الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فظهر أن الشبر، والذراع، والطريق، ودخول الجحر تمثيل للاقتداء بهم في كل شيء مما نهى الشرع عنه وذمّه (1)، وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبّه بغير أهل الإسلام، فقال:((بُعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي، وجُعل الذلُّ والصغار على من خالف أمري، ومن تشبّه بقوم فهو منهم)) (2).
تاسعاً: الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة
، من الأسباب التي تؤدّي إلى البدع وانتشارها؛ فإن كثيراً من أهل البدع اعتمدوا على الأحاديث الواهية الضعيفة، والمكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي لا يقبلها أهل صناعة الحديث في البناء عليها، وردّوا الأحاديث الصحيحة التي تخالف ما هم عليه من البدع، فوقعوا بذلك في المهالك والعطب، والخسارة، ولا حول ولا قوة إلا بالله (3).
عاشراً: الغلو أعظم أسباب انتشار البدع
، وظهورها، وهو سبب شرك البشر؛ لأن الناس بعد آدم عليه الصلاة والسلام كانوا على التوحيد عشرة قرون، وبعد ذلك تعلَّق الناس بالصالحين، وغلَوا فيهم حتى عبدوهم من دون الله عز وجل؛ فأرسل الله تعالى نوحاً صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التوحيد،
(1) انظر: فتح الباري، لابن حجر، 13/ 301.
(2)
أحمد في المسند، 2/ 50، 92، وصحح إسناده أحمد محمد شاكر في شرحه للمسند، برقم 5114، 5115، 5667، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
انظر: فتاوى ابن تيمية، 22/ 361 - 363، والاعتصام للشاطبي، 1/ 287 - 294، وتنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من الأخطار، للدكتور صالح السحيمي، ص848، ورسائل ودراسات في الأهواء والافتراق والبدع وموقف السلف منها، للدكتور ناصر العقل، 2/ 180.
ثم تتابع الرسل عليهم الصلاة والسلام (1)، والغلوّ يكون: في الأشخاص، كتقديس الأئمة، والأولياء، ورفعهم فوق منازلهم، ويصل ذلك في النهاية إلى عبادتهم، ويكون الغلوّ في الدين، وذلك بالزيادة على ما شرعه الله، أو التشدّد والتكفير بغير حق، والغلوّ في الحقيقة: هو مجاوزة الحد في الاعتقادات، والأعمال، وذلك بأن يزاد في حمد الشيء، أو يُزاد في ذمّه على ما يستحق (2)، وقد حذَّر الله عن الغلوّ فقال عز وجل لأهل الكتاب:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} (3)، وحذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الغلوّ في الدين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إياكم والغلوّ في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوّ في الدين)) (4)، فظهر أن الغلوّ في الدين من أعظم أسباب الشرك، والبدع، والأهواء (5)؛ ولخطر الغلوّ في الدين حذّر النبي صلى الله عليه وسلم عن الإطراء فقال:((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله)) (6).
(1) انظر: البداية والنهاية، لابن كثير، 1/ 106.
(2)
انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية، 1/ 289.
(3)
سورة النساء، الآية:171.
(4)
النسائي، كتاب المناسك، باب التقاط الحصى، 5/ 268، وابن ماجه، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، 2/ 1008، وأحمد 1/ 347، وصحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم، 1/ 289.
(5)
انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية، 1/ 289، والاعتصام للشاطبي، 1/ 329 - 331، ورسائل ودراسات في الأهواء والبدع وموقف السلف منها، للدكتور ناصر العقل، 1/ 171، 183، والغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، للدكتور عبد الرحمن بن معلا اللويحق، ص77 - 81، والحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل، لسعيد بن علي [المؤلف]، ص379.
(6)
البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ
…
}،4/ 171،برقم 3445.