المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب) أحكام العارية - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٧

[محمد بن أحمد عليش]

الفصل: ‌باب) أحكام العارية

‌بَابٌ) أَحْكَام الْعَارِيَّة

ــ

[منح الجليل]

مِثْلَهُ. سَحْنُونٌ إنْ اقْتَسَمَ الْمُودَعَانِ وَالْعَامِلَانِ الْمَالَ وَالْقِرَاضَ فَلَا يَضْمَنَانِ. يَحْيَى وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيَّانِ إذَا اقْتَسَمَاهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا سَلَّمَ وَمَا صَارَ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِتَسْلِيمِ مَا سَلَّمَ وَبِالِاسْتِقْلَالِ بِالتَّصَرُّفِ فِيمَا بَقِيَ بِيَدِهِ. فِي التَّنْبِيهَاتِ الْخَلْعُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَدَالَةِ مُخْتَصٌّ بِالْوَصِيَّيْنِ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَلَا يُوصَى الْفَاجِرُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ هُمَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَكُونُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمَا وَلَا يَقْتَسِمَانِهِ وَيَجْعَلَانِهِ حَيْثُ يَثِقَانِ بِهِ وَأَيْدِيهِمَا فِيهِ وَاحِدَةٌ اهـ.

[بَابٌ أَحْكَام الْعَارِيَّة]

(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْعَارِيَّةُ

ابْنُ عَرَفَةَ الْجَوْهَرِيُّ الْعَارِيَّةُ بِالتَّشْدِيدِ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ، لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَالْعَارَّةُ مِثْلُ الْعَارِيَّةُ، يُقَالُ هُمْ يَتَعَيَّرُونَ الْعَوَارِيَّ بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ مُسْتَعَارٌ بِمَعْنَى مُتَعَاوَرٌ، أَيْ مُتَدَاوَلٌ. وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي الصِّحَاحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْعَارِ وَإِنْ كَانَ قِيلَ فَلَيْسَ هُوَ الْوَجْهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ التَّعَاوُرِ الَّذِي هُوَ التَّدَاوُلُ وَزْنُهَا فَعْلِيَّةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مِنْ عَرَاهُ يَعْرُوهُ إذَا قَصَدَهُ، فَوَزْنُهَا فَاعُولَةٌ أَوْ فَلْعِيَّةٌ عَلَى الْقَلْبِ. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ كَوْنَهَا مَنْسُوبَةً إلَى الْعَارِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالُوا يَتَعَيَّرُونَ، لِأَنَّ الْعَارَ عَيْنُهُ يَاءٌ. قُلْتُ فِي الْمُخَصَّصِ لِابْنِ سِيدَهْ مَا نَصُّهُ وَتَعَوَّرْنَا الْعَوَارِيَّ وَتَعَوَّرْنَا الشَّيْءَ تَدَاوَلْنَاهُ. وَقِيلَ الْعَارِيَّةُ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ لِأَنَّهَا عَارٌ عَلَى صَاحِبِهَا، وَقَدْ تَعَيَّرُوهَا بَيْنَهُمْ. قُلْت وَهَذَا نَصٌّ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ وَالْعَارِيَّةُ الْمِنْحَةُ. قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ غَرَّهُ قَوْلُهُمْ يَتَعَيَّرُونَ الْعَوَارِيَّ وَلَيْسَ عَلَى وَضْعِهِ إنَّمَا هِيَ مُعَاقِبَةٌ مِنْ الْوَاوِ إلَى الْيَاءِ. قُلْتُ وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُعَاقَبَةِ اهـ، وَفِي رَدِّهِ عَلَى ابْنِ سِيدَهْ بِمِثْلِ هَذَا نَظَرٌ.

وَفِي الْقَامُوسِ وَالْعَارِيَّةُ مُشَدَّدَةٌ وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَالْعَارَةُ مَا تَدَاوَلُوهُ بَيْنَهُمْ وَالْجَمْعُ عَوَارِي

ص: 48

صَحَّ وَنُدِبَ: إعَارَةُ مَالِكِ مَنْفَعَةٍ بِلَا حَجْرٍ: وَإِنْ مُسْتَعِيرًا

ــ

[منح الجليل]

مُشَدَّدَةً وَمُخَفَّفَةً ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ مَصْدَرًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا بِعِوَضٍ فَتَدْخُلُ الْعُمْرَى وَالْإِخْدَامُ لَا الْحَبْسُ وَاسْمًا مَالُ ذُو مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ مُلِكَتْ بِلَا عِوَضٍ، وَنُقِضَ طَرْدُهُمَا بِإِرْثِ مَنْفَعَةٍ مِمَّنْ حَصَّلَهَا بِعِوَضٍ لِحُصُولِهَا لِلْوَارِثِ بِلَا عِوَضٍ مِنْهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ عُمُومَ نَفْيِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ يُخْرِجُهَا لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ لِمَالِكِ الْعَيْنِ مِنْ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِالْحَبْسِ، وَعَكْسُهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا إلَّا مَصْدَرًا. وَالْعُرْفُ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُهَا اسْمًا لِلشَّيْءِ الْمُعَارِ.

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأُورِدَ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ صَادِقٌ إلَخْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ لَفْظَ التَّمْلِيكِ لَا يَشْمَلُهَا إذْ الْإِرْثُ مِلْكٌ لَا تَمْلِيكٌ، وَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَخْرَجَ ابْنُ عَرَفَةَ الْحَبْسَ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ لَفْظِ مَنْفَعَةٍ كَمَا فَهِمَهُ الرَّصَّاعُ قَائِلًا لِأَنَّ فِيهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ لَا الْمَنْفَعَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا مَا فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤَاجِرُ لِغَيْرِهِ. ثَانِيهِمَا أَنَّ حَمْلَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ الْمَعْنَى الْأَخَصِّ يُخْرِجُ الْعَارِيَّةَ الَّتِي اشْتَرَطَ رَبُّهَا عَلَى مُسْتَعِيرِهَا انْتِفَاعَهُ بِهَا بِنَفْسِهِ فَقَطْ، فَيَصِيرُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ مُؤَقَّتَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَبْسَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْبِيدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُؤَقَّتَ مِنْ إفْرَادِ الْعَارِيَّةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(صَحَّ وَنُدِبَ إعَارَةُ) شَخْصٍ رَشِيدٍ (مَالِكِ مَنْفَعَةٍ) تَبَعًا لِمِلْكِ الذَّاتِ أَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مِلْكُ الذَّاتِ، فَفِي وَصَايَا الْمُدَوَّنَةِ الثَّانِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ حَالَ كَوْنِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ (بِلَا حَجْرٍ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مَالِكًا لِلذَّاتِ وَالْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ بِإِجَارَةٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مُسْتَعِيرًا) فَلَا

ص: 49

؛ لَا مِلْكَ انْتِفَاعٍ

ــ

[منح الجليل]

تَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ مَرَضٍ، أَوْ مِنْ مُسْتَعِيرٍ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ. ابْنُ يُونُسَ الْعَارِيَّةُ جَائِزَةٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] ، وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» . ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِأَنَّهَا إحْسَانٌ {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] ، وَيَعْرِضُ وُجُوبُهَا كَغِنًى عَنْهَا لِمَنْ يُخْشَى هَلَاكُهُ بِعَدَمِهَا وَحُرْمَتُهَا لِكَوْنِهَا مُعِينَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَكَرَاهَتُهَا لِكَوْنِهَا مُعِينَةً عَلَى مَكْرُوهٍ وَتُبَاحُ لِغَنِيٍّ عَنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَرَاهَتِهَا فِي حَقِّهِ.

(تَنْبِيهَاتٌ)

الْأَوَّلُ: الْقُرْطُبِيُّ مِنْ الْغُلُوِّ مَنْعُ الْكُتُبِ عَنْ أَهْلِهَا، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا.

الثَّانِي: الْحَطُّ مُرَادُهُ هُنَا بِالْحَجْرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْحَجْرِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِهِ لِيَشْمَلَ حَجْرَ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْإِعَارَةِ، فَلَا تَصِحُّ إعَارَتُهُ. ابْنُ سَلْمُونٍ الْعَارِيَّةُ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَتَصِحُّ مِنْ كُلِّ مَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ مَلَكَهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ مَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِمُدَّةٍ أَوْ اكْتَرَاهُ فَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ لِمِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ.

الثَّالِثُ: عب قَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ مُتَعَلِّقٌ يَصِحُّ لَا يُنْدَبُ لِإِبْهَامِهِ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ تَصِحُّ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

الرَّابِعُ: عب قَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَعِيرًا مُبَالَغَةً فِي الصِّحَّةِ لَا فِي النَّدْبِ إذْ إعَارَةُ الْمُسْتَعِيرِ مَكْرُوهَةٌ إنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ.

الْخَامِسُ: مِثْلُ الْحَجْرِ الصَّرِيحِ الْحَجْرُ الضِّمْنِيُّ نَحْوُ لَوْلَا أُخُوَّتُك، أَوْ لَوْلَا صَدَاقَتُك مَا أَعَرْتُك أَفَادَهُ عب.

(لَا) تَصِحُّ إعَارَةُ شَخْصٍ (مَالِكِ انْتِفَاعٍ) بِنَفْسِهِ فَقَطْ كَمُحْبَسٍ عَلَيْهِ لِسُكْنَاهُ وَمُسْتَعِيرٍ شَرَطَ عَلَيْهِ مُعِيرُهُ أَنْ لَا يُعِيرَ لِغَيْرِهِ وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ أَيْضًا، وَمِنْ هَذَا النُّزُولُ عَنْ الْوَظِيفَةِ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْوَظِيفَةُ مَالِكُ انْتِفَاعٍ. وَأَمَّا مَا أُخِذَ مِنْ قَسْمِ الزَّوْجَاتِ مِنْ الْجَوَازِ فَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ إلَخْ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ، لَكِنْ ذَكَرَ

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ جَوَازَ الْأَخْذِ عَلَى رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الْمَعَادِنِ مَا نَصُّهُ هَذَا وَنَحْوُهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مَا يُفْعَلُ الْيَوْمَ فِي الْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ مِنْ بَيْعِ وَظِيفَةٍ فِي حَبْسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ مُرَتَّبَاتِ الْأَجْنَادِ، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ يَدَهُ خَاصَّةً، وَقَدْ مَضَى لَنَا عَنْ أَشْيَاخِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُسْقِطَ لَا يَمْلِكُ إلَّا الِانْتِفَاعَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِيهِ بَيْعٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا إعَارَةٌ. الثَّانِي عَلَى تَسْلِيمِ جَوَازِ بَيْعِهَا فَهِيَ مَجْهُولَةٌ لَا يَدْرِي مَا فِيهَا وَلَا قَدْرَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْجَعَائِلِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ حَقِيقَةً. وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ جَيْشِهِ وَدِيوَانِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا وَقَعَ لَهُ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ.

