الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل صح قراءة سورتي السجدة والملك بين المغرب والعشاء وفضل أيات من سورة الأنعام
؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد شيء بخصوص قراءة سورة السجدة والملك بين المغرب والعشاء؟
وكذلك قراءة ثلاث آيات من سورة الأنعام بعد صلاة الفجر مباشرة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قَبْلَ الإِجَابَةِ عَلَى هذا السُّؤَالِ لَا بُدَّ مِن تَقرِيْرِ مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِفَضَائِلِ السُّوَرِ.
لَقَدْ وُضِعَتْ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ أَحَادِيْثُ مَكْذُوْبَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِن أَشْهَرِ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ:
1-
نُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ، وَالَّذِي قِيْلَ فِيْهِ:" جَمَعَ كُلَّ شَيْء إِلَاّ الصِّدْق "، فَقَدْ أَبَاحَ – بِزَعمِهِ – الكَذِبَ فِي الحَدِيْثِ لِمَصْلَحَةِ الدِّيْنِ، فاختلق أحاديث من عنده ونسبها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في فضائل سور القرآن الكريم سورةً سورةً.
قَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ المَرْوَزِيُّ: قِيْل لأَبِي عِصْمَةَ –وهو نوح بن أبي مريم -: " مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي فَضَائِلِ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً، وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا؟ "، فَقَالَ:" إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ، وَاشْتَغَلُوا بفقهِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَوَضَعْتُ هَذَا الحَدِيْثَ حِسْبَةً "(أي: ابتغاء الأجر)
أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي " المَدْخَلِ "(ص 54) وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي " المَوْضُوْعَاتِ "(16) ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ.
2-
وَآخَرُ اسْمُهُ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الفَارِسِيُّ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " الْمَجْرُوحِينَ " (2/345 رقم 1038) :" وَهُو صَاحِبُ حَدِيْثِ فَضَائِلِ القُرْآنِ الطَّوِيْلِ " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا ".
وَجَاءَ فِي " لِسَانِ المِيْزَانِ "(7/198) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجرٍ: " وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي " الضُّعَفَاءِ " عَن ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: " مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ: " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا "؟ قَالَ: " وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ َفِيْهَا ".
فهذه أمثلة لمن يجترئ ويكذب في الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمصلحة يراها، خدعه بها إبليس.
وقد نَبَّه العُلَمَاءُ عِلى عَدَمِ ثُبُوتِ الأَحَادِيْثِ التي فيها سرد فَضَائِلِ جميع سور القُرْآنِ الكريم، سورةً سورةً، وَمِمَّنْ نَبَّه عِلَى ذَلِك المَوْصِلِيُّ فِي " المُغنِي عَنِ الحِفْظِ وَالكِتَابِ " (1/121) فَقَالَ:" قَدْ وَرَدَ: " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ أُجْرُ كَذَا
…
مِنْ أَوَّلِ القُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ؛ قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: " أَظُنُّ الزّنَادقَةَ وَضَعَتْهَا ". قَالَ المُصَنِّفُ – أَي: المَوْصِلِيُّ -: " فَلم يَصِح فِي هَذَا شَيْءٌ
…
".
وَنَبَّه عِلَى ذَلِك أَيْضاً ابْنُ القيِّمِ فِي " المَنَارِ المُنِيفِ "(ص 113 – 144)، وَالشَّيْخُ بَكْرٌ أَبُو زَيْد فِي " التَّحدِيْث بِمَا قِيْلَ:" لا يَصِحُّ فِيْهِ حَدِيْثٌ "(ص 122 – 123) وَأَضَافَ: " تَنْبِيْهٌ: فَضَائِلُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَفَضَائِلُ بَعْضِ السُّوَرِ وَالآيَاتِ مَعْلُوْمَةٌ بِنُصُوْصٍ صَحِيْحَةٍ مَرْفُوْعَةٍ إِلَى َالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمُرَادُ ابْنِ المُبَارَكِ وَمَنْ بَعْدَهُ هُو تِلكُم الأَحَادِيْثُ الطِّوَالُ الَّتِي تَنْتَظِمُ سُّوَرَ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً؛ كَالحَدِيْثِ المَنْسُوْبِ إِلَى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ رضي الله عنه وَنَشْرُهُ بَعْضُ المفسِّرِيْنَ؛ مِثْلُ: الثَّعْلَبِيِّ، وَالوَاحِدِيِّ، وَالزَّمَخشرِيِّ فِي تفَاسيرِهِم، فَهَذِهِ مَوْضُوْعَةٌ، وَهِي المُرَادَةُ فِي كَلَام ابْنِ المُبَارَكِ وَغَيْرِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ ".ا. هـ.
ثانياً:
وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا فَالجَوَابُ:
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الأَوَّلِ:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَرَأَ: " تبَاركَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " وَ " ألم. تنَزِيْل " السَّجْدَة، بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ ".
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ "(6/535) عِنْدَ بدَايَةِ سُوْرَةِ السَّجْدَة، وَقَالَ: " وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْه عَنْ ابنِ عُمَرَ
…
فَذَكَرَهُ ".
وَنَقَلَهُ الأَلُوسِي فِي " رَوِ المَعَانِي "(21/116) عَنْ السُّيوطِيِّ ثُمّ قَالَ: " وَرَوَى نَحْوَهُ هُو – أَي: السُّيوطِيّ - وَالوَاحِدِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ، والثعلبي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَعَقَب ذَلِك وَلِيُّ الدِّيْنِ قَائِلاً: " لَم أَقِف عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا مَوْضُوْعَةٌ ".اهـ بتصرف يسير.
وَالحَدِيْثُ وَرَدَ بعدَّةِ أَلْفَاظٍ مِنْهَا المُطلَقُ مِنْ غَيْرِ تَحدِيْدٍ لِوقْتِ القِرَاءةِ، وَمِنْهَا المُقَيَّدُ بِوقْتٍ كَما فِي رِوَايَةِ ابنِ عُمَرَ، وَوَرَدَ أَيْضاً مَرْفُوْعاً وَمَوْقُوْفاً، ذَكَرَهَا الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ "(1127، 1129، 1140، 1141، 1142، 1143، 1144، 1146) ، إِلَاّ رِوَايَة ابنِ عُمَرَ.
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الثَّانِي:
وَرَدَ مِنْ طَرِيْقَيْنِ:
1-
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَرْفُوْعاً قَالَ: " مَنْ قَرَأَ إِذَا صَلَّى الغَدَاةَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ إِلَى " وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ " [الأَنْعَامُ: 3] ، نَزَلَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ مَلَك يُكْتَبُ لَه مِثلَ أَعْمَالِهِم، وَبُعِثَ إِلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَمَعَهُ مِرْزَبَةٌ مِنْ حَدِيْدٍ، فَإِن أَوْحَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ ضَرَبَهُ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبْعُوْنَ حِجَاباً، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ قَالَ اللهُ: " أَنَا رَبُّكَ وَأَنْتَ عَبْدِي، وَامْشِ فِي ظِلِّي، وَاشْرَبْ مِنْ الكَوْثَرِ، وَاغْتَسِلْ مِنْ السَّلْسَبِيلِ، وَادْخُلِ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ ".
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ "(3/245 – 246) وَقَالَ: " وَأَخْرَجَ السِّلَفِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً "، وَذَكَرَهُ الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ "(941) .
2-
عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ صَلَّى الفَجْرَ فِي جَمَاعِةٍ، وَقَعَدَ فِي مُصَلَاّهُ، وَقَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِيْنَ مَلَكاً يُسَبِّحُونَ اللَّه وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ".
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ "(3/246) وَعَزَاهُ لِلدَّيْلَمِيِّ، وَالغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ "(935) بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ لِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي "(7/76) بَعْدَ ذِكْرِهِ جُمْلَةً مِنْ الأَحَادِيْث وَالآثَارِ عِنْدَ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ وَمِنْهَا حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ: " إِلَى غَيْرِ ذَلِك مِنَ الأَخْبَارِ، وَغَالِب ما فِي هَذَا المَطْلَبِ ضَعِيْفٌ وَبَعْضَهَا مَوْضُوْعٌ، كَما لَا يَخْفَى ".ا. هـ.
وَسُوْرَةُ الأَنْعَامِ لم يَثْبُت شَيْءٌ من الأحاديث فِي فَضْلِهَا.
فأما سورتا السجدة وتبارك فلم يثبت شيء في قراءتهما بين المغرب والعشاء، ولكن ثبت في فضل سورة السجدة قراءتها في صلاة الفجر يوم الجمعة.
روى البخاري (891) ومسلم (880) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ (الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ) وَ (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ) .
وورد في فضل سورة تبارك قراءتها قبل النوم أو عموماً، فقد روى الترمذي (2891) وأبو داود (1400) وابن ماجه (3786) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) . قَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وقال ابن حجر في التلخيص (1/234) : "أعله البخاري في التاريخ الكبير بأن عباس الجشمي (وهو الراوي عن أبي هريرة) لا يعرف سماعه من أبي هريرة اهـ.
وحسنه الألباني في مواضع، وصححه في مواضع. انظر:"صحيح سنن ابن ماجه"، "صحيح سنن أبي داود". وقبله قال المنذري: رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
وروى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ. صححه الألباني في صحيح الترمذي.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب