الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ فِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ، وَالْأَظْهَرُ إدَامَتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَا يُكَبِّرُ الْحَاجُّ لَيْلَةَ الْأَضْحَى بَلْ يُلَبِّي، وَلَا يُسَنُّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَصَحِّ، وَيُكَبِّرُ الْحَاجُّ مِنْ ظُهْرِ النَّحْرِ وَيَخْتِمُ بِصُبْحِ آخِرِ التَّشْرِيقِ، وَغَيْرِهِ كَهُوَ فِي الْأَظْهَرِ،
ــ
[مغني المحتاج]
[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]
(فَصْلٌ) فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ وَيُسَمَّى بِالْمُطْلَقِ أَيْضًا، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ عَقِبَ صَلَاةٍ فَقَالَ (يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ) لِحَاضِرٍ وَمُسَافِرٍ وَذَكَرٍ وَغَيْرِهِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ (بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ) أَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى،، دَلِيلُ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185][الْبَقَرَةَ] قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: سَمِعْت مَنْ أَرْضَاهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالْقُرْآنِ يَقُولُ: الْمُرَادُ بِالْعِدَّةِ عِدَّةُ الصَّوْمِ، وَبِالتَّكْبِيرِ عِنْدَ الْإِكْمَالِ، وَدَلِيلُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الْأَوَّلِ وَلِذَلِكَ كَانَ تَكْبِيرُ الْأَوَّلِ آكَدُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُونَ (فِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ) جَمْعُ سُوقٍ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقِيَامِ النَّاسِ فِيهَا عَلَى سُوقِهِمْ وَغَيْرِهَا كَالزَّحْمَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا (بِرَفْعِ الصَّوْتِ) لِلرَّجُلِ إظْهَارًا لِشِعَارِ الْعِيدِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَرْفَعُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا حَضَرَتْ مَعَ غَيْرِ مَحَارِمِهَا وَنَحْوِهِمْ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ أَيْضًا وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَالَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ (وَالْأَظْهَرُ إدَامَتُهُ) نَدْبًا لِلْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ (حَتَّى يُحْرِمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ) أَيْ يَفْرَغَ مِنْ إحْرَامِهِ بِهَا إذَا الْكَلَامُ يُبَاحُ إلَيْهِ فَالتَّكْبِيرُ أَوْلَى مَا يَشْتَغِلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَشِعَارُ الْيَوْمِ، وَالثَّانِي حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ لَهَا، وَالثَّالِثُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْهَا قِيلَ وَمِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْعِبْرَةُ بِإِحْرَامِهِ (وَلَا يُكَبِّرُ الْحَاجُّ لَيْلَةَ) عِيدِ (الْأَضْحَى بَلْ يُلَبِّي) لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ شِعَارُهُ، وَالْمُعْتَمِرُ يُلَبِّي إلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي الطَّوَافِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّهِ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى نَوْعِ التَّكْبِيرِ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ الْمَفْعُولُ عَقِبَ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُسَنُّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَكَذَا الْمُصَنِّفُ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَالثَّانِي يُسَنُّ وَاخْتَارَهُ فِي الْأَذْكَارِ وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ غَالِبِ النَّاسِ، وَعَلَى هَذَا فَيُكَبِّرُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ (وَيُكَبِّرُ) عَقِبَ الصَّلَوَاتِ (الْحَاجُّ مِنْ ظُهْرِ) يَوْمِ (النَّحْرِ) لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاتِهِ بِمِنًى وَوَقْتُ انْتِهَاءِ التَّلْبِيَةِ (وَيَخْتِمُ) التَّكْبِيرَ (بِصُبْحِ آخِرِ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا بِمِنًى كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَحَلِّهِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ الْحَاجِّ (كَهُوَ) أَيْ كَالْحَاجِّ فِي ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) تَبَعًا لَهُ لِأَنَّ النَّاسَ تَبَعٌ لِلْحَجِيجِ وَهُمْ يُكَبِّرُونَ مِنْ الظُّهْرِ كَمَا مَرَّ، وَلِإِطْلَاقِ حَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» .