" غ " أَصْلُ هَذَا التَّحْرِيرِ فِي الْفَرْقِ الثَّلَاثِينَ مِنْ قَوَاعِدِ الْقَرَافِيِّ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَفِي الْإِجَارَاتِ مِنْ قَوَاعِدِ الْمُقْرِي مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً فَلَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا وَأَخْذُ عِوَضِهَا، وَمَنْ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ فَلَيْسَ الْمُعَاوَضَةُ كَسُكْنَى الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ. الْقَرَافِيُّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجُزْ قَبَالَةُ الْمَدَارِسِ إذَا عُدِمَ السَّاكِنُ لِأَنَّهَا إنَّمَا جُعِلَتْ لِلسُّكْنَى لَا لِلْغَلَّةِ، كَجَعْلِ الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ. تت وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إنْزَالِ الضَّيْفِ الْمَدَارِسَ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ فَلَا يَجُوزُ إسْكَانُ بَيْتِ الْمَدْرَسَةِ دَائِمًا وَلَا إيجَارُهُ إنْ عُدِمَ السَّاكِنُ وَلَا الْحُزْنُ فِيهِ وَلَا بَيْعُ مَاءِ الصَّهَارِيجِ، وَلَا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ، وَلَا يُبَاعُ زَيْتُ الِاسْتِصْبَاحِ، وَلَا يَتَغَطَّى بِبُسُطِ الْوَقْفِ، وَلَيْسَ لِلضَّيْفِ بَيْعُ الطَّعَامِ وَلَا إطْعَامُهُ وَلَا إطْعَامُ الْهِرِّ وَالسَّائِلِ.

عب وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْفَعَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ كَمَا وَقَعَ لِلْبَرْزَلِيِّ فِي سُكْنَى خَلْوَةِ النَّاصِرِيَّةِ مِمَّنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَالْخُلُوُّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا دَافِعُ الدَّرَاهِمِ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِإِصْلَاحٍ وَلَهُ عَقَارٌ مُحْبَسٌ عَلَيْهِ يُكْرَى بِثَلَاثِينَ فَيَأْخُذُ النَّاظِرُ مَالًا مَعْلُومًا مِمَّنْ يَسْكُنُهُ لِإِصْلَاحِ الْمَسْجِدِ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَتَصِيرُ مَنْفَعَةُ الْوَقْفِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَدَافِعِ الدَّرَاهِمِ، وَيُسَمَّى نَصِيبُهُ خُلُوًّا فَيُقَالُ أُجْرَةُ الْوَقْفِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا وَأُجْرَةُ الْخُلُوِّ كَذَلِكَ مَثَلًا، وَمَا يَقَعُ بِمِصْرَ مِنْ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ

ص: 51

مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ

ــ

[منح الجليل]

مِمَّنْ هُوَ مُسْتَأْجِرُهَا كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّهُ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ نَظَرًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُ الْخُلُوِّ، وَيُورَثُ عَنْهُ. وَأَمَّا إجَارَتُهُ لِغَيْرِهِ إجَارَةً لَازِمَةً فَلَا نِزَاعَ فِيهَا، وَقَدْ أَفْتَى شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ وَأَخُوهُ نَاصِرُ الدِّينِ بِأَنَّ الْخُلُوَّ الْمَذْكُورَ مُعْتَدٌّ بِهِ لِكَوْنِ الْعُرْفِ جَرَى بِهِ قَالَهُ " د ".

عج الْمُسْتَأْجِرُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَمَا مَعْنَى الْخُلُوِّ وَمَا فَائِدَتُهُ؟ يُقَالُ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا أَوْ نَاظِرًا أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةَ مُشَاهَرَةً وَنَصُّ مَا رَأَيْتُ، سُئِلَ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ مَا تَقُولُ فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ الَّذِي صَارَ عُرْفًا بَيْنَ النَّاسِ فِي مِصْرَ وَغَيْرِهَا وَتَغَالَتْ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى وَصَلَ الْحَانُوتُ فِي بَعْضِ الْأَسْوَاقِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ ذَهَبًا جَدِيدًا، فَهَلْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَهُ وَارِثٌ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِ مُوَرِّثِهِ؟ وَهَلْ إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُوَفَّى مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ، إذَا مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِ مُوَرِّثِهِ عَمَلًا بِعُرْفِ النَّاسِ، وَإِذَا مَاتَ مِنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بَيْتُ الْمَالِ، وَإِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يُوَفَّى مِنْهُ اهـ.

وَسُئِلَ " س " السَّنْهُورِيُّ عَمَّنْ لَهُ خُلُوٌّ فَتَعَدَّى آخَرُ عَلَى الْمَحَلِّ وَاسْتَأْجَرَهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَسَكَنَهُ مُدَّةً فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَتُفَضُّ عَلَى الْخُلُوِّ وَالْوَقْفِ. فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الَّذِي سَكَنَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَتُقْسَمُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْخُلُوِّ بِحَسَبِ مَالِهِمَا. اهـ. وَكَذَا أَفْتَى مُعْظَمُ شُيُوخِنَا أَنَّ مَنْفَعَةَ مَا فِيهِ الْخُلُوُّ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَالْوَقْفِ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ صَاحِبُ الْخُلُوِّ وَالنَّاظِرُ عَلَى وَجْهِ

الْمَصْلَحَةِ

كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَتْوَى النَّاصِرِ اهـ.

الْبُنَانِيُّ بِمِثْلِ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ وَقَعَتْ الْفَتْوَى مِنْ شُيُوخِ فَاسَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالشَّيْخِ الْقَصَّارِ وَابْنِ عَاشِرٍ وَأَبِي زَيْدٍ الْفَاسِيِّ وَعَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ وَأَضْرَابِهِمْ، وَيُعَبِّرُونَ عَنْ الْخُلُوِّ الْمَذْكُورِ بِالْجِلْسَةِ، وَجَرَى الْعُرْفُ بِهَا لِمَا رَأَوْهُ مِنْ

الْمَصْلَحَةِ

فِيهَا فَهِيَ عِنْدَهُمْ كِرَاءٌ عَلَى التَّبْقِيَةِ، وَقَدْ أَشَارَ لَهَا فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ.

وَصِلَةُ إعَارَةٍ (مِنْ) أَيْ لِ (لِأَهْلِ) أَيْ مُسْتَحِقِّ (التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ) بِالشَّيْءِ الْمُعَارِ، وَهَذَا

ص: 52

عَيْنًا لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ

لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا

وَجَارِيَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ خِدْمَةٍ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ؛

ــ

[منح الجليل]

هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُسْتَعِيرُ قَابِلٌ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُعَارُ كَافِرٌ عَبْدًا مُسْلِمًا وَلَا وَلَدٌ وَالِدَهُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ قَاصِرٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْوَلَدَ أَهْلُ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ. وَجَوَابُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُسْتَعَارِ بِخُصُوصِيَّتِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَا يَصِحُّ كَذَلِكَ لِصِحَّةِ تَغَيُّرِهِ بِمَا بِهِ يَصِحُّ اهـ. الْبُنَانِيُّ إنَّمَا يُقَالُ هَذَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَى الْقَيْدِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ، وَهُوَ تَعْقِيبُهُ بِقَوْلِهِ لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا، وَمَفْعُولُ إعَارَةُ الْمُضَافُ لِفَاعِلَةِ قَوْلُهُ (عَيْنًا) أَيْ ذَاتًا (لِ) اسْتِيفَاءِ (مَنْفَعَةٍ) مِنْهَا مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ، وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ، وَنُعِتَ مَنْفَعَةٌ بِ (مُبَاحَةٍ) .

اللَّخْمِيُّ الْإِعَارَةُ هِبَةُ الْمَنَافِعِ دُونَ الرِّقَابِ. ابْنُ شَاسٍ فَلَا تُعَارُ الْمَكِيلَاتُ وَلَا الْمَوْزُونَاتُ وَإِنَّمَا يَكُونُ قَرْضُهَا لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ إلَّا لِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانِهَا إلَّا أَنْ يَسْتَعِيرَهَا، كَالصَّيْرَفِيِّ يَجْعَلُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَرَى أَنَّهُ ذُو مَالٍ فَيَقْصِدَهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، فَهَذِهِ تُضْمَنُ إذَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهَا وَلَا تُضْمَنُ مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، وَمِنْ شُرُوطِ الْمُسْتَعَارِ كَوْنُ الِانْتِفَاعِ بِهِ مُبَاحًا فَلَا تُعَارُ الْجَوَارِي لِلتَّمَتُّعِ بِهِنَّ، وَيُكْرَهُ إخْدَامُ الْأَمَةِ إلَّا لِمَحْرَمٍ أَوْ مَرْأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ. .

وَذَكَرَ بَعْضَ مَفْهُومِ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ فَقَالَ (لَا) تَصِحُّ إعَارَةُ (كَذِمِّيٍّ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمُ مُشَدَّدَةٌ رَقِيقًا (مُسْلِمًا) لِإِذْلَالِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] . وَقَالَ عز وجل {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] وَأَوْلَى لِحَرْبِيٍّ وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْمُصْحَفُ وَالسِّلَاحُ لِقَتْلِ مُسْلِمٍ وَالْإِنَاءُ لِشُرْبِ نَحْوِ خَمْرٍ.

