المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في الظهار وأحكامه وما يتعلق به] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٤

[محمد بن أحمد عليش]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الطَّلَاق] [

- ‌فَصَلِّ فِي الْخُلْعُ]

- ‌(فَصْلٌ) .طَلَاقُ السُّنَّةِ:

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَرْكَان الطَّلَاق وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الِاسْتِنَابَة عَلَى الطَّلَاق]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام رَجْعَة الْمُطَلَّقَة طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَار وَأَحْكَامه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَام اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَسَائِل زَوْجَة الْمَفْقُود وَمَا يُنَاسِبهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام وَأَقْسَام الِاسْتِبْرَاء وَمنْ يَلْزَمهُ وَالْمُوَاضَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام تداخل الْعَدَد وَالِاسْتِبْرَاء]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَام الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي النَّفَقَة بالنكاح والملك وَالْقَرَابَة]

- ‌[فَصْلٌ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالْقَرِيبِ وَخَادِمِهِ وَالْحَضَانَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ فِي الْبَيْع]

الفصل: ‌[باب في الظهار وأحكامه وما يتعلق به]

(بَابٌ)

تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا

ــ

[منح الجليل]

وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تُهْمَتَهُ فِي الْكَفَّارَةِ أَبْعَدُ لِأَنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ يَمِينٍ أُخْرَى ثُمَّ صَرَفَ الْكَفَّارَةَ إلَيْهَا، وَتُهْمَتُهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى مُجَرَّدِ إرَادَةِ التَّبَرُّكِ فَقَطْ، وَمَا تَوَقَّفَ عَلَى أَمْرٍ أَقْرَبُ مِمَّا تَوَقَّفَ عَلَى أَمْرَيْنِ. وَيَلُوحُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ التَّفْرِيقُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنَاقِضٌ لِلْيَمِينِ لِحَلِّهِ إيَّاهَا أَوْ رَفْعُ الْكَفَّارَةِ لَازِمُهَا وَمُنَاقِضُ اللَّازِمِ مُنَاقِضُ مَلْزُومِهِ، وَالْكَفَّارَةُ غَيْرُ مُنَاقِضَةٍ لِلْيَمِينِ لِأَنَّهَا سَبَبُهَا وَالْمُسَبِّبُ لَا يُنَاقِضُ سَبَبَهُ.

[بَابٌ فِي الظِّهَار وَأَحْكَامه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

(بَابُ) فِي الظِّهَارِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ عَلَى الظَّهْرِ، وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (تَشْبِيهٌ) جِنْسٌ شَمِلَ الظِّهَارَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّشْبِيهِ، وَإِضَافَتُهُ إلَى الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ (الْمُسْلِمِ) فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الْكَافِرِ، فَفِيهَا إنْ تَظَاهَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِي الشِّرْكِ، وَكُلُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فَمَوْضُوعٌ عَنْهُ إذَا أَسْلَمَ (الْمُكَلَّفُ) فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ بِحَلَالٍ وَالْمُكْرَهِ، وَشَمِلَ تَشْبِيهَ السَّفِيهِ وَالرَّقِيقِ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ، وَتَذْكِيرِ الْوَصْفَيْنِ مَخْرَجُ تَشْبِيهِ الْمَرْأَةِ فَفِيهَا إنْ تَظَاهَرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ زَوْجِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ لَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ خِلَافًا لِلزُّهْرِيِّ فِي الْأَوَّلِ، وَلَإِسْحَاقَ فِي الثَّانِي. وَمَفْعُولُ تَشْبِيهٍ (مِنْ تَحِلُّ) زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً كَانَتْ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ ظَهْرِ أُمِّي فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ (أَوْ جُزْأَهَا) أَيْ مَنْ تَحِلُّ كَيَدِك عَلَيَّ كَأُمِّي، أَوْ كَيَدِ أُمِّي، وَأَرَادَ مَنْ تَحِلُّ أَصَالَةً. وَإِنْ حُرِّمَتْ لِعَارِضِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ

ص: 222

بِظَهْرِ مَحْرَمٍ أَوْ جُزْئِهِ: ظِهَارٌ. وَتَوَقَّفَ إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَشِيئَتِهَا: وَهُوَ

ــ

[منح الجليل]

اعْتِكَافٍ أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَصْلَهُ تَشْبِيهٌ (بِظَهْرٍ) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ شَخْصٌ (مُحَرَّمٌ) الْبُنَانِيَّ إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ صَارَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ مَانِعٍ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ أَوْ جُزْئِهِ، لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِجُزْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ ظِهَارًا بِلَفْظِ ظَهْرٍ، وَإِنْ ضُبِطَ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ صَارَ غَيْرَ جَامِعٍ لِخُرُوجِ التَّشْبِيهِ بِظَهْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ. قَوْلُهُ بِظَهْرٍ مُحَرَّمٍ إلَخْ فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا بِغَيْرِ هَذَا كَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ (أَوْ جُزْئِهِ) أَيْ الْمُحَرَّمِ غَيْرِ الظَّهْرِ كَانَتْ أَوْ وَجْهُك عَلَيَّ كَرَأْسِ أُخْتِي. وَخَبَر تَشْبِيه (ظِهَارٍ) فَشَمِلَ تَشْبِيهَ كُلِّ مَنْ تَحِلُّ بِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ كَأَنْتِ كَأُمِّي، وَتَشْبِيهُ كُلِّ مَنْ تَحِلُّ بِجُزْءِ مَنْ تَحْرُمُ كَانَتْ كَظَهْرِ أُمِّي وَتَشْبِيهُ جُزْءِ مَنْ تَحِلُّ بِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ كَظَهْرِ كَأُمِّي، وَتَشْبِيهُ جُزْءِ مَنْ تَحِلُّ بِجُزْءِ مَنْ تَحْرُمُ كَظَهْرُكِ كَظَهْرِ أُمِّي. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الظِّهَار تَشْبِيهُ زَوْجِ زَوْجَتِهِ أَوْ ذِي أُمِّهِ حَلَّ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِمُحَرَّمٍ مِنْهُ أَوْ بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا، وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ، وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ، وَأَصْوَبُ مِنْهُ تَشْبِيهُ ذِي حِلٍّ مُتْعَةً حَاصِلَةً أَوْ مُقَدَّرَةً بِآدَمِيَّةٍ إيَّاهَا أَوْ جُزْئِهَا بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَوْ جُزْئِهِ فِي الْحُرْمَةِ.

(وَتَوَقَّفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظِّهَارُ أَيْ لُزُومُهُ عَلَى حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (إنْ تَعَلَّقَ) الظِّهَارُ عَلَى حُصُولِ شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ وَلَا غَالِبٍ يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَنْهُ كَتَعْلِيقِهِ (بِكَمَشِيئَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شِئْتِ (وَهُوَ) أَيْ الظِّهَارُ

ص: 223

بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ

، وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ، وَبِوَقْتٍ تَأَبَّدَ، أَوْ بِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَ الْإِيَاسِ

ــ

[منح الجليل]

الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهَا (بِيَدِهَا) أَيْ تُصْرَفُ الزَّوْجَةُ بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ (مَا لَمْ تُوقَفْ) عَلَى يَدِ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ وَقَفَتْ فَلَيْسَ لَهَا التَّأْخِيرُ وَإِنَّمَا لَهَا إمْضَاءُ مَا بِيَدِهَا حَالًّا أَوْ تَرْكُهُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ شَارِحًا بِهِ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ الْمُمَاثِلَةَ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. فِي التَّوْضِيحِ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي إذَا أَوْ مَتَى شِئْتِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ، بِخِلَافِ إنْ شِئْتِ، فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، وَنَحْوَهُ فِي الشَّامِلِ. الْبُنَانِيَّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْوِيضِ فِي قَوْلِهِ وَفِي جَعْلِ إنْ شِئْتَ أَوْ إذَا كَمَتَى أَوْ كَالْمُطْلَقِ تَرَدُّدٌ.

(وَ) إنْ عَلَّقَهُ (بِ) شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ (مُحَقَّقٍ) حُصُولُهُ كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ مِنْ مَشْرِقِهَا غَدًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهَا ظَاهِرًا (تَنَجَّزَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ انْعَقَدَ وَلَزِمَ الظِّهَارُ بِمُجَرَّدِ تَعْلِيقِهِ كَالطَّلَاقِ. وَقِيلَ لَا يَتَنَجَّزُ حَتَّى يَحْصُلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْت أَوْ غَالِبٍ كَإِنْ حِضْت قَالَهُ عج، وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهُ أَثْنَاءَ كَلَامِهِ عَلَى الظِّهَارِ الْمُقَيَّدِ فِيمَا وَجَبَ تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ فِيهِ " وَجَبَ تَعْجِيلُ الظِّهَارِ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَطْءُ إلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ، وَمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ لَمْ يَجِبْ فِيهِ تَعْجِيلُ الظِّهَارِ اهـ "

وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْبَابِ وَبَابِ الطَّلَاقِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي تَنْجِيزِهِ بِمَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَتَعْمِيمِهِ فِيمَا يُعَمَّمُ فِيهِ قَوْلَانِ اهـ.

فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ قَاصِرَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ قَيَّدَهُ (بِوَقْتٍ) كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ شَهْرًا (تَأَبَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا كَالطَّلَاقِ فَيُلْغَى تَقْيِيدُهُ وَيَصِيرُ مُظَاهِرًا أَبَدًا لِوُجُودِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ بِغَيْرِهَا، وَرُوِيَ يَصِحُّ مُؤَقَّتًا (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِعَدَمِ زَوَاجٍ) كَإِنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي (فَعِنْدَ الْيَأْسِ) مِنْ الزَّوَاجِ بِمَوْتِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنهَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ بِتَزَوُّجِهَا غَيْرَهُ أَوْ انْتِقَالِهَا لِمَكَانٍ لَا يَعْلَمُهُ، وَيَكُونُ الْيَأْسُ أَيْضًا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ

ص: 224

أَوْ الْعَزِيمَةِ،

ــ

[منح الجليل]

الَّتِي عَيَّنَهَا لِلزَّوَاجِ فِيهَا، وَبِهَرَمِهِ الْمَانِعِ وَطْأَهُ إذْ يَصِيرُ زَوَاجُهُ حِينَئِذٍ كَعَدَمِهِ، وَيُمْنَعُ مِنْ زَوْجَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِهِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ كَالطَّلَاقِ أَوْ لَا وَنَصَّ الْبَاجِيَّ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلَاقِ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، وَفَهِمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِجَوَازِ الْوَطْءِ وَلَا عَدَمِهِ.

(أَوْ) عِنْدَ (الْعَزِيمَةِ) عَلَى عَدَمِ الزَّوَاجِ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ وَيَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ وَيُؤَجَّلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ. وَاعْتَرَضَ طفي عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ أَوْ الْعَزِيمَةِ فَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْحِنْثَ بِالْعَزِيمَةِ غَيْرَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فِي كَلَامِ الْقَرَافِيِّ فِي كِفَايَةِ اللَّبِيبِ، لِأَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ شَاسٍ مُقَلِّدًا لَهُ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَفْلَةٌ مِنْهُ عَنْ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وطفي نَفْسُهُ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَهُ الْوَطْءُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ رَفَعَتْهُ أُجِّلَ حِينَئِذٍ وَوُقِفَتْ لِتَمَامِهِ. فَإِنْ فَعَلَ بَرَّ، وَإِنْ قَالَ أَلْتَزِمُ الظِّهَارَ وَأَخَذَ فِي كَفَّارَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ حِينَ دُعِيَ لِلْفَيْئَةِ كَمَسْجُونٍ أَوْ مَرِيضٍ، فَإِنْ فَرَّطَ فِي الْكَفَّارَةِ صَارَ كَمُؤْلٍ يَقُولُ أَفِيءُ فَيُخْتَبَرُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْإِيلَاءِ اهـ.

فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ: أَلْتَزِمُ. . . إلَخْ صَرِيحٌ فِي الْحِنْثِ بِالْعَزِيمَةِ.

وَنَقَلَ الْحَطّ عَنْ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ بِهَا فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك أَنَّهُ إذَا صَامَ أَيَّامًا مِنْ الْكَفَّارَةِ. ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبَرَّ بِالتَّزْوِيجِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ إذَا تَزَوَّجَ، فَسُقُوطُهَا عَنْهُ بَعْدَ فِعْلِ بَعْضِهَا الْمُفِيدِ لِلْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ يُفِيدُ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ بِالْعَزْمِ، فَهُمَا حِينَئِذٍ قَوْلَانِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْحِنْثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 225

وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمُعَلَّقِ: تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ

، وَصَحَّ مِنْ: رَجْعِيَّةٍ وَمُدَبَّرَةٍ، وَمُحْرِمَةٍ، وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ، وَرَتْقَاءَ

ــ

[منح الجليل]

وَلَمْ يَصِحَّ فِي) الظِّهَارِ (الْمُعَلَّقِ) بِصِيغَةِ بَرَّ كَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَصِحُّ (تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ) أَيْ الظِّهَارِ (قَبْلَ لُزُومِهِ) أَيْ الظِّهَارِ وَانْعِقَادِهِ بِكَلَامِ زَيْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَلْزَمُ قَبْلَهُ. وَأَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ وَانْعِقَادِهِ بِكَلَامِهِ فَيَصِحُّ تَقْدِيمُهَا إنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ، فَفِي مَفْهُومِ الظَّرْفِ تَفْصِيلٌ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ الْآتِي، فَلَا اعْتِرَاضَ بِهِ. وَلَوْ قَالَ قَبْلَ لُزُومِهَا أَيْ الْكَفَّارَةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِمَعْنَى التَّعَلُّقِ لَزِمَ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ تَقْدِيمِ كَفَّارَةِ الْمُطْلَقِ قَبْلَ لُزُومِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الْمُطْلَقَ بَعْدُ، فَلَا مَفْهُومَ لِلْمُعَلَّقِ لِمُعَارَضَتِهِ مَنْطُوقَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ " وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ، فَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الْمُعَلَّقِ وَتَكَلَّمَ عَلَى الْمُطْلَقِ فِيمَا يَأْتِي، وَعَلَى الْمُعَلَّقِ بَعْدَ لُزُومِهِ لِصَيْرُورَتِهِ بَعْدَهُ مُطْلَقًا، فَالِاعْتِرَاضَانِ مَدْفُوعَانِ، وَجَعَلْنَا كَلَامَهُ فِي يَمِينِ الْبِرِّ لِصِحَّةِ تَقَدُّمِ كَفَّارَةِ يَمِينِ الْحِنْثِ قَبْلَ لُزُومِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَفَادَهُ عب.

(وَصَحَّ) الظِّهَارُ (مِنْ) مُطَلَّقَةٍ (رَجْعِيَّةٍ) لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ، وَلِذَا لَمْ يَكُنْ التَّشْبِيهُ بِهَا ظِهَارًا (وَ) صَحَّ مِنْ أَمَةٍ (مُدَبَّرَةٍ) لِحِلِّ وَطْئِهَا كَأُمِّ وَلَدٍ لَا مُكَاتَبَةٍ، وَمُبَعَّضَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ، وَمُشْتَرَكَةٍ لِحُرْمَةِ وَطْئِهِنَّ (وَ) صَحَّ مِنْ زَوْجَةٍ (مُحْرِمَةٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ إحْرَامِهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَ) صَحَّ مِنْ (مَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ) ثُمَّ ظَاهَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ (ثُمَّ أَسْلَمَتْ) الزَّوْجَةُ بَعْدَ ظِهَارِهِ مِنْهَا بِالْقُرْبِ كَشَهْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْبَيَانِ.

(وَ) صَحَّ مِنْ زَوْجَةٍ (رَتْقَاءَ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلِذَا اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْهَا وَمِنْ نَحْوِهَا الْخِلَافُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْبُوبِ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالرَّتْقَاءِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي فَفِي لُزُومِ الظِّهَارِ اخْتِلَافٌ، فَمَنْ ذَهَبَ إلَى

ص: 226

لَا مُكَاتَبَةٍ وَلَوْ عَجَزَتْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ كَمَجْبُوبٍ: تَأْوِيلَانِ.

وَصَرِيحُهُ بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا أَوْ عُضْوِهَا، أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ.

ــ

[منح الجليل]

أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ مُطْلَقًا أَلْزَمَهُ الظِّهَارَ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فَقَطْ لَمْ يُلْزِمْهُ الظِّهَارَ اهـ.

وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ (لَا) يَصِحُّ الظِّهَارُ فِي أَمَةٍ (مُكَاتَبَةٍ) لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا إنْ أَدَّتْ كِتَابَتَهَا، بَلْ (وَلَوْ عَجَزَتْ) بَعْدَ الظِّهَارِ مِنْهَا (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ.

(وَفِي صِحَّتِهِ) أَيْ الظِّهَارِ (مِنْ كَمَجْبُوبٍ) وَخَصِيٍّ وَشَيْخٍ فَانٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ عِنْدَ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ (تَأْوِيلَانِ) فَيَنْبَغِي وَقَوْلَانِ قَالَهُ تت. طفي فِي عَزْوِهِ وَتَفْرِيعِهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَإِنَّمَا هُوَ إجْرَاءُ ابْنِ عَرَفَةَ ذَكَرَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْبَغْدَادِيِّينَ بِاقْتِضَاءِ الظِّهَارِ مَنْعَ التَّلَذُّذَ بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَوَّلُ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا.

قُلْت هَذَا يَقْضِي أَنَّهُ نَصُّهُمْ " وَلَمْ أَعْرِفْهُ إلَّا إجْرَاءً كَمَا تَقَدَّمَ لِابْنِ مُحْرِزٍ، وَعَزَا الثَّانِيَ لِأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ قَائِلًا لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ فِي النَّوَادِرِ غَيْرَ قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَكَذَا الْبَاجِيَّ قَائِلًا هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِ وَطْءٍ، فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَرَتْقَاءَ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ سَوَّى الشَّيْخَ الْفَانِيَ بِالرَّتْقَاءِ وَالْأَوَّلُ فِيهَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.

