المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في أحكام وأقسام الاستبراء ومن يلزمه والمواضعة وما يتعلق بها] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٤

[محمد بن أحمد عليش]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الطَّلَاق] [

- ‌فَصَلِّ فِي الْخُلْعُ]

- ‌(فَصْلٌ) .طَلَاقُ السُّنَّةِ:

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَرْكَان الطَّلَاق وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الِاسْتِنَابَة عَلَى الطَّلَاق]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام رَجْعَة الْمُطَلَّقَة طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْإِيلَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي الظِّهَار وَأَحْكَامه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَام اللِّعَان]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَسَائِل زَوْجَة الْمَفْقُود وَمَا يُنَاسِبهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام وَأَقْسَام الِاسْتِبْرَاء وَمنْ يَلْزَمهُ وَالْمُوَاضَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام تداخل الْعَدَد وَالِاسْتِبْرَاء]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَام الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي النَّفَقَة بالنكاح والملك وَالْقَرَابَة]

- ‌[فَصْلٌ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالْقَرِيبِ وَخَادِمِهِ وَالْحَضَانَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ فِي الْبَيْع]

الفصل: ‌[فصل في أحكام وأقسام الاستبراء ومن يلزمه والمواضعة وما يتعلق بها]

(فَصْلٌ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ،

ــ

[منح الجليل]

[فَصْلٌ فِي أَحْكَام وَأَقْسَام الِاسْتِبْرَاء وَمنْ يَلْزَمهُ وَالْمُوَاضَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

(بَابٌ)(فِي أَحْكَامِ وَأَقْسَامِ الِاسْتِبْرَاءِ وَمَنْ يَلْزَمُهُ وَالْمُوَاضَعَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) وَهُوَ لُغَةً الِاسْتِقْصَاءُ وَالْبَحْثُ وَالْكَشْفُ عَنْ الْأَمْرِ الْعَارِضِ، وَشَرْعًا الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الرَّحِمِ عِنْدَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ لِحِفْظِ النَّسَبِ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ سَبَايَا أَوْطَاسٍ «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ» ، وَأَوْطَاسُ وَادٍ فِي هَوَازِنَ بِهِ كَانَتْ غَزْوَتُهُ هَوَازِنُ يَوْمَ حُنَيْنٍ صلى الله عليه وسلم (يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ) ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِبْرَاءُ مُدَّةً دَلِيلُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا لِرَفْعِ عِصْمَةٍ أَوْ طَلَاقٍ فَتَخْرُجُ الْعِدَّةُ، وَيَدْخُلُ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ وَلَوْ لِلِعَانٍ وَالْمَوْرُوثَةِ؛ لِأَنَّهُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ لَا لِذَاتِ الْمَوْتِ عج لَوْ أُسْقِطَ، أَوْ طَلَاقٍ لِسَلَمٍ مِنْ جَعْلِ الْقَسْمِ قَسِيمًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَافِعِ الْعِصْمَةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِدْقِهِ بِمُدَّةِ إقَامَةِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوْ عِتْقِهِ مَعَ أَنَّهَا عِدَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.

قَوْلُهُ وَالْمَوْرُوثَةُ يَعْنِي إذَا مَاتَ شَخْصٌ عَنْ أَمَةٍ وَانْتَقَلَتْ لِوَارِثِهِ فَلَا يَقْرَبُهَا حَيْثُ يَصِحُّ وَطْؤُهُ لَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَيْسَ هَذَا عِدَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ لَا لِرَفْعِ عِصْمَةِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَأَرَادَ بِاسْتِبْرَاءِ اللِّعَانِ اسْتِبْرَاءَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ بَعْدَ وَطْئِهَا لِيَعْتَمِدَ عَلَيْهِ فِي لِعَانِهَا لَا مَا يَكُونُ لِفُرْقَةِ اللِّعَانِ فَإِنَّهَا عِدَّةٌ لَا اسْتِبْرَاءٌ (بِ) سَبَبِ (حُصُولِ) أَيْ تَجَدُّدِ (الْمِلْكِ) لِأَمَةٍ بِعِوَضٍ أَوْ لَا كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ وَانْتِزَاعٍ مِنْ رَقِيقٍ وَسَبْيٍ ابْنُ عَاشِرٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الَّتِي يُرَادُ وَطْؤُهَا أَوْ تَزْوِيجُهَا أَوْ تَكُونُ عَلِيَّةً أَوْ أَقَرَّ بَائِعُهَا بِوَطْئِهَا، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا.

الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ فَفِي الْجَلَّابِ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاسْتِبْرَاءُ الْإِمَاءِ فِي الْبَيْعِ وَاجِبٌ لِحِفْظِ النَّسَبِ

ص: 345

إنْ لَمْ تُوقَنْ الْبَرَاءَةُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا

وَلَمْ تَحْرُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ،

ــ

[منح الجليل]

ثُمَّ قَالَ فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِلْكُ أَمَةٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَعْلَمْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا أَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا رَفِيعَةً كَانَتْ أَوْ وَضِيعَةً وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الِاسْتِبْرَاءُ لِتَمْيِيزِ مَاءِ الْمُشْتَرِي مِنْ مَاءِ الْبَائِعِ، ثُمَّ قَالَ فِيمَنْ لَا تَتَوَاضَعُ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ بَائِعُهَا بِوَطْئِهَا وَهِيَ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَهَذِهِ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَلَا اسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مُشْتَرِيهَا وَطْأَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ مِمَّا لَعَلَّهَا أَحْدَثَتْهُ وَفِي الْمَعُونَةِ مَنْ وَطِئَ أَمَةً ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ بَيْعِهَا وَعَلَى مُشْتَرِيهَا اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ وَطْئِهَا اهـ.

فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَطْءَ، وَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ إلَّا إذَا وَطِئَ، وَكَذَلِكَ سُوءُ الظَّنِّ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْمَالِكِ لِأَجْلِهِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَطْءَ أَوْ التَّزْوِيجَ (إنْ لَمْ تُوقَنْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَيْ تَتَيَقَّنُ وَتَعْلَمُ (الْبَرَاءَةَ) لِلْأَمَةِ الَّتِي حَصَلَ مِلْكُهَا مِنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ تَيَقَّنَتْ بَرَاءَتَهَا مِنْهُ أَيْ غَلَبَتْ عَلَى الظَّنِّ وَاعْتَقَدَتْ فَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا بِأَنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ وَحَاضَتْ ثُمَّ مَلَكَهَا، وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا مُودِعُهَا أَوْ اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا قَبْلَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهَا غَيْبَةً يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِيهَا (وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (مُبَاحًا) لِمَنْ حَصَلَ لَهُ مِلْكُهَا فَإِنْ كَانَ وَطْؤُهَا مُبَاحًا لَهُ قَبْلَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا كَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَالْمُرَادُ مُبَاحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَدْ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَاسْتَحَقَّتْ مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا فَهَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى وَطْئِهَا أَوْ يَسْتَبْرِئُهَا فَأَجَابَ لَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا. اهـ. أَيْ لِأَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

(وَلَمْ تَحْرُمْ) الْأَمَةُ عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ مِلْكُهَا (فِي الْمُسْتَقْبَلِ) فَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا كَمَنْ مَلَكَ مُحَرَّمَةً بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ مُتَزَوِّجَةٍ بِغَيْرِهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ فَلَيْسَ لِمَنْ مَلَكَهَا وَطْؤُهَا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا فَلَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا.

ص: 346

وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ، أَوْ كَبِيرَةً: لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً أَوْ وَخْشًا، أَوْ بِكْرًا أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ، أَوْ غُنِمَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ:

ــ

[منح الجليل]

الْبُنَانِيُّ هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ إرَادَةِ الْوَطْءِ فَإِنْ قِيلَ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِتَزْوِيجِهَا قِيلَ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يُخْبِرَهُ الْبَائِعُ بِاسْتِبْرَائِهَا فَذِكْرُهُمْ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ مُسْتَوْفِيَةِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ إنْ كَانَتْ بَالِغَةً تَحْمِلُ عَادَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ) كَبِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ، وَنَصَّ الْمُتَيْطِيُّ عَلَى أَنَّ بِنْتَ ثَمَانٍ لَا تُطِيقُهُ وَعَقَدَ فِيهَا وَثِيقَةً قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(أَوْ كَبِيرَةً لَا تَحْمِلَانِ) أَيْ الصَّغِيرَةُ الْمُطِيقَةُ وَالْكَبِيرَةُ (عَادَةً) كَبِنْتِ سِتِّينَ سَنَةً (أَوْ) كَانَتْ (وَخْشًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَيْرَ جَمِيلَةٍ شَأْنُهَا تُقْتَنَى لِلْخِدْمَةِ لَا لِلْوَطْءِ (أَوْ) كَانَتْ (بِكْرًا) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَذْرَاءَ لِإِمْكَانِ وَطْئِهَا دُونَ الْبَكَارَةِ وَحَمْلِهَا مَعَ بَقَائِهَا (أَوْ رَجَعَتْ) الْأَمَةُ لِمَالِكِهَا (مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ) مِنْ بَالِغٍ غَابَ عَلَيْهَا غَيْبَةً يُمْكِنُهُ وَطْؤُهَا فِيهَا فَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا.

وَفِي نَظْمِ الْمُصَنِّفِ هَاتَيْنِ فِي مِلْكِ حُصُولِ الْمِلْكِ تَجُوزُ إذْ لَمْ تَخْرُجْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ مَالِكِهَا (أَوْ غُنِمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ سُبِيَتْ الْأَمَةُ مِنْ الْكُفَّارِ فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى سَابِيهَا (أَوْ اُشْتُرِيَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأَمَةُ، وَذَكَرَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَوْ) كَانَتْ وَقْتَ شِرَائِهَا (مُتَزَوِّجَةً) بِغَيْرِ مُشْتَرِيهَا وَوَاوُهُ لِلْحَالِ وَلَوْ صِلَةً (وَطَلُقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا الْأَمَةُ بَعْدَ شِرَائِهَا وَ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) مِنْ زَوْجِهَا بِهَا فَيَجِبُ عَلَى مُشْتَرِيهَا اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ وَطْئِهَا هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَرُجِّحَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ لَحِقَ بِالزَّوْجِ وَبِأَنَّ الزَّوْجَ يُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا بِدُونِ اسْتِبْرَاءٍ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ سَيِّدِهَا اسْتَبْرَأْتهَا.

ص: 347

كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا

وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ: تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ

وَاتِّفَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ، وَكَالْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ

ــ

[منح الجليل]

وَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ وَلَوْ، وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ (كَ) الْأَمَةِ (الْمَوْطُوءَةِ) مِنْ سَيِّدِهَا الْبَالِغِ الْحُرِّ (إنْ بِيعَتْ) أَيْ أَرَادَ سَيِّدُهَا بَيْعَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ مَائِهِ بِحَيْضَةٍ (أَوْ زُوِّجَتْ) بِضَمِّ الزَّايِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ أَرَادَ سَيِّدُهَا تَزْوِيجَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ مَائِهِ بِحَيْضَةٍ وَمَفْهُومُ الْمَوْطُوءَةِ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِبَيْعِهَا وَلَوْ زَنَتْ وَلَا لِتَزْوِيجِهَا إلَّا أَنْ تَزْنِيَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، (وَقُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُ سَيِّدِهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِزَوْجِهَا عِنْدَ إرَادَةِ تَزْوِيجِهَا لَهُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ وَيَطَؤُهَا بِدُونِ اسْتِبْرَاءٍ

(وَجَازَ لِ) لِشَخْصِ (الْمُشْتَرِي) الْأَمَةَ (مِنْ) مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءَ قَبْلَ بَيْعِهَا وَفَاعِلُ جَازَ (تَزْوِيجُهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِغَيْرِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ اعْتِمَادًا عَلَى أَخْبَارِ الْبَائِعِ، وَكَذَا بَيْعُهَا وَيَجُوزُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَ) جَازَ (اتِّفَاقُ الْبَائِعِ) لِمَوْطُوءَتِهِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ (وَالْمُشْتَرِي) لَهَا (عَلَى) اسْتِبْرَاءٍ (وَاحِدٍ) لِحُصُولِ غَرَضِهِمَا بِهِ، وَمَعْنَاهُ وَضْعُهَا عِنْدَ أَمِينٍ حَتَّى تَحِيضَ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ قُلْت إنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ فَقَدْ فَعَلَ الْبَائِعُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ وَضَعَتْ بَعْدَهُ فَالْعَكْسُ. قُلْت لَعَلَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَاعِدَتَيْنِ لِوُجُودِ الْمُوَاضَعَةِ فِيهَا اهـ.

عب الْبُنَانِيُّ الْمُتَبَادَرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَقَطْ فَلَا تَتَكَرَّرُ مَعَهُ الْمُوَاضَعَةُ الْآتِيَةُ، وَعَطَفَ عَلَى كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ فَقَالَ (وَكَ) الْأَمَةِ (الْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ) عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهَا بِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ صَبِيٍّ فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى سَيِّدِهَا قَبْلَ وَطْئِهِ إيَّاهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا لِغَيْرِهِ بِحَيْضَةٍ، وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبُهُ حَيْثُ كَانَ سَيِّدُهَا مُسْتَرْسِلًا عَلَيْهَا بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ وَلَدُهَا لَا حَقَّ فِيهِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطَأْهَا سَيِّدُهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَهُ.

ص: 348

أَوْ سَاءَ الظَّنُّ: كَمَنْ عِنْدَهُ تَخْرُجُ، أَوْ لِكَغَائِبٍ، أَوْ مَجْبُوبٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ عَجَزَتْ أَوْ أَبْضَعَ فِيهَا وَأَرْسَلَهَا مَعَ غَيْرِهِ

وَبِمَوْتِ سَيِّدٍ، وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ

ــ

[منح الجليل]

وَبِأَنَّ فَائِدَتَهُ تَظْهَرُ فِي رَمْيِهِ بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَلْحَقُ بِهِ فَلَا يُحَدُّ رَامِيهِ وَإِلَّا حُدَّ وَمَحَلُّ وُجُوبِ اسْتِبْرَائِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَنَحْوِهِ

(أَوْ سُوءِ الظَّنِّ) مِنْ السَّيِّدِ بِأَمَتِهِ بِأَنَّهَا زَنَتْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا عَطَفَ عَلَى مَعْنًى بِحُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ حَصَلَ الْمِلْكُ أَوْ سَاءَ الظَّنُّ (كَمَنْ عِنْدَهُ أَمَةٌ) مُودَعَةٌ أَوْ مَرْهُونَةٌ حَالَ كَوْنِهَا (تَخْرُجُ) مِنْ بَيْتِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَاتِ أَوْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مُودِعُهَا ثُمَّ انْتَقَلَ مِلْكُهَا لِمَنْ هِيَ مُودَعَةً أَوْ مَرْهُونَةً عِنْدَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا لَا إنْ أَرَادَ بَيْعَهَا (أَوْ) كَانَتْ الْأَمَةُ (لِكَغَائِبٍ) عَنْ الْبَلَدِ الَّذِي هِيَ بِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا عَادَةً فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِلْكُهَا، (أَوْ) كَانَتْ لِ (مَجْبُوبٍ) فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِلْكُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَتَزْوِيجَهَا لَا بَيْعَهَا، وَكَذَا مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهُمْ عَنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ خَالَفَهُ أَشْهَبُ.

