المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابُ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَالرِّفْقِ بِهِمْ وَنَفَقَةِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ] [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْقَتْلِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ]

- ‌[بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[كِتَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌[بَابُ السِّحْرِ]

- ‌[كِتَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا]

- ‌[كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[كِتَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ]

- ‌[بَابُ التَّعْزِيرِ]

- ‌[كِتَابُ ضَمَانِ الْوُلَاةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخِتَانِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَالِ]

- ‌[بَابُ ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ]

- ‌[كِتَابُ السِّيَرِ] [

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْجِهَادِ]

- ‌[بَابُ كَيْفِيَّةِ الْجِهَادِ]

- ‌[بَابُ الْأَمَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِزْيَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُهَادَنَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّحَايَا]

- ‌[كِتَابُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[كِتَابُ السَّبَقِ وَالرَّمْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[كِتَابُ النُّذُورِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ أَدَبِ الْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَة]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[بَابُ الْقَافَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌باب وجوب الجهاد]

[كِتَابُ السِّيَرِ] [

‌بَابُ وُجُوبِ الْجِهَادِ]

قَالَ رحمه الله: تُرْجِمَ الْكِتَابُ بِالسِّيَرِ: لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُودَعَةَ فِيهِ مُتَلَقَّاةٌ مِنْ سِيَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَوَاتِهِ، قُلْت: فَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يُتَتَبَّعَ مَا ذُكِرَ فِيهِ، وَيُعْزَى إلَى مَنْ خَرَّجَهُ إنْ وُجِدَ.

ص: 164

(بَابُ وُجُوبِ الْجِهَادِ) 2156 - (1) - حَدِيثٌ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَتَقَدَّمَ فِي الدِّيَاتِ.

2157 -

(2) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا. قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ.

2158 -

(3) - حَدِيثٌ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ.

2159 -

(5) - حَدِيثٌ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ.

2160 -

(5) - قَوْلُهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَا بُعِثَ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ

ص: 165

وَالْإِنْذَارِ بِلَا قِتَالٍ» . هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا أَسْلَمْنَا صِرْنَا أَذِلَّةً، فَقَالَ: إنِّي أُمِرْت بِالْعَفْوِ، فَلَا تُقَاتِلَنَّ الْيَوْمَ، فَلَمَّا حَوَّلَهُ إلَى الْمَدِينَةِ أُمِرَ بِالْقِتَالِ» . أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

2161 -

قَوْلُهُ: «وَتَبِعَهُ قَوْمٌ بَعْدَ قَوْمٍ» ، ابْنُ سَعْدٍ أَنَا الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ:«دَعَا رَسُولُ اللَّهِ إلَى الْإِسْلَامِ سِرًّا وَجَهْرًا، فَاسْتَجَابَ لِلَّهِ مِنْ أَحْدَاثِ الرِّجَالِ، وَضُعَفَاءِ النَّاسِ حَتَّى كَثُرَ مَنْ آمَنَ بِهِ» .

2162 -

قَوْلُهُ: «وَفُرِضَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ» . هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ بِاتِّفَاقِ الْأَحَادِيثِ.

2163 -

قَوْلُهُ: «وَفُرِضَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ» ، هَذَا تَبِعَ فِيهِ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ وَصَاحِبَ الشَّامِلِ، وَجَزَمَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ فُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ مَعَهُ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَزَادَ:«أَنَّهُ صَلَّى فِيهَا الْعِيدَيْنِ: الْفِطْرَ، وَالْأَضْحَى» ، وَهَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ شَيْخِهِ الْوَاقِدِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ «قَالُوا: نَزَلَ فَرْضُ رَمَضَانَ بَعْدَمَا صُرِفَتْ الْقِبْلَةُ إلَى الْكَعْبَةِ بِشَهْرٍ فِي شَعْبَانَ، عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأُمِرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الزَّكَاةُ فِي الْأَمْوَالِ، وَصَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ بِالْمُصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَصَلَّى الْعِيدَ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَأُمِرَ بِالْأُضْحِيَّةِ» .

