الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحدث سعيد بن عمرو بن سعيد:
أن أعمامه خالداً وأبان وعمراً بني سعيد رجعوا من أعمالهم حين بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: ما أجد أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ارجعوا إلى أعمالكم، فقال بنو أبي أحيحة: لا نعمل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لغيره، فخرجوا إلى الشام فقتلوا جميعاً، وكان خالد على اليمن، وأبان على البحرين، وعمرو على تيماء. وخيبر قرى عربية، وكان الحكم بن سعيد يعلم الحكمة، فخرجوا إلى الشام. فما افتتحت كورة إلا وقد وجد عندها رجل من بني سعيد ميت، فقتلوا أربعتهم. وقتل سعيد بن سعيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف.
قالوا: وولد سعيد بن العاص أبو أحيحة ثمانية رجال لم يمت أحد منهم على فراشه، فقتل ثلاثة مع المشركين وخمسة مع المسلمين: قتل أحيحة يوم الفجار، والعاص بن سعيد وعبيدة بن سعيد يوم بدر، وقتل سعيد بن سعيد يوم الطائف، والحكم بن سعيد يوم اليمامة، وقتل خالد يوم مرج الصفر وهو القائل:
من فارس كره الكماة يعيرني
…
رمحاً إذا نزلوا بمرج الصفر
وقتل أبان وعمرو يوم أجنادين. وقيل: قتل عمرو يوم فحل.
عبد الله بن سعيد بن عبد الملك
ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبو صفوان الأموي.
أمه أم جميل بنت عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية. لحقت به بمكة حين قتل أبوه نهر أبي فطرس.
حدث أبو صفوان الأموي عن يونس عن الزهري قال: إن أنساً يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله من ماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب مملوءاً حكمة، فأفرغها في صدري ثم أطبقه.
وحدث أبو صفوان الأموي عن يونس الأيلي عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نذر في معصية الله، وكفارته كفارة يمين.
قال علي بن المديني: عبد الله بن سعيد بن عبد الملك أقعد قرشي رأيته، وكان له أربعة عمومة خلفاء: الوليد، وسليمان، وهشام، ويزيد، بنو عبد الملك بن مروان.
حدث إسحاق بن يعقوب العثماني مولى آل عثمان عن أبيه قال: إنا لبفناء دار عثمان بن عفان بالأبطح في صبح خامس من الثمان، يعني: أيام الحج إن دريت إلا برجل على راحلة، على رحل جميل وأداة حسنة، معه صاحب له على راحلة قد جنب إليها فرساً وبغلاً، فوقفا علي وسألاني فانتسبت لهما عثمانياً فنزلا وقالا: رجلان من أهلك، قد بلتنا حاجة يجب أن نقضيها قبل أن نشده بأمر الحج فقال: حاجتكما؟ قالا: نريد إنساناً يقفنا على قبر عبيد بن سريج. قال: فنهضت معهما حتى بلغت بهما محلة أبي قارة من خزاعة بمكة، وهم موالي عبيد بن سريج، فالتمست لهما إنساناً يصحبهما حتى يقفهما على قبره بدسم فوجدت ابن أبي دباكل فأنهضته معهما، فأخبرني بعد أنه لما وقفهما على قبره نزل أحدهما فحسر عمامته عن وجهه، وإذا هو عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان فعقر ناقته واندفع يندبه بصوت شجي طليل حسن ويقول:
وقفنا على قبر بدسم فهاجنا
…
وذكرنا بالعيش إذ هو مصحب
فجالت بأرجاء الجفون سوافح
…
من الدمع تشتكي الذي يتغيب
إذا بطأت عن ساحة الخد ساقها
…
دم بعد دمع إثره يتصبب
فإن تسعدا نندب عبيداً بقولةٍ
…
وقل له منا البكا والتنحب
ثم نزل صاحبه فعقر ناقته وقال له القرشي: خذ في صوت أبي يحيى، فاندفع يتغنى:
أسعداني بدمعةٍ أسراب
…
من دموعٍ كثيرة التسكاب
إن أهل الحصاب قد تركوني
…
مولعاً مولهاً بأهل الحصاب
أهل بيتٍ تبايعوا للمنايا
…
ما على الموت بعدهم من عتاب
فارقوني وقد علمت يقيناً
…
ما لمن ذاق ميتةً من إياب
كم بذاك الحجون من حي صدقٍ
…
وكهول أعفةٍ وشباب
سكنوا الجزع جزع بيت أبي مو
…
سى إلى النخل من صفي الشباب
فلي الويل بعدهم وعليهم
…
صرت فرداً وملني أصحابي
قال ابن أبي دباكل: فوالله، ما تمم صاحبه منها ثالثاً حتى غشي على صاحبه، وأقبل يصلح السرج على بغلته، فسألته: من هو؟ فقال: رجل من جذام قلت: بمن يعرف؟ قال: بعبد الله بن المنتشر. قال: ولم يزل القرشي على حاله ساعة ثم أفاق، فجعل الجذامي ينضح الماء على وجهه ويقول كالمعاتب له: أنت أبداً مصبوب على نفسك. من كلفك ما ترى؟ ثم قرب إليه الفرس. فلما علاه استخرج الجذامي من خرجٍ على البغل قدحاً وإداوة ماء، فجعل في القدح تراباً من تراب قبر ابن سريج، وصب عليه من ماء الإداوة ثم قال: هاك فاشرب هذه السلوة، فشرب، ثم فعل هو مثل ذلك، وركب على البغل، وأردفني، فخرجنا، لا والله ما يعرضان بذكر شيء مما كانا فيه، ولا أرى في وجوههما شيئاً مما كنت أرى مثل ذلك. فلما اشتمل علينا أبطح مكة قال: انزل يا خزاعي، فنزلت وأومأ الجذامي إلى القرشي بكلام فمد يده إلي وفيها شيء فأخذته. فإذا هو عشرون ديناراً، ومضيا، فانصرفت إلى قبره ببعيرين فاحتملت عليهما أداة الراحلتين اللتين عقراهما، فبعتهما بثلاثين ديناراً.