(وَ) أَمَةٍ (مُكَاتَبَةٍ) سَعَتْ فِي تَحْصِيلِ نُجُومِ كِتَابَتِهَا (ثُمَّ عَجَزَتْ) فَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَتَزْوِيجَهَا لَا إنْ أَرَادَ بَيْعَهَا، (أَوْ أَبْضَعَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ دَفَعَ السَّيِّدُ بِضَاعَةً عَرْضًا أَوْ نَقْدًا لِأَمِينٍ (فِي) شِرَاءِ (هَا) أَيْ الْأَمَةِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ أَرَادَ الْأَمِينُ السَّفَرَ إلَيْهِ لِنَحْوِ تِجَارَةٍ فَاشْتَرَاهَا الْأَمِينُ (وَأَرْسَلَهَا) أَيْ الْأَمِينُ الْأَمَةَ لِمُوَكِّلِهِ (مَعَ غَيْرِهَا) أَيْ الْأَمِينِ بِلَا إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا، وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَنْ أُرْسِلَتْ مَعَهُ بِحَيْضِهَا فِي الطَّرِيقِ كَفَاهُ فِي اسْتِبْرَائِهَا.

(وَ) يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ (بِ) سَبَبِ (مَوْتِ سَيِّدٍ) لَهَا بَالِغٍ عَلَى وَارِثِهِ إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَهُ، وَإِنْ أَرَادَ الْوَارِثُ وَطْأَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَإِنْ لَمْ تُسْتَبْرَأْ أَوْ تَتِمَّ عِدَّتُهَا فِي حَيَاةِ مُوَرِّثِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ قَدْ (اُسْتُبْرِئَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ

ص: 349

أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا

وَبِالْعِتْقِ

وَاسْتَأْنَفَتْ إنْ اُسْتُبْرِئَتْ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ

ــ

[منح الجليل]

قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا (أَوْ) كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً وَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا، وَحَلَّتْ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَجِبُ عَلَى وَارِثِهِ اسْتِبْرَاؤُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَطِئَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا

(وَ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (بِ) سَبَبِ (الْعِتْقِ) لِأَمَةٍ بِحَيْضَةٍ إنْ أَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَ مُعْتِقِهَا إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مُعْتِقُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا، وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِدَّةِ زَوْجٍ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ وَلِمُعْتِقِهَا تَزَوُّجُهَا بِدُونِ اسْتِبْرَاءٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ إذَا وَطِئَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا لَا إنْ أَعْتَقَهَا عَقِبَ شِرَائِهَا فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا.

(وَ) إنْ وُطِئَتْ أُمُّ وَلَدٍ بِكَاشْتِبَاهٍ وَاسْتُبْرِئَتْ مِنْهُ أَوْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَاعْتَدَّتْ ثُمَّ نُجِزَ عِتْقُهَا أَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا (اسْتَأْنَفَتْ) أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ إنْ نَجَزَ سَيِّدُهَا عِتْقَهَا أَوْ مَاتَ وَعَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (إنْ) كَانَتْ (اُسْتُبْرِئَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَلَا يَكْفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا الْعِدَّةُ قَبْلَهُ، (أَوْ غَابَ) سَيِّدُهَا عَنْهَا فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مُدَّةً تَحِيضُ فِيهَا عَادَةً وَ (عُلِمَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (أَنَّهُ) أَوْ السَّيِّدُ (لَمْ يَقْدَمْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالدَّالِ بَيْنَهُمَا قَافٌ سَاكِنَةٌ عَلَيْهَا مِنْهَا وَلَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ خُفْيَةً أَوْ كَانَ مَسْجُونًا حَتَّى نُجِزَ عِتْقُهَا، أَوْ مَاتَ وَتَنَازَعَ اسْتَأْنَفَ وَاسْتُبْرِئَ فِي قَوْلِهِ (أُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ الْأَمَةُ الْحُرُّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (فَقَطْ) دُونَ غَيْرِهَا فَتَكْتَفِي بِالِاسْتِبْرَاءِ أَوْ الِاعْتِدَادِ السَّابِقِ عَلَى عِتْقِهَا فِي غَيْبَةِ سَيِّدِهَا إذَا أَرْسَلَ بِعِتْقِهَا أَوْ مَاتَ فِيهَا لَا فِي مَوْتِهِ حَاضِرًا فَتَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ لِتُجَدِّدَ الْمِلْكَ كَأُمِّ الْوَلَدِ فَفِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاسْتَأْنَفَتْ أَيْ الْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ الِاسْتِبْرَاءَ فِي الْمَوْتِ مَعًا وَلَوْ كَانَ غَائِبًا إلَّا غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ مِنْهَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ إلَّا غَيْبَةً إلَخْ.

وَفِي مَعْنَى الْغَيْبَةِ الَّتِي عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ مِنْهَا إذَا كَانَ مَسْجُونًا وَمَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ فِي الْأَمَةِ، وَأَمَّا فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَمُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَهِيَ فِي أَوَّلِ دَمِ حَيْضَتِهَا أَوْ غَابَ

ص: 350

بِحَيْضَةٍ.

وَإِنْ تَأَخَّرَتْ، أَوْ أَرْضَعَتْ، أَوْ مَرِضَتْ، أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ، فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ: كَالصَّغِيرَةِ،

ــ

[منح الجليل]

عَنْهَا فَحَاضَتْ بَعْدَهُ كَثِيرًا ثُمَّ مَاتَ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ اسْتِئْنَافِ حَيْضَتِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهَا عِدَّةٌ. اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ حَيْضَةِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ عِدَّةً أَوْ اسْتِبْرَاءً قَوْلُ الْمَشْهُورِ.

وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ الْقَاضِي وَابْنِ زَرْقُونٍ عَنْ إحْدَى رِوَايَتِهَا لَيْسَ إنْكَاحُهَا فِيهَا نِكَاحَ عِدَّةٍ يَحْرُمُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا الْمَبِيتُ فِيهَا بِغَيْرِ بَيْتِهَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا فِي حَالَةِ الْعِتْقِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ فِرَاشٌ لِسَيِّدِهَا فَالْحَيْضَةُ فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ لِلْحُرَّةِ فَكَمَا أَنَّ الْحُرَّةَ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْقِنِّ وَلَوْ زَادَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ فَقَطْ مَا نَصُّهُ كَغَيْرِهَا إنْ مَاتَ عَنْهَا فَقَطْ لَأَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِمَوْتِ سَيِّدٍ شَامِلٌ لِلْأَمَةِ أَيْ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِتُسَاوِيهِمَا فِيهِ فِي وُجُوبِ الْحَيْضَةِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْعِتْقِ فَالْقِنُّ إذَا اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فِيهِمَا وَصِلَةُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ قَوْلِهِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (بِحَيْضَةٍ) فَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُمْكِنُ حَيْضُهَا، وَأَتَتْ فِي وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ لِلنِّسَاءِ كَحَيْضِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً بَلْ، (وَإِنْ تَأَخَّرَتْ) الْحَيْضَةُ لِقِنٍّ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ بِلَا سَبَبٍ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ لِلنِّسَاءِ كَالشَّهْرِ.

فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً فَاسْتِبْرَاؤُهَا حَيْضَةٌ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا الْحَيْضَ بَعْدَ ثَلَاثٍ إلَى تِسْعَةٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِالِاكْتِفَاءِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَقَوْلٌ لَا بُدَّ مِنْ الْحَيْضَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا تَأَخُّرَهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَاسْتِبْرَاؤُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَمَنْ لَا تَحِيضُ إلَّا لِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ فِي كَوْنِهَا ثَلَاثَةً أَوْ حَيْضَتُهَا سَمَاعَا عِيسَى وَيَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ لَا تَحِيضُ إلَّا لِأَكْثَرِ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَثَلَاثَةٌ فَقَطْ (أَوْ) تَأَخَّرَ لِسَبَبٍ بِأَنْ (أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ) الْأَمَةُ فَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (أَوْ اُسْتُحِيضَتْ) الْأَمَةُ (وَلَمْ تُمَيِّزْ) الْأَمَةُ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَجَوَابُ وَإِنْ تَأَخَّرَ إلَخْ (فَ) اسْتِبْرَاؤُهَا فِي الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ (ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) مِنْ يَوْمِ سَبَبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثَةِ الْأَشْهُرِ فَقَالَ (كَ) الْأَمَةِ (الصَّغِيرَةِ) الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ.

