المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: إنكار المشركين لليوم الآخر ومنهج القرآن في إثباته: - منهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام - جـ ٢

[حمود الرحيلي]

الفصل: ‌المبحث الثاني: إنكار المشركين لليوم الآخر ومنهج القرآن في إثباته:

‌المبحث الثاني: إنكار المشركين لليوم الآخر ومنهج القرآن في إثباته:

الحكمة من البعث:

لقد خلق الله الخلق لعبادته، وكلفهم بالعبودية له، فقال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} 1.

وبيّن تبارك وتعالى للناس طريق الخير، وطريق الشر، ليكونوا على بينة من أمرهم، ولما كانت الطبيعة البشرية فيها الاستعداد لقبول الخير والشر، كما قال تعالى:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} 2.

ولما كان الخالق الحكيم لم يخلق الناس عبثاً، ولم يتركهم سدى، كما قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} 3.

وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ

1 سورة الذاريات الآية: 56.

2 سورة الشمس الآيتان: 7-8.

3 سورة المؤمنون الآية: 115.

ص: 577

يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} 1.

لذلك فإنَّ عدل الله وحكمته، وإعطاءه لكل ذي حق حقه، وتفريقه بين الخبيث والطيب، والمحسن والمسيء، وحتى لا يكون من كفر بالله وعصاه كمن عبده وأطاعه، لهذا فإنَّ الله تعالى جعل اليوم بعد هذه الحياة؛ لينال فيه كل إنسان جزاء عمله من الثواب والعقاب.

جاء ذلك واضحاً في قوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ} 2.

وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} 3.

وقوله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي

1 سورة القيامة الآيات: 36-40.

2 سورة يونس الآية: 4.

3 سورة طه الآية: 15.

ص: 578

الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} 1.

وواقع الحال أننا نرى كثيراً ممن ارتكبوا جرائم في هذه الحياة يفارقونها وهم متلبسون بجرائمهم، ولم يقتص منهم، كما نرى أناساً آخرين يغادرونها وهم مظلومون، ولم ترد إليهم مظالمهم، ولم يقتص من ظالميهم، كما نرى أشراراً في الدنيا منعمين، وأخياراً معذبين، مع العلم أنَّ ذلك كله واقع بعلم الله القوي القادر السميع البصير، الذي لا تخفى عليه خافية، والذي قد حرّم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرماً، ولكنه تعالى يمهل ولا يهمل.

لذا والحالة هذه، فإنه إذا ذهب كلُّ إنسان بما فعل، ظالماً أو مظلوماً دون محاسبة، أو مجازاة، كان ذلك خدشاً في حق الإله العظيم، وعدله تبارك وتعالى، فلا بدَّ إذاًَ من يوم يقف فيه الظالم والمظلوم، والقائم بالتكاليف الإلهية، والتارك لها بين يدي الخالق جل وعلا، ليقتص من الظالم للمظلوم، ولينال كلُّ من المحسن والمسيء جزاءه المستحق، كما قال تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} 2.

1 سورة ص الآية: 28.

2 سورة الأنبياء الآية: 47.

ص: 579

وقال تعالى: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} 1.

لهذا كله، فإن الحكمة واضحة في أنه لا بدّ من حياة أخرى غير هذه الحياة، يحضر فيها الجميع بين يدي الخالق تبارك وتعالى لمجازاة المكلفين منهم بحسب كسبهم الإرادي الاختياري، الذي كسبوه في هذه الدنيا، لأنَّ الدنيا دار عمل، والآخرة دار جزاء، كما قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَاّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} 2.

وقال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} 3.

شبه منكري البعث:

ومع ظهور الحكمة في إعادة الحياة إلى الموتى للحساب والجزاء، فإنَّ

1 سورة الجاثية الآية: 21.

2 سورة آل عمران الآية: 185.

3 سورة التغابن الآية: 7.

ص: 580

بعضاً من المشركين قد ضلوا في هذا الباب، والحق أنهم ليس لهم مستند فيما ذهبوا إليه، سوى الإنكار والاستبعاد الناتج عن تصورهم لتفتت العظام، وتحلل الأجساد بعد الموت إلى ذرات ترابية صغيرة، واختلاط تلك الأجزاء الصغيرة بالأرض والنبات.

وقد قصّ الله تعالى مقولات هؤلاء المنكرين وشبهاتهم في كتابه الكريم، والتي تعود كلها كما قلت إلى الإنكار والاستبعاد.