(وَ) لَا تَصِحُّ إعَارَةُ (جَارِيَةٍ لِوَطْءٍ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِمِلْكٍ تَامٍّ أَوْ نِكَاحٍ، وَالْأَحْسَنُ إبْدَالُ وَطْءٍ بِتَمَتُّعٍ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ مُبَاحَةٍ (أَوْ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِ (خِدْمَةٍ لِ) رَجُلٍ (غَيْرِ مَحْرَمٍ) لَهَا لِتَأْدِيَتِهَا لِاخْتِلَائِهِ بِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَأْمُونًا أَوْ لَهُ أَهْلٌ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُتَجَالَّةً، أَوْ كَانَ الرَّجُلُ شَيْخًا فَانِيًا وَلِلَّخْمِيِّ جَوَازُهَا لِلْمَأْمُونِ

ص: 53

أَوْ لِمَنْ لَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَهِيَ لَهَا

وَالْأَطْعِمَةُ وَالنُّقُودُ: قَرْضٌ بِمَا يَدُلُّ، وَجَازَ: أَعِنِّي بِغُلَامِكَ لِأُعِينَكَ إجَارَةً

ــ

[منح الجليل]

ذِي الْأَهْلِ. وَمَفْهُومُ غَيْرِ مَحْرَمٍ جَوَازُ إعَارَتِهَا لِمَحْرَمِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ. اللَّخْمِيُّ شَرْطُ عَارِيَّةِ خِدْمَةِ الْإِمَاءِ كَوْنُهَا لِمَنْ لَا تُخْشَى مُتْعَتُهُ بِهِنَّ كَمَرْأَةٍ وَصَبِيٍّ وَذِي مَحْرَمٍ كَابْنٍ وَأَبٍ وَأَخٍ وَابْنِ أَخٍ وَجَدٍّ وَعَمٍّ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْخِدْمَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَصِحُّ مِنْهُ مِلْكُ رَقَبَةِ الْمُخْدِمِ جَازَ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ، وَمَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ مِلْكُ رَقَبَتِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَتَكُونُ مَنَافِعُ ذَلِكَ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ لَهُمَا دُونَ مَنْ وُهِبَتْ لَهُ. وَإِعَارَةُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ، فَإِنْ كَانَ عَزَبًا فَلَا تَجُوزُ مَأْمُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ وَهُوَ مَأْمُونٌ جَازَتْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ وَلَهُ أَهْلٌ فَلَا تَجُوزُ، وَإِذَا كَانَتْ مُتَجَالَّةً لَا إرْبَ فِيهَا جَازَتْ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ شَابَّةً وَهُوَ شَيْخٌ فَإِنْ.

(أَوْ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ إعَارَتُهَا (لِ) خِدْمَةٍ (مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (تَعْتِقُ) الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهَا وَفَرْعِهَا وَحَاشِيَتِهَا الْقَرِيبَةِ (وَ) إنْ أُعِيرَتْ لِخِدْمَةِ مَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ فَ (هِيَ) أَيْ الْخِدْمَةُ (لَهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ زَمَنَ إعَارَتِهَا لَهُ لَا لِلْمُعِيرِ وَلَا لِلْمُعَارِ لَهُ.

(تَنْبِيهٌ)

تَخْصِيصُ الْأَمَةِ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ إذْ لَا يُعَارُ الْعَبْدُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَلَا لِخِدْمَةِ غَيْرِ مَحْرَمٍ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ تت.

(وَالْأَطْعِمَةُ) جَمْعُ طَعَامٍ رِبَوِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَالنُّقُودُ) أَيْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ الْإِرْفَاقُ بِهَا (قَرْضٌ) أَيْ تَسْلِيفٌ لَا عَارِيَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا إلَّا بِإِهْلَاكِ عَيْنِهَا. وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ لِلْإِعَارَةِ فَقَالَ (بِمَا يَدُلُّ) عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ قَوْلًا كَانَ كَأَعَرْتُك وَنَعَمْ جَوَابًا لِأَعِرْنِي أَوْ فِعْلًا كَمُنَاوَلَةٍ مَعَ تَقَدُّمِ طَلَبِهَا أَوْ إيمَاءً بِرَأْسِهِ (وَجَازَ) قَوْلُهُ (أَعِنِّي) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونُ مُشَدَّدَةٌ (بِغُلَامِك) مَثَلًا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا (لِأُعِينَك) بِضَمِّ الْهَمْزِ بِغُلَامِي كَذَلِكَ، حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ (إجَارَةً) أَوْ وَيَكُونُ

ص: 54

وَضَمِنَ الْمَعِيبَ عَلَيْهِ؛ إلَّا لِبَيِّنَةٍ

وَهَلْ، وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَهُ؟

ــ

[منح الجليل]

إجَارَةً. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْعَمَلِ الْمُتَعَاوَنِ فِيهِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عِوَضٌ عَنْ الْآخَرِ.

ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ لِئَلَّا يَلْزَمَ النَّقْدُ فِي مَنَافِعَ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا. " ق " أَشْهَبُ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ عَبْدَ الْآخَرِ النَّجَّارَ يَعْمَلُ لَهُ الْيَوْمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ عَبْدَهُ الْخَيَّاطَ يَخِيطُ لَهُ غَدًا، وَإِنْ قَالَ اُحْرُثْ لِي فِي الصَّيْفِ وَأَحْرُثُ لَك فِي الشِّتَاءِ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ لِلْمَرْأَةِ انْسِجِي لِي الْيَوْمَ وَأَنْسِجُ لَك غَدًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَلِكَ اغْزِلِي لِي الْيَوْمَ وَأَغْزِلُ لَكِ غَدًا إذَا وَصَفَتْ الْغَزْلَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَجْرِي مَسْأَلَةُ دُولَةِ النِّسَاءِ الْوَاقِعَةِ فِي عَصْرِنَا فِي اجْتِمَاعِهِنَّ فِي الْغَزْلِ لِبَعْضِهِنَّ حَتَّى يَسْتَوْفِينَ، فَإِنْ قَرُبَتْ مُدَّةُ اسْتِيفَائِهَا مِنْ الْغَزْلِ لِجَمِيعِهِنَّ كَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا وَعَيَّنَتْ الْمَبْدَأَ لَهَا وَمَنْ يَلِيهَا إلَى آخِرِهِنَّ وَصِفَةَ الْغَزْلِ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَتْ اهـ. ابْنُ سِرَاجٍ قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ تَضْيِيقٌ فَقَدْ يَفْسَخُ كَوْنُ الْمُدَّةِ أَكْثَرَ مِنْهَا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّهُ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ، وَلِمُقْتَضَى نَصِّ أَشْهَبَ أَنَّ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ قَوْلُهُ اُحْرُثْ لِي فِي الصَّيْفِ أَحْرُثْ لَك فِي الشِّتَاءِ.

(وَ) إنْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ تَلَفَ الشَّيْءِ الْمُعَارُ لَهُ (ضَمِنَ) الْمُسْتَعِيرُ الشَّيْءَ الْمُعَارَ لَهُ (الْمَغِيبَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الَّذِي يُغَابُ (عَلَيْهِ) أَيْ يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْعُرُوضِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) شَهَادَةِ (بَيِّنَةٍ) بِتَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ وَلَمْ يُضَيِّعْ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّ ذَلِكَ هَلَكَ أَوْ سُرِقَ أَوْ تَحَرَّقَ أَوْ انْكَسَرَ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَعَلَيْهِ فِيمَا أَفْسَدَ فَسَادًا يَسِيرًا مَا نَقَصَهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ كُلَّهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّ ذَلِكَ هَلَكَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ تَضْيِيعٌ أَوْ تَفْرِيطٌ فَيَضْمَنُ. .

(وَهَلْ) يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ الْمَغِيبَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَفْيَهُ، بَلْ (وَإِنْ شَرَطَ) الْمُسْتَعِيرُ (نَفْيَهُ) أَيْ الضَّمَانَ فَشَرْطُهُ لَغْوٌ، وَعَزَاهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لِابْنِ الْقَاسِمِ

ص: 55

تَرَدُّدٌ

ــ

[منح الجليل]

فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَهُ وَلِأَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ إنْ شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بَعْدَ مَعْرُوفِ الْإِعَارَةِ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ.

" ق " ابْنُ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَطَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَشَرْطُهُ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَهُ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَفِي غَيْرِ نُسْخَةٍ مِنْ اللَّخْمِيِّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنْ شَرَطَ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي تَلَفِ الثِّيَابِ وَشَبَهِهَا فَلَهُ شَرْطٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهَاتٌ)

الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهِ، فَفِي لَغْوِهِ وَإِعْمَالِهِ نَقَلَ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ سَمَاعِهِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَتَخْرِيجِ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ نَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ عَدَمَ إعْمَالِهِ فِي شَرْطِ الصَّانِعِ بِأَنَّهُ لَوْ أُعْمِلَ لَمَا عَمِلَ عَامِلٌ إلَّا بِشَرْطِهِ فَيَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ الضَّرَرُ. قُلْتُ وَفِي غَيْرِ نُسْخَةٍ مِنْ اللَّخْمِيِّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنْ شَرَطَ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي تَلَفِ الثِّيَابِ وَشَبَهِهَا فَلَهُ شَرْطُهُ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ قُلْتُ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافُ نَقْلِ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْهُمَا، وَالْعَجَبُ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ وَشَارِحِي ابْنِ الْحَاجِبِ فِي عَدَمِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ.

