المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الطَّلَاق] [

- ‌فَصَلِّ فِي الْخُلْعُ]

- ‌(فَصْلٌ) .طَلَاقُ السُّنَّةِ:

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَرْكَان الطَّلَاق وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الِاسْتِنَابَة عَلَى الطَّلَاق]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام رَجْعَة الْمُطَلَّقَة طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَار وَأَحْكَامه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَام اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَسَائِل زَوْجَة الْمَفْقُود وَمَا يُنَاسِبهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام وَأَقْسَام الِاسْتِبْرَاء وَمنْ يَلْزَمهُ وَالْمُوَاضَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام تداخل الْعَدَد وَالِاسْتِبْرَاء]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَام الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي النَّفَقَة بالنكاح والملك وَالْقَرَابَة]

- ‌[فَصْلٌ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالْقَرِيبِ وَخَادِمِهِ وَالْحَضَانَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ فِي الْبَيْع]

الفصل: ‌فصل في الخلع]

(بَابٌ) :

جَازَ الْخُلْعُ، وَهُوَ: الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ،

ــ

[منح الجليل]

[بَابٌ الطَّلَاق] [

‌فَصَلِّ فِي الْخُلْعُ]

فَصْلٌ) فِي الْخُلْعِ:

(جَازَ الْخُلْعُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِلَا كَرَاهَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَجَعَلَهُ بِدْعَةً (وَهُوَ) أَيْ الْخُلْعُ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (الطَّلَاقُ) جِنْسٌ شَمِلَ الْخُلْعَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَقْسَامِ الطَّلَاقِ (بِعِوَضٍ) لِلزَّوْجِ مِنْ الزَّوْجَةِ، أَوْ غَيْرِهَا، فَصْلٌ مُخْرِجٌ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَلِلْخُلْعِ نَوْعٌ آخَرُ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِلَا عِوَضٍ، فَقِيلَ تَعْرِيفُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَشْمَلْهُ لِإِرَادَتِهِ تَعْرِيفَ الْأَصْلِ الْمَشْهُورَ. وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: بَلْ شَمِلَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ كَوْنِهِ خُلْعًا جَرَيَانَ أَحْكَامِ الْخُلْعِ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا سُقُوطُ نَفَقَتِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا، وَهَذَا عِوَضٌ مُحَقَّقٌ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهِ، فَهَذَا طَلَاقٌ بِعِوَضٍ أَيْضًا.

وَالْخُلْعُ لُغَةً الْإِزَالَةُ، يُقَالُ خَلَعَ ثَوْبَهُ إذَا نَزَعَهُ وَأَزَالَهُ، وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ كَلِبَاسٍ لِلزَّوْجِ فِي السَّتْرِ وَالتَّوْقِيَةِ مِمَّا يَضُرُّ، سُمِّيَ فِرَاقُهَا خُلْعًا، قَالَ تَعَالَى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} [البقرة: 187] . وَالطَّلَاقُ لُغَةً الْإِرْسَالُ وَالتَّرْكُ، وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ وَهُوَ مَعْنًى جَاهِلِيٌّ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةٌ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبٌ تَكَرُّرَهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ، وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ، وَعَرَّفَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ الْخُلْعَ بِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الْبُضْعِ تَمْلِكُ بِهِ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا وَيَمْلِكُ الزَّوْجُ الْعِوَضَ بِهِ، وَالرَّضَاعَ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةٌ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِعِوَضٍ.

ص: 3

وَبِلَا حَاكِمٍ، وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا؛ إنْ تَأَهَّلَ؛ لَا مِنْ: صَغِيرَةٍ، وَسَفِيهَةٍ، وَذِي رِقٍّ،

ــ

[منح الجليل]

وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِلَا) حُكْمِ (حَاكِمٍ) فَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِعِوَضٍ لِإِيهَامِهِ تَوَقُّفَ كَوْنِهِ خُلْعًا عَلَى عَدَمِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَ) جَازَ الطَّلَاقُ (بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ قَصَدَ مَصْلَحَةً، أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةٍ، أَوْ مُجَرَّدَ إسْقَاطِ نَفَقَتِهَا عَنْ زَوْجِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا، وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا الْبُرْزُلِيُّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نَاجِي، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ تَقْيِيدُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إسْقَاطَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ.

ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: طَلِّقْ امْرَأَتَك وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ لَزِمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ ابْنُ نَاجِي حَمَلَهَا شَيْخُنَا الْبُرْزُلِيُّ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَفْتَيْت بِهِ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَجْنَبِيِّ بِكَوْنِهِ لِمَصْلَحَةٍ، أَوْ دَرْءِ مَفْسَدَةٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ إضْرَارَ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا مَا يَجْعَلُهُ بَعْضُهُمْ لِقَصْدِ مُجَرَّدِ إسْقَاطِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مَنْعِهِ، وَفِي انْتِفَاعِ الْمُطَلِّقِ بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ نَظَرٌ ابْنُ عَرَفَةَ: بَاذِلُ الْخُلْعِ مَنْ صَحَّ مَعْرُوفُهُ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مُسْتَقِلًّا. قُلْت مَا لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ ضَرَرِهَا بِإِسْقَاطِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَيَنْبَغِي رَدُّهُ كَشِرَاءِ دَيْنٍ لِلْعَدُوِّ اهـ.

وَذَكَرَ شَرْطَ مُلْتَزِمِ الْعِوَضِ زَوْجَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا فَقَالَ (إنْ تَأَهَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ كَانَ أَهْلًا لِالْتِزَامِهِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بَاذِلُ الْعِوَضِ مَنْ يَصِحُّ مَعْرُوفُهُ؛ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ. اهـ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ إنْ تَأَهَّلَ فَقَالَ (لَا) يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ الْعِوَضُ (مِنْ) زَوْجَةٍ (صَغِيرَةٍ وَ) زَوْجَةٍ (سَفِيهَةٍ) أَيْ بَالِغَةٍ لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ مُهْمِلَةٍ، أَوْ ذَاتِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا وَلِيُّهَا صَحَّ وَجَازَ (وَ) لَا مِنْ شَخْصٍ (ذِي رِقٍّ) أَيْ رَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهُ فَيَمْضِي مِنْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ قَرُبَ أَجَلُهُ، وَيُوقَفُ مِنْ مُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ فِي مَرَضِهِ، فَإِنْ مَاتَ مَضَى مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ، وَإِنْ صَحَّ فَلَهُ رَدُّهُ وَيَرُدُّ خُلْعَ الْمُكَاتَبَةِ بِكَثِيرٍ

ص: 4

وَرَدَّ الْمَالَ وَبَانَتْ.

وَجَازَ مِنْ الْأَبِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ؛ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ السَّفِيهَةِ: خِلَافٌ

،

ــ

[منح الجليل]

وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِعَجْزِهَا وَبِيَسِيرٍ بِإِذْنِهِ مَضَى، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ يُوقَفُ، فَإِنْ أَدَّتْ مَضَى. وَإِنْ عَجَزَتْ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الرَّاجِحِ ابْنُ شَاسٍ وَلَا يَضْمَنُهُ سَيِّدٌ بِإِذْنِهِ فِيهِ كَالصَّدَاقِ (وَرَدَّ) الزَّوْجُ (الْمَالَ) الَّذِي خَالَعَتْهُ بِهِ صَغِيرَةٌ، أَوْ سَفِيهَةٌ، أَوْ رَقِيقٌ بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا وَسَيِّدِهِ.

(وَبَانَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْهُ وَلَا يَتْبَعُ الْأَمَةَ بِشَيْءٍ بَعْدَ عِتْقِهَا فَإِنْ ارْتَجَعَهَا لِظَنِّهِ رَجْعِيًّا، أَوْ تَقْلِيدِهِ مَنْ رَآهُ رَجْعِيًّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ يَرَاهَا، وَإِلَّا فَلَا لِرَفْعِهِ الْخِلَافَ، وَظَاهِرِ قَوْلِهِ: وَبَانَتْ. وَلَوْ قَالَ: بَعْدَ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَتِمَّ لِي مَا خَالَعَتْ بِهِ فَلَا يَلْزَمُنِي طَلَاقٌ فَلَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْقِيبٌ بِرَافِعٍ. وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى تَمَامِ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَهُ، بِإِنْ تَمَّ لِي هَذَا الْمَالُ، أَوْ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ أَمْضَى الْوَلِيُّ فِعْلَهَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ رَدَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِدُونِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ لِرَشِيدَةٍ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ لَزِمَتْهَا الْبَرَاءَةُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ، فَالتَّعْلِيقُ فِي مُخَالَعَتِهَا كَعَدَمِهِ.

(وَجَازَ) الْخُلْعُ (مِنْ الْأَبِ عَنْ) بِنْتِهِ (الْمُجْبَرَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ، أَوْ مَوْتٍ لَجَبَرَهَا عَلَى الزَّوَاجِ لِكَوْنِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً، أَوْ مَجْنُونَةً مِنْ مَالِهَا بِدُونِ إذْنِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا حَيْثُ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَتُهَا، وَكَالْأَبِ سَيِّدُ الْأَمَةِ (بِخِلَافِ) الشَّخْصِ (الْوَصِيِّ) فَلَا يَجُوزُ خُلْعُهُ عَنْ الْمُجْبَرَةِ إلَّا بِرِضَاهَا فَفِيهَا يَجُوزُ خُلْعُ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا نَقَلَهُ ق: الْحَطُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ خُلْعِهِ عَنْهَا بِرِضَاهَا ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيُّ لِلْمَحْجُورَةِ أَنْ تُخَالِعَ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، أَوْ وَصِيِّهَا وَيَقُولُ بَعْدَ إذْنِهِ مَا رَآهُ مِنْ الْغِبْطَةِ وَفِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ فَضَّلَ الْقَاسِمُ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَجَوُّزَ مُبَارَأَةِ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا.

(وَفِي) جَوَازِ (خُلْعِ الْأَبِ عَنْ) بِنْتِهِ (السَّفِيهَةِ) أَيْ الْبَالِغَةِ الثَّيِّبِ الَّتِي لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَمَنْعِهِ (خِلَافٌ) فَإِنْ كَانَ مَالَهُ، أَوْ بِرِضَاهَا فَلَا

ص: 5

وَبِالْغَرَرِ: كَجَنِينٍ، وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ. وَلَهُ الْوَسَطُ.

وَعَلَى نَفَقَةِ حَمْلٍ، إنْ كَانَ. وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا.

ــ

[منح الجليل]

خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، وَنَصُّ التَّوْضِيحِ فِي صُلْحِ الْأَبِ عَنْ الْبِنْتِ السَّفِيهَةِ قَوْلَانِ، الْأَوَّلُ: لِابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا الْمُوَثَّقِينَ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ لُبَابَةَ: جَرَتْ الْفُتْيَا مِنْ الشُّيُوخِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَرَوَاهَا بِمَنْزِلَةِ الْبِكْرِ مَا دَامَتْ فِي وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ رَاشِدٍ: الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ فِي حَجْرِهِ كَالْبِكْرِ وَوَقْفُهُ عَلَى إذْنِهَا اخْتِيَارُ الْمُتَيْطِيِّ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ قَائِلًا عَلَيْهِ جَرَتْ فَتْوَى شُيُوخِنَا وَفُقَهَائِنَا وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ. وَقَوْلُ ابْنِ الْعَطَّارِ مَعَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوَثَّقِينَ.

(وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِ) ذِي (الْغَرَرِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ التَّحَيُّرِ وَالتَّرَدُّدِ بَيْنَ مَا يُوَافِقُ الْغَرَضَ وَمَا لَا يُوَافِقُهُ لِجَوَازِهِ بِلَا شَيْءٍ (كَجَنِينٍ) لِأَمَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ فِي مِلْكِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ انْفَشَّ، أَوْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِدُخُولِهِ مُجَوِّزًا لِهَذَا (وَ) جَازَ الْخُلْعُ بِحَيَوَانٍ، أَوْ عَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ (غَيْرِ مَوْصُوفٍ) بِصِفَاتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الرَّغْبَةُ فِيهِ بِاعْتِبَارِهَا (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ الَّتِي خَالَعَتْهُ بِغَيْرِ مَوْصُوفِ النَّوْعِ (الْوَسَطُ) أَيْ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي خَالَعَتْهُ بِهِ لَا مِمَّا يُخَالِعُ النَّاسُ بِهِ عَادَةً، وَلَا يُرْعَى فِيهِ حَالُ الْمَرْأَةِ وَكَالْخُلْعِ فِي جَوَازِ الْغَرَرِ الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ إلَّا الْجَنِينَ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَنَظَمَ عج الْمَسَائِلَ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ فَقَالَ:

عَطِيَّةُ إبْرَاءٍ وَرَهْنٌ كِتَابَةٌ

وَخُلْعٌ ضَمَانٌ جَازَ فِي كُلِّهَا الْغَرَرْ

وَفِي الرَّهْنِ يُسْتَثْنَى الْجَنِينُ وَخُلْعُهَا

بِهِ جَائِزٌ إنْ مِلْكُ أُمٍّ لَهَا اسْتَقَرْ.

