الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: أطوار مقالة التعطيل
المبحث الأول: المقالات السابقة لمقالة التعطيل
المطلب الأول: مقالة الخوارج
…
المطلب الأول: مقالة الخوارج
تأخر زمن ظهور مقالة التعطيل مقارنة بغيرها من المقالات المتقدمة، فلم يكن لمقالة التعطيل وجود في عصر الصحابة وكبار التابعين، وإنما تأخر ظهورها إلى أواخر عصر التابعين من أوائل المائة الثانية. فمقالة تعطيل الصفات ليست بأول المقالات ظهوراً في المجتمع المسلم، فقد سبقها عدة مقالات لعل أولها مقالتا الخوارج والشيعة الذين ظهروا في آخر خلافة علي رضي الله عنه.1
ولقد كان المسلمون في خلافة أبي بكر وعمر وصدراً من خلافة عثمان متفقين لا تنازع بينهم، وكانوا على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول.2 إلى أن حدث في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه أمور أوجبت نوعاً من التفرق، وقام قوم من أهل الفتنة فقتلوا عثمان رضي الله عنه سنة (35هـ) ، فتفرق المسلمون بعد مقتل عثمان، ووقعت الفتنة، وأدى ذلك إلى اقتتالهم بصفين سنة (37هـ) ، واتفقوا على تحكيم حكمين، فخرجت الخوارج من ذلك الحين على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وفارقوا جماعة المسلمين إلى مكان يقال له:"حروراء" فكف عنهم إلى أن استحلوا دماء المسلمين وأموالهم، فعلم علي رضي الله عنه أنهم الطائفة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلهم فهم الفرقة المارقة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "تمرق مارقة عند فُرقة من
1- درء تعارض العقل والنقل 5/244، مجموع الفتاوى 6/33.
2-
منهاج السنة 1/306.
المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق".1
وكانت بدعتهم إنما هي من سوء فهمهم للقرآن؛ ولم يقصدوا معارضته، ولكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب، إذ المؤمن هو البر والتقي، فقالوا: فمن لم يكن براً تقياً فهو كافر، وهو مخلد في النار؛ ثم قالوا: وعثمان وعلي ومن والاهما ليسوا بمؤمنين لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله، فكانت بدعتهم لها مقدمتان:
"الأولى": أن من خالف القرآن بعمل أو برأي أخطأ فيه فهو كافر.
"الثانية": أن عثمان وعلياً ومن والاهما كانوا كذلك.2
وبذلك خرجت الخوارج بجهلهم وعتوهم وتكفيرهم للمسلمين وقتلهم إياهم.3 وكانت آراؤهم مفرعة على الجهل وقوة النفوس والاعتقاد الفاسد.
1- أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم 3/113 ط1، دار المعرفة
2-
مجموع الفتاوى 13/31،32.
3-
شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/10.