المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الجزء التاسع عشر] بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة كلّفنى المجمع الثقافي مشكورا، بتحقيق - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ١٩

[ابن فضل الله العمري]

الفصل: ‌ ‌[الجزء التاسع عشر] بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة كلّفنى المجمع الثقافي مشكورا، بتحقيق

[الجزء التاسع عشر]

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة

كلّفنى المجمع الثقافي مشكورا، بتحقيق الجزء التاسع عشر من كتاب «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، للقاضي شهاب الدين أحمد بن يحيى ابن فضل الله العمري، وزوّدني بنسخة فريدة من مخطوطة هذا الجزء. وتم الاتفاق بيني وبين المجمع بتاريخ 23 من جمادى الأولى سنة 1421 هـ الموافق 23/8/2000 م، على أن تكون المدة المقررة للانتهاء من التحقيق سنة واحدة، وقد انتهيت من التحقيق بتاريخ 15/4/2001 م.

وقبل أن أتحدث عن المخطوطة أرى من المستحسن أن أذكر شيئا مقتضبا عن مؤلفها، وأجتزئ بما جاء مختصرا عنه في الوافي بالوفيات للصفدي. قال:

أحمد بن يحيى بن فضل الله العمري، القاضي شهاب الدين أبو العباس، هو الامام الفاضل البليغ المفوّه الحافظ حجّة الكتّاب، إمام أهل الأدب، أحد رجالات الزمان كتابة وترسلا، يتوقد ذكاء وفطنة، ولا يعتقد أن بينه وبين القاضي الفاضل من جاء مثله، فقد رزقه الله أربعة أشياء قلما تجتمع في غيره وهي: الحافظة والذاكرة والذكاء وحسن القريحة في النظم والنثر.

وكان ذا معرفة دقيقة بتاريخ المغول من لدن جنكزخان وهلمّ جرّا، وإماما في معرفة الممالك والمسالك وخطوط الأقاليم ومواقع البلدان، ولد بدمشق ثالث شوال سنة سبعمائة، وأخذ العلم عن كبار رجال العصر، وله مصنفات كثيرة أشهرها (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) ، يقع في عشرين مجلدا.

ص: 9

وقد أطنب الصفدي في ترجمته له، وذكر الكثير من صفاته وأحواله وكان له معه مكاتبات.

وتوفي الشهاب يوم عرفة سنة تسع وأربعين وسبعمائة «1» .

تقع المخطوطة في (371) صفحة، وتشتمل على أربع وعشرين ترجمة تبدأ بترجمة الشاعر السراج الورّاق، واستغرقت هذه الترجمة مئتين وخمس صفحات، وهي أطول التراجم. وقد عمد ابن فضل الله- على ما يبدو- إلى ديوان الشاعر فاختار منه ما شاء مرتبا على حسب القوافي. اختار مقطوعات كما اختار قصائد ورسائل، ومن الطريف أن أطول قصيدة اختارها له كانت في رثاء حمار.

وتلي هذه الترجمة اثنتان وعشرون ترجمة لعدد من الأدباء والشعراء كانت تتراوح هذه التراجم بين صفحة واحدة أو صفحات. وتنتهي المخطوطة بترجمة ابن نباتة المصري وهي أطول التراجم بعد ترجمة الورّاق، فقد استغرقت مائة وثلاث عشرة صفحة، اختار للشاعر قصائد ومقطوعات ولكنه لم يلتزم بإيرادها كما جاءت متسلسلة في الديوان، كالذي فعله في ترجمة السراج.

المخطوطة كتبها ناسخ واحد، وهذا واضح في الخط في عامتها، إلا في صفحة واحدة فقد كانت بخط مغاير تكاد كلماتها تكون مندمجة، حتى ليصعب فكّ الكثير من كلماتها، وقد بذلت الكثير من الجهد في سبيل معرفة ما جاء فيها، وتركت مالم يتيسر لي قراءته، ولهذا أثبت صورة، الصفحة هذه لعل أحدا يستطيع قراءة ما لم يتسنّ لي قراءته.

ص: 10

في صفحة العنوان طرر وتملكات وكلها لا تكاد تتبين كلماتها. كتبت تراجم المخطوطة بخط النسخ فيما كتب الشعر بخط الثلث. وأسطرها تختلف في أعدادها بحسب نوع الشعر المتمثل به، فإذا كان المختار قصيدة فالأسطر تكون أكثر عددا مما هو عليه إذا كان المختار مقطوعة- وتركت في المخطوطة فراغات كثيرة تتراوح بين الأسطر والصفحة وكأنها مواضع لبقايا ترجمة أو لترجمة ساقطة، وقد أشرت إلى ذلك في أماكن ورودها.

وفي ترجمة ابن نباتة لم يذكر فيها سوى اسمه واسم أبيه وجده. لم تقابل النسخة على نسخة أخرى، وهناك تعليقات في حواشيها أكثرها استحسان لشعر الشاعر المتمثل بشعره وخاصة شعر السراج الوراق وابن نباتة وهي تعليقات ليست بذات قيمة يمكن أن يفيد منها المحقق.