قال تعالى: {وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} 1.

وقال تعالى: {وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} 2.

وقال تعالى: {قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَاّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} 3.

وقال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} 4.

1 سورة الإسراء الآية: 49.

2 سورة مريم الآية: 66.

3 سورة المؤمنون الآيتان: 82-83.

4 سورة يس الآية: 78.

ص: 581

وقال تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} 1.

ولشدة تعنت المنكرين للبعث، فقد نسبوا القائل به إلى الكذب والافتراء والجنون.

قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} 2.

إنَّ الأمر غريب وعجيب عندهم، والحديث عنه يعد خرافة كما قال قائلهم:

حياة ثم موت ثم نشر

حديث خرافة يا أم عمرو3

وقال شداد بن أوس بن عبد شمس في رثاء أهل بدر من المشركين:

1 سورة ق الآية: 3.

2 سورة سبأ الآيات: 7-9.

3 انظر: الملل والنحل للشهرستاني 2/236، وبلوغ المرام للألوسي 2/198.

ص: 582

وماذا بالقليب قليب بدر

من الشيزى1 تكلل بالسنام

يخبرنا الرسول لسوف نحيا

وكيف حياة أصداء وهام2

ولما كانت قضية البعث بعد الموت من القضايا المهمة في العقيدة الإسلامية، شأنها في ذلك شأن إثبات الوحدانية لله تعالى، فقد اهتم القرآن الكريم بالدعوة إلى الإيمان باليوم الآخر غاية الاهتمام، وجمع بين الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر في كثير من الآيات، من ذلك قوله تعالى:{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} 3.

وقوله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} 4.

وقوله: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} 5.

1 الشيزى: شجر تتخذ منه الجفان، وأراد بالجفان أربابها الذين كانوا يطعمون فيها وقتلوا يوم بدر، وألقوا في القليب، فهو يرثيهم وسمي الجفان شيزى باسم أصلها.

لسان العرب 5/363، والنهاية لابن الأثير 2/518.

2 البداية والنهاية لابن كثير 3/342، وبلوغ الأرب للألوسي 2/189، ولسان العرب لابن منظور 5/363.

3 سورة النساء الآية: 39.

4 سورة التوبة الآية: 18.

5 سورة التوبة الآية: 29.

ص: 583

وقوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} 1.

أدلة القرآن في إثبات البعث:

ولقد استدل القرآن الكريم على إمكان البعث وتحقق وقوعه بأدلة مختلفة يمكن إيجازهما فيما يلي:

الأول: الاستدلال على وقوع البعث بمن أماتهم الله ثم أحياهم، فقد ذكر القرآن الكريم عدداً من الأمثلة من هذا النوع من الاستدلال، وإليك البيان:

1-

ما ذكره الله تعالى عن قوم موسى عليه السلام، قال تعالى:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} 2.

وقد ذكر المفسرون: أن الذين أخذتهم الصاعقة هم السبعين الذين اختارهم موسى عليه السلام من خيارهم لميقات وقّته له ربه، فقالوا له:{لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} ، فأخذتهم الصاعقة، وهي كما قالوا:

1 سورة المجادلة الآية: 22.

2 سورة البقرة الآيتان: 55-56.

ص: 584

-نار من السماء- فماتوا جميعاً، وقام موسى يناشد ربه ويدعوه، ولم يزل حتى ردّ الله إليهم أرواحهم، فقاموا وعاشوا رجلاً رجلاً ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون1.

قال النحاس: "وهذا احتجاج على من لم يؤمن بالبعث من قريش، واحتجاج على أهل الكتاب إذ أخبروا بهذا"2.

2-

قصة الرجل من بني إسرائيل الذي ضرب بعضو من أعضاء البقرة، كما قال الله تعالى:{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 3.

وذلك أن القتيل ضرب بعضو من أعضاء البقرة التي أمرهم الله بذبحها، كما قال لهم موسى عليه السلام:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} 4، فلما ضرب ببعضها قام تشخب أوداجه دماً، فقالوا له من

1 انظر تفسير الطبري 1/291، وتفسير ابن كثير 1/95-96.

2 تفسير القرطبي 1/404.

3 سورة البقرة الآيتان: 72-73.

4 سورة البقرة الآية: 67.

ص: 585

قتلك؟ قال: قتلني فلان، ثم عاد ميتاً كما كان1.

قال الطبري: "قوله: {كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى} مخاطبة من الله لعباده المؤمنين، واحتجاج منه على المشركين المكذبين بالبعث، وأمرهم بالاعتبار بما كان منه جل ثناؤه من إحياء قتيل بني إسرائيل بعد مماته في الدنيا، فقال لهم تعالى ذكره: أيها المكذبون بالبعث بعد الممات، اعتبروا بإحيائي هذا القتيل بعد مماته، فإني كما أحييته في الدنيا، فكذلك أحي الموتى بعد مماتهم، فأبعثهم يوم البعث، وإنّما احتج جل ذكره بذلك على مشركي العرب، وهم قوم أميون لا كتاب لهم، لأنَّ الذين كانوا يعلمون ذلك من بني إسرائيل كانوا بين أظهرهم، وفيهم أنزلت هذه الآيات، فأخبرهم جل ذكره بذلك ليتعرفوا علم من قبلهم"2.

3-

قصة الذين أخبر الله تعالى عنهم في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} 3.

وهؤلاء هم قوم من بني إسرائيل، وقع فيهم الوباء، ففروا هاربين،

1 انظر: تفسير الطبري 1/359-360، وتفسير ابن كثير 1/115، وتفسير القرطبي 1/457.

2 تفسير الطبري 1/361.

3 سورة البقرة الآية: 243.

ص: 586

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كانوا أربعة آلاف، وعنه كانوا ثمانية آلاف، وعنه أيضاً أربعون ألفاً خرجوا فراراً من الطاعون، قالوا نأتي أرضاً ليس بها موت، حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا، قال الله لهم: "موتوا" فماتوا، فمرّ عليهم نبيٌ من الأنبياء، فدعا ربه أن يحييهم، فأحياهم"1.

4-

{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 2.

والذي مرّ على القرية هو: "عزير" عليه السلام على القول المشهور، والقرية المشهور أنها بيت المقدس، مرّ عليها عزير بعد تخريب بختنصر لها، وقتل أهلها، ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله3.

5-

سؤال إبراهيم عليه السلام عن كيفية إحياء الموتى، قال تعالى:

1 تفسير الطبري 2/586، وتفسير ابن كثير 1/309-310.

2 سورة البقرة الآية: 259.

3 تفسير ابن كثير 1/326.

ص: 587

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} 1.

وقد ذكر المفسرون لسؤال إبراهيم عليه السلام أسباباً منها أنه لما قال للنمرود {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} ، أحب أنْ يترقى من علم اليقين، وأن يرى ذلك مشاهدة2.

وأما حديث: "نحن أحق بالشك من إبراهيم إذْ {قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى

} "3 الآية، فإن إبراهيم عليه السلام لم يكن شاكاً في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى.

وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في معنى هذا الذي ورد من النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال كثيرة، أحسنها وأصحها ما قاله أبو

1 سورة البقرة الآية: 260.

2 تفسير ابن كثير 1/327.

3 صحيح البخاري بشرح الفتح 6/411 كتاب الأنبياء، باب قول الله عز وجل:{ونبئهم عن ضيف إبراهيم} الآية.

ومسلم 1/133 كتاب الإيمان، باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة.

ص: 588

إبراهيم المزني وجماعة من العلماء، من أنَّ الشكَ مستحيلٌ في حق إبراهيم عليه السلام، فإنَّ الشك في إحياء الموتى لو كان متطرقاً إلى الأنبياء، لكنت أنا أحق به من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشك، فاعلموا أنَّ إبراهيم عليه السلام لم يشك، وإنّما خص إبراهيم بالذكر لكون الآية قد يسبق الأذهان الفاسدة منها احتمال الشك، فنفى ذلك عنه، وإنّما رجح إبراهيم على نفسه صلى الله عليه وسلم تواضعاً وأدباً، أو قبل أنْْ يعلم صلى الله عليه وسلم أنه خير ولد آدم1.

وذكر ابن حجر رحمه الله عن بعض علماء العربية:" أن أفعل ربما جاءت لنفي المعنى عن الشيئين، نحو قوله تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} 2، أي لا خير في الفريقين، ونحو قول القائل: الشيطان خير من فلان، أي لا خير فيهما، فعلى هذا فمعنى قوله: "نحن أحق بالشك من إبراهيم" لا شك عندنا جميعاً "3ا.?.

