الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ) إنْ فَوَّضَهُ لَهَا تَوْكِيلًا؛ فَلَهُ الْعَزْلُ إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ، لَا تَخْيِيرًا، أَوْ تَمْلِيكًا.
ــ
[منح الجليل]
رَبِيعَةَ عَلَى الْعُمُومِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ الطَّلْقَاتِ دُونَ تَعْلِيقٍ وَالتَّعَالِيقَ الْمُتَّفِقَةَ وَالْمُخْتَلِفَةَ فَيَكُونُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِي التَّلْفِيقِ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ، لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِيَمِينٍ يَمْنَعُهُ وَيُعَيِّنُ الْحَمْلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ
[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الِاسْتِنَابَة عَلَى الطَّلَاق]
وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ تَوْكِيلٌ وَإِرْسَالٌ وَتَمْلِيكٌ وَتَخْيِيرٌ (إنْ فَوَّضَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (تَوْكِيلًا) أَيْ جُعِلَ إنْشَاءً لَهَا بَاقِيًا لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ إنْ شَاءَ فَخَرَجَ بِالْإِنْشَاءِ الْإِرْسَالُ وَبِبَقَاءِ الْمَنْعِ التَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (الْعَزْلُ) أَيْ مَنْعُهَا مِنْ إيقَاعِهِ قَبْلَهُ اتِّفَاقًا عَلَى قَاعِدَةِ التَّوْكِيلِ مِنْ عَزْلِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ) لَهَا بِإِيقَاعِهِ كَقَوْلِهِ لَهَا: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَقَدْ وَكَّلْتُكِ عَلَى طَلَاقِك أَوْ طَلَاقِ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِرَفْعِ ضَرَرِ الضَّرَّةِ عَنْهَا.
(لَا) إنْ فَوَّضَهُ لَهَا (تَخْيِيرًا) بِأَنْ جَعَلَ لَهَا إنْشَاءَهُ ثَلَاثًا نَصًّا أَوْ حُكْمًا بِلَا مَنْعٍ مِنْهُ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ قَبْلَ إنْشَائِهِ، فَخَرَجَ بِالْإِنْشَاءِ الْإِرْسَالُ وَبِالنَّصِّ عَلَى الثَّلَاثِ إلَخْ التَّمْلِيكُ، وَبِعَدَمِ الْمَنْعِ التَّوْكِيلُ (أَوْ) فَوَّضَهُ لَهَا (تَمْلِيكًا) بِأَنْ جَعَلَ إنْشَاءَهُ لَهَا بِلَا مَنْعٍ رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ يُخَصُّ بِمَا دُونَهَا بِنِيَّتِهِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا أَيْضًا، فَخَرَجَ بِالْإِنْشَاءِ الْإِرْسَالُ، وَبِعَدَمِ الْمَنْعِ التَّوْكِيلُ، وَبِرُجْحَانِ الثَّلَاثِ التَّخْيِيرُ الْحَطّ.
الْفَرْقُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَكِيلَ يَفْعَلُ عَلَى سَبِيلِ النِّيَابَةِ عَنْ مُوَكِّلِهِ، وَالْمُمَلَّكُ وَالْمُخَيَّرُ يَفْعَلَانِ عَنْ نَفْسِهِمَا لِمِلْكِهِمَا مَا كَانَ الزَّوْجُ يَمْلِكُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ
وَحِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ، وَوُقِفَتْ.
ــ
[منح الجليل]
قِيلَ عُرْفِيٌّ لَا دَخْلَ لِلُّغَةِ فِيهِ، فَقَوْلُهُمْ فِي الْمَشْهُورِ يُنَاكِرُ الزَّوْجُ الْمُمَلَّكَةَ لَا الْمُخَيَّرَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفٍ فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ بِانْعِكَاسِهِ. وَقِيلَ: لِلُّغَةِ فِيهِ مَدْخَلٌ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ إعْطَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا فَالْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِ الزَّوْجِ الْعِصْمَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا اعْتَرَفَ بِإِعْطَائِهِ وَالتَّخْيِيرُ لُغَةً: جَعْلُ الْخِيَارِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لِلْمُخَيَّرِ بِالْفَتْحِ فَمَعْنَى تَخْيِيرِ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ خَيَّرَهَا بَيْنَ بَقَائِهَا عَلَى عِصْمَتِهِ وَذَهَابِهَا عَنْهَا، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ الَّذِي لَا يُبْقِي لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا حُكْمًا أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ اتِّفَاقِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ كِنَايَةٌ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ لِاحْتِمَالِهِ التَّخْيِيرَ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ إنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ احْتَمَلَ الْوَاحِدَةَ وَغَيْرَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ مَا نَصُّهُ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ لُغَةً لَا مِرْيَةَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَفْتَى بِالثَّلَاثِ عَلَى عَادَةٍ كَانَتْ فِي زَمَانِهِ أَوْجَبَتْ نَقْلَ اللَّفْظِ عَنْ مُسَمَّاهُ اللُّغَوِيِّ إلَى هَذَا الْمَفْهُومِ، فَصَارَ صَرِيحًا فِيهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ وَهُوَ سِرُّ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بُطْلَانُ هَذَا الْحُكْمِ الْيَوْمَ وَوُجُوبُ الرُّجُوعِ إلَى اللُّغَةِ، وَيَكُونُ كِنَايَةً مَحْضَةً كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ.
وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ اللَّفْظَ مَتَى كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَبْنِيًّا عَلَى نَقْلٍ عَادِيٍّ بَطَلَ ذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ بُطْلَانِ تِلْكَ الْعَادَةِ، وَتَغَيَّرَ إلَى حُكْمٍ آخَرَ إنْ شَهِدَتْ لَهُ عَادَةٌ أُخْرَى، هَذَا هُوَ الْفِقْهُ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ الشَّاطِّ مَا قَالَهُ إنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَنَى عَلَى عُرْفٍ فِي زَمَانِهِ هُوَ الظَّاهِرُ وَمَا قَالَهُ مِنْ لُزُومِ تَغَيُّرِ الْحُكْمِ بِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ صَحِيحٌ.
(وَحِيلَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ أَيِّ فُرِّقَ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا (حَتَّى تُجِيبَ) الزَّوْجَةُ بِمَا يَقْتَضِي بَقَاءَهَا عَلَى عِصْمَةِ زَوْجِهَا أَوْ فِرَاقَهُ لَا فِي التَّوْكِيلِ لِأَنَّ لَهُ عَزْلَهَا إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّهَا بِالطَّلَاقِ وَالنَّفَقَةِ زَمَنَ الْحَيْلُولَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَرِثَهُ الْآخَرُ (وَوُقِفَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ إنْ أَطْلَقَ الزَّوْجُ. .
وَإِنْ قَالَ إلَى سَنَةٍ مَتَى عُلِمَ فَتَقْضِي، وَإِلَّا أَسْقَطَهُ الْحَاكِمُ.
وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيح فِي الطَّلَاق، كَطَلَاقِهِ، وَرَدِّهِ: كَتَمْكِينِهَا طَائِعَةً، وَمُضِيِّ يَوْمِ تَخْيِيرِهَا.
ــ
[منح الجليل]
بَلْ (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ أَمْرُك بِيَدِك (إلَى) تَمَامِ (سَنَةٍ) مَثَلًا، وَصِلَةُ وُقِفَتْ (مَتَى عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ عَلِمَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِأَنَّهُ خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا فَيُوقِفُهَا حِينَ عِلْمِهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يُمْهِلُهَا إلَى تَمَامِ السَّنَةِ مَثَلًا (فَتَقْضِي) الزَّوْجَةُ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا جَعَلَهُ لَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْضِ بِشَيْءٍ (أَسْقَطَهُ) أَيْ مَا جَعَلَهُ الزَّوْجُ لَهَا (الْحَاكِمُ) وَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِبَقَائِهِ بِيَدِهَا إلَى تَمَامِ السَّنَةِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إذْ فِيهِ التَّمَادِي عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكَةٍ.
(وَعُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِجَوَابِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الصَّرِيحِ فِي) اخْتِيَارِ (الطَّلَاقِ) سَوَاءٌ كَانَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةً ظَاهِرَةً فِيهِ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ فَتُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا وَلَوْ نَوَتْ بِهَا الطَّلَاقَ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَجَابَتْ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ عِنْدَمَا مَلَّكَهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا أَنَّهَا أَرَادَتْ بِهِ الطَّلَاقَ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ جَوَابَهَا فِي التَّمْلِيكِ بِصِيغَةِ الظِّهَارِ إذَا نَوَتْ بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ لَازِمٌ مَعَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ. وَمَثَّلَ لِلْجَوَابِ الصَّرِيحِ فِي الطَّلَاقِ فَقَالَ (كَطَلَاقِهِ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ تَطْلِيقِهَا لِلزَّوْجِ بِأَنْ قَالَتْ طَلَّقْته أَوْ هُوَ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي مِنْهُ أَوْ أَنَا طَالِقٌ مِنْهُ (وَ) عُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي (رَدِّهِ) أَيْ مَا جَعَلَهُ لَهَا وَبَقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا يَقُولُ بِأَنْ قَالَتْ رَدَدْت إلَيْك مَا مَلَّكْتنِي أَوْ فِعْلٍ (كَتَمْكِينِهَا) أَيْ الْمُمَلَّكَةِ أَوْ الْمُخَيَّرَةِ زَوْجَهَا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا (طَائِعَةً) عَالِمَةً بِمَا جَعَلَهُ مِنْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ لَا مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً بِمَا جَعَلَهُ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا وَلَوْ وَطِئَهَا، فَإِنْ ادَّعَى التَّمْكِينَ وَأَنْكَرَتْهُ صُدِّقَ إنْ ثَبَتَتْ خَلْوَتُهُ بِهَا بِامْرَأَتَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَتْ الْإِكْرَاهَ صُدِّقَتْ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِيَمِينٍ وَصُدِّقَ فِي الْوَطْءِ بِيَمِينٍ قَالَهُ الْحَطّ.
(وَ) كَ (مُضِيِّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ فَرَاغِ (يَوْمِ) أَيْ
وَرَدِّهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا. وَهَلْ نَقَلَ قُمَاشِهَا وَنَحْوُهُ: طَلَاقٌ؟ أَوْ لَا؟ تَرَدُّدٌ.
وَقُبِلَ تَفْسِيرُ: قَبِلْت، أَوْ قَبِلْتُ أَمْرِي أَوْ مَا مَلَّكْتَنِي بِرَدٍّ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ. . .
ــ
[منح الجليل]
زَمَنٍ يَوْمًا كَانَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ تَخْتَرْ فِيهِ شَيْئًا فَقَدْ سَقَطَ مَا جَعَلَهُ لَهَا سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِمُضِيِّهِ أَمْ لَا بِأَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا أَوْ جُنَّتْ حَتَّى فَاتَ (وَ) كَ (رَدِّهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ لِعِصْمَةِ زَوْجِهَا الَّذِي مَلَّكَهَا أَوْ خَيَّرَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ أَوْ بِرَجْعِيٍّ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ ثُمَّ رَدَّهَا لِعِصْمَتِهِ (بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْهُ فَقَدْ سَقَطَ مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ إلَّا إذَا كَانَ بِأَدَاةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَمَفْهُومُ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَرَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ مَا جَعَلَهُ لَهَا.
(وَهَلْ نَقْلُ قُمَاشِهَا) أَيْ مَتَاعِهَا وَجِهَازِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (وَنَحْوُهُ) أَيْ النَّقْلِ فَهُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى نَقْلٍ كَتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا مِنْ زَوْجِهَا (طَلَاقٌ) ثَلَاثٌ فِي التَّخْيِيرِ وَوَاحِدَةٌ فِي التَّمْلِيكِ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ شَاسٍ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَيْسَ طَلَاقًا فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ، وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالطَّلَاقِ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ طَلَاقٌ اتِّفَاقًا.
(وَقُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهَا الْمُفَوَّضِ لَهُ أَمْرُهَا (تَفْسِيرُ) الْجَوَابِ الْمُحْتَمِلِ لِلطَّلَاقِ وَالرَّدِّ نَحْوَ (قَبِلْت) بِدُونِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ (أَوْ قَبِلْت أَمْرِي) وَاحِدَ الْأُمُورِ أَيْ شَأْنِي (أَوْ) قَبِلْت (مَا مَلَّكْتنِي) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، وَصِلَةُ تَفْسِيرٍ (بِرَدٍّ) لِمَا جَعَلَهُ لَهَا وَإِبْقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا وَنُظِرَ فِي تَفْسِيرِ الْقَبُولِ بِالرَّدِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لَهُ وَلَا هُوَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ، بَلْ رَافِعٌ لِمُقْتَضَاهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّدُّ مِنْ آثَارِ قَبُولِ النَّظَرِ فِي الْأَمْرِ صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ لِعَلَاقَةِ السَّبَبِيَّةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ.
(أَوْ) بِ (طَلَاقٍ أَوْ) بِ (بَقَاءٍ) عَلَى مَا جَعَلَهُ لَهَا حَتَّى تَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا مَا هُوَ الْأَحْسَنُ لَهَا وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُ اخْتَرْت أَوْ اخْتَرْت أَمْرِي أَوْ شِئْت أَوْ أَرَدْت أَيْضًا
(وَنَاكَرَ) الزَّوْجُ
وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ، وَمُمَلَّكَةً مُطْلَقًا إنْ زَادَتَا عَلَى الْوَاحِدَةِ إنْ نَوَاهَا، وَبَادَرَ وَحَلَفَ، إنْ دَخَلَ، وَإِلَّا فَعِنْدَ الِارْتِجَاعِ، وَلَمْ يُكَرِّرْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ.
ــ
[منح الجليل]
زَوْجَةً (مُخَيَّرَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَنَّاةُ تَحْتَ مُثَقَّلَةٍ (لَمْ تَدْخُلْ) الزَّوْجَةُ بِزَوْجِهَا شَرْطٌ فِي مُنَاكَرَتِهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا (وَ) نَاكَرَ زَوْجَةً (مُمَلَّكَةً) بِضَمٍّ فَفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا حَالَ كَوْنِهَا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا مَدْخُولًا بِهَا (إنْ زَادَتَا) أَيْ الْمُخَيَّرَةُ وَالْمُمَلَّكَةُ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَتَاهُ (عَلَى) الطَّلْقَةِ (الْوَاحِدَةِ) هَذَا مَوْضُوعُ الْمُنَاكَرَةِ أَيْ رَدِّ الزَّوْجِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ بِتَخْيِيرِهَا أَوْ تَمْلِيكِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُنَاكِرُهَا فِي الْوَاحِدَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُمَلَّكَةِ.
وَأَمَّا الْمُخَيَّرَةُ فَعَدَمُ مُنَاكَرَتِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَخْيِيرُهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُمَلَّكَةِ لِبَيْنُونَتِهَا بِالْوَاحِدَةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِدَلِيلِ تَصْدِيرِهِ الشُّرُوطَ الْخَمْسَةَ بِأَنَّ فِي قَوْلِهِ (إنْ) كَانَ (نَوَاهَا) أَيْ الزَّوْجُ الْوَاحِدَةَ بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ فَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا بِهِ بَلْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهَا أَصْلًا لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ، وَأَوْلَى وَإِنْ نَوَى الْأَكْثَرَ (وَ) إنْ (بَادَرَ) الزَّوْجُ لِلْمُنَاكَرَةِ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ (وَ) إنْ (حَلَفَ) الزَّوْجُ أَنَّهُ نَوَى بِهِ الْوَاحِدَةَ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ حِينَ الْمُنَاكَرَةِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا (وَإِلَّا) أَيْ أَوْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يُرِدْ رَجْعَتَهَا الْآنَ (فَ) يَحْلِفُ (عِنْدَ) إرَادَةِ (الِارْتِجَاعِ وَ) إنْ (لَمْ يُكَرِّرْ) الزَّوْجُ عِنْدَ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ قَوْلَهُ (أَمْرُهَا) أَيْ حُكْمُ عِصْمَتِهَا (بِيَدِهَا) فِي مِلْكِهَا تَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ إبْقَاءٍ، فَإِنْ كَرَّرَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ أَتَى بِأَدَاةٍ تُفِيدُ التَّكْرَارَ كَكُلَّمَا شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك فَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ فِي كُلِّ حَالٍ.
(إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الزَّوْجُ بِتَكْرِيرِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا (التَّأْكِيدَ) فَإِنْ كَانَ نَوَاهُ بِهِ فَلَهُ مُنَاكَرَتُهَا فِيمَا زَادَتْهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ، هَذَا وَقَالَ الْحَطّ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ تَكْرَارِ: أَمْرُهَا بِيَدِهَا
كَنَسْقِهَا. وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْعَقْدِ.
وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الشَّرْطِ إنْ أَطْلَقَ:.
ــ
[منح الجليل]
فَإِنَّ تَكْرَارَهُ كَعَدَمِهِ فِي الْحُكْمِ، فَالْمُنَاسِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَرَّرَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَالْمَعْنَى إنْ نَوَى الْوَاحِدَةَ عُمِلَ بِنِيَّتِهِ، وَإِنْ كَرَّرَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا مَثَلًا ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَقُولَ: كُلَّمَا شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك وَإِلَّا فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَلَوْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا لَكَانَ أَحْسَنَ مِمَّا ذَكَرَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ كَمَا عَلِمْت.
وَشَبَّهَ فِي اعْتِبَارِ نِيَّةِ التَّأْكِيدِ فَقَالَ (كَنَسْقِهَا) أَيْ تَكْرِيرِ الْمُمَلَّكَةِ أَوْ الْمُخَيَّرَةِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا قَوْلَهَا طَلَّقْت نَفْسِي مَثَلًا بِلَا فَصْلٍ فَيَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ بِعَدَدِهِ إلَّا أَنْ تَنْوِيَ التَّوْكِيدَ. وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ تَكْرِيرِهَا نَسْقًا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ مَا بَعْدَ الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ، وَمَفْهُومُ نَسْقِهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ كَرَّرَتْهُ لَا نَسْقًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأَوَّلُ لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ بِهِ فَلَا يَجِدُ بَعْدَهُ مَحَلًّا فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ ضَمِيرِ الزَّوْجَةِ الْمُؤَكَّدِ بِقَوْلِهِ (هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ عَلَى الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ (وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ لِلْمَرْأَةِ (فِي الْعَقْدِ) لِنِكَاحِهَا فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ لَهَا فِيهِ لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَلَهُ رَجْعَةُ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ كَانَتْ أَبْقَتْ شَيْئًا مِنْ الْعِصْمَةِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا لِرُجُوعِهِ لِلْخُلْعِ لِإِسْقَاطِهَا مِنْ صَدَاقِهَا لِلشَّرْطِ.
(وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (عَلَى الشَّرْطِ) أَيْ كَوْنِهِ مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ فَلَا يُنَاكِرُهَا فِيمَا زَادَتْهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ (إنْ أَطْلَقَ) الْمُوَثِّقُ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِشَرْطٍ وَلَا تَطَوُّعٍ بِأَنْ كَتَبَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حُصُولَ هَذَا الشَّرْطِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ هَارُونَ فِي اخْتِصَارِهِ الْمُتَيْطِيَّةَ وَنَصُّهُ: وَلَوْ كَتَبَ الْعَاقِدُ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ: إنَّهَا كَانَتْ عَلَى الطَّوْعِ، وَقَالَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا: بَلْ فِي الْعَقْدِ فَحَكَى ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ أَنَّهَا عَلَى الطَّوْعِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُقِيلٍ: هِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ انْعَقَدَ عَلَيْهَا، بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ إلَى عُرْفِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
قَوْلَانِ، وَقُبِلَ إرَادَةُ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ: وَلَا نُكْرَةَ لَهُ، إنْ دَخَلَ فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ. .
ــ
[منح الجليل]
عُرْفٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الطَّوْعِ وَغَيْرِهِ فِي التَّمْلِيكِ خَاصَّةً فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيهِ إنْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِيمَا طَاعَ بِهِ مِنْ الشُّرُوطِ إنْ ادَّعَى نِيَّةً، وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُنَاكِرُهَا فِيمَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ. وَأَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الطَّوْعُ مِنْ غَيْرِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّائِقَ التَّعْبِيرُ بِتَرَدُّدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَ تَبَرَّعَ بِهَذَا الشَّرْطِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ. أَبُو الْحَسَنِ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّبَرُّعَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ كَالشَّرْطِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَهُ حُكْمُ الْمُشْتَرَطِ. اهـ. أَوْ عَلَى التَّطَوُّعِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ الْمُنَاكَرَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ.
(قَوْلَانِ وَ) إنْ مَلَّكَ زَوْجَتَهُ مُطْلَقًا أَوْ خَيَّرَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِالتَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ طَلَاقًا فَقِيلَ: لَزِمَتْك الثَّلَاثُ الَّتِي أَوْقَعَتْهَا فَقَالَ أَرَدْت طَلْقَةً وَاحِدَةً (قُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الزَّوْجِ الْمُمَلِّكِ أَوْ الْمُخَيِّرِ زَوْجَتَهُ فِي الْعِصْمَةِ قَبْل الْبِنَاءَ بِيَمِينٍ بَعْدَ قَضَائِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَنَائِبُ فَاعِلِ قُبِلَ (إرَادَةُ) الطَّلْقَةِ (الْوَاحِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَمْ أُرِدْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بِالتَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (طَلَاقًا) فَقِيلَ لَهُ: إنْ لَمْ تُرِدْهُ فَقَدْ لَزِمَك مَا أَوْقَعْت، فَقَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ ثُمَّ تَذَكُّرِهِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ لَا نَقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةَ الْوَاحِدَةِ وَيُعَدُّ نَادِمًا وَيَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةُ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا. وَصُرِّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ تَدْخُلْ فَقَالَ (وَلَا نُكْرَةَ) بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْكَافِ أَيْ مُنَاكَرَةَ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ وَخَيَّرَهَا فَأَوْقَعَتْ زَائِدًا عَلَى الْوَاحِدَةِ (فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِطَلْقَةٍ أَوْ مَا
وَإِنْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي: سُئِلَتْ بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ، فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّلَاثَ: لَزِمَتْ فِي التَّخْيِيرِ، وَذَكَرَ فِي التَّمْلِيكِ. .
وَإِنْ قَالَتْ وَاحِدَةً بَطَلَتْ فِي التَّخْيِيرِ. وَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ. أَوْ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ؟ .
ــ
[منح الجليل]
زَادَ عَلَيْهَا، وَعَنْ التَّقْيِيدِ بِصِيغَةٍ مِمَّا يَأْتِي، إذْ مِنْهُ مَا لَا تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُنَاكَرَةُ كَاخْتَارِي فِي تَطْلِيقَتَيْنِ.
(وَإِنْ قَالَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ (طَلَّقْت نَفْسِي) أَوْ زَوْجِي قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (سُئِلَتْ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْهَمْزِ الزَّوْجَةُ (بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ) عَمَّا أَرَادَتْهُ بِقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي لِاحْتِمَالِهِ الْوَاحِدَةَ وَالزَّائِدَ عَلَيْهَا (فَإِنْ) كَانَتْ (أَرَادَتْ) الزَّوْجَةُ بِقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي الطَّلَاقَ (الثَّلَاثَ لَزِمَتْ) أَيْ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ الزَّوْجَ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ (فِي التَّخْيِيرِ) إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَا نُكْرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ (وَنَاكَرَ) الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ فِيمَا زَادَتْهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ (فِي التَّمْلِيكِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، وَفِي التَّخْيِيرِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا لِقَوْلِهِ وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ وَمُمَلَّكَةً مُطْلَقًا.
