الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسأل عن مقولة إبراهيم عليه السلام لإسماعيل: غيّر عتبة بابك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حديث يخص رجلا أخبر بأن يغير عتبة داره إذا نطقت زوجته بعبارة مهينة؟ رجاء ساعدوني في إيجاد هذا الحديث (إذا كان موجودا) وفهم السياق الذي قيل فيه إن شاء الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فالحديث الذي أشار إليه السائل هو ما حكاه النبي صلى الله عليه وسلم من قصة إبراهيم عليه السلام مع أم إسماعيل عليه السلام، وترك إبراهيم الخليل لها ولولدها عند بيت الله المحرم، وما تبع ذلك من أحداث.
والقصة رواها البخاري في صحيحة بطولها، وقد أخبرنا الله في القرآن عن بعض تفاصيل هذه القصة، كما في سورة إبراهيم؛ فقد أخبرنا سبحانه أن إبراهيم ترك زوجته وولده في مكة ورجع إلى الشام، كما أمره الله ثم رجع إلى مكة وقد كبر إسماعيل، فيقص علينا النبي خبر رجوعه إلى مكة:
(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ.
وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا.
ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ!!
قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السلام وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ!!
فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟!
قَالَتْ: نَعَمْ جَاءَنَا، شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ؟!!
قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟
قَالَتْ: نَعَمْ؛ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ!!
قَالَ: ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ؛ الْحَقِي بِأَهْلِكِ.
فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا.
قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ، وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ؟
فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ.
فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتْ: اللَّحْمُ. قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتْ الْمَاءُ.
قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ.
قَالَ: فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ، قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السلام وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ!! فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ!! قَالَ: ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ!!
ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ، قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ؟!!
قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ. قَالَ: وَتُعِينُنِي؟ قَالَ: وَأُعِينُكَ.
قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا.
قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوُِهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولَانِ:" رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ".
قَالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
رواه البخاري في صحيحة: كتاب أحاديث الأنبياء، باب واتخذ الله إبراهيم خليلا رقم (3113) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " قوله عتبة بابك: كناية عن المرأة، وسماها بذلك لما فيها من الصفات الموافقة لها، وهو حفظ الباب وصون ما هو داخله.
وفي القصة دروس وعبر منها
1-
أن شكر الله سبب للمزيد من نعمه، وكفر النعم بعكس ذالك، وهذا واضح من عاقبة حال المرأتين.
2-
الإشارة إلى ما ينبغي أن تكون عليه المرأة من القناعة والرضى بما يسره الله لزوجها من الرزق دون تبرم أو تضجر.
3-
الاعتناء باختيار الزوجة الصالحة التي تعين على أمر الآخرة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب