الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-وهذا باطل- لم يجز هذا التفسير هنا لأن الذهب مطلق في الحديث، والمطلق يجري على إطلاقه كما هي القاعدة عند العلماء.
ثم هل وقع ما أخبر به عليه السلام على هذا التأويل، أي هل اقتتل الناس عليه فقتل من كل مائة تسعة وتسعون؟ ! فإن قيل: ليس من الضروري أن يكون وقع، ولكنه سيقع قطعًا، قلنا: نعم، فلماذا إذن لا ندع الحديث كما يفهمه كل عربي لم يتأثر بالاصطلاحات الحاضرة، ونقول إن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم سيقع قطعًا، وبذلك نستغني عن مثل هذا التأويل الذي هو عين التعطيل للمعاني الحديثية الموافق لأساليب الباطنية!
ومن الغريب أن المصنف أعاد هذه الترجمة بعد ثلاثة أحاديث، وأورد تحتها حديث أبيِّ بن كعب بمعنى حديث أبي هريرة!
6 - إيراده أحاديث لا يترتب على معرفتها اليوم كبير فائدة
، تحت العناوين الآتية:(ص 21): «التبرك بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره» وذكر فيه حديث علي بن أبي طالب وفيه أمره صلى الله عليه وسلم له ولغيره أن يشربا من إناء مج فيه صلى الله عليه وسلم وأن يفرغا على وجوههما. ثم قال: «تبرك الصحابة بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم» ثم أورد فيه حديث طلق بن علي وفيه أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وتمضمض ثم صبه في أدواة لهم. ثم أعاد الترجمة ذاتها وذكر تحتها حديثًا ثالثًا فيه تبرك أسماء بجبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أعاد الترجمة للمرة الرابعة وأورد فيه حديثًا في تبرك أم سلمة بشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فما هو الفائدة من تكرار هذه العناوين والتراجم في الوقت الذي لا يمكن اليوم التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم لعدم وجودها؟ ! وما يفعلونه في بعض البلاد من التبرك في بعض المناسبات بشعرة محفوظة في زجاجة فهو شيء لا أصل له في الشرع، ولا يثبت ذلك بطريق صحيح.
نعم إنما يستفيد من هذه التراجم بعض مشايخ الطرق كما سبق ذكره في المقدمة، ولعل المصنف وضع هذه التراجم مساعدة منه لهم على استعباد مريديهم وإخضاعهم لهم باسم التبرك بهم! والله المستعان.
ثم قال (ص: 23): «تقبيل يد الرسول ورجليه» !
ثم ساق حديثًا فيه أن يهوديين قبلا يده صلى الله عليه وسلم ورجله!
قلت: ومع أن الحديث في ثبوته نظر كما سبق بيانه في موضعه (ص 14) فهل يريد الشيخ من ذلك أن يشرع للناس أن يقبل المريد رجل شيخه أيضًا اعتمادًا منه على فعل اليهوديين؟ ! فإن قيل: لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرهما على ذلك فيقال: اثبت العرش ثم انقش، فالحديث لم يثبت كما ذكرنا، ولو ثبت، فليس يجوز قياس المسلم على اليهودي، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فلئن أقر صلى الله عليه وسلم اليهوديين على تقبيل رجله، فلا يلزم منه إقرار المسلم على مثله لأنه عزيز وذاك ذليل صاغر، فأي قياس أفسد من هذا على وجه الأرض أن يقاس المسلم على الكافر، والعزيز على الذليل؟ ! ولو جاز فلا يجوز لأي شيخ أن يقيس نفسه على الرسول صلى الله عليه وسلم فيجيز لها ما جاز له صلى الله عليه وسلم! لأنه من باب قياس الحدادين على الملائكة! أو هو على الأقل قياس مع الفارق!
ثم قال (ص 42): «عتق الجواري ثم الزواج بهن» .
وذكر تحته حديثًا صحيحًا.
ثم قال: «ليقل المالك فتاي وفتاتي» .
وذكر تحته حديثًا صحيحًا.
ثم قال (ص 49): «من لطم مملوكًا فكفارته عتقه» .
ثم ذكر تحته حديثًا صحيحًا.
ثم قال (ص 56): «الجهاد واجب مع كل بر وفاجر» .
وذكر تحته حديث «الجهاد واجب مع كل أمير
…
».
قلت: ومع أن الحديث ضعيف الإسناد كما تقدم بيانه في محله (ص 24) فأين الجهاد اليوم -مع الأسف- حتى يذكر الطلاب بوجوب الجهاد مع كل أمير ولو كان فاجرًا، أم المقصود من الترجمة الإشارة إلى أن الجهاد يجب مع كل أمير، ولو كان هو الذي أمر نفسه بنفسه وكان فاجرًا يحكم بغير ما أنزل الله، ويرى في حكمه الكفر البواح.
ثم أين المماليك والجواري التي أخذت بطريق مشروع حتى نطبق فيهن تلك الأحاديث؟ ! أم المراد بتلك التراجم المتكررة تبرير الاسترقاق الموجود اليوم في بعض البلاد مما لا يسمح به الشرع الشريف؟
وهذا آخر ما تيسر لنا ذكره والتنبيه عليه في هذه العجالة، راجين من الله تعالى أن ينفع بها المسلمين عامة، والطلاب خاصة، وأن يجعل أعمالنا لوجهه خالصة، ولهدى نبيه صلى الله عليه وسلم موافقة. إنه خير مسؤول.