الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدعو لأحد قنت بعد الركوع فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده: «اللهم ربنا ولك الحمد.
اللهم أنج الوليد بن الوليد. وسلمة بن هشام، وعياش بن أبى ربيعة، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف» يجهر بذلك. وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: اللهم العن فلانا وفلانا «لأحياء من العرب» حتى أنزل الله- تعالى-: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ «1» .
ثم ختم- سبحانه- هذا التذكير بما جرى في غزوة بدر ببيان قدرته الشاملة، وإرادته النافذة فقال- سبحانه-: وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
أى الله جميع ما في السموات وما في الأرض ملكا وتصرفا وتدبيرا لا ينازعه في ذلك منازع ولا يعارضه معارض، وهو- سبحانه- يغفر لمن يشاء أن يغفر له من المؤمنين فلا يعاقبه على ذنبه فضلا منه وكرما، ويعذب من يشاء أن يعذبه عدلا منه وَاللَّهُ غَفُورٌ أى كثير المغفرة يحبها ويريدها، رَحِيمٌ أى واسع الرحمة بعباده، لا يؤاخذهم بكل ما اكتسبوه من ذنوب بل يعفو عن كثير منها.
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد افتتحت الحديث عن غزوة أحد باستحضار بعض أحداثها، وبتذكير المؤمنين بما همّ به بعضهم قبل أن تبدأ المعركة، ثم بتذكيرهم بمعركة بدر وما تم لهم فيها من نصر مؤزر منحه الله لهم مع قلتهم وضعفهم، حتى يعرفوا أن النصر ليس بكثرة العدد والعدد وإنما النصر يتأتى مع صفاء النفوس، ونقاء القلوب، ومضاء العزائم والطاعة التامة الله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحتى لا يعودوا إلى ما حدث من بعضهم في غزوة أحد من مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن طمع في زينة الحياة الدنيا.
وبعد هذا التذكير الحكيم والتوجيه السديد، وجه القرآن نداء إلى المؤمنين نهاهم فيه عن تعاطى الربا، وأمرهم بتقوى الله وبطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وبالمسارعة إلى الأعمال الصالحة التي توصلهم إلى مغفرته ورضوانه فقال- تعالى-:
[سورة آل عمران (3) : الآيات 130 الى 136]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136)
(1) تفسير ابن كثير ج 1 ص 40.
قال الإمام الرازي ما ملخصه: اعلم أن من الناس من قال: إن الله- تعالى- لما شرح عظيم نعمه على المؤمنين فيما يتعلق بإرشادهم إلى الأصلح لهم في أمر الدين وفي أمر الجهاد، أتبع ذلك بما يدخل في الأمر والنهى والترغيب والترهيب فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً.
وقال القفال: يحتمل أن تكون هذه الآية متصلة بما قبلها من جهة أن المشركين في غزوة أحد أنفقوا على عساكرهم أموالا كثيرة جمعوها من الربا، ولعل ذلك يصير داعيا للمسلمين إلى الإقدام على الربا حتى يجمعوا المال وينفقوه على العسكر، ويتمكنوا من الانتقام منهم، فلا جرم نهاهم الله عن ذلك.
وكان الرجل في الجاهلية إذا كان له على إنسان مائة درهم- مثلا- إلى أجل، فإذا حل الأجل ولم يكن المدين واجدا لذلك المال قال: زدني في المال حتى أزيد في الأجل، فربما جعله مائتين، ثم إذا حل الأجل الثاني فعل مثل ذلك ثم إلى آجال كثيرة، فيأخذ بسبب تلك المائة أضعافها فهذا هو المراد من قوله أَضْعافاً مُضاعَفَةً «1» .
(1) تفسير الفخر الرازي ج 9 ص 3. طبعة عبد الرحمن محمد. [.....]
وقد ابتدأ- سبحانه- الآية بالنداء بقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لبيان أن أكل الربا ليس من شأن المؤمنين، وإنما هو من سمات الكافرين والفاسقين.
