المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) .طلاق السنة: - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٤

[محمد بن أحمد عليش]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الطَّلَاق] [

- ‌فَصَلِّ فِي الْخُلْعُ]

- ‌(فَصْلٌ) .طَلَاقُ السُّنَّةِ:

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَرْكَان الطَّلَاق وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الِاسْتِنَابَة عَلَى الطَّلَاق]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام رَجْعَة الْمُطَلَّقَة طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَار وَأَحْكَامه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَام اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَسَائِل زَوْجَة الْمَفْقُود وَمَا يُنَاسِبهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام وَأَقْسَام الِاسْتِبْرَاء وَمنْ يَلْزَمهُ وَالْمُوَاضَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام تداخل الْعَدَد وَالِاسْتِبْرَاء]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَام الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي النَّفَقَة بالنكاح والملك وَالْقَرَابَة]

- ‌[فَصْلٌ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالْقَرِيبِ وَخَادِمِهِ وَالْحَضَانَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ فِي الْبَيْع]

الفصل: ‌(فصل) .طلاق السنة:

وَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ، فَلَا عُهْدَةَ.

(فَصْلٌ) .

طَلَاقُ السُّنَّةِ:

وَاحِدَةٌ بِطُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ بِلَا عِدَّةٍ

ــ

[منح الجليل]

الْمُدَّعِيَةُ، فَعَلَيْهَا الْبَيَانُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِيهِمَا.

(وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ الْغَائِبِ الْمُخَالَعِ بِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْخُلْعِ (فَلَا عُهْدَةَ) أَيْ ضَمَانَ عَلَيْهَا وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ غَائِبًا عَلَى الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَوْ الصِّفَةِ، أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ يَمُوتُ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُهُ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ، فَالْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ ضَمَانُ مَا يَطْرَأُ عَلَى الْغَائِبِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ النَّاصِرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا الْآبِقُ الْمُخَالَعُ بِهِ فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُهُ عَلَى الزَّوْجِ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْخُلْعِ بِهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً بِهِ قَبْلَهُ فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ آبِقًا وَبَانَتْ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ]

(فَصْلٌ)(فِي بَيَانِ شُرُوطِ طَلَاقِ السُّنَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) .

(طَلَاقُ السُّنَّةِ) أَيْ الَّذِي عُلِمَتْ شُرُوطُهُ تَفْصِيلًا مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْكِتَابِ مُجْمَلَةً، سَوَاءٌ كَانَ رَاجِحًا، أَوْ مَرْجُوحًا، أَوْ مُسَاوِيًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَرْجُوحِيَّةُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» ، أَيْ أَقْرَبُ أَفْرَادِ الْحَلَالِ أَيْ مَا لَيْسَ مُحَرَّمًا وَلَا مَكْرُوهًا إلَى الْبُغْضِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ الْمُحَرَّمَ أَوْ الْمَكْرُوهَ لِانْتِفَاءِ شَرْطٍ، وَإِنْ كُرِهَ، أَوْ حَرُمَ لِعَارِضٍ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، أَوْ الَّتِي سُرِقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا فِيهَا (وَاحِدَةٌ) فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا بِدْعِيٌّ (بِطُهْرٍ) فَالطَّلَاقُ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ بِدْعِيٌّ (لَمْ يَمَسَّ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ يَطَأْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (فِيهِ) أَيْ الطُّهْرِ فَالطَّلَاقُ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ بِدْعِيٌّ (بِلَا) إرْدَافٍ فِي (عِدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَالطَّلَاقُ الْمُرْدَفُ فِيهَا بِدْعِيٌّ، وَبَقِيَ شَرْطَانِ كَوْنُ الطَّلْقَةِ كَامِلَةً وَكَوْنُهَا عَلَى كُلِّ الزَّوْجَةِ فَالطَّلَاقُ الْمَكْسُورُ كَنِصْفٍ وَطَلَاقُ جُزْءِ الزَّوْجَةِ كَنِصْفِهَا بِدْعِيَّانِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ كَيَدٍ، وَزَادَ فِي التَّلْقِينِ

ص: 34

وَإِلَّا فَبِدْعِيٌّ.

وَكُرِهَ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ، وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ:.