الثَّانِي: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَقْتَ ضَمَانِهِ وَلَا مَنْ يَضْمَنُهُ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانُ الْعَارِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ يَوْمَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يُنْقِصُهَا الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ فِيهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَقَدْ ضَاعَتْ ضَيَاعًا لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا لِأَنَّهُ يَتَّهِمُ عَلَى أَخْذِهَا بِقِيمَتِهَا بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهَا. وَفِي الشَّامِلِ وَحَيْثُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعَارَ فَإِنْ رَأَتْهُ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ فَلِآخَرَ رُؤْيَةٌ وَإِلَّا فَلِرَبِّهِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ أَوْ تَلَفِهِ، وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ غَرِمَ قَدْرَ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي مُدَّةِ الْإِعَارَةِ أَيْ أَنْ لَوْ اسْتَعْمَلَهُ وَلَوْ بَاعَهُ فَشَرِيكٌ بِقَدْرِهِ وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمُعِيرُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْتَعِيرِ وَقَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ فَهَلْ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَيَسْتَأْجِرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مِنْهَا مِثْلَهُ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ مِثْلَهُ أَوْ يَغْرَمُ قِيمَةَ تِلْكَ الْمَنَافِعِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ، وَقَالَ إذَا

ص: 56

لَا غَيْرَهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ

ــ

[منح الجليل]

أَتْلَفَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْوَاهِبِ يَبِيعُ الثَّوْبَ قَبْلَ قَبْضِهِ.

ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ ضَمَانِ مَا يَضْمَنُ مِنْهَا يَوْمَ الْعَارِيَّةِ أَوْ يَوْمَ ضَاعَتْ قِيَاسُهَا اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّهْنِ فَإِنْ رَأَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَارِيَّةَ عِنْدَهُ بِالْأَمْسِ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمئِذٍ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ فَإِنْ لَمْ تَرَ مِنْ يَوْمِ أُعِيرَتْ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ إعَارَتِهَا عَشَرَةٌ وَيَوْمَ ضَاعَتْ ثَمَانِيَةٌ غَرِمَ عَشَرَةً لِأَنَّ الْمُعِيرَ يُكَذِّبُهُ فِي بَقَائِهَا لِيَوْمِ ضَيَاعِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْيَوْمَيْنِ عَلَى الْعَكْسِ أَخَذَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَنَّهُ يُصَدِّقُهُ فِي دَعْوَى بَقَائِهَا وَالْقَدْرِ الْمَضْمُونِ مِنْهَا جَمِيعِهَا أَنْ لَمْ يُنْقِصْهَا اسْتِعْمَالُهَا بِحَسَبِ ذَاتِهَا أَوْ قِصَرِ مُدَّتِهَا وَمَا يُنْقِصُهَا اسْتِعْمَالُهَا يَضْمَنُ بَاقِيَهَا بَعْدَ نَقْصِهَا ذَلِكَ، وَلَوْ ثَبَتَ اسْتِهْلَاكُهُ إيَّاهَا قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا لِأَنَّهُ صَارَ بِهِ فِيهَا كَشَرِيكٍ.

قُلْتُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا كَامِلَةً إنْ كَانَتْ لَا يُنْقِصُهَا الِاسْتِعْمَالُ كَالْعَبْدِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اسْتِهْلَاكِهَا أَجْنَبِيٌّ، قَالَ وَإِنْ أَهْلَكَهَا الْمُعِيرُ بَعْدَ قَبْضِهَا الْمُسْتَعِيرَ فَفِي غُرْمِهِ قِيمَتَهَا يَسْتَأْجِرُ مِنْهَا لِلْمُسْتَعِيرِ مِثْلَ الْأُولَى، أَوْ يَشْتَرِي لَهُ مِنْهَا مِثْلَهَا، ثَالِثُهَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ قِيَاسًا عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِيمَنْ أَوْلَدَ أَمَةً بَعْدَ أَنْ أَخَدَمَهَا رَجُلًا وَلَوْ أَهْلَكَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا مُسْتَعِيرَهَا، فَفِي كَوْنِهِ كَإِهْلَاكِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا أَوْ لَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا قَوْلَانِ عَلَى قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِيمَنْ بَاعَ مَا وَهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمَوْهُوبَ لَهُ.

(لَا) يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعَارَ (غَيْرَهُ) أَيْ الْمَغِيبِ عَلَيْهِ أَيْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِهِ كَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ، وَلَوْ كَطَيْرٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَصْحَابِهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ ضَمَانَةَ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ إعَارَتُهُ مُتَلَبِّسَةً (بِشَرْطٍ) مِنْ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَشَرْطُهُ لَغْوٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ شَرَطَهُ لِأَمْرٍ خَافَهُ كَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَتَعْدِيَةِ نَهْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي تَلَفِهِ، وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِمَّا أَصَابَهُ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِتَعَدِّيهِ.

ابْنُ رُشْدٍ إنْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الضَّمَانَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ

ص: 57

وَحَلَفَ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِلَا سَبَبِهِ، كَسُوسٍ: أَنَّهُ مَا فَرَّطَ

وَبَرِئَ فِي كَسْرِ: كَسَيْفٍ، إنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ، أَوْ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ

ــ

[منح الجليل]

تَفْصِيلٍ حَاشَا مُطَرِّفًا، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْحَيَوَانَ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَضْمَنُ سَرْجَهُ وَلِجَامَهُ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدُ الْعَبْدَ وَلَا كِسْوَتَهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَهَا.

(وَحَلَفَ) الْمُسْتَعِيرُ (فِيمَا) أَيْ التَّلَفُ الَّذِي عَرَضَ لِلْمُعَارِ وَ (عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَنَّهُ) أَيْ التَّلَفُ حَصَلَ لِلْمُعَارِ (بِلَا سَبَبِهِ) أَيْ الْمُعِيرِ (كَسُوسٍ) فِي ثَوْبٍ أَوْ حَبٍّ وَقَرْضِ فَأْرٍ وَحَرْقِ نَارٍ وَصِيغَةُ يَمِينِهِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (مَا فَرَّطَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فِي حِفْظِ الْمُعَارِ وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهِ وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مَا عَلِمَ أَنَّهُ بِغَيْرِ سَبَبِهِ كَالسُّوسِ فِي الثَّوْبِ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ فَسَادًا وَيَبْرَأُ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَضْمَنُ مَا بِهِ مِنْ حَرْقٍ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَضْمَنُ السُّوسَ وَالْفَأْرَ لِأَنَّهُمَا مَا لَا يَحْدُثَانِ إلَّا عَنْ غَفْلَةِ لِبَاسِهِ أَوْ عَمَلِ طَعَامٍ فِيهِ.

وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا ثَبَتَ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ صَانِعٍ أَنَّهُ قَرْضُ فَأْرٍ دُونَ تَضْيِيعٍ فَهُوَ مِنْ رَبِّهِ وَإِنْ جَهِلَ تَضْيِيعَهُ وَأَنْكَرَهُ، فَفِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عَدَمُ تَضْيِيعِهِ قَوْلَانِ لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ ظَاهِرِهَا، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فِيهِ مَعَ لَحْسِ السُّوسِ مَعَ التُّونُسِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ عَنْ قَوْلِهَا إنْ أَفْسَدَ السُّوسُ الرَّهْنَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ مَا ضَيَّعْتُ وَلَا أَرَدْتُ فَسَادًا قَائِلِينَ، وَكَذَا يَنْبَغِي فِي قَرْضِ الْفَأْرِ التُّونُسِيِّ وَقَدْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي النَّارِ أَوْ يُقَالُ النَّارُ هُوَ قَادِرٌ عَلَى عَمَلِهَا فَيَجِبُ ضَمَانُهُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ زَادَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا شَبَهَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ قُلْتُ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي الرُّهُونِ وَنَحْوُهُ فِي تَضْمِينِ الصَّانِعِ وَيَجْرِي كُلُّهُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمَضْمُونَةِ.

(وَبَرِئَ) الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الضَّمَانِ (فِي) تَلَفِ الْمُعَارِ بِسَبَبِهِ مِثْلُ (كَسْرِ) آلَةِ حَرْبٍ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ (إنْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (أَنَّهُ) أَيْ السَّيْفَ مَثَلًا كَانَ (مَعَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (فِي) حَالِ (اللِّقَاءِ) لِلْأَعْدَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ بِالتَّفْرِيطِ فِيهِ أَوْ التَّعَدِّي عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِتَوَقُّفِ حَيَاتِهِ وَصِيَانَةِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ (أَوْ) شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ (ضَرَبَ بِهِ) أَيْ لِلسَّيْفِ مَثَلًا (ضَرْبَ مِثْلَهُ) فَانْكَسَرَ بِأَنْ ضَرَبَ بِهِ الْعَدُوَّ ضَرْبًا قَوِيًّا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ

ص: 58

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

غَيْرِ مِثْلِهِ بِأَنْ ضَرَبَ بِهِ حَجَرًا أَوْ شَجَرًا فَانْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَنَصُّهَا، وَإِنْ اسْتَعَارَ سَيْفًا لِيُقَاتِلَ بِهِ فَضَرَبَ بِهِ فَانْكَسَرَ فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ عُرْفٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ، زَادَ سَحْنُونٌ أَوْ شَهِدَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ وَلَا يَأْبَاهُ مَا فِيهَا إذْ لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا فَانْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ عُرْفٌ أَعَمُّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إلَّا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَبِالثَّانِيَةِ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَمَعْنَى أَوْ عُرْفٌ أَيْ اشْتَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِهِ، وَبِالثَّانِيَةِ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ ضَرَبَ مِثْلَهُ أَفَادَهُ تت.