وإذا كان الكافرون يستكثرون من تعاطى الربا فعلى المؤمنين أن يجتنبوا هذا الفعل القبيح، وأن يتحروا الحلال في كل أمورهم.
وخصه بالنهى لأنه كان شائعا في ذلك الوقت، ولأنه- كما يقول القرطبي- هو الذي أذن فيه بالحرب في قوله- تعالى- فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ والحرب يؤذن بالقتل، فكأنه يقول لهم: إن لم تتقوا الربا هزمتم وقتلتم «1» .
والمراد من الأكل الأخذ، وعبر عنه بالأكل لما أنه معظم ما يقصد به، ولشيوعه في المأكولات مع ما فيه من زيادة التشنيع.
والربا معناه الزيادة، والمراد بها هنا تلك الزيادة التي كانت تضاف على الدين.
قال الإمام ابن جرير: عن عطاء قال: كانت ثقيف تداين بنى المغيرة في الجاهلية، فإذا حل الأجل قالوا: نزيدكم وتؤخرون.
وقال ابن زيد: كان أبى- زيد بن ثابت- يقول: إنما كان ربا الجاهلية في التضعيف.
يكون للرجل على الرجل دين فيأتيه إذا حل الأجل فيقول له: «تقضيني أو تزيدني» «2» .
وقوله أَضْعافاً حال من الربا، وقوله مُضاعَفَةً صفة له.
والأضعاف جمع ضعف. وضعف الشيء مثله، وضعفاه مثلاه، وأضعافه أمثاله.
وهذا القيد وهو قوله «أضعافا مضاعفة» ليس لتقييد النهى به، أى ليس النهى عن أكل الربا في هذه الحالة وإباحته في غيرها، بل هذا القيد لمراعاة الواقع، ولبيان ما كانوا عليه في الجاهلية من التعامل الفاسد المؤدى إلى استئصال المال، ولتوبيخ من كان يتعاطى الربا بتلك الصورة البشعة.
وقد حرم الله- تعالى- أصل الربا ومضاعفته، ونفر منه تنفيرا شديدا، فقال- تعالى- الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا.
وهذا النوع من الربا الذي نهى الله- تعالى- عنه هنا بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً هو الذي يسمى عند الصحابة والفقهاء بربا النسيئة، أو ربا الجاهلية
(1) تفسير القرطبي ج 4 ص
(2)
تفسير ابن جرير الطبري ج 4 ص 90.
وقد حرمه الإسلام تحريا قاطعا. فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: «ألا إن ربا الجاهلية موضوع- أى مهدر- وأول ربا أبدأ به ربا عمى العباس بن عبد المطلب.» .
وقال الإمام أحمد بن حنبل: إن ربا النسيئة يكفر من يجحد تحريمه.
ويقابل هذا النوع من الربا، ربا البيوع وهو الذي ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه:
وقد اتفق العلماء على أن بيع هذه الأصناف لا بد أن يكون بغير زيادة إذا كانت بمثلها كقمح بقمح، ولا بد من قبضها. وإذا اختلف الجنس كقمح بشعير جازت الزيادة، ولا بد من القبض في المجلس، والتأخير يسمى ربا النساء، والزيادة المحرمة تسمى ربا الفضل.
وللفقهاء في هذا الموضوع مباحث طويلة فليرجع إليها من شاء في مظانها. ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بأمر المؤمنين بخشيته وتقواه فقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
أى: واتقوا الله بأن تجعلوا بينكم وبين محارمه ساترا ووقاية، لعلكم بذلك تنالون الفلاح في الدنيا والآخرة.
ثم حذرهم- سبحانه- من الأعمال التي تفضى بهم إلى النار فقال: وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ.
أى: صونوا أنفسكم. واحترزوا من الوقوع في الأعمال السيئة كتعاطى الربا وما يشابه ذلك، لأن الوقوع في هذه الأعمال السيئة يؤدى بكم إلى دخول النار التي هيئت للكافرين.
