الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَصْلُ الثَّانِي: اِعْتِمَادُ الجُمْهُورِيِّينَ عَلَى الأَحَادِيثِ المَوْضُوعَةِ:
لقد اعتمد الجمهوريون على الأحاديث الموضوعة فقد حفلت كتيباتهم بعدد كبير من الأحاديث الموضوعة و «التي لا أصل لها في الدين، والتي وضعت أساسًا واختلفت لدعم قضايا فرغ منها سلفًا، ثم بحث لها بعد ذلك عن السند الذي تقوم عليه، وقد قام بهذه المهمة في السابق فريق من الباطنيين والروافض والزنادقة الذين خرجوا بمقررات جديدة خالفوا فيها إجماع الأُمَّةِ ومعلومها من الدين بالضرورة، فلم يجدوا إلا أن يضعوا الحديث كذبًا على رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو منه براء» (1).
«وقد جاء في الحديث المتواتر عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (2). وقال أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين بتكفير كل من وضع على رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقد هب علماء الحديث يدافعون عن مصدر الشريعة الثاني - بعد القرآن -
(1) محمد وقيع أحمد: بحث مخطوط عن الجمهوريين - مبحث الأحاديث الموضوعة -.
(2)
" صحيح البخاري بشرح فتح الباري ": كتاب العلم - باب من كذب على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، 1/ 200، حديث رقم 107، و " صحيح مسلم " للإمام أبي الحسين مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي: كتاب الإيمان - باب تغليظ الكذب على رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، 1/ 10، حديث رقم 4.
فوضعوا علم الجرح والتعديل ونصبوا الموازين الصارمة لقبول الرواية وتقويم الرواة .. ولم يتركوا ثغرة يأتي منها حديث ضعيف أو موضوع إلا ورصدوا لها من يقف عليها، وتعقبوا الأحاديث الموضوعة والضعيفة وَأَلَّفُوا فيها مجلدات كاملة .. كان من أروعها في القديم " اللآلئ المصنوعة " للإمام السيوطي.
ولعل من أروعها في الحديث " سلسلة الألباني عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة "(1).
وقد اعتمد الجمهوريون في مذهبهم على عدد كبير من الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وعلى عدد من الأحاديث الضعيفة من حيث السند والضعيفة من حيث المتن، وَبَنَوْا على كل ذلك بنيان عقيدتهم ومذهبهم، وجعلوا هذه الأحاديث أدلة يعتمدون عليها، مع أن الأحاديث المعروفة الكذب لا يسند إليها حكم ولا يعتمد عليها كدليل، كما أن الأحاديث الضعيفة الإسناد لا يغلب على الظن أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالها فلا يمكن أن يسند إليها حكم أيضًا خاصة إذا عارض الحديث الضعيف السند أصلاً من أصول الشريعة (2). كما أن الأحاديث الموضوعة والضعيفة في كتيبات الجمهوريين تبين لنا الأسس الواهية التي بنى عليها الجمهوريون مذهبهم، فالحقيقة الواضحة هي أن الدافع لاعتماد الأحاديث المكذوبة في المذهب الجمهوري هو الهوى والجهل وحرية زعيمهم الفردية المطلقة من كل قيد.
(1) محمد وقيع الله أحمد: " بحث مخطوط عن الجمهوريين ".
(2)
انظر تفصيل هذه المسألة في كتاب " الاعتصام " للشاطبي: ص 225، 226.