ــ

[منح الجليل]

كَوْنَهَا مِمَّنْ تَحِيضُ احْتِرَازًا عَنْ طَلَاقِ صَغِيرَةٍ، أَوْ يَائِسَةٍ فَلَيْسَ سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ، بَلْ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ.

فَفِي ضَيْح نَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ يَجُوزُ طَلَاقُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ كَالصَّغِيرَةِ لَا يُوصَفُ طَلَاقُهَا بِسُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ اهـ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ فَإِنَّمَا يَكُونُ طَلَاقُهَا بِدْعَةً بِالنَّظَرِ إلَى الْعَدَدِ اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَوْنُهُ تَالِيًا حَيْضًا لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ احْتِرَازًا عَمَّنْ طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ فَرَاجَعَهَا وَطَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ فَهُوَ بِدْعِيٌّ إذْ السُّنَّةُ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا كَمَا يَأْتِي.

(وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي طُهْرٍ، أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ، أَوْ كَانَ مُرْدَفًا فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ (فَ) هُوَ طَلَاقٌ (بِدْعِيٌّ) وَكَانَ الطَّلَاقُ فِي الطُّهْرِ الَّذِي مَسَّ فِيهِ بِدْعِيًّا لِتَلْبِيسِهِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ؛ إذْ لَا تَدْرِي هَلْ هِيَ حَامِلٌ فَتَعْتَدَّ بِوَضْعِهِ، أَوْ لَا فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ، وَلِخَوْفِ تَنَدُّمِهِ إنْ ظَهَرَتْ حَامِلًا، وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ نَفْيَ الْحَمْلِ إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَأَرَادَ نَفْيَهُ.

(وَكُرِهَ) الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ (فِي غَيْرِ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوْ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ، أَوْ مُرْدَفًا فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إيقَاعُ اثْنَتَيْنِ مَكْرُوهٌ وَثَلَاثَةٍ مَمْنُوعٌ وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاللُّبَابِ. وَعَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ لَكِنْ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: مُرَادُهُ بِهَا التَّحْرِيمُ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ الثَّلَاثِ لِمَنْ أَوْقَعَهَا. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَا ذَبَحْتُ دِيكًا بِيَدِي قَطُّ وَلَوْ وَجَدْتُ مَنْ يَرُدُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَذَبَحْتُهُ بِيَدِي (وَلَمْ يُجْبَرْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الزَّوْجُ الْمُطَلِّقُ طَلَاقًا بِدْعِيًّا فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (عَلَى الرَّجْعَةِ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا لِعَدَمِ وُرُودِ جَبْرِهِ عَلَيْهَا فِي السُّنَّةِ.

وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ جَبْرِهِ عَلَيْهَا فَقَالَ (كَ) طَلَاقِهَا بَعْدَ رُؤْيَتِهَا عَلَامَةَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ

ص: 35

كَقَبْلِ الْغُسْلِ مِنْهُ، أَوْ التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ، وَمُنِعَ فِيهِ.

وَوَقَعَ، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الدَّمِ لِمَا يُضَافُ فِيهِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَحْسَنُ عَدَمُهُ لِآخِرِ الْعِدَّةِ

ــ

[منح الجليل]

بِقَصَّةٍ، أَوْ جُفُوفٍ وَ (قَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ) أَيْ الْحَيْضِ (أَوْ) قَبْلَ (التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ) بِهِ الْوَطْءُ لِمَرَضِهَا، أَوْ عَدَمِ مَاءٍ، وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ (فِيهِ) أَيْ الْحَيْضِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ وَلَمْ تَتَيَمَّمْ تَيَمُّمًا جَائِزًا بِهِ الْوَطْءُ، وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا فَأُعْطِيَ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ وَحُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَمِثْلُ الْحَائِضِ النُّفَسَاءُ، وَهَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا غَيْرِ الْحَامِلِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.

