الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(14) القضاء باليمين مع الشاهد
2911 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
2912 -
حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ عَامِلٌه عَلَى الْكُوفَةِ: أَنِ اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
2913 -
حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلَا: هَلْ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، فَقَالَا: نَعَمْ.
2914 -
قَالَ مَالِكٌ: مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، يَحْلِفُ صَاحِبُ الْحَقِّ مَعَ شَاهِدِهِ، وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ، فَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، أُستحْلِفَ الْمَطْلُوبُ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الْحَقُّ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ.
2915 -
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأََمْوَالِ خَاصَّةً، وَلَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُدُودِ، وَلَا فِي النِكَاحٍ ، وَلَا فِي الطَلَاقٍ، وَلَا فِي العَتَاقَةٍ ، وَلَا فِي السَرِقَةٍ، وَلَا فِي الفِرْيَةٍ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ الْعَتَاقَةَ مِنَ الأََمْوَالِ، فَقَدْ أَخْطَأَ، ولَيْسَ كمَا قَالَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ، يحَلَفَ الْعَبْدُ مَعَ شَاهِدِهِ، إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ يشهد له أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ، وَأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ عَلَى مَالٍ مِنَ الأََمْوَالِ ادَّعَاهُ، أحَلَفَ مَعَ الشَاهِدِ ، وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ كَمَا يَحْلِفُ الْحُرُّ.
2916 -
قَالَ مَالِكٌ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ يشهد له عَلَى عَتَاقَة ، اسْتُحْلِفَ السَيِّدُ مَا أَعْتَقَهُ ، وَبَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ.
2917 -
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا السُّنَّةُ فِي الطَّلَاقِ، إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِشَاهِدٍ واحد على أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، أُستحْلِفَ زَوْجُهَا مَا طَلَّقَهَا، فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِا الطَّلَاقُ.
2918 -
قَالَ مَالِكٌ: والسُنَّةُ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقَ فِي الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ سنة وَاحِدَةٌ، وإِنَّمَا يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ، وَعَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا الْعَتَاقَةُ حَدٌّ مِنَ الْحُدُودِ، لَا يجُوزُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ، فإِذَا أعَتَقَ الْعَبْدُ سيده ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ، جازت شهادته وَوَقَعَتْ لَهُ الْحُدُودُ، وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ رُجِمَ، وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ، وَثَبَتَ لَهُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُوَارِثُهُ، فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فَقَالَ: إنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ عَبْدَهُ، وَجَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ سَيِّدَ الْعَبْدِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى سيد العبد، يشَهِدَ لَهُ عَلَى حَقِّهِ ذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُثْبِتُ الْحَقَّ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ، حَتَّى يرَدَّ بِذلك عَتَاقَة العبد، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِه مَالٌ غَيْرُه، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كمَا قَالَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مثل الرَّجُلُ يَعْتِقُ عَبْدَهُ، ثُمَّ يَأْتِي طَالِبُ الْحَقِّ عَلَى سَيِّدِ العبد بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ، ويحِقُّ حَقَّهُ، وَيثبت ويرَدُّ بِذَلِكَ عَتَاقَةُ الْعَبْدِ، أَوْ يَأْتِي الرَّجُلُ قَدْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِ الْعَبْدِ مُخَالَطَةٌ وَمُلَابَسَةٌ، فَيَزْعُمُ أَنَّ لَهُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ مَالاً، فَيُقَالُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ: احْلِفْ مَا عَلَيْكَ مَا ادَّعَاه، فَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، حُلِّفَ طالبُ الْحَقِّ، وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ يَرُدُّ عَتَاقَةَ الْعَبْدِ، إِذَا ثَبَتَ الْحق عَلَى سَيِّدِهِ.