2164 -

قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا هَلْ فُرِضَتْ الزَّكَاةُ قَبْلَ الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَهُ. قُلْت: تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: بَعْدَهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَقِيلَ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ.

2165 -

قَوْلُهُ: " وَفُرِضَ الْحَجُّ سَنَةَ سِتٍّ، وَقَبْلَ سَنَةِ خَمْسٍ ". تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

2166 -

قَوْلُهُ: " وَكَانَ الْقِتَالُ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ". تَقَدَّمَ قَرِيبًا

ص: 166

فِي الْحَجِّ.

2167 -

قَوْلُهُ: وَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الْمَدِينَةِ وَجَبَتْ الْهِجْرَةُ إلَيْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ. اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97] الْآيَةَ.

2168 -

قَوْلُهُ: فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ ارْتَفَعَتْ فَرِيضَةُ الْهِجْرَةِ عَنْهَا إلَى الْمَدِينَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُهُ:«لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» . هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«انْقَطَعَتْ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مَكَّةَ» .

2169 -

(6) - قَوْلُهُ: وَبَقِيَ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ عَنْ دَارِ الْكُفْرِ فِي الْجُمْلَةِ، هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَفَعَهُ:«لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا:«لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» .

2170 -

(7) - قَوْلُهُ: لَمْ يَعْبُدْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَنَمًا قَطُّ، وَوَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَا كَفَرَ بِاَللَّهِ نَبِيٌّ قَطُّ» . أَمَّا الْأَوَّلُ فَمُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَرَوَاهُ

2171 -

(8) - قَوْلُهُ: فِي الْبَيَانِ «أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ، كَانَ مُتَمَسِّكًا بِشَرْعِ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السلام» .

2172 -

(9) - حَدِيثٌ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ، وَمَالِهِ فَقَدْ غَزَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، دُونَ قَوْلِهِ: "

ص: 167

وَمَالِهِ " وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ» . وَاسْتَدْرَكَهُ الْحَاكِمُ فَوَهِمَ.

2173 -

(10) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم غَزَا بَدْرًا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَأُحُدًا فِي الثَّالِثَةِ، وَذَاتَ الرِّقَاعِ فِي الرَّابِعَةِ، وَغَزْوَةَ الْخَنْدَقِ فِي الْخَامِسَةِ، وَغَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ فِي السَّادِسَةِ، وَفَتَحَ خَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ، وَفَتَحَ مَكَّةَ فِي الثَّامِنَةِ، وَغَزْوَةَ تَبُوكَ فِي التَّاسِعَةِ» .

أَمَّا غَزْوَةُ بَدْرٍ فِي الثَّانِيَةِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ: ابْنُ إِسْحَاقَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ وَغَيْرُهُمْ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَهُوَ شَاذٌّ، ثُمَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ سَابِعَ عَشَرَةَ، وَقِيلَ: ثَانِي عَشَرَةَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الثَّانِيَ ابْتِدَاءُ الْخُرُوجِ، وَالسَّابِعَ عَشْرَ يَوْمَ الْوَقْعَةِ.

وَأَمَّا غَزْوَةُ أُحُدٍ فِي الثَّالِثَةِ، فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي شَوَّالٍ، لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ كَانَتْ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْهُ، وَعِنْدَ ابْنِ عَائِذٍ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةَ خَلَتْ مِنْهُ.

وَأَمَّا غَزْوَةُ الرِّقَاعِ. فَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ. قُلْت: فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ إلَيْهَا كَانَ فِي أَوَاخِرِ الرَّابِعَةِ، وَالِانْتِهَاءُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي جُمَادَى سَنَةَ أَرْبَعٍ.

(تَنْبِيهٌ) قِيلَ: كَأَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ، الْأُولَى هَذِهِ، وَفِيهَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِيَةَ بَعْدَ خَيْبَرَ، وَشَهِدَهَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ

ص: 168

كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَسُمِّيَتْ الْأُولَى ذَاتَ الرِّقَاعِ بِجَبَلٍ صَغِيرٍ، وَالثَّانِيَةُ كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى بِالرِّقَاعِ الَّتِي لَفُّوا بِهَا أَرْجُلَهُمْ مِنْ الْحَفَاءِ، وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ، وَأَحْوَجَهُ إلَى أَنْ يَقُولَ: إنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ.

وَأَمَّا غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ: فَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ، وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَبِهِ جَزَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ، وَاحْتَجَّ لَهُ النَّوَوِيُّ بِحَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ: عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي» . قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أُحُدًا فِي الثَّالِثَةِ، قُلْت: وَلَا حُجَّةَ فِيهِ: لِأَنَّ أُحُدًا كَانَتْ فِي شَوَّالٍ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ طُعِنَ فِي الرَّابِعَةَ عَشْرَ، وَفِي الْخَنْدَقِ اسْتَكْمَلَ الْخَامِسَةَ عَشْرَ، فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ فِي نِصْف الرَّابِعَةَ عَشْرَ مَثَلًا، فَلَا يَسْتَكْمِلُ خَمْسَ عَشْرَةَ إلَّا أَثْنَاءَ سَنَةِ خَمْسٍ، إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ مَا جَزَمُوا بِهِ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ أَيْضًا فِي شَوَّالٍ.

(تَنْبِيهٌ) صَحَّحَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: أَنَّ غَزْوَةَ الْمُرَيْسِيعِ كَانَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، وَأَمَّا ابْنُ دِحْيَةَ فَصَحَّحَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَأَمَّا غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ فَتَبِعَ فِيهِ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ غَلَطٌ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ، وَالنَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَانَتْ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ.

(فَائِدَةٌ) كَانَتْ الْحُدَيْبِيَةُ فِي سَنَةِ سِتٍّ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ، فَهُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي، وَنَقَلَ ابْنُ الطَّلَّاعِ عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَهُوَ نَقْلٌ شَاذٌّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهَا كَانَتْ

ص: 169

فِي بَقِيَّةِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَأَمَّا فَتْحُ مَكَّةَ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَأَمَّا غَزْوَةُ تَبُوكَ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَغَازِي، وَكَانَ فِي رَجَبٍ، وَخَالَفَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَذَكَرَ فِي الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْعَاشِرَةِ.

(تَنْبِيهٌ) هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا جَمِيعُ مَا غَزَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ غَزَا صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ غَزَوَاتٍ أُخْرَى، لَكِنْ غَالِبُهَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ قِتَالٌ، فَمِمَّا قَاتَلَ فِيهِ: بَنَى قُرَيْظَةَ، وَحُنَيْنَ، وَالطَّائِفَ، وَمِمَّا لَمْ يُقَاتِلْ فِيهِ: بَنِي غَطَفَانَ، وَقَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، وَبَنِي لِحْيَانَ، وَبَدْرًا بِمَوْعِدٍ، وَدُومَةَ الْجَنْدَلِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.

2174 -

(11) - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَ عَلَى مُعَاذٍ طُولَ الصَّلَاةِ» . تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

2175 -

(12) - حَدِيثٌ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» . تَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ بَابِ الْمَوَاقِيتِ.

2176 -

(13) - حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ يَوْمَ بَدْرٍ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَصْغَرَهُمْ» . لَمْ أَرَهُ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ «الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: اسْتَصْغَرْت أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ» .، وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَ جَيْشًا، فَرَدَّ عُمَيْرَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَبَكَى، فَأَجَازَهُ» . رُوِيَ فِي مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ أَنَّهُ اُسْتُصْغِرَ هُوَ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ رَدَّ أَيْضًا أَبَا سَعِيدٍ الْخِدْرَيَّ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَفِي ابْنِ مَاجَهْ أَنَّهُ رَدَّ ابْنَ عُمَرَ.