(وَإِنْ قَالَتْ) الزَّوْجَةُ: أَرَدْت بِقَوْلِي طَلَّقْت نَفْسِي طَلْقَةً (وَاحِدَةً بَطَلَتْ) صِفَتُهَا أَيْ كَوْنُهَا مُخَيَّرَةً لِخُرُوجِهَا عَمَّا خَيَّرَهَا فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ لِإِرَادَتِهِ بَيْنُونَتَهَا مِنْهُ وَإِرَادَتِهَا بَقَاءَهَا فِي عِصْمَتِهِ لَا الْوَاحِدَةَ فَقَطْ، وَهَذَا فِي الْمُخَيَّرَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَأَمَّا الْمُخَيَّرَةُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْمُمَلَّكَةُ مُطْلَقًا فَتَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ فَقَطْ فِيهِمَا.
(وَهَلْ يُحْمَلُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ قَوْلُهَا طَلَّقْت نَفْسِي (عَلَى) إرَادَةِ الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ) مِنْهَا بِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَتَلْزَمُهُ فِي التَّخْيِيرِ إنْ دَخَلَ وَلَهُ الْمُنَاكَرَةُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَفِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا (أَوْ) يُحْمَلُ عَلَى إرَادَةِ (الْوَاحِدَةِ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَتَلْزَمُهُ فِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا وَالتَّخْيِيرِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَبْطُلُ تَخْيِيرُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ، وَصِلَةُ يُحْمَلُ (عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ) مِنْهَا
تَأْوِيلَانِ. وَالظَّاهِرُ سُؤَالُهَا إنْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي أَيْضًا
وَفِي جَوَازِ التَّخْيِيرِ: قَوْلَانِ.
وَحَلَفَ فِي اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ، أَوْ فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك طَلْقَةً وَاحِدَةً.
ــ
[منح الجليل]
لِعَدَدٍ بِقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمُنَاسِبُ لِتَعْبِيرٍ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (سُؤَالُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُخَيَّرَةِ أَوْ الْمُمَلَّكَةِ (إنْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي) الْمُنَاسِبُ اخْتَرْت الطَّلَاقَ.
" غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ اخْتَرْت الطَّلَاقَ وَهُوَ الصَّوَابُ إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَأَمَّا إنْ قَالَتْ اخْتَرْت الطَّلَاقَ، فَاَلَّذِي أَرَاهُ فِيهِ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهَا تُسْأَلُ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ لِاحْتِمَالِ أَلْ الِاسْتِغْرَاقَ فَيَكُونُ ثَلَاثًا أَوْ يُرَادُ بِهَا الْعَهْدُ وَهُوَ الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ الْمَشْرُوعُ فَيَكُونُ وَاحِدَةً، وَإِذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْوَجْهَيْنِ وَجَبَ أَنْ تُسْأَلَ أَيُّهُمَا أَرَادَتْ، فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْت وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا تَخَرَّجَ فِيهَا التَّأْوِيلَانِ السَّابِقَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ ظَهَرَ لِأَنَّهُ مِنْ نَفْسِهِ.
(وَفِي جَوَازِ) إقْدَامِ الزَّوْجِ عَلَى (التَّخْيِيرِ) لِزَوْجَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ نَقْلُ الْبَاجِيَّ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَائِلًا مَا عَلِمْت مَنْ كَرِهَهُ إنَّمَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ إيقَاعُ الثَّلَاثِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ (قَوْلَانِ) وَيُقَابِلُ الْجَوَازَ فِي كَلَامِهِ يُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ الْمُقَابَلَةُ لِلْجَوَازِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُمْنَعُ لِمَنْعِ الزَّوْجِ مِنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ وَتَوْكِيلِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَ انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ يَدِهَا مَا لَمْ تُوقِعْ الثَّلَاثَ، وَيُحْتَمَلُ لِكَرَاهَةٍ وَهُوَ نَقْلُ الْبَاجِّي أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي وَمَنْ وَافَقَهُ، فَتَتَلَخَّصُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْبِسَاطِيِّ وَالْكَرَاهَةُ وَسَطٌ.
(وَ) إنْ قَالَ: اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ فَأَوْقَعَتْ ثَلَاثًا وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ إلَّا طَلْقَةً (حَلَفَ) الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً (فِي) قَوْلِهِ: لِزَوْجَتِهِ (اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ) فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا أَوْ قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ الطَّلَاقَ، فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَتْهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِاحْتِمَالِ لَفْظِهِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ. (أَوْ) فِي قَوْلِهِ لَهَا اخْتَارِي (فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك طَلْقَةً وَاحِدَةً) أَوْ فِي أَنْ تُقِيمِي
لَا اخْتَارِي طَلْقَةً. وَبَطَلَ: إنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ فِي
ــ
[منح الجليل]
فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ: مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَيَحْلِفُ عَلَى هَذَا. " غ " لَفْظُ الْأُمَّهَاتِ اخْتَارِي فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً وَفِي أَنْ تُقِيمِي فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي فَإِنَّهُ يَكُونُ ثَلَاثًا، قَالَ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - آاللَّهُ مَا أَرَدْت بِقَوْلِك ذَلِكَ إلَّا وَاحِدَةً. قَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً قَالَ هِيَ وَاحِدَةٌ. قُلْت مَا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا مَالِكٌ قَالَ هِيَ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ فَأَجَابَ بِمَا أَخْبَرْتُك.
عِيَاضٌ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَوَّاهَا مَعَ قَوْلِهِ اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ وَأَنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَكَانَ الْمُرَادُ عِنْدَهُمْ مُحْتَمِلٌ لِإِمْضَاءِ الْفِرَاقِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِلْإِعَادَةِ وَالتَّكْرِيرِ، سَوَاءٌ سَمَّى التَّطْلِيقَةَ أَمْ لَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ تُقِيمِي وَالْوَاحِدَةُ لَا تُبَيِّنُهَا وَهِيَ مَعَهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمَةِ بَعْدُ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَحْلِفُ لِزِيَادَةِ لَفْظَةٍ، وَفِي أَنْ تُقِيمِي لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا مَعَ الطَّلْقَةِ مُقِيمَةٌ عَلَى حَالِهَا فِي عِصْمَتِهِ فَلَمَّا زَادَ، وَفِي أَنْ تُقِيمِي اُسْتُظْهِرَ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ لِذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا أَسْقَطَ هَذَا اللَّفْظَ وَقَالَ: اخْتَارِي فِي تَطْلِيقَةٍ فَهَذَا لَا إشْكَالَ فِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: إنَّمَا حَلَّفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ وَفِي أَنْ تُقِيمِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْبَيْنُونَةَ لِأَنَّ ضِدَّ الْإِقَامَةِ الْبَيْنُونَةُ فَقَدْ تَضَافَرَتْ هَذِهِ النُّقُولُ عَلَى أَنَّ السِّرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ تُقِيمِي فَعَلَى الْمُصَنِّفِ فِي إسْقَاطِهِ الدَّرَكِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ مَا قَضَتْ بِهِ، وَلَوْلَا زِيَادَةُ أَوْ تُقِيمِي لَقِيلَ عَلَيْهِ كَيْفَ يَحْلِفُ فِي اخْتِيَارِيٍّ فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَا يَحْلِفُ فِي اخْتِيَارِيٍّ فِي طَلْقَةٍ.
(لَا) يَحْلِفُ إنْ قَالَ: (اخْتَارِي طَلْقَةً) فَأَوْقَعَتْ ثَلَاثًا فَقَالَ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ بِلَا يَمِينٍ " غ " أَشَارَ لِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي فِي طَلْقَةٍ فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْتهَا أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي وَقَدْ يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةً وَلَهُ رَجْعَتُهَا وَلَيْسَتْ فِي الْأُمَّهَاتِ (وَبَطَلَ) مَا جَعَلَهُ الزَّوْجُ لَهَا (إنْ قَضَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ (بِ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ فِي) قَوْلِهِ
اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ، أَوْ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ.
وَمِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَلَا تَقْضِي إلَّا بِوَاحِدَةٍ وَبَطَلَ فِي الْمُطْلَقِ، إنْ قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ: كَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا.