ص: 59

وَفَعَلَ الْمَأْذُونَ، وَمِثْلَهُ وَدُونَهُ، لَا أَضَرَّ

ــ

[منح الجليل]

الْقَرَافِيُّ إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ أَوْ هَلَكَ فِي الْعَمَلِ الْمُسْتَعَارِ لَهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ وَلَا مُجَاوَزَةٍ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الِانْتِفَاعِ بِتِلْكَ الْعَارِيَّةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي أَعَارَهُ أَذِنَ لَهُ فِيمَا حَصَلَ بِهِ الْهَلَاكُ وَلَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا ضَمَانٌ لِعَدَمِ إذْنِ صَاحِبِ الْعَارِيَّةِ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ الْخَاصِّ، إنَّمَا وُجِدَ الْإِذْنُ الْعَامُّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا أَتَى بِهِ مُسْتَعِيرُهُ مِنْ فَاسَ وَنَحْوِهِ مَكْسُورًا فِي ضَمَانِهِ إيَّاهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ انْكَسَرَ فِيمَا اسْتَعَارَهُ لَهُ وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا يُشْبِهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ وَهْبٍ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ مَعَ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ قَائِلًا مِنْ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ إصْلَاحُهُ. ابْنُ رُشْدٍ وَثَالِثُهَا قَوْلُهَا فِي السَّيْفِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَرَابِعُهَا قَوْلُ سَحْنُونٍ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ فِي اللِّقَاءِ ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ، وَهَذَا أَبْعَدُهَا وَأَصْوَبُهَا قَوْلُ عِيسَى مَعَ يَمِينِهِ. اللَّخْمِيُّ وَكَذَا الرُّمْحُ أَوْ الْقَوْسُ، وَأَمَّا الرَّحَى يَسْتَعِيرُهَا لِلطَّحْنِ فَيَأْتِي بِهَا وَقَدْ حَفِيَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا.

(وَفِعْلُ) الْمُسْتَعِيرِ الشَّيْءَ (الْمَأْذُونَ) لَهُ فِي فِعْلِهِ مِنْ الْمُعِيرِ كَاسْتِعَارَتِهِ دَابَّةً لِحَمْلِ إرْدَبِّ بُرٍّ عَلَيْهَا مِنْ مِصْرَ لِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ (وَ) فَعَلَ (مِثْلَهُ) أَيْ الْمَأْذُونَ كَحَمْلِ إرْدَبِّ عَدَسٍ بَدَلَ إرْدَبِّ قَمْحٍ (وَ) فَعَلَ (دُونَهُ) أَيْ أَخَفَّ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَحَمْلِ إرْدَبِّ شَعِيرٍ بَدَلَ إرْدَبِّ قَمْحٍ (لَا) يَفْعَلُ (أَضَرَّ) مِنْهُ كَإِرْدَبِّ فُولٍ بَدَلَ إرْدَبِّ قَمْحٍ. " ق " فِيهَا مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً فَكُلُّ مَا حَمَلَ مِمَّا هُوَ أَضَرُّ بِهَا مِمَّا اسْتَعَارَهَا لَهُ فَعَطِبَتْ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ فِي الضَّرَرِ فَلَا يَضْمَنُ كَحَمْلِهِ عَدَسًا فِي مَكَانِ حِنْطَةٍ أَوْ كَتَّانًا أَوْ قُطْنًا فِي مَكَانِ بَزٍّ، وَكَذَلِكَ مَنْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ، فَأَكْرَاهَا مِنْ غَيْرِهِ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَاهَا لَهُ فَعَطِبَتْ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلِ حِنْطَةٍ فَرَكِبَهَا فَعَطِبَتْ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَضَرَّ وَأَثْقَلَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا.

ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ اسْتَأْجَرْتَ ثَوْبًا تَلْبَسُهُ إلَى اللَّيْلِ فَلَا تُعْطِيهِ غَيْرَكَ لِيَلْبَسَهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ وَالْأَمَانَةِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " لِمُكْتَرِي دَابَّةٍ لِرُكُوبِهِ كِرَاءَهَا لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ وَمَا مُنِعَ فِي الْإِجَارَةِ فَأَحْرَى فِي الْعَارِيَّةِ. ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَلَا

ص: 60

وَإِنْ زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ، فَلَهُ قِيمَتُهَا، أَوْ كِرَاؤُهُ: كَرَدِيفٍ،

ــ

[منح الجليل]

يُرْكِبُهَا غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْخِفَّةِ وَالْحَالِ. طفى قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ هَذَا فِي الْحَمْلِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا وَغَيْرُهَا فَلَا يَشْمَلُ الْمِثْلَ فِي الْمَسَافَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي كِرَاءِ الدَّابَّةِ أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ إلَّا بِإِذْنِهِ لِيَجْرِيَ كَلَامُهُ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَ فِي الْإِجَارَةِ فَأَحْرَى هُنَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ رَوَى عَلِيٌّ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى بَلَدٍ فَرَكِبَهَا إلَى غَيْرِهِ فَعَطِبَتْ، فَإِنْ كَانَ مَا رَكِبَهَا إلَيْهِ مِثْلَ الْأَوَّلِ فِي السُّهُولَةِ فَلَا يَضْمَنُهَا.

ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ، وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِرُكُوبِهَا لِغَيْرِ مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا فِي الرَّوَاحِلِ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً إلَى بَلَدٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ فِي آخِرِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ اخْتَلَفَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِمَوْضِعٍ فَرَكِبَهَا إلَى مِثْلِهِ فِي الْحُزُونَةِ وَالسُّهُولَةِ وَالْبُعْدِ فَهَلَكَتْ فَرَوَى عَلِيٌّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا يَضْمَنُ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى الضَّمَانَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَجَعَلَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِلْمَسَافَةِ وَأَنَّهُ الرَّاجِحُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. اهـ. وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ. .

(وَإِنْ زَادَ) الْمُسْتَعِيرُ عَلَى مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (تَعْطَبُ) الْعَارِيَّةُ (بِ) سَبَبِ (هـ) فَعَطِبَتْ (فَلَهُ) أَيْ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (قِيمَتُهَا) أَيْ الْعَارِيَّةِ فَقَطْ يَوْمَ إعَارَتِهَا أَوْ (كِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدُ الْمُتَعَدِّي بِهِ فَقَطْ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ بِالتَّخْيِيرِ. " ق " ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا اسْتَعَارَهَا لِحَمْلِ شَيْءٍ فَحَمَلَ غَيْرَهُ أَضَرَّ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي زَادَهُ مِمَّا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ فَعَطِبَتْ خُيِّرَ رَبُّهَا فِي تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا يَوْمَ تَعَدِّيهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا أَوْ أَخَذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَمَعْرِفَتُهُ أَنْ يُقَالَ كَمْ كِرَاؤُهَا فِيمَا اسْتَعَارَهَا لَهُ، فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ، قِيلَ وَكَمْ كِرَاؤُهَا فِيمَا حَمَلَ عَلَيْهَا، فَإِنْ قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ دَفَعَ لَهُ الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى كِرَاءِ مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ.

وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَأَخْذِ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَقَالَ (كَ) مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مَسَافَةً مَعْلُومَةً وَتَعَدَّى بِإِرْدَافِ (رَدِيفٍ) خَلْفَهُ عَلَيْهَا تَعْطَبُ بِهِ وَعَطِبَتْ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ إرْدَافِهِ وَأَخْذِ كِرَاءِ الرَّدِيفِ. " ق " فِيهَا إنْ اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ

ص: 61

وَاتُّبِعَ إنْ أَعْدَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ، وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ

وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَائِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ

ــ

[منح الجليل]

مُعَيَّنٍ فَرَكِبَهَا وَأَرْدَفَ رَدِيفًا خَلْفَهُ تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَعَطِبَتْ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ كِرَاءِ الرَّدِيفِ فَقَطْ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ إرْدَافِهِ (وَاتُّبِعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مُشَدَّدَةً وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الرَّدِيفُ، وَصِلَةُ اُتُّبِعَ (بِهِ) أَيْ كِرَاءِ الرَّدِيفِ (إنْ أَعْدَمَ) أَيْ افْتَقَرَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُرْدِفُ وَالرَّدِيفُ مَلِيٌّ (وَ) الْحَالُ أَنَّ الْمُرْدِفَ (لَمْ يُعْلِمْ) الرَّدِيفَةَ (بِالْإِعَارَةِ) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ مُرْدِفَهُ مَالِكُهَا، لِأَنَّ الْخَطَأَ كَالْعَمْدِ فِي الْأَمْوَالِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مَلِيًّا وَالرَّدِيفُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهَا فَلَا يُتَّبَعُ الرَّدِيفُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الرَّدِيفُ عَالِمًا بِالْإِعَارَةِ اتَّبَعَ الْمُعِيرُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَكَذَا إنْ أَعْدَمَ الْمُسْتَعِيرُ وَعَلِمَ الرَّدِيفُ الْإِعَارَةَ.

" ق " أَشْهَبُ وَلَا يُلْزَمُ الرَّدِيفُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ عَدِيمًا. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ شُيُوخِنَا هَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي عَدَمِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا وَوَهَبَهُ وَهَلَكَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَضْمَنُ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الرَّدِيفُ أَنَّهَا مُسْتَعَارَةٌ، فَإِنْ عَلِمَ فَهُوَ كَالْمُسْتَعِيرِ فَلَهُ بِهِمَا تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّائِدُ مِمَّا تَعْطَبُ بِهِ، سَوَاءٌ عَطِبَتْ أَوْ سَلِمَتْ أَوْ كَانَ مِمَّا تَعْطَبُ بِهِ وَسَلِمَتْ (فَ) لِلْمُعِيرِ (كِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدُ فَقَطْ. ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ كَانَ مَا حَمَلَهَا بِهِ لَا تَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ عَطَبَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنْ الزِّيَادَةِ.

(وَلَزِمَتْ) الْإِعَارَةُ (الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ) كَحَرْثِ فَدَّانٍ أَوْ زَرْعِهِ كَذَا أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ رُكُوبٍ مِنْ مِصْرَ لِمَكَّةَ (أَوْ) الْمُقَيَّدَةُ (بِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا الْمُعِيرِ (لِانْقِضَائِهِ) أَيْ الْعَمَلِ أَوْ الْأَجَلِ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ الْوَفَاءُ بِالْإِعَارَةِ لَازِمٌ فَفِيهَا مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ، وَيَدْخُلُهَا الشَّاذُّ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْهِبَةِ بِالْقَوْلِ. اللَّخْمِيُّ إنْ أُجِّلَتْ الْإِعَارَةُ بِزَمَنٍ أَوْ انْقِضَاءِ عَمَلٍ لَزِمَتْ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُقَيَّدْ الْإِعَارَةُ بِعَمَلٍ وَلَا بِزَمَنٍ كَأَعَرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الدَّارَ أَوْ الثَّوْبَ أَوْ الدَّابَّةَ (فَ) الْعَمَلُ أَوْ الزَّمَانُ (الْمُعْتَادُ) فِي مِثْلِهَا لَازِمٌ لِمُعِيرِهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ، وَظَاهِرُهُ لُزُومُهَا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَهَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ.