(وَ) جَازَ الْخُلْعُ بِ (نَفَقَةِ حَمْلٍ) أَيْ عَلَى أَنَّهَا تُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا (إنْ كَانَ) بِهَا حَمْلٌ. وَأَوْلَى بِنَفَقَةٍ: الْحَمْلُ الظَّاهِرُ، فَإِنْ أَعْسَرَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَرَجَعَ عَلَيْهَا إنْ أَيْسَرَتْ (وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِإِسْقَاطِ) الزَّوْجَةِ حَقَّهَا فِي (حَضَانَتِهَا) أَيْ حِفْظِهَا وَلَدَهَا وَتَرْبِيَتِهِ لِزَوْجِهَا أَبِي

ص: 6

وَمَعَ الْبَيْعِ، وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ مَعَهُ نِصْفَهُ،

ــ

[منح الجليل]

وَلَدِهَا فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا قَبْلَهُ كَأُمِّ الْأُمِّ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْأُمِّ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَ الْأُمِّ قَبْلَ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: هَذَا الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى وَجَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَشَمِلَ كَلَامُهُ خُلْعَهَا بِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا لِحَمْلٍ بِهَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ. الْحَطُّ وَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ لِجَرَيَانِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ.

(وَ) جَازَ الْخُلْعُ (مَعَ الْبَيْعِ) كَأَنْ تَدْفَعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيَدْفَعَ لَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَالْعَبْدُ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِ خُلْعٌ، وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِ بَيْعٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ زَائِدَةً عَلَى الدَّنَانِيرِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا، أَوْ نَاقِصَةً عَنْهَا عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي تَرَاضِيهِمَا، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَضَى بِهِ الْقُضَاةُ لِجَوَازِ الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ: رَجْعِيٌّ كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى وَكَأَنْ تَدْفَعَ عَشْرَ دَنَانِيرَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ، وَأُمُّهُ تَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَبِيعِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ دُونَ الْخُلْعِ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَيَرُدُّ مَا بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ لِبَائِعِهِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَةَ، أَوْ الزَّوْجَ.

وَيَرُدُّ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْعِوَضِ لِمُشْتَرِيهِ وَيَمْضِي الْخُلْعُ بِمَا يُقَابِلُ الْعِصْمَةَ مِنْهُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّتْ) الزَّوْجَةُ (لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ) الَّذِي دَفَعَتْهُ لِلزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ عِصْمَتِهَا وَمَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا (مَعَهُ) أَيْ الْبَيْعِ أَيْ مَعَ رَدِّ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ فَتَرُدُّ لِلزَّوْجِ مَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْعَبْدِ، وَمَفْعُولُ رَدَّتْ (نِصْفَهُ) أَيْ الْعَبْدِ مِنْ الزَّوْجِ لِنَفْسِهَا وَيَمْضِي الْخُلْعُ بِنِصْفِهِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مَعَ بَيْنُونَتِهَا، فَلَوْ قَالَ: وَرُدَّ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ بَيْعُ نِصْفِهِ لَكَانَ أَوْضَحَ. وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمَبِيعِ نِصْفَهُ إنْ عَيَّنَا ذَلِكَ وَقْتَ الْخُلْعِ، أَوْ دَفَعَتْهُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالْعِصْمَةِ مَعًا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ لِلْمَعْلُومِ النِّصْفَ، وَلِلْمَجْهُولِ النِّصْفَ، فَإِنْ كَانَا عَيَّنَا قَدْرًا مِنْ الْعَبْدِ لِلْبَيْعِ غَيْرَ النِّصْفِ عُمِلَ بِهِ أَفَادَهُ عب.

الْبُنَانِيُّ: الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا تَرُدُّ نِصْفَ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَهُ، بَلْ تَرُدُّهُ كُلَّهُ وَيَرُدُّ الزَّوْجُ لَهَا نِصْفَ الْعَبْدِ، وَتَمَّ الْخُلْعُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فَلَوْ

ص: 7

وَعُجِّلَ الْمُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِقِيمَتِهِ، وَرُدَّتْ دَرَاهِمُ رَدِيئَةٌ، إلَّا لِشَرْطٍ؛ وَقِيمَةٌ: كَعَبْدٍ اُسْتُحِقَّ.

ــ

[منح الجليل]

قَالَ: وَرُدَّ فِي حَقِّ الْعَبْدِ الْعِوَضُ وَلَهُ نِصْفُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى آبِقٍ، أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى أَنْ زَادَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فُسِخَ مِنْ الْغَرَرِ مَنَابُ الْعَشَرَةِ وَرَدَّتْ لِلزَّوْجِ وَتَمَّ لَهُ مَنَابُ الْعِصْمَةِ مِنْهُ.

(وَ) إنْ خَالَعَتْهُ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ كَإِمْطَارِ السَّمَاءِ وَقُدُومِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْتُ قُدُومِهِ (عُجِّلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا لِلزَّوْجِ الْعَدَدُ الْمُخَالَعُ بِهِ (الْمُؤَجَّلُ بِ) أَجَلٍ (مَجْهُولٍ) فَهُوَ كَقَوْلِهَا، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَيْ مَعْلُومِ الْقَدْرِ لَكِنْ أُجِّلَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ كَانَ حَالًّا كَمَنْ بَاعَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، فَالْقِيمَةُ فِيهِ حَالَّةٌ مَعَ فَوَاتِ السَّلَمَةِ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ بِتَعْجِيلِ عَدَدِهِ تُؤُوِّلَتْ (بِ) تَعْجِيلِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ يَوْمَ الْخُلْعِ عَلَى غَرَرِهِ حَالَّةً. أَحْمَدُ اُنْظُرْ كَيْفَ يُقَوَّمُ مَعَ جَهْلِ أَجَلِهِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَالَ نَفْسَهُ حَلَالٌ، وَالْحَرَامَ تَأْجِيلُهُ بِمَجْهُولٍ فَأُلْغِيَ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ فِي فَاسِدِ الْبَيْعِ الَّذِي فَاتَ.

(وَرُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ (دَرَاهِمُ) مَثَلًا ظَهَرَتْ وَهِيَ (رَدِيئَةٌ) خَالَعَتْهُ بِهَا أَيْ يَرُدُّهَا الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا دَرَاهِمَ جَيِّدَةً إنْ شَاءَ سَوَاءٌ أَرَتْهُ إيَّاهَا حِينَ الْخُلْعِ أَمْ لَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا بِالْإِرَادَةِ وَلَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا كَمَا لَا تَتَعَيَّنُ بِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْهَا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ فَلَا تُرَدُّ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ خُذْهَا دُونَ تَقْلِيبٍ أَوْ لَا أَعْرِفُ هَلْ هِيَ رَدِيئَةٌ، أَوْ جَيِّدَةٌ، وَلَوْ قَالَ وَرُدَّ رَدِيءٌ مُخَالَعٌ بِهِ لَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَغَيْرَهَا.

(وَ) رُدَّ لِلزَّوْجِ مِنْ الزَّوْجَةِ (قِيمَةُ كَعَبْدٍ) وَعَرَضٍ وَحَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ خَالَعَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ زَوْجَهَا وَ (اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، أَيْ نَحْوُ الْعَبْدِ أَيْ رُفِعَ مِلْكُ الزَّوْجِ عَنْهُ بِثُبُوتِ مِلْكِهِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ، أَوْ حُرِّيَّتِهِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْخُلْعُ، وَتَرُدُّ الزَّوْجَةُ لِلزَّوْجِ قِيمَةَ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفَتْحِ يَوْمَ الْخُلْعِ إنْ عَلِمَا مَعًا بِاسْتِحْقَاقِهِ، فَإِنْ عَلِمَا مَعًا بِهِ، أَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِهِ وَحْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَانَتْ، وَإِنْ عَلِمَتْ بِهِ وَحْدَهَا فَلَا خُلْعَ، وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ وَالْمِثْلِيُّ فَتَدْفَعُ لَهُ مِثْلَهُ فِي

ص: 8

وَالْحَرَامُ: كَخَمْرٍ، وَمَغْصُوبٍ، وَإِنْ بَعْضًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ: كَتَأْخِيرِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ، وَخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا، وَتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ

ــ

[منح الجليل]

الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ.

(وَ) رُدَّ (الْحَرَامُ) حُرْمَةً أَصْلِيَّةً الَّذِي خَالَعَتْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا بِهِ (كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ (وَ) شَيْءٍ (مَغْصُوبٍ) وَعَارِضَةٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَأُمِّ وَلَدٍ إنْ كَانَ كُلَّ الْمُخَالَعِ بِهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بَعْضًا) مِنْ الْمُخَالَعِ بِهِ أَيْ حُكِمَ بِفَسْخِهِ شَرْعًا (وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ عِوَضًا عَنْهُ إنْ عَلِمَهُ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ الزَّوْجَةِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا، نَحْوُ الْخَمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا الْمَغْصُوبَ فَعَلَيْهَا مِثْلُهُ، وَإِنْ عَلِمَتْ وَحْدَهَا فَلَا طَلَاقَ فِي نَحْوِ الْخَمْرِ إنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى عَيْنِهِ، وَإِلَّا بَانَتْ، وَعَلَيْهَا مِثْلُهُ مِنْ الْحَلَالِ كَخَلٍّ وَشَاةٍ وَهَلْ يُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ أَوْ يُسَرَّحُ؟ قَوْلَانِ، وَتُرَاقُ الْخَمْرُ، وَهَلْ تُكْسَرُ أَوَانِيهَا وَتُشَقُّ زِقَاقُهَا، أَوْ لَا؟ خِلَافٌ، فَإِنْ تَخَلَّلَتْ فَلِلزَّوْجِ، وَإِنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا مُشِيرًا لِحُرٍّ عَالِمًا حُرِّيَّتَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، فَعُلِمَ أَنَّ " رُدَّتْ " مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ. وَأَنَّ الرَّادَّ لِلدَّرَاهِمِ الزَّوْجُ، وَلِلْقِيمَةِ الزَّوْجَةُ، وَلِلْحَرَامِ الشَّرْعُ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ؛ إذْ الْأَوَّلُ رَدٌّ لِلْمَقْبُوضِ لِأَخْذِ بَدَلِهِ، وَالثَّانِي دَفْعُ الْقِيمَةِ، وَالثَّالِثُ فَسْخُ الْعَقْدِ قَالَهُ " غ ".

وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ (كَتَأْخِيرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (دَيْنًا) لَهَا حَالًّا (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ جَرَّ لَهَا نَفْعًا بِحَلِّ عِصْمَتِهَا وَتَحَصُّلِهَا مِنْ سُوءِ عِشْرَتِهِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَالِّ تَسْلِيفٌ فَيُرَدُّ التَّأْخِيرُ وَتَسْتَحِقُّ دِينَهَا حَالًا وَبَانَتْ مِنْهُ، وَكَذَا تَسْلِيفُهَا لَهُ ابْتِدَاءً وَتَعْجِيلُهَا دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا مُؤَجَّلًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ (وَ) كَخُلْعِهَا عَلَى (خُرُوجِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مِنْ مَسْكَنِهَا) الَّذِي كَانَتْ سَاكِنَةً مَعَهُ فِيهِ وَاعْتِدَادِهَا خَارِجَهُ فَلَا يَجُوزُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ، وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ خَالَعَتْهُ عَلَى أَنَّهَا تَدْفَعُ أُجْرَتَهُ مِنْ مَالِهَا مَعَ سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا فَهُوَ جَائِزٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا فَلَهَا إسْقَاطُهُ.

