الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة أويس القرني رحمه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت الكثير، ووردتني الكثير من الإيميلات عن تابعي (أحيانا يذكر أنه صحابي) يسمى أويس القرني، وعن بره بوالدته. هل من الممكن أن تتكرموا علينا بذكر قصته وسيرته؟ هل فعلا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه له مكانة خاصة؟ كيف كان بره بأمه - إن صح - أنه فضل لبره بأمه؟ جزاكم الله كل خير وقرب منه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
أويس القرني: أبو عمرو: أويس، بن عامر، بن جزء، بن مالك، القرني، المرادي اليماني، من سادات التابعين، والأولياء الصالحين، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم ولكنه لم يلقه، منعه من السفر إليه بره بأمه كما حكى ذلك الحافظ أبو نعيم في " حلية الأولياء "(2/87) عن أصبغ بن زيد، فليس هو من الصحابة، وإنما هو من التابعين.
ولد ونشأ في اليمن.
قال عنه الإمام الذهبي في " سير أعلام النبلاء "(4/19) :
" القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، كان من أولياء الله المتقين، ومن عباده المخلصين".
ثانيا:
عقد الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم بابا في فضائله، وأورد تحته ما أخرجه الإمام مسلم رحمه الله من أحاديث في فضله، منها حديث رقم (2542) :
عنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ:
(كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ) فَاسْتَغْفِرْ لِي. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْكُوفَةَ. قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟ قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ قَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ الْبَيْتِ قَلِيلَ الْمَتَاعِ.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ)
فَأَتَى أُوَيْسًا فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ.
قَالَ أُسَيْرٌ: وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً، فَكَانَ كُلَّمَا رَآهُ إِنْسَانٌ قَالَ: مِنْ أَيْنَ لِأُوَيْسٍ هَذِهِ الْبُرْدَةُ؟)
كما عقد الإمام الحاكم في " المستدرك "(3/455) بابا في مناقبه، وقال عنه:
" أويس راهب هذه الأمة " انتهى.
ولعل من أعظم ما روي في مناقبه الأحاديث الواردة في شفاعة رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لأناس كثيرين، وقد جاءت من روايات كثيرة، أصحها حديث عبد الله بن أبي الجدعاء مرفوعا:(ليدخُلَنَّ الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم) رواه الترمذي (رقم/2438) وقال حسن صحيح. وصححه الألباني.
فقد صح عن الحسن البصري أن هذا الشافع هو أويس القرني، وورد ذلك في أحاديث أخرى مرفوعة لكنها ضعيفة.
ورويت في فضله أحاديث أخرى ضعيفة، منها حديث طويل جاء فيه: (ليصلين معكم غدا رجل من أهل الجنة
…
ذاك أويس القرني)
…
إلى آخر الحديث، وفيه حوار مطول بينه وبين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب.
رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء "(2/81) وأشار إلى ضعفه. وقال الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة "(رقم/6276) : منكر جدا.
يقول ابن الجوزي رحمه الله – وقد عقد في كتابه " الموضوعات " بابا في ذكر أويس -:
" وإنما يصح في الحديث عن أويس كلمات يسيرة جرت له مع عمر، وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يأتي عليكم أويس، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) فأطال القُصَّاص في حديث أويس بما لا فائدة في الإالة بذكره " انتهى باختصار.
" الموضوعات "(2/44) .
ثالثا:
قد ذكر العلماء في ترجمته بعض القصص التي تدل على صلاحه وزهده رحمه الله، ومن أشهر مَن روى ذلك الحافظ أبو نعيم في كتابه العظيم " حلية الأولياء "، فكان مما جاء فيه بسنده (2/79) عن أبي نضرة عن أسير بن جابر قال:
" كان محدث بالكوفة يحدثنا، فاذا فرغ من حديثه يقول: تفرقوا. ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم بكلامه، فأحببته، ففقدته، فقلت لأصحابي: هل تعرفون رجلا كان مجالسنا كذا وكذا؟ فقال: رجل من القوم: نعم أنا أعرفه، ذاك أويس القرني. قلت: أفتعرف منزله؟ قال: نعم. فانطلقت معه حتى جئت حجرته، فخرج إلي فقلت: يا أخي ما حبسك عنا؟ قال: العري. قال: وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه. قال: قلت: خذ هذا البرد فالبسه. قال: لا تفعل، فإنهم إذًا يؤذونني إذا رأوه. قال: فلم أزل به حتى لبسه، فخرج عليهم، فقالوا: مَن ترون خدع عن برده هذا. فجاء فوضعه فقال: أترى!
قال: فأتيت المجلس فقلت: ما تريدون من هذا الرجل! قد آذيتموه، الرجل يعرى مرة ويكتسي مرة. قال: فأخذتهم بلساني أخذا شديدا " انتهى.
رابعا:
قد روي عن أويس كثير من الكلمات النورانية التي تفيض بالحكمة والموعظة:
عن سفيان الثوري قال: كان لأويس القرني رداء إذا جلس مس الأرض وكان يقول:
" اللهم إني أعتذر إليك من كل كبد جائعة، وجسد عار، وليس لي إلا ما على ظهري وفي بطني " انتهى.
رواه الحاكم في " المستدرك "(3/458)
ومن كلامه أيضا رحمه الله في الحث على الخوف من الله ودوام مراقبته:
" كن في أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم " انتهى.
رواه الحاكم في " المستدرك "(3/458)
وعن أصبغ بن زيد قال:
" كان أويس القرني إذا أمسى يقول: هذه ليلة الركوع، فيركع حتى يصبح، وكان يقول إذا أمسى: هذه ليلة السجود، فيسجد حتى يصبح. وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول: اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به، ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به " انتهى.
رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء "(2/87) وقوله " فيركع حتى يصبح
…
ويسجد حتى يصبح " أي يطيل الركوع في الصلاة حتى يصبح، ثم في ليلة أخرى يطيل السجود في الصلاة حتى يصبح ".
وعن الشعبي قال:
" مر رجل من مراد على أويس القرني فقال: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أحمد الله. قال: كيف الزمان عليك؟ قال: كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أن لا يمسي، وإن أمسى ظن أن لا يصبح، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار، يا أخا مراد! إن الموت وذكره لم يدع لمؤمن فرحا، وإن علمه بحقوق الله لم يترك له في ماله فضة ولا ذهبا، وإن قيامه بالحق لم يترك له صديقا " انتهى.
" حلية الأولياء "(2/83) ، ورواه الحاكم في " المستدرك "(3/458)
خامسا:
وأكثر أهل العلم يذهبون إلى أن وفاته كانت يوم صفين سنة (37هـ) ، حيث قاتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه واستشهد هناك، أسند ذلك الحاكم في " المستدرك "(3/460) إلى شريك بن عبد الله وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهما.
وذكر آخرون أنه غزا أذربيجان فاستشهد هناك. انظر: " حلية الأولياء "(2/83) .
والأول عليه الأكثر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب