الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعرف عند العلماء جرى على تخصيص الترضي بالصحابة، والترحم بمن بعدهم، دفعًا لمثل هذا الإيهام فيكون الحديث عن تابعي مرسلًا ضعيفًا، وبالترضي عنه يصير عند عامة الناس المتأثرين بذلك العرف، مسندًا موصولًا، فينبغي مراعاة العرف دفعًا للإيهام.
قلت: «لعل» ولم أجزم بذلك التوهم، لأني رأيت الشيخ قد ترضى عن غير ما واحد من التابعين الآخرين فانظر الأحاديث الآتية (4 و 7 و 10 و 23 و 25 و 28) وغيرها.
الحديث الرابع:
(ص 17)
ثم أعاده في الصفحة التالية عن ذات الصحابي ونفس المخرج لكن بلفظ «أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطر، والنكاح، والسواك» .
قلت: أولًا: الحديث ضعيف الإسناد مضطرب المتن، فيه الحجاج وهو ابن أرطاة قال الحافظ في "التقريب":
قلت: وقد عنعنه.
وأما الاضطراب في المتن، فراجعه في "فيض القدير" للمناوي.
ثانيًا: الحديث عند الترمذي في أول «النكاح» باللفظ الثاني، مع شيء من التقديم والتأخير يأتي بيانه. وأما اللفظ الأول، فليس له أصل عند الترمذي، ولا عند غيره ممن أخرج الحديث كأحمد في "مسنده"(5/ 421) فكيف عزاه المصنف للترمذي؟ ! ومن أين نقله؟ !
لقد ذكر في مقدمة الكتاب أنه انتقى أحاديثه من الكتب الستة، وهذا الحديث يصلح شاهدًا على أن الانتقاء لم يكن من الكتب الستة مباشرة، وإنما انتقى بعضها منها، والبعض الآخر من الكتب الأخرى التي تنقل من الكتب الستة وغيرها، وإلا فكيف نستطيع أن نقنع أنفسنا بأن المصنف نقلها كلها من الكتب الستة مباشرة، وهذا الحديث بلفظه الأول لا أصل له في شيء منها!
ومما يؤيد ما ذكرت، أن اللفظ الثاني نفسه مغاير في سياقه لسياقه في الترمذي كما سبقت الإشارة إليه، فهو فيه بلفظ:
«والسواك والنكاح» .
ولفظ المصنف بتقديم النكاح على السواك!
وأيضًا، فقد ذكر (ص 19) حديث «ما من ثلاثة في قرية، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» . أخرجه أبو داود والنسائي.
قلت: وهذا السياق يخالف ما عندهما في موضعين:
الأول: أنهما زادا بعد قوله: «قرية» : «ولا بدو» .
والآخر: أنه ليس عندهما «من الغنم» وإنما هي عند الحاكم.
فلو أن المصنف نقل هذا الحديث من «أبي داود والنسائي» مباشرة لذكره بنصهما كما تقتضيه الأمانة العلمية، دون زيادة أو نقص، فإن زاد فيه زيادة ما من مصدر آخر نبه عليه كما هي طريقة أهل العلم.
وسيأتي معنا أمثلة أخرى تؤكد أن النقل لم يكن من "الستة" مباشرة، فانتظر.