(وَ) كَخُلْعِهَا بِ (تَعْجِيلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَا) أَيْ دَيْنًا مُؤَجَّلًا عَلَيْهِ لَهَا (لَا يَجِبُ) عَلَيْهَا (قَبُولُهُ) مِنْهُ قَبْلَ حُلُولِ

ص: 9

وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ، أَوْ لَا؟ تَأْوِيلَانِ.

وَبَانَتْ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ نُصَّ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ:

ــ

[منح الجليل]

أَجَلِهِ كَطَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ مِنْ سَلَمٍ فَيَبْطُلُ التَّعْجِيلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ: حُطَّ الضَّمَانَ، وَأَزِيدُكَ؛ إذْ الزَّوْجَةُ حَطَّتْ عَنْهُ ضَمَانَ الدَّيْنِ إلَى الْأَجَلِ وَزَادَهَا عِصْمَتَهَا وَيَبْقَى الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْعِصْمَةِ (وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ الْخُلْعُ بِمَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ فِي الْفَسْخِ الْخُلْعُ بِتَعْجِيلِ مَا لَهَا عَلَيْهِ (إنْ وَجَبَ) عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ كَعَيْنٍ مُطْلَقًا وَطَعَامٍ وَعَرَضٍ مِنْ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَهُ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ نَفَقَةَ عِدَّتِهَا. وَقِيلَ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَاعْتُرِضَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى إسْقَاطِهَا بِطَلَاقِهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ (أَوْ لَا) يَكُونُ الْخُلْعُ بِتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَخُلْعِهَا بِتَعْجِيلِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَبُولُهُ فِي الْمَنْعِ، بَلْ هُوَ جَائِزٌ، وَطَلَاقُهُ رَجْعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى فِي الْجَوَابِ.

(تَأْوِيلَانِ) لِقَوْلِهَا عَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه ": وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَالٌ مُؤَجَّلٌ فَتَخَالَعَا عَلَى تَعْجِيلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ جَازَ الْخُلْعُ وَرُدَّ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ فَمِنْهُ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى إطْلَاقِهَا وَقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ أَوْ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَحَمَلَهَا بَعْضٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَفَصَّلَ فَقَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ، وَاَلَّذِي يَجِبُ قَبُولُهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ لَهَا وَلَا يُرَدُّ إلَى أَجَلِهِ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ وَلَيْسَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى خُلْعِهَا بِلَا مَالٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ.

(وَبَانَتْ) مَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِعِوَضٍ، بَلْ (وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ) حَيْثُ (نُصَّ) بِضَمِّ النُّونِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ لَفْظِ الْخُلْعِ (أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ مَعَ النَّصِّ عَلَى الرَّجْعَةِ بَائِنٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ أَيْ وَبَانَتْ إنْ طَلَّقَهَا بِعِوَضٍ وَلَوْ نُصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ بِأَنْ أَعْطَتْهُ شَيْئًا، وَقَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَخَذَهُ مِنْهَا وَطَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَإِنَّهُ يَقَعُ

ص: 10

كَإِعْطَاءِ مَالٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى نَفْيِهَا:

ــ

[منح الجليل]

بَائِنًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ الْبَيْنُونَةُ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ النَّصِّ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَكَذَا طَلَاقُهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِلَا عِوَضٍ مَعَ النَّصِّ عَلَيْهَا.

وَشَبَّهَ فِي الْبَيْنُونَةِ فَقَالَ (كَ) طَلَاقِهَا رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ وَلَا لَفْظِ خُلْعٍ وَ (إعْطَاءِ مَالٍ) لِلزَّوْجِ (فِي الْعِدَّةِ) مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (عَلَى) شَرْطِ (نَفْيِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ، وَبَانَتْ بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ مِنْ انْقِلَابِ الطَّلْقَةِ الرَّجْعِيَّةِ بَائِنَةً، وَقَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنَّهُ خُلْعٌ فَيَلْزَمُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الرَّجْعَةِ لَازِمٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَاَلَّذِي أَنْشَأَهُ الْآنَ غَيْرُ الطَّلْقَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ ظَاهِرٌ إنْ قَبِلَ بِلَفْظٍ، وَإِنْ قَبِلَ بِغَيْرِهِ فَمُشْكِلٌ بِأَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ اللَّفْظَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى قَبُولِهِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ كَالْحَفْرِ وَالرَّدْمِ الْآتِي أَفَادَهُ عب.

الْبُنَانِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَرْتَجِعَ، وَأَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ فَخَلَعَ بِثَانِيَةٍ اتِّفَاقًا، هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَنَصُّ السَّمَاعِ: سُئِلَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً، ثُمَّ أَعْطَتْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فَفَعَلَ فَقَالَ أَرَاهُ خُلْعًا. قُلْت: أَفَتَرَاهُ تَطْلِيقَةً أُخْرَى مَعَ الْأُولَى الَّتِي طَلَّقَ، قَالَ نَعَمْ أَرَاهُمَا تَطْلِيقَتَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا فَخُلْعٌ يَقَعُ بِهِ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى. وَأَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ لَا يَرْتَجِعَهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ خُلْعٌ أَيْضًا يَقَعُ بِهِ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الْعَشَرَةَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا.

وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ شَاءَ رَاجَعَهَا فَإِنْ رَاجَعَهَا رَدَّ عَلَيْهَا الْعَشَرَةَ أَيْ تَرَكَهَا لَهَا وَلَا يَأْخُذُهَا مِنْهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُتَأَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْعَشَرَةَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اخْتِلَافًا مِنْ الْقَوْلِ. وَقَالَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: وَلَوْ قَالَتْ: خُذْ مِنِّي عَشْرَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَك عَلَيَّ لَكَانَ صُلْحًا بِاتِّفَاقٍ، وَبِذَلِكَ كُلِّهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ أَخْذُهُ مَالًا مِنْهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ فِي كَوْنِهِ خُلْعًا بِالْأُولَى، أَوْ بِالْأُخْرَى. ثَالِثُهَا إنْ ارْتَجَعَ

ص: 11

كَبَيْعِهَا، أَوْ تَزْوِيجِهَا. وَالْمُخْتَارُ: نَفْيُ اللُّزُومِ فِيهِمَا، وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ؛ إلَّا لِإِيلَاءٍ وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ؛

ــ

[منح الجليل]

رَدَّ الْمَالَ الْأَوَّلَ. اهـ. فَقَدْ حُكِيَ الْخِلَافُ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ. وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ خُلْعٌ وَيَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ، وَقَدْ رَأَيْت لِابْنِ يُونُسَ مِثْلَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَعَلَّهُمَا طَرِيقَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَشَبَّهَ فِي الْبَيْنُونَةِ أَيْضًا فَقَالَ (كَبَيْعِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إذَا بَاعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِمَسْغَبَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ (أَوْ تَزْوِيجِهَا) كَذَلِكَ أَيْ إذَا زَوَّجَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ، وَكَذَا بَيْعُهَا وَتَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ إذَا لَمْ يَكُنْ هَازِلًا فِيهِمَا، وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِهَا وَلَا مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِهَا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ مَخَافَةَ بَيْعِهَا، أَوْ تَزْوِيجِهَا ثَانِيَةً، قَالَهُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " فِي الْبَيْعِ وَقِيسَ عَلَيْهِ التَّزْوِيجُ الْمُتَيْطِيُّ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ بَاعَ امْرَأَتَهُ، أَوْ زَوَّجَهَا هَازِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَحْلِفُ فِي التَّزْوِيجِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا، وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ. أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ زُوِّجَتْ، أَوْ بِيعَتْ بِحَضْرَتِهِ فَأَنْكَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ (نَفْيُ) أَيْ عَدَمُ (اللُّزُومِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ الزَّوْجَ (فِيهِمَا) أَيْ بَيْعِ الزَّوْجَةِ وَتَزْوِيجِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَ) بَانَتْ بِكُلِّ (طَلَاقٍ حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْقَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْحَاكِمُ بِكَعَيْبٍ، أَوْ نُشُوزٍ، أَوْ إضْرَارٍ، أَوْ فَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ، أَوْ كَمَالِ عِتْقٍ، فَإِنْ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ مُخْتَارًا وَتَنَازَعَا فِي صِحَّتِهِ، أَوْ لُزُومِهِ فَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ كَوْنِهِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا (إلَّا) الطَّلَاقَ الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ (لِإِيلَاءٍ) أَيْ حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ رِقٌّ فَرَجْعِيٌّ.

(وَ) إلَّا الطَّلَاقَ الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ لِ (عُسْرٍ) مِنْ الزَّوْجِ (بِنَفَقَةٍ) لِلزَّوْجَةِ فَرَجْعِيٌّ وَالْأَوْلَى: وَعَدَمِ نَفَقَةٍ لِيَشْمَلَ صَرِيحًا عَدَمَهَا لِغَيْبَةِ الزَّوْجِ مُوسِرًا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَا مَالَ لَهُ

ص: 12

لَا إنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ بِلَا عِوَضٍ، أَوْ طَلَّقَ، أَوْ صَالَحَ وَأَعْطَى. وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُلْعَ؟

ــ

[منح الجليل]

بِبَلَدِهَا وَلَمْ تَجِدْ مَنْ يُسْلِفُهَا إلَى قُدُومِهِ فَطَلَّقَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا.

(لَا) تَبِينُ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا (إنْ) طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَ (شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نَفْيُ) أَيْ عَدَمُ (الرَّجْعَةِ) حَالَ كَوْنِ شَرْطِهَا (بِلَا عِوَضٍ) سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهَا، أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا، أَوْ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَكِ فَرَجَّحَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَأَفْتَى جَدُّ عج بِهِ، قَالَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَقِيلَ بَائِنَةٌ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ (أَوْ طَلَّقَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَعْطَاهَا مَالًا فَرَجْعِيٌّ (أَوْ صَالَحَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى مَالٍ لَهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِهِ، أَوْ أَنْكَرَهُ (وَأَعْطَى) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مَالًا وَطَلَّقَهَا فَرَجْعِيٌّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

ابْنُ عَاشِرٍ لَمْ أَرَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا فِي غَيْرِهِ مَا قَرَّرَهُ بِهِ تت مِنْ أَنَّهُ صَالَحَ عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ بِبَعْضِهِ، بَلْ الَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنْ صَالَحَهَا عَلَى عَطِيَّةٍ مِنْهُ لَهَا جَهْلًا وَظَنَّ أَنَّهُ وَجْهُ الصُّلْحِ، فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهَا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هُوَ خُلْعٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ، وَحَمَلَ الْحَطُّ الْمُصَنِّفَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ.

(وَهَلْ) يَكُونُ رَجْعِيًّا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ قَصْدِ الْخُلْعِ (أَوْ) هُوَ رَجْعِيٌّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ) الزَّوْجُ (الْخُلْعَ) فَبَائِنٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لَهَا عَلَيْهِ؟ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَلَيْسَ مَعْنَى قَصْدِ الْخُلْعِ إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، بَلْ مَعْنَاهُ جَرَيَانُ ذِكْرِهِ بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَوْ قَصَدَ بِاللَّفْظِ لَمْ يَكُنْ نِزَاعٌ فِي أَنَّهُ بَائِنٌ قَالَهُ أَحْمَدُ، وَهُمَا فِيمَا إذَا صَالَحَ وَأَعْطَى. وَأَمَّا إذَا طَلَّقَ وَأَعْطَى فَرَجْعِيٌّ اتِّفَاقًا، ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَفِيهَا فِيمَنْ طَلَّقَ، وَأَعْطَى أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ: رَجْعِيَّةٌ ضَيْح؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى لِزَوْجَتِهِ الْمُتْعَةَ.

قَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " أَنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَقَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا ذَلِكَ فَلَهُ الرَّجْعَةُ. وَتَأَوَّلَ

ص: 13

تَأْوِيلَانِ، وَمُوجِبُهُ: زَوْجٌ مُكَلَّفٌ وَلَوْ سَفِيهًا،، أَوْ وَلِيَّ صَغِيرٍ: أَبًا، أَوْ سَيِّدًا، أَوْ غَيْرَهُمَا؛

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ الْكَاتِبِ الْقَوْلَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْبَيْنُونَةِ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُوَطَّإِ ابْنِ وَهْبٍ وَالْأَسَدِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ صَالَحَ وَأَعْطَى، لَا فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى، قَالَ فِي النُّكَتِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَالنَّقْلُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَا خِلَافَ فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى أَنَّهُ لَهُ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّهُ وَهَبَ لَهَا هِبَةً وَطَلَّقَهَا وَلَيْسَتْ مِنْ الْخُلْعِ فِي شَيْءٍ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ صَحَّحُوا الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ مَسَائِلَ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ إذَا طَلَّقَ وَأَعْطَى، وَإِذَا صَالَحَ وَأَعْطَى، وَإِذَا طَلَّقَ طَلَاقَ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَحَلَّهُمَا فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى لَا فِيمَنْ صَالَحَ وَأَعْطَى؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ وَاعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِ، قَالَ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى إنْ جَرَى الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ فَهِيَ بَائِنَةٌ، وَإِلَّا فَرَجْعِيَّةٌ. اهـ. هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَمُوجِبُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مَوْقِعُ طَلَاقِ الْخُلْعِ بِعِوَضٍ وَمُثْبِتُهُ (زَوْجٌ) أَوْ نَائِبُهُ مِنْ وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ (مُكَلَّفٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مُلْزَمٌ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ أَيْ مَصِيرُهُ وَاجِبًا عَلَى مُلْتَزِمِهِ زَوْجَةً وَغَيْرَهَا فَلَا يَجِبُ بِطَلَاقِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ إنْ كَانَ الْمُكَلَّفُ رَشِيدًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (سَفِيهًا) ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِلَا عِوَضٍ فِيهِ أَوْلَى. اللَّخْمِيُّ وَيُكَمَّلُ لَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ إنْ خَالَعَ بِدُونِهِ. ضَيْح: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْمُخَالِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَثَّقِينَ كَابْنِ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ بَرَاءَةُ الْمُخَالِعِ بِدَفْعِ الْخُلْعِ لَهُ. قُلْت؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِ مُتَمَوَّلٍ يَسْتَقِلُّ السَّفِيهُ بِهِ فَهُوَ كَهِبَةٍ، وَالْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ أَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ " اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ خُلْعِ السَّفِيهِ " لَا أَعْرِفُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ لِتَكْمِيلِ خُلْعِ الْمِثْلِ.

(أَوْ) مُوجِبُهُ (وَلِيُّ) زَوْجٍ (صَغِيرٍ) وَمَجْنُونٍ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ (أَبًا، أَوْ سَيِّدًا، أَوْ غَيْرَهُمَا) مِنْ وَصِيٍّ، وَحَاكِمٍ، وَمُقَدَّمِهِ إذَا كَانَ خُلْعُ مَنْ ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ

ص: 14

لَا أَبَ سَفِيهٍ، وَسَيِّدَ بَالِغٍ.

وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضِ وَوَرِثَتْهُ دُونَهَا كَمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ فِيهِ، وَمُولًى مِنْهَا،

ــ

[منح الجليل]

لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ عِوَضٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَحَكَى عَلَيْهِ الرَّجْرَاجِيُّ الِاتِّفَاقَ وَيَرُدُّهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُطَلَّقَ عَلَى السَّفِيهِ الْبَالِغِ وَالصَّغِيرِ دُونَ شَيْءٍ يُؤْخَذُ لَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَقَاءُ عِصْمَتِهِ فَسَادَ الْأَمْرِ، جَهِلَ قَبْلَ نِكَاحِهِ، أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ مِنْ كَوْنِ زَوْجَتِهِ غَيْرَ مَحْمُودَةِ الطَّرِيقِ. اهـ. وَوَلِيُّ الْمَجْنُونِ: الْحَاكِمُ، أَوْ مُقَدَّمُهُ إنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ، وَالْأَبُ، ثُمَّ وَصِيُّهُ إنْ جُنَّ قَبْلَهُ وَاتَّصَلَ.

(لَا أَبُ) زَوْجٍ (سَفِيهٍ) أَيْ بَالِغٍ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (وَ) لَا (سَيِّدُ) عَبْدٍ (بَالِغٍ) فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا عَنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَلَوْ جَبَرَاهُمَا عَلَى النِّكَاحِ.

(وَنَفَذَ) أَيْ مَضَى وَلَزِمَ (خُلْعُ) الزَّوْجِ (الْمَرِيضِ) مَرَضًا مَخُوفًا، وَلَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ لِوَارِثٍ وَلَوْ كَافِرَةً، أَوْ أَمَةً لِاحْتِمَالِ إسْلَامِ الْأُولَى وَتَحَرُّرِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَجُوزُ طَلَاقُ الْمَرِيضِ مَرَضًا غَيْرَ مَخُوفٍ وَلَوْ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ (وَ) إنْ مَاتَ الْمَرِيضُ بِمَرَضِهِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (وَرِثَتْهُ) أَيْ الْمَرِيضَ زَوْجَتُهُ الَّتِي طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ حَتَّى مِمَّا خَالَعَتْهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ (دُونَهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ فِي مَرَضِ الزَّوْجِ الْمَخُوفِ فَلَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ مَرَضًا مَخُوفًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَ نَفْسَهُ وَأَسْقَطَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ كَانَتْ بِيَدِهِ.

وَشَبَّهَ فِي إرْثِهَا دُونَهُ فَقَالَ (كَ) زَوْجَةٍ (مُخَيَّرَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا فِي الْبَقَاءِ فِي عِصْمَتِهِ وَفِرَاقِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، أَوْ مَرِيضٌ فَاخْتَارَتْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فِرَاقَهُ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (وَ) زَوْجَةٍ (مُمَلَّكَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا، أَيْ مَلَّكَهَا زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا (فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ فَتَرِثُهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (وَ) زَوْجَةٍ (مُولًى مِنْهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ حَلَفَ زَوْجُهَا عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ، أَوْ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ فَضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ

ص: 15

وَمُلَاعَنَةٍ، أَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ، أَوْ أَسْلَمَتْ، أَوْ عَتَقَتْ، أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا، وَإِنْ فِي عِصْمَةٍ. وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ بِصِحَّةٍ بَيِّنَةٍ.

وَلَوْ صَحَّ، ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا ثَانِيَةً: لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ.

ــ

[منح الجليل]

شَهْرَيْنِ، وَتَمَّ وَلَمْ يَفِ وَلَا وَعَدَ بِهَا فَطُلِّقَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَتَرِثُهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا.

(أَوْ) زَوْجَةٍ (مُلَاعَنَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، أَوْ كَسْرِهَا أَيْ لَاعَنَهَا زَوْجُهَا لِقَذْفِهَا بِنَفْيِ حَمْلِهَا عَنْهُ، أَوْ بِالزِّنَا وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضًا مَخُوفًا، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (أَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ (وَأَحْنَثَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا (فِيهِ) أَيْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (أَوْ) تَزَوَّجَ فِي صِحَّتِهِ كِتَابِيَّةً، أَوْ أَمَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَوْ بَائِنًا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ، ثُمَّ (أَسْلَمَتْ) الْكِتَابِيَّةُ (أَوْ عَتَقَتْ) الْأَمَةُ فِي مَرَضِهِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (أَوْ) طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا وَ (تَزَوَّجَتْ) زَوْجًا (غَيْرَهُ) فَإِنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا. الْبُنَانِيُّ: وَالْأَوْلَى وَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مُبَايِنًا لِلْخُلْعِ فِي الْمَرَضِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ.

(وَوَرِثَتْ) الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ (أَزْوَاجًا) تَزَوَّجَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ فِي صِحَّتِهِ وَطَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (فِي عِصْمَةٍ) لِزَوْجٍ حَيٍّ (وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ) إرْثُ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، أَوْ بَائِنًا (بِ) حُصُولِ (صِحَّةٍ) لِلزَّوْجِ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (بَيِّنَةٍ) أَيْ ظَاهِرَةٍ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.

(وَلَوْ) طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ، ثُمَّ (صَحَّ) مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا (ثُمَّ مَرِضَ) مَرَضًا مَخُوفًا (فَطَلَّقَهَا) فِي هَذَا الْمَرَضِ الثَّانِي، ثُمَّ مَاتَ مِنْهُ (لَمْ تَرِثْ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَمُوتَ (فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ) الرَّجْعِيِّ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي مَرَضِهِ الْأَوَّلِ.

ص: 16

وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ: كَإِنْشَائِهِ. وَالْعِدَّةُ: مِنْ الْإِقْرَارِ

ــ

[منح الجليل]

وَكَذَا إذَا طَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ رَجْعِيًّا، ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا وَطَلَّقَهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ إلَّا فِي الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ لَا عِدَّةَ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي. وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهَا قَدْ انْقَطَعَ بِصِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ قَبْلَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ يُوهِمُ أَنَّ ثَمَّ عِدَّةً أُخْرَى. وَمَفْهُومُ " ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا " أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ، وَفِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ الْأَوَّلِ يَنْقَطِعُ إرْثُهَا مِنْهُ إنْ كَانَ الثَّانِي بَائِنًا، وَلَوْ مَاتَ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَكَمَنْ طَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ رَجْعِيًّا.

(وَالْإِقْرَارُ) مِنْ الزَّوْجِ (بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ فِي الصِّحَّةِ (فِيهِ) أَيْ الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضًا مَخُوفًا طَلَّقْتُهَا وَأَنَا صَحِيحٌ قَبْلَ مَرَضِي هَذَا (كَإِنْشَائِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ فِي أَنَّهَا تَرِثُهُ دُونَهَا وَلَا يَقْطَعُ إرْثَهَا إلَّا صِحَّتُهُ الْبَيِّنَةُ لِاتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ لِيُخْرِجَهَا مِنْ الْإِرْثِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ وَلَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ وَرِثَهَا، وَإِلَّا فَلَا (وَالْعِدَّةُ) لِلطَّلَاقِ الَّذِي أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ السَّابِقَةِ ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ) يَوْمِ (الْإِقْرَارِ) بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ يَقْتَضِي انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا لِاتِّهَامِهِ فِيهِ، وَالْعِدَّةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْقِطُهَا كُلَّهَا وَلَا بَعْضَهَا إقْرَارُهُ.

وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ " إقْرَارُهُ " أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ بِهَا، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَتْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَحَاضَتْ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ، قَالَ عِدَّتُهَا مِنْ الطَّلَاقِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَرِيضُ الطَّلَاقَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَمِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ،، وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَمِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَمَفْهُومٌ فِيهِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ إذْ الْعِدَّةُ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ أَيْضًا إلَّا لِبَيِّنَةٍ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا فِي بَابِ الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَيْ الصَّحِيحُ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يَرِثْهَا أَنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا، أَيْ الْعِدَّةِ الْمُبْتَدَأَةِ مِنْ إقْرَارِهِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ اهـ.

ص: 17

وَلَوْ شُهِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقٍ فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ.

وَإِنْ أَشْهَدَ بِهِ فِي سَفَرٍ، ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فُرِّقَ

ــ

[منح الجليل]

فَإِنْ تَمَّتْ، ثُمَّ مَاتَ فَلَا تَرِثُهُ، وَهَذَا مَحَلُّ افْتِرَاقِ إقْرَارِ الصَّحِيحِ مِنْ إقْرَارِ الْمَرِيضِ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ هُنَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَرِثُ الْمَرِيضَ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَصِحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً. وَقَوْلُهُ تَشْهَدُ لَهُ، وَكَذَا عَلَيْهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُنْكِرٌ، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَهُوَ إقْرَارُهُ بِهِ صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا، وَإِنْكَارُهُ إيَّاهُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، أَوْ لَهُ. وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ الصَّحِيحُ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ.

(وَلَوْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى زَوْجٍ (بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ) الْبَائِنِ، أَوْ الرَّجْعِيِّ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِحَسَبِ تَارِيخِهِمْ وَمَاتَ وَهُوَ مُعَاشِرٌ لَهَا مُعَاشَرَةَ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ، وَكَانَ تَأْخِيرُهُمْ رَفْعَ الشَّهَادَةِ لِلْحَاكِمِ لِعُذْرٍ كَغَيْبَتِهِمْ (فَ) حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ (الطَّلَاقِ) الْوَاقِعِ مِنْ الزَّوْجِ (فِي الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ لَهُ مِنْ أَنَّهَا تَرِثُهُ أَبَدًا وَتَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ وَفَاتِهِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا عِدَّةَ وَفَاةٍ لِأَنَّ مَوْتَهُ نَقَلَهَا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا، وَعِدَّةَ طَلَاقٍ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمَشْهُودُ بِهِ بَائِنًا.

وَقَالَ عج ظَاهِرُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَوْ كَانَ بَائِنًا لِاحْتِمَالِ طَعْنِهِ فِي الشَّهَادَةِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَبِهَذَا يُوَجَّهُ إرْثُهَا إيَّاهُ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ حَيْثُ أَسْنَدَتْهُ لَهَا، وَبِأَنَّ مُعَاشَرَتَهُ إيَّاهَا لِمَوْتِهِ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ تَكْذِيبِهِ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ لَمْ تُعْذَرْ الْبَيِّنَةُ فِي تَأْخِيرِ الرَّفْعِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهَا وَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ. وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى زَوْجِ مَيِّتَةٍ بِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا وَعَجَزَ عَنْ تَجْرِيحِهَا فَلَا يَرِثُهَا.

(وَإِنْ أَشْهَدَ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ، أَوْ الْإِقْرَارِ بِهِ ثَلَاثًا، أَوْ بَائِنًا دُونَهَا، وَصِلَةُ " أَشْهَدَ "(فِي سَفَرٍ) مَثَلًا أَيْ، أَوْ حَضَرٍ (ثُمَّ قَدِمَ) الزَّوْجُ مِنْ السَّفَرِ (وَوَطِئَ) الزَّوْجَةَ الَّتِي أَشْهَدَ بِطَلَاقِهَا أَيْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ (وَأَنْكَرَ) الزَّوْجُ (الشَّهَادَةَ) أَيْ الْإِشْهَادَ وَكَذَّبَ الْبَيِّنَةَ فِيهِ (فُرِّقَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الَّتِي أَشْهَدَ

ص: 18

وَلَا حَدَّ.

وَلَوْ أَبَانَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صِحَّتِهِ فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ.

وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ وَهَلْ يُرَدُّ، أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا

ــ

[منح الجليل]

بِطَلَاقِهَا، أَوْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ، وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ حَدِّهِ مَعَ الْحُكْمِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ. وَأَجَابَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ كَانَ كَمَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَالْأَبْهَرِيُّ بِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمٍ لِزَوْجَتِهِ إلَى الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ بِدَلِيلِ اعْتِدَادِهَا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ وَالْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ كَمَنْ أَقَرَّ بِزِنًا وَرَجَعَ عَنْهُ، وَبِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ الْإِشْهَادَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا بَلَغَهَا مَوْتُ زَوْجِهَا الْغَائِبِ فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا وَقَدْ حَلَّتْ اهـ.

(وَلَوْ أَبَانَهَا) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ الَّتِي أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ (قَبْلَ صِحَّتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي أَبَانَهَا فِيهِ (فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ فِي الْفَسَادِ وَاسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ قَبْلُ وَبَعْدُ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَيُعَجَّلُ فَسْخُهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً، وَلَكِنْ لَهَا مِيرَاثُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ.

فَإِنْ قُلْتَ: عِلَّةُ مَنْعِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ إدْخَالُ وَارِثٍ وَقَدْ انْتَفَتْ هُنَا؛ لِأَنَّهَا تَرِثُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا. قُلْتُ: بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا اُحْتُمِلَ انْقِطَاعُ إرْثِهَا بِصِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ، وَلَمَّا تَزَوَّجَهَا صَارَتْ تَرِثُهُ وَلَوْ صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً فَقَدْ نَقَلَهَا مِنْ إرْثٍ مُعَرَّضٍ لِلِانْقِطَاعِ لِإِرْثٍ لَا يَنْقَطِعُ.

(وَلَمْ يَجُزْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْجِيمِ أَيْ يَحْرُمُ (خُلْعُ) الزَّوْجَةِ (الْمَرِيضَةِ) مَرَضًا مَخُوفًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجُ وَارِثٍ، وَعَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَإِنْ وَقَعَ لَزِمَ الطَّلَاقُ وَانْتَفَى التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي عِدَّتِهَا اتِّفَاقًا.

(وَهَلْ يُرَدُّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْخُلْعُ أَيْ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ كُلُّهُ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا. وَظَاهِرٌ وَلَوْ صَحَّتْ صِحَّةً بَيِّنَةً وَهَذَا تَأْوِيلُ الْخِلَافِ (أَوْ) الَّذِي يُرَدُّ (الْمُجَاوِزُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ آخِرَهُ زَايٌ أَيْ الزَّائِدُ (لِإِرْثِهِ) أَيْ الزَّوْجِ أَنْ لَوْ كَانَ وَارِثًا (يَوْمَ مَوْتِهَا) صِلَةُ

ص: 19

وَوُقِفَ إلَيْهِ؟ تَأْوِيلَانِ.

وَإِنْ نَقَصَ وَكِيلُهُ عَنْ مُسَمَّاهُ: لَمْ يَلْزَمْ، أَوْ أَطْلَقَ لَهُ، أَوْ لَهَا حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ،

ــ

[منح الجليل]

الْمُجَاوِزِ " (وَ) إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ يَوْمَ مَوْتِهَا (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ (إلَيْهِ) أَيْ يَوْمِ مَوْتِهَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا. وَأَمَّا عَلَى مِثْلِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَأَقَلَّ فَجَائِزٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ. عِيَاضٌ فِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَفْسِيرًا، أَوْ اخْتِلَافًا قَوْلَانِ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ.

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيُوقَفُ الْمَالُ حَتَّى تَصِحَّ أَوْ تَمُوتَ، فَقَوْلُهُ وَهَلْ يُرَدُّ أَيْ الْمُخَالَعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا، وَإِنْ صَحَّتْ مِنْ مَرَضِهَا هُوَ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ لِلْأَقَلِّ، وَقَوْلُهُ، أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ إلَخْ، هُوَ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَبَرُ فِي قَدْرِ الْمِيرَاثِ يَوْمُ الْخُلْعِ فَيَتَعَجَّلُ الزَّوْجُ الْخُلْعَ إنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ، أَوْ يُعْتَبَرُ يَوْمُ مَوْتِهَا فَيُوقَفُ الْمُخَالَعُ بِهِ كُلُّهُ إلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، فَقَالَ ابْن رُشْدٌ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ وَلَا إرْثَ بِحَالٍ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ مِنْهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ وَيَرُدُّ الزَّائِدَ، وَإِنْ صَحَّتْ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ مَا خَالَعَ بِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ هُمَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(وَإِنْ) وَكَّلَ الزَّوْجُ مَنْ يُخَالِعُ لَهُ زَوْجَتَهُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ فَ (نَقَصَ وَكِيلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى الْخُلْعِ (عَنْ مُسَمَّاهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ السِّينِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الزَّوْجُ لِلْوَكِيلِ بِأَنْ خَالَعَهَا بِأَقَلَّ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ (لَمْ يَلْزَمْ) الزَّوْجَ طَلَاقٌ، وَزَوْجَتُهُ بَاقِيَةٌ عَلَى عِصْمَتِهِ إلَّا أَنْ تُتِمَّ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَكِيلُ الْمُسَمَّى، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الِامْتِنَاعُ عَنْ قَبُولِ إتْمَامِ الْوَكِيلِ؛ إذْ لَا تَلْحَقُهُ بِهِ مِنَّةٌ (أَوْ أَطْلَقَ) الزَّوْجُ (لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْخُلْعِ (أَوْ) أَطْلَقَ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ (حَلَفَ) الزَّوْجُ (أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ إلَّا أَنْ تُتِمَّهُ الزَّوْجَةُ، أَوْ الْوَكِيلُ إنْ

ص: 20

وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا، فَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ، وَرَدُّ الْمَالِ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ، وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ

ــ

[منح الجليل]

لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا، وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ، أَوْ إنْ دَعَوْتِنِي إلَى الصُّلْحِ بِالتَّعْرِيفِ، فَإِنْ كَانَ قَالَ إلَى صُلْحٍ بِالتَّنْكِيرِ، أَوْ إنْ خَالَعْتِنِي عَلَى مَالٍ لَزِمَهُ مَا دَفَعَتْهُ لَهُ وَلَوْ تَافِهًا.

(وَإِنْ) وَكَّلَتْ مَنْ يُخَالِعُ لَهَا زَوْجَهَا وَبَيَّنَتْ قَدْرًا مَعْلُومًا كَعَشَرَةٍ، أَوْ أَطْلَقَتْ فَ (زَادَ وَكِيلُهَا) عَلَى مَا سَمَّتْهُ لَهُ، أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَتْ (فَعَلَيْهِ) أَيْ وَكِيلِهَا (الزِّيَادَةُ) عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ خُلْعِ الْمِثْلِ، وَلَزِمَ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا مَا سَمَّتْ، أَوْ خُلْعُ الْمِثْلِ، وَسَوَاءٌ أَضَافَ الْمُخَالَعَةَ لَهَا، أَوْ لَهُ، أَوْ لَمْ يُضِفْهَا. وَإِنْ أَطْلَقَتْ حَلَفَتْ عَلَى إرَادَتِهَا خُلْعَ الْمِثْلِ.

(وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (الْمَالُ) الْمُخَالَعُ بِهِ لِلزَّوْجَةِ وَسَقَطَ عَنْهَا مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا، أَوْ نَفَقَةِ حَمْلٍ، أَوْ إسْقَاطِ حَضَانَةٍ (بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ) بِلَا يَمِينٍ وَأَوْلَى بِشَهَادَةِ قَطْعٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ بِيَمِينٍ وَصَوَّبَ (عَلَى الضَّرَرِ) مِنْ الزَّوْجِ لَهَا الَّذِي لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ وَلَزِمَتْ الْبَيْنُونَةُ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمْ إنْ كَانُوا مُجَاوِرِينَ لِلزَّوْجَيْنِ. عج إنْ كَانَ مُلْتَزِمُ الْمَالِ غَيْرَهَا فَإِنْ قَصَدَ فِدَاءَهَا مِنْ ضَرَرِهِ رُدَّ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا (وَ) رُدَّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ لَهَا (بِيَمِينِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ (مَعَ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) وَاحِدٍ قَاطِعٍ بِضَرَرِهِ لَهَا بِضَرْبٍ، أَوْ دَوَامِ شَتْمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ أَخْذِ مَالٍ، أَوْ مُشَارَرَةٍ، أَوْ إيثَارِ ضَرَّةٍ عَلَيْهَا فِي مَبِيتٍ لَا يُبْغِضُهُ لَهَا، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ (أَوْ) بِيَمِينِهَا مَعَ شَهَادَةِ (امْرَأَتَيْنِ) قَاطِعَتَيْنِ بِالضَّرَرِ وَعُمِلَ فِيهِ بِشَاهِدٍ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ آلَ لِلْمَالِ وَمِثْلُهُ خُلْعُهَا بِإِسْقَاطِ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ لِثُبُوتِهِ فِي الْجَرْحِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.

فَإِنْ لَمْ يُؤَوَّلْ لِلْمَالِ كَخُلْعِهَا بِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا فَلَا يَسْقُطُ الْتِزَامُهَا بِشَاهِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ مَعَ يَمِينٍ عَلَى الضَّرَرِ فَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ، أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ بِالسَّمَاعِ فَقَوْلَانِ فِي الشَّامِلِ وَالْحَطِّ، وَلَيْسَ مِنْ الضَّرَرِ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، أَوْ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَأَدَّبَهَا، وَإِنْ شَاءَ خَالَعَهَا وَيَتِمُّ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ مُضَارَرَتُهَا إنْ عَلِمَ زِنَاهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ

ص: 21

وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ

ــ

[منح الجليل]

مِنْهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَيُنْدَبُ لَهُ فِرَاقُهَا، وَإِنْ ضَارَرَهَا حَتَّى افْتَدَتْ مِنْهُ بِمَالٍ فَلَا يَتِمُّ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَشْتُمَهُ، أَوْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ.