ــ
[منح الجليل]
لَهَا (اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ) وَيَبْقَى الزَّوْجُ عَلَى مَا كَانَ لَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ لَهَا (أَوْ فِي قَوْلِهِ) اخْتَارِي (فِي تَطْلِيقَتَيْنِ) بِزِيَادَةٍ فِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ وَبَطَلَ مَا جَعَلَهُ بِيَدِهَا قَالَهُ تت.
طفي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ التَّخْيِيرُ مِنْ أَصْلِهِ، وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ شَرْحِهِ الصَّغِير وَتَبِعَهُ تت وَ " س "، وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ عَلَى بُطْلَانِ مَا قَضَتْ بِهِ مَعَ بَقَاءِ التَّخْيِيرِ، وَتَبِعَهُ عج، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ، وَنَظَرَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ أَرَ هَذَا النَّقْلَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ يُطَابِقُهُ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ خِلَافُ مَا زَعَمَهُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ فَاخْتَارَتْ وَاحِدَةً أَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ اهـ. فَتَسْوِيَتُهَا بَيْنَ اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ وَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ فِي اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ لَهَا الْقَضَاءُ بِهِمَا فَإِنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَنَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوَضِّحُ.
(وَإِنْ) قَالَ لَهَا: اخْتَارِي (مِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَلَا تَقْضِي) الزَّوْجَةُ (إلَّا بِ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ) فَإِنْ قَضَتْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ نَقَلَهُ الْحَطّ (وَ) إنْ خَيَّرَ الْمَدْخُولَ بِهَا تَخْيِيرًا مُطْلَقًا فَأَوْقَعَتْ طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ (بَطَلَ) التَّخْيِيرُ لَا مَا قَضَتْ بِهِ فَقَطْ (فِي) التَّخْيِيرِ (الْمُطْلَقِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ مِنْ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ: اخْتَارِي أَوْ خَيَّرْتُك مَثَلًا سَوَاءٌ نَجَّزَهُ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى نَحْوِ دُخُولِ الدَّارِ (إنْ قَضَتْ) الزَّوْجَةُ (بِدُونِ) مُتِمِّ الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ) فَإِنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ تَكْمِلَةَ الثَّلَاثِ لَمْ يَبْطُلْ مَا قَضَتْ بِهِ، وَهَذَا فِي تَخْيِيرِ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَمْ يَرْضَ بِمَا أَوْقَعَتْهُ، وَيَصِيرُ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ تَخْيِيرِهَا لِعُدُولِهَا عَمَّا شُرِعَ لَهَا وَهِيَ الثَّلَاثُ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَزِمَهُ.
وَشَبَّهَ فِي بُطْلَانِ مَا جُعِلَ لَهَا قَالَ (كَ) قَوْلِهِ (طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا) وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَشِيئَتِهَا
وَوُقِفَتْ، إنْ اخْتَارَتْ بِدُخُولِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا، وَرَجَعَ مَالِكٌ إلَى بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا فِي الْمُطْلَقِ، مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ
ــ
[منح الجليل]
فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَقَلَّ مِنْهَا فَيَبْطُلُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَمَا بِيَدِهَا لِمُخَالَفَتِهِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ
(وَ) إنْ خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ الطَّلَاقَ إنْ دَخَلَ عَلَى ضَرَّتِهَا (وُقِفَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ الْمُخَيَّرَةِ أَيْ يُوقِفُهَا الْحَاكِمُ وَيَأْمُرُهَا بِالِاخْتِيَارِ حَالًا وَإِلَّا أُسْقِطَ مَا جُعِلَ لَهَا (إنْ اخْتَارَتْ) نَفْسَهَا (بِ) شَرْطِ (دُخُولِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (عَلَى ضَرَّتِهَا) بِأَنْ قَالَتْ: إنْ دَخَلْت عَلَى ضَرَّتِي فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، وَلَا تُؤَخِّرُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَى ضَرَّتِهَا ابْنُ نَاجِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَهُ لَهَا نَاجِزًا إنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِتَعْلِيقِهَا وَإِلَّا انْتَظَرَ دُخُولَهُ عَلَى ضَرَّتِهَا، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ بِدُونِ اخْتِيَارِهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.
(وَرَجَعَ) الْإِمَامُ (مَالِكٌ)" رضي الله عنه " عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ بِبَقَاءِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ الْمُطْلَقَيْنِ بِيَدِهَا فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ بِقَدْرِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا تَخْتَارُ فِي مِثْلِهِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْهُ أَوْ خَرَجَا عَنْ الْكَلَامِ إلَى كَلَامٍ آخَرَ فَيَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا فَرَجَعَ عَنْ هَذَا (إلَى بَقَائِهِمَا) أَيْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (بِيَدِهَا) أَيْ مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَتَصَرُّفِهَا (فِي) التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (الْمُطْلَقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان (مَا لَمْ تُوقَفْ) أَيْ مُدَّةَ انْتِفَاءِ إيقَافِهَا الْحَاكِمُ فَإِنْ أَوْقَفَهَا فَلَا يَبْقَيَانِ بِيَدِهَا، فَإِمَّا أَنْ تُجِيبَ أَوْ يُسْقِطَهُ الْحَاكِمُ (أَوْ تُوطَأْ) أَوْ تُمَكِّنْهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ عَالِمَةً طَائِعَةً، وَالْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَمُضِيِّ يَوْمِ تَخْيِيرِهَا لِأَنَّهُ قَسِيمُهُ، وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ مَا لَمْ تَقُلْ عِنْدَ التَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ قَبِلْت أَمْرِي أَوْ رَضِيت وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتْرُكْ مَا بِيَدِهَا، فَإِنْ قَالَتْهُ بَقِيَ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ فَقَالَتْ لِي النَّظَرُ فِي أَمْرِي، فَقَالَ لَيْسَ لَك هَذَا، أَوْ قَالَ فَانْظُرِي الْآنَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَك، قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ بِيَدِهَا حَتَّى يُوقِفَهَا السُّلْطَانُ. ابْنُ رُشْدٍ مَضَى لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّهَا مُبَيِّنَةٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا الْقَضَاءُ إلَّا فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى يُوقِفَهَا السُّلْطَانُ، وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ إذَا قَالَتْهُ بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك تَنْظُرِينَ لِنَفْسِك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ انْقَضَى الْمَجْلِسُ، وَلَوْ رَدَّ قَوْلَهَا لَجَرَتْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ ظَاهِرَهُ خَرَّجَهَا عَنْ الْخِلَافِ وَلَوْ رَدُّ قَوْلِهَا خِلَافَ مَا فَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْهُ.
كَمَتَى شِئْت، وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالسُّقُوطِ.
وَفِي جَعْلِ إنْ شِئْت أَوْ إذَا كَمَتَى أَوْ كَالْمُطْلَقِ؟ .
ــ
[منح الجليل]
وَشُبِّهَ فِي بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ، فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ (مَتَى شِئْت) بِكَسْرِ التَّاءِ فَأَمْرُك أَوْ فَاخْتَارِي نَفْسَك فَيَبْقَيَانِ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ أَوْ تُمَكَّنْ (وَأَخَذَ) بِفَتَحَاتٍ أَيْ تَمَسَّكَ الْإِمَامُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (بْنُ الْقَاسِمِ) تِلْمِيذُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (بِالسُّقُوطِ) لِلتَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ أَوْ الْخُرُوجِ عَنْ الْكَلَامِ إلَى غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَرَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ ثَانِيًا بَاقِيًا عَلَيْهِ إلَى مَوْتِهِ فَهُوَ الرَّاجِحُ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ.
(وَفِي جَعْلِ) قَوْلِهِ (إنْ) شِئْت (أَوْ إذَا) شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك (كَ) قَوْلِهِ (مَتَى) شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك فِي الِاتِّفَاقِ عَلَى بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ أَوْ تُمَكِّنْ (أَوْ) جَعَلَهُمَا (كَ) التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (الْمُطْلَقِ) فِي جَرَيَانِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ فِيهِمَا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ، وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ قَالَ إنْ شِئْت فَالْأَمْرُ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوطَأْ، وَإِنْ قَالَ: إذَا فَيَبْقَى بِيَدِهَا وَلَوْ وُطِئَتْ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت فَذَلِكَ بِيَدِهَا وَإِنْ افْتَرَقَا حَتَّى تُوقَفَ أَوْ تُوطَأَ وَكَانَتْ إذَا عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَشَدَّ مِنْ إنْ، ثُمَّ سَوَّى بَيْنَهُمَا. قَالَ بَعْضُ شَارِحِيهَا إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَوَّلًا لِأَنَّ " إذَا " ظَرْفٌ
تَرَدُّدٌ:.
كَمَا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً وَبَلَغَهَا، وَإِنْ عَيَّنَ أَمْرًا تَعَيَّنَ.
وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي أَوْ بِالْعَكْسِ، فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ،.
ــ
[منح الجليل]
مُسْتَغْرِقٌ لِلزَّمَانِ الْمُسْتَقِلِّ بِلَا حَدٍّ وَلَا حَصْرٍ، فَجَعَلَ الطَّلَاقَ بِيَدِهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَشَاؤُهُ فِيهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَدًّا يُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ، أَوْ يَكُنْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِهِ وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى فِي إنْ لِأَنَّ إنْ لَا تَدُلُّ عَلَى زَمَانٍ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلشَّرْطِ خَاصَّةً.
عِيَاضٌ تَفْرِيقُ إذَا وَإِنْ حَمَلَهُ الشُّيُوخُ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي إذَا هَلْ تَقْتَضِي الْمُهْلَةَ فَتَكُونُ كَمَتَى أَوْ الشَّرْطَ الْمُجَرَّدَ فَتَكُونُ مِثْلَ إنْ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهَا ثُمَّ سَوَّى بَيْنَهُمَا أَيْ جَعَلَ إنْ مِثْلَ إذَا وَأَنَّ ذَلِكَ بِيَدِهَا مَا لَمْ يُعْتَبَرْ مَوْضُوعُهَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ كَلَامُ الْفَقِيهَيْنِ أَحَدُهُمَا نَحْوِيٌّ وَالْآخَرُ غَيْرُ نَحْوِيٍّ، فَفِي الْحَاضِرَةِ يُقَدَّمُ النَّحْوِيُّ، فَإِنْ خُرِجَ إلَى قَيَاطِينِ الْبَرَابِرِ يَكُونَانِ سَوَاءً.
وَشَبَّهَ فِي التَّرَدُّدِ فَقَالَ (كَمَا إذَا كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (غَائِبَةً) عَنْ زَوْجِهَا حِينَ تَخْيِيرِهَا أَوْ تَمْلِيكِهَا (وَبَلَغَهَا) أَيْ التَّخْيِيرُ أَوْ التَّمْلِيكُ الزَّوْجَةَ فَهَلْ يَبْقَى بِيَدِهَا إنْ لَمْ يَطُلْ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَتَّى يُتَبَيَّنَ رِضَاهَا بِإِسْقَاطِهِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَحُكِيَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهَا، أَوْ يَجْرِي فِيهَا خِلَافُ الْحَاضِرَةِ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ طَرِيقُ اللَّخْمِيِّ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ.
(وَإِنْ عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ لِلتَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (أَمْرًا) كَتَقْيِيدِهِ اخْتِيَارَهَا بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان (تَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فَإِذَا انْقَضَى مَا عَيَّنَهُ سَقَطَ حَقُّهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَمَضَى يَوْمُ تَخْيِيرِهَا، وَالْمَكَانُ مِثْلُ الزَّمَانِ بِدَلِيلِ تَعْمِيمِهِ هُنَا، وَكِلَاهُمَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الْحَاكِمُ وَإِلَّا وُقِفَتْ كَمَا تَقَدَّمَ. وَشَمِلَ كَلَامُهُ: نَحْوَ أَمْرُك بِيَدِك مَتَى شِئْت فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الْمَجْلِسِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.
(وَإِنْ قَالَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ (اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي أَوْ) قَالَتْ كَلَامًا مُتَلَبِّسًا (بِالْعَكْسِ) لِلتَّرْتِيبِ السَّابِقِ بِأَنْ قَالَتْ: اخْتَرْت زَوْجِي وَنَفْسِي (فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ) مِنْ
وَهُمَا فِي التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِمُنَجِّزٍ وَغَيْرِهِ: كَالطَّلَاقِ.
وَلَوْ عَلَّقَهُمَا بِمَغِيبِهِ شَهْرًا فَقَدِمَ وَلَمْ تَعْلَمْ وَتَزَوَّجَتْ فَكَالْوَلِيَّيْنِ.
ــ
[منح الجليل]
النَّفْسِ وَالزَّوْجِ، وَيُعَدُّ الثَّانِي نَدَمًا فَإِنْ قَدَّمَتْ النَّفْسَ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ، وَإِنْ قَدَّمَتْ الزَّوْجَ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَى الْعِصْمَةِ. وَرَدَّتْ مَا جَعَلَهُ لَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتهمَا فَكَتَقْدِيمِ نَفْسِهَا وَلَا يُنْظَرُ لِلتَّقَدُّمِ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الزَّوْجِ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ، فَإِنْ شُكَّ فِي الْمُقَدَّمِ فَلَا طَلَاقَ كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا (وَهُمَا) أَيْ التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ (فِي التَّنْجِيزِ) عَلَى الزَّوْجِ فَيَكُونُ أَمْرُ الزَّوْجَةِ بِيَدِهَا بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ الصِّيغَةِ (لِتَعَلُّقِهِمَا) أَيْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَاللَّامُ التَّعْلِيلِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْكَافِ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا عَلَى حَدِّهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] وقَوْله تَعَالَى {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77] ، أَيْ لِتَعْلِيقِهِمَا (بِ) شَيْءٍ (مُنَجِّزٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُقْتَضٍ لِلتَّنْجِيزِ كَمُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ يَبْلُغَانِهِ عَادَةً كَأَمْرُكِ بِيَدِك بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ أَوْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَأَنْ قُمْت أَوْ مُحْتَمَلٍ غَالِبٍ كَأَنْ حِضْت.
(وَ) هُمَا فِي (غَيْرِهِ) أَيْ عَدَمُ التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ مُنَجِّزٍ كَمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَأَنْ لَمَسْت السَّمَاءَ، أَوْ شَرِبْت الْبَحْرَ، أَوْ حَمَلْت الْجَبَلَ، أَوْ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ كَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَخَبَرُهُمَا فِي التَّنْجِيزِ وَغَيْرِهِ (كَالطَّلَاقِ) فَلَا يَثْبُتُ لَهَا حَقٌّ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِ الْمُحْتَمَلِ غَيْرِ الْغَالِبِ.
(وَلَوْ عَلَّقَهُمَا) أَيْ الزَّوْجُ التَّخْيِيرَ وَالتَّمْلِيكَ (بِمَغِيبِهِ) أَيْ غَيْبَةِ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ (شَهْرًا) بِأَنْ قَالَ: إنْ غِبْت عَنْك شَهْرًا فَأَمْرُك بِيَدِك تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا (فَ) غَابَ وَ (قَدِمَ) مِنْ سَفَرِهِ إلَى بَلَدِ زَوْجَتِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ (وَلَمْ تَعْلَمْ) الزَّوْجَةُ بِقُدُومِهِ حَتَّى تَمَّ الشَّهْرُ فَأَثْبَتَتْ تَعْلِيقَهُ وَغَيْبَتَهُ وَحَلَفَتْ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ لَا سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَتَزَوَّجَتْ) غَيْرَهُ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا ثُمَّ أَثْبَتَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ قُدُومَهُ إلَى بَلَدِهَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ (فَ) حُكْمُهَا (كَ) حُكْمِ ذَاتِ (الْوَلِيَّيْنِ) فِي أَنَّهَا إنْ دَخَلَ أَوْ تَلَذَّذَ الثَّانِي
وَبِحُضُورِهِ وَلَمْ تَعْلَمْ؛ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا.
وَاعْتُبِرَ التَّنْجِيزُ قَبْلَ بُلُوغِهَا، وَهَلْ إنْ مَيَّزَتْ أَوْ مَتَى تُوطَأُ؟ قَوْلَانِ.