ص: 351

وَالْيَائِسَةِ، وَنَظَرَ النِّسَاءُ. فَإِنْ ارْتَبْنَ؛ فَتِسْعَةٌ

وَبِالْوَضْعِ: كَالْعِدَّةِ

وَحَرُمَ فِي زَمَنِهِ: الِاسْتِمْتَاعُ

وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ، أَوْ حَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ: كَمُودَعَةٍ

ــ

[منح الجليل]

وَ) الْأَمَةِ (الْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ عَادَةً كَبِنْتِ سِتِّينَ سَنَةً فَاسْتِبْرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ (وَنَظَرَ النِّسَاءُ) فِيمَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَمَرَضٍ وَفِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِمَّنْ تَحِيضُ فَاسْتُحِيضَتْ أَوْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ غَانِمٍ أَنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ تُجْزِئُ إذَا نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَلَمْ يَجِدْنَ بِهَا حَمْلًا (فَإِنْ ارْتَبْنَ) أَيْ شَكَّ النِّسَاءُ فِي حَمْلِهَا (فَ) اسْتِبْرَاؤُهَا (تِسْعَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ ارْتَابَتْ بِحَسِّ بَطْنٍ فَتِسْعَةٌ اتِّفَاقًا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهَا إنْ زَالَتْ رَيْبَتُهَا قَبْلَهَا حَلَّتْ وَإِنْ بَقِيَتْ فَلَا تَحِلُّ فَالتِّسْعَةُ لَغْوٌ فَأَجَابَ ابْنُ مَنَاسٍ بِأَنَّ التِّسْعَةَ مَعَ بَقَائِهَا دُونَ زِيَادَةٍ تُحِلُّهَا، وَإِنَّمَا لَغْوُهَا إذَا ذَهَبَتْ الرِّيبَةُ أَوْ زَادَتْ وَقَبِلُوهُ وَابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ إنْ زَادَتْ بَقِيَتْ لِأَقْصَى الْحَمْلِ

(وَ) اُسْتُبْرِئَتْ الْحَامِلُ (بِالْوَضْعِ) لِجَمِيعِ حَمْلِهَا وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ (كَالْعِدَّةِ) فِي اشْتِرَاطِ وَضْعِهِ كُلِّهِ وَالْمُكْثِ لِأَقْصَى أَمَدِهِ إنْ ارْتَابَتْ بِهِ، وَالْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا لَا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ لَاحِقًا أَوْ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ.

(وَحَرُمَ) عَلَى مَنْ مَلَكَ أَمَةً وَوَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا (فِي زَمَنِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ مُتَعَلِّقُهُ (الِاسْتِمْتَاعُ) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وَطْءٌ وَقُبْلَةٌ وَمُبَاشَرَةٌ وَخَلْوَةٌ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا رَائِعَةً أَوْ وَخْشًا مَسْبِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا حَامِلًا مِنْ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ شَابًّا أَوْ شَيْخًا هَذَا فِيمَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهَا، وَأَمَّا أَمَتُهُ الْحَامِلُ مِنْهُ حَمْلًا بَيِّنًا إذَا زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا.

(وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ) الْأَمَةُ الَّتِي انْتَقَلَ مِلْكُهَا (الْوَطْءَ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ (أَوْ) أَطَاقَتْهُ وَ (حَاضَتْ) وَهِيَ (تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ (كَمُودَعَةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ عِنْدَهُ وَمَرْهُونَةٍ عِنْدَهُ وَأَمَةِ زَوْجَتِهِ وَشَرِيكِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا إنْ

ص: 352

وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ، وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا

أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ

ــ

[منح الجليل]

لَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا الْبَالِغُ، وَهَذَا مَفْهُومُ إنْ لَمْ تُوقَنْ الْبَرَاءَةُ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ الْمُودَعَةَ إذَا رُدَّتْ لِمُودِعِهَا بِالْكَسْرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ وَطْئِهَا، وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ رَهَنَ جَارِيَتَهُ أَوْ أَوْدَعَهَا فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا إذَا ارْتَجَعَهَا، وَلَوْ ابْتَاعَهَا مِنْهُ الْمُودِعُ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ عِنْدَهُ أَجْزَأَهُ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ وَلَوْ كَانَتْ تَخْرُجُ لِلسُّوقِ لَمْ يُجْزِهِ.

(وَ) لَا اسْتِبْرَاءَ فِي أَمَةٍ (مَبِيعَةٍ بِ) شَرْطِ (الْخِيَارِ) لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَحَاضَتْ عِنْدَهُ وَأَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ أَوْ مَضَى زَمَنُهُ وَهِيَ بِيَدِهِ أَوْ مُشْتَرَاةٌ مِنْ فُضُولِيٍّ وَأَمْضَى رَبُّهَا بَيْعَهَا بَعْدَ حَيْضِهَا عِنْدَ مُشْتَرِيهَا (وَلَمْ تَخْرُجْ) الْأَمَةُ مِنْ بَيْتِ الْمُشْتَرِي لِلسُّوقِ، (وَلَمْ يَلِجْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ لَمْ يَدْخُلْ (عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) دُخُولًا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا مِنْهُ فِيهِ فِي أَيَّامِ الْإِيدَاعِ أَوْ الْخِيَارِ فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ أَوْ يَلِجُ سَيِّدُهَا عَلَيْهَا فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِسُوءِ الظَّنِّ بِهَا.

، وَإِذَا رَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ جَازَ لِبَائِعِهَا وَطْؤُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِبْرَاءُ وَسَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَيُسْتَحْسَنُ إنْ غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ وَأُطْلِقَ فِي الْمُودَعَةِ وَالْمَرْهُونَةِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْمُودِعُ وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرَ أَمِينٍ وَجَبَ فِي غَيْرِ الْوَخْشِ، وَإِلَّا سَقَطَ إنْ كَانَ ذَا أَهْلٍ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ مَبِيعَةٍ بِخِيَارٍ بِأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ إذَا حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَهُوَ كَمَا أَشْعَرَ فَتَأْتَنِفُ حَيْضَةً بَعْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ الْإِشْهَادِ فَإِنْ لَمْ يَحْبِسْهَا الْبَائِعُ وَمُكِّنَ الْمُشْتَرِي مِنْهَا فَتَرَكَهَا، وَذَهَبَ لِيَأْتِيَهُ بِثَمَنِهَا فَحَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَيَكْتَفِي الْمُشْتَرِي بِهَا.

(أَوْ) أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى السَّيِّدِ إنْ (أَعْتَقَ) أَمَتَهُ الَّتِي كَانَ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَمَا مَلَكَهَا وَوَطِئَهَا (وَتَزَوَّجَ) هَا بَعْدَ عِتْقِهَا، وَهَذَا مُحْتَرَزُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا وَلَكِنْ فِي هَذِهِ لَمْ يَحْصُلْ مِلْكٌ بَلْ زَالَ وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلًا آخَرَ بِالِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ أَرَهُ وَهُوَ

ص: 353

أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَإِنْ بَعْدَ الْبِنَاءِ

فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرَاةَ وَقَدْ دَخَلَ،

ــ

[منح الجليل]

أَظْهَرُ لِيُفَرَّقَ بَيْنَ وَلَدِهِ بِوَطْءِ الْمِلْكِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ نَفْيُهُ إلَى لِعَانٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَوَلَدُهُ مَنْ وَطِئَ النِّكَاحَ الْمُتَوَقِّفَ نَفْيُهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا أَبُو الْحَسَنِ لَمَّا عَلَّلَ عَدَمَ اسْتِبْرَاءِ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مَا نَصُّهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ فَائِدَةٌ فِي تَمْيِيزِهَا النِّكَاحَ مِنْ مَاءِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي النِّكَاحِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَفِي الْمِلْكِ يَنْتَفِي بِدُونِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلِأَنَّهُ اخْتَلَفَ إذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا هَلْ تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا وَعَزَاهُ لِبَعْضِ نُسَخِ الْجَلَّابِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَأَمَّا إنْ مَلَكَهَا وَأَعْتَقَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا.