أما قوله تعالى: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} ، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "أوثقهُّن فلما أوثقهن ذبحهن، ثم جعل على كل جبل منهم جزءاً، فذكروا أنه عمد إلى أربعة من الطير فذبحهن، ثم قطعهن

1 شرح النووي على مسلم 2/183.

2 سورة الدخان الآية: 37.

3 فتح الباري 6/412.

ص: 589

ونتف ريشهن ومزقهن، وخلط بعضهن ببعض، ثم جزأهن أجزاء، وجعل على كل جبل منهن جزءاً، قيل أربعة أجبل، وقيل سبعة.

قال ابن عباس: وأخذ رؤوسهن بيده، ثم أمره الله عز وجل أن يدعوهن فدعاهن كما أمره الله عز وجل، فجعل ينظر إلى الريش يطير إلى الريش، والدمّ إلى الدّم، واللحم إلى اللحم، والأجزاء من كل طائر يتصل بعضها إلى بعض، حتى قام كل طائر على حدته وأتينه يمشين سعياً، ليكون أبلغ له في الرؤية التي سألها، وجعل كل طائر يجيء ليأخذ رأسه الذي في يد إبراهيم عليه السلام، فإذا قدم له غير رأسه يأباه، فإذا قدم إليه رأسه تركب مع بقية جسده بحول الله وقوته"1.

6-

ما أخبر الله تعالى في عيسى عليه السلام، أنه كان يحيى الموتى بإذن الله، وذلك في قوله سبحانه:{وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ} 2.

وذكر المفسرون أنه أحيا أربعة أنفس من الموت3، وكان إحياء

1 تفسير ابن كثير 1/328.

2 سورة آل عمران الآية: 49.

3 زاد المسير لابن الجوزي 1/392، وانظر تفسير القرطبي 4/94.

ص: 590

عيسى الموتى بدعائه لله، يدعو لهم فيستجيب له1.

7-

ما أخبر الله عنه من قصة أصحاب الكهف، قال تعالى:{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} 2.

وقال تعالى عنهم: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} 3.

وقال أيضاً: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} 4.

قال ابن كثير رحمه الله: " ذكر غير واحد من السلف أنه قد حصل

1 تفسير الطبري 3/278.

2 سورة الكهف الآيات: 10-12.

3 سورة الكهف الآية: 19.

4 سورة الكهف الآيتان: 25-26.

ص: 591

لأهل ذلك الزمان شك في البعث وفي أمر القيامة، وقال عكرمة: كان منهم طائفة قد قالوا: تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد، فبعث الله أهل الكهف حجةً ودلالةً وآيةً على ذلك"1.

الثاني: الاستدلال بالنشأة الأولى:

جاء ذلك في آيات كثيرة منها ما يلي:

1-

قال تعالى: {وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا} 2.

والمعنى: أن المشركين المكذبين بالبعث، قالوا إذا أصبحنا عظاماً نخرة، وذرات متفتتة كالتراب، هل سنبعث ونخلق خلقاً جديداً؟

ويجيبهم الله تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول: لو كنتم من نوع الحجارة أو الحديد، لقدر الله تعالى على بعثكم وإحيائكم، فضلاً عن كونكم من العظام والرفات، لأنَّ الله تعالى لا يعجزه شيء {أَوْ

1 تفسير ابن كثير 3/82-83.

2 سورة الإسراء الآيات: 49-51.

ص: 592

خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} أي: أو كونوا خلقاً آخر أبعد عن الحياة من الحجارة والحديد، مما يصعب في نفوسكم تصور الحياة فيه {فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا} أي: من الذي يردنا إلى الحياة بعد الممات {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} ، أي: قل لهم يا محمد: القادر العظيم الذي خلقكم وأنشأكم من العدم أول مرة، هو الذي يعيدكم {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ} أي: يحركون رؤوسهم قائلين في استهزاء وتعجب واستنكار، متى يكون هذا البعث الذي تدعيه؟ وهنا يقول الحق لنبيه صلى الله عليه وسلم:{قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا} أي: لعله يكون قريباً، فإن كلَّ ما هو آت قريب1.

2-

وقال تعالى: {وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَوَلَا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} 2.

