الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
135-
ومقصود الناقل هنا: الجهاد الذي هو أفضل العمل له عند الله، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد الذي هو مقصوده ومطلوبه هو الحج، فإن السائل ضعيف، والحج جهاد كل ضعيف.
136-
وفي "صحيح مسلم"1 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان".
1 مسلم (2664)(34) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فضائل الرباط في السنة
.
137-
وقد جاء في فضائل الرباط أحاديث في "الصحاح" و"السنن" تبين ما ذكرناه:
حديث سهل بن سعد.
138-
فروى البخاري في"صحيحه"2 عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها"
2 البخاري (2892) وذكر الحافظ أن: "التعبير بقوله وما عليها أبلغ من رواية: "وما فيها" "الفتح" (6/86) ، وقال ابن الملقن: قوله "خير من الدنيا وما عليها": أي إن ثواب ذلك خير من نعيم الدنيا كله لو ملكه إنسان، وقصد تنعمه به؛ لأنه زائل، ونعيم الآخرة باق ولو لم يكن منه إلا النظر إل وجهه الكريم لكان كافيا""الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"(10/286) .
حديث سلمان الفارسي.
139-
وفي "صحيح مسلم"1 عن سلمان الفارسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن العذاب".
1 مسلم (1913)(163) وعنده: "الفتان" بدل "العذاب".
فائدة: قال الطحاوي رحمه الله في الجمع بين حديث سلمان في الرباط، وأنه ينموا للميت فيه عمله إلى يوم القيامة كيف ينموا له ما قد انقطع بموته وما صح عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر:"إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث.." وما صح عنه صلى الله عليه وسلم أيضا فيمن سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها من بعده أن له أجرها، وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، وهذه أعمال قد لحقت الميت زائدة على الثلاثة الأشياء المذكورات في انقطاع عمله بموته إلا منها؟
فقال رحمه الله:"هذه آثار مؤتلف كلها لا خلاف ولا تضاد فيها؛ لأن حديث سلمان على عمل متقدم لموت المرابط، ينمو له بعد موته، لمعنى يتوفر له ثوابه إلى يوم القيامة، وهو عمل قد تقدم موته.
وأما الحديث الآخر: فالمستثنى فيه وهو أعمال تحدث بعده؛ من صدقة بها عنه بعد وفاته هو سببها في حياته، وعلم يعمل به بعد وفاته هو سببه في حياته، وولد صالح يدعوا له بعد وفاته هو سببه في حياته، وكل هذه الأشياء يلحقه بها ثواب طارئ خلاف أعماله التي مات عليها فهو في ذلك خلاف الميت في رباطه الذي يعطى ثواب ما تقدم موته من أعماله الصالحة لا ثواب أعمال تحدث بعد وفاته.
وأما الحديث الذي ذكره فيمن سن سنة حسنة فعمل بها بعد وفاته؛ فهي من العلم الذي كان بثه في حياته، وعمل به بعد وفاته المذكورة في الحديث المستثنى فيه تلك الثلاثة الأشياء.
فبان بحمد الله، ونعمته أن لا تضاد في شيء من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها كلها مؤتلفة غير مختلفة والله نسأله التوفيق" "مشكل الآثار" (3/89) .
وقال ابن عابدين رحمه الله في قوله "أجري عليه عمله": "كل من مات مرابطا يجعل بمنزلة المرابط إلى فناء الدنيا فيما يجري له من الثواب؛ لأن نيته استدامة الرباط لو بقي حيا إلى فناء الدنيا والثواب بحسب النية"اهـ. "رد المختار"(2/524) .
حديث فضالة بن عبيد
140-
وفي "السنن"1 عن فضالة بن عبيد قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما من ميت يموت إلا ختم له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتنة القبر" رواه أحمد وأبو داود وهذا لفضه والترمذي بمعناه.
وزاد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المجاهد [من جاهد] نفسه في طاعة الله" قال الترمذي:"حسن صحيح".
حديث عثمان بن عفان.
141-
وقد تقدم2 حديث عثمان: " رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فينا سواه من المنازل".
142-
وقد جاء عن السلف آثار3 فيها ذكر الثغور مثل "غزة" و"عسقلان" أو "الاسكندرية" و"قزوين" ونحو ذلك.
143-
وأما الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم بتعيين "قزوين" و"الاسكندرية" ونحو ذلك فهي موضوعة4، كذب بلا
1 رواه أحمد (6/20) أبو داود (2500) والترمذي (1621) والحاكم (2/144) وقال: "صحيح على شرط الشيخين" وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
2 تقدم تخريجه ص (33، 34) .
3 راجع: "سير أعلام النبلاء"(16/32، 151، 21/16) .
4 راجع: "الموضوعات" لابن الجوزي (2/55) و"تنزيه الشريعة"(2/62) و"الفوائد المجموعة"(1237) و"ميزان الإعتدال"(6/574) و"لسان الميزان"(6/138) .
ريب عند علماء الحديث، وإن كان ابن ماجه قد روى في "سننه"1 الحديث الذي في فضل"قزوين"، وقد أنكر عليه العلماء ذلك كما أنكروا عليه رواية أحاديث أخرى بضعة عشر حديثا من الموضوعات، ولهذا نقصت مرتبة كتابة عندهم عن مرتبة أبي داود والنسائي.
144-
وقد قدمنا2 كون البلد ثغرا صفة عارضة أو لازمة، فلا يمكن فيه مدح مؤبد، ولا ذم مؤبد، إلا إذا علم أنه لا يزال على تلك الصفة.
1 ابن ماجه (عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستفتح عليكم الآفاق وستفتح عليكم مدينة يقال لها قزوين، من رابط فيها أربعين ليلة كان له في الجنة عمود من ذهب، عليه زبرجدة خضراء، عليها قبة من ياقوت حمراء لها سبعون ألف مصراع من ذهب، على كل مصراع زوجة من الحور العين") وهو حديث موضوع.
قال السندي رحمه الله: "وفي الزوائد: هذا إسناد ضعيف يزيد بن أبان الرقاشي والربيع بن صبيح وداود بن المحبر فهو مسلسل بالضعفاء ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: هذا الحديث موضوع لا شك فيه، ولا أتهم بوضع هذا الحدبث غير يزيد بم أبان قال: والعجب من ابن ماجه مع علمه كيف استحل أن يذكر هذا الحديث في كتابه السنن ولا يتكلم عليه" اهـ.
ونقل السيوطي عن ابن الجوزي أنه قال: هذا الحديث موضوع؛ لأن داود وضاع وهو المتهم به والربيع ضعيف ويزيد متروك. قللت: ويوافقه ما قاله الذهبي في "الميزان" في ترجمة داود لقد ساء ابن ماجه في سننه بإدخال هذا الحديث الموضوع فيها ذكره الترمذي. وقال السيوطي: أورده الرافعي في "تاريخه" وقال: مشهور رواه عن داود جماعة وأودعه الإمام ابن ماجه في سننه والحفاظ يقرنون كتابه بالصحيحين وسنن أبي داود والنسائي ويحتجون بما فيه لكن يحكى تضعيف داود عن أحمد وغيره والله تعالى أعلم" اهـ. "سنن ابن ماجه بشرح السندي" (3/350، 351) .
2 راجع ص (20) .