ص: 170

حَدِيثُ «عَائِشَةَ: أَنَّهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، جِهَادٌ لَا شَوْكَ فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» . ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِهَا بِلَفْظِ: «لَا قِتَالَ فِيهِ» .

وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَفَسَّرَ الرَّافِعِيُّ قَوْلَهُ:«لَا شَوْكَ فِيهِ» - يَعْنِي لَا سِلَاحَ فِيهِ - وَغَلِطَ فِي عَزْوِ هَذَا الْمَتْنِ إلَى عَائِشَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، كَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِهِ قَالَ:«جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنِّي جَبَانٌ، وَإِنِّي ضَعِيفٌ، فَقَالَ: هَلُمَّ إلَى جِهَادٍ لَا شَوْكَ فِيهِ» . الْحَدِيثَ.

(تَنْبِيهٌ) رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «جِهَادُ الْكَبِيرِ، وَالضَّعِيفِ، وَالْمَرْأَةِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ» .

2178 -

(15) - قَوْلُهُ: " رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَايِعُ الْأَحْرَارَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ، وَالْعَبِيدَ عَلَى الْإِسْلَامِ دُونَ الْجِهَادِ» . النَّسَائِيُّ مِنْ

ص: 171

جَابِرٍ: «أَنَّ عَبْدًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعَهُ عَلَى الْجِهَادِ وَالْإِسْلَامِ، فَقَدَّمَ صَاحِبَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ، فَاشْتَرَاهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ بِعَبْدَيْنِ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا أَتَاهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ لِيُبَايِعَهُ، سَأَلَهُ أَحُرٌّ هُوَ أَمْ عَبْدٌ؟ فَإِنْ قَالَ: حُرٌّ بَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ، وَإِنْ قَالَ: مَمْلُوكٌ بَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ دُونَ الْجِهَادِ» .

وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَعَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ مَرَّ بِأُنَاسٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَاتَّبَعَهُ عَبْدٌ لِامْرَأَةٍ مِنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ سَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: فُلَانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا شَأْنُك؟ قَالَ: أُجَاهِدُ مَعَك، قَالَ: أَذِنَتْ لَك سَيِّدَتُك؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ارْجِعْ إلَيْهَا، فَإِنَّ مَثَلَك مَثَلُ عَبْدٍ لَا يُصَلِّي، إنْ مِتَّ قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهَا، اقْرَأْ عليها السلام فَرَجَعَ إلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، فَقَالَتْ: اللَّهَ هُوَ أَمَرَك أَنْ تَقْرَأَ عَلَيَّ السَّلَامَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: ارْجِعْ فَجَاهِدْ مَعَهُ» . أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ

2179 -

(16) - حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاك؟ . قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَاب الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ.

2180 -

(17) - قَوْلُهُ: وَيُرْوَى «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَاسْتَأْذَنَهُ، فَقَالَ: إنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ مَعَك، فَقَالَ: أَلَكَ أَبَوَانِ؟ . قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَهُمَا؟ . قَالَ: تَرَكْتُهُمَا وَهُمَا يَبْكِيَانِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتهمَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَنَا جَالِسٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ هَلْ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَبَرُّهُمَا بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، خِصَالٌ أَرْبَعٌ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا، وَإِكْرَامُ

ص: 172

صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا رَحِمَ لَك إلَّا مِنْ قَبِلَهُمَا فَهُوَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْك مِنْ بِرِّهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

قَوْلُهُ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنُ سَلُولَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَخْذُلُ الْأَجَانِبَ، وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْجِهَادِ، أَمَّا غَزْوُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: فَقَدْ عَدَّهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَمَا بَعْدَهُمَا، وَأَمَّا تَخْذِيلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: فَوَقَعَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَغَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ

2181 -

(18) - حَدِيثٌ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَعَدَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَحْسَنَ كَلَامَهُ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي أَنْ يُقَبِّلَ وَجْهَهُ، فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَنْ يُقَبِّلَ يَدَهُ، فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ فِي أَنْ يَسْجُدَ لَهُ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ» . الْحَاكِمُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ مُطَوَّلًا، مِنْ رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَنَزِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حِبَّانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَابَعَهُ تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ قَالَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَفِي تَقْبِيلِ الْيَدِ أَحَادِيثُ جَمَعَهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِي فِي جُزْءٍ جَمَعْنَاهُ: مِنْهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةٍ قَالَ: «فَدَنَوْنَا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَبَّلْنَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَمِنْهَا: حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: «قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ، الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَقَبَّلَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ، وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّك نَبِيٌّ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ.

ص: 173

وَمِنْهَا: حَدِيثُ «الزَّارِعِ أَنَّهُ كَانَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ. فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا، فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: قُومِي فَقَبِّلِي رَأْسَهُ» . وَفِي السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْت أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فَاطِمَةَ، وَكَانَ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إلَيْهَا، فَأَخَذَ بِيَدِهَا فَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَتْ إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إلَيْهِ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا» .

2182 -

(19) - قَوْلُهُ: وَرَدَتْ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي السَّلَامِ وَإِفْشَائِهِ. هُوَ كَمَا قَالَ، فَمِنْهَا: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ وَلَمْ تَعْرِفْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ص: 174

وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَدَا النَّسَائِيّ، وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. وَمِنْهَا: حَدِيثُ الْبَرَاءِ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ: إفْشَاءِ السَّلَامِ» . الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِهِ:«أَفْشُوا السَّلَامَ تُسْلِمُوا» .

وَمِنْهَا: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «وَاعْبُدُوا الرَّحْمَنَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ. تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَمِنْهَا: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا

ص: 175

الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» . رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

وَمِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«إذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ، أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْهُ مَوْقُوفًا، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«كُنَّا إذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَفْرُقُ بَيْنَنَا شَجَرَةٌ، فَإِذَا الْتَقَيْنَا سَلَّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَمِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَمِنْهَا: أَحَادِيثُ أَبِي أَيُّوبَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَتُذْكَرُ بَعْدَ قَلِيلٍ، وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يُوجِبُ الْجَنَّةَ قَالَ: طِيبُ الْكَلَامِ، وَبَذْلُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ: قُلْت: «يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ

ص: 176

يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: إنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ: بَذْلَ السَّلَامِ وَحُسْنَ الْكَلَامِ» .

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْشُوا السَّلَامَ كَيْ تَسْلَمُوا» . وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا، قَالَ:«السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَعَهُ فِي الْأَرْضِ، فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ إذَا هُوَ يَقْدَمُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ، كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ دَرَجَةٍ بِتَذْكِيرِهِ إيَّاهُمْ السَّلَامَ، فَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ» . رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمَيْهِ، وَلَهُ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ فِي الدُّعَاءِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ» .

2183 -

(20) - قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي الْخَبَرِ النَّهْيُ عَنْ السَّلَامِ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ. ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إذَا رَأَيْتنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ، فَإِنَّك إنْ فَعَلْت لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك» .

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» .

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَارُودِ، مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ نَسَبَهُ السَّرَّاجُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إذَا رَأَيْتنِي هَكَذَا، فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ، فَإِنَّك إنْ تَفْعَلْ لَا أَرُدَّ عَلَيْك» . زَادَ السَّرَّاجُ: «إنَّهُ لَمْ يَحْمِلْنِي عَلَى السَّلَامِ عَلَيْك إلَّا أَنِّي خَشِيت أَنْ تَقُولَ: سَلَّمْت عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ» . وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى،

ص: 177

عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَحْوُهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: حَدِيثُ مُسْلِمٍ أَصَحُّ، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّهُ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْطِنَيْنِ، وَعَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُدٍ قَالَ:«أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمْت عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إلَيَّ، فَقَالَ: إنِّي كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ.

