الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاول: فيما رواه عن عكرمة عن ابن عباس وانفرد به ولم يوافق عليه فهو يغلب عليه النكاره فيكون مردودا. ومن ذلك ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث سماك عن عكرمة عن بن عباس قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت الهلال قال أتشهد أن لا إله إلا الله أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم قال يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا. والصحيح فيه الارسال فقد رواه جماعة كسفيان الثوري وغير هـ عن سماك عن عكرمة مرسلا وصوب ذلك الحفاظ كالترمذي والنسائي. وقد انكر الحفاظ تفردات سماك عن عكرمة كابن المديني واحمد العجلي والدارقطني وغيرهم
الثاني: ما رواه عن عكرمة عن ابن عباس ورواه عنه قدماء أصحابه شعبة وسفيان وابو الاحوص فهذا النوع ينظر فيه الى استقامة متنه وعدم غرابته ونكارته فان كان كذلك فيقبل
الثالث: ما رواه عن عكرمة عن غير ابن عباس كعائشة وغيرها ولم يكن ممن يستنكر متنه ولم ينفرد بأصل فهو محمول على الاستقامة والصحة ما لم يخالف كما روى النسائي والطيالسي والبيهقي عن سماك عن عكرمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال أعندك شيء قلت لا قال إذا أصوم.
وهذا صحيح قد صححه الحفاظ كالدارقطني والبيهقي وغيرهما
وفي مسالة الاغتسال بالفضله كذلك النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد اغتسل بفضل ميمونة عليها رضوان الله تعالى، كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه، إذاً فغسل الرجل بفضل المرأة هو جائز ومجزئ، وأن ذلك لا يحمل على التحريم جمعاً بين الأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك عن أصحاب النبي رضي الله عنهم.
***************************************
8-
وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يغتسل بفضل ميمونة رضي الله عنها
. أخرجه مسلم.
هذا الحديث قد أخرجه الإمام مسلم من حديث محمد بن بكر عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال: أكبر علمي والذي يخطر على بالي، أن أبا الشعثاء حدثني عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل بفضل ميمونة عليها رضوان الله تعالى.
وهذا الخبر صارف لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي أن يغتسل الرجل بفضل المرأة أو المرأة بفضل الرجل للتحريم، وقد صرفه من التحريم إلى كراهة التنزيه، وإلا لما فعل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قد نهى عنه.
وفيه دلالة أيضاً على أن الماء باقٍ على طهوريته وتطهيره، وهو باق على أصله لا ينصرف إلى غيره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حينما فعل ذلك وفعله أصحابه عليهم رضوان الله تعالى، دلّ ذلك على بقاء الماء على أصله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما نهى عن اغتسال الرجل بفضل المرأة أو المرأة بفضل الرجل أنه على كراهة التنزيه، وأن الأولى أن يغتسل الرجل بعد المرأة من غير فضلها، وأن المرأة تغتسل بعد الرجل من غير فضله، أو يغترفا من إناء واحد جميعا، وذلك مما نبه النبي صلى الله عليه وسلم عليه بنهيه عن ذلك، نهي كراهة وليس نهياً تحريميا.
وفي إسناد هذا الخبر من المسائل ما يذكره أهل الحديث عليهم رحمة الله من قول عمرو بن دينار عليه رحمة الله: أكبر علمي، والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء حدثني
…
، فقد وقع في الشك عليه رحمة الله، مع ذلك أخرج هذا الخبر الإمام مسلم عليه رحمة الله في صحيحه، مع أن عمرو بن دينار قد وقع في شيء من الشك في تحديث أبي الشعثاء له عن عبد الله بن عباس عليهما رضوان الله تعالى، وهذا الجواب عنه أن شك الثقات الحفاظ كعمرو بن دينار أنه كيقين غيرهم خاصة إذا غلب ظنهم على شيء، ولذا قال شعبة بن الحجاج شك مسعر أحب إلي من يقين غيره. وقال ذلك ايضا في ابن عون. وروي ان شعبه سأل أيوب عن حديث فقال أشك فيه فقال له شكك أحب إلي من يقين غيرك.، فإن الثقة إذا شك في أمر ومال إلى أحدهما كما في رواية عمرو بن دينار هنا يدل على شدة تحرزه وضبطه، بخلاف خفيف الضبط أو الصدوق أو من الثقات الذين ليسوا معروفين بالحفظ، وكذلك الضبط فإنه إذا شك يتوقف فيه، بل إن أهل العلم عليهم رحمة الله قد قالوا: أن الحافظ إذا حدّث بحديث عن شيخه ونفى شيخه أن يكون قد حدّثه بذلك الخبر أن حديثه صحيحا، وإن نفي الشيخ أن يكون حدثه بذلك الخبر إما أن يكون قد طرى على شيخه من النسيان أو شيء من الغفلة ونحو ذلك، وقد جاءت في ذلك روايات عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد فيها مثل هذا، فقد نفى بعض الشيوخ أن يكون قد حدّثوا التلاميذ مع أن التلاميذ هم من الحفاظ، وقد قبل الحفاظ رواياتهم، وقد أخرج البخاري ومسلم مثل هذا في صحيحهما، كما أخرج الإمام مسلم في مثل هذا الشك هنا في حديث عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن أبي الشعثاء عن عبد الله بن عباس عليهما رضوان الله تعالى.
***************************************