(وَصَرِيحُهُ) أَيْ الظِّهَارِ مُصَوَّرٌ (بِ) لَفْظٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى تَشْبِيهِ مَنْ تَحِلُّ (بِظَهْرِ) مَرْأَةٍ (مُؤَبَّدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةُ مُشَدَّدَةٌ (تَحْرِيمُهَا) عَلَى الْمُظَاهِرِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ كَانَتْ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا أَوْ أُمَّ زَوْجَتِي (أَوْ عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ) " غ صَوَابُهُ لَا عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ بِالنَّفْيِ فَلَيْسَا مِنْ الصَّرِيحِ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ مِنْ

ص: 227

وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ، وَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ:

ــ

[منح الجليل]

كِنَايَتِهِ. فَإِنَّ جَعْلَ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْمُؤَبَّدِ تَحْرِيمُهَا فِي الصَّرَاحَةِ كَالظَّهْرِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَمْ نَعْرِفْ مَنْ أَلْحَقَ ظَهْرَ الذَّكَرِ بِالصَّرِيحِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ظِهَارٌ (وَلَا يَنْصَرِفُ) صَرِيحُ الظِّهَارِ عَنْهُ (لِلطَّلَاقِ) بِحَيْثُ يَصِيرُ طَلَاقًا فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه، فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا فِي الْفَتْوَى.

(وَهَلْ يُؤْخَذُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الزَّوْجُ (بِالطَّلَاقِ مَعَهُ) أَيْ الظِّهَارِ (إذَا نَوَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ (مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ فِي الْقَضَاءِ الظِّهَارُ لِلَفْظِهِ وَالطَّلَاقُ لِنِيَّتِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهَا فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، أَوْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ. الْبُنَانِيُّ قَرَّرَ " ز " وخش كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ يُوهِمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ الِانْصِرَافِ فِي الْفَتْوَى، وَكَلَامُهُ فِي ضَيْح عَكْسُهُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَوَابٍ، وَقَدْ حَرَّرَ اللَّقَانِيُّ فِي حَوَاشِيهِ الْمَسْأَلَةَ، وَكَذَا الْحَطّ بِنَقْلِ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ.

اللَّقَانِيُّ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ " فَحَاصِلُهُ أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي صَرِيحِ الظِّهَارِ إذَا نُوِيَ بِهِ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ فِي الْفَتْوَى، وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا فِي الْقَضَاءِ، وَأَنَّ رِوَايَةَ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ ظِهَارٌ فَقَطْ فِيهِمَا، وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ مُؤَوَّلَةٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِرِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ ضَيْح مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَنَّهُمَا فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي اهـ. وَقَدْ أَطَالَ الْحَطّ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، لَهُ وَأَصْلَحَ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ يَنْصَرِفُ الطَّلَاقُ فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعَ النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِالظِّهَارِ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ. وَأَصْلَحَهَا ابْنُ عَاشِرٍ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ. وَتُؤُوِّلَتْ بِالِانْصِرَافِ لَكِنْ يُؤْخَذُ بِهِمَا فِي الْقَضَاءِ. اهـ. وَهَذَا أَحْسَنُ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ عَدَمَ الِانْصِرَافِ مُطْلَقًا أَرْجَحُ وَقَدْ نُقِلَ فِي ضَيْح عَنْ الْمَازِرِيِّ

ص: 228

كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ كَأُمِّي؟ تَأْوِيلَانِ

ــ

[منح الجليل]

أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَكَذَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الطَّلَاقِ، وَأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَهُ حُكْمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُضْمَرَ بِهِ غَيْرُهُ كَالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَوْ أُضْمِرَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الطَّلَاقِ اهـ.

وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وَزَادَ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا حَلَفَ بِهِ وَهِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى.

وَشُبِّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ لَا بِقَيْدِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي ضَيْح أَوْ مَعَ قِيَامِهَا كَمَا فِي تت فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: (أَنْتِ حَرَامٌ) عَلَيَّ (كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ) أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ (كَأُمِّي) فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقَطْ، أَوْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ (تَأْوِيلَانِ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ كَأُمِّي لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى الظَّهْرِ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ بِأَنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَظِهَارٌ فَقَطْ بِاتِّفَاقٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ بِنَاءً عَلَى التَّشْبِيهِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ.

فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ لُزُومِ الظِّهَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنْتِ حَرَامٌ وَسَيَقُولُ وَسَقَطَ أَيْ الظِّهَارُ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. اهـ. وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ قَوْلُهُ أَوْ تَأَخَّرَ إلَخْ. قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَطَفَ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الْآتِي فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ مَحَلًّا، وَلَمْ يَعْطِفْ هُنَا، وَجَعَلَ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي قَيْدًا فِيمَا قَبْلَهُ وَبَيَانًا لِوَجْهِ التَّحْرِيمِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْعَوَامِّ مَخْرَجًا حَيْثُ قَالَ مِثْلُ أُمِّي اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ. . . إلَخْ هُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ قَرَّرَهُ الْحَطّ قَائِلًا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ أَنْتِ حَرَامٌ. كَأُمِّي مِنْ بَابِ أَحْرَى، وَقَرَّرَهُ س وَتَبِعَهُ خش عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا إذَا نَوَاهُمَا، فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَتَعَقَّبَهُ فِي ضَيْح اُنْظُرْ الْحَطّ.

ص: 229

وَكِنَايَتُهُ: كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي؛ إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ، أَوْ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ وَنُوِّيَ فِيهَا فِي الطَّلَاقِ فَالْبَتَاتُ، كَأَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ،

ــ

[منح الجليل]

(وَكِنَايَتُهُ) أَيْ الظِّهَارِ الظَّاهِرَةُ مَا سَقَطَ مِنْهُ لِظَهْرٍ أَوْ الْمُحَرَّمُ أَبَدًا (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ كَ (أُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي) بِحَذْفِ الْكَافِ فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فِي كُلِّ حَالٍ (لَا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ) لِزَوْجَتِهِ بِتَشْبِيهِهَا بِأُمِّهِ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّوْقِيرِ وَالْبِرِّ وَالطَّاعَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ، وَمِثْلُ قَصْدِ الْكَرَامَةِ قَصْدُ الْأَمَانَةِ ابْنُ عَرَفَةَ. سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ ثُمَّ دَخَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ فِي رَعْيِ حَالَةِ يَوْمِ الْيَمِينِ أَوْ يَوْمِ الْحِنْثِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْيَوْمَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَتَى دَخَلَهَا وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا فِي إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إنَّمَا تَلْزَمُ يَمِينُهُ فِيمَا كَانَ لَهُ يَوْمَ حَلَفَ.

(أَوْ) أَنْتِ عَلَيَّ (كَظَهْرِ) امْرَأَةٍ (أَجْنَبِيَّةٍ وَنُوِّيَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ قَبِلَتْ نِيَّةَ الزَّوْجِ (فِيهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ الظَّاهِرَةِ بِقِسْمَيْهَا (فِي الطَّلَاقِ) أَيْ أَصْلُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ، فَإِنْ نَوَاهُ بِهَا (فَالْبَتَاتُ) أَيْ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَزِمَهُ بِهَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَلَوْ نَوَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مِنْهَا. وَقَالَ سَحْنُونٌ: تُقْبَلُ نِيَّةُ الْأَقَلِّ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

وَشُبِّهَ فِي لُزُومِ الْبَتَاتِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ كَفُلَانَةَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَخِفَّةِ اللَّامِ كِنَايَةٌ عَنْ اسْمِ امْرَأَةٍ كَهِنْدٍ (الْأَجْنَبِيَّةِ) مِنْ الزَّوْجِ أَيْ لَيْسَتْ مَحْرَمَهُ وَلَا حَلِيلَتَهُ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ) أَيْ الظِّهَارَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ زَوْجٌ (مُسْتَفْتٍ) فَيَلْزَمُهُ فَقَطْ فِيهِمَا، وَمَفْهُومُ مُسْتَفْتٍ لُزُومُ الظِّهَارِ مَعَ الثَّلَاثِ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ فِيهَا إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الظَّهْرَ فَهُوَ الْبَتَاتُ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَقَالَ: أَرَدْت الظِّهَارَ صُدِّقَ، إنَّمَا مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ

ص: 230

أَوْ كَابْنِي، أَوْ غُلَامِي، كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ.

ــ

[منح الجليل]

أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَقَالَ: أَرَدْت الظِّهَارَ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ الظِّهَارُ بِمَا نَوَى فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ: فَظَاهِرُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ.

(أَوْ) قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ (كَابْنِي أَوْ غُلَامِي) ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ غُلَامِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ.

وَقَالَهُ أَصْبَغُ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ وَأَنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ، قَالَ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَأَبِي أَوْ غُلَامِي فَهُوَ تَحْرِيمٌ. ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْغُلَامَ مُحَرَّمَانِ عَلَيْهِ كَالْأُمِّ وَأَشَدَّ، وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ، وَلَا فِي أَنَّهُ أَلْزَمَهُ التَّحْرِيمَ إذَا لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ إذَا سَمَّى الظَّهْرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ كَتَشْبِيهِ زَوْجَتِهِ بِزَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى أَوْ أَمَةٍ لَهُ اهـ.

وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ غُلَامِي أَنَّهُ ظِهَارٌ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ قَالَ كَأَبِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ وَاخْتَارَهُ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَكُونُ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا وَأَنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ. وَالصَّوَابُ إنْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ لَا ظِهَارَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ الطَّلَاقَ. اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ.

(أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَالْبَتَاتُ) يَلْزَمُهُ بِكُلِّ صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْبَتَاتِ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ رَبِيعَةُ مَنْ قَالَ: أَنْتِ مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَهُوَ مُظَاهِرٌ. ابْنُ شِهَابٍ وَكَذَا بَعْضُ مَا حَرَّمَهُ الْكِتَابُ اهـ ابْنُ يُونُسَ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ. وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، أَوْ وِفَاقٌ وَهُوَ الَّذِي فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَائِلًا قَوْلُ رَبِيعَةَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْبَتَاتِ، ثُمَّ إذَا

ص: 231

وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ، لَا بِأَنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي

ــ

[منح الجليل]

تَزَوَّجَهَا بَعْدُ كَانَ مُظَاهِرًا، وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا إذَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الظِّهَارُ فَرَجَعَ إلَى الْوِفَاقِ. ابْنُ مُحْرِزٍ مَعْنَى قَوْلِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ مِنْ النِّسَاءِ، وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ.

قُلْتُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مِثْلَ مَنْ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لَزِمَهُ الظِّهَارُ، وَلَوْ قَالَ: مِثْلَ مَا حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ وَمَا لِمَا لَا يَعْقِلُ كَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لُزُومُ الظِّهَارِ أَوْ الثَّلَاثُ ثَالِثُهَا هُمَا. قُلْت هَذَا إذَا كَانَ الْقَائِلُ يُفَرِّقُهُ بَيْنَ مَنْ وَمَا بِمَا ذُكِرَ. وَفِي الزَّاهِيِّ: أَنْتِ كَعَلَيَّ كَبَعْضِ مَا حَرَّمَهُ الْقُرْآنُ ظِهَارٌ وَقُلْت الْأَحْوَطُ لُزُومُ الظِّهَارِ وَالْبَتَاتِ. ابْنُ يُونُسَ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا وَالظِّهَارُ وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي وَالْمَيْتَةِ.

(وَلَزِمَ) الظِّهَارُ (بِأَيِّ كَلَامٍ) وَأَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ نَحْوَ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ اسْقِينِي (نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ (بِهِ) وَهَذِهِ هِيَ الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ تُخْرِجُ بِقَيْدِ أَبِي الْحَسَنِ صَرِيحَ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتَهُ الظَّاهِرَةَ فَلَا يَلْزَمُ بِهِمَا ظِهَارٌ نَوَاهُ بِهِمَا ذَكَرَهُ الْغِرْيَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَسَلَّمَهُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ الظِّهَارَ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ نِيَّتِهِ وَالطَّلَاقُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ لَفْظِهِ.

ابْنُ عَرَفَةَ وَكِنَايَتُهُ الْخَفِيَّةُ مَا مَعْنَاهُ مُبَايِنٌ لَهُ، وَأُرِيدَ مِنْهُ إنْ لَمْ يُوجِبْ مَعْنَاهُ حُكْمًا اُعْتُبِرَ فِيهِ فَقَطْ كَاسْقِينِي الْمَاءَ وَإِلَّا فِيهِمَا كَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَأَرَادَ بِهِ الظِّهَارَ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَالطَّلَاقُ بِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَفِيهَا:" كُلُّ كَلَامٍ نُوِيَ بِهِ الظِّهَارُ ظِهَارٌ ".

(لَا) يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا ظِهَارٌ (بِ) قَوْلِهِ (إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي) وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا، نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ عَنْ النَّوَادِرِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ لَا أَمَسُّ

ص: 232

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

أَمَتِي أَبَدًا. قُلْت اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ: إنْ وَطِئْتُك فَقَدْ وَطِئْت أُمِّي، نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ، وَفِي النَّفْسِ مِنْ نَقْلَةِ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ شَكٌّ لِعَدَمِ نَقْلَةِ الشَّيْخِ فِي نَوَادِرِهِ، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: أَنْتِ أُمِّي سَمِعَ عِيسَى أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ لَغْوِهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْنَى إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي لَا أَطَؤُك حَتَّى أَطَأَ أُمِّي فَهُوَ لَغْوٌ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ وَطْئِي إيَّاكَ كَوَطْءِ أُمِّي فَهُوَ ظِهَارٌ، وَهَذَا أَقْرَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77] ، لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا يَسْرِقُ حَتَّى يَسْرِقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ، وَإِلَّا لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ يُوسُفُ صلى الله عليه وسلم بَلْ مَعْنَاهُ سَرِقَتُهُ كَسَرِقَةِ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَإِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ اهـ.

الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْبَحْثِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وضيح وَابْنُ يُونُسَ، وَنَصُّهُ " وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مُتَدَافِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا لَمْ أَجِدْهُ ثُمَّ قَالَ نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ، وَقَوْلُهُ فِي النَّفْسِ مِنْ نَقْلَةِ الصِّقِلِّيُّ شَكٌّ. . . إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّ أَمَانَةَ ابْنِ يُونُسَ وَثِقَتَهُ وَجَلَالَتَهُ مَعْرُوفَةٌ، وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَنْفِ وُجُودَهُ اهـ عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ قُصُورٌ، إذْ مَا نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ مَوْجُودٌ لِغَيْرِهِ، فَفِي تَعَالِيقِ أَبِي عِمْرَانَ مَا نَصُّهُ: " رَوَى ابْنُ ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: لَا أَطَؤُك حَتَّى أَطَأَ أُمِّي أَوْ لَا أَعُودُ لِوَطْأَتِك حَتَّى أَعُودَ لِوَطْءِ أُمِّي أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ ". وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ فَتُّوحٍ مَا نَصُّهُ " قَالَ سَحْنُونٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه إنْ قَالَ: أَنْتِ أُمِّي فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ ظِهَارٌ، إنْ قَالَ: وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ " نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ. قُلْت لَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ عِمْرَانَ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ التَّرْدِيدِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الثِّقَاتِ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوَادِرِ مِثْلَ مَا نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ، وَبِهِ يَبْطُلُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لِعَدَمِ نَقْلَةِ الشَّيْخِ فِي نَوَادِرِهِ، وَنَصُّ مَا نَقَلَهُ عَنْهَا مِنْ آخِرِ ظِهَارِ الْخَصِيِّ وَالشَّيْخِ الْفَانِي: " قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

ص: 233

أَوْ لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي، أَوْ لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ:

وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ، أَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ مَنْ دَخَلَتْ، أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ، أَوْ أَيَّتُكُنَّ،

ــ

[منح الجليل]

(أَوْ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ (لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ لَا أَمَسُّك أَبَدًا. عب يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا قِيَاسًا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا (أَوْ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِلِ فِي الصِّيَغِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ.

(وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ) عَلَى الْمُظَاهِرِ (إنْ عَادَ) بِوَطْءٍ أَوْ تَكْفِيرٍ (ثُمَّ ظَاهَرَ) مِنْ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ وَطِئَهَا أَوْ كَفَّرَ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِنْ وَطِئَهَا، أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ قَالَ لَهَا ذَلِكَ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ ثَالِثَةٌ وَهَكَذَا. وَأَمَّا إنْ عَادَ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَلَمْ يَطَأْ وَلَمْ يُكَفِّرْ ثُمَّ ظَاهَرَ فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَكَانَ أَظْهَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ وَطِئَ فِي ظِهَارِهِ ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: لَوْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَزِمَ ظَاهِرُهُ دُونَ خِلَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْبَاجِيَّ وَجَّهَ الْخِلَافَ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْعَوْدَةَ تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ أَوْ صِحَّتَهَا. وَلَوْ قَالَ: لَوْ وَطِئَ ثُمَّ عَادَ لَاسْتَقَامَ اهـ. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَتَعَدَّدَانِ ظَاهِرٌ بَعْدَ الْعَوْدِ، بَلْ، وَلَوْ شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ عَنْ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا أَتَمَّهَا أَوْ وَوَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ الظِّهَارُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ فَتَتَعَدَّدُ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ.

(أَوْ) أَيْ وَتُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إنْ (قَالَ) الزَّوْجُ (لِأَرْبَعِ) زَوْجَاتٍ لَهُ (مَنْ دَخَلَتْ) مِنْكُنَّ (أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ) دَخَلَتْ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي، فَكُلُّ مَنْ دَخَلَتْ

ص: 234

لَا إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ، أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ.

ــ

[منح الجليل]

فَعَلَيْهِ لَهَا كَفَّارَةٌ لِتَعَلُّقِ الظِّهَارِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى عَامٍّ وَهُوَ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ. . . إلَخْ، وَإِنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ الْأُخْرَى فَهِيَ. . . إلَخْ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ هَذِهِ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ فَدَخَلَتْهَا كُلُّهُنَّ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ أَمْ أَرْبَعٌ، قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ أَيَّتُكُنَّ كَلَّمْتهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ بِانْفِرَادِهَا ظِهَارٌ وَكَذَا مَنْ تَزَوَّجْت مِنْكُنَّ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ.