(وَ) مَنْ ضَارِرْهَا زَوْجُهَا ضَرَرًا لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ إثْبَاتِهِ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَأَرَادَتْ مُخَالَعَتَهُ وَأَشْهَدَتْ بَيِّنَةً بِضَرَرِ زَوْجِهَا لَهَا وَأَنَّهَا تُخَالِعُهُ وَتُسْقِطُ حَقَّهَا فِي الضَّرَرِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مُلْتَزِمَةٍ لِهَذَا الْإِسْقَاطِ، وَإِنَّمَا تَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى خَلَاصِهَا مِنْهُ وَتَمَكُّنِهَا مِنْ إثْبَاتِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ خَالَعَتْهُ مُعْتَرِفَةً بِالطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ، وَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِيهِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَرْعَتْهَا أَيْ أَشْهَدَتْهَا سِرًّا بِمَا تَقَدَّمَ فَ (لَا يَضُرُّهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ؛ إذْ عَقِبَهَا أَلِفٌ وَكُتِبَتْ بِصُورَةِ الْيَاءِ لِتَجَاوُزِهَا خَمْسَةَ أَحْرُفٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ حَاكِيًا لَهُ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ضَرَرَهَا يَحْمِلُهَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّوْعِ.

الْبُنَانِيُّ مَعْنَى الِاسْتِرْعَاءِ إشْهَادُهَا قَبْلَ الْخُلْعِ أَنَّهَا مَتَى افْتَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ فَلَيْسَ طَوْعًا مِنْهَا وَلَا الْتِزَامًا، وَإِنَّمَا يَحْمِلُهَا عَلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَالرَّغْبَةُ فِي الرَّاحَةِ مِنْ ضَرَرِهِ بِهَا، وَأَنَّهَا مَتَى حَصَلَتْ لَهَا النَّجَاةُ مِنْهُ تَرْجِعُ عَلَيْهِ قَالَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ، وَهُنَا ثَلَاثُ صُوَرٍ صَرَّحَ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَنَصُّهُ: وَإِنْ اعْتَرَفَتْ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ بِالطَّوْعِ وَكَانَتْ اسْتَرْعَتْ فَلَهَا الرُّجُوعُ بِاتِّفَاقٍ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَسْتَرْعِ فَقَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ بِهَا. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلِمَتْهَا فَفِيهِ نَظَرٌ.

وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَلَا يَضُرُّهَا أَيْضًا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَهُوَ أَصْوَبُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ بِهَا يَحْمِلُهَا عَلَى أَنْ تَعْتَرِفَ بِالطَّوْعِ. وَمَنْ اُبْتُلِيَ بِالْأَحْكَامِ يَكَادُ يَقْطَعُ بِذَلِكَ. اهـ. وَالْأَوْلَى بِحَقِيقَةِ الِاسْتِرْعَاءِ حَمْلُهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ الْإِسْقَاطُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رَاشِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَوْ كَتَبَ فِي الْوَثِيقَةِ طَائِعَةً غَيْرَ مُشْتَكِيَةٍ ضَرَرًا وَأَسْقَطَتْ الِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ إلَى أَبْعَدِ غَايَتِهِ وَأَقْصَى حُدُودِهِ وَنِهَايَتِهِ فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ حَقَّهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ لَوْ لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ لَمَا

ص: 22

وَبِكَوْنِهَا بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا، أَوْ لِكَوْنِهِ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ، أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ.

أَوْ قَالَ: إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا،.

ــ

[منح الجليل]

تَخَلَّصْتُ مِنْهُ. عج يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ كُلَّ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِمَا يُنَافِي مَا أَقَرَّتْ بِهِ مِنْ الطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ " الْمُسْتَرْعِيَةِ " هُوَ فِي النُّسَخِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ، وَقَاعِدَةُ الْخَطِّ أَنَّ الْأَلِفَ الْمُتَجَاوِزَةَ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ وَلَيْسَ قَبْلَهَا يَاءٌ تُرْسَمُ يَاءً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ وَاوٍ، أَوْ يَاءٍ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَتُقْرَأُ أَلِفًا وَقِرَاءَتُهَا يَاءً لَحْنٌ فَاحِشٌ قَالَهُ اللَّقَانِيُّ.

(وَ) رُدَّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ (بَ) تَبَيُّنِ (كَوْنِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُخَالَعَةِ (بَائِنًا) مِنْ مُخَالِعِهَا وَقْتَ خُلْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا (لَا) يُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ إنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْخُلْعِ أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً) لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مَمْلُوكَةُ الْعِصْمَةِ فَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ (أَوْ لِكَوْنِهِ) أَيْ النِّكَاحِ فَاسِدًا مَعًا عَلَى فَسَادِهِ (يُفْسَخُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (بِلَا طَلَاقٍ) كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ وَمَحْرَمٍ مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ صِهْرٍ فَيُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ لِعَدَمِ مُصَادَفَةِ خُلْعِهِ مَحَلًّا. وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا يُوجِبُ ظُهُورُهُ رَدَّ الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلًّا عِنْدَ الْقَائِلِ بِصِحَّتِهِ وَخُلْعُ الْمُمَلَّكَةِ صَحِيحٌ وَهُوَ رَدٌّ لِتَمْلِيكِهَا وَلَا تُعْذَرُ بِجَهْلِهَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(أَوْ لِ) ظُهُورِ (عَيْبِ خِيَارٍ بِهِ) أَيْ الزَّوْجِ كَعُنَّتِهِ وَاعْتِرَاضِهِ وَخِصَائِهِ وَجَبِّهِ وَجُنُونِهِ وَجُذَامِهِ وَبَرَصِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ، فَلَهَا الرُّجُوعُ بِالْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَوْ طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَا، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ فَكَالْعَدَمِ اهـ ضَعِيفٌ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِ خِيَارٍ بِهَا فَقَطْ. الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ رَاجِعْ مَا كَتَبْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُ عَيْبِهِ عَيْبُهُمَا.

(أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) ، أَوْ اثْنَتَيْنِ وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدَةً وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ خَالَعَهَا بِمَالٍ فَيَرُدُّهُ لَهَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْخُلْعِ مَحَلًّا لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ مَعَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ

ص: 23

لَا إنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا، وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ.

وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ،

ــ

[منح الجليل]

أَشْهَبُ: لَا يَرُدُّ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَهُ فِي الصُّلْحِ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ صَالَحْتُكِ فَصَالَحَهَا إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْمُصَالَحَةِ الَّتِي جَعَلَهَا شَرْطًا لِوُقُوعِهِ، فَالْمُصَالَحَةُ هِيَ السَّابِقَةُ لِلطَّلَاقِ؛ إذْ لَا يَكُونُ الْمَشْرُوطُ إلَّا تَبَعًا لِلشَّرْطِ. فَإِذَا سَبَقَتْ الْمُصَالَحَةُ الطَّلَاقَ صَحَّتْ وَمَضَتْ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا. وَبَطَلَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً كَانَ، أَوْ ثَلَاثًا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الصُّلْحِ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ.

وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ عِيسَى أَنَّهُ جَعَلَ الطَّلَاقَ سَابِقًا لِلْمُصَالَحَةِ، وَهَذَا مُنَكَّسٌ مِنْ قَوْلِهِ: إذْ لَوْ تَقَدَّمَ الطَّلَاقُ الْمُصَالَحَةَ لَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ بِالْمُصَالَحَةِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ وَاحِدَةً فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ. وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْطَ تَابِعًا لِلْمَشْرُوطِ إنَّمَا بَنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ أَنَّهُ حُرٌّ عَلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ فِيهَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ حُصُولِ الْعَبْدِ لِلْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ اهـ ابْنُ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ صَالَحْتُكِ فَصَالَحَهَا حَنِثَ بِطَلْقَةِ الْيَمِينِ، ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةُ الصُّلْحِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا. اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ قَالَ إنْ خَالَعْتكِ إلَخْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ.

(لَا) يُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ (إنْ لَمْ يَقُلْ) الزَّوْجُ (ثَلَاثًا) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ ذَلِكَ اثْنَتَيْنِ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الزَّوْجَ الَّذِي قَالَ إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَتَانِ) وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِاثْنَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ.

(وَجَازَ) لِلْمُخَالِعِ (شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا) أَيْ مَا تَلِدُهُ الزَّوْجَةُ لِمُخَالَعَةٍ مِنْ زَوْجِهَا الْمُخَالِعِ لَهَا عَلَيْهَا وَهُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِهَا حِينَ الْخُلْعِ، أَيْ مَا يَحْتَاجُهُ الْوَلَدُ (مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ)

ص: 24

وَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَزَائِدٌ شُرِطَ:

ــ

[منح الجليل]

بِهِ أَيْ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا حَالَ حَمْلِهَا بِهِ تَبَعًا لِسُقُوطِ مُؤْنَةِ رَضَاعِهِ مُدَّتَهُ، فَلَوْ قَالَ وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ مَا تَلِدُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ، فَلَيْسَ مُرَادٌ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهِ مِنْ أَنَّهَا حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ فَخَالَعَهَا بِنَفَقَةِ الرَّضِيعِ فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اتِّفَاقًا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه ". وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ أَسْقَطَتْ أَحَدَهُمَا فَيَبْقَى الْآخَرُ. الصِّقِلِّيُّ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ الصَّوَابُ.

(وَ) إنْ خَالَعَهَا بِرَضَاعِ وَلَدِهَا وَنَفَقَةِ زَوْجِهَا، أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةَ رَضَاعِهِ (سَقَطَ نَفَقَةُ الزَّوْجِ) الْمَشْرُوطَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ مَعَ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ (أَوْ) نَفَقَةُ (غَيْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ كَشَرْطِهِ إنْفَاقَهَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ، أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَفَادَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وتت. د: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تَلْزَمُهَا إذَا لَمْ تُضَفْ لِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ بِأَنْ خَالَعَهَا بِأَنَّهَا تُنْفِقُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ، أَوْ أَبِيهِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْوَسَطِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ سُقُوطُ الْمُضَافَةِ بِدَلِيلِ مَا فِي كَبِيرِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُضَافَةِ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ النَّقْلِ سُقُوطُهَا، وَإِنْ ادَّعَاهُ عج.

(وَ) سَقَطَ (زَائِدٌ) عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ (شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ كَنَفَقَتِهَا عَلَى وَلَدِهَا سَنَةً بَعْدَ مُدَّةِ رَضَاعِهِ فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا نَفَقَتُهُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَجَازَ بِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ، وَلَزِمَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْغَرَرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرَّضِيعَ قَدْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا وَلِأَنَّ إرْضَاعَهُ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ مَالٌ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.

وَقَالَ الْأَكْثَرُ لَا يَسْقُطُ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ مُدَّةَ رَضَاعِهِ، وَصَوَّبَهُ الْأَشْيَاخُ وَبِهِ الْعَمَلُ، حَتَّى قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ.

الْبُنَانِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الزَّوْجُ نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ عَاشَ الْوَلَدُ، أَوْ مَاتَ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي ضَيْح، وَفِي التُّحْفَةِ:

وَجَازَ قَوْلًا وَاحِدًا حَيْثُ الْتَزَمْ

ذَاكَ وَإِنْ مُخَالِعٌ بِهِ عُدِمْ

ص: 25

كَمَوْتِهِ.

وَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا، أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ: فَعَلَيْهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ، إلَّا لِشَرْطٍ، لَا نَفَقَةُ جَنِينٍ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ أُمِّهِ،

ــ

[منح الجليل]

وَيَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِهِ وَزَائِدٌ شُرِطَ عَلَى مَا يَعُمُّ غَيْرَ النَّفَقَةِ كَشَرْطِهِ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّهُ لَغْوٌ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إلَى مُدَّةِ فِطَامِهِ فَثَالِثُهَا إنْ كَانَ يَضُرُّ الْوَلَدَ، وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ.

وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ عَنْ الزَّوْجَةِ فَقَالَ (كَمَوْتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ رَضَاعِهِ فَيَسْقُطُ عَنْ أُمِّهِ مَا بَقِيَ حَيْثُ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ النَّفَقَةِ أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. وَمِثْلُ مَوْتِهِ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الرَّضَاعِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ.

