الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه هي رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رحمة للعالمين.
فالإنسان معرض لأن يرتكب الخطأ من جراء جهله ونسيانه. {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)} (2)
يقول الله تبارك وتعالى في دعاء المؤمنين: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (3) ويقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (4).
الحياة الإنسانية في مختلف صورها تحتاج إلى أن تحاط بسياج من الضبط كي تستقيم، فمثلا أنزل الله سبحانه وتعالى القصاص.
القصاص المقصود منه أساسا هو حماية الروح الإنسانية، فالمقصود من القصاص هو رحمة البشر وحفظ حياتهم.
يقول الله تبارك وتعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} .
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ} المعاملة بالمثل، من قتل يقتل {حَيَاةٌ} .
كيف يكون القتل فيه حياة
؟
نعم القتل فيه حياة لأن الله سبحانه وتعالى ذكر تعليل ذلك الحكم ب {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)}
تتقون ماذا؟
-القتل.
(1) صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(2)
الأحزاب: 72.
(3)
البقرة: 286.
(4)
سنن ابن ماجه من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال الألباني:(صحيح).
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} (1) أي القتل، لأنه إذا علم أنه سوف يجازى بالقتل قصاصا فإنه سوف يمتنع من الاعتداء على أرواح الناس.
تتعدد آيات القرآن الكريم التي تضمن التشريع بالقصاص والعقاب الدنيوي كوسيلة من وسائل الضبط العقائدي والاجتماعي في صلاح الفرد والمجتمع.
أيضا تجد الشارع الخبير بطبائع النفوس، يسد الطريق أمام كل الاستثارات الدافعة إلى العدوان أو إلى التقصير.
فلا ريب أن الأسلوب الإسلامي الذي هو أسلوب الترغيب والترهيب أو الثواب والعقاب، بني على الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
لأن الكائن الحي سواء أكان إنسانا أو حيوانا يميل بفطرته إلى اللذة والنعيم وحب البقاء، ويهاب كل ما يؤلمه ويكون سببا في شقائه.
-حتى الحيوانات، تتحرى أن تجلب ما ينفعها وتدفع ما يضرها، يعني أي حيوان، إذا أردت أن تقتل نملة أو صرصورا أو نحو ذلك فإنه يقاوم ويسلك أساليب معينة ليحمي نفسه ويدفع عنها الضر ويجلب لها النفع.
فالإنسان يميل إلى حب اللذة والنعيم والبقاء، ويهاب كل ما يؤلمه ويكون سببا في شقائه.
فالنفس البشرية أولى بالابتعاد عما يؤذيها والميل إلى ما لذ وطاب من العيش وإلى ما يحقق لها استمرار الحياة.
كما أن ضرورة الاجتماع –أي ضرورة وجود أناس يعيشون مع بعض في اجتماعات لأن الإنسان مدني بطبعه- تقتضي أن يثاب المحسن على إحسانه وأن يعاقب المسيء على ما اقترف من المعاصي والذنوب.
(1) البقرة: 179.
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} (1) لكل عمل جزاؤه إن كان خيرا فخير، وإن كان شرا فشر، وهذا نتيجة طبيعية ليست متكلفة ولا مصطنعة، ولولاها لعم الظلم وساد الاضطراب بين الناس.
والإنسان في مراحل عمره المختلفة عرضة للوقوع في الذنب قل ذلك أو كثر وعرضة للانزلاق في الخطأ. فالكمال لله وحده.
-فهنا لابد من العقاب حسب الموقف والذنب المقترف، حتى لا يقع الإنسان في الذنب يأتي الترغيب والترهيب كنوع من الردع حتى لا يقع فيها الإنسان والاستمرار عليها حتى لا تصبح عادة وصفة لازمة من صفاته.
وما الحياة إلا صراع مستمر بين عنصري الخير والشر والعاقل من أحسن الاختيار.
إذا أسلوب الترغيب والترهيب له أهمية بالغة في التربية الإسلامية وفي تربية النشء وتعويدهم فعل الخير منذ نعومة أظفارهم.
فالترغيب أسلوب لابد أن يلجأ إليه المربي مقابل أسلوب الترهيب.
فمرة يهدد المتربي بعدم رضا الله إذا فعل منكرا أو ارتكب محرما، مبينا له مقابل ذلك ما أعد الله من النعيم المقيم لمن أطاع أوامره واجتنب نواهيه.
فالناشئ ولا ريب يحاول جاهدا الابتعاد عن اتباع الهوى، فالتربية كما قلنا من قبل كالطائر الذي يطير بجناحين وهما الحب والحزم.
الحب وما يتطلبه من الرفق والإثابة والترغيب واللين.
والحزم وما يتطلبه من الترهيب والعقاب والانضباط.
فأسلوب التوجيه اللفظي والوعظ والإرشاد يجدي مع بعض الناس.
(1) الزلزلة: 7 - 8.