الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(20) باب السلف في الطعام
2571 -
حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُو صَلَاحُهُ، أَوْ تَمْرٍ لَمْ يَبْدُو صَلَاحُهُ.
2572 -
قَالَ مَالِكٌ: الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ سَلَّفَ فِي طَعَامٍ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَحَلَّ الطعام ، فَلَمْ يَجِدِ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَفَاءً بمَّا ابْتَاعَ مِنْهُ، فَأَقَالَهُ ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إِلَاّذَهَبَهُ أَوْ وَرِقَهُ أَوِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَه بِعَيْنِهِ، ولَا يَشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ شَيْئًا حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ غَيْرَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ، أَوْ صَرَفَهُ فِي شئ غَيْرِ الطَّعَامِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ، فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، فَإِنْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي، فَقَالَ لِلْبَائِعِ: أَقِلْنِي وَأُنْظِرُكَ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا دخلَّ الطَّعَامُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، أَخَّرَ عَنْهُ حَقَّهُ عَلَى أَنْ يُقِيلَهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ بَيْعَ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
2573 -
قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ حَلَّ الأََجَلُ، وَكَرِهَ الطَّعَامَ ، أَخَذَ بِهِ دِنَانير إِلَى أَجَلٍ، فلَيْسَ ذَلِكَ بِالإِقَالَةِ، وَإِنَّمَا الإِقَالَةُ مَا لَمْ يَزْدَدْ فِيهِ الْبَائِعُ والْمُشْتَرِي، فَإِذَا وَقَعَتْ الزِّيَادَةُ بِنَسِيئَةٍ إِلَى أَجَلٍ، أَوْ بِشَيْءٍ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالإِقَالَةِ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ الإِقَالَةُ إِذَا فَعَلَا ذَلِكَ بَيْعًا، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ، وَالتَّوْلِيَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الزِيَادَةٌ وْ الْنُّقْصَانُ، أَوْ نَّظِرَةُ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ ، صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ.
2574 -
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ أَرَادَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي وَاصَفَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ إِلَاّ بَعْضَ مَا سَلَفَهُ فِيهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِي مَا وَجَدَهُ بِسِعْرِهِ وَيُقِيلَهُ مِمَّا لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ، وَيَأْخُذَ مِنْهُ حِسَابَ ذَلِكَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، وَهُوَ مِمَّا نَهَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَهُوَ يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ.
2575 -
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاس لَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فَسَلَّفَهُ في الطَّعَامِ وَزَادَهُ فِي السِّلْعَةِ لأَنْ يَزِيدَهْ الْبَائِعُ فِي السِّعْرِ وَالْمُبْتَاعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ الَّذِي بَاعَهُ مِنَ الطَّعَامِ مَا بَاعَهُ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِمَا سَلَّفَهُ فِيهِ، فَإِذَا حَلَّ الأَجَلُ، أَخَذَ مِنْهُ مَا وَجَدَ عِنْدَهُ مِنَ الطَّعَامِ بَخْسًا مِنَ الثَّمَنِ، وَأَقَالَهُ مِمَّا لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ، فَصَارَ ذَلِكَ بَيْعًا وَسَلَفًا، وَصَارَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً بَيْنَ النَّاسِ، مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ.
2576 -
قَالَ مَالِكٌ: مَنْ سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، فَلَا بَأْسَ بأَنْ يَأْخُذَ مَحْمُولَةً بَعْدَ مَحِلِّ الأََجَلِ ، وَكَذَلِكَ كل صِنْفٍ مِنَ الأََصْنَافِ، فَلَا بَأْسَ بأَنْ يَأْخُذَ خَيْرًا مِمَّا سَلَّفَ فِيهِ أَوْ أَدْنَى بَعْدَ مَحِلِّ الأََجَلِ.
2577 -
قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ: إنْ سَلِّفَ الرَّجُلُ فِي حِنْطَةٍ مَحْمُولَةٍ، فَلَا بَأْسَ بأَنْ يَأْخُذَ شَعِيرًا أَوْ شَامِيَّةً، وَإِنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ عَجْوَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ صَيْحَانِيًّا أَوْ جَمْعًا، وَإِنْ سَلَّفَ فِي زَبِيبٍ أَحْمَرَ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْوَدَ ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ مَحِلِّ الأََجَلِ، إِذَا كَانَتْ مَكِيلَةُ ذَلِكَ سَوَاءً.