الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحمد لله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. مالك يوم الدين .. والعاقبة للمتقين .. ولا عدوان إلا على الظالمين .. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ..
أما بعد .. فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ..
ثم أما بعد ..
فنعود إلى السلسلة التربوية، والمفترض أن نشرع في مدارسة مبدأ التأديب.
تأديب الأطفال:
كثير من الناس يقفز إلى أذهانهم إذا ذكرت كلمة التأديب، التأديب بالضرب. لكن التأديب يطير بجناحين؛ جناح الثواب وجناح العقاب.
قبل أن نناقش ضوابط الثواب والعقاب في العملية التربوية نعود إلى مبدأ إسلامي أصيل لا يختص فقط بالأطفال أو تربية الأطفال، ولكنه مبدأ إسلامي أرساه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، ألا وهو مبدأ الترغيب والترهيب وهذا أسلوب تعليمي وتربوي من أنجح الأساليب ويراد به تصحيح سلوك الإنسان، فهذا المبدأ أكد عليه العلماء والمربون المسلمون نتيجة لما يرمي إليه من النتائج الإيجابية سواء على الناحية التعليمية أو الناحية التربوية.
الثواب والعقاب مبدأ تربوي أصيل أكد عليه الإسلام في حياة الإنسان، لأن الثواب والعقاب معناه اثبات المسئولية الفردية.
أن الإنسان مسئول ومحاسب وأنه سيجازى على عمله وأن الجزاء من جنس العمل.
- لأن بعض الناس تتخيل الترغيب والترهيب، إنه مجرد تخويف.
مجرد تخويف فقط ولا حقيقة وراءه، وهذا انطباع موجود عند بعض الناس حينما يذكر بمبدأ الترغيب والترهيب، لا، فالترغيب والترهيب مبدأ مؤسس في حياة كل إنسان، وهو أنه يتحمل نتائج وتبعات سلوكه الخيرة منها والشريرة.
يقول الله تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)} (1)، ويقول تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)} (2) وقال عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} (3).
فإذًا المقصود من هذا المبدأ الإسلامي الأصيل تصحيح السلوك الإنساني والرجوع به إلى الحق والصواب، والبعد به عن السيئات وعن ما يغضب الله تعالى.
أيضا العقاب في الإسلام مبني على الشفقة والرحمة بالإنسان، يقول الشاعر: قسى لي الزجر ..
لكن طبعا هذا في حق المربين من البشر، ولكن مثل هذا اللفظ لا يقال في حق الله تبارك وتعالى.
قسى لي الزجر ومن يكن راحم افليقسو أحيانا على من يرحم
فالعقاب في الإسلام ليس المقصود به إيذاء الإنسان في نفسه، وإنما المقصود الشفقة والرحمة بهذا الإنسان.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي» (4).
الفراش ينجذب لضوء النار ولا يعقل أن فيه هلاكه، فهكذا الإنسان حينما تجذبه الشهوات.
(1) المدثر: 38.
(2)
الإسراء: 13.
(3)
الزلزلة: 7.
(4)
صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.