(لَا) تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَجْنَبِيَّاتٍ (إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ) فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْبَوَاقِيَ فَلَا شَيْءَ لِانْحِلَالِ ظِهَارِهِ بِالْكَفَّارَةِ الْأُولَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَزِمَهُ الظِّهَارُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ مِنْهُنَّ، فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَكَفَّرَ سَقَطَ ظِهَارُهُ فِي جَمِيعِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ فَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ ثُمَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَاقِيَاتِ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، وَإِنْ وَطِئَهَا تَعَيَّنَتْ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَسْقُطُ ظِهَارُهُ إلَّا بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فِي جَمِيعِهِنَّ.

(أَوْ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ قَالَ: (كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا) فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ الَّذِي عَمَّ النِّسَاءَ فَلَمْ يَلْزَمْ وَالظِّهَارُ أَنَّ لَهُ فِي الثَّانِي مَخْرَجًا بِالْكَفَّارَةِ دُونَ الطَّلَاقِ، وَكَفَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي أَنَّ كَفَّارَةً وَاحِدَةً كَفَّارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْجَلَّابِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ تُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ لِمَ تُعْجِبْ أَبَا إِسْحَاقَ تَفْرِقَتُهُ فِيهَا بَيْنَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَبَيْنَ مَنْ تَزَوَّجْت مِنْ النِّسَاءِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى. عِيَاضٌ الْفَرْقُ أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ مَنْ وَأَيِّ لِلْآحَادِ فَعَرَضَ لَهَا الْعُمُومُ فَعَمَّتْ الْآحَادَ مِنْ حَيْثُ

ص: 235

أَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ، أَوْ كَرَّرَهُ،

ــ

[منح الجليل]

أَنَّهَا آحَادٌ. وَأَصْلُ وَضْعِ كُلٍّ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَكَانَتْ كَالْيَمِينِ عَلَى فِعْلِ أَشْيَاءَ تَنْحَلُّ بِفِعْلِ أَحَدِهَا. قُلْت حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ رَأَى لِكُلٍّ فَرْدٍ فَرْدُ لَا بِقَيْدِ الْمَعِيَّةِ. وَمَدْلُولُ كُلِّ كَذَلِكَ بِقَيْدِ الْجَمْعِيَّةِ مُنْضَمًّا إلَى التَّحْنِيثِ بِالْأَقَلِّ عِيَاضٌ وَلَيْسَ كَمَا فَرَّقَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فِي قَوْلِهِ مِنْ النِّسَاءِ، إذْ لَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ بَلْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَلَا أَثَرَ لَهَا هُنَا، إذْ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَنْ تَزَوَّجْت مِنْ النِّسَاءِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ النِّسَاءِ.

(أَوْ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ (ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ) الْأَرْبَعِ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ كَفَّرَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَهْلًا مِنْهُ أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِنَّ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ، زَادَ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ إنْ جَهِلَ فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إلَّا كَفَّارَةٌ كَفَّارَةٌ فَكَفَّرَ عَنْ إحْدَاهُنَّ أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِنَّ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا.

(أَوْ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ (كَرَّرَهُ) أَيْ الظِّهَارَ لِوَاحِدَةٍ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَلَوْ فِي مَجَالِسَ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ، وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ، فَإِنْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ تَعَدَّدَتْ هَذَا هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ وَشَرْحُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا.

وَفِي حَاشِيَةِ جَدّ عج تَعَدُّدُهَا حَيْثُ كَرَّرَهُ بِمَجَالِسَ سَوَاءٌ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ أَمْ لَا وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُدَوَّنَةَ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ مَا فِي حَاشِيَةِ جَدّ عج هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَنَصُّهَا " وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ تَظَاهَرَ مِنْهُنَّ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَخَاطَبَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِالظِّهَارِ دُونَ الْأُخْرَى حَتَّى أَتَى عَلَى الْأَرْبَعِ، أَوْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى وَأَنْتِ مِثْلُهَا فَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ ".

ابْنُ يُونُسَ: وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ وَإِنْ تَظَاهَرَ مِنْهُنَّ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لِوَاحِدَةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَتَّى عَلَى الْأَرْبَعِ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ.

ص: 236

أَوْ عَلَّقَهُ " بِمُتَّحِدٍ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَاتٍ

ــ

[منح الجليل]

أَوْ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدَانِ (عَلَّقَهُ) أَيْ الظِّهَارَ مُكَرَّرًا (بِ) شَيْءٍ (مُتَّحِدٍ) كَقَوْلِهِ: إنْ لَبِسْت هَذَا الثَّوْبَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَبِسْته فَأَنْتِ. . . إلَخْ إنْ لَبِسْته فَأَنْتِ. . . إلَخْ، فَإِنْ لَبِسَتْهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ كَرَّرَهُ وَجَمَعَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِهِ وَيُسَمَّى بَسِيطًا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَإِنْ لَبِسْت الثَّوْبَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ لَبِسَتْهُ تَعَدَّدَتْ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَدَّمَ الْبَسِيطَ عَلَى الْمُعَلَّقِ وَأَخَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا بَعْدَ ظِهَارٍ، فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِغَيْرِ فِعْلٍ أَوْ جَمِيعًا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِمَا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَانِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ وَالثَّانِي بِفِعْلٍ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِفِعْلٍ وَالثَّانِي بِغَيْرِ فِعْلٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ أَفَادَهُ النَّاصِرُ.

الْبُنَانِيُّ وَلَعَلَّ فِي نَقْلِهِ تَحْرِيفًا، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ الْبَيَانِ نَصُّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا بَعْدَ ظِهَارٍ فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِغَيْرِ فِعْلٍ وَجَمِيعًا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ، أَوْ الْأَوَّلُ بِفِعْلٍ وَالثَّانِي بِغَيْرِ فِعْلٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِمَا جَمِيعًا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَانِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّهُمَا إنْ كَانَا جَمِيعًا بِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ، وَالثَّانِي بِفِعْلٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ اهـ.

وَهَذَا نَفْسُ مَا فِي الْحَطّ وَهُوَ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ مِنْ النَّاصِرِ. وَمَفْهُومُ بِمُتَّحِدٍ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ كَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَبِسْت الثَّوْبَ فَأَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِحَبْسِهِ، وَاتُّفِقَ عَلَيْهِ إنْ حَنِثَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْرَاجِ الْأُولَى. وَأَمَّا قَبْلَهَا، فَقَالَ اللَّخْمِيُّ:" ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَذَلِكَ ". وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ تُجْزِئُهُ وَاحِدَةٌ وَلَا تُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي: إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ الْمُظَاهَرَةِ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ تَكْرِيرِهِ بِلَا تَعْلِيقٍ أَوْ تَكْرِيرِهِ مُعَلَّقًا بِمُتَّحِدٍ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الْمُظَاهِرُ بِالْمُكَرَّرِ الْبَسِيطَ أَوْ الْمُتَعَلِّقَ بِمُتَّحِدٍ أَوْ الظِّهَارَ مِنْ نِسَائِهِ أَوْ الْقَائِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ الْقَائِلُ إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ، وَمَفْعُولُ يَنْوِي (كَفَّارَاتٍ) أَيْ لِكُلِّ

ص: 237

فَتَلْزَمَهُ، وَلَهُ الْمَسُّ بَعْدَ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَحَرُمَ قَبْلَهَا الِاسْتِمْتَاعُ،

ــ

[منح الجليل]

مُظَاهَرٍ مِنْهَا كَفَّارَةٌ (فَتَلْزَمُهُ) الْكَفَّارَةُ لِكُلِّ زَوْجَةٍ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْخَمْسِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِ الِاسْتِثْنَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي تَكَرُّرِ الظِّهَارِ بَسِيطًا أَوْ مُعَلَّقًا عَلَى مُتَّحِدٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ نَوَى تَعَدُّدَهُ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَعَدُّدَهَا فَتَتَعَدَّدُ وَعَلَيْهِ فِي كَوْنِ حُكْمِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ حُكْمُ كَفَّارَتِهِ فَلَا يَطَأُ قَبْلَهُ، وَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ حُكْمُ النَّذْرِ فِيهَا وَلَا تُقَدَّمُ نَقْلًا الصِّقِلِّيِّ عَنْ الشَّيْخِ وَأَبِي عِمْرَانَ مَعَ الْقَابِسِيِّ

(وَ) مَنْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ يَجُوزُ (لَهُ الْمَسُّ) بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ) إخْرَاجِ كَفَّارَةٍ (وَاحِدَةٍ) عَنْهَا (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا اشْتِرَاطُ الْعَوْدَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَعَدَمِهِ، وَأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهَذِهِ الْكَفَّارَاتِ وَضَاقَ ثُلُثُهُ تُقَدَّمُ وَاحِدَةٌ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَتُقَدَّمُ كَفَّارَتُهَا عَلَى الْبَاقِي ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ رُشْدٍ أَبُو إِسْحَاقَ يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ لَمْ تُجْزِهِ الْكَفَّارَةُ إذْ لَيْسَ بِمُظَاهِرٍ، لِأَنَّهُ كَمَنْ قَالَ: إنْ وَطِئْت امْرَأَتِي فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ.

قُلْت لَفْظُ اللَّخْمِيِّ كَالتُّونُسِيِّ لَوْ حَدَثَ التَّكْرَارُ بَعْدَ تَمَامِ كَفَّارَةِ الْأَوَّلِ تَعَدَّدَتْ لِمَا بَعْدَهُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ حَدَثَ فِي أَثْنَائِهَا فَفِي إجْزَاءِ ابْتِدَائِهَا عَنْهُمَا وَلُزُومِ إتْمَامِ الْأُولَى وَابْتِدَاءِ ثَانِيَةِ ثَالِثُهَا، هَذَا إنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأُولَى إلَّا الْيَسِيرُ، وَإِنْ مَضَى مِنْهَا يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَجْزَأَ إتْمَامُهَا عَنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ تَكَرَّرَ مُعَلَّقًا فَفِي تَعَدُّدِهَا وَوَحْدَتِهَا ثَالِثُهَا إنْ اخْتَلَفَ مَا عُلِّقَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ تَكَرَّرَ بَعْدَ حِنْثِهِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بَسِيطٌ أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَمْ يُكَفَّرْ لِلْأَوَّلِ فِيهِمَا فَفِي تَكَرُّرِهَا ثَالِثُهَا فِي الْعَكْسِ.

(وَحَرُمَ) عَلَى الْمُظَاهِرِ (قَبْلَ) تَكْمِيلِ (هَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ صِلَةُ (الِاسْتِمْتَاعِ) بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ بِمُقَدِّمَةِ جِمَاعٍ وَمِنْ مَجْبُوبٍ عَلَى انْعِقَادِهِ مِنْهُ حَمْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] ، عَلَى عُمُومِهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ

ص: 238

وَعَلَيْهَا مَنْعُهُ، وَوَجَبَ إنْ خَافَتْهُ رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ، وَجَازَ كَوْنُهُ مَعَهَا؛ إنْ أُمِنَ

، وَسَقَطَ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ. الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ:

ــ

[منح الجليل]

أَنْوَاعِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ نَوَادِرِ الْإِجْمَاعِ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَلَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَلَمْ يَجِدْ الطَّعَامَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ حَتَّى يَجِدَ وَاحِدًا مِنْهَا إلَّا الثَّوْرِيِّ وَابْنُ صَالِحٍ، فَإِنَّهُمَا قَالَا يَطَؤُهَا بِلَا كَفَّارَةٍ (وَعَلَيْهَا) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وُجُوبًا (مَنْعُهُ) أَيْ الْمُظَاهِرِ مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا قَبْلَهَا لِأَنَّ تَمْكِينَهُ مِنْهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ.

(وَوَجَبَ) عَلَيْهَا (إنْ خَافَتْهُ) أَيْ اسْتِمْتَاعَ الْمُظَاهِرِ بِهَا قَبْلَهَا وَعَجَزَتْ عَنْ مَنْعِهِ مِنْهُ بِنَفْسِهَا (رَفْعُهَا) أَمْرَهَا (لِلْحَاكِمِ) لِيَمْنَعَهُ مِنْهُ (وَجَازَ كَوْنُهُ) أَيْ الْمُظَاهِرِ (مَعَهَا) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي بَيْتٍ وَدُخُولُهُ عَلَيْهَا بِلَا اسْتِئْذَانٍ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَمْ تَطْلُقْ (إنْ أُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ عَلَيْهَا مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا قَبْلَهَا، وَلَهُ نَظَرُ وَجْهِهَا وَأَطْرَافِهَا بِلَا قَصْدِ لَذَّةٍ لَا لِصَدْرِهَا، وَفِيهَا وَلَا لِشَعْرِهَا أَيْ بِلَا قَصْدِ لَذَّةٍ. وَقِيلَ يَجُوزُ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالشَّارِحِ، وَيَلْزَمُهَا خِدْمَتُهُ قَبْلَهَا بِشَرْطِ اسْتِتَارِهَا، وَمَفْهُومٌ إنْ أُمِنَ عَدَمُ جَوَازِ كَيْنُونَتِهِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ خَشْيَةُ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ.

(وَسَقَطَ) تَعْلِيقُ الظِّهَارِ (إنْ تَعَلَّقَ) الظِّهَارُ بِشَيْءٍ (وَلَمْ يَتَنَجَّزْ) أَيْ يَحْصُلْ مَا عُلِّقَ الظِّهَارُ عَلَيْهِ، وَصِلَةُ سَقَطَ (بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) وَلَوْ حُكْمًا كَوَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ، فَإِنْ قَالَ لَهَا: " إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَا يُكْمِلُهَا، أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَتَّةٌ أَوْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بَائِنَةً قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ سَقَطَ عَنْهُ تَعْلِيقُ الظِّهَارِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَدَخَلَتْ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا، وَهَذِهِ عِصْمَةٌ أُخْرَى وَأَوْلَى إنْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا. وَمَفْهُومُ لَمْ يَتَنَجَّزْ أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّزَ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ بِهِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. (أَوْ تَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظِّهَارُ عَنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ لِعَدَمِ وُجُودِهِ مَحَلًّا

ص: 239

كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي: كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، لَا إنْ تَقَدَّمَ أَوْ صَاحَبَ: كَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي،

ــ

[منح الجليل]

وَهِيَ الْعِصْمَةُ (كَ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) أَوْ مُتِمَّهَا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً (وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ.

وَشُبِّهَ فِي السُّقُوطِ فَقَالَ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لِ) زَوْجَةٍ (غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِمُجَرَّدِ تَطْلِيقِهَا فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ مَحَلًّا، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَسَّقَهُ وَأُورِدَ قَوْلُهُ لَهَا:" أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ " إذْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمَشْهُورِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَجُعِلَتْ صِيغَةُ الْمُتَلَاحِقَةِ كَصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ جِنْسَانِ مُتَبَايِنَانِ فَلَا يُمْكِنُ جَمْعُهُمَا فِي صِيغَةٍ وَاحِدَةٍ

(لَا) يَسْقُطُ الظِّهَارُ (إنْ تَقَدَّمَ) عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.

(أَوْ صَاحَبَ) الظِّهَارُ الطَّلَاقَ فِي الْوُقُوعِ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقَتَيْنِ عَلَيْهِ (كَ) قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: (إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَصَارَتْ مُظَاهَرًا مِنْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ مُحْرِزٍ لَزِمَاهُ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ، وَلَوْ عُطِفَ الظِّهَارُ بِثُمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ أَبُو الْحَسَنِ لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ هِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ لِوُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ لِمَا وَقَعَ مُرَتَّبًا عَلَى الطَّلَاقِ. الْقَرَافِيُّ إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَعَبْدُهُ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَلَا الْعِتْقُ قَبْلَ الطَّلَاقِ، بَلْ وَقَعَا مَعًا مُرَتَّبَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي

ص: 240

وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ فَقَالَ هِيَ أُمِّي فَظِهَارٌ.

وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ، وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ، وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ.

ــ

[منح الجليل]

هُوَ دُخُولُ الدَّارِ بِلَا تَرْتِيبٍ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا ثُمَّ قَالَ فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَا نَقُولُ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الظِّهَارِ حَتَّى يَمْنَعَهُ، بَلْ الشَّرْطُ اقْتَضَاهُمَا اقْتِضَاءً وَاحِدًا بِلَا تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا.