وفي هذه الآية الكريمة، ينبه الله تعالى الجاحد للبعث على خلقه

1 انظر: تفسير ابن كثير 3/49، والمراغي 15/56-57.

2 سورة مريم الآيتان: 66-67.

ص: 593

الأول، ليستدل به على الإعادة، ويعلم أنَّ الذي خلقه من العدم، قادر على أنْ يعيده بعد الفناء وتشتت الأجزاء.

قال بعض العلماء: "لو اجتمع كلُّ الخلائق على إيراد حجة في البعث على هذا الاختصار، لما قدروا عليها، إذ لا شك أنَّ الإعادة ثانياً أهون من الإيجاد أولاً"1.

3-

وقال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} 2.

4-

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَاّ رَيْبَ

1 التفسير الكبير للفخر الرازي 21/241.

2 سورة الأنبياء الآية: 104.

ص: 594

فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ} 1.

فهذه الآيات الكريمة تقوم على مقدمات وحقائق واضحة بنيت عليها نتائج ثابتة، مع ما فيها من السهولة والوضوح التام.

فالله تعالى يذكر للمجادلين في قدرة الله تعالى، المنكرين للبعث، دليلين واضحين على إمكان البعث:

أحدهما: في الإنسان نفسه.

والآخر في النبات.

فأما الدليل الذي في الأنفس، فهو يشتمل عليه صدر الآية الكريمة، وهو متعلق بالنشأة الأولى:(فكأن الله سبحانه قال: إن كنتم في ريب مما وعدناكم من البعث، فتفكروا في خلقكم الأول، لتعلموا أنَّ القادر على خلقكم أولاً، قادرٌ على خلقكم ثانياً)2.

ومعنى ذلك فإن شككتم أيها المنكرون للبعث في قدرة الله على إحيائكم بعد موتكم، فانظروا في أصل خلقكم ليزول ريبكم، فقد خلقنا أصلكم "آدم" عليه السلام من التراب، ثم جعلنا خلقكم بعد ذلك من نطفة ماء، ثم إلى علقة، وهو الدم الجامد، ثم إلى مضغة، وهي القطعة من اللحم متبينة الخلق والصورة، وغير متبينة في شكلها وخلقها، لنيبن لكم

1 سورة الحج الآيات: 5-7.

2 التفسير الكبير للفخر الرازي 23/7.

ص: 595

قدرتنا على الخلق والإعادة {وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} ، أي: ونثبت من الحمل في الأرحام من أردنا أن نقره فيها، حتى زمن الوضع {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} أي: ثم نخرج هذا الجنين فينمو شيئاً فشيئاً {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} ، أي: كمال قواكم وعقولكم {وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى} فيموت في شبابه، {وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} ، فيصل إلى سن الشيخوخة والهرم {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} فيعود إلى ما كان عليه في أوان الطفولة من الضعف وقلة الفهم والإدراك.

فالآية الكريمة تخاطب المنكر للبعث، قائلة له: إنْ كنت تستبعد البعث والنشور، فما عليك إلا أنْ تنظر إلى أصل خلقك، ونشأتك الأولى وحياتك المتعددة، فعند ذلك تعلم علم اليقين، أنَّ القدرة التي صنعت ذلك لا يعجزها إحياؤك بعد موتك.

وأما دليل النبات أو إحياء الأرض بعد موتها، فقد جاء في قوله تعالى:{وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} ، وسيأتي إيضاح هذا الاستدلال في موضعه.

قال الفخر الرازي: "ثم إنه لما قرر هذين الدليلين رتب عليهما ما هو المطلوب والنتيجة وذكر أموراً خمسة:

ص: 596

1-

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} ، والحق هو الموجود الثابت، فكأنه سبحانه بين أن هذه الوجوه دالة على وجود الصانع، وحاصلها راجع إلى حدوث هذه الأعراض وتواردها على الأجسام دليل على وجود الصانع.

2-

قوله تعالى: {وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى} ، فهذا تنبيه على أنه لما لم يستبعد من الإله إيجاد هذه الأشياء، فكيف يستبعد منه إعادة الأموات.

3-

قوله تعال: {وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} يعني: أنَّ الذي يصح منه إيجاد هذه الأشياء، لا بدّ أنْ يكون قديراً قادراً على الإعادة أيضاً.

