الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحداث عبادة لا دليل عليها.
3-
أن في تعليقها تعريضاً للقرآن وكلام الله تعالى وعموم الأذكار الشرعية للإهانة، إذ قد يدخل بالتميمة أماكن الخلاء، وقد ينام عليها الأطفال أو غيرهم، وقد تصيبها بعض النجاسات، وفي منع تعليقها صيانة للقرآن ولذكر الله تعالى عن الإهانة.
4-
سد الذريعة؛ لأن تعليق هذه التمائم يؤدي إلى تعلُّق القلوب بها من دون الله، ويؤدي إلى تعليق التمائم الأخرى المقطوع بتحريمها من التمائم الشركية وغير الشركية، كما هو الواقع عند كثير من المسلمين.
النوع الثالث: الشرك الأصغر في الأقوال:
ومن أمثلة هذا النوع:
المثال الأول: الحلف بغير الله:
الحلف في الأصل: توكيد الشيء بذكر معظَّم مصدَّراً بحرف من حروف القسم.
وفي الاصطلاح: توكيد الشيء بذكر اسم أو صفة لله تعالى مصدراً بحرف من حروف القسم.
وقد أجمع أهل العلم على أن اليمين المشروعة هي قول الرجل: والله، أو بالله، أو تا لله، واختلفوا فيما عدا ذلك.
واليمين عبادة من العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله، فيحرم الحلف بغيره تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم:" ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله، وإلا فليصمت ". متفق عليه، فمن حلف
بغير الله سواء أكان نبياً أم ولياً أم الكعبة أم غيرها فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، ووقع في الشرك، لقوله صلى الله عليه وسلم:" من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك "، ولأن الحلف فيه تعظيم للمحلوف به، فمن حلف بغير الله كائناً من كان، فقد جعله شريكاً لله عز وجل في هذا التعظيم الذي لا يليق إلا به سبحانه وتعالى.
وهذا الحلف يكون من الشرك الأصغر إن كان الحالف أشرك في لفظ القسم لا غير، أما إن قصد الحالف بحلفه تعظيم المخلوق الذي حلف به كتعظيم الله تعالى، كما يفعله كثير من المتصوفة الذين يحلفون بالأولياء والمشايخ أحياء وأمواتاً، حتى ربما بلغ تعظيمهم في قلوبهم أنهم لا يحلفون بهم كاذبين مع أنهم يحلفون بالله وهم كاذبون، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة؛ لأن هذا المحلوف به أجل وأعظم وأخوف عندهم من الله تعالى.
المثال الثاني من أمثلة الشرك الأصغر في الأقوال: التشريك بين الله تعالى وبين أحد من خلقه بـ "الواو".
العطف بالواو يقتضي مطلق الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، ولذلك فإنه يحرم العطف بها بين الله وبين أحد من خلقه في أي أمر من الأمور التي يكون للمخلوق فيها دخل في وقوعها، كأن يقال:"ما شاء الله وشئت"، أو يقال:"هذا من بركات الله وبركاتك"، أو يقال:"ما لي إلا الله وأنت"، أو يقال:"أرجو الله وأرجوك"، ونحو ذلك، فمن تلفظ بأحد هذه الألفاظ أو ما يشبهها فقد وقع في الشرك، والدليل قوله تعالى:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] قال
ابن عباس رضي الله عنهما: " الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن يقول: والله وحياتك يا فلانة، وحياتي، ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها "فلان"، فإن هذا كله به شرك "، وما روته قتيلة بنت صيفي رضي الله عنها أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنكم تندِّدون، وإنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة"، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقولوا: ما شاء الله ثم شئت. فأقر النبي صلى الله عليه وسلم هذا اليهودي على تسمية هذا العطف شركاً، وعليه: فإن كان هذا القائل يعتقد أن ما نسبه إلى المخلوق الذي عطفه على اسم الله تعالى بـ "الواو" ليس على سبيل الاستقلال، ولكن نسبه إلى هذا المخلوق لأنه هو المباشر لهذا الأمر لا غير، مع اعتقاده أن الله هو الخالق المقدِّر، فهو شرك أصغر، من أجل هذا اللفظ الذي فيه تشريك. وإن كان يعتقد أن هذا المخلوق مشارك لله تعالى على سبيل الاستقلال، وأن تصرفه في ذلك بدون مشيئة الله تعالى فهو شرك أكبر.
المثال الثالث من أمثلة الشرك الأصغر في الأقوال: الاستسقاء بالأنواء:
الأنواء: جمع نوء، وهو النجم، وفي السنة الشمسية ثمانية وعشرون نجماً، كنجم الثريا، ونجم الحوت.
فالاستسقاء بالأنواء: أن يُطلب من النجم أن ينزل الغيث، ويدخل
فيه أن يُنسب الغيث إلى النجم، كما كان أهل الجاهلية يزعمون، فكانوا إذا نزل مطر في وقت نجم معين نسبوا المطر إلى ذلك النجم، فيقولون: مطرنا بنوء كذا، أو هذا مطر الوسمي، أو هذا مطر الثريا، ويزعمون أن النجم هو الذي أنزل هذا الغيث.
والاستسقاء بالأنواء ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن ينسب المطر إلى النجم معتقداً أنه هو المنزل للغيث بدون مشيئة الله وفعله جلّ وعلا، فهذا شرك أكبر بالإجماع.
القسم الثاني: أن ينسب المطر إلى النوء معتقداً أن الله جعل هذا النجم سبباً في نزول هذا الغيث، فهذا من الشرك الأصغر؛ لأنه جعل ما ليس بسبب سبباً، فالله تعالى لم يجعل شيئاً من النجوم سبباً في نزول الأمطار، ولا صلة للنجوم بنزولها بأي وجه، وإنما أجرى الله العادة بنزول بعض الأمطار في وقت بعض النجوم.
وقد وردت أدلة كثيرة تدل على تحريم الاستسقاء بالأنواء، ومنها:
1-
ما رواه مسلم عن ابن عباس قال: مُطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أصبح من الناس شاكر، ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا". قال: فنزلت هذه الآية: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] حتى بلغ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} ، ومعنى الآية الأخيرة: أنكم تجعلون شكر ما أنعم الله به عليكم من الغيث أنكم تُكذّبون بذلك، وذلك بنسبة إنزال الغيث إلى
غير الله تعالى.
2-
ما رواه البخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال:" هل تدرون ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمن بالكوكب ". وهذا الحديث يشمل على الصحيح النوعين السابقين، فهذا القول كفر، لكن إن نسب الغيث إلى النجم من دون الله فهو كفر وشرك أكبر، وإن نسبه إليه نسبة تسبب فهو كفر نعمة وشرك أصغر.
3-
ما رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري مرفوعاً: " أربعٌ في أمّتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة ".
هذا وإذا قال المسلم: "مُطرنا بنوء كذا وكذا" ومقصده أن الله أنزل المطر في وقت هذا النجم، معتقداً أنه ليس للنجم أدنى تأثير لا استقلالاً ولا تسبباً فقد اختلف أهل العلم في حكم هذا اللفظ: فقيل: هو محرم.
وقيل: مكروه. وقيل: مباح، ولا شك أن هذا اللفظ ينبغي تركه، واستبداله بالألفاظ الأخرى التي لا إيهام فيها، فإما أن يقول:"مطرنا بفضل الله ورحمته"، أو يقول:"هذه رحمة الله"، وهذا هو الذي ورد الثناء على من قاله، كما سبق في النصوص، فهو أولى من غيره، وإما