(وَإِنْ مَاتَتْ) الْمُخَالَعَةُ بِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ فَعَلَيْهَا التَّمَامُ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا مَا يُتَمِّمُ الْحَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَلَا يَدْفَعُ لِأَبِيهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ تَمَامِهَا فَيُوقَفُ بِيَدِ عَدْلٍ، وَكُلَّمَا يَمْضِي أُسْبُوعٌ، أَوْ شَهْرٌ يَدْفَعُ مِنْهُ نَفَقَتَهُ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ أُمِّهِ يَوْمَ مَوْتِهَا، فَإِنْ لَمْ تُخَلِّفْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا فَإِنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَأُجْرَةَ رَضَاعِهِ عَلَى أَبِيهِ.

(أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا) أَيْ الْمُخَالَعَةِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَعَلَيْهَا نَفَقَةُ التَّمَامِ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا فَعَلَى الْأَبِ (أَوْ وَلَدَتْ) الْمُخَالَعَةُ بِنَفَقَةِ رَضَاعِ حَمْلِهَا (وَلَدَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (فَعَلَيْهَا) نَفَقَةُ جَمِيعِ مَا وَلَدَتْ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَعَلَى الْأَبِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ أَيْسَرَتْ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (نَفَقَةُ) الْعَبْدِ (الْآبِقِ وَ) الْبَعِيرِ (الشَّارِدِ) الْمُخَالَعِ بِهِمَا أَيْ أُجْرَةُ أَوْ جُعْلُ تَحْصِيلِهِمَا وَطَعَامِهِمَا وَشَرَابِهِمَا مِنْ وَقْتِ وِجْدَانِهِمَا إلَى وُصُولِهِمَا لَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهَا قَدْ زَالَ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْخُلْعِ وَدَخَلَا فِي مِلْكِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الزَّوْجِ حَالَ عَقْدِ الْخُلْعِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَيُعْمَلُ بِهِ وَمِثْلُهُ الْعُرْفُ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ مَاتَتْ وَمَا بَعْدَهُ، وَتَقْدِيمُ الشَّرْطِ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا (لَا) يَلْزَمُ الزَّوْجَ (نَفَقَةُ) أُمِّ (جَنِينٍ) مُخَالَعٍ بِهِ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (بَعْدَ وَضْعِهِ) أَيْ الْجَنِينِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ (وَأُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُتَخَالِعَانِ بِجَنِينٍ (عَلَى جَمْعِهِ) أَيْ الْجَنِينِ بَعْدَ وَضْعِهِ (مَعَ أُمِّهِ)

ص: 26

وَفِي نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا: قَوْلَانِ، وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ.

، وَإِنْ عُلِّقَ بِالْإِقْبَاضِ، أَوْ الْأَدَاءِ: لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمَجْلِسِ

ــ

[منح الجليل]

فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ إمَّا بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا مَا يَمْلِكُهُ الْآخَرُ، أَوْ بَيْعِهِمَا مَعًا لِوَاحِدٍ، وَلَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ، فَالْأَوْلَى وَأُجْبِرَا بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِجَعْلِ: عَلَى جَمْعِهِ إلَخْ نَائِبَ فَاعِلِ " أُجْبِرَ " وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ جَبْرَهُمَا مَعًا.

(وَفِي) كَوْنِ (نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ) مُخَالَعٍ بِهَا (لَمْ يَبْدُ) أَيْ يَظْهَرُ (صَلَاحُهَا) قَبْلَ ظُهُورِهَا، أَوْ بَعْدَهُ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ عَلَى الزَّوْجَةِ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا شَرْعًا أَوْ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ تَمَّ وَلَا جَائِحَةَ فِيهَا (قَوْلَانِ) لِشُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ قِيلَ فَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ تَرَدُّدٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى وَبِالتَّرَدُّدِ إلَخْ إنْ وُجِدَ فِي كَلَامِي فَقَدْ أَشَرْت بِهِ إلَخْ، وَأَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ إلَخْ، فَإِنْ كَانَ بَدَا صَلَاحُهَا وَلَمْ تَحْتَجْ لِكَبِيرِ كُلْفَةٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ جَذِّهَا إلَّا لِشَرْطٍ.

(وَكَفَتْ) فِي عَقْدِ الْخُلْعِ (الْمُعَاطَاةُ) إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِهَا فِي الْخُلْعِ، أَوْ اقْتَرَنَتْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ بِهَا، فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ قَصَدَ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ أَخَذَ مَتَاعَهُ وَسَلَّمَ لَهَا مَتَاعَهَا فَهُوَ خُلْعٌ لَازِمٌ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْتِ طَالِقٌ، وَرَوَى الْبَاجِيَّ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ مَنْ نَدِمَ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَهْلُهَا نَرُدُّ لَك مَا أَخَذْنَا مِنْك وَتَرُدُّ لَنَا أُخْتَنَا وَلَمْ يَكُنْ طَلَاقٌ وَلَا كَلِمَةٌ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فَيَتَقَرَّرُ بِالْفِعْلِ دُونَ قَوْلٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهَا وَانْقَلَبَتْ وَقَالَتْ: هَذَا بِذَاكَ وَلَمْ يُسَمِّيَا طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقُ الْخُلْعِ. اهـ. وَكَمَنْ عَرَّفَهُمْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْهُ مَا يُغْضِبُهَا وَأَخْرَجَتْ سِوَارَهَا مِنْ يَدِهَا وَدَفَعَتْهَا إلَيْهِ وَخَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا فَهُوَ طَلَاقٌ.

(وَإِنْ عُلِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الطَّلَاقُ (بِالْإِقْبَاضِ، أَوْ الْأَدَاءِ) بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ إنْ أَقَبَضْتِنِي، أَوْ أَدَّيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (لَمْ يَخْتَصَّ) الْإِقْبَاضُ، أَوْ الْأَدَاءُ (بِالْمَجْلِسِ) الَّذِي عُلِّقَ فِيهِ، فَمَتَى أَقَبَضَتْهُ، أَوْ أَدَّتْهُ مَا قَالَهُ طَلُقَتْ مِنْهُ سَوَاءٌ قَبِلَتْ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ لَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَطُلْ جِدًّا بِحَيْثُ يُرَى أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَجْعَلْ التَّمْلِيكَ إلَيْهِ.

ص: 27

إلَّا لِقَرِينَةٍ.

وَلَزِمَ فِي أَلْفٍ الْغَالِبُ وَالْبَيْنُونَةُ إنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا: فَارَقْتُكِ، أَوْ أُفَارِقُكِ إنْ فُهِمَ

ــ

[منح الجليل]

وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِالْمَجْلِسِ فَقَالَ (إلَّا لِقَرِينَةٍ) دَالَّةٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْإِقْبَاضَ، أَوْ الْأَدَاءَ فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً فَيَخْتَصُّ بِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِهِ.

(وَلَزِمَ فِي) الْخُلْعِ بِ (أَلْفِ) دِرْهَمٍ مَثَلًا، وَفِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ مُخْتَلِفَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْهَا فَيَلْزَمُهَا (الْغَالِبُ) فِي التَّعَامُلِ بِهِ، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَيَلْزَمُ فِي الِاثْنَيْنِ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمِنْ الثَّلَاثَةِ الثُّلُثُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا، وَمِنْ الْأَرْبَعَةِ وَهَكَذَا، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَ الْأَلْفِ حُمِلَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا قُبِلَ تَفْسِيرُهَا إنْ وَافَقَهَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ وَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ إنْ نَكَلَتْ أَفَادَهُ عب. تت، وَحُكْمُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ كَذَلِكَ كَالْمُخَالَعَةِ بِعَدَدٍ مِنْ شِيَاهٍ مَثَلًا وَهُنَاكَ نَوْعَانِ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَيَلْزَمُ فَإِنْ أَتَتْ بِغَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ (وَ) لَزِمَ (الْبَيْنُونَةُ) أَيْ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِمُجَرَّدِ تَحَقُّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (إنْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا) مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الضَّأْنِ، أَوْ الْغَنَمِ، أَوْ النَّعَمِ (فَارَقْتُكِ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي (أَوْ أُفَارِقُكِ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ مِنْ غَالِبِ مَا سَمَّى فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُخَصِّصُهُ بَانَتْ مِنْهُ بِلَا إنْشَاءِ طَلَاقٍ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ فِيهَا: إنْ قَالَ لَهَا: إنْ أَعْطَيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهَا ذَلِكَ إنْ أَعْطَتْهُ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فِي: أَمْرُكِ بِيَدِكِ، أَوْ إلَى أَجَلٍ لَهَا ذَلِكَ مَا لَمْ تُوقَفْ، أَوْ تُوطَأْ فَيَبْطُلْ مَا بِيَدِهَا اهـ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اقْضِنِي دَيْنِي وَأُفَارِقُكِ، فَقَبَضَهُ، ثُمَّ قَالَ لَا أُفَارِقُكِ حَتَّى كَانَ لِي عَلَيْك فَأَعْطَيْتِنِيهِ قَالَ أَرَى ذَلِكَ طَلَاقًا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْفِدْيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِهَا أُحْلِفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِهَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِهَا بِبِسَاطٍ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مِثْلُ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى شَيْءٍ تُعْطِيهِ إيَّاهُ فَقَالَ لَهَا اقْضِنِي دَيْنِي أُفَارِقُكِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ خُلْعًا ثَابِتًا (إنْ فُهِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ

ص: 28

الِالْتِزَامُ، أَوْ الْوَعْدُ إنْ وَرَّطَهَا، أَوْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً

ــ

[منح الجليل]

بِقَرِينَةِ حَالٍ، أَوْ مَقَالٍ كَمَتَى شِئْت، أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا، وَنَائِبُ فَاعِلِ " فُهِمَ "(الِالْتِزَامُ) لِلْفِرَاقِ وَأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى إعْطَائِهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ (أَوْ) لَمْ يُفْهَمْ الِالْتِزَامُ بَلْ فُهِمَ (الْوَعْدُ) بِأَنَّهُ يُطَلِّقُهَا إنْ أَعْطَتْهُ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا فَإِنْ أَعْطَتْهُ مِمَّا ذَكَرَهُ فَيَلْزَمُهُ تَطْلِيقُهَا (إنْ) كَانَ (وَرَّطَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَدْخَلَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فِي وَرْطَةٍ، أَيْ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ بِسَبَبِ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ بَاعَتْ مَتَاعَهَا لِتَدْفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ.

ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِثْلُ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الِالْتِزَامُ لَزِمَ، وَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْوَعْدُ وَدَخَلَتْ فِي شَيْءٍ بِسَبَبِهِ فَقَوْلَانِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ اللُّزُومِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ، وَنَظَمَ عج الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالِالْتِزَامِ فَقَالَ:

قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ أَوْ سَوْقُ الْكَلَامِ

مَوْرِدُ فَرْقٍ بَيْنَ وَعْدٍ وَالْتِزَامِ

(أَوْ) قَالَتْ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ) هَا طَلْقَةً (وَاحِدَةً) فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهَا الْبَيْنُونَةَ وَقَدْ حَصَلَتْ بِالْوَاحِدَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ، وَكَوْنُهَا بِالثَّلَاثِ لَا يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ شَرْعِيٌّ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَّا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَلْفِ فِي نَظِيرِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بَائِنَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ. وَقِيلَ يَلْزَمُهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ وَاسْتُشْكِلَ مَذْهَبُهَا بِأَنَّ شَرْطَهَا الثَّلَاثَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِبَيْنُونَتِهَا بِوَاحِدَةٍ.

وَأَجَابَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ وَهُوَ عَدَمُ رُجُوعِهَا إلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ إنْ صَالَحَهَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ز: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّنُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَفِي إيضَاحِ الْمَسَالِكِ لِلْوَنْشَرِيسِيِّ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لَهَا، وَصَحَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ تَخْرِيجَ اللَّخْمِيِّ عَلَى الْقَاعِدَةِ يَعْنِي قَاعِدَةَ اشْتِرَاطِ مَا لَا يُفِيدُ هَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُفِيدُ تَقِيَّةَ غَلَبَةِ الشَّفَاعَةِ لَهَا فِي مُرَاجَعَتِهِ عَلَى كُرْهٍ مِنْهَا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَرَفَةَ.

اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى طَلَاقِهَا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً صَحَّ لَهُ وَلَا

ص: 29

وَبِالْعَكْسِ، أَوْ أَبِنِّي بِأَلْفٍ، أَوْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ، أَوْ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَفَعَلَ، أَوْ قَالَ بِأَلْفٍ غَدًا فَقَبِلَتْ فِي الْحَالِ،

ــ

[منح الجليل]

حُجَّةَ لَهَا لِنَيْلِهَا بِالْوَاحِدَةِ مَا تَنَالُ بِالثَّلَاثِ، وَأَرَى إنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى طَلَاقِهَا وَاحِدَةً فَلَهَا الرُّجُوعُ بِكُلِّ مَا أَعْطَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لِلِاثْنَتَيْنِ أَعْطَتْهُ، وَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي إمْسَاكِهَا فَرَغِبَتْ فِي الطَّلَاقِ فَلَا قَوْلَ لَهَا.

(وَبِالْعَكْسِ) أَيْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا بِهَا ثَلَاثًا فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا لِحُصُولِ غَرَضِهَا وَزِيَادَةٍ قَالَهُ تت، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ بِالْأَلْفِ مَعَ لُزُومِ الثَّلَاثِ وَنَصُّهُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ: وَإِنْ كَانَ رَغِبَ فِي طَلَاقِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَزِمَ، وَلَا قَوْلَ لَهَا، وَأَرَى إنْ كَانَ رَاغِبًا فِي طَلَاقِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً أَنْ تَرْجِعَ بِجَمِيعِ مَا أَعْطَتْهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يُوقِعَ الِاثْنَتَيْنِ لِتَحِلَّ لَهُ مِنْ قَبْلِ زَوْجٍ إنْ بَدَا لَهُمَا. قُلْت: الْأَظْهَرُ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا ثَلَاثًا يَعِيبُهَا لِامْتِنَاعِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ تَزْوِيجِهَا خَوْفَ جَعْلِهَا إيَّاهُ مُحَلَّلًا فَتُسِيءُ عِشْرَتَهُ لِيُطَلِّقَهَا فَتَحِلَّ لِلْأَوَّلِ.

(أَوْ) قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا (أَبِنِّي) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَالنُّونِ مُشَدَّدًا أَيْ طَلِّقْنِي طَلَاقًا بَائِنًا (بِأَلْفٍ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ بِهَا لَزِمَهَا الْأَلْفُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ (أَوْ) قَالَتْ لَهُ (طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ) مَثَلًا بِأَلْفٍ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ بِهَا لَزِمَهُ طَلْقَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ (أَوْ) قَالَتْ لَهُ أَبِنِّي (فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ) بِأَلْفٍ أَيْ اجْعَلْهُ ظَرْفًا لَهُ (فَفَعَلَ) الزَّوْجُ مَا طَلَبَتْهُ وَمِنْهُ إبَانَتُهَا فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَقَدْ لَزِمَتْهَا الْأَلْفُ الَّتِي عَيَّنَتْهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ لَزِمَهُ بَائِنًا وَلَا شَيْءَ لَهُ.

(أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (بِأَلْفٍ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ (غَدًا فَقَبِلَتْ) الزَّوْجَةُ طَلَاقَهَا بِالْأَلْفِ (فِي الْحَالِ) لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ، وَلَزِمَهَا الْمُسَمَّى كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ غَدًا فَطَلَّقَهَا فِي الْحَالِ فَيَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ إنْ فُهِمَ مِنْهَا قَصْدُ تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ، أَوْ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهَا شَيْءٌ، فَإِنْ فُهِمَ تَخْصِيصُ الْغَدِ فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ إذَا قَدَّمَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ، أَوْ

ص: 30

أَوْ بِهَذَا الْهَرَوِيِّ فَإِذَا هُوَ مَرْوِيٌّ، أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا وَفِيهِ مُتَمَوَّلٌ، أَوْ لَا عَلَى الْأَحْسَنِ، لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ

ــ

[منح الجليل]

أَخَّرَهُ عَنْهُ، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (أَوْ) رَأَى فِي يَدِهَا ثَوْبًا ظَنَّهُ هَرَوِيًّا فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (بِهَذَا) الثَّوْبِ الَّذِي فِي يَدِكِ (الْهَرَوِيِّ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ وَشَدِّ الْيَاءِ نِسْبَةً إلَى هَرَاةَ إحْدَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ تُصْنَعُ بِهَا الثِّيَابُ، وَكَانَتْ سَادَةُ الْعَرَبِ تُعَمَّمُ بِعَمَائِمِهَا فَأَعْطَتْهُ مَا فِي يَدِهَا (فَإِذَا هُوَ) ثَوْبٌ (مَرْوِيٌّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى مَرْوَ كَذَلِكَ بَلَدٌ بِخُرَاسَانَ يَلْبَسُ ثَوْبَهَا خَاصَّةُ النَّاسِ، وَيُقَالُ فِي نِسْبَةِ الْآدَمِيِّ إلَيْهَا مَرْوَزِيٌّ بِزِيَادَةِ الزَّايِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسُ، فَتَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ بِالْمَرْوِيِّ الَّذِي أَعْطَتْهُ لَهُ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ، وَقَدْ قَصَّرَ فِي عَدَمِ تَثَبُّتِهِ. وَكَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَإِذَا هِيَ يَزِيدِيَّةٌ، وَأَمَّا إنْ خَالَعَهَا بِثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَوْصُوفٍ فَدَفَعَتْ لَهُ ثَوْبًا فَظَهَرَ مَرْوِيًّا فَعَلَيْهَا إبْدَالُهُ بِهَرَوِيٍّ، وَالْخُلْعُ لَازِمٌ. وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ.

(أَوْ) خَالَعَتْهُ (بِمَا فِي يَدِهَا) مَقْبُوضَةً (وَفِيهِ) أَيْ يَدِهَا وَذَكَرَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا عُضْوًا شَيْءٌ (مُتَمَوَّلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَوْ يَسِيرًا كَدِرْهَمٍ فَتَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ بِمَا فِي يَدِهَا فَقَطْ (أَوْ لَا) بِسُكُونِ الْوَاوِ وَمُخَفَّفًا أَيْ أَوْ لَيْسَ فِيهَا مُتَمَوَّلٌ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ، أَوْ فِيهَا نَحْوُ حَصَاةٍ فَتَبِينُ مِنْهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ؛ لِأَنَّهُ أَبَانَهَا مُجَوِّزًا لِذَلِكَ. وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَكْثَرِ لَا تَلْزَمُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَنْ مُشَارَّةٍ، وَعِنْدَ الْجَدِّ قَالَ، وَإِنَّمَا تَسَامَحَ النَّاسُ فِي هَذَا عِنْدَ الْهَزْلِ وَاللَّعِبِ.

(لَا) تَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ (إنْ خَالَعَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا (بِمَا) أَيْ مُتَمَوَّلٍ مُعَيَّنٍ (لَا شُبْهَةَ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فِي) مِلْكِ (هـ) عَالِمَةً بِذَلِكَ دُونَهُ كَمَسْرُوقٍ وَمَغْصُوبٍ الْوَدِيعَةٍ وَمِلْكِ غَيْرِهَا مُدَّعِيَةً إيصَاءَهُ بِهِ لَهَا، أَوْ هِبَتَهُ لَهَا كَاذِبَةً، فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَوْصُوفٍ لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ، أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَهَا فِيهِ شُبْهَةٌ بِأَنْ أَوْصَى لَهَا، ثُمَّ رَجَعَ الْمُوصِي بَعْدَ الْخُلْعِ، أَوْ لَمْ

ص: 31

أَوْ بِتَافِهٍ فِي: إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ، أَوْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ.

، وَإِنْ ادَّعَى: الْخُلْعَ، أَوْ قَدْرًا، أَوْ جِنْسًا: حَلَفَتْ وَبَانَتْ،

ــ

[منح الجليل]

يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَوْ وَهَبَهُ لَهَا أَبُوهَا، ثُمَّ اعْتَصَرَهُ مِنْهَا، أَوْ اشْتَرَتْهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَانَتْ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِعِوَضِهِ، وَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ.

(أَوْ) خَالَعَتْهُ (بِتَافِهٍ) أَيْ قَلِيلٍ جِدًّا هَذَا مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا نَقَصَ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ (فِي) قَوْلِهِ (إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا) أَيْ مُتَمَوَّلًا (أُخَالِعُكِ بِهِ) فَلَا تَبِينُ مِنْهُ وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى، وَيَحْلِفُ فِي الْمُرَافَعَةِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ.

(أَوْ) قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا (فَقَبِلَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْهَا طَلْقَةً (وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ) مِنْ الْأَلْفِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَرْضَ بِخَلَاصِهَا مِنِّي إلَّا بِأَلْفٍ، وَلِذَا لَوْ قَبِلَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ لَزِمَتْهُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِحُصُولِ مَقْصُودِهِ، وَهُوَ حُصُولُ الْأَلْفِ لَهُ. وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ شَرْعِيٌّ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ فَاسِدٌ وَهُوَ تَنْفِيرُ الْأَزْوَاجِ مِنْهَا إذَا سَمِعُوا أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا وَلَمْ تَلْزَمْهُ الثَّلَاثُ مَعَ تَلَفُّظِهِ بِهَا نَظَرًا لِتَعْلِيقِهَا فِي الْمَعْنَى عَلَى شَيْئَيْنِ قَبُولِهَا وَالْأَلْفِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَلْفُ. وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهَا وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَهَكَذَا كَانَ يَقُولُ الشَّيْخُ بَحْثًا. اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْئَيْنِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا أَحَدُهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَإِنْ) اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَ (ادَّعَى) الزَّوْجُ (قَدْرًا) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ قَدْرًا دُونَهُ (أَوْ) اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى الزَّوْجُ (جِنْسًا) مِنْ الْمَالِ كَنَقْدٍ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ جِنْسًا غَيْرَهُ كَعِوَضٍ (حَلَفَتْ) الزَّوْجَةُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بِاَللَّهِ عَلَى نَفْيِ دَعْوَاهُ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهَا (وَبَانَتْ) مِنْ زَوْجِهَا وَلَا تَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا فِي الْأُولَى نَظَرًا لِإِقْرَارِهِ، وَتَدْفَعُ

ص: 32

وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ: كَدَعْوَاهُ مَوْتَ عَبْدٍ، أَوْ عَيْبَهُ قَبْلَهُ.

ــ

[منح الجليل]

لَهُ مَا ادَّعَتْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَأَخَذَ مَا ادَّعَى فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأُولَى وَلَهُ مَا قَالَتْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ.

(وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (إذَا) اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ أَوْ لَا وَ (اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي الْعَدَدِ) لِلطَّلَاقِ بِيَمِينٍ، هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ. وَقَالَ شَيْخُنَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ هِيَ تَدَّعِيهِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ بَيَانٍ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ نَكَلَ يُحْبَسُ، فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ فَيُطْلَقُ، وَلَا تَحْلِفُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَتْ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ وَالْحَلِفِ، وَبَانَتْ مِنْهُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْخُلْعِ، وَإِلَّا فَهُوَ رَجْعِيٌّ.

الْبُنَانِيُّ أَصْلُ هَذَا لِابْنِ شَاسٍ وَنَقَلَهُ الْحَطُّ وَلَمْ أَجِدْهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَا لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ، مَعَ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ " جَاعَ فَبَاعَ امْرَأَتَهُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ النِّكَاحِ الثَّالِثِ "، وَأَقَرَّهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالثَّلَاثِ وَهِيَ بَائِنٌ فَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ قَبْلَ زَوْجٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ فَلَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، ثُمَّ أَبَانَهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ قَبْلَ زَوْجٍ وَقَالَتْ كُنْت كَاذِبَةً وَأَرَدْتُ الرَّاحَةَ مِنْهُ صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ تَزَوُّجِهِ مَا لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ عَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ تَظْهَرُ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَتَكُونُ مَعَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ بَقِيَتَا لَهُ فَقَطْ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ الْأُولَى عَلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فَقَالَ (كَدَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ (مَوْتَ عَبْدٍ) غَائِبٍ غَيْرِ آبِقٍ مُخَالَعٍ بِهِ مَاتَ فَادَّعَى الزَّوْجُ مَوْتَهُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ مَوْتَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (أَوْ) لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَادَّعَى الزَّوْجُ (عَيْبَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْخُلْعِ فَنَازَعَهُ مَوْتٌ وَعَيْبٌ وَادَّعَتْ أَنَّ عَيْبَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَيْهِ وَبَقَاؤُهُ عَلَيْهَا فَهِيَ

ص: 33