(أَوْ) أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ (اشْتَرَى) الزَّوْجُ (زَوْجَتَهُ) الرَّقِيقَةَ لِغَيْرِهِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا أَيْضًا، هَذَا إذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ اشْتَرَاهَا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءُ زَوْجَتِهِ بَعْدَ شِرَائِهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَكِنَّهُ اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ تَنْبِيهًا بِالْأَشَدِّ عَلَى الْأَخَفِّ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ فَائِدَتَهُ بَعْدَهُ ظُهُورُ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءِ الْمِلْكِ فَتَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ اتِّفَاقًا وَمِنْ وَطْءِ النِّكَاحِ فَتَصِيرُ مُخْتَلَفًا فِي كَوْنِهَا صَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ لَا.

" غ " فِيهَا مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا عِيَاضٌ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَسْتَبْرِئُهَا ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ الْيَوْمَ حَلَالًا وَغَدًا حَرَامًا لَا يَزِيدُ اسْتِبْرَاؤُهَا إلَّا خَيْرًا.

أَبُو الْحَسَنِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ إنَّهَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ حَلَالًا بِالنِّكَاحِ الَّذِي هُوَ أَوْسَعُ مِنْ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ مُصَدَّقَةً وَالْمِلْكُ أَضْيَقُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي حَيْضِهَا.

ابْنُ عَرَفَةَ مَفْهُومُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُ الْمَدْخُولَ بِهَا. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَلَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَهُ أَحْرَى عِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ، وَإِنَّمَا نَبَّهَ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ إلَخْ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ فَهْمِ ابْنِ عَرَفَةَ.

الْبُنَانِيُّ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(فَإِنْ بَاعَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (الْمُشْتَرَاةَ) لَهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ دَخَلَ) بِهَا قَبْلَ شِرَائِهَا

ص: 354

أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ مَاتَ، أَوْ عَجَزَ الْمَكَاتِبُ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ، لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ وَلَا زَوْجٍ إلَّا بِقُرْأَيْنِ: عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ

وَبَعْدَهُ بِحَيْضَةٍ:

ــ

[منح الجليل]

وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَلَزِمَهَا قُرْءَانِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَتَجَدَّدَ عَلَيْهَا مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي مُوجِبٌ لِاسْتِبْرَائِهَا بِقُرْءٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِهِمَا، وَمَفْهُومُ قَدْ دَخَلَ بِهَا أَنَّهُ إنْ اشْتَرَاهَا قَبْلَهُ وَبَاعَهَا فَتَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي بِقُرْءٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا تَزْوِيجُهَا إذْ فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَهُ لَا يُوجِبُ عِدَّةً (أَوْ أَعْتَقَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا فَلَا تَحِلُّ لِزَوْجٍ غَيْرِ مُشْتَرِيهَا إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ.

(أَوْ مَاتَ) الزَّوْجُ الَّذِي اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا فَلَا تَحِلُّ لِوَارِثِهِ أَوْ مَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ (أَوْ عَجَزَ) الزَّوْجُ (الْمُكَاتَبُ) الَّذِي اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَتِهِ وَانْتَزَعَهَا سَيِّدُهُ مِنْهُ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَلَا لِمَنْ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا مِنْهُ إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَقَدْ تَنَازَعَ بَاعَ وَأَعْتَقَ وَمَاتَ وَعَجَزَ فِي قَوْلٍ (قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَّلَ شَيْئًا مِنْهَا بَعْدَ وَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلزَّوْجِ فِي الْجَمِيعِ وَلِلسَّيِّدِ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ لِانْهِدَامِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ بِوَطْءِ الْمِلْكِ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَجَوَابُ إنْ بَاعَ إلَخْ (لَمْ تَحِلَّ) الْأَمَةُ الَّتِي بَاعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ انْتَزَعَهَا سَيِّدُهُ (لِسَيِّدٍ) اشْتَرَاهَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ أَوْ وَرِثَهَا فِي الْمَوْتِ أَوْ انْتَزَعَهَا فِي الْعَجْزِ.

(وَلَا) تَحِلُّ لِ (زَوْجٍ) أَرَادَ تَزَوُّجَهَا فِي الْجَمِيعِ (إلَّا بِقُرْأَيْنِ) أَيْ طُهْرَيْنِ (عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ) بِشِرَاءِ الزَّوْجِ بَعْدَ الدُّخُولِ

وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ فَقَالَ (وَ) إنْ بَاعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْمُشْتَرَاةَ الْمَدْخُولَ بِهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ انْتَزَعَهَا سَيِّدُهُ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ (بَعْدَهُ) أَيْ وَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلسَّيِّدِ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالزَّوْجِ فِي الْجَمِيعِ (بِحَيْضَةٍ) وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْمِلْكِ هَدَمَ عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَرَادَ

ص: 355

كَحُصُولِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ

أَوْ حَصَلَتْ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ، وَهَلْ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ أَكْثَرُهَا؟ تَأْوِيلَانِ

ــ

[منح الجليل]

بَيْعَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَهُ، وَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَشَبَّهَ فِي حِلِّهَا لِمَنْ ذَكَرَ بِحَيْضَةٍ فَقَالَ (كَحُصُولِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالْمَوْتِ وَالِانْتِزَاعِ بَعْدَ الْعَجْزِ (بَعْدَ حَيْضَةٍ) بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فَتَحِلُّ لِمَنْ ذُكِرَ بِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَتِمُّ عِدَّةُ فَسْخِ النِّكَاحِ (أَوْ) حُصُولُ مَا ذُكِرَ بَعْدَ (حَيْضَتَيْنِ) بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ فَتَحِلُّ لِمَنْ ذُكِرَ بِحَيْضَةٍ لِتَمَامِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْحَيْضَتَيْنِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعِتْقِ، وَأَمَّا فِيهِ بِأَنْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ حَيْضَتَيْنِ فَتَحِلُّ لِلزَّوْجِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ وَهَذَا فِي الْقِنِّ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ عِتْقَهَا يُوجِبُ اسْتِبْرَاءَهَا مُطْلَقًا فِي قَوْلِهِ وَاسْتَأْنَفَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ.

وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ، فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ (حَصَلَتْ) أَسْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ حُصُولِ الْمِلْكِ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ (فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ) لِلْأَمَةِ فَتَكْتَفِي بِهِ غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ (وَهَلْ) اكْتِفَاؤُهَا بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَمْضِيَ) مِنْ الْحَيْضِ قَبْلَ حُصُولِ مُوجِبِ الِاسْتِبْرَاءِ (حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ قَدْرَ مَا يَكْفِي فِيهَا وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ الَّذِي لَهُ بَالٌ (أَوْ) إلَّا أَنْ يَمْضِيَ (أَكْثَرُهَا) أَيْ الْحَيْضَةِ الْمُعْتَادَةِ لِلْأَمَةِ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِأَكْثَرِهَا أَكْثَرُهَا انْدِفَاعًا، وَهُوَ الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ أَوْ أَكْثَرُهَا أَيَّامًا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) طفي ظَاهِرُ كَلَامِهِ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءِ أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَابَلَهُمَا هَكَذَا، وَإِنَّمَا هَذَا لِمُحَمَّدٍ قَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةَ خَارِجًا عَنْهُمَا ابْنُ شَاسٍ.

وَإِنْ بِيعَتْ وَهِيَ فِي أَوَّلِ حَيْضِهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لَهَا، وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الذَّاهِبُ مِنْ الْحَيْضِ قَدْرَ حَيْضَةٍ يَصِحُّ بِهَا

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

الِاسْتِبْرَاءُ، وَصَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ فِي ضَيْح تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْقَيْدِ بِأَنَّهُ إذَا مَضَى قَدْرُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ لَا يُجْزِي الْبَاقِي وَلَوْ أَكْثَرَ بِأَنْ اعْتَادَتْ اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَمَلَكَتْ بَعْدَ خَمْسَةِ أَوْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَا تَكْتَفِي بِبَقِيَّةِ هَذَا الدَّمِ لِتَقَدُّمِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ، وَأَمَّا التَّأْوِيلَانِ فَأَشَارَ لَهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ بِقَوْلِهِمَا مَا اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ فَحَكَى ابْنُ الْعَطَّارِ أَنَّ ابْنَ مَنَاسٍ قَالَ عِظَمُ الْحَيْضَةِ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؛ لِأَنَّ الدَّمَ فِيهِمَا أَكْثَرُ انْدِفَاعًا وَلَا عِبْرَةَ بِكَثْرَةِ عَدَدِ الْأَيَّامِ وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرَاعَاةُ كَثْرَةِ عَدَدِ الْأَيَّامِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اعْتِبَارِ الْعِظَمِ بِكَثْرَةِ انْدِفَاعِ الدَّمِ وَهُوَ دَمُ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا بِمَا بَعْدَهُمَا، وَإِنْ كَثُرَتْ أَيَّامُهُ أَوْ بِكَثْرَتِهَا قَوْلَا ابْنِ مَنَاسٍ وَابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اهـ.

فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ هَذَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافَهُ وَنَصُّهُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْبَيْعِ مَا يَسْتَقِلُّ حَيْضًا كَفَى مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَكْثَرُ مِنْهُ وَلَا نَصَّ إنْ تَسَاوَيَا، وَمَفْهُومَاهُ مُتَعَارِضَانِ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ لَغْوُهُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ إنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ حَيْضِهَا إلَّا يَوْمَانِ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُ مَا يُعْرَفُ أَنَّهَا حَيْضَةٌ أَجْزَأَهُ اهـ.

فَصَرَّحَ مُحَمَّدٌ بِأَنَّ الْيَوْمَيْنِ لَيْسَا بِحَيْضَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ بِأَنَّهَا يَوْمٌ إلَخْ، وَإِنْ أَشَارَ لَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَجَمْعٌ مِنْ الشَّارِحِينَ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا يَوْمًا إلَخْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَهَذَا كَلَامُ مُحَمَّدٍ فَلَا يُفَسَّرُ كَلَامُهُ بِكَلَامِهَا وَلَا سِيَّمَا مَعَ تَصْرِيحِهِ بِخِلَافِهَا وَبِمَا حَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ وَابْنِ غَازِيٍّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِجَعْلِهِمْ أَحَدَ التَّأْوِيلَيْنِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَالْآخَرِ قَوْلَ ابْنِ مَنَاسٍ وَتَرْكِهِمْ تَأْوِيلَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْمُقَابِلُ لِتَأْوِيلِ ابْنِ مَنَاسٍ، كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا التَّأْوِيلَانِ الْمُتَقَابِلَانِ اللَّذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ قَوْلُ ابْنِ مَنَاسٍ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَلَامُ مُحَمَّدٍ خَارِجٌ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلًا؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ

ص: 357

أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ

ــ

[منح الجليل]

لِلْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ لَمْ يُقَابِلُوهُ بِتَأْوِيلِ ابْنِ مَنَاسٍ إذْ هُوَ يُجَامِعُهُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ مُضِيِّ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ مُضِيُّ أَكْثَرِهَا انْدِفَاعًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُضِيِّ أَكْثَرِهَا انْدِفَاعًا وَهُوَ الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ مُضِيُّ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا فِي قَوْلِهَا أَوَّلَ الدَّمِ، وَإِنَّمَا هُمَا فِي مُضِيِّ عِظَمِ الْحَيْضَةِ.

أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ مَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَ طفي وَجَدَهُ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسِبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إذَا جَاءَ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَذَلِكَ أَنَّ طفي اعْتَرَفَ آخِرًا بِأَنَّ كَلَامَ مُحَمَّدٍ تَأْوِيلٌ لَهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ نَصٌّ فِيهِ، وَأَنَّهُ نَفْسَهُ عَلَى نَقْلِ الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَكْثَرُهَا مُقَابِلٌ لَهُ شَامِلٌ لِتَأْوِيلِ ابْنِ مَنَاسٍ بِحَمْلِ الْأَكْثَرِ عَلَى أَكْثَرِهَا انْدِفَاعًا وَتَأْوِيلِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَكْثَرِهَا مُدَّةً كَمَا شُرِحَتْ بِهِ وَقَوْلُ طفي إذْ هُوَ يُجَامِعُهُ لَا يَنْتِجُ مُدَّعَاهُ إذْ مُجَامَعَتُهُ لَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لَا تَمْنَعُ مُقَابَلَتَهُ لَهُ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُجَامَعَتِهِ لَهُ فِي بَعْضٍ آخَرَ وَاتِّفَاقُ الْمُؤَوِّلِينَ فِي شَيْءٍ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي غَيْرِهِ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ لَا يُنْكَرُ وَكَوْنُ تَأْوِيلَيْ ابْنِ مَنَاسٍ وَابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي عِظَمِ الْحَيْضَةِ لَا يُنَافِي مُقَابَلَتَهُمَا لِتَأْوِيلِ مُحَمَّدٍ فَتَقْرِيرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ هُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(أَوْ) أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ (اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ) عِنْدَ إرَادَتِهِ وَطْأَهَا تَعَدِّيًا، وَلَمْ يَطَأْهَا ابْنُهُ مِنْ مَاءِ غَيْرِ ابْنِهِ (ثُمَّ وَطِئَهَا) أَيْ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ تَعَدِّيًا فَقَدْ مَلَكَهَا وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِابْنِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَقُرْبِهِ مِنْهَا صِيَانَةً لِمَائِهِ عَنْ الْفَسَادِ لِمَالِهِ فِي مَالِ ابْنِهِ مِنْ الشُّبْهَةِ الْقَوِيَّةِ لِحَدِيثِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» وَحَصَلَ وَطْؤُهُ فِي مَمْلُوكَتِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَائِهَا ثَانِيًا (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا (عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْأَبِ ثَانِيًا مِنْ مَائِهِ الْحَاصِلِ عَقِبَ الِاسْتِبْرَاءِ الْأَوَّلِ لِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ مِلْكِهَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَلَا بِتَلَذُّذِهِ بِهَا وَلَوْ بِالْوَطْءِ، وَأَنَّ لِلِابْنِ التَّمَسُّكَ بِهَا لِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ.

(وَعَلَيْهِ) أَيْ التَّأْوِيلِ الثَّانِي (الْأَقَلُّ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْأَبُ قَبْلَ وَطْئِهِ الْأَوَّلِ وَجَبَ

ص: 358

وَيُسْتَحْسَنُ إنْ غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ. وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا

وَتَتَوَاضَعُ الْعَلِيَّةُ،

ــ

[منح الجليل]

عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهِ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِمَا وَلَا تَقُومُ عَلَى الْأَبِ

(وَيُسْتَحْسَنُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الثَّانِيَةِ أَيْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ مَالِكٍ " رضي الله عنه " اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ أَمَةً بِخِيَارٍ (إنْ غَابَ عَلَيْهَا) أَيْ الْأَمَةِ (مُشْتَرٍ) لَهَا (بِ) شَرْطِ (خِيَارٍ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ (وَتُؤُوِّلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى الْوُجُوبِ) لِلِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْبَائِعِ. (أَيْضًا) قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي الْحَطُّ بَعْدُ نَقُولُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهَا أَنَّ اسْتِحْسَانَ الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ، وَظَاهِرُ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ وُجُوبُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ.

وَظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ اسْتِحْسَانُهُ الْإِطْلَاقَ وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ لِلْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ، وَيُمْكِنُ فَهْمُ الْإِطْلَاقِ مِنْ قَوْلِ التَّوْضِيحِ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْوُجُوبِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ أَيْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَعْضُ الشُّيُوخِ قَوْلُهَا إذْ لَوْ وَطِئَهَا الْمُبْتَاعُ لَكَانَ مُخْتَارًا بِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ لِلِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرُهَا أَوْ صَرِيحُهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ وَطْئِهَا شَرْعًا وَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهَا إذْ لَوْ وَطِئَهَا إلَخْ إذْ لَا خِيَارَ لَهُ أَصْلًا فَإِنْ لَمْ يُرَاعُوا الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ فَيَلْزَمُهُمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ أَمِينٍ يُلْزِمُهُمْ الِاسْتِبْرَاءَ، وَلَمْ يَقُولُوهُ بَلْ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ غَيْرِهِ فَلَا يُسْتَحْسَنُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا شَرْعًا وَلَا يُفِيدُهُ اخْتِيَارُهُ بِوَطْئِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ بِخِيَارٍ لَهُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(وَتُتَوَاضَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى مِنْ بَابِ التَّفَاعُلِ، وَالْأَكْثَرُ لُزُومُهُ فَاسْتِعْمَالُهُ مُتَعَدِّيًا قَلِيلٌ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ الْأَمَةُ (الْعَلِيَّةُ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ قَالَهُ عِيَاضٌ. الْبُنَانِيُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ جَمْعُ الثَّانِي كَصِبْيَةٍ وَصَبِيَّةٍ، وَيَجُوزُ الْوَجْهَانِ فِي الْمَتْنِ وَمَعْنَاهَا الْجَمِيلَةُ الَّتِي تُرَادُ لِلْفِرَاشِ

، وَتَجِبُ مُوَاضَعَتُهَا وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا

ص: 359

أَوْ وَخْشٌ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ وَالشَّأْنُ النِّسَاءُ، وَإِذَا رَضِيَا بِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْتِقَالُ، وَنُهِيَا عَنْ أَحَدِهِمَا:

ــ

[منح الجليل]

ثُمَّ لَا بُدَّ إنْ بَاعَ الرَّائِعَةَ مِنْ مُوَاضَعَتِهَا كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا أَمْ لَا اهـ.

وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَخْشِ الَّتِي أَقَرَّ بَائِعُهَا بِوَطْئِهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ وَخْشٌ غَيْرُ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ وَطْءِ رَبِّهَا، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ إذَا اسْتَبْرَأَ الرَّائِعَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَاضَعَتِهَا، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَإِذَا اسْتَبْرَأَهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا أَيْ تُجْعَلُ عِنْدَ شَخْصٍ أَمِينٍ حَتَّى تَحِيضَ أَوْ يَظْهَرُ بِهَا حَمْلٌ (أَوْ) أَمَةٌ (وَخْشٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ شِينٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ غَيْرُ جَمِيلَةٍ تُرَادُ لِلْخِدْمَةِ (أَقَرَّ الْبَائِعُ) لَهَا (بِوَطْئِهَا) ، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهُ وَاسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ بَيْعِهَا مِنْ وَطْئِهِ فَلَا تَجِبُ مُوَاضَعَتُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى مُشْتَرِيهَا اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَصِلَةُ تَتَوَاضَعُ (عِنْدَ مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (يُؤْمَنُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ عَلَيْهَا امْرَأَةً كَانَ أَوْ رَجُلًا (وَالشَّأْنُ) أَيْ الْمُسْتَحَبُّ (النِّسَاءُ) فَجَعْلُهَا عِنْدَ رَجُلٍ مَأْمُونٍ ذِي أَهْلٍ خِلَافُ الْأَوْلَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمُوَاضَعَةُ أَنْ تُوضَعَ الْأَمَةُ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ عِدْلَةٍ حَتَّى تَحِيضَ، وَنَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْحَقِّ وَعِيَاضٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُوَاضَعَةُ أَنْ تُجْعَلَ الْأَمَةُ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا فِي حَوْزِ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضَتِهَا

قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي صَغِيرَةٍ وَلَا فِي يَائِسَةٍ مَعَ أَنَّهَا فِيهِمَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلَوْ قَالُوا حَتَّى تَظْهَرَ بَرَاءَتُهُمَا لَشَمِلَهُمَا عب قَدْ يُقَالُ مَعْنَى كَلَامِهِمْ جَعَلَهَا عِنْدَ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضِهَا إنْ كَانَ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْإِمَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ مُدَّةُ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ أَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلْغَالِبِ، (وَإِذَا رَضِيَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (بِ) وَضْعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ (غَيْرِهِمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْتِقَالُ) عَنْهُ بِنَزْعِهَا مِنْهُ وَجَعْلِهَا عِنْدَ أَمِينٍ غَيْرِهِ.

ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا لِوَجْهٍ وَمَفْهُومٌ بِغَيْرِهِمَا أَنَّهُمَا إذَا رَضِيَا بِأَحَدِهِمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِقَالُ، وَمَفْهُومٌ لِأَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُمَا مَعًا الِانْتِقَالَ، وَمَفْهُومُ إذَا رَضِيَا أَنَّهُمَا إنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ تُوضَعُ عِنْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ.

ص: 360

وَهَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ قَالَ يُخَرَّجُ عَلَى التُّرْجُمَانِ

وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي: مُتَزَوِّجَةٍ، وَحَامِلٍ، وَمُعْتَدَّةٍ، وَزَانِيَةٍ:

ــ

[منح الجليل]

وَهَلْ يُكْتَفَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْ النِّسَاءِ تُوضَعُ الْأَمَةُ عِنْدَهَا وَتُصَدَّقُ فِي حَيْضِهَا وَعَدَمِهِ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (يُخَرَّجُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثْقَلًا (عَلَى) الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ وَعَدَمِهِ فِي (التُّرْجُمَانِ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَضَمِّهِمَا وَفَتْحِهِمَا فَقِيلَ يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِ، وَالرَّاجِحُ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَجْرَاهُ التُّونُسِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَائِفِ الْوَاحِدِ وَالتُّرْجُمَانِ اهـ.

وَلَا شَكَّ أَنَّهُمَا قَبْلَ الْمَازِرِيِّ فَالتَّخْرِيجُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا أَوْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ

(وَلَا مُوَاضَعَةَ) مَطْلُوبَةً (فِي) أَمَةٍ عَلِيَّةٍ (مُتَزَوِّجَةٍ) مَبِيعَةٍ لِغَيْرِ زَوْجِهَا لِدُخُولِ مُشْتَرِيهَا عَلَى اسْتِرْسَالِ زَوْجِهَا عَلَيْهَا (وَ) لَا مُوَاضَعَةَ فِي أَمَةٍ (حَامِلٍ) مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِزِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ اشْتِبَاهٍ مَبِيعَةٍ لِعِلْمِ مُشْتَرِيهَا بِشَغْلِ رَحِمِهَا (وَ) لَا مُوَاضَعَةَ فِي أَمَةٍ (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ وَلَمْ تَرْتَفِعْ حَيْضَتُهَا أَوْ ارْتَفَعَتْ بِالرَّضَاعِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضِهَا بَعْدَهُ لِلْعِدَّةِ فَلَا مَعْنَى لِاسْتِبْرَائِهَا وَلَا مُوَاضَعَتِهَا لِدُخُولِهِمَا فِي عِدَّتِهَا، وَإِنْ ارْتَفَعَتْ لِغَيْرِ رَضَاعٍ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْ سَنَةٍ مِنْ الطَّلَاقِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الشِّرَاءِ أَوْ وَفَاةٍ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ إنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَإِنْ تَمَّتْ قَبْلَ حَيْضِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ حَيْضِهَا.