(وَإِنْ عُرِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (نِكَاحُ امْرَأَةٍ) لِيَتَزَوَّجَهَا (فَقَالَ) الْمُكَلَّفُ (هِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ الْمَعْرُوضَةُ (أُمِّي فَ) قَوْلُهُ هَذَا (ظِهَارٌ) مُعَلَّقٌ عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِقَرِينَةِ الْبِسَاطِ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ كَأُمِّي فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِنْ أَرَادَ وَصْفَهَا بِالْكِبْرِ أَوْ الْكَرَامَةِ أَوْ الْإِهَانَةِ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ، وَفُهِمَ مِنْهُ لُزُومُ الظِّهَارِ الْمُصَرَّحِ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى الزَّوَاجِ بِالْأَوْلَى وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ الصُّورَةُ السَّابِقَةُ عَلَى هَذِهِ. وَمَفْهُومُ إنْ عُرِضَ. . . إلَخْ أَنَّهُ إنْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ بِتَزَوُّجِهَا ظِهَارٌ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(وَتَجِبُ) كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وُجُوبًا مُوسَعًا قَابِلًا لِلسُّقُوطِ (بِالْعَوْدِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا (وَتَتَحَتَّمُ) أَيْ تَتَخَلَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّةِ الْمُظَاهِرِ (بِالْوَطْءِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ نَاسِيًا فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِمَوْتٍ وَلَا فِرَاقٍ (وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ) أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا تُجْزِئُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِهَا أَيْ لَا تَصِحُّ (قَبْلَهُ) أَيْ الْعَوْدِ لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْوَطْءِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَتُجْزِئُ قَبْلَهُ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَهُوَ أَحْسَنُ. طفي تَفْرِيقُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحَتُّمِ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذْ كُلُّ مَنْ قَالَ تَجِبُ بِالْعَوْدِ أَرَادَ بِهِ التَّحَتُّمَ وَالتَّعَلُّقَ بِالذِّمَّةِ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ لِتَرَادُفِهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّحَتُّمَ بِالْوَطْءِ، هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَب. وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْعَوْدِ فَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ: تَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ فِي الْعَوْدَةِ فِي كَوْنِهَا إرَادَةَ الْوَطْءِ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ أَرَادَتْهُ مَعَ دَوَامِ الْعِصْمَةِ فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَتْ الْعِصْمَةُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ عُمِلَ

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

بَعْضُهَا سَقَطَ سَائِرُهَا ثَالِثُهَا نَفْسُ الْوَطْءِ لِلْمُوطَأِ وَلَهَا وَرِوَايَةِ الْقَاضِي اهـ. فَنُسِبَ لِلْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ وَدَوَامُ الْعِصْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ دَوَامُهَا فِيهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَذْهَبُهَا سُقُوطَهَا بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَخَذُوا مِنْهُ أَنَّ الْعَوْدَ عِنْدَهَا الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ دَوَامِ الْعِصْمَةِ إلَى تَمَامِ الْكَفَّارَةِ، فَلَوْ كَانَتْ تَجِبُ بِالْعَوْدِ بِلَا تَحَتُّمٍ لَمَا احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ وَكَانَ مَذْهَبُهَا الْوُجُوبَ بِالْعَوْدِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ، لَكِنَّ الْوُجُودَ مُحَتَّمٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِهَا بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، لَكِنَّهُ غَيْرُ اصْطِلَاحِهِمْ، فَلِذَا قَالُوا مَا ذَكَرْنَا. وَنَحْوُ قَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ وَأَجْرَاهَا عَلَى الْقِيَاسِ وَأَتْبَعُهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَوْلُ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْعَوْدَةَ هِيَ إرَادَةُ الْوَطْءِ مَعَ اسْتِدَامَةِ الْعِصْمَةِ، فَمَتَى انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ. وَقَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى إمْسَاكِ زَوْجَتِهِ فَصَامَ فَمَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا لَا أَرَى عَلَيْهِ إتْمَامَهَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْعَوْدَةَ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِدَامَةِ الْعِصْمَةِ، فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، بَلْ لَا تُجْزِيهِ إنْ فَعَلَهَا غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى الْوَطْءِ وَلَا مُجْمِعٍ عَلَيْهِ، فَالْكَفَّارَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَصِحُّ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالْوَطْءِ، وَعَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ صُرِّحَ بِأَنَّ الْعَوْدَ مُصَحِّحٌ فَقَطْ لِمَا رَأَى مِنْ السُّقُوطِ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ لِقَوْلِهَا فِي مَوْضِعٍ وَالْعَوْدَةُ هَاهُنَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَفِي آخَرَ وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ بِالْوَطْءِ فَإِذَا وَطِئَ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ اهـ. فَنِسْبَتُهُمْ لَهَا أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ بِاعْتِبَارِ التَّصْحِيحِ لَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ، وَقَدْ صُرِّحَ فِي تَوْضِيحِهِ بِأَنَّ وُجُوبَهَا بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ خَاصَّةً عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ شَرْطُهُ بَقَاؤُهَا فِي عِصْمَتِهِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحَتُّمِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمَّا قَالَ الْعَوْدُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ خَاصَّةً وَفِيهَا وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ ثَانِيًا مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالْوَطْءِ وَجَعَلَهُ

ص: 242

وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ؟ تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ.

ــ

[منح الجليل]

خِلَافًا لِمَا حَكَاهُ عَنْهَا أَوَّلًا فَلَيْسَ الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ عَلَى مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَقُولٌ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا. لِلْمُظَاهِرِ فِيهِ خِبْرَةٌ بِوَجْهٍ مَا، وَهَذَا هُوَ الْوُجُوبُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَوْدَةُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعَوْدَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ تُجْزِئُ أَمْ لَا. وَإِنْ نَوَى الْعَوْدَةَ خَاصَّةً وَلَمْ يَطَأْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَهَذِهِ هِيَ الْخِيرَةُ الَّتِي قُلْنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ وَكَأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ مَشْرُوطٌ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالْمَعْنَى الثَّانِي مِنْ مَعْنَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ الَّذِي لَا خِيرَةَ لِلْمُظَاهِرِ فِيهِ فَمَحَلُّهُ إذَا ظَاهَرَ ثُمَّ وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا فَهَذَا تَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَمْ لَا، وَهَذَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَمَا حَكَاهُ عَنْهَا ثَانِيًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي اهـ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حَاصِلُهُ فَهْمُهُ الْمَذْهَبَ عَلَى قَصْرِ مَعْنَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ عَلَى تَحَتُّمِ لُزُومِهَا وَلَوْ مَاتَتْ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَقَصْرُ مَعْنَى وُجُوبِهَا بِالْعَوْدَةِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهَا وَسُقُوطِهَا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَالْأَوَّلُ حَقٌّ، وَالثَّانِي لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا وَإِنْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا وَلَوْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقَوْلُ الْبَاجِيَّ إثْرَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيمَنْ ظَاهَرَ فِي أَثْنَاءِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَيْهِ وَالْقَوْلَانِ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْعَوْدَةِ أَوْ تَصِحُّ بِهَا طفي وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْعَوْدَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مُصَحَّحٌ، وَعَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْعَوْدُ (الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ) لِيُظَاهِرَ مِنْهَا فَقَطْ سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَى إمْسَاكِهَا أَوْ عَلَى تَطْلِيقِهَا أَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ. مِنْهُمَا (أَوْ) هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ (مَعَ) الْعَزْمِ عَلَى (الْإِمْسَاكِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي عِصْمَتِهِ (تَأْوِيلَانِ) لِلْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ (وَخِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ.

ص: 243

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

قَالَ فِي الشَّامِلِ وَفِي الْعَوْدِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَشُهِرَ، وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا أَوْ الْإِمْسَاكُ وَحْدَهُ وَالْوَطْءُ نَفْسُهُ وَضَعُفَ اهـ. وَذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَعِيَاضًا شَهَرَا أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ فَيُطَالِبُ الْمُصَنِّفُ بِمَنْ شَهَرَ الْأَوَّلَ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّرَّاحِ، عَلَى أَنَّ فِي عَزْوِ التَّوْضِيحِ نَظَرًا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَعِيَاضًا اتَّفَقَا فِي التَّشْهِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ مُجَرَّدُ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعَزْمِ عَلَى الْإِمْسَاكِ، وَعَلَى هَذَا فَهِمَ الْمُوَطَّأَ وَفَهِمَ عِيَاضٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَهْمُ الْمُوَطَّأَ وَالْعَزْمُ عَلَى الْإِمْسَاكِ غَيْرُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِمْسَاكِ عَلَى تَأْوِيلِ عِيَاضٍ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَهُ وَلَوْ لَمْ تَدُمْ الْعِصْمَةُ بِأَنْ مَاتَتْ أَوْ طَلُقَتْ وَعِنْدَ مَنْ اشْتَرَطَ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَالْوَطْءِ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ تَسَاوِيهِمَا فَرُتِّبَ عَلَيْهِ عَزْوُهُ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْعَوْدُ فِي الْمُوَطَّأِ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِمْسَاكِ مَعًا مَا نَصُّهُ " فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ عَلَى مَعْنَى مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُوَطَّإِ وَصَرَّحَا بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَبَدَلٌ لِمَا قُلْنَا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْ الْمُوَطَّإِ أَنَّ الْعَوْدَةَ مَجْمُوعُ الْعَزْمِ عَلَى إمْسَاكِهَا وَعَلَى الْوَطْءِ. وَمُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ فَقَطْ. عِيَاضٌ مَذْهَبُهَا أَنَّهُ إرَادَةُ الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ، وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مَعْنَى الْمُوَطَّإِ أَنَّهَا الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ فَقَطْ، وَقَالَ مَرَّةً فِي الْكِتَابِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ وَنَحَا إلَيْهِ اللَّخْمِيُّ. اهـ. وَأَرَادَ عِيَاضٌ بِبَعْضِ شُيُوخِهِ ابْنَ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالْعَوْدَةِ وَفِي كَوْنِهَا الْعَزْمَ عَلَى إمْسَاكِهَا أَوْ عَلَى وَطْئِهَا أَوْ عَلَيْهِمَا، رَابِعُهَا الْوَطْءُ لِلْبَاجِيِّ وَعَنْ رِوَايَتَيْ الْجَلَّابِ وَالْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةِ الْجَلَّابِ، وَعَلَيْهَا يَجُوزُ الْوَطْءُ مَرَّةً ثُمَّ يَحْرُمُ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَخَامِسُهَا مُجَرَّدُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ فِيهَا.

ص: 244

وَسَقَطَتْ، إنْ لَمْ يَطَأْ بِطَلَاقِهَا وَمَوْتِهَا، وَهَلْ تُجْزِئُ إنْ أَتَمَّهَا؟

ــ

[منح الجليل]

وَسَقَطَتْ) الْكَفَّارَةُ عَمَّنْ عَادَ بِنِيَّةِ الْوَطْءِ فَقَطْ أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ (إنْ لَمْ يَطَأْ) الْمُظَاهِرُ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا وَصِلَةُ سَقَطَتْ (بِ) سَبَبِ (طَلَاقِهَا) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا الْبَائِنِ لَا الرَّجْعِيِّ إلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُ، وَالْمُرَادُ بِسُقُوطِهَا أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا مَا دَامَتْ بَائِنًا مِنْهُ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (وَ) سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ بِ (مَوْتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَوْدِ وَقَبْلَ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ وَكَذَا بِمَوْتِهِ قَبْلَ وَطْئِهَا فِيهِمَا.

الْبُنَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَخْلِيطٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ عَلَى مَا شَرَحُوهُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَكُلُّهَا تَأْوِيلَاتٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ

الْأَوَّلُ: لِابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ. . . إلَخْ.

وَالثَّانِي: لِلَّخْمِيِّ.

وَالثَّالِثُ: لِعِيَاضٍ. وَلَهُمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ. . . إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ مُفَرَّعَانِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُمَا مُبَايِنَانِ لَهُ وَتَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا كَالْوُجُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ، وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِمَعْنَى اللُّزُومِ، وَتَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ: وَسَقَطَتْ إنْ لَمْ يَطَأْ. . . إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا السُّقُوطُ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَالْعِبَارَةُ السَّالِمَةُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ. وَهَلْ تَجِبُ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ بِهِ مَعَ الْإِمْسَاكِ أَوْ تَصِحُّ بِهِ فَقَطْ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ فَتَسْقُطُ إنْ لَمْ يَطَأْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ تَأْوِيلَاتٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ شَرَعَ الْمُظَاهِرُ الَّذِي عَادَ فِي الْكَفَّارَةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا طَلَاقًا بَائِنًا فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَتَمَّهَا بَعْدَهُ فَ (هَلْ تُجْزِئُ) الْكَفَّارَةُ الْمُظَاهِرَ (إنْ أَتَمَّهَا) أَيْ الْمُظَاهِرُ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ إبَانَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِلَا كَفَّارَةٍ أُخْرَى، أَوْ لَا تُجْزِئُ، فَإِنْ

ص: 245

تَأْوِيلَانِ

وَهِيَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ

ــ

[منح الجليل]

تَزَوَّجَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا انْقَضَتْ عِدَّتُهُ أَوْ لَمْ تَنْقَضِ وَلَمْ يَنْوِ ارْتِجَاعَهَا قَبْلَ إتْمَامِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنْ أَتَمَّهَا فِيهَا نَاوِيًا رَجْعَتَهَا وَعَازِمًا عَلَى وَطْئِهَا أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا. وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ مَحَلَّهُمَا إذَا أَتَمَّهَا قَبْلَ مُرَاجَعَتِهَا. وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَقَدْ عَمِلَ فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ إنْ أَرَادَ الْعَوْدَ.

أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ نَافِعٍ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى أَنَّهُ وِفَاقٌ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَعَلَى الْخِلَافِ إذَا كَانَ بَائِنًا. عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ إنَّمَا هُوَ إذَا طَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّهَا وَإِنْ أَتَمَّهَا لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَفِي لَفْظِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الشَّيْخُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ فِي الْجَمِيعِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ. وَأَمَّا إتْمَامُهَا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ فَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا، فَقَالَ مَا نَصُّهُ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا يَوْمًا مَا وَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ صَوْمًا ابْتَدَأَهَا، وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا بَنَى عَلَى مَا كَانَ أَطْعَمَ إنْ تَبَيَّنَ مِنْهُ لِجَوَازِ تَفْرِقَةِ الطَّعَامِ. ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَأَصَحُّ مَا انْتَهَى إلَيْنَا، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا.

وَقَالَ لَا يُبْنَى عَلَى الصَّوْمِ اتِّفَاقًا.

وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْنِي عَلَى الطَّعَامِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ اهـ.

وَكَذَا فِي الْحَطّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا تُجْزِيهِ إذَا ارْتَجَعَهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ ارْتَجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَلَا.

(وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مُرَتَّبَةٌ أَوَّلُهَا (إعْتَاقُ رَقَبَةٍ) أَيْ ذَاتٍ. ابْنُ عَرَفَةَ كَفَّارَتُهُ الْمَعْرُوفُ انْحِصَارُهَا فِي الْعِتْقِ ثُمَّ الصَّوْمِ إنْ تَعَذَّرَ ثُمَّ الْإِطْعَامِ إنْ تَعَذَّرَ. الْبَاجِيَّ فِي النَّوَادِرِ مَنْ كَسَا وَأَطْعَمَ عَنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَسَدِيَّةِ لَا يُجْزِيهِ، وَفِي

ص: 246

لَا جَنِينٍ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَمُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ مُؤْمِنَةٍ،

ــ

[منح الجليل]

الْمَجَالِسِ يُجْزِيهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُجْزِيهِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَطْعَمَ لِوَاحِدَةٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكَسَا لِأُخْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَ الْعِتْقَ فَأَعْتَقَ عَنْ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَقَبَةِ الرَّابِعَةِ فَلْيُطْعِمْ أَوْ يَكْسُ وَيُجْزِيهِ. الشَّيْخُ اُنْظُرْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِي الْكُسْوَةِ مَا عَرَفْته لِغَيْرِهِ.

قُلْت: نَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ نَوَادِرِ الْإِجْمَاعَ: أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَلَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَلَمْ يَجِدْ الطَّعَامَ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَجِدَ وَاحِدًا مِنْ تِلْكَ الْأَصْنَافِ اهـ.

فَظَاهِرُهُ إجْمَاعُهُمْ عَلَى لَغْوِ الْكُسْوَةِ فِيهَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ النَّوَادِرِ أَوَّلًا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا لِلظِّهَارِ، وَلِذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ، وَإِنَّمَا نَقَلَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ فَقَطْ (لَا) يُجْزِئُ إعْتَاقُ (جَنِينٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً.

وَاسْتَأْنَفَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَقَالَ (وَ) إنْ أَعْتَقَ جَنِينًا (عَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ مُخَفَّفًا، أَيْ صَارَ الْجَنِينُ حُرًّا (بَعْدَ وَضْعِهِ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، أَيْ نَفَذَ الْعِتْقُ السَّابِقُ فِيهِ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِاسْتِئْنَافِ عِتْقٍ الْآنَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ أَعْتَقَ جَنِينًا عَتَقَ وَلَمْ يُجْزِهِ أَقْرَبُ مِنْ قَوْلِهَا يُعْتَقُ بَعْدُ إذَا وَضَعَتْهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُعْتَقُ حِينَ عِتْقِهِ، وَعِبَارَتُهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُ حِينَ وَضْعِهِ فَيُقَالُ عَلَى هَذَا إذَا وَضَعَتْهُ صَارَ رَقَبَةً وَعِتْقُهُ حِينَئِذٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَيُجْزِيهِ، وَلَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك الْجَوَابَ عَنْ هَذَا.

(وَلَا) يُجْزِئُ إعْتَاقُ رَقِيقٍ غَائِبٍ عَنْ الْمُظَاهِرِ (مُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ) لَا يَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ أَسْلَمَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ رَقَبَةً مُحَقَّقَةً، فَإِنْ عَلِمَ وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ أَنَّهُ كَانَ بِصِفَةِ مَنْ يُعْتَقُ عَنْ الظِّهَارِ أَجْزَأَ، بِخِلَافِ الْجَنِينِ فَلَا يُجْزِئُ وَلَوْ وُلِدَ بِصِفَةِ مَنْ بَعُدَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَقَبَةً حِينَ عِتْقِهِ وَوَصْفُ رَقَبَةٍ بِ (مُؤْمِنَةٍ) ابْنُ يُونُسَ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مُؤْمِنَةً كَانَ كَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا. وَفِي حَدِيثِ السَّوْدَاءِ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ إذْ قَالَ سَيِّدُهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ رَقَبَةٍ أَفَأَعْتِقُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ إذَا لَزِمَتْهُ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ وَتَرْكُ الِاسْتِفْسَارِ فِي حِكَايَةِ الْأَحْوَالِ مَعَ الِاحْتِمَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

الْمَقَالِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعِتْقِهَا حَتَّى سَأَلَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنَا قَالَتْ: رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، وَقَوْلُهَا فِي " فِي السَّمَاءِ " أَيْ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ الْمَعْنَوِيِّ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ صِفَاتِ الْحَوَادِثِ.

وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام أَيْنَ اللَّهُ مِنْ الْمُتَشَابِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُسْأَلُ عَنْهُ بِأَيْنَ وَلَهُ تَأْوِيلَاتٌ.

وَلِأَبِي الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيِّ عَلَيْهِ كَلَامٌ حَسَنٌ مِنْهُ السُّؤَالُ بِأَيْنَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، اثْنَانِ جَائِزَانِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَوَاحِدٌ لَا يَجُوزُ الْأَوَّلُ: السُّؤَالُ بِقَصْدِ اخْتِبَارِ الْمَسْئُولِ لِمَعْرِفَةِ عِلْمِهِ وَإِيمَانِهِ كَسُؤَالِهِ صلى الله عليه وسلم الْأَمَةَ.

الثَّانِي: السُّؤَالُ عَنْ مُسْتَقَرِّ مَلَكُوتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَوْضِعِ سُلْطَانِهِ كَعَرْشِهِ وَكُرْسِيِّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، كَسُؤَالِ الْقَائِلِ لِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم «أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ خَلْقِهِ الْعَالَمَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ» .

