نعلم جميعا أن أوامر الله سبحانه وتعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم تعم الرجال والنساء في جميع الأحكام، إلا ما خصه الدليل. وقد دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أحكام تخص الرجال دون النساء وعلى أحكام تخص النساء دون الرجال لحكم بالغة من ربنا عز وجل، فعلينا أن نأخذ بها ونسلم لها، مطمئنين مؤمنين راضين بحكم الله عز وجل فإنه أحكم الحاكمين وهو العالم بأحوال عباده لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه سبحانه وتعالى، وهو الأعلم

(1) سورة النور الآية 63

(2)

سورة النحل الآية 44

(3)

سورة النور الآية 54

ص: 215

سبحانه وتعالى بما يصلح عباده، فمن ذلك أن الرجل مسئول عن القوامة على المرأة، فهو المسئول عنها وعليه النفقة على الزوجة وعلى أولاده، وأن يتولى شئونهما، كما قال تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (1) الآية.

فالواجب على الرجل أن يقوم على المرأة وينفق عليها مع حسن العشرة وطيب الكلام والفعال كما قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (2) وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (3) الآية. وهذا مما يخص الرجل- أن له القوامة على المرأة بالإنفاق عليها وأداء حقها وإحسان عشرتها، والسعي في مصالحها المتعلقة بالزوجية وهي ربة البيت والقائمة على الأولاد وبما يلزم في البيت، وهو القائم عليها وعلى أولادها بكل ما يلزم من نفقة وحسن معاشرة.

ومن المسائل التي تخص الرجال أن الرجل يجب عليه أن يصلي في المسجد ويجيب النداء، كما قال صلى الله عليه وسلم:«من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (4) » أما النساء فلا يجب عليهن أن يصلين في المساجد، بل يصلين في بيوتهن، وذلك أفضل لهن؛ لأنهن عورة، والخطر في خروجهن معروف، فالمشروع لهن الصلاة في بيوتهن، وليس عليهن أن يحضرن مع الرجال في المساجد، ولا بأس من حضورهن المساجد مع الستر والحجاب، وليس لأزواجهن منعهن من ذلك إذا التزمن بالآداب الشرعية، لكن صلاتهن في بيوتهن أفضل كما تقدم عملا بالسنة الصحيحة في ذلك.

ومن المسائل أيضا التي يختص بها الرجال دون النساء الجهاد بالنفس

(1) سورة النساء الآية 34

(2)

سورة النساء الآية 19

(3)

سورة البقرة الآية 228

(4)

سنن أبو داود الصلاة (551) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (793) .

ص: 216

فالرجل عليه أن يجاهد بنفسه وأن يحمل السلاح، والمرأة ليس عليها ذلك «قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ فقال عليه الصلاة والسلام: عليكن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة (1) » فليس على المرأة جهاد بالنفس والسلاح؛ لأنها تضعف عن ذلك، ولأنها فتنة وعورة، فالجهاد على الرجال لا على المرأة بالنفس، أما بالمال فعلى الجميع، على المرأة والرجل الجهاد بالمال في أصح قولي العلماء لعموم الأدلة، قال سبحانه وتعالى:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (2) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (3){تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (4) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم (5) » والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي تعم الرجال والنساء، فيما عدا الجهاد بالنفس لحديث عائشة السابق.

(1) صحيح البخاري الحج (1520) ، سنن النسائي مناسك الحج (2628) ، سنن ابن ماجه المناسك (2901) .

(2)

سورة التوبة الآية 41

(3)

سورة الصف الآية 10

(4)

سورة الصف الآية 11

(5)

سنن النسائي الجهاد (3096) ، سنن أبو داود الجهاد (2504) ، مسند أحمد بن حنبل (3/251) ، سنن الدارمي الجهاد (2431) .

ص: 217

ومن المسائل المختصة بالرجال أن الرجل له أن ينكح أربعا من النساء، والمرأة ليس لها أن تنكح إلا رجلا واحدا، فلا تجمع بين رجلين لحكم ظاهرة بالغة.

ومن ذلك أن الرجل قد تعظم شهوته ولا تعفه المرأة الواحدة، ولأنه محتاج إلى كثرة الأولاد والنسل ولأنه قد يكون له شئون كثيرة يحتاج إلى عدة نساء يساعدنه فيها، ولأن النساء قد يحتجن إلى الرجل لعدم وجود أولياء لهن، أو لقلة الرجال بسبب الحروب والفتن فأباح الله للرجل أن يجمع بين أربع نساء فأقل، وليس للمرأة أن تجمع بين رجلين لأن في جمع المرأة بين الرجال اختلاط المياه واختلاط الأنساب وفساد الأحوال.