(وَوَقَعَ) أَيْ لَزِمَ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِنْشَاءٍ فِيهِ، أَوْ بِحِنْثٍ فِي تَعْلِيقٍ فِيهِ، أَوْ قَبْلَهُ وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِهِ أَيْضًا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا تُحْنِثُهُ فِيهِ، وَإِلَّا فِيهَا فَقَطْ إنْ عَلِمَتْ بِتَعْلِيقِهِ (وَأُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّوْجُ (عَلَى الرَّجْعَةِ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا حَائِضًا إنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ حَالَ نُزُولِ الدَّمِ، بَلْ (وَلَوْ) وَقَعَ فِي يَوْمِ ارْتِفَاعِ الدَّمِ (لِ) زَوْجَةٍ (مُعْتَادَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ اعْتَادَتْ عَوْدَ (الدَّمِ) قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (لِمَا) أَيْ فِي زَمَنٍ (يُضَافُ) أَيْ يُضَمُّ الدَّمُ النَّازِلُ (فِيهِ) أَيْ الزَّمَنِ فَالْجُمْلَةُ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَا وَلَمْ يُبْرِزْ الضَّمِيرَ لِأَمْنِ اللَّبْسِ، وَصِلَةُ يُضَافُ (لِ) الدَّمِ (الْأَوَّلِ) النَّاقِصِ عَنْ أَكْثَرِ حَيْضِهَا، وَإِتْيَانِ الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِتَنْزِيلِ أَيَّامِ الطُّهْرِ مَنْزِلَةَ أَيَّامِ الدَّمِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا فِي الطُّهْرِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ هَذَا قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ.

(وَالْأَحْسَنُ) أَيْ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ الْبَاجِيَّ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ (عَدَمُهُ) أَيْ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ مِنْ الطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي أَيَّامِ انْقِطَاعِ الدَّمِ قَبْلَ تَمَامِ أَكْثَرِ حَيْضِهَا وَأَقَلِّ طُهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا طَاهِرًا فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْتَمِرُّ الْجَبْرُ (لِآخِرِ الْعِدَّةِ) إذَا غَفَلَ عَنْهُ حِينَ طَلَّقَهَا حَائِضًا إلَى أَنْ طَهُرَتْ، ثُمَّ حَاضَتْ، ثُمَّ طَهُرَتْ، ثُمَّ حَاضَتْ فَعَلِمَ ذَلِكَ.

ص: 36

وَإِنْ أَبَى: هُدِّدَ، ثُمَّ سُجِنَ، ثُمَّ ضُرِبَ بِمَجْلِسٍ، وَإِلَّا ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ.

وَجَازَ: الْوَطْءُ بِهِ، وَالتَّوَارُثُ. وَالْأَحَبُّ: أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ.

ــ

[منح الجليل]

فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي هَذَا الْحَيْضِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَبَاحَ طَلَاقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهَا فَلَا وَجْهَ لِإِجْبَارِهِ عَلَيْهَا فِيهِ.

(وَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ الْمُطَلِّقُ فِي الْحَيْضِ مِنْ الرَّجْعَةِ (هُدِّدَ) أَيْ خُوِّفَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِالسَّجْنِ إنْ لَمْ يَرْتَجِعْ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ آبِيًا الرَّجْعَةَ (سُجِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ مُمْتَنِعًا مِنْهَا هُدِّدَ بِالضَّرْبِ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ كَذَلِكَ (ضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بِالسَّوْطِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ (بِمَجْلِسٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْصِيَةٍ يَجِبُ الْإِقْلَاعُ عَنْهَا فَوْرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ (ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ) بِأَنْ يَقُولَ ارْتَجَعْتُ لَهُ زَوْجَتَهُ، أَوْ أَلْزَمْتُهُ بِهَا، أَوْ حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِهَا، وَذَكَرَ الْحَطُّ أَنَّ شَرْطَ التَّهْدِيدِ بِالضَّرْبِ ظَنُّ إفَادَتِهِ فَأَوْلَى الضَّرْبُ، فَإِنْ ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ مَعَ فِعْلِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَرْتِيبِهَا، فَإِنْ فَعَلَهَا كُلَّهَا بِلَا تَرْتِيبٍ، ثُمَّ ارْتَجَعَ مَعَ إبَايَتِهِ صَحَّ.

(وَجَازَ) لِلزَّوْجِ (الْوَطْءُ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي ارْتَجَعَهَا الْحَاكِمُ لَهُ (بِهِ) أَيْ ارْتِجَاعِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِغَيْرِ نِيَّةِ الزَّوْجِ لِقِيَامِ نِيَّةِ الْحَاكِمِ مَقَامَهَا (وَ) جَازَ (التَّوَارُثُ) أَيْ إرْثُ الْحَيِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْمَيِّتَ مِنْهُمَا بِارْتِجَاعِ الْحَاكِمِ.

(وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَاجَعَ مُطَلَّقَتَهُ فِي الْحَيْضِ مُخْتَارًا، أَوْ مَجْبُورًا، أَوْ ارْتَجَعَهَا الْحَاكِمُ لَهُ وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَالْمَنْدُوبُ (أَنْ يُمْسِكَهَا) فِي عِصْمَتِهِ بِلَا طَلَاقٍ، وَيُعَاشِرَهَا مُعَاشَرَةَ الزَّوْجِ (حَتَّى تَطْهُرَ) مِنْ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ، وَهَذَا الْإِمْسَاكُ وَاجِبٌ (ثُمَّ) إذَا طَهُرَتْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُمْسِكَهَا مَا دَامَتْ فِي هَذَا الطُّهْرِ حَتَّى (تَحِيضَ) فَيَجِبَ إمْسَاكُهَا مَا دَامَتْ حَائِضًا (ثُمَّ تَطْهُرَ) مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا إنْ شَاءَ أَنْ يَمَسَّهَا فَالِاسْتِحْبَابُ

ص: 37

وَفِي مَنْعِهِ فِي الْحَيْضِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا جَوَازَ طَلَاقِ الْحَامِلِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا لِمَنْعِ الْخُلْعِ وَعَدَمِ الْجَوَازِ، وَإِنْ رَضِيَتْ، وَجَبْرِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ:

ــ

[منح الجليل]

مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - طَلَّقَ زَوْجَتَهُ حَائِضًا فَذَكَرَهُ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَغَيَّظَ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا» فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّطْلِيقِ لَهَا، وَبِهَذَا أَخَذَ أَهْلُ الْحِجَازِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ كُرِهَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَأَنَّ الْبَائِنَ لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الِارْتِجَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَيْهِ وَكُرِهَ طَلَاقُهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ لِتَوَقُّفِ تَمَامِ الرَّجْعَةِ عَلَى الْوَطْءِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِكَرَاهَةِ طَلَاقِهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ ارْتَجَعَهَا وَلَمْ يُصِبْهَا كَانَ مُضِرًّا بِهَا آثِمًا.

(وَفِي) كَوْنِ (مَنْعِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (فِي الْحَيْضِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ) إذْ زَمَنُ الْحَيْضِ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ وَأَوَّلُهَا أَوَّلُ الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ، وَعَلَّلَ كَوْنَ مَنْعِهِ فِيهِ لِتَطْوِيلِهَا فَقَالَ (لِأَنَّ فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (جَوَازَ طَلَاقِ الْحَامِلِ) فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا وَضْعُ حَمْلِهَا فَطَلَاقُهَا فِيهِ لَا يُطَوِّلُهَا (وَ) فِيهَا أَيْضًا جَوَازَ طَلَاقِ (غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا (أَوْ) مَنْعُهُ فِيهِ (لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَنْعِ (تَعَبُّدًا) أَيْ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمْ تَظْهَرْ لَنَا حِكْمَتُهُ.

وَعَلَّلَ كَوْنَهُ تَعَبُّدًا فَقَالَ (لِمَنْعِ الْخُلْعِ) أَيْ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ مِنْ الزَّوْجَةِ وَهِيَ حَائِضٌ، وَلَوْ كَانَ مُعَلَّلًا بِتَطْوِيلِهَا لَجَازَ الْخُلْعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِهِ وَطَلَبَتْهُ وَعَاوَضَتْ عَلَيْهِ (وَ) لِ (عَدَمِ الْجَوَازِ) لِلطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ (وَإِنْ رَضِيَتْ) الزَّوْجَةُ بِهِ وَلَوْ كَانَ مُعَلِّلًا بِهِ لَجَازَ إذَا رَضِيَتْ بِهِ (وَ) لِ (جَبْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ فِي الْحَيْضِ (عَلَى الرَّجْعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ) الزَّوْجَةُ

ص: 38

خِلَافٌ. .

وَصُدِّقَتْ أَنَّهَا حَائِضٌ، وَرُجِّحَ: إدْخَالُ خِرْقَةٍ وَتَنْظُرُهَا النِّسَاءُ، إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا طَاهِرًا.

