المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ملامح موجزة عن بعض شروح صحيح البخاري - منهج العلامة القسطلاني في كتابه «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري»

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

الفصل: ‌ملامح موجزة عن بعض شروح صحيح البخاري

‌ملامح موجزةٌ عن بعض شروح صحيح البخاري

(1)

1.

شرح الفيروز آبادي ــ مؤلِّف «القاموس المحيط» ـ

شرحه على البخاري مطولٌ، كمل ربع العبادات منه في 20 مجلداً! يقول التقي الفاسي عن هذا الشرح:(لكنه ملأه بغرائب المنقولات لا سيما لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي، فصار يدخل في شرحه من فتوحات ابن عربي الكثير ما كان سبباً لشين شرحه عند الطاعنين فيه).

مع العلم أن الفيروز آبادي لا يقول بوحدة الوجود، لكن من أجل أن يروج الكتاب نقل عن ابن عربي هذه المقالة.

يقول ابن حجر: إنه رأى القطعة التي كملت في حياة مؤلفه قد أكلتها الأرضة بكاملها بحيث لا يقدر على قراءة شيء منها.

(1) هذا المبحث مما انتقاه بعض طلبة العلم من محاضرة الشيخ د. عبدالكريم الخضير عن الكتب الستة وشروحها.

وانظر للفائدة عن بعض الشروح: «الجامع الصحيح للإمام البخاري وعناية الأمة الإسلامية به» أ. د. محمد رستم (ص 317) وما بعدها.

ص: 10

2.

«أعلام الحديث» للخطابي.

هذا الشرح مختصر جداً، وهو مكمِّلٌ لكتابه «معالم السنن شرح سنن أبي داود» . شرحُه في هذا الكتاب متفاوت إطالة واختصاراً حسب أهمية الحديث، فشرَحَ حديث «الدين النصيحة» في سبع صفحات، وشرح حديث «تخول النبي لأصحابه بالموعظة» في أربعة أسطر.

الخطابي شافعي المذهب، وقد يرجح غيره إذا كان الدليل لا يحتمل التأويل.

أما مسائل الاعتقاد فقد خلط فيها، وسلك مسلك الخلف في التأويل.

3.

«شرح النووي» .

شرَح النوويُّ قطعةً من الصحيح وهي بدء الوحي وكتاب الإيمان، ثم وافته المنية قبل أن يكمله. يمتاز شرحه بالإطالة في ترجمة الرواة.

4.

«التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح» للزركشي.

هذا الشرح ناقص، وصَل فيه المؤلف إلى باب الشروط في الوقف.

قصد من شرحه: إيضاح الألفاظ الغريبة، أو إعراب الغامض، أو راوٍ يخشى من التصحيف في اسمه، ونحو ذلك. والشرح بالألغاز أشبه، فهو يشرح الحديث في سطرين أو ثلاثة، لا تُروِي غليلاً ولا تُشفي عليلاً.

ص: 11

على هذا الشرح نُكتٌ لابن حجر، وللقاضي محب الدين أحمد البغدادي الحنبلي.

5.

«فتح الباري» لابن رجب.

لم يكتمل هذا الشرح، حيث وصل فيه مؤلفه إلى كتاب الجنائز، ولو قُدِّر إتمامه لا ستَغْنَى به طالب العلم.

يمتاز الشرح بالعناية بجانب العلل في الأحاديث، سالكاً في الترجيح طريقة المتقدمين بالعمل بالقرائن، اعتنى فيه بالفروق في الروايات، وقد فاق ابن رجب على اليونيني في بعضها.

يذكر أقوال الصحابة والتابعين ويذكر المذاهب دون تعصب.

يعتني بالمسائل الأصولية كثيراً ويحررها، انظر:(2/ 69، 210).

استفاد ابنُ حجر من هذا الشرح، وصرَّح بذلك في موضعين فقط!

(1/ 176)، (11/ 340).

6.

«الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري» للكرماني.

الشرح متوسط، مليء بالفوائد من شرح المفردات، والإعرابات النحوية غير الواضحة، يتعرض لأسماء الرجال ويُوضِّح الملتبس، ويؤلِّفُ بين الأحاديث المتعارضة، ويبين مناسبة الحديث في كل باب ..

ص: 12

ذكر ابن حجر في «الدرر الكامنة» : أن هذا الشرح مفيد على أوهام فيه، لأنه لم يأخذه إلا من الصحُف.

ويقول العيني (1/ 101): هذا إنما نشأ لعدم تحريه النقل، واعتماده من هذا الفن على العقل.

استفاد من هذا الشرح ابنُ حجر في مئات المواضع، وتعقبه أيضاً.

الكرماني تهجَّم على البخاري في كثير من المواضع! ! منها: قوله في أحد المواضع: (والبخاري لا يراعي حسن الترتيب، وجملة قصده إنما هو في نقل الحديث وما يتعلق بتصحيحه).

فعلَّق على هذا ابن حجر بقوله: والعجب من هذه الدعوى، مع أنه لا يُعرف لأحد من المصنفين على الأبواب من اعتنى بذلك غير البخاري حتى قال جماعة: فقه البخاري يعرف من تراجمه. (1)

ومنها ما ذكره الكرماني في (10/ 383): (لا يخفى على ما في هذا التركيب من التعجرف)! !

(1)«فتح الباري» (1/ 243).