ومن المسائل التي اختلف

ص: 217

فيها حكم الذكر عن الأنثى مسائل المواريث في حق الزوج والزوجة والأولاد والأخوة من الأبوين والأب فإن الزوجة تعطى نصف ما يعطاه الزوج والولد الذكر يعطى ضعف ما تعاطاه الأنثى، وهكذا الأخ من الأبوين أو الأب يعطى ضعف ما تعطاه الأخت لحكم ظاهرة يعرفها أهل العلم وكل من تأملها من ذوي البصيرة في أحوال الرجال والنساء.

والآيات الدالة على ذلك معلومة.

ومن المسائل التي تخص النساء أنه يجب عليهن ترك الصيام والصلاة في حالة الحيض والنفاس، فالصلاة لا تجب عليهن في الحيض والنفاس. لا أداء ولا قضاء.

وأما الصوم فيجب عليهن تركه حال الحيض والنفاس ثم قضاؤه بعد ذلك. والحكمة في ذلك والله أعلم أن الصلاة تتكرر في كل يوم وليلة خمس مرات، فمن رحمة الله جل وعلا أن أسقط عنها قضاء الصلاة في حال الحيض والنفاس لأن قضاءها يكلفها كثيرا فإذا كان حيضها سبعة أيام مثلا يكون عليها خمس وثلاثون صلاة، وإذا كان ثمانية أيام يكون عليها أربعون صلاة، ففي قضائها مشقة فمن رحمة الله سبحانه، أن أسقط عنها القضاء والأداء. وهكذا في النفاس قد تجلس أربعين يوما لا تصلي، فلو قضت الصلوات لكان عليها مائتا صلاة، فمن رحمة الله أن الله أسقط عنها ذلك فليس عليها الصلاة لا قضاء ولا أداء في حال النفاس، رحمة من الله عز وجل، وعليها أن تقضي الصوم الذي فاتها في رمضان، بسبب النفاس.

ومن ذلك أيضا أن المرأة تعدل شهادتها نصف الرجل فشهادة المرأتين بشهادة رجل؛ لأن الرجال في الغالب أحفظ وأضبط لما يقع، والمرأة دون ذلك في الجملة، وقد يكون بعض النساء أفضل من بعض الرجال بكثير، لكن في الجملة جنس الرجال أضبط وأحفظ وأفضل، وجنس النساء دون ذلك في الضبط والحفظ والفضل، فجعل الله شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد، كما قال تعالى:

ص: 218

{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (1) الآية من سورة البقرة.

فتتعاونان وتتساعدان في حفظ الشهادة فإذا قصرت هذه- أو نسيت ساعدتها الأخرى في التذكر حتى يحفظن الشهادة.

ومن المسائل المستثناه أيضا أن المرأة على نصف الرجل في الدية في الثلث فأكثر، أما في القصاص فتقتل المرأة بالرجل والرجل بالمرأة قصاصا؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل الرجل بالمرأة، وفي ذلك حكمة عظيمة منها صيانة الدماء، وحفظ أفراد المجتمع المسلم أن يتعدى بعضهم على بعض، ومن ذلك العقيقة عن المولود الذكر شاتان وعن الأنثى شاة واحدة كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولله في ما جاءت به الأدلة من التفرقة بين الذكر والأنثى في المسائل المذكورة وغيرها الحكمة البالغة.

والأصل في الأحكام العموم والتساوي كما تقدم. فالواجب على الرجال هو الواجب على النساء، والواجب على النساء هو الواجب على الرجال إلا في ما خصه الدليل كالمسائل المذكورة آنفا.

ووصيتي للرجال والنساء جميعا تقوى الله سبحانه وتعالى والتفقه في الدين في المدارس وغيرها من أماكن العلم، وسؤال أهل العلم عما أشكل على الرجل والمرأة من أحكام الدين، لقول الله عز وجل:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (3) » ومن أهم ذلك العناية بتلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه، والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتفقه فيها والاستفادة من كتب أهل السنة وكتب تفسير

(1) سورة البقرة الآية 282

(2)

سورة النحل الآية 43

(3)

صحيح البخاري العلم (71) ، صحيح مسلم الإمارة (1037) ، سنن ابن ماجه المقدمة (221) ، مسند أحمد بن حنبل (4/93) ، موطأ مالك كتاب الجامع (1667) ، سنن الدارمي المقدمة (226) .

