الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ
.
1031 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ تَعْلَقُ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ عز وجل إِلَى جَسَدِهِ» .
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ.
1032 -
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ» .
1033 -
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا الْغَزْوَةَ وَرَّى بِغَيْرِهَا» .
1034 -
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ - قَالَ: «سَمِعْتُ كَعْبًا وَهُوَ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ كَعْبٌ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا، وَلَمْ يُعَاتِبِ اللهُ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللهُ عز وجل بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا
⦗ص: 292⦘
مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ هِيَ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، فَكَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ، وَاللهِ مَا اجْتَمَعَتْ لِي رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، قَالَ كَعْبٌ: فَلَيْسَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يُنَزِلِ اللهُ عز وجل فِيهِ وَحْيًا.
قَالَ: وَغَزَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ طَابَتْ ثِمَارُ الْمَدِينَةِ وَظِلَالُهَا، فَأَنَا إِلَيْهِ أَصْعَرُ، فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَكَانَ إِذَا غَزَا الْغَزْوَةَ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، وَالنَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ لَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ - يُرِيدُ الدِّيوَانَ. قَالَ: وَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَفَرًا بَعِيدًا، وَنَحْنُ عَدَدٌ كَبِيرٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَجَهَّزُ، وَغَدَوْتُ كَأَنِّي أَتَجَهَّزُ، ثُمَّ أَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ أَغْدُو كَأَنِّي أَتَجَهَّزُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، قَالَ: فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ يَتَمَادَى بِي حَتَّى شَمَّرَ النَّاسُ بِالرَّحِيلِ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَادِيًا وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَطَفِقْتُ يُحْزِنُنِي أَنِّي إِذَا خَرَجْتُ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ فِي النَّاسِ لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى تَبُوكَ، فَقَالَ فِي مَجْلِسٍ - وَفِي الْقَوْمِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - بِتَبُوكَ: مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: حَبَسَهُ
⦗ص: 293⦘
يَا رَسُولَ اللهِ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ! فَقَالَ مُعَاذٌ: بِئْسَ وَاللهِ مَا قُلْتَ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا! فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ، فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِالصَّاعِ فَلَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا جُهْدَهُ.
فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَفَلَ مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِي بَثِّي وَحَضَرَنِي الْكَذِبُ، وَجَعَلْتُ أَقُولُ: بِمَ أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي، فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ، فَأَجْمَعْتُ عَلَى صِدْقِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُنَافِقُونَ وَكَانُوا أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا فَيَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، فَيَقْبَلُ مِنْهُمْ عَلَانِيَتَهُمْ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ، حَتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَوْ أَنِّي عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَظَنَنْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ، لَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنْ وَاللهِ لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ بِحَدِيثٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ
⦗ص: 294⦘
يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ بِحَدِيثِ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ إِنِّي أَرْجُو عُقْبَى اللهِ، لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، وَاللهِ مَا اجْتَمَعَتْ لِي رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَنِي، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ.
قَالَ: فَقُمْتُ، وَثَابَ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِي مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَقَالُوا: وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ فِي الْإِسْلَامِ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، فَقَدْ كَانَ كَافِيَكَ مِنْ ذَنْبِكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَفَلَا اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُخَلَّفُونَ؟ قَالَ: فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى كِدْتُ أَنْ أُكَذِّبَ نَفْسِي، قَالَ: فَقُلْتُ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالَ: لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلَانِ قِيلَ لَهُمَا مَا قِيلَ لَكَ، قُلْتُ: وَمَنْ هُمَا؟ فَقَالُوا: هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَامِرِيُّ - فَذَكَرُوا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا لِي فِيهِمَا أُسْوَةٌ.
قَالَ: وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، قَالَ: فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ فَلَمْ يُكَلِّمُونَا، فَتَنَكَّرَتْ لِي وَاللهِ نَفْسِي، وَتَنَكَّرَتْ لِيَ الْأَرْضُ فِي نَفْسِي فَمَا هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي كُنْتُ أَعْرِفُ، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَجَلَسَا فِي بُيُوتِهِمَا، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، فَآتِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأُصَلِّي مَعَهُ، فَأُسَلِّمُ وَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالرَّدِّ عَلَيَّ؟ أُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي أَقْبَلَ نَحْوِي، وَإِذَا أَقْبَلْتُ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ إِيَّانَا أَتَيْتُ أَبَا قَتَادَةَ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ
⦗ص: 295⦘
النَّاسِ إِلَيَّ - فَكَلَّمْتُهُ، فَوَاللهِ مَا كَلَّمَنِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، نَشَدْتُكَ بِاللهِ أَتَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، فَتَسَوَّرْتُ الْحَائِطَ فَمَضَيْتُ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي السُّوقِ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَتَانِي نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ مَعَهُ كِتَابٌ مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ إِلَيَّ، فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ، وَأَنَا قَارِئٌ أَقْرَأُ، فَإِذَا هُوَ مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ أَقْصَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا فَلَنُوَاسِيكَ! قَالَ: قُلْتُ: هَذَا أَيْضًا مِنَ الشَّرِّ، فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ فَتَيَمَّمْتُ بِهِ التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مُنْذُ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِنَا إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَاءَنِي، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. قُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَوْ مَاذَا أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: لَا تَقْرَبْهَا، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: يَا هَذِهِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ - وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هِلَالًا رَجُلٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، أَفَتَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لَا يَقْرَبَنَّكِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْهُ حِرَاكٌ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مُنْذُ
⦗ص: 296⦘
كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، إِنَّمَا هُوَ يَبْكِي. فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: وَمَا عَلَيْكَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ فِي أَهْلِكَ رَسُولَ اللهِ، فَقَدْ أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالٍ. فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَفْعَلُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ لَا أَدْرِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ فِي صُبْحِ خَمْسِينَ لَيْلَةً مُنْذُ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِنَا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الصُّبْحِ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، ثُمَّ جَلَسْتُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ:{ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِلَيْهِ} ، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ إِلَيَّ مِنَ الْفَرَسِ: أَبْشِرْ يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ! فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ، فَجَاءَ الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ فَنَزَعْتُ ثَوْبَيْنِ كَانَا عَلَيَّ - وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا - فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِشَارَةً، ثُمَّ اسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَتَيَمَّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ كَعْبٌ: وَأَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا بَقِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ تَوْبَتُنَا، فَقَالَ لِي: أَيْ أُمَّ سَلَمَةَ، تِيبَ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ. قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ؟ قَالَ: إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ، يَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلِ.
وَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا بَعْدَ مَا صَلَّى الصُّبْحَ، قَالَ: فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَذَهَبَ قِبَلِي مُبَشِّرُونَ. قَالَ كَعْبٌ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى
⦗ص: 297⦘
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَحَوْلَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، قَدِ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكَانَ إِذَا سُرَّ بِشَيْءٍ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه يُهَرْوِلُ حَتَّى هَنَّأَنِي وَصَافَحَنِي، وَاللهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قَالَ: وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يُهَنِّئُونِي بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيَّ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ، لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: تَعَالَ يَا كَعْبُ، وَأَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى عَلَيْكَ مُنْذُ يَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عِنْدِكَ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ فَقَالَ: بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَخْتَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ. فَقَالَ: يَا كَعْبُ، أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ عز وجل إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَلَّا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ.
قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَبْلَاهُ اللهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مِثْلَ الَّذِي أَبْلَانِي، وَاللهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِبًا مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَعْصِمَنِي اللهُ فِيمَا بَقِيَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} الْآيَتَيْنِ جَمِيعًا».
1035 -
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ ، عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ ، عَنْ أُمِّهَا ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ: إِنِّي خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَأُنْسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوِتْرِ» .
1036 -
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُسَافِرُ يَوْمَ الْخَمِيسِ» .