الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس عشر/ في حق الله تبارك وتعالى:
والله هو المعبود المسؤل المستعان به الذي يخاف ويرجى ويتوكل عليه قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخشَ اللهَ وَيَتَّقهِ فَأُوْلَئَكَ هُمُ الفائزون} [النور /52] فجعل الطاعة لله والرسول كما قال تعالى: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ اللهَ} [النساء/ 80] وجعل الخشية والتقوى لله وحده لاشريك له فقال تعالى: {وَلَو أَنَّهُم رَضُواْ ما أتاهم اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسبُنَا اللهُ سَيُؤتِينَا اللهُ مِن فَضلِهِ وَرَسُولُهُ إنا إلى اللهِ رَاغِبُونَ} [التوبة /59] فأضاف الإيتاء إلى الله والرسول كما قال تعالى: {وَمَآ ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُواْ} [الحشر/ 7] فليس لأحد أن يأخذ إلا ما أباحه الله والرسول وإن كان الله آتاه ذلك من جهة القدرة والملك فانه يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول في الاعتدال من الركوع وبعد السلام: (اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)[ (1) ] أي من آتيته جداً وهو البخت والمال والملك فانه لا ينجيه منك إلا الإيمان والتقوى وأما التوكل فعلى الله وحده والرغبة فإليه وحده كما قال تعالى: {وَقَالُواْ حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ} [آل عمران / 173] وقالوا: {إنا إلى رَبِنَا رَاغِبُونَ} [القلم/32] ولم يقولوا هنا ورسوله كما قال في الإيتاء وقد قال تعالى: {يا أيُّهَا النبي حَسبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنِيَن} [الأنفال /64] أي الله وحده حسبك وحسب المؤمنين الذين اتبعوك ومن قال: إن المعنى الله والمؤمنون حسبك فقد ضل بل قوله من جنس الكُفْر فان الله وحده هو حسب كل
(1) -في الاعتدال بعد الركوع رواه مسلم (471) وبعد السلام. أخرجاه البخاري في الآذان باب الذكر بعد الصلاة (844) ومسلم في الصلاة باب اعتدال أركان الصلاة (593) ورواه أصحاب السنن.
مؤمن به. والحسب الكافي كما قال تعالى: {أَلَيسَ اللهُ بِكَافٍ عَبدَهُ} [الزمر/36] ولله تعالى حق لا يشركه فيه مخلوق وذلك أن الدين مبنى على أصلين:أن لا يعبد إلا الله وحده لاشريك له،ولا يعبد إلا بما شرع لا نعبده بالبدع كما قال تعالى:{فَمَن كَانَ يَرجُواْ لِقَآءَ رَبِهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِهِ أَحَدَا} [الكهف/110] ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه: (اللهم اجعل عملي كله صالحاً واجعله لوجهك خالصاً ولا تجعل فيه لأحد شيئاً) وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى {لِيَبلُوَكُم أَيُكُم أَحسَنُ عَمَلاً} المُلكِ/2] ..إن العمل لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً،والخالص أن يكون لله والصواب، أن يكون على السنة وقد قال الله تعالى:{أَم لَهُم شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُم مِنَ الدِينِ مَا لَم يَأذَن بِهِ اللهُ) الشورى/21] والمقصود بجميع العبادات أن يكون الدين كله لله وحده،فله الدين خالصاً: {وَلَهُ أَسلَمَ مَن في السَماوَاتِ وَالأرضِ طَوعاً وَكَرهاً} آل عمران/83] وقال تعالى: {تَنزِيلُ الكِتَابِ منَ الله العَزِيزِ الحَكِيمِ إِنَّا أَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ فَاعبُدِ اللهَ مُخلِصاً لَهُ الدِينَ أَلَا للهِ الدِينُ الخَالِصُ} الزمر/1ـ3] إلى قوله تعالى {قُلِ اللهَ أَعبُدُ مُخلِصاً لَّهُ ديني} الزمر/14] إلى قوله {قُل أَفَغَيرَ اللهِ تأمروني أَعبُدُ أَيُّهَا الجَاهلُونَ} الزمر / 64] وقال تعالى: {قُلِ ادعُواْ الذينَ زَعَمتُم مّن دُونِهِ فَلَا يَملِكُونَ كَشفَ الضُّرِّ عَنكُم} الإسراء/ 56] الآيتين وقال تعالى: {وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحمَنُ وَلَداً سُبحَانَهُ بَل عِبَادٌ مُّكرَمُونَ لا َيَسبِقُونَهُ بِالقَولِ} [الأنبياء/26ـ27] الآيات وقال تعالى: {وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَاّ لِيَعبُدُونِ} الذاريات /56] فيجب على المسلم أن يعلم أن الحج من جنس
الصلاة ونحوها من العبادات التي يُعبد الله بها وحده لاشريك له وأن الصلاة على الجنائز وزيارة قبور الأموات من جنس الدعاء لهم والدعاء للخلق من جنس المعروف والإحسان الذي هو من جنس الزكاة.ولهذا كان أئمة العلماء يعدون من جملة البدع المنكرة السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين. وأن من سافر هذا السفر لا يقصر فيه الصلاة لأنه سفر معصية أو سافر لأجل الاستعاذة بهم ونحو ذلك فهذا شرك وبدعة كما تفعله النصارى ومن أشبههم من مبتدعة هذه الأمة.ولهذا قال- صلى الله عليه وسلم لما ذكرت له أم سلمة كنيسة بأرض الحبشة وما فيها من التصاوير فقال: (أولئك قوم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة) رواه البخاري/434ومسلم/528) فلا يجوز بناء المساجد على القبور لقول النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس ليال: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم رقم/532]