2919 -
قَالَ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا الرَّجُلُ يَنْكِحُ الأََمَةَ، فَتَكُونُ امْرَأَتَهُ، فَيَأْتِي سَيِّدُ الأََمَةِ إِلَى زوجها فَيَقُولُ: ابْتَعْتَ مِنِّي جَارِيَة فُلَانَةَ بنت فُلَانٌ بِكَذَا وَكَذَا دِينَا، فَيُنْكِرُ ذَلِكَ زَوْجُها، فَيَأْتِي سَيِّدُها بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، فَيَشْهَدُونَ عَلَى مَا قَالَ، فَيَثْبُتُ بَيْعُهُ، وَيَحِقُّ حَقُّهُ، وَتَحْرُمُ الأََمَةُ عَلَى زَوْجِهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِرَاقًا بَيْنَهُ وبين امرأته، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لَا تَجُوزُ فِي الطَّلَاقِ.
2920 -
قَالَ: وَمِثل ذَلِكَ الرَّجُلُ يَفْتَرِي عَلَى الرَّجُلِ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَيَأْتِي الرجل برَجُلٌ وَامْرَأَتَينِ ، فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الَّرجل المفْتُرِيَ عَلَيْهِ مَمْلُوكٌ، فَيَبطل ذَلِكَ الْحَق عَلى الْمُفْتَرِي بَعْدَ وَقَوعَ الحد عَلَيْهِ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لَا تَجُوزُ فِي الْفِرْيَةِ.
2921 -
وقَالَ مَالِكٌ: وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَمَا مَضَت فيه السُّنَّةِ، أَنَّ امَرْأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ، فَيَجِبُ بِذَلِكَ مِيرَاثُهُ حَتَّى يَرِثَ، وَيَكُونُ مَالُهُ لِمَنْ ورِثُهُ، وإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ، وَلَيْسَ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ شَهِدَتَا، رَجُلٌ وَلَا يَمِينٌ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأََمْوَالِ الْعِظَامِ، مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالرِّبَاعِ وَالْحَوَائِطِ وَالرَّقِيقِ وَمَا أشبه ذَلِكَ مِنَ الأََمْوَالِ، وَلَوْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ عَلَى دِرْهَمٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ، لَمْ تَقْطَعْ شَهَادَتُهُمَا شَيْئًا، وَلايجوز إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا شَاهِدٌ أَوْ يَمِينٌ.
2922 -
قَالَ مَالِكٌ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: لَا تَكُونُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ اللهِ تبارك وتعالى، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} يَقُولُ: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا يُحَلَّفُ مَعَ شَاهِدِهِ ويحتج بقول الله تبارك وتعالى.
ومِنَ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ، يُقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالاً ، أَلَيْسَ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا ذَلِكَ الْحَقُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَإِنْ أبى أن يحلف ونَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ حُلِّفَ طالبُ الْحَقِّ أنَّ حَقَّهُ بحَقٌّ، وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَا بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَخَذَ هَذَا؟ أَوْ فِي كِتَابِ اللهِ وَجَدَهُ؟ فَإِذَا أَقَرَّ بِهَذَا ، فَلْيُقْرِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل، فإنَّهُ يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ مَا مَضَت مِنَ السُّنَّةِ، وَلَكِنِ الْمَرْءُ قَدْ يُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ الصَّوَابِ وَمَوْضعَ الْحُجَّةِ، فَهَذَا بَيَانُ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
2923 -
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ دَيْنٌ، وله عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَعَلَيْهِ لِلنَّاسِ دَيْونٌ، فَيَأْبَى وَرَثَتُهُ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى حُقُوقِهِمْ مَعَ شَاهِدِهِمْ، قَالَ: فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ وَيَأْخُذُونَ حُقُوقَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ لَمْ يَكُنْ لْوَرَثَته أَنْ يَحْلِفُوا ولم يكن لهم شَيْءٌ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الأََيْمَانَ عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ من قَبْلُ، فَتَرَكُوهَا، إِلَاّ أَنْ يَقُولُوا: لَمْ نكن نَعْلَمْ أن لِصَاحِبِنَا فَضْلاً، وَيُعْلَمُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا تَرَكُوا الأََيْمَانَ لذَلِكَ، فَإِنِّ عْلَمُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا تَرَكُوا الأََيْمَانَ لذَلِكَ رَأَيت أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا مَا بَقِيَ من دَيْنِهِ.