فَهَذَا السُّؤَالُ فِيهِ حَذْفٌ، وَإِنَّمَا سَأَلَ عَنْ مُسْتَقَرِّ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ خَلْقِهِ وَالْعَمَاءُ هُوَ السَّحَابُ. وَإِذَا جَازَ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ إذَايَةِ أَوْلِيَائِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُحَارِبُونَ اللَّهَ} [المائدة: 33] وَيُؤْذُونَ اللَّهَ، جَازَ أَنْ يُعَبَّرَ بِاسْمِهِ عَنْ مَلَائِكَتِهِ وَعَرْشِهِ وَسُلْطَانِهِ وَمِلْكِهِ قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَالَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ. . . الْحَدِيثَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: الْعَمَاءُ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ اهـ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ تَأْوِيلِ السُّهَيْلِيِّ.

ثُمَّ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالثَّالِثُ: السُّؤَالُ بِأَيْنَ عَنْ ذَاتِ رَبِّنَا سبحانه وتعالى، فَهَذَا سُؤَالٌ لَا يَجُوزُ وَهُوَ سُؤَالٌ فَاسِدٌ لَا يُجَابُ عَنْهُ سَائِلُهُ، وَإِنَّمَا سَبِيلُ الْمَسْئُولِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ فَسَادَ السُّؤَالِ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ حِين قِيلَ لَهُ: أَيْنَ اللَّهُ الَّذِي أَيْنَ الْأَيْنُ لَا يُقَالُ فِيهِ أَيْنَ؟ فَبَيَّنَ لِلسَّائِلِ فَسَادَ سُؤَالِهِ بِأَنَّ الْأَيْنِيَّةَ مَخْلُوقَةٌ، وَاَلَّذِي خَلَقَهَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ خَلْقِهَا لَا مَحَالَةَ، وَلَا أَيْنِيَّةَ لَهُ، وَصِفَاتُهُ تَعَالَى لَا تَتَغَيَّرُ فَهُوَ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ الْأَيْنِيَّةَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ خَلْقِهَا. وَإِنَّمَا مَثَلُ هَذَا السُّؤَالِ كَمَثَلِ مَنْ سَأَلَ عَنْ لَوْنِ الْعِلْمِ أَوْ عَنْ طَعْمِ الظَّنِّ وَالشَّكِّ، فَيُقَالُ مَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ ثُمَّ سَأَلَ هَذَا السُّؤَالَ فَهُوَ مُتَنَاقِضٌ لِأَنَّ اللَّوْنَ وَالطَّعْمَ مِنْ صِفَةِ

ص: 248

وَفِي الْعَجَمِيِّ: تَأْوِيلَانِ. وَفِي الْوَقْفِ حَتَّى يُسْلِمَ: قَوْلَانِ،

ــ

[منح الجليل]

الْأَجْسَامِ، وَقَدْ سَأَلْت عَنْ جِسْمٍ فَسُؤَالُك مُحَالٌ أَيْ مُتَنَاقِضٌ.

(وَفِي) إجْزَاءِ إعْتَاقِ الرَّقِيقِ (الْأَعْجَمِيِّ) أَيْ الْمَجُوسِيِّ مُطْلَقًا وَالْكِتَابِيِّ الصَّغِيرِ عَنْ الظِّهَارِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ (تَأْوِيلَانِ) لِقَوْلِهَا وَيُجْزِئُ عِتْقُ الصَّغِيرِ وَالْأَعْجَمِيِّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إنْ كَانَ مِنْ قَصْرِ النَّفَقَةِ، قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ صَلَّى وَصَامَ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ أَبُو عِمْرَانَ مَعْنَى هَذَا فِي بَابِ الِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا فِي بَابِ الْإِجْزَاءِ فَيُجْزِئُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ قَصْرِ النَّفَقَةِ. وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ فِي طَرْدِهِ قَوْلَهَا: وَالْأَعْجَمِيُّ ظَاهِرُهُ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا، وَظَاهِرُهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا. وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَفَسَّرَهُ بِهَذَا فِي غَيْرِهَا، وَبِهِ فَسَّرَهَا ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُمَا، وَاخْتَصَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ بِقَوْلِهِ وَيُجْزِئُ الْأَعْجَمِيُّ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَفَسَّرَهُ بِهَذَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَالَ لِأَنَّهُمْ عَلَى دِينِ مَنْ اشْتَرَاهُمْ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُجْزِئُ حَتَّى يَجِبَ إلَى الْإِسْلَامِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُسْلِمْ فَتَأَوَّلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى إجْزَائِهِ وَغَيْرُهُ عَلَى عَدَمِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ. وَهَلْ الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ أَوْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْكَبِيرِ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ يُشْتَرَى مُفْرَدًا عَنْ أَبَوَيْهِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُجْزِئُ طَرِيقَانِ، وَتَعْمِيمُ الْخِلَافِ أَوْلَى اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي " ح " مِنْ التَّعْمِيمِ هُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(وَ) عَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ إعْتَاقِ الْأَعْجَمِيِّ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارٍ فَ (فِي الْوَقْفِ) لِلْمُظَاهِرِ عَنْ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا (حَتَّى يُسْلِمَ) الْأَعْجَمِيُّ بِالْفِعْلِ احْتِيَاطًا لِلْفَرْجِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إسْلَامِهِ لَمْ يَجْزِهِ، حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَدَمِهِ لِكَوْنِهِ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَأْبَاهُ غَالِبًا. ابْنُ يُونُسَ أَنَا قُلْته (قَوْلَانِ) وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَنْصُوصَيْنِ، وَعَادَتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ أَفَادَهُ تت. الْبُنَانِيُّ صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ لِأَنَّهُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. الثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ، وَالْأَوَّلُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فَهَلْ يُوقَفُ عَنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ الْأَعْجَمِيُّ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُسْلِمْ لَمْ يَجْزِهِ أَوْ لَهُ وَطْؤُهَا وَيُجْزِيهِ إنْ مَاتَ قَوْلَانِ.

ص: 249

سَلِيمَةٍ عَنْ: قَطْعِ أُصْبُعٍ، وَعَمًى، وَبَكَمٍ، وَجُنُونٍ وَإِنْ قَلَّ، وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ، وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ، وَصَمَمٍ، وَهَرَمٍ، وَعَرَجٍ: شَدِيدَيْنِ، وَجُذَامٍ، وَبَرَصٍ، وَفَلَجٍ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ

ــ

[منح الجليل]

سَلِيمَةٍ) أَيْ الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ (عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ) وَأَوْلَى أَكْثَرُ وَلَوْ بِآفَةٍ. وَظَاهِرُهُ أَيُّ أُصْبُعٍ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا أَحْسَنُ، وَتَصَرُّفُ وَتَعْبِيرُهُ بِقَطْعِ يُفِيدُ أَنَّ نَقْصَهُ خِلْقَةً لَا يَضُرُّ، وَنَظَرَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ، وَمَفْهُومُ " أُصْبُعٍ " أَنَّ قَطْعَ بَعْضِهِ لَا يَضُرُّ وَلَوْ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثَةِ، وَيُعَارِضُهُ مَفْهُومُ أُنْمُلَةٍ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ مِنْ أَنَّ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَبَعْضَ أُخْرَى يَضُرُّ، وَفِي الْحَطّ مَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ مَفْهُومِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ قَالَ وَانْظُرْ إذَا ذَهَبَ أُنْمُلَتَانِ وَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأُصْبُعِ.

(وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (عَمًى) وَغِشَاوَةٍ لَا يُبْصِرُ مَعَهَا إلَّا بِعُسْرٍ لَا خَفِيفَةٍ وَعَشِيٍّ وَجَهْرٍ فَلَا تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْهَا (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (بَكَمٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْكَافِ أَيْ خَرِسَ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (جُنُونٍ) إنْ كَثُرَ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) كَمَرَّةٍ فِي شَهْرٍ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (مَرَضٍ مُشْرِفٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ آخِرُهُ فَاءٌ أَيْ مُقَرِّبٍ مِنْ الْمَوْتِ لِشِدَّتِهِ بِأَنْ بَلَغَ صَاحِبُهُ النَّزْعَ أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَأَبُو الْحَسَنِ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ مِنْ مَرَضٍ غَيْرِ مُشْرِفٍ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (قَطْعِ أُذُنَيْنِ) أَوْ أُذُنٍ وَاحِدَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ أَصْلِهِمَا أَوْ مِنْ أَطْرَافِهِمَا (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (صَمَمٍ) أَيْ عَدَمِ سَمْعٍ أَوْ ثِقَلِهِ جِدًّا (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (هَرَمٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (عَرَجٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ (شَدِيدَيْنِ) نَعْتُ هَرَمٍ وَعَرَجٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْخَفِيفَيْنِ لَا تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْهُمَا (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (جُذَامٍ قَلِيلٍ) وَأَوْلَى الْكَثِيرُ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (بَرَصٍ) وَإِنْ قَلَّ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (فَلَجٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ يُبْسِ شَقٍّ حَالَ كَوْنِ الرَّقَبَةِ (بِلَا شَوْبِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ مَصْدَرُ شَابَ أَيْ خَلَطَ (عِوَضٍ) فِي ذِمَّةِ الرَّقِيقِ بِأَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَدِينَارٍ فِي ذِمَّتِهِ يَدْفَعُهُ بَعْدَ نَحْوِ شَهْرٍ، وَأَمَّا عِتْقُهُ عَنْ ظِهَارِهِ بِشَرْطِ أَخْذِ دِينَارٍ مَثَلًا بِيَدِهِ فَيُجْزِئُ،

ص: 250

لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ وَمُحَرَّرَةٍ لَهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَفِي إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ عَنْ ظِهَارِي: تَأْوِيلَانِ.

ــ

[منح الجليل]

لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ قَالَهُ تت، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ رَجُلٍ وَعَنْ ظِهَارِهِ عَلَى جُعْلٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَوَلَاؤُهُ الْعِتْقُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الْجُعَلُ، وَلَا يُجْزِيهِ عَنْ ظِهَارِهِ. وَعُطِفَ عَلَى بِلَا شَوْبِ بَعْضُ مُحْتَرَزِهِ عَلَى عَادَتِهِ فَقَالَ (لَا) يُجْزِئُ عِتْقُ رَقِيقٍ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ

بِشَرْطِ كَوْنِ شِرَائِهِ (لِلْعِتْقِ) عَنْ ظِهَارِهِ لِشَوْبِ الْعِوَضِ لِتَقْدِيرِ تَرْكِ الْبَائِعِ بَعْضَ ثَمَنِهِ فِي نَظِيرِ رِضَا الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ عِتْقِهِ وَنَعْتُ رَقَبَةٍ بِ (مُحَرَّرَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ مُعْتَقَةٍ (لَهُ) أَيْ الظِّهَارِ وَعُطِفَ عَلَيْهِ بَعْضُ مُحْتَرَزِهِ بِقَوْلِهِ: (لَا) يُجْزِئُ عِتْقُ (مَنْ) أَيْ رَقِيقٍ أَوْ الرَّقِيقِ الَّذِي (يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُظَاهِرِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لِقَرَابَتِهِ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ، أَوْ تَعْلِيقِ عِتْقِهِ عَلَى شِرَائِهِ نَحْوَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ عِتْقَهُ لِلْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَا لِلظِّهَارِ،

(وَ) إنْ قَالَ الْمُظَاهِرُ (إنْ اشْتَرَيْته) أَيْ هَذَا الرَّقِيقَ الْمُعَيَّنَ (فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي) ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ فَفِي إجْزَاءِ عِتْقِهِ عَنْهُ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) الْبُنَانِيُّ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ مَنْ لَا سَبَبَ فِيهِ لِلْعِتْقِ إلَّا التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا، قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ مُظَاهِرٌ فَلَا يُجْزِيهِ اهـ. ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ يُجْزِيهِ. اهـ. فَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْعُمُومِ فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ خِلَافٌ، وَحَمَلَهَا الْبَاجِيَّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ عَنْ ظِهَارِي فَهُوَ وِفَاقٌ.

أَبُو عِمْرَانَ مَحَلُّهُمَا إذَا عَلَّقَ بَعْدَ الظِّهَارِ، وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ وَقَعَ مِنِّي وَنَوَيْت الْعَوْدَ، وَإِنْ لَمْ أَنْوِهِ فَلَا يُعْتَقُ اهـ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ، وَنِيَّةُ الْعَوْدِ فِي مَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ أَمْكَنُ لِحُصُولِ الظِّهَارِ فِيهَا وَكُلُّ مُكَفِّرٍ عَنْ ظِهَارٍ فَإِنَّمَا يُرِيدُ عَنْ الظِّهَارِ الَّذِي مَنَعَهُ الْوَطْءَ لِيَطَأَ، فَهَذِهِ نِيَّةُ الْعَوْدَةِ.

ص: 251

وَالْعِتْقِ، لَا مُكَاتَبٍ، وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ أَعْتَقَ نِصْفًا فَكُمِّلَ عَلَيْهِ، أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ لَا أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ أَرْبَعٍ،

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ عَرَفَةَ جَرَى فِي لَفْظِ أَبِي عِمْرَانَ أَوَّلًا الْإِشَارَةَ إلَى وَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ مُحَمَّدٍ وَأَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ الْتَزَمَ عِتْقَهُ لِلْكَفَّارَةِ فِي وَقْتٍ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لَوْ مَلَكَهُ لِأَنَّهُ قَالَهُ بَعْدَ ظِهَارِهِ، وَفِي مَسْأَلَةِ أَبِي عِمْرَانَ الْتَزَمَ عِتْقَهُ لِلْكَفَّارَةِ فِي وَقْتٍ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لَوْ مَلَكَهُ لِأَنَّهُ قَالَهُ قَبْلَ ظِهَارِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عِمْرَانَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ وَبِنَفْسِ شِرَائِهِ يُعْتَقُ اهـ.

وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَبُو الْحَسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَ) بِلَا شَوْبِ (الْعِتْقِ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى عِوَضٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعِتْقٌ بِالتَّنْكِيرِ أَيْ خَالِيَةٌ عَنْ مُخَالَطَةِ الْعِتْقِ لِغَيْرِ الظِّهَارِ لِعِتْقِهَا لَهُ، وَذُكِرَ مُحْتَرَزُهُ بِقَوْلِهِ (لَا) يُجْزِئُ عِتْقُ (مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ عَنْ الظِّهَارِ لِوُجُودِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْجَمِيعِ، وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ أَوْ الْمُدَبَّرَ سَيِّدُهُ. وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى الْمُظَاهِرُ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ، وَقُلْنَا بِمُضِيِّ شِرَائِهِ وَعِتْقِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ كَالْمُكَاتَبِ فَقِيلَ يُجْزِيهِ وَقِيلَ لَا.

(أَوْ) أَيْ وَلَا يُجْزِئُ إنْ (أَعْتَقَ) الْمُظَاهِرُ عَنْ ظِهَارِهِ (نِصْفًا) مَثَلًا مِنْ رَقِيقٍ (فَكُمِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا عِتْقُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُظَاهِرِ مِنْ الْحَاكِمِ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ النِّصْفَ الْآخَرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِاخْتِيَارِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِجْزَاءِ عِتْقُ الرَّقَبَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً (أَوْ أَعْتَقَ) الْمُظَاهِرُ (ثَلَاثًا) مِنْ الرِّقَابِ (عَنْ أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسَاءِ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ أَوْ اثْنَيْنِ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ رَقَبَةً عَنْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يُعْتِقَ عَنْ الْبَاقِي، هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ، وَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ فَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ سَاوَى عَدَدُ الرِّقَابِ عَدَدَ النِّسَاءِ كَأَرْبَعٍ عَنْ أَرْبَعٍ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَأَرْبَعٍ عَنْ ثَلَاثٍ وَإِنْ بَيَّنَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ رَقَبَةً أَوْ أَطْلَقَ حَلَلْنَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ أَشْهَبَ.

ص: 252

وَيُجْزِئُ: أَعْوَرُ. وَمَغْصُوبٌ، وَمَرْهُونٌ، وَجَانٍ، إنْ اُفْتُدِيَا، وَمَرَضٍ، وَعَرَجٍ خَفِيفَيْنِ، وَأُنْمُلَةٍ، وَجَدْعٍ فِي أُذُنٍ

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ عَرَفَةَ وَصَرْفُ عَدَدِ كَفَّارَاتٍ لِمِثْلِهِ مِنْ ظِهَارٍ مُجْزٍ وَلَوْ دُونَ تَعْيِينٍ إنْ لَمْ يَقْتَضِ شَرِكَةً فِي رَقَبَةٍ أَوْ فِي شَهْرَيْ صَوْمٍ أَوْ فِي مِسْكِينٍ لِلُزُومِ تَتَابُعِ الصَّوْمِ، وَصِحَّةِ تَفْرِيقِ إطْعَامِ الْمَسَاكِينِ، فَإِنْ تَسَاوَى الْعَدَدَانِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قَلَّ عَدَدُ الْكَفَّارَاتِ مُنِعَ الْوَطْءُ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الظِّهَارِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدَةٌ لِغَلَبَةِ الْحُرْمَةِ فِيمَا احْتَمَلَهَا مُسَاوِيًا.

(وَيُجْزِئُ) رَقِيقٌ (أَعْوَرُ) أَيْ عِتْقُهُ عَنْ الظِّهَارِ لِقِيَامِ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) يُجْزِئُ رَقِيقٌ (مَغْصُوبٌ) مِنْ الْمُظَاهِرِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ غَاصِبِهِ، وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً. ابْنُ شَاسٍ عِتْقُ الْمَغْصُوبِ يُجْزِئُ (وَ) يُجْزِئُ رَقِيقٌ (مَرْهُونٌ) فِي دَيْنٍ عَلَى الْمُظَاهِرِ (وَ) رَقِيقٌ (جَانٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ (إنْ اُفْتُدِيَا) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ خَلَّصَ الْمُظَاهِرُ الْمَرْهُونَ مِنْ مُرْتَهِنِهِ وَالْجَانِيَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ، فَإِنْ لَمْ يُفْتَدَيَا وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الرَّقِيقَ فِي دَيْنِهِ أَوْ بِيعَ فِيهِ وَأَخَذَ مُسْتَحِقُّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ الرَّقِيقَ فَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُمَا لِانْفِسَاخِهِ. طفي وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْهُونَ وَالْجَانِيَ أُعْتِقَا عَنْ الظِّهَارِ قَبْلَ افْتِدَائِهِمَا. فَيُجْزِئُ إنْ اُفْتُدِيَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُجْزِئُ عِتْقُ الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي إنْ نَفَذَ، أَيْ الْعِتْقُ، وَفِي بَعْضِهَا إنْ اُفْتُدِيَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَرْطُ النُّفُوذِ فِي الْإِجْزَاءِ صَحِيحٌ. وَأَمَّا الْفِدَاءُ فَلَيْسَ شَرْطًا فِي الْإِجْزَاءِ مُبَاشَرَةً، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْعِتْقِ مُبَاشَرَةً، وَفِي الْإِجْزَاءِ بِوَاسِطَتِهِ.

(وَ) يُجْزِئُ ذُو (مَرَضٍ وَعَرَجٍ) خَفِيفَيْنِ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَ) يُجْزِئُ مَقْطُوعُ (أُنْمُلَةٍ) وَلَوْ مِنْ إبْهَامٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِيهِ (وَ) يُجْزِئُ ذُو (جَدْعٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَطْعٍ (فِي أُذُنٍ) لَمْ يُوعِبْهَا بِدَلِيلٍ فِي الْبُنَانِيِّ، الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ وَيُجْزِئُ الْجَدْعُ الْخَفِيفُ كَجَدْعِ أُذُنٍ اهـ. وَحَادَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِتَعَقُّبِهِ عَبْدَ الْحَقِّ بِقَوْلِهِ وَقَعَ فِي نَقْلِ ابْنِ سَعِيدٍ كَجَدْعِ أُذُنٍ وَمَجْدُوعُ أُذُنٍ لَا يُجْزِئُ، وَإِنَّمَا فِي الْأُمَّهَاتِ وَالْجَدْعُ فِي أُذُنٍ يُرِيدُ الْجَدْعَ الْيَسِيرَ يَكُونُ فِيهَا لَا قَطْعَ الْأُذُنِ كُلِّهَا كَمَا يَقْتَضِيهِ نَقْلُهُ. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنْ قَالَ طفي

ص: 253

وَعِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ، إنْ عَادَ وَرَضِيَهُ، وَكُرِهَ الْخَصِيُّ، وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ

ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ،

ــ

[منح الجليل]

تَعَقُّبُ عَبْدُ الْحَقِّ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ الْأُمَّهَاتِ الْجَدْعُ فِي الْأُذُنِ عَدَمُ إجْزَاءِ مَجْدُوعِهَا لِأَنَّ قَوْلَهَا أَيْضًا لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ يَدُلُّ بِحَسْبِ مَفْهُومِهِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ، وَقَدْ قَالَ فِي الْأُمَّهَاتِ وَقَطْعٌ فِي أُنْمُلَةٍ فَيَلْزَمُ عَلَى تَعَقُّبِهِ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ فِي هَذَا أَيْضًا مَعَ أَنَّ مَقْطُوعَ الْأُنْمُلَةِ يُجْزِئُ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ، فَيُحْمَلُ مَا فِي الْأُمَّهَاتِ عَلَى اغْتِفَارِ الْقَطْعِ وَإِنْ اسْتَوْعَبَ الْأُذُنَ الْوَاحِدَةَ أَوْ الْأُنْمُلَةَ، وَيَكُونُ اخْتِصَارُ أَبِي سَعِيدٍ بَيَانًا لِذَلِكَ الْمُرَادِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ نَصُّهَا عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ مَقْطُوعِ الْأُذُنَيْنِ أَوْ الْأُصْبُعِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(وَ) يُجْزِئُ (عِتْقُ الْغَيْرِ) مِنْ إضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ رَقِيقًا، أَيْ إعْتَاقُ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ رَقِيقًا (عَنْهُ) أَيْ الْمُظَاهِرِ إنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي إعْتَاقِهِ عَنْهُ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) الْمُظَاهِرُ لَهُ فِيهِ (إنْ) كَانَ الْمُظَاهِرُ قَدْ (عَادَ) بِعَزْمِهِ عَلَى وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ مَعَ إمْسَاكِهَا قَبْلَ عِتْقِ غَيْرِهِ عَنْهُ (وَرَضِيَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ عِتْقَ غَيْرِهِ عَنْهُ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْعَبْدُ (الْخَصِيُّ) أَيْ إعْتَاقُهُ عَنْ الظِّهَارِ وَأَوْلَى الْمَجْبُوبُ.

(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَنْ يُصَلِّي وَيَصُومَ) الرَّقِيقُ الَّذِي أُرِيدَ عِتْقُهُ عَنْ الظِّهَارِ. طفي فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَعِتْقُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ أَحَبُّ إلَيَّ بِقَوْلِهِ يُرِيدُ مَنْ عَقَلَ الْإِسْلَامَ بِالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ أَوْلَى، وَبِهِ فَسَّرَ الشَّارِحُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ إعْتَاقَ الصَّغِيرِ مُجْزٍ وَلَوْ رَضِيعًا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَكَبِرَ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ مُقْعَدًا أَوْ مُطْبَقًا، فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ.

(ثُمَّ لِ) مُظَاهِرٍ (مُعْسِرٍ عَنْهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ وَضَمِنَ مُعْسِرًا مَعْنَى عَاجِزٍ فَعَدَّاهُ بِعَنْ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ بِالْبَاءِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (وَقْتَ الْأَدَاءِ) أَيْ فِعْلِ الْكَفَّارَةِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ وَقْتُ وُجُوبِهَا وَهُوَ وَقْتُ الْعَوْدِ عَلَى ظَاهِرِ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ مَنْ ظَاهَرَ مُوسِرًا وَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أُعْدِمَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ.

ص: 254

لَا قَادِرٍ. وَإِنْ بِمِلْكٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ: لِكَمَرَضٍ، أَوْ مَنْصِبٍ، أَوْ بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ظَاهَرَ مِنْهَا

ــ

[منح الجليل]

وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا فَهْمُ اللَّخْمِيِّ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِالنَّدْبِ، وَهَذَا فَهْمُ الْبَاجِيَّ تَأْوِيلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا شَرْطُهُ الْعَجْزُ عَنْ الْعِتْقِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ ظَاهَرَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا خَادِمٌ وَاحِدَةٌ أَوْ دَارٌ لَا فَضْلَ فِيهَا، أَوْ عَرْضُ ثَمَنِ رَقَبَةٍ لَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْعِتْقِ، وَفِي اعْتِبَارِ عَجْزِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا أَوْ وَقْتَ الْوُجُوبِ إنْ أَيْسَرَ بَعْدَ صَوْمِهِ فِي عُسْرِهِ بَعْدَ يُسْرِهِ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ.

وَنَقَلَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ظَاهَرَ مُوسِرٌ وَلَمْ يُعْتِقْ حَتَّى أُعْدِمَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ يُعْتِقُ الْبَاجِيَّ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ. وَحَمَلَهُ ابْنُ شَاسٍ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَ الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ. وَقِيلَ: بِوَقْتِ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ فِيهِ مُوسِرًا. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ وَطِئَ فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْعِتْقِ لِيُسْرِهِ فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أَعْسَرَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ.

(لَا) يَصِحُّ الصَّوْمُ لِمُظَاهِرٍ (قَادِرٍ) عَلَى الْإِعْتَاقِ وَقْتَ الْأَدَاءِ بِمِلْكِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ (بِمِلْكِ) شَيْءٍ (مُحْتَاجٍ) الْمُظَاهِرُ (إلَيْهِ) مِنْ رِقٍّ وَغَيْرِهِ احْتَاجَ إلَيْهِ (لِكَمَرَضٍ) وَهَرَمٍ (وَمَنْصِبٍ) وَسُكْنَى وَمُرَاجَعَةٍ وَنَفَقَةٍ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ فَوْتُهُ وَلَا فَوْتُ مَنْ تَلْزَمُهُ. نَفَقَتُهُ لِظَنِّ يُسْرِهِ لِإِتْيَانِهِ بِمُنْكَرٍ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٍ.

(أَوْ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ (بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ) أَيْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا هِيَ (ظَاهَرَ مِنْهَا) فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يُعْتِقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ إعْتَاقِهَا جَازَ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَةٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الْعِتْقُ وَأَجْزَأَهُ عَنْ ظِهَارِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الْحَقِّ قِيلَ لِأَبِي عِمْرَانَ كَيْفَ يُجْزِئُ عِتْقُهَا وَهُوَ يُحَرِّمُ وَطْأَهَا، قَالَ نِيَّةُ عَوْدَتِهِ الْوَطْءَ تُوجِبُ كَفَّارَتَهُ. قِيلَ بَعْضُ النَّاسِ ضَعَّفَهَا، قَالَ إنَّمَا يُضَعِّفُهَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا لِلسَّلَفِ. قَالَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَغَيْرُهُمْ الظِّهَارُ يَكُونُ فِي الْإِمَاءِ وَيُعْتِقْنَ عَنْ ظِهَارِهِنَّ، وَقَالَ غَيْرُ

ص: 255

صَوْمُ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ، وَتُمِّمَ الْأَوَّلُ إنْ انْكَسَرَ مِنْ الثَّالِثِ،

ــ

[منح الجليل]

وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ إنْ كَانَ وَطِئَ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ إرَادَةَ الْعَوْدَةِ تُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْئِهَا. وَقَرَّرَ بَعْضُ النَّاسِ تَضْعِيفَهَا بِأَنَّ عِتْقَهَا لَهُ مَشْرُوطٌ بِالْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا، وَوَطْأَهَا مَلْزُومٌ لِمِلْكِهَا، وَمِلْكَهَا مُنَاقِضٌ لِعِتْقِهِ، فَيَلْزَمُ مُنَاقَضَةُ الشَّرْطِ مَشْرُوطَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُنَاقِضَ لِعِتْقِهَا هُوَ الْمُقَارِنُ لَهُ، وَالْمِلْكَ اللَّازِمَ لِلْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا سَابِقٌ عَلَى عِتْقِهَا ضَرُورَةَ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ الْمَشْرُوطِ وَأَحَدُ شُرُوطِ التَّنَاقُضِ اتِّحَادُ الزَّمَانِ.

اللَّخْمِيُّ يُجْزِيهِ عِتْقُهَا عَلَى أَنَّ الْعَوْدَةَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَأَنَّهُ إنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ أَوْ مَاتَتْ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَجْزَأَتْهُ، وَلَا تُجْزِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شَرْطَهَا كَوْنُهَا فِي مَوْضِعٍ يَسْتَبِيحُ بِهِ الْإِصَابَةَ لِأَنَّ عِتْقَهَا خِلَافُ الْعَزْمِ عَلَى الْإِصَابَةِ وَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ مَالِكُ رَقَبَةٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَةٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا أَجْزَأَتْهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ نَصٌّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ. ابْنُ شَاسٍ تَكَلُّفُ الْمُعْسِرِ الْإِعْتَاقَ أَجْزَأَ عَنْهُ قُلْت بِاسْتِيهَابِ ثَمَنِهِ أَوْ اسْتِدَانَتِهِ مَعَ إعْلَامِ رَبِّ الدَّيْنِ عَنْهُ لِأَنَّهُ بِهِمَا يَصِيرُ وَاجِدًا.

وَالْمَعْطُوفُ بِثُمَّ (صَوْمُ شَهْرَيْنِ) مُعْتَبَرَيْنِ (بِ) رُؤْيَةِ (الْهِلَالِ) لَيْلَةَ أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ، أَوْ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ إنْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ حَالَ كَوْنِهِ (مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ) وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4] أَيْ فِعْلًا وَنِيَّةً، فَلَا يَكْفِي تَتَابُعُهُمَا بِدُونِ نِيَّتِهِ (وَ) مَنْوِيَّ (الْكَفَّارَةِ) عَنْ الظِّهَارِ (وَتُمِّمَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى الشَّهْرُ (الْأَوَّلُ إنْ انْكَسَرَ) أَيْ ابْتَدَأَ الصَّوْمَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمٍ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَمَفْعُولُ تَمَّمَ الثَّانِي مَحْذُوفٌ أَيْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَصِلَةُ تَمَّمَ (مِنْ) الشَّهْرِ (الثَّالِثِ) مُتَّصِلًا بِآخِرِ الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ أَشْهَرُ إنْ تَتَابَعَا إنْ بَدَأَهُمَا لِلْأَهِلَّةِ أَجْزَأَ وَلَوْ قَصَّرَا عَنْ سِتِّينَ يَوْمًا، فَإِنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرٍ لِعُذْرٍ فَفِي إكْمَالِهِ ثَلَاثِينَ أَوْ بِقَدْرِ مَا أَفْطَرَ نَقْلًا عِيَاضٍ عَنْ الْوَاضِحَةِ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلَوْ

ص: 256

وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ، إنْ أَضَرَّ بِخِدْمَتِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ، وَتَعَيَّنَ لِذِي الرِّقِّ، وَلِمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ، وَقَدْ الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ لِعَشْرِ سِنِينَ

وَإِنْ أَيْسَرَ فِيهِ: تَمَادَى،

ــ

[منح الجليل]

ابْتَدَأَ لِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ فَفِي إكْمَالِ الْمُبْتَدَأِ ثَلَاثِينَ أَوْ بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْهُ نَقْلَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَتَخْرِيجُ عِيَاضٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.

(وَلِلسَّيِّدِ) لِلْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ (الْمَنْعُ) لَهُ مِنْ الصَّوْمِ (إنْ أَضَرَّ) الصَّوْمُ (بِخِدْمَتِهِ) إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ (وَلَمْ يُؤَدِّ) الْعَبْدُ (خَرَاجَهُ) الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ لِضَعْفِهِ عَنْ تَحْصِيلِهِ بِالصَّوْمِ إنْ كَانَ عَبْدَ خَرَاجٍ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي لِمَنْعِ الْخَلْوَةِ فَقَطْ. فَإِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالْخَرَاجِ مَعًا وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَمَنْ وَافَقَهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِيهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِخِدْمَتِهِ وَلَا خَرَاجِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الصَّوْمُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (لِ) لِمُظَاهِرِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الرِّقِّ) أَيْ الرَّقِيقِ أَيْ عَلَيْهِ وَشَمِلَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَهُوَ لَازِمٌ لِلْإِعْتَاقِ، وَنَفْيُ اللَّازِمِ دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ مَلْزُومِهِ وَمَحَلُّ تَعَيُّنِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَطْعَمَ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ قُدْرَتُهُ عَلَى الصِّيَامِ.

(وَ) تَعَيَّنَ الصَّوْمُ (لِمَنْ) أَيْ مُظَاهِرٍ حُرٍّ (طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ) أَيْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (وَقَدْ الْتَزَمَ) قَبْلَ ظِهَارِهِ أَوْ بَعْدَهُ (عِتْقَ مَنْ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي (يَمْلِكُهُ) الْمُظَاهِرُ (لِ) تَمَامِ (عَشْرِ سِنِينَ) مَثَلًا مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ، ظَاهِرٌ أَوْ مَفْهُومُ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ أَنَّهَا إنْ صَبَرَتْ لِتَمَامِهَا لَا يَصُومُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ سَحْنُونٌ. ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْهُ لَمَا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَيَصِيرُ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَيُعْتَقُ.

(وَإِنْ) شَرَعَ الْمُظَاهِرُ فِي الصَّوْمِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْعِتْقِ وَ (أَيْسَرَ) أَيْ قَدَرَ الْمُظَاهِرُ عَلَى الْعِتْقِ (فِيهِ) أَيْ الصَّوْمِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ أَوْ مَا بَعْدَهُ (تَمَادَى) عَلَى الصَّوْمِ وُجُوبًا فِي كُلِّ

ص: 257

إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ. وَنُدِبَ الْعِتْقُ فِي: كَالْيَوْمَيْنِ، وَلَوْ تَكَلَّفَهُ الْمُعْسِرُ: جَازَ.

وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ وَاحِدَةٍ

ــ

[منح الجليل]

حَالٍ (إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ الصَّوْمَ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ تَكْفِيرُهُ بِالْعِتْقِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ إفْسَادَ الصَّوْمِ.

(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْعِتْقُ) أَيْ الرُّجُوعُ لِلتَّكْفِيرِ بِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (فِي كَالْيَوْمَيْنِ) وَالثَّلَاثَةِ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ الرَّابِعِ وَمَفْهُومُ فِي الْيَوْمَيْنِ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي لَيْلَةِ الثَّانِي قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِلتَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ وَهُوَ كَذَلِكَ الْبُنَانِيُّ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا بِعَيْنِهِ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي نَقَلَهُ " ق " وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّابِعِ وَجَبَ تَمَادِيهِ فِيهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنَّمَا يُنْظَرُ لِحَالِهِ يَوْمَ يُكَفِّرُ لَا إلَى حَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا أَحْبَبْت رُجُوعُهُ لِلْعِتْقِ وَلَا أُوجِبُهُ، وَإِنْ صَامَ أَيَّامًا لَهَا عَدَدٌ مَضَى عَلَى صَوْمِهِ وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ. الْبَاجِيَّ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ: مَنْ صَامَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ رَقَبَةً فَإِنَّهُ يُعْتِقُ وَلَوْ صَامَ أَيَّامًا لَهَا اسْمُ أَتَمَّ " صَوْمَهُ وَلَا يُعْتِقُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدَنِيَّةِ مَنْ صَامَ لِظِهَارِهِ لِعَدَمٍ فَأَفْسَدَ بِوَطْءِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَلَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ.