ص: 219

القرآن الكريم، وشروح الأحاديث النبوية التي ألفها أهل العلم المعروفون بالدراية والديانة وحسن العقيدة. وقد قال صلى الله عليه وسلم:«خيركم من تعلم القرآن وعلمه (1) » خرجه الإمام البخاري في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه (2) » رواه الإمام مسلم في الصحيح.

ومن المعلوم أن تعلم الرجال والنساء لما شرعه الله سبحانه وتعالى لهم وخلقوا من أجله من أهم الفرائض، وأوجب الواجبات، ولقد يسر الله للجميع طرق التعلم بواسطة إذاعة القرآن الكريم وبرنامج نور على الدرب، ونداء الإسلام من الرابطة، وغير ذلك من الندوات والحلقات العلمية التي تقام في المساجد، ودور العلم ووسائل الإعلام. فالواجب الاستفادة منها والعناية بها، أينما كان المؤمن والمؤمنة.

ومما يجب التنبيه عليه الحذر من سماع ما يفسد القلوب والأخلاق من الأغاني الماجنة والأشرطة المنحرفة وآلات اللهو والطرب. فإن هذه تفسد القلوب والأخلاق فالواجب الحذر منها والتواصي بتركها. عملا بقول الله عز وجل: {وَالْعَصْرِ} (3){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (4){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (6) » خرجه الإمام مسلم في الصحيح.

ومما يجب على المسلمين جميعا الاهتمام به والتواصي به الدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ذلك من أعظم الأسباب في صلاح القلوب والمجتمعات. وظهور الفضائل

(1) صحيح البخاري فضائل القرآن (5027) ، سنن الترمذي فضائل القرآن (2907) ، سنن أبو داود الصلاة (1452) ، سنن ابن ماجه المقدمة (211) ، مسند أحمد بن حنبل (1/69) ، سنن الدارمي فضائل القرآن (3338) .

(2)

صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699) ، سنن الترمذي القراءات (2945) ، سنن ابن ماجه المقدمة (225) ، مسند أحمد بن حنبل (2/252) ، سنن الدارمي المقدمة (344) .

(3)

سورة العصر الآية 1

(4)

سورة العصر الآية 2

(5)

سورة العصر الآية 3

(6)

صحيح مسلم الإيمان (55) ، سنن النسائي البيعة (4198) ، سنن أبو داود الأدب (4944) ، مسند أحمد بن حنبل (4/102) .

ص: 220

واختفاء الرذائل، والأدلة على ذلك كثيرة، منها ما تقدم في سورة " العصر "، وحديث:«الدين النصيحة (1) » ومنها قول الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (2) الآية، وقوله عز وجل:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (3) وقوله: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (4) » وقوله عليه الصلاة والسلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (5) » . أخرجهما الإمام مسلم في الصحيح. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

ولا شك أن الواجب على المدرسين والمدرسات أكثر من الواجب على غيرهم بالنسبة إلى الطلبة والطالبات، فعلى المدرسين أن يعنوا بالطلبة ويوجهوهم إلى الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة والعمل بما علموا من العلم، وعلى المدرسات أن يتقين الله في البنات، وأن يعلمنهن الأخلاق الدينية الفاضلة والعقيدة الصالحة في الدراسة وفي المذاكرة والوعظ، حتى يوجد جيل صالح من الطلبة والطالبات والمعلمين والمعلمات في المستفبل.

فواجب المدرس والمدرسة عظيم والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى واجب عظيم على الجميع. فعلى كل من لديه علم من الرجال أن يعلم أولاده من الذكور والإناث وأهل بيته وغيرهم حسب الطاقة. وعلى كل من لديها علم من النساء أن تعلم بناتها وأبناءها وتعلم أخواتها وتعلم من حولها من النساء وتنتهز الفرصة عند الاجتماع في عرس أو وليمة أو غير ذلك للدعوة إلى الله والأمر بالمعروف

(1) صحيح مسلم الإيمان (55) ، سنن النسائي البيعة (4198) ، سنن أبو داود الأدب (4944) ، مسند أحمد بن حنبل (4/102) .