4-

قوله تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَاّ رَيْبَ فِيهَا} ، والمعنى أنه لما أقام الدلائل على أن الإعادة في نفسها ممكنة، وأنه تعالى قادر على كل شيء، وجب القطع بكونه قادراً على الإعادة في نفسها، وإذا ثبت الإمكان، وأخبر الصادق عن وقوعه، وجب القطع بوقوعه.

5-

{وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ} ، أي: ولتوقنوا بأنَّ الله حينئذ يبعثُ من في القبور أحياء إلى مواقف الحساب.

ثم قال الرازي: واعلم أنّ تحرير هذه الدلائل على الوجه النظري، أنّ

ص: 597

يقال الإعادة في نفسها ممكنة، والصادق أخبر عن وقوعها، فلا بدّ من القطع بوقوعها"1ا.?.

4-

ومن أدلة البعث قياساً على النشأة الأولى، قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} 2.

5-

وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 3.

وقوله: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ، أي: وهو الذي يبدأ الخلق من غير أصل له، فينشئه بعد أنْ لم يكن شيئاً، ثم يفنيه بعد ذلك، ثم يعيده كما بدأه، وذلك أسهل عليه حسب ما يدور في عقول المخاطبين، من أنّ

1 التفسير الكبير 23/9-10 بتصرف، وانظر تفسير المراغي 17/90.

2 سورة المؤمنون الآيات: 12-16.

3 سورة الروم الآية: 27.

ص: 598

من فعل شيئاًَ مرة، كانت الإعادة أسهل عليه، وإلاّ فكل الممكنات بالنظر إلى قدرة الله تعالى سواء1.

ومثل هذه الآية قوله تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} 2.

والمعنى: أفعجزنا عن ابتداء الخلق، حتى نعجز عن إعادته بعد الموت؟

قال ابن كثير رحمه الله: "والمعنى أنَّ الخلق لم يعجزنا، والإعادة أسهل منه"3.

6-

وقال تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} 4.

1 انظر: تفسير الطبري 21/35، وتفسير المراغي 21/41.

2 سورة ق الآية: 15.

3 تفسير ابن كثير 4/239.

4 سورة السجدة الآيات: 7-11.

ص: 599

7-

وقال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} 1.

قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير والسدي وقتادة: جاء أبيّ بن خلف لعنه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم، وهو يفتته ويذره في الهواء، وهو يقول: يا محمد، أتزعم أنَّ الله يبعث هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم:"نعم يميتك الله تعالى، ثم يبعثك، ثم يحشرك إلى النار".

ونزلت هذه الآيات من آخر يس.

وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنّ العاص بن وائل أخذ عظماً من البطحاء ففته بيده، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيحيي اللهُ هذا بعد ما أرى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم يميتك الله، ثم يحييك، ثم يدخلك جهنم"، قال ونزلت الآيات من آخر يس2.

قال ابن كثير: "وعلى كل تقدير، سواء كانت هذه الآيات نزلت في أبيّ بن خلف، أو العاص بن وائل، أو فيهما، فهي عامة في كل

1 سورة يس الآيتان: 78-79.

2 الحاكم في المستدرك 2/429، وصححه ووافقه الذهبي.

وأسباب النزول للسيوطي ص: 182، وأسباب النزول للواحدي ص:209.

ص: 600

منكر للبعث"1.

8-

وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} 2.

ومعنى الآيات الكريمة، أفيظن الإنسان أنْ يترك هملاً من غير بعث ولا حساب؟ وبدون تكليف، بحيث يبقى كالبهائم، أما كان هذا الإنسان نطفة له ماء مهين، يخرج من بين صلب الرجل، وترائب المرأة، ثم كان علقة من دم غليظ متجمد، فخلقه الله بقدرته في أحسن صورة وأجملها، كما قال تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} 3، فكان من هذا الإنسان الذكر والأنثى بقدرته تعالى، أليس الذي أنشأ الإنسان هذه النشأة العجيبة، بقادر على إعادة خلقه بعد فنائه؟

"سبحانك اللهم بلى".

إلى غير ذلك من الآيات التي أوردها القرآن في اثبات البعث مستدلاً على ذلك بالنشأة الأولى.

1 تفسير ابن كثير 3/607.

2 سورة القيامة الآية: 36-40.

3 سورة التين الآية: 4.

ص: 601

الثالث: الإستدلال على البعث بخلق السموات والأرض بطريق الأولى، ومن الحجج التي استدل القرآن بها على منكري البعث، بيان قدرته العظيمة على خلق الأكوان، ومن ذلك خلقه للسموات والأرض، كما في قوله تعالى:{وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لَاّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلَاّ كُفُورًا} 1.

وقوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَاّقُ الْعَلِيمُ} 2.

وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 3.

وقوله تعالى: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} 4.

1 سورة الإسراء الآيتان: 98-99.

2 سورة يس الآية: 81.

3 سورة الأحقاف الآية: 33.

4 سورة النازعات الآيتان: 27-28.

ص: 602

فهذه الآيات الكريمة، وما في معناها من أكبر الأدلة والبراهين على قدرة الخالق العظيم، لأنه من المعروف ببداهة العقول السليمة، أنَّ خلق السموات والأرض أعظم من البعث وإعادة خلق الناس.

الرابع: الاستدلال بخلق النبات:

ومن أدلة القرآن على إمكان البعث، قياس إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات، جاء ذلك في آيات كثيرة، منها قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} 1.

ومن ذلك قوله تعالى: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَاّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ} 2.

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ

1 سورة الأعراف الآية: 57.

2 سورة الحج الآيتان: 6-7.

ص: 603

فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} 1.

وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 2.

فهذه الآيات الكريمة، استدل بها القرآن الكريم على بعث الموتى من قبورهم، وذلك أنَّ الله تعالى ينزل الأمطار على الأرض المجدبة القاحلة، فتحيا بعد أن كانت ميتة هامدة، وتهتز وتربو وتنبت من أصناف النباتات المختلفة، وكذلك الأموات يخرجون كما تخرج هذه النباتات من الأرض الميتة، إذ أنَّ القادر على هذا قادر على ذلك، ولو كانت إعادة الحياة إلى الإنسان مستحيلة، لما عادت الحياة إلى النباتات بعد موتها، لأنَّ المشابهة واضحة.

ولقد لفت القرآن الكريم أنظار المنكرين للبعث إلى التأمل والتبصر في المخلوقات المحسوسة والمشاهدة، لأخذ العبرة منها، ليعود للنفوس إيمانها فتشعر بالاستقرار والطمأنينة.

الخامس: الاستدلال بإخراج النار من الشجر الأخضر:

قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ

1 سورة فاطر الآية: 9.

2 سورة فصلت الآية: 39.

ص: 604

تُوقِدُونَ} 1.

قال الفخر الرازي: "ووجهه هو أنَّ الإنسان مشتمل على جسم يحس به، وحياة سارية فيه، وهي كحرارة جارية فيه، فإن استبعدتم وجود حرارة وحياة فيه، فلا تستبعدوه، فإنَّ النار في الشجر الأخضر الذي يقطر منه الماء، أعجب وأغرب، وإن استبعدتم خلق جسمه، فخلق السموات والأرض أكبر من خلق أنفسكم، فلا تستبعدوه، فإنَّ الله خلق السموات والأرض"2.

وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ} 3.

ووجه الاستدلال من الآيتين: أنَّ من قدر على إيداع النار في الشجر الأخضر، لا يعجز عن إيداع الحرارة الغريزية في بدن الميت4.

السادس: الإستدلال بحصول اليقظة بعد النوم:

فإنَّ النوم أخو الموت، واليقظة شبيهة بالحياة بعد الموت، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى

1 سورة يس الآية: 80.

2 التفسير الكبير للفخر الرازي 26/110.

3 سورة الواقعة الآية: 71.

4 انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي 29/184.

ص: 605

ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} 1.

ثم ذكر عقيبه أمر الموت والبعث، فقال تعالى:{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} 2.

وقال تعالى في آية أخرى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} 3.

والمراد من ذلك الإستدلال بحصول هذه الأحوال على صحة البعث والحشر والنشر4.

وهناك استدلالات أخرى، ذكرها بعضُ العلماء أمسكنا عنها اختصاراً5.

1 سورة الأنعام الآية: 60.

2 سورة الأنعام الآيتان: 61-62.

3 سورة الزمر الآية: 42.

4 التفسير الكبير للفخر الرازي 17/18.

5 للإستزادة انظر مناهج الجدل في القرآن الكريم، د. زاهر عواض الألمعي ص304 وما بعدها، منهج القرآن في الدعوة إلى الإيمان د. علي بن محمد ناصر فقيهي ص293 وما بعدها.

ص: 606