المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ] 2553 - (1) - حَدِيثُ: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ - التلخيص الحبير - ط قرطبة - جـ ٤

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابُ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَالرِّفْقِ بِهِمْ وَنَفَقَةِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ] [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْقَتْلِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ]

- ‌[بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[كِتَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌[بَابُ السِّحْرِ]

- ‌[كِتَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا]

- ‌[كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[كِتَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ]

- ‌[بَابُ التَّعْزِيرِ]

- ‌[كِتَابُ ضَمَانِ الْوُلَاةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخِتَانِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَالِ]

- ‌[بَابُ ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ]

- ‌[كِتَابُ السِّيَرِ] [

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْجِهَادِ]

- ‌[بَابُ كَيْفِيَّةِ الْجِهَادِ]

- ‌[بَابُ الْأَمَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِزْيَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُهَادَنَةِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّحَايَا]

- ‌[كِتَابُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[كِتَابُ السَّبَقِ وَالرَّمْيِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[كِتَابُ النُّذُورِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ أَدَبِ الْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَة]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[بَابُ الْقَافَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌ ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ] 2553 - (1) - حَدِيثُ: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

2553 -

(1) - حَدِيثُ: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِلَفْظِ:«إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» . وَفِيهِ فَرَجُ بْنُ الْمُطَّلِبَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَابَعَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِلَفْظِ:«إنْ أَصَبْت الْقَضَاءَ فَلَكَ عَشَرَةُ أُجُورٍ، وَإِنْ أَنْتَ اجْتَهَدْت فَأَخْطَأْت، فَلَكَ حَسَنَةٌ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا.

2554 -

(2) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «السَّابِقُونَ إلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ إذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ حَكَمُوا كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ» . أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدٍ.

قُلْت: وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زُحَرَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ الْقَاسِمِ وَهُوَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ الْقَاصِّ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لَهُ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:«الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، وَأَهْلِيهِمْ، وَمَا وُلُّوا» قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي

ص: 333

الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.

2555 -

(3) - حَدِيثُ: «إذَا جَلَسَ الْحَاكِمُ لِلْحُكْمِ، بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَلَكَيْنِ يُسَدِّدَانِهِ، وَيُوَفِّقَانِهِ وَيُرْشِدَانِهِ مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ عَرَجَا، وَتَرَكَاهُ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَشْعَرِيِّ يَحْيَى بْنِ بُرَيْدٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ:«إذَا جَلَسَ الْقَاضِي فِي مَكَانِهِ، هَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ، يُسَدِّدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ، وَيُرْشِدَانِهِ مَا لَمْ يَجُرْ فَإِذَا جَارَ عَرَجَا، وَتَرَكَاهُ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ صَالِحُ جَزَرَةَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، وَفِي الْبَزَّارِ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا عَنْ يَمِينِهِ، - أَحْسِبُهُ قَالَ: - وَمَلَكًا عَنْ شِمَالِهِ، يُوَفِّقَانِهِ وَيُسَدِّدَانِهِ، إذَا أُرِيدَ بِهِ خَيْرًا، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، فَأُرِيدَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وُكِّلَ إلَى نَفْسِهِ» قَالَ: وَلَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِرَاكٍ، وَإِبْرَاهِيمُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى:«إنَّ اللَّهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ» .

زَادَ الْبَيْهَقِيُّ: «فَإِذَا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ، وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ» . وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ: «فَإِذَا جَارَ وَكَّلَهُ اللَّهُ إلَى نَفْسِهِ» . وَلِلْحَاكِمِ: «فَإِذَا جَارَ تَبْرَأَ اللَّهُ مِنْهُ» . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:

ص: 334

حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ.

قُلْت: وَفِيهِ مَقَالٌ؛ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمَتْرُوكِ، وَقَدْ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَصَحَّحَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ «أَنَسٍ: أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهِ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ أَنَسٌ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ، وُكِّلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ» . وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْأَعْلَى. انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: بِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ فِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ بِلَالِ بْنِ مِرْدَاسٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَنَسٍ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بِغَيْرِ ذِكْرِ خَيْثَمَةَ، قُلْت: طَرِيقُ خَيْثَمَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ.

2556 -

(4) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَلِيًّا إلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعَثْتَنِي أَقْضِي بَيْنَهُمْ، وَأَنَا شَابٌّ لَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ، قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدْرِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ، وَثَبِّتْ لِسَانَهُ، فَوَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ مَا شَكَكْت فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ» أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَزَّارُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ، أَحْسَنُهَا رِوَايَةُ الْبَزَّارِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَفِي

ص: 335

إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ (إذَا جَلَسَ إلَيْك الْخَصْمَانِ) عَلَى عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، فَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْهُ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيًّا. أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَوْلَا هَذَا الْمُبْهَمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ كَمَا سَيَأْتِي، وَمِنْهَا رِوَايَةُ الْبَزَّارِ أَيْضًا عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: وَهَذَا أَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ، وَمِنْهَا - وَهِيَ أَشْهُرُهَا - رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ، عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَأَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ فِي الْخَصَائِصِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَزَّارُ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَمِنْهَا رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَأَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ.

2557 -

(5) - قَوْلُهُ: رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، قَالَ لَهُ: كَيْفَ تَقْضِي إذَا غَلَبَك قَضَاءٌ؟ قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: اجْتَهِدْ رَأْيِي وَلَا آلُو، فَضَرَبَ صَدْرَهُ، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا يَرْضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ» . أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ

ص: 336

وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، عَنْ مُعَاذٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، وَعَنْهُ أَبُو عَوْنٍ لَا يَصِحُّ، وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَذَا، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ هَكَذَا، وَأَرْسَلَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَجَمَاعَاتٌ عَنْهُ، وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ. قَالَ أَبُو دَاوُد: أَكْثَرُ مَا كَانَ يُحَدِّثُنَا شُعْبَةُ عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَ مَرَّةً: عَنْ مُعَاذٍ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الْحَارِثَ مَجْهُولٌ وَشُيُوخَهُ لَا يُعْرَفُونَ. قَالَ: وَادَّعَى بَعْضُهُمْ فِيهِ التَّوَاتُرَ، وَهَذَا كَذِبٌ بَلْ هُوَ ضِدُّ التَّوَاتُرِ، لِأَنَّهُ مَا رَوَاهُ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ الْحَارِثِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مُتَوَاتِرًا، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: لَا يُسْنَدُ، وَلَا يُوجَدُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ: لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي كُتُبِهِمْ، وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا، وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفٍ لَهُ مُفْرَدٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: اعْلَمْ أَنَّنِي فَحَصْت عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَسَانِيدِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَسَأَلْت عَنْهُ مَنْ لَقِيته مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ، فَلَمْ أَجِدْ لَهُ غَيْرَ طَرِيقِينَ، أَحَدَهُمَا: طَرِيقُ شُعْبَةَ، وَالْأُخْرَى: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، عَنْ مُعَاذٍ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ، قَالَ: وَأَقْبَحُ مَا رَأَيْت فِيهِ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَالْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ، قَالَ: وَهَذِهِ زَلَّةٌ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِالنَّقْلِ لَمَا ارْتَكَبَ هَذِهِ الْجَهَالَةَ، قُلْت: أَسَاءَ الْأَدَبَ عَلَى إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِأَلْيَنَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، مَعَ أَنَّ كَلَامَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَشَدُّ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْحَدِيثُ مُدَوَّنٌ فِي الصِّحَاحِ، مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّأْوِيلُ، كَذَا قَالَ رحمه الله، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، فَلَوْ كَانَ الْإِسْنَادُ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَابِتًا، لَكَانَ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ اسْتَنَدَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ الْقَاصِّ فِي صِحَّتِهِ، إلَى تَلَقِّي أَئِمَّةِ الْفِقْهِ وَالِاجْتِهَادِ لَهُ بِالْقَبُولِ.