وَفِي قَوْلٍ مِنْ مَغْرِبِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ صُبْحِ عَرَفَةَ وَيَخْتِمُ بِعَصْرِ آخِرِ التَّشْرِيقِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لِلْفَائِتَةِ وَالرَّاتِبَةِ وَالنَّافِلَةِ.
وَصِيغَتُهُ الْمَحْبُوبَةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
ــ
[مغني المحتاج]
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا (وَفِي قَوْلٍ) يُكَبِّرُ غَيْرُهُ (مِنْ مَغْرِبِ لَيْلَةِ) يَوْمِ (النَّحْرِ) وَيَخْتِمُ أَيْضًا بِصُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. تَنْبِيهٌ جَرُّ الْكَافِ لِلضَّمِيرِ قَلِيلٌ، وَالْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْفُقَهَاءِ يُكْثِرُ مِنْهُ (وَفِي قَوْلٍ مِنْ صُبْحِ) يَوْمِ (عَرَفَةَ، وَيَخْتِمُ بِعَصْرِ آخِرِ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) فِي الْأَمْصَارِ.
وَصَحَّ مِنْ فِعْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ وَمَجْمُوعِهِ، وَقَالَ فِي الْأَذْكَارِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَفِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّخْصُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا مُنْفَرِدًا أَوْ غَيْرَهُ (يُكَبِّرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ) لِلْجِنَازَةِ، وَ (لِلْفَائِتَةِ وَالرَّاتِبَةِ) وَالْمَنْذُورَةِ (وَالنَّافِلَةِ) أَوْ الْمُقَيَّدَةِ وَذَاتِ السَّبَبِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْوَقْتِ. وَالثَّانِي: يُكَبِّرُ عَقِبَ الْفَرَائِضِ خَاصَّةً سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُؤَدَّاةً أَمْ مَقْضِيَّةً مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ مَحْصُورَةٌ فَلَا يَشُقُّ طَلَبُ ذَلِكَ فِيهَا كَالْأَذَانِ فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ وَالْأَذْكَارِ فِي آخِرِهَا، وَالثَّالِثُ لَا يُكَبِّرُ إلَّا عَقِبَ فَرَائِضِ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَدَاءً كَانَتْ أَوْ قَضَاءً، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ عَلَى الْأَوَّلِ عَقِبَ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِصَلَاةٍ وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الرَّوْنَقِ: إنَّهُ يُكَبِّرُ عَقِبَهُمَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ عَمَّا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْهَا وَقَضَاهَا فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُكَبِّرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارُ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ تَدَارَكَهُ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، وَكَذَا إنْ طَالَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ وَيَجْعَلُهُ شِعَارَ الْيَوْمِ، أَمَّا لَوْ اسْتَغْرَقَ عُمْرَهُ بِالتَّكْبِيرِ فِي نَفْسِهِ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ رَأْيُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي وَقْتِ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ اتَّبَعَ اعْتِقَادَ نَفْسِهِ.
(وَصِيغَتُهُ الْمَحْبُوبَةُ) أَيْ الْمَسْنُونَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) ثَلَاثًا فِي الْجَدِيدِ كَذَا وَرَدَ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَفِي الْقَدِيمِ يُكَبِّرُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) مَرَّتَيْنِ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) هَكَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الشَّامِلِ. قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبُوَيْطِيِّ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ) بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ " اللَّهُ أَكْبَرُ "(كَبِيرًا) كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ: أَيْ بِزِيَادَةِ " اللَّهُ أَكْبَرُ " قَبْلَ كَبِيرًا (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا،
وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
وَلَوْ شَهِدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ قَبْلَ الزَّوَالِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ أَفْطَرْنَا وَصَلَّيْنَا الْعِيدَ، وَإِنْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ، أَوْ بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ أَفْطَرْنَا، وَفَاتَتْ الصَّلَاةُ.
وَيُشْرَعُ قَضَاؤُهَا مَتَى شَاءَ فِي الْأَظْهَرِ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) كَمَا قَالَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا، وَمَعْنَى: بُكْرَةً وَأَصِيلًا أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَقِيلَ: الْأَصِيلُ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا بَعْدَ هَذَا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، قِيلَ هُوَ عَلَى إضْمَارِ فِعْلٍ: أَيْ كَبَّرْت كَبِيرًا، وَقِيلَ عَلَى الْقَطْعِ، وَقِيلَ عَلَى التَّمْيِيزِ. قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ: وَإِذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ كَبَّرَ.
(وَلَوْ) شَهِدَا أَوْ (شَهِدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ) مِنْ رَمَضَانَ (قَبْلَ الزَّوَالِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) أَيْ هِلَالِ شَوَّالٍ (اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ أَفْطَرْنَا) وُجُوبًا (وَصَلَّيْنَا الْعِيدَ) نَدْبًا أَدَاءً إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ جَمْعُ النَّاسِ فِيهِ، وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَوْ رَكْعَةٍ كَمَا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: أَنَّهُ إذَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا دُونَ الِاجْتِمَاعِ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَحْدَهُ أَوْ بِمَنْ تَيَسَّرَ حُضُورُهُ لِتَقَعَ أَدَاءً لِأَنَّهُ وَقْتُهَا، وَمُرَاعَاةُ الْوَقْتِ أَوْلَى مِنْ اجْتِمَاعِ النَّاسِ ثُمَّ يُصَلِّيَهَا مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَكُونُ كَمَا لَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِنْ شَهِدَا، أَوْ (شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ) أَيْ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ (لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ) فِي صَلَاةِ الْعِيدِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ شَوَّالًا قَدْ دَخَلَ يَقِينًا وَصَوْمُ ثَلَاثِينَ قَدْ تَمَّ، فَلَا فَائِدَةَ فِي شَهَادَتِهِمْ إلَّا الْمَنْعُ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ، فَلَا نَقْبَلُهَا وَنُصَلِّيهَا مِنْ الْغَدِ أَدَاءً. قَالُوا: وَلَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلَ شَوَّالٍ مُطْلَقًا بَلْ يَوْمَ فِطْرِ النَّاسِ، وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ، سَوَاءٌ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (1) . وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ «وَعَرَفَةُ يَوْمَ يَعْرِفُونَ» أَمَّا الْحُقُوقُ وَالْأَحْكَامُ الْمُعَلَّقَةُ بِالْهِلَالِ كَالتَّطْلِيقِ وَالْعِدَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعِتْقِ فَتَثْبُتُ قَطْعًا.
تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَوْ شَهِدَا بِالتَّثْنِيَةِ كَمَا قَدَّرْته وَحَذَفَ " الـ " مِنْ الْهِلَالِ وَأَضَافَهُ لِلَّيْلَةِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ لِيُدْخِلَ فِيهِ الشَّهَادَةَ بِرُؤْيَتِهِ نَهَارًا (أَوْ) شَهِدُوا (بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ) أَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ صَلَاةَ الْعِيدِ أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا كَمَا مَرَّ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، وَ (أَفْطَرْنَا وَفَاتَتْ الصَّلَاةُ) أَدَاءً.
(وَيُشْرَعُ قَضَاؤُهَا مَتَى شَاءَ) فِي بَاقِي الْيَوْمِ وَفِي الْغَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَمَتَى اتَّفَقَ (فِي الْأَظْهَرِ) كَسَائِرِ الرَّوَاتِبِ، وَالْأَفْضَلُ قَضَاؤُهَا فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِمْ إنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمْ فِيهِ وَإِلَّا فَقَضَاؤُهَا فِي الْغَدِ أَفْضَلُ لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى النَّاسِ الْحُضُورُ، وَالْكَلَامُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ، لَا فِي صَلَاةِ الْآحَادِ