فَقَوْلُهُ:

ــ

[منح الجليل]

عَلَى الزَّوْجِ بِطَلَبِ الرَّجْعَةِ (خِلَافٌ) شَهَّرَ الْأَوَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَ الْعِلَّةَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ لِبَيَانِ رَدِّ الْأَحْكَامِ لِتَرَتُّبِ أَحْكَامٍ عَلَيْهَا قَالَهُ الْمُوَضِّحُ.

(وَصُدِّقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجَةُ إنْ ادَّعَتْ (أَنَّهَا حَائِضٌ) وَقْتَ طَلَاقِهَا وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَتَرَافَعَا وَهِيَ حَائِضٌ وَالظَّاهِرُ بِيَمِينٍ لِدَعْوَاهَا عَلَيْهِ الْعَدَاءَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ لِائْتِمَانِهَا عَلَى فَرْجِهَا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَرُجِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (إدْخَالُ خِرْقَةٍ) فِي فَرْجِهَا (وَيَنْظُرُهَا) أَيْ الْخِرْقَةَ عَقِبَ إخْرَاجِهَا مِنْ فَرْجِهَا (النِّسَاءُ) أَيْ مَا فَوْقَ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجِ كَعَيْبِ الْفَرْجِ، فَإِنْ رَأَيْنَ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ صُدِّقَتْ، وَإِلَّا فَلَا لِاتِّهَامِهَا عَلَى عُقُوبَتِهِ بِجَبْرِهِ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْظُرْنَ لِفَرْجِهَا، وَهَذَا حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ فَالْمُنَاسِبُ وَالْأَرْجَحُ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَصُدِّقَتْ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ إلَى الْحَاكِمِ حَالَ كَوْنِهَا (طَاهِرًا) مِنْ الْحَيْضِ.

(فَقَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ: إنْ ادَّعَتْ طَلَاقَهُ إيَّاهَا وَهِيَ حَائِضٌ، وَقَالَ بَلْ وَهِيَ طَاهِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. ابْنُ رُشْدٍ وَعَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ الصِّقِلِّيُّ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ بِإِدْخَالِ خِرْقَةٍ لَرَأَيْته صَوَابًا. قُلْتُ: وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ مَا نَصُّهُ حَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ النِّسَاءَ يَنْظُرْنَ إلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ كَانَتْ حِينَ تَدَاعَيَا حَائِضًا قُبِلَ قَوْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا قُبِلَ قَوْلُهُ. اهـ. طفي فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشْكَالٌ،؛ لِأَنَّ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِإِدْخَالِ الْخِرْقَةِ حِينَئِذٍ اهـ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مَنْ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ،

ص: 39

وَعُجِّلَ فَسْخُ الْفَاسِدِ فِي الْحَيْضِ وَالطَّلَاقُ عَلَى الْمُولِي، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ لَا لِعَيْبٍ،

ــ

[منح الجليل]

بَلْ قَوْلُهُ وَصُدِّقَتْ أَنَّهَا حَائِضٌ يُحْمَلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ وَقَعَ التَّرَافُعُ وَقْتَ الطَّلَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ، وَقَوْلُهُ وَرُجِّحَ إدْخَالُ خِرْقَةٍ مُقَابِلٌ لِبَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ التَّرَافُعُ وَقْتَ الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ " إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا طَاهِرًا " اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْعُمُومِ السَّابِقِ أَشَارَ بِهِ إلَى جَعْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ تَقْيِيدًا كَمَا جَعَلَهُ كَذَلِكَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ فَجَعَلُوهُ خِلَافًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ: تُصَدَّقُ مُطْلَقًا تَرَافَعَا وَقْتَ الطَّلَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ فَاسْتَثْنَى مِنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ صُورَةً وَهِيَ تَرَافُعُهُمَا بَعْدَ الطَّلَاقِ وَهِيَ طَاهِرٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَنُسَلِّمُ أَنَّهَا تُصَدَّقُ إذَا تَرَافَعَا وَقْتَهُ وَابْنُ يُونُسَ رَجَّحَ أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ وَقْتَهُ بَلْ تُدْخِلُ خِرْقَةً، وَسَكَتَ عَنْ التَّرَافُعِ بَعْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُنَانِيٌّ. (عُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (فَسْخُ) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) الَّذِي يُفْسَخُ أَبَدًا كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ وَالْمُتْعَةِ وَمَحْرَمٍ (فِي) حَالِ (الْحَيْضِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ فَسْخِهِ فِيهِ فَارْتُكِبَ أَخَفُّ الْمَفْسَدَتَيْنِ حَيْثُ تَعَارَضَتَا (وَ) عُجِّلَ فِي الْحَيْضِ (الطَّلَاقُ عَلَى) الزَّوْجِ (الْمُولِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ رِقٌّ وَانْتَهَى أَجَلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ، وَامْتَنَعَ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْوَعْدِ بِهَا فَيُجْعَلُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ عَمَلًا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَأُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الزَّوْجُ (عَلَى الرَّجْعَةِ) عَمَلًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ عُمَرَ السَّابِقِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ طَلَبِ الْفَيْئَةِ وَالْحَيْضُ مَانِعٌ مِنْهُ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى طَلَبِهَا قَبْلَ الْحَيْضِ لِانْتِهَاءِ الْأَجَلِ قَبْلَهُ وَتَأَخُّرِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ حَتَّى حَاضَتْ (وَ) لَا يُعَجَّلُ فِي الْحَيْضِ الْفَسْخُ (لِ) ظُهُورِ (عَيْبٍ) فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مُقْتَضٍ لِلْخِيَارِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَعَذْيَطَةٍ وَرَتَقٍ

