المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الملحق الثاني قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابه - من هدي السلف في طلب العلم

[محمد بن مطر الزهراني]

الفصل: ‌ ‌الملحق الثاني قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابه

‌الملحق الثاني

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله: "وأحسن ما رأيت في آداب التعلم والتفقه من النظم ما ينسب إلى اللؤلؤي من الرجز، وبعضهم ينسبه إلى المأمون، وقد رأيت إيراد ما ذكر من ذلك لحسنه، ولما رجوت من النفع به لمن طالع كتابي هذا، نفعنا الله وإياه به: قال:

واعلَمْ بأنَّ العلمَ بالتَّعلُّمِ

والحفظِ والإتقانِ والتفهُّمِ

والعلمُ قد يُرزَقه الصغيرُ

في سنِّه ويُحرَمُ الكبير

وإنَّما المرءُ بأَصْغَريْهِ

ليس برجليْه ولا يديْهِ

لسانُه وقلبُه المركَّبُ

في صدرِهِ وذاك خَلْقٌ عَجَبُ

والعلمُ بالفهمِ وبالمذاكرَهْ

والدرسِ والفكرةِ والمناظرَه

فربَّ إنسانٍ يَنال الحِفْظَا

ويُوردُ النصَّ ويَحكي اللَّفْظاَ

وما له في غيرِهِ نصيبُ

مِمّا حواه العالمُ الأديبُ

وربّ ذي حرصٍ شديد الحبِّ

للعلمِ والذَكر بليدِ القلبِ

معجز في الحفظِ والروايهْ

ليستْ له عمَّن رَوَى حِكايهْ

وآخَرُ يُعطى بلا اجْتهادِ

حفظاً لما قد جاء في الإسنادِ

يهذّه بالقلب لا بناظرهْ

ليس بمضطرٍ إلى قَماطِرهْ

فالتمسِ العلمَ وأَجْمِل في الطلَبْ

والعلم لا يَحسنُ إلا بالأَدَبْ

والأدبُ النافعُ حسنُ الصمتِ

وفي كثير القولِ بعضُ المقتِ

فكُن لحسن الصمت ما حَيِيتَا

مقارفاً تُحمد ما بقيتَ

ص: 81

وإنْ بدت بين أناسٍ مسألهْ

معروفةٌ في العلمِ أو مُفتعَلهْ

فلا تكن إلى الجوابِ سابقا

حتى تَرَى غيرَك فيها ناطقا

فكم رأيتُ من عجولٍ سابقِ

من غير فهمٍ بالخطأ ناطقِ

أزرى بهِ ذلك في المجالسِ

عند ذوي الألبابِ والتنافسِ

وقُلْ إذا أعياكَ ذاك الأمرُ

ما لي بما تسأل عنه خُبْرُ

فذاك شطرُ العلمِ عند العلما

كذاك ما زالتْ تقول الحُكما

والصمت فاعلم بك حقاً أزينُ

إنْ لم يكن عندك علمٌ متقنُ

إياك والعُجبَ بفضلِ رأيِكا

واحذر جوابَ القولِ من خطائكا

كم من جوابٍ أعقبَ الندامهْ

فاغتَنِمِ الصمتَ مع السَّلامهْ

العلم بحرٌ منتهاه يبعدُ

ليس له أحدٌ إليه يقصدُ

وليس كلُّ العلمِ قد حويتَه

أجَل ولا العُشر ولو أحصيتَه

وما بَقِي عليكَ منه أكثرُ

مما علِمتَ والجوادُ يَعْثُرُ

فكُنْ لما سمعتَهُ مستفهِما

إن أنتَ لم تفهمْ منه الكلِما

القولُ قولانِ: فقولٌ تعقِلُهْ

وآخرُ تسمعُهُ فتجهَلُهْ

وكلُّ قولٍ فلهُ جوابُ

يجمعُهُ الباطلُ والصواب

وللكلامِ أولٌ وآخِر

فافهمهما والذهنُ منك حاضرُ

فربما أَعْيا ذوي الفضائلِ

جوابُ ما يُلقى من المسائل

فيُمسكوا بالصمتِ عن جوابه

عند اعتراضِ الشكِّ في صوابه

ولو يكون القولُ في القياسِ

من فضَّةٍ بيضاءَ عند الناسِ

إذا لكان الصمت من خير الذهب

فافهم هداك الله آداب الطلبْ

ص: 82