ص: 62

وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي: كَبِنَاءٍ، إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ، وَفِيهَا أَيْضًا قِيمَتُهُ، وَهَلْ خِلَافٌ، أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِهِ، أَوْ إنْ طَالَ أَوْ إنْ اشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ كَثِيرٍ؟

ــ

[منح الجليل]

وَرَوَى الدِّمْيَاطِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ لِيَبْنِيَ أَوْ يَسْكُنَ وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ حَتَّى يَبْلُغَ مَا يُعَارُ لِمِثْلِهِ مِنْ الْأَجَلِ. ابْنُ يُونُسَ صَوَابٌ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ تُؤَجَّلْ كَأَعَرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الدَّابَّةَ أَوْ الدَّارَ أَوْ الْعَبْدَ أَوْ الثَّوْبَ فَفِي صِحَّةِ رَدِّهَا وَلَوْ بِفَوْرِ قَبْضِهَا وَلُزُومِ قَدْرِ مَا تُعَارُ لَهُ. ثَالِثُهَا إنْ أَعَارَهُ لِيَسْكُنَ أَوْ يَبْنِيَ فَالثَّانِي وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا مَعَ أَشْهَبَ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِمَا وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ.

(وَ) إنْ أَعَارَ شَخْصٌ شَخْصًا أَرْضًا بَرَاحًا لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ فِيهَا بِلَا ذِكْرِ أَجَلٍ وَبَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا فَ (لَهُ) أَيْ الْمُعِيرُ الَّذِي لَمْ يُقَيِّدْ بِعَمَلٍ وَلَا أَجَلٍ (الْإِخْرَاجُ) أَيْ إخْرَاجُ الْمُسْتَعِيرِ مِمَّا أَعَارَهُ لَهُ (فِي) إعَارَتِهِ لِ (كَبِنَاءٍ) وَغَرْسٍ (إنْ دَفَعَ) الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مِثْلَ (مَا أَنْفَقَ) الْمُسْتَعِيرُ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ مَا لَا غَايَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يُقَيِّدُهُ فَلَيْسَ هُوَ كَتَقْيِيدِ الشَّرْطِ فِيهَا مَنْ أَذِنْتُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي أَرْضِك أَوْ يَغْرِسَ، فَلَمَّا فَعَلَ أَرَدْتَ إخْرَاجَهُ بِقُرْبِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُشْبِهُ أَنْ يُعِيرَهُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ الْقَرِيبَةِ، فَلَيْسَ لَك إخْرَاجُهُ إلَّا أَنْ تُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ كَذَا فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا فِي كِتَابٍ آخَرَ بَعْدَهُ (قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ) وَإِلَّا تَرَكَهُ إلَى مِثْلِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّك أَعَرْتَهُ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْأَمَدِ. (وَ) اخْتَلَفَ الشَّارِحُونَ (هَلْ) مَا فِي الْوَضْعَيْنِ (خِلَافٌ) وَهُوَ تَأْوِيلٌ غَيْرُ وَاحِدٍ (أَوْ وِفَاقٌ) بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، الْأَوَّلُ (قِيمَتُهُ) أَيْ مَا أَنْفَقَ (إنْ لَمْ يَشْتَرِهِ) بِأَنْ كَانَ مَا بَنَى بِهِ أَوْ غَرَسَهُ مِنْ عِنْدِهِ، وَمَا أَنْفَقَ إنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ. وَالثَّانِي قَوْلُهُ (أَوْ) قِيمَتُهُ (إنْ طَالَ) الزَّمَانُ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ لِتَغَيُّرِهِ وَمَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ بِالْقُرْبِ جِدًّا. وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (أَوْ) قِيمَتُهُ (إنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ مَا بَنَى بِهِ أَوْ غَرَسَ (بِغَبْنٍ كَثِيرٍ) فَيُعْطِي قِيمَتَهُ بِالْعَدْلِ وَمَا أَنْفَقَ إنْ اشْتَرَاهُ بِلَا غَبْنٍ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ.

ص: 63

تَأْوِيلَاتٌ.

ــ

[منح الجليل]

الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ الثَّالِثَ تَأْوِيلٌ بِالْوِفَاقِ كَاَلَّذِينَ قَبْلَهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَاَلَّذِي لِعَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ تَأْوِيلُ خِلَافٍ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، وَنَصُّهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ، وَذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَقَالَ فَعَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ لَا يَكُونُ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ الثَّالِثِ لَهُ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ أَوْ كَانَ فِيهِ تَغَابُنٌ يَسِيرٌ وَمَرَّةٌ رَأَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَعْدَلُ إذْ قَدْ يُسَامِحُ مَرَّةً فِيمَا يَشْتَرِيه وَمَرَّةً يُغْبَنُ فِيهِ، فَإِذَا أَعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَ بِنَائِهِ لَمْ يُظْلَمْ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا خِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ. اهـ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. طفى وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا كَلَامٌ عَلَى ذَلِكَ آخِرَ الشَّرِكَةِ فَرَاجِعْهُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) .

(تَنْبِيهَاتٌ) :

الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَا أَنْفَقَ أَنَّهُ لَا يُعْطِيه أُجْرَةَ قِيَامِهِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ. وَفِي تَوْضِيحِهِ عَنْ حَمْدِيسٍ إذَا أَعْطَاهُ مَا أَنْفَقَ يُعْطِيه أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي قِيَامِهِ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ قَدْ يَجِدُ مَا يُنْفِقُ وَيَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَشَاءَ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ أَنْ يُعَبِّرَ أَرْضَهُ، فَإِذَا اسْتَوَى الْبِنَاءُ أَوْ الْغَرْسُ أَخْرَجَهُ وَقَالَ هَذِهِ نَفَقَتُكَ.

الثَّانِي: أَبُو الْحَسَنِ إذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَمَعْنَاهُ عَلَى التَّأْبِيدِ، بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَإِنَّمَا هِيَ لِتَمَامِ الْمُدَّةِ. طفى عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَقَالُوا إذَا أَعْطَى قِيمَتَهُ قَائِمًا فَمَعْنَاهُ عَلَى التَّأْبِيدِ، بِخِلَافِ أَوَّلِ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا لِتَمَامِ الْمُدَّةِ، قَالُوا وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لَهُ غَيْرُهُ، وَهُنَا الْإِذْنُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ اهـ. وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِحْقَاقِ هِيَ قَوْلُهَا أَوْ كِتَابُ الِاسْتِحْقَاقِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مِنْ مُبْتَاعِهَا وَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَهُمَا فَلِرَبِّهَا إمْضَاءُ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ، فَإِنْ أَمْضَاهُ كَانَ لَهُ مَنَابُ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَأَمَرَهُ بِقَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ أَخَذَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا مَقْلُوعَيْنِ وَلَهُ فَسْخُ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَأَمَرَهُ بِقَلْعِهِمَا أَوْ أَخَذَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا قَائِمَيْنِ، فَإِنْ أَبَى أَخَذَهُمَا قِيلَ لِلْمُكْتَرِي أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ، فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَانِ. اهـ. فَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ قِيمَتَهُمَا قَائِمَيْنِ إنَّمَا هِيَ عَلَى أَنْ يُقْلَعَا إلَى غَايَةِ وَقْتِ الْكِرَاءِ، وَكَذَا إذَا وَجَبَتْ الشَّرِكَةُ

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

بَيْنَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٌ مِنْ شُيُوخِنَا. اهـ. وَبَحَثَ فِيهِ الصِّقِلِّيُّ فَقَالَ اُنْظُرْ كَيْفَ تَقْوِيمُ الْبِنَاءِ عَلَى قَلْعَةٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ.

فَإِنْ قُلْتَ بِكَمْ يَبْنِي مِثْلَهُ عَلَى أَنْ يُقْلَعَ إلَى عَشْرِ سِنِينَ فَالْقِيمَةُ لَا تَخْتَلِفُ، سَوَاءٌ قَالَ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى عِشْرِينَ سَنَةً، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَلَمْ يُحِدَّهُ بِوَقْتٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ مَعْنَى ذَلِكَ قَائِمًا هُوَ مَا زَادَ الْبِنَاءُ فِي قِيمَةِ الْأَرْضِ، يُقَالُ عَلَيْهِ كَمْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَرَاحًا، فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً قِيلَ كَمْ قِيمَتُهَا بِهَذَا الْبِنَاءِ عَلَى أَنْ يُقْلَعَ لِعَشْرِ سِنِينَ، فَيُقَالُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَيُعْلَمُ أَنَّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ خَمْسُونَ. وَعَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكَمْ يَبْنِي مِثْلَ هَذَا الْبِنَاءِ، فَيُقَالُ خَمْسُونَ أَوْ مِائَةٌ، فَهَذِهِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ.

ابْنُ عَرَفَةَ قُلْتُ هَذَا صَوَابٌ جَارٍ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِي تَفْسِيرِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ.