ص: 13

فعلَّق الحافظ ابن حجر بقوله: التعجرف من عدم فهم المراد! (1)

* جرى الكرماني في باب الإعتقاد على طريقة الأشاعرة، انظر:

(11/ 72)، (22/ 124)، وفي توحيد العبادة عنده خلل فقال في

(22/ 149): (وقد كنت متشرفاً عند شرح هذا الباب ابتداء مجاورة قبره) يقصد: ابن عباس رضي الله عنهما.

* ذكر أن البخاري اشترط العزة، وهذا جهل بالكتاب، ويرده أول حديث فيه وآخر حديث.

7.

«فتح الباري» لابن حجر.

من أعظم الشروح لصحيح البخاري، جعل له مقدمة وافية في عشرة فصول أسماها:«هدي الساري» للكلام على الصحيح، وشرطه، وتراجمه، وتقطيع الأحاديث فيه، وسياق من طعن في رجال الصحيح والجواب عنهم، ونحو ذلك.

... * هل اشترط ابن حجر إيراد الحديث في شرحه؟

ذكر في المقدمة أنه عزم على ذلك، لكنه رأى أن ذلك مما يطول به الكتاب.

(1)«فتح الباري» (4/ 485).

ص: 14

لكن المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي أدخل متناً ملفَّقَاً من روايات متعددة لا توافق الرواية التي اختارها ابن حجر! ! وهذا تصرف لا ينبغي.

ولذا تجد ابن حجر يقول قوله: (كذا) ولا تجد القول في المتن!

مع العلم أن ابن حجر قد يشير إلى غير الرواية التي اختارها عند الحاجة.

* ابن حجر يشرح المكرر في المكان الذي أورده البخاري لأجله، ويحيل باقي شرحه على المكان المشروح فيه.

* الكتاب متناسب يشرح آخر حديث بنفس الطريقة والمنهج الذي يشرح فيه أول حديث.

... * مكث ابن حجر في تأليف شرحه قرابة ربع قرن.

... * اشترط في مقدمة شرحه أنه لا يورد من الأحاديث إلا ما كان صحيحاً أو حسناً، إلا أنه أورد أحاديث فيها ضعف، ولم يُنبِّه عليها.

* في مسائل العقيدة مضطرب، ينقل عن السلف والخلف، ولا يتعقب ذلك بشيء.

ص: 15

8.

«عمدة القاري» للعيني.

... * بدأ فيه أواخر سنة 821 هـ، وفرغ منه سنة 847 هـ.

* افتتح الكتاب بمقدمة مختصرة قريبة جداً من مقدمة النووي.

* يبدأ أولاً بمناسبة الحديث للترجمة، ثم يتحدث عن الرجال وضبط أسمائهم والأنساب، وهو يعنون ذلك أي أنه يقول: مناسبة الحديث للترجمة ثم يذكرها، وهكذا، وهذه الميزة ليست في «الفتح» لا بن حجر.

* يذكر مواضع الحديث في البخاري، ومن أخرجه، يورد إشكالات في الحديث ثم يجيب عنها.

لكن هذه الفوائد كانت في أوائله؛ لأنه اعتمد على أشياء انقطعت، وخصوصاً في البيان والبديع؛ لأن اعتمادَه كان على شرح ركن الدين الذي لم يكتمل، فتوقف العيني حيث توقف شرح ركن الدين، فلم يتوازن الشرح.

... * ينقل العيني ممن سبقه من الشرَّاح: كالخطابي، والكرماني، وابن بطَّال، والنووي، وغيرهم.

ينقل كثيراً عن ابن حجر في «الفتح» ويُبهِم المؤلِّف! ! وربما نقل منه المقطع الكبير، ويتعقبه كثيراً، وقد كان العيني يستعير نسخة «فتح الباري» لابن حجر

ص: 16

من كاتب ابن حجر (الفتح بن برهان)، وذلك بعلم ابن حجر ورضاه.

... * العيني حنَفِيُّ مُتعَصبٌّ لمذهبه كثيراً، وهذا مما يحطُّ من قيمة الكتاب.

... * هناك كتاب «اللآلئ والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر» ذكر فيه (343) محاكمة، وهي أكثر من ذلك.

9.

«إرشاد الساري» للقسطلاني.

... * هو شرح كبير تحليلي، اعتنى بدقة بالفروق بين الروايات سواءً في الأسانيد، أو المتون، أو صيغ الأداء، وإن لم يترتب عليها فائدة.

* يُعد مُلَخَّصَاً لكتب: الكرماني، والعيني، وابن حجر.

* مذهبه في مسائل العقيدة على طريقة الأشاعرة.

من الشروح على مختصر الزبيدي لصحيح البخاري.

10.

«فتح المبدي» للشرقاوي (ت 1227 هـ).

وهو جيد في الجملة، إلا أنه لا يسلم من المخالفات، فقد قال في كتاب الطلاق:(وقال ابن تيمية التابع للروافض والخوارج)!

ص: 17

11.

«عون الباري» لصديق حسن خان (ت 1307 هـ).

وهو شرح نفيس، مأخوذ في الجملة من «إرشاد الساري» للقسطلاني، ويتميز بنقده لما ذكره القسطلاني من مسائل مخالفة في الإعتقاد.

انتهى المراد نقله مما ذكره الشيخ د. عبدالكريم الخضير ـ حفظه الله ـ.

* * *

ص: 18