الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة (1) » ، ويقول صلى الله عليه وسلم:«إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن أصحابهما (2) » المقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتلاوته والإكثار من قراءته، لا لإهدائه للأموات أو غيرهم، ولا أعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهم أصل يعتمد عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3) » .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وقالوا: لا مانع من إهداء ثواب القرآن وغيره من الأعمال الصالحات، وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء للأموات وغيرهم، ولكن الصواب هو القول الأول للحديث المذكور وما جاء في معناه، ولو كان إهداء التلاوة مشروعا لفعله السلف الصالح. والعبادة لا يجوز فيها القياس؛ لأنها توقيفية لا تثبت إلا بالنص من كلام الله عز وجل أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ للحديث السابق وما جاء في معناه. أما الصدقة عن الأموات وغيرهم والدعاء لهم، والحج عن الغير ممن قد حج عن نفسه، وهكذا العمرة عن الغير ممن قد اعتمر عن نفسه، وهكذا قضاء الصوم عمن مات وعليه صيام فكل هذه العبادات قد صحت بها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله ولي التوفيق.
(1) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (804) ، مسند أحمد بن حنبل (5/255) .
(2)
صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (805) ، سنن الترمذي فضائل القرآن (2883) ، مسند أحمد بن حنبل (4/183) .
(3)
صحيح مسلم الأقضية (1718) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .
س8: أرجو
شرح قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ}
(1){خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (2){وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (3) هل يفهم من هذا أن من دخل الجنة يخرج منها إذا شاء الله؟ وهل نسخت هاتان الآيتان بشيء من القرآن إذ أنهما وردتا في سورة مكية؟
جـ8: الآيتان ليستا منسوختين بل محكمتان، وقوله عز وجل:{إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (4) اختلف أهل العلم في معنى ذلك مع إجماعهم على أن نعيم
(1) سورة هود الآية 106
(2)
سورة هود الآية 107
(3)
سورة هود الآية 108
(4)
سورة هود الآية 107
الجنة دائم أبدا لا ينقضي ولا يزول ولا يخرجون منها ولهذا قال تعالى: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (1) لإزالة بعض ما قد يتوهم بعض الناس أن هناك خروجا، فهم خالدون فيها أبدا، ولهذا قال سبحانه:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (2){ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} (3) يعني آمنين من الموت، وآمنين من الخروج، وآمنين من الأمراض، ولهذا قال عز وجل بعد ذلك:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (4){لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (5) فهم فيها دائمون ولا يخرجون ولا يموتون، وقال تعالى:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} (6){فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (7){يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ} (8){كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (9){يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} (10){لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (11){فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (12) فأخبر سبحانه أن أهل الجنة في مقام أمين لا يعتريه خراب ولا زوال، وأنهم آمنون أيضا لا خطر عليهم من موت ولا مرض ولا خروج، ولا يموتون أبدا.
فقوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (13) قال بعض أهل العلم: معناه: مدة مقامهم في القبور ليسوا في الجنة، وإن كان المؤمن في روضة من رياض الجنة لكنها ليست هي الجنة ولكنه شيء منها، فإنه يفتح للمؤمن وهو في قبره باب إلى الجنة يأتيه من ريحها وطيبها ونعيمها، وينقل بعد ذلك إلى الجنة فوق السماوات في أعلى شيء.
وقال بعضهم: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (14) يعني مدة إقامتهم في موقف القيامة للحساب والجزاء وذلك بعد خروجهم من القبور، فإنهم بعد ذلك ينقلون إلى الجنة، وقال بعضهم: مجموع الأمرين مدة بقائهم في القبور، ومدة بقائهم في الموقف، ومرورهم على الصراط
…
في كل هذه الأماكن ليسوا في الجنة لكنهم ينقلون منها إلى الجنة.
ومن هذا يعلم أن المقام مقام واضح ليس فيه شبهة ولا
(1) سورة هود الآية 108
(2)
سورة الحجر الآية 45
(3)
سورة الحجر الآية 46
(4)
سورة الحجر الآية 47
(5)
سورة الحجر الآية 48
(6)
سورة الدخان الآية 51
(7)
سورة الدخان الآية 52
(8)
سورة الدخان الآية 53
(9)
سورة الدخان الآية 54
(10)
سورة الدخان الآية 55
(11)
سورة الدخان الآية 56
(12)
سورة الدخان الآية 57
(13)
سورة هود الآية 107
(14)
سورة هود الآية 107