المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال أبو جعفر: وأما قوله:"والله لا يحب كل كفار أثيم"، - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ٦

[ابن جرير الطبري]

الفصل: قال أبو جعفر: وأما قوله:"والله لا يحب كل كفار أثيم"،

قال أبو جعفر: وأما قوله:"والله لا يحب كل كفار أثيم"، فإنه يعني به: والله لا يحب كل مُصرٍّ على كفر بربه، مقيم عليه، مستحِلّ أكل الربا وإطعامه،"أثيم"، متماد في الإثم، فيما نهاه عنه من أكل الربا والحرام وغير ذلك من معاصيه، لا ينزجر عن ذلك ولا يرعوي عنه، ولا يتعظ بموعظة ربه التي وعظه بها في تنزيله وآي كتابه.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ‌

(277) }

قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عز وجل بأن الذين آمنوا = يعني الذين صدقوا بالله وبرسوله، وبما جاء به من عند ربهم، من تحريم الربا وأكله، وغير ذلك من سائر شرائع دينه ="وعملوا الصالحات" التي أمرهم الله عز وجل بها، والتي نَدَبهم إليها ="وأقاموا الصلاة" المفروضة بحدودها، وأدّوها بسُنَنها ="وآتوا الزكاة" المفروضة عليهم في أموالهم، بعد الذي سلف منهم من أكل الرّبا، قبل مجيء الموعظة فيه من عند ربهم ="لهم أجرهم"، يعني ثواب ذلك من أعمالهم وإيمانهم وصَدَقتهم ="عند ربهم" يوم حاجتهم إليه في معادهم = ولا خوف عليهم" يومئذ من عقابه على ما كان سلف منهم في جاهليتهم وكفرهم قبل مجيئهم موعظة من ربهم، من أكل ما كانوا أكلوا من الربا، بما كان من إنابتهم، وتوبتهم إلى الله عز وجل من ذلك عند مجيئهم الموعظة من ربهم،

ص: 21

7429-

حدثني محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد قال، حدثنا خصيف قال: سمعت مجاهدًا يقول: إنّ أول ما خلق الله الكعبةَ، ثم دَحى الأرض من تحتها.

7430-

حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل:"إن أول بيت وضع للناس"، كقوله:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)[سورة آل عمران: 110]

7431-

حدثني محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين"، أما"أول بيت"، فإنه يوم كانت الأرض ماء، كان زَبْدَة على الأرض، فلما خلق الله الأرضَ، خلق البيت معها، فهو أول بيت وضع في الأرض.

7432-

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:(إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا) قال، أوّل بيت وَضَعه الله عز وجل، فطاف به آدم وَمنْ بعده.

* * *

وقال آخرون: موضع الكعبة، موضع أوّل بيت وضعه الله في الأرض.

*ذكر من قال ذلك:

7433-

حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ذُكر لنا أن البيتَ هبط مع آدم حين هبط، قال: أهبِط معك بيتي يُطاف حوله كما يطاف حول عرشي. فطاف حوله آدم ومن كان بَعده من المؤمنين، حتى إذا كان زمنُ الطوفان، زَمنَ أغرقَ الله قوم نوح، رَفعه الله وطهَّره من أن يصيبهُ عقوبة أهل الأرض، فصار معمورًا في السماء. ثم إنّ إبراهيم تتبع منه أثرًا بعد ذلك، فبناه على أساسٍ قديم كانَ قبله.

* * *

ص: 21