(وَلَوْ تَكَلَّفَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُظَاهِرُ الْمُعْسِرُ الْإِعْتَاقَ عَنْ ظِهَارِهِ بِأَنْ اسْتَوْهَبَ ثَمَنَهُ أَوْ اسْتَدَانَهُ (جَازَ) وَأَجْزَأَ. طفي نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي تَوْضِيحه: لَوْ قَالَ أَجْزَأَ لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ ارْتَكَبَهَا هُنَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ قَالَ. . . إلَخْ تَبَعٌ لَهُ وَاعْتِرَاضُ تت رِضًا مِنْهُ بِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْكُلُّ حَسَنٌ لِأَنَّ التَّكَلُّفَ قَدْ يَكُونُ جَائِزًا بِاسْتِيهَابِ ثَمَنِهِ أَوْ اسْتِدَانَتِهِ مَعَ إعْلَامِهِ رَبَّ الدَّيْنِ أَنَّهُ أَرَادَ إعْتَاقَهُ، وَقَدْ يَكُونُ مَمْنُوعًا بِأَنْ كَانَ الِاسْتِيهَابُ فِي إلْحَاحٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ " س: " لَوْ قَالَ أَجْزَأَ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ قَدْ يَكُونُ تَكَلُّفُهُ مَمْنُوعًا.

(وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الصَّوْمِ (بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا) حَالَ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا بِالصَّوْمِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ (أَوْ) بِوَطْءِ (وَاحِدَةٍ مِمَّنْ) أَيْ زَوْجَاتٍ أَوْ إمَاءٍ مُظَاهَرٍ مِنْهُنَّ تُجْزِئُ (فِيهِنَّ

ص: 258

مِمَّنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا. كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ،

ــ

[منح الجليل]

كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ بِأَنْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ كَانَ الْوَطْءُ الْمَذْكُورُ نَهَارًا عَامِدًا، بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ وَطْؤُهُ الْمَذْكُورُ (لَيْلًا) حَالَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا) أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا ظَانًّا أَنَّهَا غَيْرُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا، وَاحْتُرِزَ عَنْ وَطْئِهِ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا لَيْلًا فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ صِيَامَهُ، وَاحْتُرِزَ أَيْضًا عَنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَاتٌ لَيْلًا فِي الصَّوْمِ لِغَيْرِ الصَّائِمِ عَنْهَا فَلَا يَنْقَطِعُ صَوْمُهُ.

فَإِنْ قُلْت الْوَاحِدَةُ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ مُظَاهَرٌ مِنْهَا فَفِيهِ تَكْرَارٌ. قُلْت نَعَمْ لَكِنَّهُ غَامِضٌ قَدْ لَا يُهْتَدَى إلَيْهِ أَوْ يُنَازَعُ فِيهِ فَلِذَا ذَكَرَهُ فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِنُكْتَةٍ.

(كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ) بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا أَوْ وَوَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ فِي أَثْنَائِهِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا أَوْ غَلَطًا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يَبْطُلُ الْإِطْعَامُ الْمُتَقَدِّمُ مُطْلَقًا وَاسْتِئْنَافُهُ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا قَالَ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] فِي الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ، وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الْإِطْعَامِ. وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمَشْهُورِ قِيَاسُ الْإِطْعَامِ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ وَالْحَذْفُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ لِدَلَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ يُعَارَضُ بِأَنَّ ذِكْرَ الْقَيْدِ فِي شَيْئَيْنِ وَتَرْكَهُ مِنْ ثَالِثٍ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ تَقْيِيدِهِ بِهِ خُصُوصًا فِي مَقَامِ الْبَيَانِ مِنْ الشَّارِعِ.

وَمَفْهُومُ وَطْءٍ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ لَا يَقْطَعَانِهِ، وَشَهَرَهُ ابْنُ عُمَرَ. وَقِيلَ يَقْطَعَانِهِ وَشَهَرَهُ الزَّنَاتِيُّ، وَعُبِّرَ فِي الصَّوْمِ بِالْقَطْعِ وَفِي الْإِطْعَامِ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ لَا يُوصَفُ بِالتَّتَابُعِ. وَاسْتُشْكِلَ بُطْلَانُهُمَا بِهِ بِأَنَّ سَبْقَ بَعْضِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهَا كُلِّهَا عَنْهُ، وَقَدْ قَالُوا بِإِجْزَائِهَا مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُمَاسَّةَ الْمَطْلُوبَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا هِيَ الْمُمَاسَّةُ الْمُبَاحَةُ وَالْوَاقِعَةُ فِي أَثْنَاءِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرُ مُبَاحَةٍ فَاسْتُؤْنِفَتْ. قُلْتُ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُمَاسَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعَةٌ أَيْضًا، وَلِذَا قَالُوا بِالْإِجْزَاءِ وَلَمْ يَقُولُوا بِالْجَوَازِ، فَعَادَ السُّؤَالُ، وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنَّ الْمُمَاسَّةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْكَفَّارَةِ مَحْضُ عَدَاءٍ وَالْمُمَاسَّةَ فِي أَثْنَائِهَا مُنَافِيَةٌ لَهَا مَعَ الْعَدَاءِ كَالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ الصَّلَاةَ فِيهَا، بِخِلَافِ تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْعَدَاءِ أَفَادَهُ عب.

ص: 259

وَبِفِطْرِ السَّفَرِ، بِمَرَضٍ هَاجَهُ، لَا إنْ لَمْ يَهِجْهُ: كَحَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَإِكْرَاهٍ، وَظَنِّ غُرُوبٍ، وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ

وَبِالْعِيدِ إنْ تَعَمَّدَهُ لَا جَهِلَهُ.

ــ

[منح الجليل]

(و) انْقَطَعَ تَتَابُعُ الصَّوْمِ (بِفِطْرِ) الصَّائِمِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فِي (السَّفَرِ) وَلَا يُقَاسُ عَلَى فِطْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ (أَوْ) بِفِطْرِهِ فِي السَّفَرِ (بِ) سَبَبِ (مَرَضٍ هَاجَهُ) أَيْ السَّفَرَ الْمَرَضُ وَلَوْ وَهْمًا (لَا) يَبْطُلُ بِفِطْرِهِ فِي السَّبَبِ مَرَضٌ (إنْ) تَحَقَّقَ أَنَّ السَّفَرَ (لَمْ يَهِجْهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ، وَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ مَرَضًا بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ سَفَرًا وَغَيْرَهُ كَأَكْلِهِ شَيْئًا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يُمْرِضُهُ ثُمَّ أَفْطَرَ فَيُجْعَلُ ضَمِيرُ هَاجَهُ لِلشَّخْصِ فَيَعُمُّ السَّفَرَ وَغَيْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْإِبْطَالِ.

فَقَالَ (كَ) فِطْرٍ فِي كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ فِطْرٍ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ لَهُ (حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا فِطْرُ الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيُوجِبُ اتِّصَالَ قَضَائِهِ تَتَابُعًا، بِخِلَافِ فِطْرِ السَّفَرِ وَمَرَضِهِ لِأَنِّي أَخَافُ أَنَّهُ بِهِ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ يُجْزِيهِ

(وَ) لَا يَقْطَعُهُ فِطْرٌ لِ (لْإِكْرَاهِ) بِمُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ. . . إلَخْ (وَ) فِطْرٍ لِ (ظَنِّ غُرُوبٍ وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) لَا يَنْقَطِعُ بِفِطْرٍ لِ (نِسْيَانٍ) وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَحَكَى ابْنُ رَاشِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَطْعِهِ بِالْفِطْرِ نَسِيَانَا أَوْ جَهْلًا ثَالِثُهُمَا بِهِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي قَطْعِهِ بِهِ نِسْيَانًا أَوْ خَطَأً، ثَالِثُهَا خَطَأٌ. ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ لَا عُذْرَ بِتَفْرِقَةِ النِّسْيَانِ وَعَذَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَوْلُهُ بِتَفْرِقَةِ النِّسْيَانِ أَيْ فَصْلُ قَضَاءِ مَا أَفْطَرَ مِنْهَا لِمَرَضِ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ نِسْيَانًا عَنْهَا، وَالْمُرَادُ فِطْرُهُ نَاسِيًا بِغَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ بِهِ نَهَارًا فِي غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ.

(وَ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ (بِ) فِطْرِ يَوْمِ (الْعِيدِ) الْأَكْبَرِ وَهُوَ عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ (إنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ صَوْمَ ذِي الْحِجَّةِ وَذِي الْقَعْدَةِ أَوْ الْمُحَرَّمِ لِظِهَارِهِ (لَا) تَبْطُلُ الْكَفَّارَةُ بِفِطْرِ الْعِيدِ إنْ (جَهِلَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ أَيْ إتْيَانُهُ فِي شَهْرَيْ ظِهَارِهِ بِأَنْ ظَنَّ ذَا

ص: 260

وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ، أَوْ يُفْطِرُهُنَّ وَيَبْنِي؟ تَأْوِيلَانِ،

ــ

[منح الجليل]

الْحِجَّةِ الْمُحَرَّمَ وَنَوَى صَوْمَهُ مَعَ صَفَرٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَوَّلَ الْحِجَّةُ فَأَفْطَرَ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَا يُقْطَعُ تَتَابُعُهُ.

(وَهَلْ) مَحَلُّ عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ بِجَهْلِ الْعِيدِ (إنْ صَامَ) أَيْ أَمْسَكَ (الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ) بِالْقَافِ وَقَضَاهَا مُتَّصِلَةً بِصَوْمِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصُمْهَا وَأَفْطَرَهَا بَطَلَ صَوْمُهُ وَ (اسْتَأْنَفَ) الصَّوْمَ، وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ الْكَاتِبِ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَإِذَا صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ عَنْ ظِهَارٍ عَلَيْهِ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ خَطَأً لَمْ يَجْزِهِ إلَّا مَنْ فَعَلَهُ بِجَهَالَةٍ وَظَنَّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، فَعَسَى أَنْ يُجْزِيَهُ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ.

(أَوْ) لَا يُشْتَرَطُ صَوْمُ الْعِيدِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَ (يُفْطِرُهُنَّ) أَيْ أَيَّامَ النَّحْرِ (وَيَبْنِي) عَلَى مَا صَامَهُ قَبْلُ وَيَقْضِيهِنَّ مُتَّصِلًا، وَهَذَا فَهْمُ أَبِي مُحَمَّد فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) عب وَفِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ قَوْلَهُ: وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ يَقْتَضِي قُوَّةَ هَذَا الْقَوْلِ وَمُسَاوَاتَهُ لِمَا بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، وَالْمُرَادُ بِصَوْمِهِ إمْسَاكُهُ الثَّانِي أَنَّهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي رَابِعِ النَّحْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ فِطْرَهُ يُبْطِلُهُ، وَلِذَا قَالَ " د " التَّعْبِيرُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ بِهِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ عَقَبَهُ الثَّالِثُ، ظَاهِرُ قَوْلُهُ يُفْطِرُهُنَّ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِطْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى طَلَبِ صَوْمِهِمَا، وَهَلْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا إذَا أَفْطَرَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا هَلْ يَبْنِي أَوْ يَسْتَأْنِفُ، فَلَوْ قَالَ: لَا جَهِلَهُ إنْ صَامَ ثَانِيَ النَّحْرِ وَثَالِثَهُ وَإِلَّا فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ أَوْ يَبْنِي تَأْوِيلَانِ لِسَلِمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَعَلَى صَوْمِهَا فَهَلْ يَقْضِي يَوْمَ الْعِيدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَفَادَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ أَوْ يَقْضِي الثَّلَاثَةَ وَهُوَ مَا فِي الْوَسَطِ وَالصَّغِيرِ. تت أَطْلَقَ الْجَهَالَةَ هُنَا مَعَ أَنَّ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ عِيَاضٍ اُنْظُرْ هَلْ الْجَهَالَةُ الَّتِي عَذَرَهُ بِهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الْجَهَالَةُ بِالْحُكْمِ أَوْ الْجَهَالَةُ بِالْعَدَدِ وَتَعْيِينُ الشَّهْرِ وَغَفْلَتُهُ عَنْ أَنَّ فِيهِ

ص: 261

وَجَهْلُ رَمَضَانَ: كَالْعِيدِ عَلَى الْأَرْجَحِ

وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ،

ــ

[منح الجليل]

فِطْرًا فَيَكُونُ كَالنَّاسِي. وَفِي الشَّامِلِ تَصْحِيحُ الثَّانِي. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: جَهَالَةُ الْحُكْمِ كَجَهَالَةِ الْعَيْنِ جَدّ عج وَهَذَا أَظْهَرُ.

(وَجَهْلُ) أَيْ حُكْمُ جَهْلِ (رَمَضَانَ) عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (كَ) حُكْمِ جَهْلِ (الْعِيدِ) مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَصُومُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ صَوْمُ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَّصِلًا وَيُجْزِيهِ لِعُذْرِهِ بِجَهْلِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَمَفْهُومُ جَهْلُ رَمَضَانَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يُجْزِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ صَامَ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ لِظِهَارِهِ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ لِفَرْضِهِ وَلَا لِظِهَارِهِ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ صَامَ شَعْبَانَ لِظِهَارِهِ وَرَمَضَانَ لِفَرْضِهِ وَأَكْمَلَ ظِهَارَهُ بِصَوْمِ شَوَّالٍ أَجْزَأَهُ الصِّقِلِّيُّ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ كَقَوْلِهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: هَذَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ

(وَ) انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ (بِفَصْلِ الْقَضَاءِ) لِمَا أَفْطَرَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ عَنْهَا بِمَا يُجَوِّزُ صَوْمَهُ وَأَفْطَرَهُ وَأَمَّا فَصْلُهُ بِمَا لَا يُجَوِّزُ صَوْمَهُ كَالْعِيدِ فَلَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَسَوَاءٌ فَصَلَهُ بِذَلِكَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَبُو الْحَسَنِ فَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ الثَّانِي وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَشُهِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (أَيْضًا الْقَطْعُ) لِتَتَابُعِ الصَّوْمِ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ (بِالنِّسْيَانِ) فَلَيْسَ هَذَا مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهَا نِسْيَانٌ كَيْفَ وَقَدْ حَكَى ابْنُ رَاشِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى مَا فِيهَا، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهَا مَا ذَكَرَهُ فِي النِّسْيَانِ لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. وَاَلَّذِي شُهِّرَ الْقَطْعُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا ابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّهُ " تَتَابُعُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ فَرْضٌ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ، فَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِتَفْرِيقِهَا نِسْيَانًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا يُعْذَرُ فِيهِ بِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ، فَإِنْ مَرِضَ فَأَفْطَرَ فِي شَهْرَيْ صِيَامِهِ أَوْ أَكَلَ فِيهِمَا نَاسِيًا قَضَى ذَلِكَ وَوَصَلَهُ بِصِيَامِهِ، فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَهُ بِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُتَعَمِّدًا اسْتَأْنَفَ صِيَامَهُ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ اهـ. فَلَوْ كَانَ تَشْهِيرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا زَعَمَ فِي ضَيْح وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ لَنَبَّهَ عَلَى مَذْهَبِهَا،

ص: 262

فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ: صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا: صَامَهُمَا وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ،

ــ

[منح الجليل]

وَلَمْ يَعْزِهِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَكَلَامُهَا فِي الْفِطْرِ نِسْيَانًا لَا فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهَا خِلَافٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ نَاجِي، وَلَمْ يَعْزِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ لَهَا إلَّا الْعُذْرَ بِالنِّسْيَانِ وَإِنَّمَا عَزَوْا عَدَمَ اغْتِفَارِهِ لِغَيْرِهَا أَفَادَهُ طفي. (فَإِنْ) كَانَ عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَتَانِ لِظِهَارَيْنِ، وَصَامَ عَنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَأَفْطَرَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْهَا نَاسِيًا وَتَذَكَّرَهُمَا وَ (لَمْ يَدْرِ) الْمُظَاهِرُ (بَعْدَ) فَرَاغِ (صَوْمِ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ (عَنْ ظِهَارَيْنِ) لَزِمَاهُ وَقُبِلَ فِطْرُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهَا وَمَفْعُولُ يَدْرِ، (مَوْضِعَ) الـ (يَوْمَيْنِ) اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا نَاسِيًا هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، أَوْ أَوَّلُهُمَا آخِرُ الْأُولَى وَثَانِيهِمَا آخِرُ الثَّانِيَةِ، وَلَكِنْ عَلِمَ تَوَالِيهِمَا وَاجْتِمَاعَهُمَا، وَجَوَابُ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ. . . إلَخْ.

(صَامَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِصْلَاحُهَا مُمْكِنٌ (وَقَضَى شَهْرَيْنِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا أَوْ كَوْنِ أَوَّلِهِمَا مِنْ الْأُولَى، وَقَدْ بَطَلَتْ بِفَصْلِ قَضَائِهَا بِالثَّانِيَةِ فَصَوْمُ الْيَوْمَيْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ فِطْرَ النِّسْيَانِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَقَضَاءُ الشَّهْرَيْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا يَقْطَعُهُ.

(وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا) أَيْ تَوَالِي الْيَوْمَيْنِ (صَامَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ لِاحْتِمَالِ اجْتِمَاعِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِصْلَاحُهَا مُمْكِنٌ (وَ) قَضَى الْأَشْهُرَ (الْأَرْبَعَةَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ فَرَّعَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمَسْأَلَةَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَفَرَّعَهَا عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ إلَّا أَنَّهُمَا أَجْمَلَا وَفَصَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى التَّفْرِيعِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ اجْتِمَاعَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ، إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَعًا مِنْ الْأُولَى فِي أَوَّلِهَا أَوْ أَثْنَائِهَا أَوْ آخِرِهَا، بَطَلَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ كَانَا مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ وَحْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ آخِرَ الْأُولَى وَالثَّانِي أَوَّلَ الثَّانِيَةِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا الْأُولَى، فَلِذَا لَمْ يَقْضِ الْأَرْبَعَةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْلَمْ اجْتِمَاعُهُمَا فَيُحْتَمَلُ مَا ذُكِرَ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَ مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلَانِ مَعًا،

ص: 263

ثُمَّ تَمْلِيكُ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ: لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بُرًّا، وَإِنْ اقْتَاتُوا تَمْرًا أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ: فَعَدْلُهُ، وَلَا أُحِبُّ

ــ

[منح الجليل]

فَيَقْضِي الْأَرْبَعَةَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ التَّفْصِيلَ بِشِقَّيْهِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَأَمَّا إنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يَقْطَعُهُ فَلَا يَقْضِي إلَّا شَهْرَيْنِ فَقَطْ مَعَ صَوْمِ يَوْمَيْنِ عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا أَمْ لَا، وَعَلَيْهِ فَرَّعَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَابْنُ عَرَفَةَ مُعْرِضًا عَنْ تَفْرِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ صَوْمُ الْأَرْبَعَةِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ مُقَيَّدٌ بِشَكِّهِ فِي أَمْسِهِ، هَلْ هُوَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَمْ لَا فَإِنْ تَحَقَّقَ سَبْقَهُمَا فَيَحْتَسِبُ بِالْعَدَدِ الَّذِي صَامَهُ وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُ فِطْرٌ وَيَبْنِي عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(ثُمَّ) إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ (تَمْلِيكُ سِتِّينَ) شَخْصًا (مِسْكَيْنَا أَحْرَارًا) بِالْجَرِّ نَعْتُ سِتِّينَ وَبِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْهُ لِتَخَصُّصِهِ بِالتَّمْيِيزِ (مُسْلِمِينَ، لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتِّينَ

(مُدٌّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ، نَبَوِيٌّ وَهُوَ مِلْءُ حِفَانٍ مُتَوَسِّطٍ وَوَزْنُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ، وَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا، وَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ شَعِيرَةً مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ (وَثُلُثَانِ) مِنْ مُدٍّ، فَمَجْمُوعُ الْكَفَّارَةِ مِائَةُ مُدٍّ نَبَوِيٍّ (بُرًّا) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ قَمْحًا تَمْيِيزٌ لِلْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ وَبَيَانٌ لِجِنْسِ الطَّعَامِ الْمُخْرَجِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، إنْ اقْتَاتُوا الْبُرَّ (وَإِنْ اقْتَاتُوا) أَيْ أَهْلُ بَلَدِ الْكُفْرِ كُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ (تَمْرًا أَوْ) اقْتَاتُوا طَعَامًا (مُخْرَجًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ غَيْرُ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ، أَيْ مَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ (فِي) زَكَاةِ (الْفِطْرِ) وَهُوَ شَعِيرٌ وَسُلْتٌ وَأُرْزٌ وَذُرَةٌ وَدُخْنٌ وَزَبِيبٌ وَأَقِطٌ وَبُرٌّ وَتَمْرٌ فَهَذِهِ التِّسْعَةُ الَّتِي تُخْرَجُ زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْهَا، (فَعَدْلُهُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُسَاوِي الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ مِنْ الْمُقْتَاتِ غَيْرَ الْبُرِّ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ إذَا شَبِعَ الشَّخْصُ بِمُدِّ حِنْطَةٍ كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَالَ الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي مِثْلُ مَكِيلَةِ الْقَمْحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَرْضٌ وَلَا ثَمَنٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَلَا أُحِبُّ الْغَذَاءَ وَالْعَشَاءَ) أَيْ لِلْمِسْكِينِ بَدَلًا عَنْ الْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُمَا يَبْلُغَانِ

ص: 264

الْغَذَاءَ وَلَا الْعَشَاءَ: كَفِدْيَةِ الْأَذَى؛

وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إنْ آيَسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصِّيَامِ، أَوْ إنْ شَكَّ؟ ؛ قَوْلَانِ فِيهَا وَتُؤُوِّلَتْ

ــ

[منح الجليل]

الْمُدَّ وَالثُّلُثَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَوْ غَدَّى وَعَشَّى فَلَا يُعِيدُ، فَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ الْإِمَامِ عَلَى النَّدْبِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَحَمَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَلَى التَّحْرِيمِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ ذَلِكَ، وَبِقَوْلِهَا يُجْزِئُ ذَلِكَ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ، فَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الظِّهَارِ، وَشُبِّهَ فِي نَفْيِ أَحَبِّيَّةِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ فَقَالَ (كَفِدْيَةِ الْأَذَى) الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ لِتَرَفُّهِهِ أَوْ إزَالَتِهِ أَذًى وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى، أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ تَمْلِيكِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مُدَانٍ، فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ بَدَلًا عَنْ الْمُدَّيْنِ فِيهَا لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُمَا يَبْلُغَانِهِمَا.

(وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ) الْمُظَاهِرُ عَنْ الصَّوْمِ الَّذِي عَجَزَ عَنْهُ، إلَى الْإِطْعَامِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا إنْ آيَسَ) الْمُظَاهِرُ عِنْدَ الْعَوْدَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ (مِنْ قُدْرَتِهِ) أَيْ الْمُظَاهِرِ (عَلَى الصَّوْمِ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ، بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا حِينَئِذٍ مَثَلًا وَعَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ اسْتِمْرَارُ عَجْزِهِ عَنْهُ إلَى مَوْتِهِ، (أَوْ) يَنْتَقِلُ (إنْ شَكَّ) الْمُظَاهِرُ حِينَ الْعَوْدِ فِي قُدْرَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) مَذْكُورَانِ (فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ صَامَ عَنْ ظِهَارِهِ شَهْرًا ثُمَّ مَرِضَ، وَهُوَ لَا يَجِدُ رَقَبَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ، وَإِنْ تَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَارٍّ، وَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ فَإِذَا صَحَّ صَامَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ لَا يُقَوِّي صَاحِبَهُ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَهُ، فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مِنْ أَهْلِ الْإِطْعَامِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ، إلَّا بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْقُدْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِيهَا أَيْضًا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ، وَهُوَ مَرِيضٌ بِمِثْلِ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يَصِحُّ مِنْهَا فَلْيُنْظَرْ حَتَّى يَصِحَّ، إذَا كَانَ لَا يَجِدُ رَقَبَةً وَكُلُّ مَرَضٍ يَطُولُ بِصَاحِبِهِ، وَلَا يَدْرِي لِيَبْرَأَ مِنْهُ أَمْ لَا، وَلَعَلَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَهْلِهِ فَلْيُطْعِمْ وَيُصِبْ أَهْلَهُ ثُمَّ إنْ صَحَّ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الْإِطْعَامُ اهـ.

وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ التَّرَدُّدَ لَا يُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ: لَا يَدْرِي لِيَبْرَأَ مِنْهُ أَمْ لَا، فَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ

ص: 265

أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَكَالْيَمِينِ

وَلِلْعَبْدِ إخْرَاجُهُ إنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ،

ــ

[منح الجليل]

مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةَ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ عَلَى الْخِلَافِ (عَلَى أَنَّ) الْمُظَاهِرَ (الْأَوَّلَ) الَّذِي صَامَ شَهْرًا عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ مَرِضَ (قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ) بِصَوْمِهِ شَهْرًا مِنْهَا وَالثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا، وَلِلدُّخُولِ تَأْثِيرٌ فِي الْعَمَلِ بِالتَّمَادِي فَلِذَا لَا يَنْتَقِلُ الْأَوَّلُ، إلَّا إذَا آيَسَ وَلِلثَّانِي الِانْتِقَالُ وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ، مِنْهُمْ ابْنُ شَبْلُونَ ابْنُ عَرَفَةَ تَقْرِيرُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمَرَضَ أَثْنَاءَ الصَّوْمِ أَضْعَفُ مِنْهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ فِي أَثْنَائِهِ عَرَضَ بَعْدَ كَوْنِ الْمُكَفِّرِ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ بِالْفِعْلِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ إلَّا لِعَجْزِهِ عَنْهُ دَائِمًا كَوْنُهُ كَذَلِكَ فِي الْمَرَضِ الْعَارِضِ قَبْلَ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْمُكَفِّرَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ بِالْقُوَّةِ وَمَا بِالْقُوَّةِ أَضْعَفُ مِمَّا هُوَ بِالْفِعْلِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِانْتِقَالَ عَنْ الْإِعْتَاقِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ إلَى الصَّوْمِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيَأْسُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (وَإِنْ أَطْعَمَ) أَيْ مَلَّكَ الْمُظَاهِرُ (مِائَةً وَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ مُدٍّ وَثُلُثَهُ وَهُوَ نِصْفُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، (فَ) حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ تَمْلِيكِ عَشَرَةِ أَمْدَادٍ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفَ مُدٍّ فِي كَفَّارَةِ (الْيَمِينِ) بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَتَّى يُكْمِلَ لِعَشَرَةٍ مِنْ الْعِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا، وَلَهُ نَزْعُ مَا دَفَعَهُ لِلْعَشَرَةِ الْأُخْرَى إنْ كَانَ بَيَّنَ لَهُمْ حِينَ الدَّفْعِ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ، وَبَقِيَ بِأَيْدِهِمْ مَا أَرَادَ نَزْعَهُ فَلَا يُجْزِئُ هُنَا حَتَّى يُكْمِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ سِتِّينَ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ وَلَهُ نَزْعُ مَا دَفَعَهُ لِغَيْرِهِمْ بِالْقُرْعَةِ إنْ كَانَ بَيَّنَ وَبَقِيَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ تَعَيَّنَ رَدُّ مَا بِيَدِهِ وَفِي شَرْطِ بَقَاءِ النِّصْفِ الْمُكَمِّلِ عَلَيْهِ بِيَدِ الْمِسْكِينِ إلَى التَّكْمِيلِ وَعَدَمِهِ تَأْوِيلًا أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ وَعِيَاضٍ.

(وَلِلْعَبْدِ) الْمُظَاهِرِ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الطَّعَامِ كَفَّارَةً عَنْ ظِهَارِهِ، (إنْ) عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَ (أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِي الْإِطْعَامِ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ إذْ

ص: 266

وَفِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ، وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَهَلْ هُوَ وَهْمٌ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ، أَوْ أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ، أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ، أَوْ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ، أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ فَقَطْ؟ تَأْوِيلَاتٌ، وَفِيهَا إنْ أُذِنَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ فِي الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ،

ــ

[منح الجليل]

الْإِطْعَامُ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (أَحَبُّ إلَيَّ)(أَنْ يَصُومَ) الْعَبْدُ عَنْ ظِهَارِهِ (وَإِنْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (فِي الْإِطْعَامِ) وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ قَادِرًا عَلَى الصَّوْمِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ، (وَهَلْ هُوَ) أَيْ قَوْلُ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَبُّ (وَهْمٌ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ غَلَطٌ لِسَانِيٌّ وَبِسُكُونِهَا أَيْ سَهْوٌ قَلْبِيٌّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الصَّوْمَ هُوَ (الْوَاجِبُ) عَلَى الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ (أَوْ) لَيْسَ بِوَهْمٍ وَ (أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ) أَيْ الْمُخْتَارُ إلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ (أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ) لِلْعَبْدِ مِنْ الصَّوْمِ مَعَ قُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَإِضْرَارِهِ بِهِ فِي عَمَلِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ (أَوْ) أَحَبُّ لِلْعَبْدِ الصَّوْمُ (لِمَنْعِ السَّيِّدِ) أَيْ عِنْدَ مَنْعِهِ الْعَبْدَ مِنْ الصَّوْمِ، لِإِضْرَارِهِ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ بِحَيْثُ يُؤَخِّرُ الْكَفَّارَةَ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الصَّوْمِ، أَوْ يُعْتَقَ أَوْ يَأْتِيَ زَمَانٌ لَا يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ فِيهِ عَنْ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ (أَوْ) أَحَبُّ مَحْمُولٌ (عَلَى) الْعَبْدِ (الْعَاجِزِ) عَنْ الصَّوْمِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعَوْدِ (فَقَطْ) بِكَمَرَضٍ وَهُوَ رَاجٍ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَعَارَضَ ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا بِالْحُرِّ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ، وَهُوَ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْإِطْعَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ.

قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (إنْ أَذِنَ) السَّيِّدُ (لَهُ) أَيْ الْعَبْدِ الْحَالِفِ بِمَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (أَنْ يُطْعِمَ) أَوْ يَكْسُوَ الْعَبْدُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ (فِي) كَفَّارَةِ (الْيَمِينِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَا أُلْحِقَ بِهَا (أَجْزَأَهُ) أَيْ الْعَبْدَ مَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ مِنْ إطْعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ (وَفِي قَلْبِي مِنْهُ

ص: 267

وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ

ــ

[منح الجليل]

شَيْءٌ) أَيْ كَرَاهَةٌ وَنُفْرَةً، وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي لِلِاخْتِلَافِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا: لَيْسَ عَلَيْهِ أَيْ الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ لَهُ فَصَوْمُهُ أَحَبُّ إلَيَّ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قُلْت نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطِ وَزَادَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا أَدْرِي مَا هَذَا، وَلَا يُطْعِمُ مَنْ يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ وَمَا جَوَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا وَهْمٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَحَمَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ الصَّوْمَ وَلِتَرَدُّدِهِ فِي صِحَّةِ مَنْعِهِ، اُسْتُحِبَّ صَوْمُهُ الْبَاجِيَّ حَمَلَهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَمَعْنَى اسْتِحْبَابِهِ صَوْمَهُ قَصْرُ تَكْفِيرِهِ عَلَيْهِ.

قَالَ: لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ لِلْمَسَاكِينِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ إذْنِهِ، فَلَا يُطْعِمُ لِأَنَّ إذْنَ سَيِّدِهِ لَا يُخْرِجُ الطَّعَامَ مِنْ مِلْكِهِ إلَّا لِلْمَسَاكِينِ الشَّيْخُ يُرِيدُ أَنَّ مِلْكَ الْعَبْدِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ عِيَاضٌ مِثْلُ تَوْهِيمِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا طَرَحَ سَحْنُونٌ لَفْظَ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ، وَزَادَ اعْتِذَارًا آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِرَجْعِ أَحَبُّ إلَى السَّيِّدِ أَيْ إذْنُهُ لَهُ فِي الصَّوْمِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْأَبْهَرِيُّ قَالَ الصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْهُ فَأَحَبُّ إلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِ، وَعُورِضَ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَطُلْ عَجْزُهُ وَرُجِيَ بُرْؤُهُ فَفَرْضُهُ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا فَفَرْضُهُ الْإِطْعَامُ ثُمَّ قَالَ: قَدْ تَكُونُ أَحَبُّ عَلَى بَابِهَا وَلَا وَهْمَ، وَلَا تَجَوُّزَ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ أَرْجَحَ وَأَوْلَى وَإِنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ الصِّيَامَ أَجْزَأَهُ وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ حِينَئِذٍ وَهَذَا كَقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ " إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يُطْعِمَ أَوْ يَكْسُوَ يُجْزِئُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي فَلَمْ يَرَ مِلْكَهُ لِلطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ مِلْكًا مُسْتَقَرًّا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَمْ يُعْطِنَا فِي الْإِطْعَامِ جَوَابًا بَيِّنًا اللَّخْمِيُّ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ سَيِّدُهُ وَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ مِلْكٌ مُتَرَقَّبٌ، لَمْ أَرَ لِسَيِّدِهِ رُجُوعًا وَلَا انْتِزَاعًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ فِيهِ وَأَدْنَى حَالِهِ أَنَّهُ كَمَنْ أُطْعِمَ عَنْهُ.

(وَلَا يُجْزِي) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ (تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ) لِظِهَارَيْنِ (فِي) حَظِّ كُلِّ

ص: 268

وَلَا تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ وَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ عَدَدًا، أَوْ عَنْ الْجَمِيعِ كَمَّلَ، وَسَقَطَ حَظُّ مَنْ مَاتَتْ

وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً حَتَّى يُخْرِجَ الرَّابِعَةَ، وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ طَلُقَتْ.

ــ

[منح الجليل]

مِسْكِينٍ) بِأَنْ يُمَلِّكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا أَوْ ثُلُثَيْنِ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ نَاوِيًا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَاهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ لِلْكَفَّارَتَيْنِ مُنَاصَفَةً

كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ إجْزَاءِ التَّشْرِيكِ فِي الصَّوْمِ بِالْأَوْلَى لِشَرْطِيَّةِ تَتَابُعِهِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ إجْزَاءِ مَا فِيهِ التَّشْرِيكُ سَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعَ أَوْ الْبَعْضَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَا) يُجْزِئُ (تَرْكِيبُ) كَفَّارَةٍ مِنْ (صِنْفَيْنِ) كَصِيَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِطْعَامِ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَاحْتُرِزَ بِصِنْفَيْنِ مِنْ تَرْكِيبِهَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ كَغَدَاءِ وَعَشَاءِ ثَلَاثِينَ وَتَمْلِيكِ ثَلَاثِينَ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا أَوْ ثُلُثَيْنِ فَيُجْزِي (وَ) لَوْ نَوَى مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَعَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ، وَأَطْعَمَ مَسَاكِينَ كُلَّ وَاحِدٍ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ وَمَفْعُولُ نَوَى (لِكُلٍّ) مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ عَدَدًا مِنْ الْمَسَاكِينِ أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ (أَوْ) نَوَى بِمَا أَخْرَجَهُ (عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ مَجْمُوعِ الْكَفَّارَتَيْنِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ وَلَمْ يَنْوِ التَّشْرِيكَ فِي مِسْكِينٍ (كَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظَّاهِرُ لِكُلِّ كَفَّارَةٍ سِتِّينَ عَلَى مَا نَوَاهُ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَعَلَى مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ قِسْمَةِ الْمَجْمُوعِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (وَ) إنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمُكَفَّرِ عَنْهُنَّ قَبْلَ التَّكْمِيلِ (سَقَطَ حَظُّ) أَيْ نَصِيبُ (مَنْ مَاتَتْ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَمِّلَ لَهَا، وَلَا يُجْزِيهِ مَا أَخْرَجَهُ لَهَا عَنْ كَفَّارَةٍ عَنْ غَيْرِهَا وَمِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ، وَمَحَلُّ السُّقُوطِ إذَا لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ طَلَاقِهَا وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ حَظُّهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا سِتِّينَ.

(وَلَوْ أَعْتَقَ) الْمُظَاهِرُ (ثَلَاثًا) مِنْ الرِّقَابِ (عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسَاءِ مُظَاهَرٍ مِنْهُنَّ، وَقَدْ لَزِمَهُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ الثَّلَاثَ الْمُعْتَقَ عَنْهُنَّ (لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً) مِنْ الْأَرْبَعِ (حَتَّى يُخْرِجَ) الْكَفَّارَةَ (الرَّابِعَةَ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الَّتِي أَرَادَ وَطْأَهَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهَا إنْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ أَوْ تَطْلُقْ بَلْ (وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْ الْأَرْبَعِ (أَوْ

ص: 269