ص: 65

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ نَقَلَهُ عَنْ التُّونُسِيِّ حَاصِلُهُ أَنَّهُ فَسَّرَ قِيمَتَهُ قَائِمًا بِأَنَّهَا عَلَى بَقَائِهِ فِي الْأَرْضِ

ص: 66

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

إلَى الْأَمَدِ الْمَذْكُورِ لَا بِمَا يَبْنِي بِهِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِلصَّقَلِّيِّ، وَقَوْلُ الصِّقِلِّيِّ هُوَ الصَّوَابُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ بَعْدَ كَلَامٍ نَقَلَهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَكُلُّ هَذَا تَخْلِيطٌ. وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ لِلصَّقَلِّيِّ حَسْبَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَالْمَعْرُوفُ فِي بِنَاءِ الْمُشْتَرِي وَغَرْسِهِ قِيمَتُهُ قَائِمًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي

ص: 67

وَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ: فَكَالْغَصْبِ

ــ

[منح الجليل]

الْعَارِيَّةِ وَاَلَّذِي فِي الْعَارِيَّةِ هُوَ قِيمَةُ مَا يُبْنَى بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَأْتِي تَقْيِيدُ عَبْدِ الْحَقِّ الْمَذْكُورِ إذْ لَا تَخْتَلِفُ حَسْبَمَا أَشَارَ لَهُ الصِّقِلِّيُّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَعْنَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا قِيمَةُ مَا يَبْنِي بِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ مُكْتَرٍ، وَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ، وَلَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ وَمَسْأَلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ إذْ الْكَلَامُ سَوَاءٌ، وَلَا تَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ بِذَلِكَ كَمَا عَلِمْتَ وَأَطَلْتُ لِأَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ مِنْ الشُّرَّاحِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

الثَّالِثُ: الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مُخَالَفَةٌ بِظَاهِرِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، فَكَلَامُهُ مُتَنَاقِضٌ، فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَفِيهَا لَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ لَا جَادٍّ قَالَهُ " غ "" ح "، وَكَلَامُ " غ " صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَتَأَوَّلَ عج تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ، تَقْرِيرَهُ بِمَا ذَكَرَهُ " ز " لِيُوَافِقَ الْمُدَوَّنَةَ وَلَمْ يَرْتَضِهِ " ح " لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَقْدِيرِ كَثِيرٍ.

(وَإِنْ) أَعَارَ أَرْضًا لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَفَعَلَ وَ (انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي عَقْدِ الْإِعَارَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ إنْ أُطْلِقَتْ (فَ) حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَغَرْسِهِ (كَ) حُكْمِ بِنَاءِ وَغَرْسِ ذِي (الْغَصْبِ) لِلْأَرْضِ

ص: 68

وَإِنْ ادَّعَاهَا الْآخِذُ وَالْمَالِكُ: الْكِرَاءَ؛ فَالْقَوْلُ لَهُ، إلَّا أَنْ يَأْنَفَ مِثْلُهُ

ــ

[منح الجليل]

فِي تَخْيِيرِ مَالِكِهَا فِي تَكْلِيفِ الْبَانِي وَالْغَارِسِ بِقَلْعِ بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ وَنَقْلِ نَقْضِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَدَفْعِ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا لِبَانِيهِ وَغَارِسِهِ مَطْرُوحًا مِنْهَا أُجْرَةُ الْقَلْعِ وَالتَّسْوِيَةِ إنْ كَانَ الْبَانِي وَالْغَارِسُ لَا يَتَوَلَّاهُمَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِخَدَمِهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَرَدْتَ إخْرَاجَهُ بَعْدَ أَمَدٍ يُشْبِهُ أَنَّك أَعَرْتَهُ إلَى مِثْلِهِ فَلَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا. مُحَمَّدٌ بَعْدَ طَرْحِ أَجْرِ الْقَلْعِ وَإِلَّا أَمَرْتُهُ بِقَلْعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا نَفْعَ فِيهِ إذَا قَلَعَ مِثْلَ الْجِصِّ فَلَا شَيْءَ لِلِبَانِي فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبْتَ لِعَارِيَّتِهِ أَجَلًا فَبَلَغَهُ فَلَيْسَ لَك هَاهُنَا إخْرَاجُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِنْ أَعْطَيْته قِيمَةَ ذَلِكَ قَائِمًا.

(وَإِنْ ادَّعَاهَا) أَيْ الْإِعَارَةَ (الْآخِذُ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِأَرْضِ غَيْرِهِ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ أَوْ الزَّارِعِ أَوْ السَّاكِنِ فِيهَا أَوْ غَيْرِهَا كَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ (وَادَّعَى الْمَالِكُ) لِلْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا (الْكِرَاءَ) وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى دَعْوَاهُ (فَالْقَوْلُ) الْمُعْتَبَرُ الْمَحْكُومُ بِهِ (لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُعَاوَضَةُ (بِيَمِينٍ) مِنْ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَمْ يُعِرْهُ وَآجَرَهُ لِدَفْعِ دَعْوَى الْأَخْذِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَأْنَفَ) أَيْ يَتَحَاشَى وَيَتَعَالَى (مِثْلُهُ) أَيْ الْمَالِكُ فِي الْمَنْزِلَةِ وَالْعَظَمَةِ (عَنْهُ) أَيْ الْكِرَاءِ فَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ مَا أَكْرَاهُ، وَلَقَدْ أَعَارَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ وَأَخَذَ الْكِرَاءَ الَّذِي ادَّعَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ أَفَادَهُ تت.

" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ إلَى بَلَدٍ وَادَّعَى أَنَّهُ أَعَارَهُ إيَّاهَا وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ أَكْرَيْتُهَا مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفًا. ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يُكْرِي الدَّوَابَّ لِشَرَفِهِ وَقَدْرِهِ اهـ. ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الْعُرْفُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنْ لَا تَكُونَ عَادَةُ الْمَالِكِ أَنْ يُكْرِي مَا تَنَازَعَا فِيهِ، بَلْ مُرَادُهُمْ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ شَرَفُهُ يَأْبَى الْكِرَاءَ لِغَيْرِهِ وَيَأْنَفُ مِنْ مِثْلِهِ، وَتَبِعَهُ التَّوْضِيحِ وَالْمُخْتَصَرُ. قُلْتُ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ.

ص: 69

كَزَائِدِ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَزِدْ، وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ،

ــ

[منح الجليل]

طفى قَوْلُ تت فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ كِرَاءَ مِثْلِهِ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ، وَعَزَاهُ لِأَشْهَبَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النَّوَادِرِ، وَنَصُّهَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ لِلشَّرِيفِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَأْنَفُ مِثْلُهُ مِنْ كِرَاءِ دَابَّتِهِ صُدِّقَ الرَّاكِبُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ رَبُّهَا وَأَخَذَ الْكِرَاءَ الَّذِي زَعَمَ، فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ كِرَاءَ مِثْلِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ. اهـ. وَانْظُرْ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ.

وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَالِكِ فَقَالَ (كَ) تَنَازُعِ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي (زَائِدِ الْمَسَافَةِ) بِأَنْ قَالَ الْمَالِكُ أَعَرْتُك الدَّابَّةَ لِتَرْكَبَهَا مِنْ مِصْرَ إلَى الْعَقَبَةِ، وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ بَلْ إلَى الْأَزْلَمِ مَثَلًا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ (إنْ لَمْ يَزِدْ) أَيْ لَمْ يَرْكَبْ الْمُسْتَعِيرُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْمَسَافَةِ الَّتِي وَافَقَهُ عَلَيْهَا الْمَالِكُ بِأَنْ تَنَازَعَا عِنْدَ الْعَقَبَةِ أَوْ قَبْلَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ زَادَ الْمُسْتَعِيرُ أَيْ رَكِبَ الْمَسَافَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى مَا قَالَ الْمَالِكُ بِأَنْ تَنَازَعَا بَعْدَ بُلُوغِ الْأَزْلَمِ وَالْمُسْتَعِيرُ أَيْ رَاكِبٌ عَلَيْهَا (فَ) الْقَوْلُ (لِلْمُسْتَعِيرِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ) إذَا تَعَيَّبَتْ الدَّابَّةُ فِي الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا قَالَ الْمَالِكُ (وَ) نَفْيُ (الْكِرَاءِ) لِلْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا قَالَ الْمَالِكُ إنْ بَلَغَتْ الْأَزْلَمَ سَالِمَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.

" ق " ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَدْت فِي مَسَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَرَكِبَهَا إلَى مَوْضِعٍ، فَلَمَّا بَلَغَهُ زَعَمَ رَبُّهَا أَنَّهُ أَعَارَهُ إيَّاهَا إلَى دُونِهِ أَوْ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَصًّا، سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ وَذَلِكَ إذَا رَكِبَ وَرَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ بَعْدُ فَالْمُعِيرُ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَمَنْ أَسْكَنْتَهُ دَارَك أَوْ أَخْدَمْتَهُ عَبْدًا فَبَعْدَ سَنَةٍ قَالَ هِيَ الْمُدَّةُ سَنَةٌ، وَقُلْتَ أَنْتَ شَهْرٌ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْك مَا لَا يُشْبِهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَسْكَنَ وَلَا الْعَبْدَ فَأَنْتَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِك.

ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي رَفْعِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ لِأَنَّ مُسْتَعِيرَ الدَّارِ وَلَوْ ثَبَتَ عَدَاؤُهُ لِمُجَاوَزَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَ إلَيْهَا فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي

ص: 70

وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ

ــ

[منح الجليل]

تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَدَّى عَلَى السُّكْنَى فَلَا يَكُونُ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ غَاصِبِ السُّكْنَى، فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَاؤُهُ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا فَلَا يَبْقَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي السُّكْنَى وَرَفْعِ الْكِرَاءِ.

طفى فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ صَرَّحَ بِهِ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَقَطْ لَا فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ. الْبُنَانِيُّ فِي ضَيْحٍ أَيْ وَإِنْ رَكِبَ إلَى الْغَايَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَهَذَا الْحُكْمُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ بِهِ، بَلْ قَالَ وَجَدْت فِي مَسَائِلَ عَبْدِ الرَّحِيمِ ذَلِكَ نَعَمْ ظَاهِرُ الْحَالِ أَنَّهُ قَائِلٌ بِذَلِكَ. وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ، وَأَنَّ سَحْنُونًا وَأَشْهَبَ قَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ فَقَطْ، وَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ فِي الْكِرَاءِ يَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ وَالْمُعِيرُ لِأَخْذِ الْكِرَاءِ.

وَبَالَغَ عَلَى كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمَالِكِ إذَا تَنَازَعَا فِي زَائِدِ الْمَسَافَةِ قَبْلَ رُكُوبِهَا، وَكَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَهُ إنْ كَانَ قَبَضَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِنَفْسِهِ مِنْ مَالِكِهَا الْمُعِيرِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ قَبَضَهَا (بِرَسُولٍ) مِنْ الْمُسْتَعِيرِ لِلْمُعِيرِ (مُخَالِفٍ) لِلْمُعِيرِ إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ، وَلِلْمُسْتَعِيرِ إنْ تَنَازَعَا بَعْدَهَا فَتُلْغَى شَهَادَتُهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. " ق " أَشْهَبُ مَنْ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ يُعِيرُهُ دَابَّةً إلَى بَرْقَةَ فَأَعَارَهُ فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَى بَرْقَةَ فَعَطِبَتْ فَقَالَ الْمُعِيرُ إنَّمَا أَعَرْته إلَى فِلَسْطِينَ، وَقَالَ الرَّسُولُ إلَى بَرْقَةَ فَشَهَادَةُ الرَّسُولِ هُنَا لَا تَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَيَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ مَا اسْتَعَارَهَا إلَّا لِبَرْقَةَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ.

فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِرَسُولٍ مُوَافِقٍ أَوْ مُخَالِفٍ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَسَاوِي الْحُكْمِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَشْهَبَ صَحِيحٌ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ لِيُعِيرَهُ دَابَّتَهُ إلَى بَرْقَةَ فَقَالَ الرَّسُولُ إلَى فِلِسْطِينَ فَعَطِبَتْ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ وَاعْتَرَفَ الرَّسُولُ بِالْكَذِبِ ضَمِنَهَا، وَإِنْ قَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَأَكْذَبَهُ الْمُعِيرُ فَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ شَاهِدًا.

ص: 71

كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ

ــ

[منح الجليل]

لِأَنَّهُ خَصْمٌ، وَتَمَّتْ الْمَسْأَلَةُ هُنَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْبَرَادِعِيُّ، وَزَادَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا زَعَمَ، وَصَحَّتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَمْرٍو عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَلَيْسَ الْحُكْمُ مُتَسَاوِيًا اهـ كَلَامُ ضَيْحٍ وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى جَرْيُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيَكُونُ دَرَجَ عَلَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ فِي عَدَمِ زِيَادَةِ الضَّمَانِ، إذْ الْمُخَالَفَةُ لِأَشْهَبَ إنَّمَا تَأْتِي عَلَيْهَا. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلَ أَشْهَبَ قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ أَشْهَبَ وَلَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ، وَذَكَرَ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ فَقَالَ فَأَوْرَثَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ إشْكَالًا عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ وَافَقَ أَشْهَبَ عَلَى سُقُوطِ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَخَالَفَهُ فِي هَذِهِ. اهـ. فَظَهَرَ لَك أَنْ لَا حَاجَةَ لِجَرْيِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ، وَأَنَّ قَوْلَ تت وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ لَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَغَرَّهُ فِيهِ نَقْلُهُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ عَلَى سُقُوطِهَا هُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَضَيْحٍ.

وَعِبَارَةُ عِيَاضٍ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا زَعَمَ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي كُتُبِنَا وَأُصُولِ شُيُوخِنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَةِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَالْقَرَوِيِّينَ، وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالِمٍ وَلَا يَزِيدَ بْنِ أَيُّوبَ، وَصَحَّتْ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّبِيدِيُّ وَهِيَ مَطْرُوحَةٌ مِنْ رِوَايَةِ جَبَلَةَ بْنِ حَمُّودٍ، وَأَدْخَلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُخْتَصِرِينَ وَأَسْقَطَهَا الْبَرَادِعِيُّ، وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَمَرَهُ إلَّا إلَى بَرْقَةَ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ ابْنُ الْقَاسِمِ. .

وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَقَالَ (كَدَعْوَاهُ) فِي الْمُسْتَعِيرِ (رَدَّ مَا) أَيْ الْمُعَارِ الَّذِي (لَمْ يَضْمَنْ) هـ الرَّسُولُ وَهُوَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ لِمُعِيرِهِ، وَأَنْكَرَهُ مُعِيرُهُ فَيُصَدَّقُ الْمُسْتَعِيرُ بِيَمِينِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ كُلُّ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي التَّلَفِ فَهُوَ مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ، وَلَوْ رَدَّهَا مَعَ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ فَعَطِبَتْ أَوْ ضَلَّتْ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ شَأْنُ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهَا إلَّا بِقَوْلِ الرَّسُولِ

ص: 72

وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ لِاسْتِعَارَةِ حُلِيٍّ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ مُرْسِلُهُ، إنْ صَدَّقَهُ، وَإِلَّا حَلَفَ وَبَرِئَ، ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْعَدَاءِ، ضَمِنَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ،

ــ

[منح الجليل]

وَهُوَ مَأْمُونٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ رَدٌّ مَا لَمْ يَضْمَنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى رَدَّ مَا يَضْمَنُ وَهُوَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ تت.

" ق " مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا ادَّعَى رَدَّ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُصَدَّقُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُعِيرِ فِي رَدِّ الْعَارِيَّةِ وَإِنْ كَانَ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِلَا إشْهَادٍ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ لَا تُضْمَنُ. اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَا فِي الرَّدِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كُلِّ مَا لَا يُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِهِ. مُحَمَّدٌ سَوَاءٌ أَخَذَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.

(وَإِنْ) أَتَى شَخْصٌ شَخْصًا وَ (زَعَمَ) أَيْ قَالَ الشَّخْصُ الْحُرُّ أَوْ الْعَبْدُ الْآتِي (إنَّهُ مُرْسَلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ (لِاسْتِعَارَةِ حَلْيٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَوْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَدَفَعَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ لِلرَّسُولِ (وَتَلِفَ) الْحَلْيُ مِنْ الرَّسُولِ (ضُمَّنهُ) أَيْ الْحَلْيَ (مُرْسِلُهُ) أَيْ الرَّسُولِ بِكَسْرِ السِّينِ (إنْ صَدَّقَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ الْمُرْسِلُ الرَّسُولَ فِي أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَلَا يَضْمَنُهُ الرَّسُولُ لِائْتِمَانِهِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي إخْبَارِهِ بِإِرْسَالِهِ (حَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِرْسَالَ أَنَّهُ مَا أَرْسَلَهُ (وَبَرِئَ) مِنْ الضَّمَانِ (ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ) أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَبَرِئَ أَيْضًا.

" ق " سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ تَأْتِي قَوْمًا تَسْتَعِيرُ مِنْهُمْ حُلِيًّا لِأَهْلِهَا وَتَقُولُ هُمْ بَعَثُونِي فَيَتْلَفُ، فَإِنْ صَدَّقَهَا أَهْلُهَا فَهُمْ ضَامِنُونَ وَبَرِئَتْ، وَإِنْ جَحَدُوا حَلَفُوا وَبَرِئُوا وَحَلَفَتْ لَقَدْ بَعَثُوهَا وَبَرِئَتْ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ صَدَّقُوهَا أَنَّهَا أُرْسِلَتْ إلَيْهِمْ.

(وَإِنْ اعْتَرَفَ) أَيْ أَقَرَّ الرَّسُولُ (بِالْعَدَاءِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْلَةِ مَمْدُودًا، أَيْ التَّعَدِّي وَالْكَذِبِ فِي الْإِخْبَارِ بِالْإِرْسَالِ (ضَمِنَ الْحُرُّ) لِأَنَّ الْمُسْتَعَارَ فِي ذِمَّتِهِ (وَ) ضَمِنَ (الْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ) لَا فِي رَقَبَتِهِ،

ص: 73

إنْ عَتَقَ، وَإِنْ قَالَ أَوْصَلْتُهُ لَهُمْ، فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ

ــ

[منح الجليل]

وَيُتَّبَعُ (إنْ عَتَقَ) سَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ أَنَّهُ تَعَدَّى وَهُوَ حُرٌّ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا، وَلَا يُلْزَمُ رَقَبَتُهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ أَوْصَلْتُ ذَلِكَ إلَى مَنْ بَعَثَنِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ إلَّا الْيَمِينُ.

(وَإِنْ قَالَ) أَيْ الرَّسُولُ (أَوْصَلْتُهُ) أَيْ الْمُسْتَعَارَ (لَهُمْ) أَيْ الْبَاعِثِينَ وَأَنْكَرُوا أَيْضًا (فَعَلَيْهِ) أَيْ الرَّسُولِ الْيَمِينُ أَنَّهُ أَوْصَلَهُمْ (وَعَلَيْهِمْ) أَيْ الْبَاعِثِينَ (الْيَمِينُ) أَنَّهُ لَمْ يُوصِلْهُمْ وَبَرِئُوا. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلُّهُ نَصُّ سَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ إذَا قَالَ الْعَبْدُ سَيِّدِي أَرْسَلَنِي وَأَوْصَلْت الْعَارِيَّةَ إلَيْهِ أَوْ تَلِفَتْ وَسَيِّدُهُ مُنْكِرٌ فَذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ، كَجِنَايَتِهِ وَلَوْ كَانَ حُرًّا كَانَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَسَأَلْت عَنْهَا ابْنَ الْقَاسِمِ فَقَالَ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِإِرْسَالِهِ غَرِمَ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ خَدَعَ الْقَوْمَ. أَبُو عِمْرَانَ أَرَادَ إنْ ثَبَتَ أَخْذُهُ الْمُعَارَ بِبَيِّنَةٍ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ هُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْهَا. اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لَهَا وَلِمَا قَدَّمَهُ فِي الْوَدِيعَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِدَفْعِهَا مُدَّعِيًا أَنَّك أَمَرْته بِهَا، إلَى قَوْلِهِ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ.

طفى وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ إلَخْ طفى لَا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ أَنْكَرَ الْإِرْسَالَ أَمْ لَا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الرَّسُولَ دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيَغْرَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ، صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ، وَقَوْلُ الْحَطّ وَالزَّرْقَانِيِّ إنْ أَقَرُّوا بِالْإِرْسَالِ ضَمِنُوا غَيْرُ ظَاهِرٍ. .

ص: 74