المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌الجمع بين الخوف والرجاء:

فهذه العواطف التي تأتي عن طريق الترغيب والترهيب هي من أركان وركائز التربية الإسلامية والتزكية الإسلامية للنفوس البشرية. يقول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)} (1).

فجعل اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يبلغ أوامر الله من شروط محبته تبارك وتعالى.

أيضا يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (2) كما في الآية الكريمة.

على أي الأحوال ينبغي التوازن بين مسألة الترغيب والترهيب لا نتمادى في الترغيب بحيث يصل بالناس إلى الاغترار بالله تبارك وتعالى، ولا نتمادى في الترهيب بحيث يصلون إلى القنوط واليأس من رحمة الله تبارك وتعالى، فكل ذلك مذموم.

يقول الله تبارك وتعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11)} (3) فالفرح بزوال الشدة قد ينسي الإنسان عقاب الله وقدرته ويجعله فخور بنفسه معتدا بحوله وقوته وبالتالي يعود إلى المعاصي.

‌الجمع بين الخوف والرجاء:

فيجب أن يجمع الإنسان بين الخوف والرجاء.

الخوف من عقاب الله والخوف من عظمة الله ومقامه تبارك وتعالى، فلا يطغى ولا يتملكه الغرور، والرجاء في رحمة الله فلا ييأس من عفوه.

(1) آل عمران: 31.

(2)

المائدة: 54.

(3)

هود: 9 - 11.

ص: 33

يقول الله تعالى: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)} (1) ويقول أيضا {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)} (2).

فنحن في مجال الترغيب والترهيب لابد أن نستجمع في قلوبنا وأذهاننا صفات الكمال الإلهي مع ما يقابلها أيضامن تلك الصفات، فاستشعار غضب الله يجب ألا ينسينا رحمته، وإرادته المطلقة لا ينبغي أن تنسينا حكمته، يقول الله تعالى:{إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)} (3).

ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ» (4)، ويقول صلى الله عليه وسلم:«الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» (5)

إذ ينبغي أن تربى العواطف الإيمانية عند الناشئين باعتدال واتزان فلا يتمادون في المعاصي مغترين برحمة الله ومغفرته مسوفين ومؤجلين توبتهم إلى الله.

ولا ييأسوا من نصر الله ورحمته بدعوى أن الناس كلهم منغمسون في المعاصي منحرفون عن الإسلام، يقول الله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} (6).

نكتفي بهذا القدر أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .. سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ..

(1) الأعراف: 99.

(2)

يوسف: 87.

(3)

الأعراف: 167.

(4)

صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(5)

صحيح البخاري من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(6)

العنكبوت: 69.

ص: 34