الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إخراج ما بال عليه الأعرابي. وإنما الصحيح أن يصب على البول ماء من غير إخراج التراب الذي قد بال الرجل عليه ، وذلك يدل على أن الماء يطهر النجاسة بالمكاثرة ولذا النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يصب عليه ذنوب من ماء.
الذنوب: هو الدلو الكبير ، يسمى ذنوباً لعظم حجمه ،
فبقدر البول يكون قدر الماء الذي يصب عليه فإذا كان قليلاً يصب ماء قليل أكثر من البول فإنه حينئذ تزول نجاسة البول.
13-
: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أحلت لنا ميتتان ودمان
، فأما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان فالطحال والكبد)) أخرجه أحمد وابن ماجه وفيه ضعف.
هذا الحديث قد أخرجه الإمام أحمد وكذا ابن ماجه وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه زيد بن سلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
وهو معلول بعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف عند عامة أهل العلم ، فقد ضعفه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وعلي بن المديني ويحي بن معين وغيرهم ، وقد سأل أبو حاتم الإمام أحمد عليه رحمة الله عن ولد زيد بن اسلم أيهما أحب إليك، فقال: أسامة قال ثم من قال: عبد الله. ثم ذكر عبد الرحمن وضجع في عبد الرحمن عليه رحمة الله.
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم راوي هذا الخبر عند الإمام أحمد وابن ماجة وغيرهما ضعيف عند عامة أهل العلم عليهم رحمة الله فقد قال فيه ابن معين: ليس بشيء وقال فيه أبو داود: أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف.
وأولاد زيد بن أسلم هم عبد الرحمن وعبد الله وأسامة أبناء زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم هو وإخوانه قد تفردوا برواية هذا الخبر مرفوعاً عن النبي علية الصلاة والسلام أي مسنداً إليه.
فقد أخرجه الدراقطني وأخرجه ابن عدي والبيهقى من حديث إسماعيل بن أبي أويس عن عبد الرحمن وعبد الله وأسامة عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مسنداً ، وهذا طريق البيهقي وابن عدي.
أما الدراقطني فذكر عبد الله وعبد الرحمن فحسب وتفرد أبناء زيد بن أسلم في هذا الخبر وهم ضعفاء وفيه مخالفة للثقات ، فقد جاء موقوفاً عن عبد الله بن عمر من حديث عبد الله بن وهب عليه رحمة الله عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر من قوله رضي الله عنه.
وهذا هو الصحيح الذي رجحه الحفاظ فقد رجح الوقف أبو حاتم والدارقطني ، وأبو زرعة والبيهقي والحاكم وكذلك من المتأخرين الحافظ ابن القيم عليه رحمة الله وله حكم الرفع ، وقد قال ذلك البيهقي عليه رحمة الله أنه في حكم المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الصحابي إذا قال أحلت لنا أو أحل لنا أو أمرنا أو نهينا فكان ذلك الأمر أو النهي من اختصاص الشارع الحكيم فإنه حينئذ يكون في حكم الرفع.
أما إذا كان ما يختص به الشارع ويختص به غير الشارع فإنه حينئذ اختلف في ذلك وقد ذكره أهل الأصول ، لكن الصحيح أنه إذا قال الصحابي رضي الله عنه أمرنا أو نهينا عن كذا فإنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم مالم يتضمن قرينة تدل على غير الرفع كتأخر صحابي أو كون الامر دلت روايات على أخرى على انه من احد الخلفاء أو المامور به لم يرد النص فيه من الشارع ونحو ذلك.
وهذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم حكمه حكم الرفع أما من جهة الرواية فإنه لا يصح مسنداً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان قد جاء عند الحافظ ابن عدي عليه رحمة الله من حديث يحي بن حسان عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وجاء يحي بن حسان متابعاً لأبناء زيد بن أسلم متابعة قاصرة إلا أنه قد خالف الحافظ عبد الله بن وهب وهو من أصحاب الإمام مالك ومن كبار الحفاظ ومن كبار الرواة الثقات، ورواية عبد الله بن وهب لاشك أنها أثبت وأصح لجلالته وحفظه ولا يقابله أمثال هؤلاء الضعفاء الذين يروون الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله (أحلت لنا) :
أحلت: مأخوذة من الحلال والمراد به الإباحة. والتحليل والتحريم هو من اختصاص الشارع الحكيم. فليس لأحد أن يحل أو يحرم إلا الشارع الحكيم.
وقوله (ميتتان) :
مفردها: ميته وفيه لغتان ميت بتسكين الياء وميّت بتشديدها، فما تحقق موته تجوز فيه اللغتان، وما لم يمت تشدد يائه، وقال بعضهم بتساوي اللفظين، وقد أنشد بعضهم:
أيا سائلي تفسير ميْت وميّت فدونك قد فسرت ما عنه تسأل
فما كان ذا روح فذلك ميّت وما الميْت إلا من إلى القبر يحمل
والأصل في الميتة أنها محرمة إذا كانت ميتة البر وأما ميتة البحر فالأصل فيها الإباحة. والنبي علية الصلاة والسلام أشار إلى ذلك في هذا الخبر من قوله (أحلت لنا) إن صح مرفوعاً أو من قوله عبد الله بن عمر وهو موقوف عليه رضي الله عنه.
قوله (أحلت لنا ميتتان ودمان) :
إشارة إلى أن الأصل التحريم في الميتة والميتة التي حرمها الله سبحانه وتعالى هي ميتة البر بإطلاق وأباح الله جلا وعلا ميتة البحر مطلقاً. فالنوعان اللذان استثناهما الله تعالى من الميتة هما ميتة البحر وذكرنا هذه المسائل في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو أول حديث في كتاب بلوغ المرام «هو الطهور ماءه الحل ميتته» تكلمنا على ذلك بالتفصيل وخلاف أهل العلم وقررنا أن ميتة البحر هي حل عند جماهير أهل العلم ، وما استثني من ذلك فلا دليل عليه وأنه باقي على الأصل فيه، فإما أن يكون من ميتة البحر فإنه حلال مباح وإنا كان من ميتة البر فإنه حينئذ يعد محرماً وما كان بينهما أي ليس من ميتة البر ولا من ميتة البحر فإنه يبقى على أصله من الإباحة ، إن كان مستخبثاً حرم لاستخباثه وإن كان ذو ناب فإنه يحرم لأنه من ذي الناب الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
النوع الثاني: من أنواع الميتة (الجراد) وهذا بإجماع أهل العلم ولا يعلم في ذلك مخالف إلا ما جاء عن الليث بن سعد وابن العربي وهو متأخر عليهم رحمة الله فقال الليث بتحريمه وهو قول غريب جداً لا أعلم من وافقه عليه ولا يليق بمكانته في العلم هذا القول الشاذ وقد قال الحافظ ابن حجر في كتاب له في ترجمة الليث سماه الرحمة الغيثية بالترجمة الليثية قال: لقد تتبعت كتب الخلاف كثيرا فلم اقف على مسالة واحدة انفرد بها الليث عن الائمة من الصحابة والتابعين الا في هذه المسالة. او كما قال الحافظ رحمه الله.
وقد قال ابن العربي: جراد الحجاز حلال وجراد الاندلس حرام وهو غريب جدا ، وهذا قول مخالف لإجماع أهل العلم فإن الجراد واحد وإباحته مطلقة من الشارع الحكيم.
وقوله هنا (وأحل لنا دمان) :
دمان مفرده الدم ، والمراد بالدم هنا هو: الحيوان الذي له نفس سائلة ، وليس المراد به هنا الدم الذي يجري في العروق.