لم يلتزم ابن فضل الله في إيراد التراجم بحسب تسلسلها التاريخي أو الأبجدي ولم يذكر تواريخ مواليد أصحابها ولا وفياتهم، وكان يكتفي بسرد أخبار عنهم أو أوصاف لهم، بأسلوب مسجع، لا يخلو من مبالغة ومن تكلف أحيانا. وعلى الرغم من صحة ما كان يرويه من أخبار وأحاديث، فإنه كان غير دقيق في بعضها الآخر.

ولم يقتصر على إيراد الشعر وإنما كان يذكر ما للمترجم من رسائل أيضا.

وقد تيسر لي أن أقف على سبع عشرة ترجمة في مصادر شتى فأثبت ما كان مبترا في النسخة أو فارغا فيها.

أما ما جاء في هذه المخطوطة من أمور وعلامات فيمكن إجماله فيما يأتي:-

1-

جمال خط الناسخ وضوحه.

ص: 11

2-

ضبط ما جاء في المخطوطة شعرا ونثرا.

3-

شيوع الأخطاء: من تحريف وتصحيف ونحو وإملاء.

4-

سقوط كلمات من النصوص.

5-

اختلال الأوزان العروضية.

6-

كتابة كل بيتين بيتا واحدا.

7-

وضع حاء صغيرة تحت الحاء الكبيرة.

8-

وضع صاد صغيرة تحت الصاد الكبيرة.

9-

وضع ألف (1) تحت الحروف المعجمة كالجيم والخاء والضاد بدل النقطة.

10-

إهمال نقاط الكثير جدا من الحروف.

11-

شطب أو ضرب عدد كثير من المقطوعات أو أبيات من القصائد.

12-

انطماس عدد من الكلمات وخاصة ما جاء في الحواشي.

13-

وضع ثلاث نقاط على هذا النحو

بين كل فقرة وأخرى.

14-

كتابة: أرى- أرا، الكرى- الكرا.....

15-

في ترجمة من كانت لهم تراجم في مصادر أخرى، وفي ترجمة ابن نباتة يمكن القول إن هناك مقابلة بين هذه التراجم والمصادر الأخرى، وبخاصة ترجمة ابن نباتة، حيث كان لديوان الشاعر غير المحقق أثر في تصحيح الكثير مما وقع في المخطوطة من هفوات. أما نصوص السراج الوراق وهي أطول النصوص فليس هناك مصدر آخر يمكن أن يكون نسخة أخرى.

16-

كثرة التضمين والاقتباس لدى الشعراء.

ص: 12

17-

خلو النسخة من ذكر اسم ناسخها أو تاريخ النسخ.

وأما عملي في التحقيق فيتلخص فيما يأتي:

1-

تصحيح ما وقع من أخطاء مختلفة في النصوص من تصحيف وتحريف ونحو وإملاء.

2-

تقويم ما وقع من اختلال في الأوزان.

3-

وضع أسماء للبحور.

4-

ضبط النصوص التي لم تضبط.

5-

التعريف بالكثير مما ورد من أسماء وحوادث أو نقص في التراجم.

6-

تخريج النصوص من أشعار وآيات وأمثال ومنها الأشعار المضمنة.

7-

شرح ما بدا لي أنه محتاج إلى الشرح من الألفاظ.

8-

كثرة التقديرات لما سقط من كلمات وخاصة الشعر.

9-

استشارة عدد من المختصين في عدد من الحوادث والأسماء الواردة في النصوص.

10-

ترك ما لم يتيسر لي تقويمه من أوزان أو قراءته من كلمات وهو قليل جدا بالقياس إلى ضخامة ما في المخطوطة من نصوص.

11-

إسقاط بعض حروف الكلمات المكشوفة وإبقاء ما يدل عليها لدى القرّاء المتمرسين مراعاة للآداب.

12-

استعنت بحواشي النجوم الزاهرة في شرح عدد من المصطلحات أو الأسماء، لأنها حواش حديثة.

ص: 13

13-

لكثرة الأسماء وتشابهها في الكنى والألقاب حتى ليجعل البت فيها غير دقيق، استعنت بكلمة (لعل أو لعله) حذرا من الوقوع في الخطأ.

14-

رمزت للمخطوطة بالحرف (م) ولديوا ابن نباتة بالحرف (د) .

وبعد:

فإن التحقيق عمل علمي وأخلاقي لا يقدره إلا من يمارسه ويعانيه، وهو على ما فيه من حلاوة التقويم ولذته، ولا يخلو من مرارة العناء وبذل الجهد الجهيد، وقد بذلت ما في الطاقة في سبيل تقويم نص تعرّض إلى ما تعرّض إليه من شيوع الآفات، وجهل النساخ، وانفراد النسخة وحواشي الكتاب شهيد على هذا الجهد المبذول.

ومن الله التوفيق

ص: 14