(2)

سورة المائدة الآية 2

(3)

سورة التوبة الآية 71

(4)

صحيح مسلم الإمارة (1893) ، سنن الترمذي العلم (2671) ، سنن أبو داود الأدب (5129) ، مسند أحمد بن حنبل (4/120) .

(5)

صحيح مسلم الإيمان (49) ، سنن الترمذي الفتن (2172) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5008) ، سنن أبو داود الصلاة (1140) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275) ، مسند أحمد بن حنبل (3/10) .

ص: 221

والنهي عن المنكر والتذكير لمن عندها من النساء وتعليمهن وإرشادهن إذا رأت امرأة متبرجة عند الرجال أو في الطريق تنهاها عن ذلك وتحذرها منه، وتحذر عن التكاسل عن الصلاة بنتها وأختها وجارتها وغيرهن، وتأمرهن بالمعروف وتنهاهن عن المنكر، وهذا هو واجب الجميع؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (1) أولياء: يعني أنهم متحابون في الله فليسوا أعداء. فالمؤمن ولي أخيه وولي أخته في الله، والمؤمنة كذلك ولية أختها في الله وولية أخيها في الله، يتآمرون بالمعروف ويتناهون عن المنكر، ويتناصحون في الله، فالزوج يأمر زوجته بالمعروف وينهاها عن المنكر، والزوجة تأمر زوجها بالمعروف وتنهاه عن المنكر. فإذا رأته مقصرا في الصلاة أو رأته يشرب المسكر أو يدخن أو يحلق لحيته- تنصحه وتقول: اتق الله، هذا لا يجوز لك، وكيف ترضى بهذا الأمر السيء لنفسك؟ وكيف تعصي ربك؟ تقول ذلك بالكلام الطيب وبالأسلوب الحسن، كما أنه يأمرها وينهاها كذلك، هي تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، ولا تستحي ولا تخجل ولا تداهن، وهكذا مع أبيها وأخيها وأمها وولدها وجارها وجارتها وصاحباتها وصديقاتها، وهذا هو الواجب على المسلمين والمسلمات مهما كانت مؤهلاتهم وأعمالهم. كل واحد منهم على حسب علمه وقدرته.

أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يرضيه، وأن يسلك بنا جميعا صراطه المستقيم، وأن يرزقنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يوفقنا جميعا للقيام بالواجب من طاعة الله ورسوله والنصح لله ولعباده، ثم أوصي الجميع بالدعاء في ظهر الغيب وفي الصلاة وفي آخر الليل لولاة الأمور بالتوفيق والهداية والصلاح والإصلاح. فولاة الأمور في حاجة إلى الدعاء أن يصلحهم الله، ويصلح بهم ويهديهم ويهدي بهم، فهم في

(1) سورة التوبة الآية 71

ص: 222

أشد الحاجة إلى الدعاء. وولاة أمر هذه البلاد وولاة أمور المسلمين جميعا في كل مكان تدعون لهم جميعا بالصلاح والتوفيق والهداية، وتدعون لأولادكم ولأزواجكم ولغيرهم، تدعون لهم بالتوفيق والهداية والصلاح، وبالتوبة النصوح، يقول سبحانه وتعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} (1) أي: قل يا محمد هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني. وأتباع النبي صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء يدعون إلى الله على بصيرة ويحذرون الناس من معصية الله، ويرشدونهم إلى الخير. وقال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2) وليس هذا خاص بالرجال دون النساء ولا بالنساء دون الرجال، بل هو واجب على الجميع على حسب العلم والقدرة، كما قال عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3)

وعلى العلماء والمدرسين واجب عظيم، وهكذا الرؤساء والأعيان عليهم واجب عظيم أكثر من غيرهم على حسب علمهم وقدرتهم، وعلى كل واحد من المسلمين أن يعرف واجبه ويهتم به، ويراقب الله في كل شيء ويتقيه في ذلك، فنحن في غربة من الإسلام وفي آخر الزمان. فالواجب التكاتف والتعاون على الخير والصدق في ذلك.

ونسأل الله التوفيق لنا، ولجميع المسلمين الهداية والثبات على الإسلام وحسن الختام، وأن يوفقنا جميعا لما يرضيه، وأن يهدينا جميعا صراطه المستقيم إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

(1) سورة يوسف الآية 108

(2)

سورة النحل الآية 125

(3)

سورة التغابن الآية 16

ص: 223