الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ التَّعْبِيرِ
بَابٌ فِيمَا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
736 -
حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، ثنا عَوْفٌ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ ، ثنا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَقُولُهُ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ؟» قَالَ: فَنَقُصُّ عَلَيْهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نَقُصَّ ، فَقَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: إِنَّهُ - أَوْ إِنِّي - " أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ أَوْ آتِيَانِ - شَكَّ هَوْذَةُ - فَابْتَعَثَانِي ، فَقَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، وَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ إِلَى رَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَدَهْدَهُ الْحَجَرُ هَاهُنَا فَيَتْبَعُهُ فَيَأْخُذُهُ ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَيْهِ فَيَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى ، قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْتُ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ عَلَى قَفَاهُ، وَآخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ، فَيَشُقُّ وَجْهَهُ
⦗ص: 742⦘
إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمِنْخَرَهُ إِلَى قَفَاه، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فَمَا يَفْرَغُ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَا؟ قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: فَسَمِعْنَا فِيهِ لَغَطًا وَأَصْوَاتًا فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ ونِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهُمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوُوا قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَا: انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِي النَّهْرِ رَجُلٌ يَسْبَحُ وَإِذَا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ رَجُلٌ قَدْ جُمِعَ عَلَيْهِ حِجَارَةٌ كَثِيرَةٌ وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جُمِعَ لَهُ الْحِجَارَةُ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ ، فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا ، فَيَذْهَبُ فَيَسْبَحُ مَا سَبَحَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا ، قَالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا ، وَإِذَا هُوَ عِنْدَ نَارٍ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْشِبَةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْعِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لَا أَكَادُ أَنْ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وُلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ وَأَحْسَنِهِمْ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا، مَا هَذَا وَمَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَا لِي: انْطِلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى دَوْحَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ قَطُّ دَوْحَةً أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ، قَالَا لِي: ارْقَ فِيهَا، فَارْتَقَيْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنٍ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنٍ مِنْ فِضَّةٍ، قَالَ: فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَفْتَحْنَاهَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ ، قَالَ: قَالَا لَهُمُ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ ، قَالَ: وَإِذَا نَهْرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ
⦗ص: 743⦘
الْمَحْضُ بِالْبَيَاضِ ، قَالَ: فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا وَقَدْ ذَهَبَ السُّوءُ عَنْهُمْ ، وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ، قَالَ: قَالَا: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَا هُوَ مَنْزِلُكَ ، قَالَ: فَبَيْنَمَا بَصَرِي صُعُدًا ، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ قَالَ: قَالَا لِي: هَا هُوَ ذَا مَنْزِلُكَ ، فَقُلْتُ لَهُمَا: بَارِكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَلَأَدْخُلَهُ ، قَالَا لِي: أَمَّا الْآنَ فَلَا ، وَأَنْتَ دَاخِلُهُ ، قُلْتُ لَهُمَا: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذَ اللَّيْلَةَ عَجَبًا ، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَ: قَالَا لِي: إِنَّا سَنُخْبِرُكَ أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْه يُشَرْشَرُ بِشِدْقِهِ وَعَيْنِهِ وَمِنْخَرِهِ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذِبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي يَسْبَحُ فِي النَّهْرِ وَيَلْقُمُ الْحِجَارَةَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي عِنْدَ النَّاِر كَرِيهُ الْمَرْآةِ، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ، وَأَمَّا الْوُلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَة " فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ ، قَالَ: وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرًا حَسَنًا وَشَطْرًا قَبِيحًا ، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ "