الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما لا شك فيه أن حديث الجمهوريين عن مرحلية هذا الحديث وغيره هو امتداد لقولهم بمرحلية الشريعة، وهذا الحديث حديث صحيح والأمر فيه واضح وصريح مهما حاول الجمهوريون ألا يذكروه باللفظ المعروف حتى لا يكون فيه التحريم قاطعًا، فلقد نفى الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم الفلاح عمن يرضون بحكم المرأة بهذا الحديث، الذي قاله - عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَلَاةِ وَالسَّلَامُ - عندما سمع أن بوران بنت كسرى قد تولت الحكم بعد أبيها، والنفي في هذا الحديث وارد بكلمة لن، مما يؤكد أن هذا التحريم تحريم قاطع وأن هذا النفي نفي جازم فلن من صِيَغِ النفي التأبيدي (1).
[المثال الثاني: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»]:
«مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ» ، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:«فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:«فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» (2).
ذكر الجمهوريون في كتيبهم " المرأة والتدين "(3) أن المرأة كانت ناقصة عقل ودين في الماضي، إلا أنها الآن في طريقها لتصبح مكتملة العقل والدين، فالسبب في نقصان عقلها ودينها في الماضي
(1) انظر الحديث عن هذا الحديث في هامش كتاب " حكم الإسلام في الاشتراكية ": ص 45.
(2)
" صحيح البخاري "، الجزء الأول، - كتاب الحيض -: ص 83.
(3)
" المرأة والتدين "، ط 1، رمضان، 1395 هـ. وانظر أيضًا كتيب " محمود يخاطب النساء في حقوقهن ".
هو قلة تجاربها في الحياة، وترجع قلة تجاربها - عند الجمهوريين - لحبس الرجل لها في البيت خوفًا على عِفَّتِهَا ولغيرته الشديدة عليها، كما أن الرجل كان المسيطر والقَيِّمُ على البيت، فالمرأة في الماضي كانت مملوكة ومحبوبة، أما الآن فقد زعم الجمهوريون أنه جاء زمن الحرية وتطورت المرأة وتطور عقلها بخروجها من المنزل واتجاهها للعمل والتعليم (1).
ويرى الجمهوريون أن المرأة الآن في سبيلها للخلاص النهائي من نقصان عقلها ودينها، ولن يكون لها تمام كمال ذلك إلا باتباع عقيدتهم.
وهذا الحديث في رأي الجمهوريين حديث مرحلي انتهى العمل به.
والحديث الذي تحدث عنه الجمهوريون وقالوا بمرحليته حديث ثابت في كتب السنن إلا أن الجمهوريين لا يذكرونه كاملاً بل يكتفون بالجزء الأول منه، لأن باقي الحديث يفسر نقصان عقل المرأة ودينها.
وما ذكره الجمهوريون عن مرحلية حديث رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن نقصان عقل المرأة ودينها هو ترديد لشبهة أثارها المغرضون من
(1) اتجاه المرأة للتعليم ليس بجديد، بل يجب أن تتعلم المرأة، فالمرأة محتاجة إلى التعليم لأنها مُرَبِّيَةُ أجيال، ولقد اتجه جهد العلماء المسلمين إلى تعليمها منذ قديم الزمان، فابن الجوزي قد صنف كتابًا يتعلق بأحكام النساء بَيَّنَ لهن فيه أمور دينهن، ولا شك أن الفائدة التي تجدها المرأة في كتاب " أحكام النساء " للحافظ عبد الرحمن بن الجوزي، الفقيه الحنبلي، المُتَوَفَّى سَنَةَ 597 هـ تفوق بملايين المرات الفائدة التي تجدها المرأة في كتيب مبلبل للأفكار كتب باللغة الدارجة ككتيب " المرأة والتدين ".
المستشرقين وأتباعهم من أبناء المسلمين الجاهلين بدينهم (1).
ولم يكتب الجمهوريون بترديد شبهة أعداء الإسلام، بل أضافوا إلى ذلك القول بمرحلية الحديث تمشيًا مع عقيدتهم القائلة بمرحلية الشريعة الإسلامية. والسبب الذي جعل الجمهوريين يقولون بمرحلية هذا الحديث - على حسب ما اعتقد - هو اتجاههم في عقيدتهم لمساواة المرأة والرجل المساواة التامة في الشهادة والقوامة والميرات وغير ذلك.