وفي التعقيب على النهى عن تعاطى الربا بتقوى الله وباتقاء النار، إشعار بأن الذي يأكل الربا يكون بعيدا عن خشية الله وعن مراقبته، ويكون مستحقا لدخول النار التي أعدها الله- تعالى- للكافرين والفاسقين عن أمره.
قال صاحب الكشاف: «كان أبو حنيفة- إذا قرأ هذه الآية وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ يقول: هي أخوف آية في القرآن، حيث أوعد الله المؤمنين بالنار المعدة للكافرين إن لم يتقوه في اجتناب محارمه» «1» .
ثم بعد هذا التحذير الشديد للمؤمنين من ارتكاب ما نهى الله عنه، أمرهم- سبحانه- بطاعته وطاعة رسوله فقال: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.
(1) تفسير الكشاف ج 1 ص 414.
أى أطيعوا الله في كل ما أمركم به ونهاكم عنه، وأطيعوا الرسول الذي أرسله إليكم ربكم لهدايتكم وسعادتكم، لعلكم بهذه الطاعة تكونون في رحمة من الله، فهو القائل وقوله الحق إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
وفي ذكر طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مقترنة بطاعة الله- تعالى- تنبيه إلى أن طاعة الرسول طاعة الله.
فقد قال- تعالى- مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً «1» .
ثم أمرهم- سبحانه- بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة التي توصلهم إلى مغفرة الله ورضوانه فقال: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ.
قال الآلوسى: وسبب نزول هذه الآية على ما أخرجه عبد بن حميد وغيره عن عطاء بن أبى رباح: أن المسلمين قالوا: يا رسول الله. بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا، كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة داره اجدع أنفك، اجدع أذنك، افعل كذا وكذا فسكت صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآيات إلى قوله وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير من ذلكم ثم تلاها عليهم» «2» .
وقوله: سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ من السرعة بمعنى المبادرة إلى الشيء بدون تأخير أو تردد. والكلام على حذف مضاف: أى سارعوا وبادروا إلى ما يوصلكم إلى ما به تظفرون بمغفرة ربكم ورحمته ورضوانه وجنته، بأن تقوموا بأداء ما كلفكم به من واجبات، وتنتهوا عما نهاكم عنه من محظورات.
ولقد قرأ نافع وابن عامر بغير واو، وهي قراءة أهل المدينة والشام. والباقون بالواو، وهي قراءة أهل مكة والعراق.
فمن قرأ بالواو، جعل قوله- تعالى- وَسارِعُوا، معطوفا على قوله وَأَطِيعُوا أى:
أطيعوا الله والرسول وسارعوا إلى مغفرة من ربكم.
ومن قرأ بغير واو جعل قوله «سارعوا» مستأنفا، إذ هو بمنزلة البيان أو بدل الاشتمال.
ومِنْ في قوله مِنْ رَبِّكُمْ ابتدائية، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة للمغفرة أى مغفرة كائنة من ربكم..
ولقد عظم- سبحانه- بذلك شأن هذه المغفرة التي ينبغي طلبها بإسراع ومبادرة، بأن جاء بها منكرة، وبأن وصفها بأنها كائنة منه- سبحانه- هو الذي خلق الخلق بقدرته، ورباهم برعايته.
(1) سورة النساء الآية 80.
(2)
تفسير الآلوسى ج 4 ص 56.
ووصف- سبحانه- الجنة بأن عرضها السموات والأرض على طريقة التشبيه البليغ، بدليل التصريح بحرف التشبيه في قوله- تعالى- سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ «1» .
قال الفخر الرازي ما ملخصه: وفي معنى أن عرض الجنة مثل عرض السموات والأرض وجوه منها: أن المراد لو جعلت السموات والأرضون طبقا طبقا، بحيث تكون كل واحدة من تلك الطبقات سطحا مؤلفا من أجزاء لا تتجزأ، ثم وصل البعض بالبعض طبقا واحدا لكان ذلك مثل عرض الجنة، وهذا غاية في السعة لا يعلمها إلا الله.
ومنها أن المقصود المبالغة في وصف السعة للجنة، وذلك لأنه لا شيء عندنا أعرض منهما ونظيره قوله خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ. فإن أطول الأشياء بقاء عندنا هو السموات والأرض، فخوطبنا على وفق ما عرفناه، فكذا هنا» «2» .
وخص- سبحانه- العرض بالذكر، ليكون أبلغ في الدلالة على عظمها واتساع طولها، لأنه إذا كان عرضها كهذا، فإن العقل يذهب كل مذهب في تصور طولها «لأن العرض في العادة أقل من الطول. وذلك كقوله- تعالى- في صفة فرش الجنة مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ لأنه إذا كانت بطانة الفرش من الحرير فكيف يكون ما فوق البطانة مما تراه الأعين؟.
قال القفال: ليس المراد بالعرض هاهنا ما هو خلاف الطول، بل هو عبارة عن السعة كما تقول العرب: بلاد عريضة، ويقال هذه دعوى عريضة أى واسعة عظيمة. والأصل فيه أن ما اتسع عرضه لم يضق، وما ضاق عرضه دق، فجعل العرض كناية عن السعة» .
قال ابن كثير: وقد روينا في مسند الإمام أحمد أن هرقل كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنك دعوتني إلى جنة عرضها السموات والأرض فأين النار؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار» .
وعن أبى هريرة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت قوله- تعالى-: جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ فأين النار قال: أرأيت الليل إذا جاء لبس كل شيء فأين النهار؟
قال: حيث شاء الله فقال صلى الله عليه وسلم: «وكذلك النار تكون حيث شاء الله» «3» .
وقوله- تعالى- أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ أى هيئت للمتقين الذين صانوا أنفسهم عن محارم الله، وجعلوا بينهم وبينها وقاية وساترا، وخافوا مقام ربهم ونهوا أنفسهم عن الهوى.
(1) سورة الحديد الآية 21.
(2)
تفسير الفخر الرازي ج 9 ص 4.
(3)
تفسير ابن كثير ج 1 ص 404.
ثم بين- سبحانه- صفات المتقين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، والذين أعد لهم- سبحانه- جنته فقال- تعالى- الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ أى الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله في جميع أحوالهم، فهم يبذلونها ابتغاء وجه ربهم في حال يسرهم وفي حال عسرهم، وفي حال سرورهم وفي حال حزنهم، وفي حال صحتهم وفي حال مرضهم، لا يصرفهم صارف عن إنفاق أموالهم في وجوه الخير ما داموا قادرين على ذلك.
وقوله الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في محل جر صفة للمتقين. ويجوز أن يكون في محل نصب أو رفع على القطع المشعر بالمدح.
وقال يُنْفِقُونَ بالفعل المضارع، للإشارة بأنهم يتجدد إنفاقهم في سبيل الله آنا بعد آن بدون انقطاع.
وقدم الإنفاق على غيره من صفاتهم لأنه وصف إيجابى يدل على صفاء نفوسهم، وقوة إخلاصهم، فإن المال شقيق الروح، فإذا أنفقوه في حالتي السراء والضراء كان ذلك دليلا على التزامهم العميق لتعاليم دينهم وطاعة ربهم.
وقد مدح الله- تعالى- الذين ينفقون أموالهم في سبيله في عشرات الآيات من كتابه، ومن ذلك قوله- تعالى-: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ «1» أما الصفتان الثانية والثالثة من صفات هؤلاء المتقين فهما قوله تعالى: وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ.
أى سارعوا أيها المؤمنون إلى العمل الصالح الذي يوصلكم إلى جنة عظيمة أعدها الله- تعالى- لمن يبذلون أموالهم في السراء والضراء، ولمن يمسكون غيظهم، ويمتنعون عن إمضائه مع القدرة عليه، ولمن يغضون عمن أساء إليهم، فالمراد بكظم الغيظ حبسه وإمساكه. يقال:
كظم فلان غيظه إذا حبسه ولم يظهره مع قدرته على إيقاعه بمن أغضبه. ويقال: كظم البعير جرته، إذا ردها وكف عن الاجترار. وكظم القربة: إذا ملأها وشد على فمها ما يمنع من خروج ما فيها.
وقد ساق ابن كثير جملة من الأحاديث التي وردت في فضل كظم الغيظ والعفو عن الناس ومن ذلك ما رواه الشيخان عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» .
وروى الإمام أحمد- بسنده- عن حارثة بن قدامة السعدي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
(1) سورة البقرة الآية 261.
يا رسول الله: قل لي قولا ينفعني وأقلل على لعل أعقله: فقال له: «لا تغضب» فأعاد عليه حتى أعاد عليه مرارا كل ذلك يقول: «لا تغضب» .
وعن أبى بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن يشرف له البنيان وترفع له الدرجات فليعف عن من ظلمه ويعط من حرمه، ويصل من قطعه» «1» .
وكظم الغيظ والعفو عن الناس هاتان الصفتان إنما تكونان محمودتين عند ما تكون الإساءة متعلقة بذات الإنسان، أما إذا كانت الإساءة متعلقة بالدين بأن انتهك إنسان حرمة من حرمات الله ففي هذه الحالة يجب الغضب من أجل حرمات الله، ولا يصح العفو عمن انتهك هذه الحرمة.
فلقد وصفت السيدة عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان لا يغضب لنفسه فإذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء.
وقوله: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ تذييل مقرر لمضمون ما قبله.
والإحسان معناه الإتقان والإجادة. وأل في المحسنين إما للجنس أى والله- تعالى- يحب كل محسن في قوله وعمله، ويكون هؤلاء الذين ذكر الله صفاتهم داخلين دخولا أوليا.
وإما أن تكون للعهد فيكون المعنى: والله- تعالى- يحب هؤلاء المحسنين الذين من صفاتهم أنهم ينفقون أموالهم في كل حال من أحوالهم، ويكظمون غيظهم، ويعفون عمن ظلمهم.
أما الصفة الرابعة من صفات هؤلاء المتقين فقد ذكرها- سبحانه- في قوله: وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ، وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ.
والفاحشة من الفحش وهو مجاوزة الحد في السوء. والمراد بها الفعلة البالغة في القبح كالزنا والسرقة وما يشبههما من الكبائر.
والمعنى: سارعوا أيها المؤمنون إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدها خالقكم- عز وجل للمتقين الذين من صفاتهم أنهم ينفقون أموالهم في السراء والضراء، ويكظمون غيظهم، ويعفون عن الناس، وأنهم إذا فعلوا فعلة فاحشة متناهية في القبح، أو ظلموا أنفسهم، بارتكاب أى نوع من أنواع الذنوب «ذكروا الله» أى تذكروا حقه العظيم، وعذابه
(1) تفسير ابن كثير ج 1 ص 405.
الشديد، وحسابه العسير للظالمين يوم القيامة «فاستغفروا لذنوبهم» أى طلبوا منه- سبحانه- المغفرة لذنوبهم التي ارتكبوها، وتابوا إليه توبة صادقة نصوحا.
وعلى هذا يكون قوله- تعالى- وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا معطوفا على الصفة الأولى من صفات المتقين، ويكون قوله- تعالى- وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ جملة معترضة بين الصفات المتعاطفة.
قال الفخر الرازي: واعلم أن وجه النظم من وجهين:
الأول: أنه- تعالى- لما وصف الجنة بأنها معدة للمتقين بين أن المتقين قسمان:
أحدهما: الذين أقبلوا على الطاعات والعبادات، وهم الذين وصفهم بالإنفاق في السراء والضراء، وكظم الغيظ والعفو عن الناس.
وثانيهما: الذين أذنبوا ثم تابوا وهو المراد بقوله- تعالى- وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً وبين- سبحانه- أن هذه الفرقة كالفرقة الأولى في كونها متقية..
والوجه الثاني: أنه في الآية الأولى ندب إلى الإحسان إلى الغير، وندب في هذه الآية إلى الإحسان إلى النفس، فإن المذنب إذا تاب كانت توبته إحسانا منه إلى نفسه» «1» .
وقوله أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ معطوف على قوله فَعَلُوا فاحِشَةً من باب عطف العام على الخاص، وهذا على تفسير الفاحشة بأنها كبائر الذنوب، أما ظلم النفس فيتناول كل ذنب سواء أكان صغيرا أم كبيرا.
وبعضهم يرى أن الفاحشة وظلم النفس وجهان للمعصية لا ينفصلان عنها، بمعنى أن كل معصية لا تخلو منهما فهي فاحشة وظلم للنفس، وعلى هذا تكون «أو» بمعنى الواو.
ويكون المعنى: ومن يرتكب فاحشة ويظلم نفسه، ويتذكر الله عند ارتكابها فيعود إليه تائبا منيبا يكون من المتقين.
وفي التعبير بقوله: إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ بصيغة الشرط الجواب، إشعار بوجوب اقتران الجواب بالشرط. أى أن الشخص الذي يدخل في جملة المتقين هو الذي يعود إلى ربه تائبا فور وقوع المعصية، بحيث لا يسوف ولا يؤخر التوبة حتى إذا حضره الموت.
قال: إنى تبت الآن.
وقوله: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ جملة معترضة بين قوله فَاسْتَغْفَرُوا وبين قوله وَلَمْ يُصِرُّوا.
(1) تفسير الفخر الرازي ج 9 ص 9.
والاستفهام في قوله: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ للإنكار والنفي.
أى: لا أحد يقبل توبة التائبين، ويغفر ذنوب المذنبين، ويمسح خطايا المخطئين، إلا الله العلى الكبير «الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويتوب الله على من تاب» - كما جاء في الحديث الشريف- ولذا قال صاحب الكشاف عند تفسيره لهذه الجملة ما ملخصه: في هذه الجملة وصف لذاته- تعالى- بسعة الرحمة، وقرب المغفرة، وأن التائب من ذنبه كمن لا ذنب له، وأنه لا مفزع للمذنبين إلا فضله وكرمه.
وفيها تطييب لنفوس العباد، وتنشيط للتوبة، وبعث عليها، وردع عن اليأس والقنوط، وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل، وكرمه أعظم. والمعنى أنه وحده عنده مصححات المغفرة، وهذه جملة معترضة بين المعطوف، والمعطوف عليه» «1» .
وقوله وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ بيان لشروط الاستغفار المقبول عند الله- تعالى-.
أى أن من صفات المتقين أنهم إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم، سارعوا بالتوبة إلى الله- تعالى-، ولم يصروا على الفعل القبيح الذي فعلوه، وهم عالمون بقبحه، بل يندمون على ما فعلوا، ويستغفرون الله- تعالى- مما فعلوا، ويتوبون إليه توبة صادقة.
وقوله وَلَمْ يُصِرُّوا معطوف على قوله فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ.
وقوله وَهُمْ يَعْلَمُونَ جملة حالية من فاعل «يصروا» أى ولم يصروا على ما فعلوا وهم عالمون بقبحه.
ومفعول يعلمون محذوف للعلم به أى يعلمون سوء فعلهم، أو يعلمون أن الله يتوب على من تاب، أو يعلمون عظم غضب الله على المذنبين الذين يداومون على فعل القبائح دون أن يتوبوا إليه.
فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد فتحت باب التوبة أمام المذنبين، وحرضتهم على ولوجه بعزيمة صادقة، وقلب سليم، ولم تكتف بذلك بل بشرتهم بأنهم متى أقلعوا عن ذنوبهم، وندموا على ما فعلوا، وعاهدوا الله على عدم العودة على ما ارتكبوه من خطايا، وردوا المظالم إلى أهلها، فإن الله- تعالى- يغفر لهم ما فرط منهم، ويحشرهم في زمرة عباده المتقين.