وَلَهُ التَّفْوِيض
ــ
[منح الجليل]
بِهَا غَيْرَ عَالِمَيْنِ بِقُدُومِ الْأَوَّلِ فَهِيَ لِلثَّانِي، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ. وَمَفْهُومُ وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِقُدُومِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَتَزَوَّجَتْ فَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي، وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَالظَّاهِرُ حَدُّهَا إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ إقْرَارُهَا بِعِلْمِهَا بِهِ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي أَوْ قَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهَا لِاتِّهَامِهَا بِمَحَبَّةِ الْأَوَّلِ وَالتَّحَيُّلِ عَلَى فَسْخِ عَقْدِ الثَّانِي قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(وَ) لَوْ عَلَّقَ الزَّوْجُ تَخْيِيرَ زَوْجَتِهِ أَوْ تَمْلِيكَهَا (بِحُضُورِهِ) أَيْ عَلَى قُدُومِ غَائِبٍ غَيْرِهِ مِنْ سَفَرِهِ بِأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ حَضَرَ فُلَانٌ مِنْ سَفَرِهِ فَأَمْرُك بِيَدِك تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا وَحَضَرَ فُلَانٌ (وَلَمْ تَعْلَمْ) الزَّوْجَةُ بِحُضُورِهِ (فَهِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ (عَلَى خِيَارِهَا) فِي الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ مَتَى عَلِمَتْ وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا طَائِعَةً حَتَّى تُمَكِّنَهُ عَالِمَةً بِحُضُورِهِ طَائِعَةً. " غ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِتَنْكِيرِ حُضُورٍ غَيْرِ مُضَافٍ لِلضَّمِيرِ لِيُطَابِقَ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَاخْتَارِي فَلَهَا ذَلِكَ إذَا قَدِمَ وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطْئِهَا، وَإِنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ قُدُومِ فُلَانٍ وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِقُدُومِهِ إلَّا بَعْدَ زَمَانٍ فَلَهَا الْخِيَارُ حِينَ تَعْلَمُ.
(وَ) إنْ مَلَّكَ أَوْ خَيَّرَ صَغِيرَةً وَنَجَّزَتْ بِاخْتِيَارِ بَقَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ (اُعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ (التَّنْجِيزُ) لِجَوَابِ التَّوْكِيلِ أَوْ التَّخْيِيرُ أَوْ التَّمْلِيكُ سَوَاءٌ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ عَلَى الْعِصْمَةِ مِنْ زَوْجَةٍ مُمَيِّزَةٍ (قَبْلَ بُلُوغِهَا) الْحُلُمَ.
(وَهَلْ) يُعْتَبَرُ تَنْجِيزُهَا (إنْ مَيَّزَتْ) سَوَاءٌ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَوْ لَمْ تُطِقْهُ وَهُوَ سَمَاعُ عِيسَى إذَا عَرَفَتْ مَا مَلَكَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغًا يُوطَأُ مِثْلُهَا فِيهِ فَاعْتُبِرَ التَّمْيِيزُ فَقَطْ (أَوْ) يُعْتَبَرُ تَنْجِيزُهَا (مَتَى) تَبْلُغُ سِنًّا (تُوطَأُ) فِيهِ زِيَادَةً عَنْ تَمْيِيزِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ فَلَا يُعْتَبَرُ تَنْجِيزُهَا وَيَسْتَأْنِي بِهَا التَّمْيِيزُ وَحْدَهُ أَوْ وَإِطَاقَةُ الْوَطْءِ، وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إدْخَالُ " هَلْ " عَلَى إنْ مَيَّزَتْ وَلَا خِلَافَ فِيهِ، فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِأَنْ يَقُولَ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ مَتَى تُوطَأُ.
(وَ) يَجُوزُ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (التَّفْوِيضُ) فِي عِصْمَةِ زَوْجَتِهِ تَوْكِيلًا أَوْ تَمْلِيكًا أَوْ
لِغَيْرِهَا.
وَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ؟ قَوْلَانِ. .
ــ
[منح الجليل]
تَخْيِيرًا (لِغَيْرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَهَا أَوْ لَا، بَالِغًا أَوْ لَا، مُسْلِمًا أَوْ لَا، شَرِكَهَا مَعَهُ أَوْ لَا، عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
(وَ) إنْ وَكَّلَ الزَّوْجُ شَخْصًا عَلَى تَفْوِيضِ أَمْرِ زَوْجَتِهِ لَهَا تَوْكِيلًا أَوْ تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا فَ (هَلْ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عَزْلُ وَكِيلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى تَفْوِيضِ أَمْرِ الْعِصْمَةِ لِلزَّوْجَةِ تَوْكِيلًا أَوْ تَمْلِيكًا أَوْ تَخْيِيرًا أَوْ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ (قَوْلَانِ) هَذَا الْوَجْهُ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ وَكِيلِهِ لِلتَّفْوِيضِ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ. وَأَمَّا تَقْرِيرُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْوَكِيلِ الْحَقِيقِيِّ فَغَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلزَّوْجِ عَزْلَ الْوَكِيلِ مَا لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ كَمَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا مَا فِي الْحَطّ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ مِنْ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ أَوْ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَهُ عَزْلُهُ، هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ وَ " ق " و " غ "، قَالَ وَحَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا يَحْتَاجُ إلَى وَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْهُ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ هَكَذَا هُوَ فِيمَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ.
وَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْوَكِيلِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ الْمُمَلَّكِ وَالْمُخَيَّرِ وَالرَّسُولِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْزِلَهُ مَا لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ كَمَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ تَجَوَّزَ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْمُمَلَّكِ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أَمْلَكَهَا أَمْرَهَا أَوْ مَلَّكَهُ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ بَدَا لَهُ عَزْلُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَالْأَمْرُ إلَيْهِمَا وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي هَذَا خِلَافًا.
فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تُنْكِرُ وُجُودَ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْأَصْلِ.
وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ قَالَ لِخَتَنَتِهِ إذَا تَكَارَيْتِ لِابْنَتِكِ وَخَرَجْتِ بِهَا مِنْ الْقَرْيَةِ فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَتَكَارَتْ لَهَا لِتُخْرِجَهَا فَأَبَى وَبَدَا لَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قُلْت قَدْ تَأَوَّلَ الْبَاجِيَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَقَالَ: مَعْنَاهُ عِنْدِي أَنَّ الرُّجُوعَ فِي سَبَبِ التَّمْلِيكِ بِأَنْ يَمْنَعَ أُمَّهَا مِنْ الْخُرُوجِ بِهَا وَلَوْ أَخْرَجَتْهَا لَمْ
وَلَهُ النَّظَرُ، وَصَارَ كَهِيَ: إنْ حَضَرَ، أَوْ كَانَ غَائِبًا قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ لَا أَكْثَرَ فَلَهَا،.
ــ
[منح الجليل]
يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي التَّمْلِيكِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَغَيْرُهُ كَابْنِ عَرَفَةَ، وَلَوْ سَلَّمْنَا كَوْنَهُ خِلَافًا لَكَانَ مِنْ الشُّذُوذِ بِمَكَانٍ، فَكَيْفَ يُعَادِلُهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَلِابْنِ مُحْرِزٍ تَحْرِيرٌ عَجِيبٌ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ تَوْكِيلٌ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَى الطَّلَاقِ وَتَمْلِيكٌ لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْعَزْلَ فِيهِ لِمَا تَعَلَّقَ لِلْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ وَإِنْ هُوَ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ رَجُلٍ إرَادَةَ مُوَافَقَتِهَا بِذَلِكَ وَإِدْخَالِ الْمَسَرَّةِ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُمْنَعَ مِنْ عَزْلِهِ لِحَقِّهَا وَيُؤْمَرَ هَذَا الَّذِي جَعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِهِ أَنْ لَا يَقْضِيَ إلَّا بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُوَافِقُهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ مُوَافَقَتَهَا فَهِيَ وَكَالَةٌ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ عَلَى أَنْوَاعِ الْمَمْلُوكَاتِ إنْ شَاءَ أَقَرَّ مَنْ وَكَّلَهُ وَإِنْ شَاءَ عَزَلَهُ اهـ.
فَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ كَلَامَ ابْنِ مُحْرِزٍ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِالْقَوْلَيْنِ فَعِبَارَتُهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ فِي الْمَعْنَى، نَعَمْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ اُنْظُرْ إذَا مَلَّكَ غَيْرَ الزَّوْجَةِ، وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ أَسْقَطْت حَقِّي فِي التَّمْلِيكِ فَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْزِلَ الْمُمَلَّكَ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَهَا هِيَ قَدْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ يُقَالُ لِلْوَكِيلِ حَقٌّ فِي الْوَكَالَةِ فَلَا يَعْزِلُهُ. اهـ. فَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَقَالَ وَهَلْ لَهُ عَزْلُ مُمَلَّكِهِ إنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا تَرَدُّدٌ، أَمَّا حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ: طَلِّقْ امْرَأَتِي هَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ وَكَالَةٌ فَيُحْتَاجُ إلَى وَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْهُ
(وَ) إنْ فَوَّضَ أَمْرَ زَوْجَتِهِ لِغَيْرِهَا فَ (لَهُ) أَيْ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ الَّذِي فَوَّضَ الزَّوْجُ لَهُ أَمْرَ عِصْمَتِهَا (النَّظَرُ) أَيْ التَّأَمُّلُ فِيمَا تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ تَطْلِيقِهَا أَوْ إبْقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ لَهَا بِهَا نَظَرَ الْحَاكِمُ لَهَا بِهَا (وَصَارَ) أَيْ غَيْرُ الزَّوْجَةِ الْمُفَوَّضُ لَهُ أَمْرُهَا (كَهِيَ) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ (إنْ حَضَرَ) الشَّخْصُ الْمُفَوَّضُ لَهُ شَرَطَ فِي قَوْلِهِ: وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا (أَوْ كَانَ) الْمُفَوَّضُ لَهُ (غَائِبًا) غَيْبَةً (قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ) وَالثَّلَاثَةِ ذَهَابًا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ (لَا) إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ (أَكْثَرَ) مِنْ كَيَوْمَيْنِ (فَلَهَا)
إلَّا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا.
أَوْ يَغِيبَ حَاضِرٌ وَلَمْ يُشْهِدْ بِبَقَائِهِ. فَإِنْ أَشْهَدَ: فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ أَوْ يَنْتَقِلُ لِلزَّوْجَةِ: قَوْلَانِ.
وَإِنْ مَلَّكَ رَجُلَيْنِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ.
ــ
[منح الجليل]
أَيْ الزَّوْجَةِ النَّظَرُ فِي أَمْرِهَا إذْ فِي انْتِظَارِ قُدُومِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا وَجَعْلُهُ لِغَيْرٍ آخَرَ أَوْ إسْقَاطُهُ لَا مُوجِبَ لَهُ (إلَّا أَنْ تُمَكِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ (مِنْ) اسْتِمْتَاعِهِ بِ (نَفْسِهَا) فَيَسْقُطَ نَظَرُ غَيْرِهَا الْمُفَوَّضِ لَهُ وَلَوْ مَكَّنَتْهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَا بِيَدِهِ إلَّا بِتَمْكِينِهَا بِعِلْمِهِ وَرِضَاهُ.
(أَوْ) إلَّا أَنْ (يَغِيبَ) شَخْصٌ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ (حَاضِرٌ) حِينَ التَّفْوِيضِ وَغَابَ بَعْدَهُ فَيَسْقُطَ حَقُّهُ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهَا، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ (إذَا لَمْ يُشْهِدْ) مُضَارِعُ أَشْهَدَ الْمُفَوِّضُ (لَهُ بِبَقَائِهِ) أَيْ أَمْرِ الزَّوْجَةِ بِيَدِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَيَنْظُرَ فِيهِ (فَإِنْ أَشْهَدَ) الْمُفَوَّضُ لَهُ أَمْرُهَا حِينَ سَفَرِهِ بِبَقَائِهِ (فَفِي بَقَائِهِ) أَيْ أَمْرِ الزَّوْجَةِ (بِيَدِهِ) أَيْ مِلْكِ الْمُفَوَّضِ لَهُ وَاسْتِحْقَاقِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَيَنْظُرَ فِيهِ سَوَاءٌ قَصُرَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ طَالَتْ، وَإِنْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فِي غَيْبَتِهِ ضَرَبَ لَهَا أَجَلَ الْإِيلَاءِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ وَأَرْسَلَ إلَيْهِ، فَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْدَمْ طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ تَطْلُقُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِالِاجْتِهَادِ قَوْلَانِ.
(أَوْ يَنْتَقِلُ) النَّظَرُ (لِلزَّوْجَةِ) إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَإِلَّا كَتَبَ لَهُ وَأُمِرَ بِالْإِجَابَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ لَهَا إنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَالثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ مَلَّكَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ أَمْرَ زَوْجَتِهِ (رَجُلَيْنِ) بِأَنْ قَالَ: مَلَّكْتُكُمَا أَمْرَهَا أَوْ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا نَقَلَهُ تت عَنْهَا أَوْ طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْهَا (فَلَيْسَ لِ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ الرَّجُلَيْنِ الْمُمَلَّكَيْنِ (الْقَضَاءُ) بِطَلَاقِهَا وَحْدَهُ لِأَنَّهُمَا مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ وَكِيلٍ وَاحِدٍ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا قَالَهُ فِيهَا، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي وَطْئِهَا زَالَ مَا بِيَدِهِمَا،
إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ.
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا كَلَامَ لِلثَّانِي فِيهَا مَنْ مَلَّكَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ رَجُلَيْنِ لَمْ يَجُزْ طَلَاقُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ كَالْوَكِيلَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: كَالْوَكِيلَيْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ طَلَاقُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(إلَّا أَنْ يَكُونَا) أَيْ الرَّجُلَانِ (رَسُولَيْنِ) بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلِّقْهَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِطَلَاقِهَا. فِي الشَّامِلِ حَمَلَ " طَلِّقَاهَا " عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّمْلِيكَ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ شِئْتُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكَوْنِهِمَا رَسُولَيْنِ أَمْرَهُمَا بِتَبْلِيغِهَا طَلَاقَهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقَعُ حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِ أَمْرِهِمَا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُبْلِغَاهَا، وَفِيهَا إنْ قَالَ أَعْلِمَاهَا أَنِّي طَلَّقْتهَا فَرَسُولَانِ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهَا اتِّفَاقًا.
الْبُنَانِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ " قَوْلُهُ أَمْرُ امْرَأَتِي بِأَيْدِيكُمَا تَمْلِيكٌ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِمَا مَعًا أَوْ عَلَى إحْدَاهُمَا اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ أَعْلِمَا امْرَأَتِي بِطَلَاقِهِمَا رِسَالَةٌ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهَا اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ: طَلِّقَا امْرَأَتِي يَحْتَمِلُ الرِّسَالَةَ وَالتَّمْلِيكَ. وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ غَيْرَهَا فَيَلْزَمَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهُمَا أَوْ الْوَكَالَةُ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إلَّا بِتَبْلِيغِ مَنْ بَلَغَهُمَا إيَّاهُ مِنْهُمَا. وَلَهُ مَنْعُهُ ثَالِثُهَا عَلَى التَّمْلِيكِ كَذَلِكَ الْأَوَّلُ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى، وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ امْرَأَتِي بِلَفْظِ الْمُثَنَّى، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
أَتَمَّ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِفَضْلِهِ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ شَرْحِ مُخْتَصَرِ سَيِّدِي الشَّيْخِ خَلِيلٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِخَمْسٍ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ الْمَنِيفِ مِنْ عَامِ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ بَعْدَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ مِنْ هِجْرَةِ مَنْ لَهُ غَايَةُ الشَّرَفِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى يَدِ أَفْقَرِ الْعَبِيدِ وَأَحْوَجِهِمْ إلَى الْعَفْوِ وَالتَّسْدِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَأَحْسَنَ إلَيْهِ وَإِلَى وَالِدَيْهِ، وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ وَسَلَامٌ عَلَى النَّبِيِّينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.