ص: 40

وَمَا لِلْوَلِيِّ فَسْخُهُ، أَوْ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ: كَاللِّعَانِ

وَنُجِّزَتْ الثَّلَاثُ فِي شَرِّ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، وَفِي: طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ: كَخَيْرِهِ

ــ

[منح الجليل]

وَعُنَّةٍ، وَلَا لِكَمَالِ عِتْقِ أَمَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ فَيُؤَخَّرُ حَتَّى تَطْهُرَ.

(وَلَا) يُعَجَّلُ فِيهِ فَسْخُ (مَا) أَيْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ (لِلْوَلِيِّ) لِعَاقِدِهِ الْمَحْجُورِ لِرِقٍّ أَوْ صِبًا، أَوْ سَفَهٍ (فَسْخُهُ) وَإِبْقَاؤُهُ، فَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَظَهَرَتْ حَائِضًا أَخَّرَهُ حَتَّى تَطْهُرَ. ابْنُ الْمَوَّازِ، وَأَمَّا مَا لِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ فَإِنْ بَنَى فَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ إلَّا فِي الطُّهْرِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ يُؤَخِّرُهُ وَلِيُّ السَّفِيهِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَوْ عَتَقَ، أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ.

(أَوْ) الطَّلَاقُ عَلَى الزَّوْجِ (لِعُسْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِالنَّفَقَةِ) إذَا حَلَّ أَجَلُ تَلَوُّمِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى تَطْهُرَ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّعْجِيلِ فِيهِ فَقَالَ (كَاللِّعَانِ) إذَا قَذَفَهَا بِزِنًا، أَوْ نَفْيِ حَمْلِهَا فَلَا يُلَاعِنُهَا وَهِيَ حَائِضٌ فَيُؤَخِّرُ حَتَّى تَطْهُرَ، فَإِنْ لَاعَنَهَا فِيهِ أَثِمَ وَلَزِمَ.

(وَنُجِّزَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَزِمَتْ الزَّوْجَ بِمُجَرَّدِ نُطْقِهِ بِمَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَبِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الْمُعَلَّقِ الطَّلَقَاتُ (الثَّلَاثُ فِي) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ طَالِقٌ بِ (شَرِّ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ) كَأَسْمَجِهِ بِالْجِيمِ وَأَقْذَرِهِ وَأَنْتَنِهِ وَأَبْغَضِهِ وَأَكْثَرِهِ وَأَكْمَلِهِ وَأَعْظَمِهِ وَأَقْبَحِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا (وَ) نُجِّزَتْ الثَّلَاثُ (فِي) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ الْمَقُولِ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا حَامِلًا كَانَتْ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَوْ حَائِضًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (فَ) طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) تَلْزَمُهُ لِبَيْنُونَتِهَا بِهَا فَلَا يَجِدُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا مَحَلًّا يَقَعُ فِيهِ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ وَاحِدٌ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ.

وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْوَاحِدِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِ (خَيْرِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ، أَوْ

ص: 41