2184 -

(21) - قَوْلُهُ: " وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ، وَالطَّائِفَةُ الْقَلِيلَةُ عَلَى الْكَثِيرَةِ ". قُلْت: هُوَ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ» .

2185 -

(22) - قَوْلُهُ: وَالِانْحِنَاءُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ:«قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: لَا قَالَ: أَفَيَلْزَمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

2186 -

(23) - (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زِيَادَاتِهِ: وَأَمَّا حَدِيثُ: «السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ» . فَضَعِيفٌ، انْتَهَى. وَلَهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ

ص: 178

جَابِرٍ، وَقَالَ: مُنْكَرٌ، وَثَانِيهمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، بِإِسْنَادِهِ لَا بَأْسَ بِهِ

2187 -

(24) - قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ، انْتَهَى.

وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ: مِنْهَا لِلْبُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ قُلْت لِأَنَسٍ: «أَكَانَتْ الْمُصَافَحَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ الْبَرَاءِ رَفَعَهُ: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ، إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا» . وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا.

2188 -

(25) - حَدِيثٌ: «حَقُّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ سِتٌّ: أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ، وَأَنْ يُجِيبَهُ إذَا دَعَاهُ، وَأَنْ يُشَمِّتَهُ إذَا عَطَسَ، وَأَنْ يَعُودَهُ إذَا مَرِضَ، وَأَنْ يُشَيِّعَ جِنَازَتَهُ إذَا مَاتَ، وَأَلَّا يَظُنَّ فِيهِ إلَّا خَيْرًا» . إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ مِثْلُهُ إلَّا الْأَخِيرَةَ، فَقَالَ بَدَلَهَا:«وَيَنْصَحُهُ إذَا اسْتَنْصَحَهُ» وَقَالَ فِي أَوَّلِهِ: «لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ» وَلِأَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: «لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ سِتَّةٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ» . فَذَكَرَهَا وَقَالَ بَدَلَ الْأَخِيرَةِ: «وَيَنْصَحُهُ إذَا غَابَ، أَوْ شَهِدَ» وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: «لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةٌ بِالْمَعْرُوفِ» وَقَالَ بَدَلَ الْأَخِيرَةِ: «وَيُحِبُّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» وَأَسَانِيدُهَا ضَعِيفَةٌ، فِي الْأَوَّلِ: الْإِفْرِيقِيُّ، وَفِي الثَّانِي: ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِي الثَّالِثِ:

ص: 179

الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، وَلَكِنْ لَهُ أَصْلٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظٍ:«لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةٌ: إذَا لَقِيته فَسَلِّمْ عَلَيْهِ» . وَسَاقَهَا كَمَا عِنْدَ إِسْحَاقَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ.

2189 -

(26) - حَدِيثُ: «أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ، عَانَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، خَرَجَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَعَانَقَهُ» . وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلَقَّى جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَالْتَزَمَهُ وَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ» .

وَوَصَلَهُ الْعُقَيْلِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد الْحَرَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا اتَّهَمُوهُ بِالْكَذِبِ، وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:«قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَقَبَّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ» . الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«اسْتَأْذَنَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ

2190 -

(27) - قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لِلدَّاخِلِ أَنْ يَطْمَعَ فِي قِيَامِ الْقَوْمِ، وَلْيُسْتَحَبَّ لَهُمْ أَنْ يُكْرِمُوهُ، انْتَهَى. كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَوَازِ، وَالْكَرَاهَةِ.

فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَفِيهِ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا،

ص: 180

فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» .

وَأَمَّا الثَّانِي: فَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: «قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَحَدِيثُ جَرِيرٍ:«إذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ أَقْوَى مِنْ إسْنَادِهِمَا

ص: 181