المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ما قطع من البهيمة وهي حيه فهو ميت) - من شرح بلوغ المرام للطريفي

[عبد العزيز الطريفي]

الفصل: ‌(ما قطع من البهيمة وهي حيه فهو ميت)

وهذا من علم الله سبحانه وتعالى الذي أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يقول ذلك من تلقاء نفسه فإن الإنسان بعقله وطبيعته لا يمكن أن يدرك ذلك وخاصة ممن هو في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم كل قوله وفعله وتقريره تشريع ودين إلا ما دل الدليل عليه من قوله وفعله أنه قاله أو فعله عادة في وقته أو دلت قرينة الحال على ذلك وإن لم ينص عليه.

***********************

15-

عن أبي واقد الليثي رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ‌

(ما قطع من البهيمة وهي حيَّه فهو ميِّت)

. أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له.

هذا الحديث أخرجه ابو داود والترمذي وكذا البيهقي وابن الجارود في كتابه المنتقى وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وسبب هذا الخبر أن النبي عليه الصلاة السلام لما قدم المدينة وجد أهلها يقطعون أسنِمة الإبل وهي حية ويقطعون إليّة الغنم وهي حيّة ليستفيدوا من دهنها ، وأن أسنمة الإبل وإلية الغنم إذا قطعت تنبت إذا لم تقطع من أصلها، فهم يستفيدون من ذلك فحرم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأخبر أن ما أبين من الحي فهو ميّت وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم رأفة ورفقاً بالحيوان أولاً وكذلك تجنيب للإنسان أكل الميتة.

والنبي صلى الله عليه وسلم في قوله هنا (ما أبين من البهيمة) :

البهيمة: هنا هي ذوات الأربع وذلك لغلبة ما يصنعه العرب في ذلك الوقت.

لذا خص النبي صلى الله عليه وسلم البهيمة لأن البهيمة غالباً ما تطلق على بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم وإلا فان البهيمة في اللغة تشمل سائر ما مشى على الأربع حتى وإن لم يكن من الإبل والبقر والغنم وتسمى بهيمة: لبهمها وأنها لا تتكلم.

وقوله (ما ُأبين) :

ص: 83

أي ما قطع من البهيمة وهي حيّه فهو ميّت. وهذا بإجماع أهل العلم ولم يخالف في ذلك أحد منهم ولكن أهل العلم استثنوا من هذه الحالة صورتان.

الصورة الأولى: مسك الغزال إذا أبين من الغزال وهو حي فإنه طاهر ويجوز استعماله بإجماع أهل العلم وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد.

الصورة الثانية: ما ند من البهائم وصعب حبسه. فإن كان جمل أو ناقة استوحش وصعب على أهله حبسه ثم ضربوه فقطع سنامه أو قطعة رجله أو نحو ذلك فإن ما قطع منه حينئذ يعتبر مباح الأكل بشرط أنه إذا قبض على تلك الناقة أو ذلك الجمل أنه يذبح ولا يترك حيّاً لأن ما قطع مرتبط بأصله من ذلك الحيوان وهذا مجمع عليه كذلك عند أهل العلم وهذا خاص في البهائم.

أما ما أباح النبي صلى الله عليه وسلم أكل الميتة منه في الأصل، فإنه ما قطع يعد طاهراً ولا يعد من الميتة التي يحرم أكلها كالسمك فما قطع من السمك وهو حي ولم يمسك ويصاد فإنه حينئذ يعد مباحاً ويعد كذلك طاهر يجوز أكله ، وكذلك الجراد فإنه إذا قطع منه شيء وهو حي ولم يمسك فإنه حينئذ يجوز أكله لأنه ميتته في الأصل مباحة وليست محرّمة فاستثنى أهل العلم هذه الأحوال ولا يعلم مخالف في هذه المسألة والله أعلم.

يتبع بقية الشرح بإذن الله

ص: 84