قَالَ: وَهَذَا الْقَدْرُ مُغْنٍ عَنْ مُجَرَّدِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ نَظِيرُ أَحَدِهِمْ بِحَدِيثِ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» . مَعَ كَوْنِ رَاوِيهِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ

ص: 337

حَدِيثُ: «إنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَأْخُذُ لِلضَّعِيفِ حَقَّهُ» . ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ:«كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ» . وَفِيهِ قِصَّةٌ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ بُرَيْدَةَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْ قَابُوسِ بْنِ الْمُخَارِقِ، عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ قَانِعٍ، وَعَنْ خَوْلَةَ غَيْرَ مَنْسُوبَةٍ يُقَالُ: إنَّهَا امْرَأَةُ حَمْزَةَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَرُوِيَ لِلْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَفَعَهُ:«إنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَا تَأْخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنْ الْقَوِيِّ حَقَّهُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتِعٍ» . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بِهِ فِي قِصَّةٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْمُرْسَلُ أَصَحُّ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: الْمَوْصُولُ صَحِيحٌ، وَالْمُرْسَلُ مُفَسِّرٌ لِاسْمِ الْمُبْهَمِ الَّذِي فِي الْمَوْصُولِ، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ وَفِيهِ، نَظَرٌ.

2559 -

(7) - حَدِيثُ: «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ، فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» . أَصْحَابُ السُّنَنِ،

ص: 338

وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَهُ طُرُقٌ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَكَفَاهُ قُوَّةً تَخْرِيجُ النَّسَائِيّ لَهُ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مَعْنَاهُ ذُبِحَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، لِأَنَّهُ بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا إنْ رَشَدَ وَبَيْنَ عَذَابِ الْآخِرَةِ إنْ فَسَدَ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الذَّبْحِ بِالسِّكِّينِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَخَافُ مِنْ هَلَاكِ دِينِهِ، دُونَ بَدَنِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الذَّبْحَ بِالسِّكِّينِ يُرِيحُ، وَبِغَيْرِهَا كَالْخَنْقِ وَغَيْرِهِ يَكُونُ الْأَلَمُ فِيهِ أَكْثَرَ، فَذُكِرَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّحْذِيرِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ فُتِنَ بِمَحَبَّةِ الْقَضَاءِ فَأَخْرَجَهُ عَمَّا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ الْفَهْمُ مِنْ سِيَاقِهِ، فَقَالَ: إنَّمَا قَالَ: ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ لِيُشِيرَ إلَى الرِّفْقِ بِهِ، وَلَوْ ذُبِحَ بِالسِّكِّينِ لَكَانَ أَشَقَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذَا.

2560 -

(8) - حَدِيثُ: «إنَّمَا يُجَاءُ بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ قَطُّ» . أَحْمَدُ وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانِ الرَّاوِي، عَنْ عَائِشَةَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَبَيَّنُ لِي سَمَاعُهُ عَنْهَا. قُلْت: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِهِ، قَالَ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَّرْتهَا، حَتَّى ذَكَرْنَا الْقَاضِيَ فَذَكَرَهُ.

2561 -

حَدِيثُ «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ» . تَقَدَّمَ.

ص: 339

قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّا لَا نُكْرِهُ أَحَدًا عَلَى الْقَضَاءِ» . لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَفِي الْمَعْنَى حَدِيثُ «أَبِي مَسْعُودٍ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاعِيًا وَقَالَ: لَا أُلْفِيَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجِيءُ وَعَلَى ظَهْرِك بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ قَدْ غَلَلْتَهُ، قَالَ: إذًا لَا أَنْطَلِقُ، قَالَ: إذًا لَا أُكْرِهُك» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد.

2563 -

(10) - حَدِيثُ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلِيَتْهُمْ امْرَأَةٌ» . الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ

2564 -

(11) - حَدِيثُ: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَاَللَّذَانِ فِي النَّارِ رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ، وَرَجُلٌ قَضَى فِي النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ» . أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، قَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: تَفَرَّدَ بِهِ الْخُرَاسَانِيُّونَ، وَرُوَاتُهُ مَرَاوِزَةٌ. قُلْت: لَهُ طُرُقٌ غَيْرُ هَذِهِ، قَدْ جَمَعْتهَا فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ.

2565 -

(12) - حَدِيثُ: " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ امْتَنَعَ مِنْ الْقَضَاءِ لَمَّا اسْتَقْضَاهُ

ص: 340

عُثْمَانُ ". التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ: أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: " اذْهَبْ فَاقْضِ قَالَ: أَوْ تَعْفِينِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: عَزَمْت عَلَيْك إلَّا ذَهَبْت فَقَضَيْت، قَالَ: لَا تَعْجَلْ ". أَمَّا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ عَاذَ بِاَللَّهِ فَقَدْ عَاذَ بِمَعَاذٍ» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا قَالَ: وَمَا يَمْنَعُك وَقَدْ كَانَ أَبُوك يَقْضِي؟ قَالَ: لِأَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْجَوْرِ كَانَ مِنْ أَهْل النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا عَالِمًا يَقْضِي بِحَقٍّ أَوْ يَعْدِلُ سَأَلَ التَّفَلُّتَ كِفَافًا، فَمَا أَرْجُو مِنْهُ بَعْدُ» . هَذَا لَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ، وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْهَبٍ، وَقَدْ شَهِدَ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ تَبَعًا لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِغَيْرِ تَمَامِهِ.

2566 -

(13) - حَدِيثُ: «مَنْ سُئِلَ فَأَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ» . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:«إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا فَفِي آخِرِهِ: فَيَأْتِي نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ، فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ» . لَفْظُ إحْدَى رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ، وَلَهُمَا:«اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» . وَهِيَ أَشْهُرُ.

2567 -

(14) - حَدِيثُ: «مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا بِهِ، فَلَمْ يَعْدِلْ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، قَالَ: ذَكَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ نُسْخَةِ

ص: 341

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ فَذَكَرَهُ، وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ فَقَالَ: هِيَ نُسْخَةٌ بَاطِلَةٌ، كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَبَالَغَ فِي الْحَطِّ عَلَى الْخَطِيبِ، لِاحْتِجَاجِهِ بِحَدِيثٍ مِنْهَا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِ التَّحْقِيقِ.

2568 -

قَوْلُهُ: رُوِيَ: " أَنَّ عُمَرَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ تَحَاكَمَا إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ". الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ بَيْنَ عُمَرَ وَأُبَيٍّ خُصُومَةٌ فِي حَائِطٍ، فَقَالَ عُمَرُ: بَيْنِي وَبَيْنَك زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَانْطَلَقَا، فَطَرَقَ عُمَرُ الْبَابَ، فَعَرَفَ زَيْدٌ صَوْتَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا بَعَثْت إلَيَّ حَتَّى آتِيَك؟ فَقَالَ: فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحَكَمُ.

2569 -

قَوْلُهُ: يُرْوَى: " أَنَّ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ تَحَاكَمَا إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ ". الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ عُثْمَانَ ابْتَاعَ مِنْ طَلْحَةَ أَرْضًا بِالْمَدِينَةِ. بِأَرْضٍ لَهُ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ نَدِمَ عُثْمَانُ فَقَالَ: بِعْتُك مَا لَمْ أَرَهُ، فَقَالَ طَلْحَةُ: إنَّمَا النَّظَرُ لِي لِأَنَّك بِعْت مَا رَأَيْت، وَأَنَا ابْتَعْت مَغِيبًا، فَجَعَلَا بَيْنَهُمَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعَمٍ حَكَمًا، فَقَضَى عَلَى عُثْمَانَ: أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ، وَأَنَّ النَّظَرَ لِطَلْحَةَ لِأَنَّهُ ابْتَاعَ مَغِيبًا.

2570 -

(15) - حَدِيثُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اخْتَبَرَ مُعَاذًا» . تَقَدَّمَ.

2571 -

قَوْلُهُ: " هَرَبَ أَبُو قِلَابَةَ مِنْ الْقَضَاءِ ". أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ:" لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ ذَكَرَ أَبُو قِلَابَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ إلَى الشَّامِ ".

2572 -

قَوْلُهُ: " وَهَرَبَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ". أَمَّا الثَّوْرِيُّ فَرَوَى الْخَطِيبُ فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَظْهَرَ التَّجَانُنَ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْبِسَاطَ، وَيَقُولُ: مَا أَحْسَنَ بِسَاطَكُمْ هَذَا، بِكَمْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ ثُمَّ قَالَ: الْبَوْلَ الْبَوْلَ، فَلَمَّا خَرَجَ اخْتَفَى. فَقَالَ الشَّاعِرُ:

تَحَرَّرَ سُفْيَانُ فَفَرَّ بِدِينِهِ

وَأَمْسَى شَرِيكٌ مُرْصِدًا لِلدَّرَاهِمِ

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَوَّارٌ قَاضِي الْبَصْرَةِ

ص: 342

دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ: إنَّ سَوَّارًا قَدْ مَاتَ، وَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمِصْرِ مِنْ قَاضٍ، فَاقْبَلْ الْقَضَاءَ، فَقَدْ وَلَّيْتُك قَضَاءَ الْبَصْرَةِ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي امْتِنَاعِهِ.

قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْصَى الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، بِأَلَّا يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ. وَقَوْلُهُ:" عُرِضَ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الرَّشِيدِ بِالْقَضَاءِ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَلْبَتَّةَ ". لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا.

وَقَوْلُهُ: انْتَهَى امْتِنَاعُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانِ لَمَّا اسْتَقْضَاهُ الْوَزِيرُ ابْنُ الْفُرَاتِ، حَتَّى خُتِمَتْ دُورُهُ بِالطِّينِ أَيَّامًا. قُلْت: ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي طَبَقَاتِهِ.

2573 -

(16) - حَدِيثُ: " سُئِلَتْ عَائِشَةَ عَنْ الْقَاضِي الْعَادِلِ، إذَا اسْتَقْضَاهُ الْأَمِيرُ الْبَاغِي، هَلْ يُجِيبُهُ؟ فَقَالَتْ: " إنْ لَمْ يَقْضِ لَكُمْ خِيَارُكُمْ، قَضَى لَكُمْ شِرَارُكُمْ ". قَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ لَهُ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ قَالَ:" اجْتَمَعْت أَنَا وَنَفَرٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، فَقُلْنَا: لَوْ رَحَلْنَا إلَى مُعَاوِيَةَ. ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ اسْتَشَرْنَا أُمَّنَا عَائِشَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَذَكَرْنَا لَهَا الْعِيَالَ وَالدَّيْنَ، فَقَالَتْ: " سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا لِلنَّاسِ بُدٌّ مِنْ سُلْطَانِهِمْ " قُلْنَا: إنَّا نَخَافُ أَنْ يَسْتَعْمِلَنَا. قَالَتْ: " سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ خِيَارَكُمْ، يَسْتَعْمِلْ شِرَارَكُمْ ".

2574 -

(17) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَ أَلَهُ تَوْبَةٌ؟ . فَقَالَ مَرَّةً: لَا، وَقَالَ مَرَّةً: نَعَمْ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْت فِي عَيْنَيْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْقَتْلَ فَقَمَعْته، وَكَانَ الثَّانِي صَاحِبَ وَاقِعَةٍ يَطْلُبُ الْمَخْرَجَ ". ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ؛ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ؟ قَالَ: " لَا، إلَى النَّارِ " فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: مَا هَكَذَا كُنْت تَفْتِينَا، فَمَا بَالُ هَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ:" إنِّي أَحْسَبُهُ مُغْضَبًا يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا " قَالَ: فَبَعَثُوا فِي أَثَرِهِ، فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ. رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا سُفْيَانُ؛ قَالَ " كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ إذَا سُئِلُوا عَنْ الْقَاتِلِ؟ قَالُوا: لَا تَوْبَةَ لَهُ، وَإِذَا اُبْتُلِيَ رَجُلٌ قَالُوا لَهُ: تُبْ ". وَفِي الْمَعْنَى مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ

ص: 343

أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَإِذَا الَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ» .

2575 -

قَوْلُهُ: كَانَ الصَّحَابَةُ يُحِيلُونَ فِي الْفَتَاوَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَعَ مُشَاهَدَتِهِمْ التَّنْزِيلَ، وَيَحِيدُونَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ. ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ والرامهرمزي مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ:" لَقَدْ أَدْرَكْت فِي هَذَا الْمَسْجِدِ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يُحَدِّثُ إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْحَدِيثَ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ فُتْيَا إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْفُتْيَا ". وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ قُلْت لِلشَّعْبِيِّ: " كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ إذَا سُئِلْتُمْ؟ قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْت، كَانَ إذَا سُئِلَ الرَّجُلُ قَالَ لِصَاحِبِهِ: أَفْتِهِمْ، فَلَا يَزَالُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْأَوَّلِ " وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فِي أَدَبِ الْمُحَدِّثِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي مُسْلِمٍ حَدِيثُ أَبِي الْمِنْهَالِ: أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنْ الصَّرْفِ؟ فَقَالَ: " سَلْ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، فَسَأَلَ الْبَرَاءَ، فَقَالَ: سَلْ زَيْدًا ". الْحَدِيثُ.

ص: 344