إنه- سبحانه- لا يغلق في وجه عبده الضعيف المخطئ باب التوبة، ولا يلقيه حائرا منبوذا في ظلام المتاهات، ولا يدعه مطرودا خائفا من المصير، وإنما يطمعه في مغفرته- سبحانه-
(1) تفسير الكشاف ج 1 ص 416.
ويرشده إلى أسبابها، ويغريه بمباشرة هذه الأسباب حتى ينجو من العقاب.
ولقد ساق- سبحانه- في عشرات الآيات ما يبشر التائبين الصادقين في توبتهم بمغفرته ورحمته ورضوانه، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً. إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً «1» .
وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى ومن ذلك ما رواه أبو داود والترمذي عن أبى بكر الصديق- رضى الله عنه- قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة» «2» .
وقال القرطبي: وأخرج الشيخان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه» .
وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم» .
ثم بين- سبحانه- عاقبة من هذه صفاتهم فقال: أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ، وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ.
أى: أولئك الموصوفون بتلك الصفات السابقة من الإنفاق في السراء والضراء، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس.. إلخ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ تستر ذنوبهم، وتمسح خطاياهم.
(1) سورة الفرقان الآيات من 68- 71.
(2)
تفسير ابن كثير ج 1 ص 407. [.....]
(3)
تفسير القرطبي ج 2 ص 231.
وفي الإشارة إليهم بأولئك الدالة على البعد، إشعار بعلو منزلتهم في الفضل، وسمو مكانتهم عند الله- تعالى-.
وقوله وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ معطوف على مَغْفِرَةٌ أى لهم بجانب هذه المغفرة جنات تجرى من تحت أشجارها وثمرها الأنهار.
وقوله خالِدِينَ فِيها حال مقدرة من الضمير المجرور في جَزاؤُهُمْ لأنه مفعول به في المعنى، إذ هو بمعنى أولئك يجزيهم الله- تعالى- جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها.
فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وعد أصحاب هذه الصفات بأمور ثلاثة:
وعدهم بغفران ذنوبهم وهذا منتهى الأماني والآمال.
ووعدهم بإدخالهم في جناته التي يتوفر لهم فيها وتشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
ووعدهم بالخلود في تلك الجنات حتى يتم لهم السرور والحبور.
وقوله- تعالى- وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ تذييل قصد به مدح ما أعد لهم من جزاء، حتى يرغب في تحصيله العقلاء.
والمخصوص بالمدح محذوف أى ونعم أجر العاملين هذا الجزاء الذي وعدهم الله به مغفرة وجنات خالدين فيها.
وبذلك نرى السورة الكريمة قبل أن تفصل الحديث عن غزوة أحد، قد ذكرت المؤمنين بطرف مما حدث من بعضهم فيها، وبالنتائج الطيبة التي حصلوا عليها من غزوة بدر، ثم أمرتهم بتقوى الله، وبالمسارعة إلى الأعمال الصالحة التي توصلهم إلى رضاه.
ثم أخذت السورة الكريمة بعد ذلك تتحدث عن غزوة أحد وعن آثارها في نفوس المؤمنين، فبدأت بالإشارة إلى سنن الله في المكذبين بآياته لتخفف عن المؤمنين مصابهم، ثم أمرتهم بالصبر والثبات ونهتهم عن الوهن والجزع لأنهم هم الأعلون. وإن تكن قد أصابتهم جراح فقد أصيب المشركون بأمثالها، والله- تعالى- فيما حدث في غزوة أحد حكم، منها: تمييز الخبيث من الطيب، وتمحيص القلوب واتخاذ الشهداء، ومحق الكافرين.
استمع إلى القرآن الكريم وهو يسوق تلك المعاني بأسلوبه الذي يبعث الأمل في قلوب المؤمنين. ويرشدهم إلى ما يقويهم ويثبتهم، ويمسح بتوجيهاته دموعهم، ويخفف عنه آلامهم فيقول: