المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقدمة الطبعة الأولى - مجموعة رسائل علمية

[مقبل بن هادي الوادعي]

فهرس الكتاب

- ‌الرسالة الأولى: شرعية الصلاة بالنعال:

- ‌المقدمة

- ‌الأدلة على شرعية الصلاة في النعال

- ‌باب المصلي إذا خلع نعليه أين يضعهما

- ‌باب طهارة الخف والنعل

- ‌أضرار ترك الصلاة في النعال

- ‌شبه المنكرين للصلاة في النعال

- ‌الإنكار على من رد السنن بالرأي والاستحسان

- ‌آثار عن السلف

- ‌الرسالة الثانية: تحريم الخضاب بالسواد:

- ‌الرسالة الثالثة: الجمع بين الصلاتين في السفر:

- ‌المقدمة

- ‌الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌ وللحافظ العراقي رحمه الله كلام نفيس في شرح حديثي ابن عمر وأنس

- ‌جواز الجمع بين الصلاتين وإن لم يجد به السير

- ‌جمع التأخير

- ‌جمع التقديم

- ‌فائدة:

- ‌الطاعنون في حديث قتيبة

- ‌الجواب عن هذه المطاعن

- ‌متابعات وشواهد

- ‌ الجمع بين الصلاتين

- ‌الصلاتان اللتان تجمعان لهما أذان واحد ولكل واحد منهما إقامة

- ‌مسائل وفوائد يحتاجها المسافر

- ‌الأولى:

- ‌الثانية:

- ‌ الثالثة:

- ‌ الرابعة:

- ‌ الخامسة:

- ‌حد السفر الذي يجب به القصر ويباح به الإفطار

- ‌الخاتمة

- ‌الرسالة الرابعة: إيضاح المقال في أسباب الزلزال والرد على الملاحدة الضلال:

- ‌المقدمة

- ‌الرد على الملاحدة الذين يسندون الحوادث إلى الطبيعة

- ‌فصل في الجدوب وعموم الموت

- ‌فصل في الزلازل والآيات

- ‌الرسالة الخامسة: ذم المسألة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌ نبذة من صبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والصحابة رضي الله عنهم على الفقر والجوع والعري:

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌فضل الصدقة

- ‌باب الشفاعة في الصدقة

- ‌الحض على الصدقة

- ‌الصدقة ليست مختصة بالإعطاء

- ‌على كل مفصل صدقة

- ‌فضل صدقة السر

- ‌ما جاء في جهد المقل

- ‌من بدأ بالصدقة فاقتدى به غيره

- ‌من تصدق بجميع ماله إذا كان واثقا بالله

- ‌ابدأ بمن تعول

- ‌الصدقة عن ظهر غنى

- ‌الكفاف والقناعة

- ‌ما جاء في ذم البخل والتحذير منه

- ‌ما جاء في طول الأمل

- ‌أخذ البيعة على الناس على ألا يسألوا الناس شيئًا

- ‌من غضب إذا لم يعط

الفصل: ‌مقدمة الطبعة الأولى

‌مقدمة الطبعة الأولى

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد: فمن أعظم نعم الله على العبد نعمة المال. فبه يوصل الرحم، الذي يكون سببًا لطول العمر، والبركة في المال، كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((من أحبّ أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه)). متفق عليه من حديث أنس، وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة.

وبه ينال صاحبه إذا صرفه في مصارفه مخلصًا في ذلك الأجر العظيم، قال الله سبحانه وتعالى:{مثل الّذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبّة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم * الّذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثمّ لا يتبعون ما أنفقوا منًّا ولا أذًى لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (1)

وقال سبحانه وتعالى: {الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سرًّا وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (2).

(1) سورة البقرة، الآية: 261 - 262.

(2)

سورة البقرة، الآية:274.

ص: 215

وبه يتألّف الشارد والمعاند، فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعطي الرجل في حال كونه يبغض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فما يأتى زمن إلا وهو أحب الخلق إليه.

ذلكم المال الذي أساء التصرف فيه نوعان:

أحدهما: التجار، فلا يتحرّون إنفاقه في مصارفه الشرعية، بل ربما بعضهم لا يؤدّي الزكاة، وبعضهم يصرفها في غير مصارفها الشرعية، فهو يدعم الحزبية التي شتتت المسلمين وأضعفت قواهم.

والتجار بصنيعهم هذا لا يدرون أنّهم يعاونون على الباطل، وربما يعاونون على انتشار الصوفية، أو التشيع المبتدعين اللذيْن وقفا حجر عثرة في طريق سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

والثاني: قوم يتلصّصون لأخذ الزكوات وليسوا مصرفًا، ثم يصرفونها في مصالحهم الشخصية.

وأقبح من هذا ما يحصل من بعض طلبة العلم يضيع وقته، ويهين العلم والدعوة، ركضًا من أرض الحرمين إلى الكويت، إلى قطر، إلى أبي ظبي، مالك يا فلان؟ فيقول: عليّ دين، أو أريد أن أبني مسجدًا وسكنًا للإمام (وهو نفسه الإمام)، وأريد سيارةً للدعوة، وأريد أن أتزوج.

آه آه، وإنّ طلب علم نهايته الشحاذة لا خير فيه:

ولو أنّ أهل العلم صانوه صانهم

ولو عظّموه في النّفوس لعظّما

ولكن أهانوه فهان ودنّسوا

محيّاه بالأطماع حتى تجهّما

ولم أر أحدًا أبصر في التلصص لاستخراج المال، من الإخوان المفلسين، فهم يصورون للناس أن القضية التي يدعون إليها هي الإسلام، وإذا لم يبذل

ص: 216

المال في هذه القضية، انتصر الكفر على الإسلام، وهكذا القضية تلو القضية، وكلما انتهت تلك القضية ولم ير الناس لها أثرًا في نصرة الدين، بل ربما تكون عارًا على الإسلام، شغلوا الناس بقضية أخرى، فأين ثمرة تلكم المظاهرات التي يقلّدون فيها أعداء الإسلام، وأين ثمرات مؤتمر الوحدة والسلام؟ وأين ثمرات الانتخابات الطاغوتية؟ نحن نقول هذا حزنًا على الدين، وتألّمًا من قلب الحقائق، لا أننا نغبطهم على جمع الأموال، فهم سيسألون عنها يوم القيامة.

وأخيرًا، فإني أنصح الذين يلهثون بعد جمع الأموال، فالذي لم يتزوج قد أرشده الله ماذا يعمل فقال:{وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم الله من فضله} (1).

وفي "الصحيحين" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا معشر الشّباب، من استطاع الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وجاء)).

على أني أنصح الأغنياء بمساعدته من غير أن يسأل، حتى يتفرغ للعلم والتعليم.

والذي عليه دين أنصحه أن يعمل حتى يقضي الله دينه.

وهكذا بناء المسجد لا يجوز أن يهين نفسه، ويهين العلم والدعوة، من أجل بناء مسجد، فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أراد أن يبني مسجدًا قال:((يا بني النّجّار ثامنوني بحائطكم))، أي: من أجل أن يبني فيه مسجدًا، فقالوا: بل

(1) سورة النور، الآية:33.

ص: 217

هو لله ولرسوله.

على أنه يمكن أن يبني مسجدًا من الطين واللبن بنحو مائة ألف ريال يمني، والوقت الذي تصرفه في المسألة، يمكن أن تصرفه في عمارة المسجد والعمل فيه ودعوة الناس إلى العمل بأيديهم.

فالأموال التي تكون فيها إهانة للعلم وللدعاة إلى الله، أو دعوة إلى حزبية، أو جعل المساجد للشحاذة، فلسنا بحاجتها.

ويالله كم من داعية كبير تراه يحفظ الآيات التي فيها ترغيب في الصدقة، وينتقل من هذا المسجد إلى هذا المسجد:{وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا} (1).

وانقلب المسكين من داعية إلى شحاذ، وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول:((لكلّ أمّة فتنةً، وفتنة أمّتي المال)).

وتلكم الجمعيات التي لا يؤذن لها إلا بشروط أن تكون تحت رقابة الشئون الاجتماعية، وأن يكون فيها انتخابات، وأن يوضع مالها في البنوك الربوية، ثم يلبّس أصحابها على الناس ويقولون: هل بناء المساجد، وحفر الآبار، وكفالة اليتامى حرام؟ فيقال لهم: ياأيها الملبّسون: من قال لكم: إن هذه حرام؟ فالحرام هي الحزبية، وفرقة المسلمين، وضياع أوقاتكم في الشحاذة، ولقد انقلبت العمرة في رمضان إلى شحاذة:

يا مشعر القراء ويا ملح البلد

ما يصلح الملح إذا الملح فسد

(1) سورة المزمل، الآية:20.

ص: 218

وهناك غير واحد يركضون باسم دعوة أهل السنة بدماج، وذاك يطلب تزكية، وذاك يطلب شفاعة، وأنا بسبب كثرة شواغلي أشغل عن التفكير في التاريخ، فتبقى هذه الشفاعة صالحة لأي وقت، وربما صوّرت لآخر، وبعد اطلاعي على هذا التلاعب المخزي فإني أبطل كل الشفاعات السابقة وتنتهي من يومنا هذا (4/شهر ذي الحجة/ سنة 1413هـ) حتى لا نعين على إهانة الدعوة.

ولا داعي لعرض ما يحصل من المتسولين باسم الدعوة، فذاك يزور له ختمًا، وذاك يركض إلى هنا وهناك وكأنه الوكيل الوحيد للدعوة.

بلغنى ذلك عن شخص بالمدينة، وآخر بمكة، نسأل الله أن يهديهما وأن يتوب عليهما، فمن أجل هذه الدناءة رأيت أن أجمع رسالة في (ذم المسألة) ليعلم أنني بريء مما يحدث، وإني أنكره، ومن أجل أنّ أخوةً مستفيدين صرفوا عن مواصلة طلب العلم، وشغلوا، وأصبحوا يجرون بعد الدنيا، ويقولون: نحن من طلبة (الوادعي)، هدانا الله وإياهم. آمين.

وبعد الانتهاء من المقدمة، فإلى الرسالة.

والحمد لله.

ص: 219