(وَ) لَا مُوَاضَعَةَ فِي أَمَةٍ (زَانِيَةٍ) أَوْ مُغْتَصَبَةٍ لِدُخُولِ مُشْتَرِيهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْتَبْرَأَةٌ، وَأَنَّهُ إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلَا يَلْحَقُ بَائِعَهَا وَلَا غَيْرَهُ، وَبَحَثَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِنَفْيِ الْمُوَاضَعَةِ فِي الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ وَالْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ الزِّنَا لِعَدَمِ تَوَهُّمِهَا فِيهَا.

(تَنْبِيهٌ) الْمُتَيْطِيُّ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَةُ الْجَارِيَةِ وَطَالَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمْرُهَا وَأَرَادَ فَسْخَ الْبَيْعِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ " رضي الله عنه " مَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ بِهِ شَهْرًا وَلَا شَهْرَيْنِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَفِيهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَقْوَالِ الْبَاجِيَّ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا أَتَى

ص: 361

كَالْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ، أَوْ فَسَادٍ، أَوْ إقَالَةٍ، إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي

ــ

[منح الجليل]

مِنْ ارْتِفَاعِ الْحَيْضِ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَلَهُ رَدُّهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْعُيُوبِ وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الْمُوَاضَعَةِ فَقَالَ (كَا) لْأَمَةِ (الْمَرْدُودَةِ) عَلَى بَائِعِهَا (بِعَيْبٍ) قَدِيمٍ (أَوْ فَسَادٍ) لِبَيْعِهَا (أَوْ إقَالَةٍ) مِنْ أَحَدِ مُبْتَاعَيْهَا الْآخَرَ فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا (إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي) عَلَيْهَا، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَفِيهَا الْمُوَاضَعَةُ الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومِهِ إجْمَالًا وَنَصُّهَا وَمَنْ بَاعَ أَمَةً رَائِعَةً ثُمَّ تَقَايَلَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَالَهُ وَقَدْ غَابَ عَلَيْهَا الْمُبْتَاعُ فَإِنْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ أَيَّامًا لَا يُمْكِنُهُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ فَلَا يَطَؤُهَا الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَلَا مُوَاضَعَةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهَا إذْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بَعْدُ وَلَوْ كَانَتْ وَخْشًا فَقَبَضَهَا عَلَى بَتَاتِ الْبَيْعِ وَالْحَوْزِ ثُمَّ أَقَالَهُ قَبْلَ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ فَلْيَسْتَبْرِئْ الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَ الرَّائِعَةَ إلَيْهِ إتْقَانًا لَهُ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا الْبَائِعُ إذَا ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ أَوْ يَذْهَبَ عِظَمُ حَيْضَتِهَا.

وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ أَمِينٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فِي الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْحَيْضَةِ وَلَا بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ عِنْدَ الْأَمِينِ وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ حَيْضَةٍ عِنْدَ الْأَمِينِ أَوْ فِي آخِرِهَا فَلِلْبَائِعِ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لِضَمَانِهِ إيَّاهَا إلَّا أَنْ يُقِيلَهُ فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَوْ عِظَمِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ وَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا كَبَيْعٍ مُؤْتَنِفٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ فِي بَيْعِ الشِّقْصِ مِنْهَا وَالْإِقَالَةِ فِيهَا اهـ.

قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَ الرَّائِعَةَ إلَخْ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهَا بَعْدُ وَأَكْرَهُ تَرْكَ الْمُوَاضَعَةِ وَائْتِمَانَ الْمُبْتَاعِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ حَيْضَةٍ عِنْدَ الْأَمِينِ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ مُبْتَاعِهَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْمُوَاضَعَةُ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا الْمُبْتَاعُ أَبُو الْحَسَنِ قِيلَ لَهُ لِمَ أَوْجَبْت فِيهَا عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ، وَجَعَلْت لَهُ الْمُوَاضَعَةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ إذَا أَقَالَهُ فِي آخِرِ دَمِهَا وَهِيَ لَمْ تَحِلَّ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دَمِهَا قَالَ: لِأَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي أَوَّلِ الدَّمِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيَصْنَعَ بِهَا مَا يَصْنَعُهُ الرَّجُلُ بِجَارِيَتِهِ إذَا حَاضَتْ وَلِأَنَّهَا قَدْ تَحْمِلُ إذَا أُصِيبَتْ فِي آخِرِ دَمِهَا وَفِي الْمُنْتَخَبِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً مُرْتَفِعَةً فَرَدَّهَا بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ مُوَاضَعَتِهَا فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَالْمُوَاضَعَةُ فِيهَا لَازِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَضَمَانُهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ رَدَّهَا قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ مُوَاضَعَتِهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِبْرَاؤُهَا اهـ.

ص: 362

وَفَسَدَ إنْ نَقَدَ بِشَرْطٍ لَا تَطَوُّعًا. وَفِي الْجَبْرِ عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ وَمُصِيبَتُهُ بِمَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ.

ــ

[منح الجليل]

فَظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ الرَّائِعَةَ يُنْقِصُ حَمْلُهَا ثَمَنَهَا كَثِيرًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا مُوَاضَعَةَ فِي الْمُقَالِ مِنْهَا وَالْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ مَا دَامَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَلَوْ قَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ عَلَى الْأَمَانَةِ وَغَابَ عَلَيْهَا وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ ضَمَانِهِ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ إلَّا إذَا حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ أَوْ الرَّدُّ فِي أَوَّلِ الدَّمِ فَيَكْفِي عَنْ الْمُوَاضَعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَحَاصِلُ كَلَامِ عج أَنَّ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ. الْأَوَّلُ دُخُولُهَا فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ اتِّفَاقًا فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَفِيهَا الْمُوَاضَعَةُ وَإِلَّا فَلَا. الثَّانِي الِاخْتِلَافُ فِي دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِقَبْضِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ وَهِيَ الَّتِي تَتَوَاضَعُ، فَعَلَى الثَّانِي إذَا غَابَ عَلَيْهَا قَبْلَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي الْمُقَالِ مِنْهَا وَالْمَعِيبَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأُولَى فِي التَّفْصِيلِ. الثَّالِثُ عَدَمُ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَصْلًا كَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا فَلَا شَيْءَ فِيهَا.

(وَفَسَدَ) بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ (إنْ نَقَدَ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا (بِشَرْطٍ) مِنْهُ حِينَ بَيْعِهَا لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ رَأَتْ الدَّمَ وَالسَّلَفِيَّةِ إنْ ظَهَرَتْ حَامِلًا وَشَرْطُ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَتَهُ لِغَلَبَةِ حُصُولِهِ مَعَهُ وَسَدًّا لِلذَّرِيعَةِ (لَا) يَفْسُدُ بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ إنْ نَقَدَ (تَطَوُّعًا) أَيْ بِلَا شَرْطٍ، (وَ) إنْ وَقَفَ ثَمَنُ الْمُوَاضَعَةِ بِيَدِ عَدْلٍ وَتَلِفَ فَ (مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكِمَ (لَهُ) بِهِ مِنْ بَائِعٍ إنْ رَأَتْ الدَّمَ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ، وَمُشْتَرٍ إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا أَوْ هَلَكَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا مِنْ غَيْرِ بَائِعِهَا أَوْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَ الْحَيْضِ، وَقَدْ هَلَكَ الثَّمَنُ خُيِّرَ مُبْتَاعُهَا بَيْنَ قَبُولِهَا بِحَمْلِهَا أَوْ عَيْبِهَا بِثَمَنِهَا الَّذِي هَلَكَ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهَا وَرَدَّهَا عَلَيْهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ (وَفِي الْجَبْرِ) لِمُشْتَرِي الْمُوَاضَعَةِ (عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ) لِلْمُوَاضَعَةِ بِيَدِ عَدْلٍ حَتَّى يَظْهَرَ حَالُهَا وَعَدَمُ جَبْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلَانِ) وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

ص: 363