المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جويبر، عن الضحاك:"ولا يأب كاتب"، قال: كانت عزيمة، فنسختها: (وَلا - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ٦

[ابن جرير الطبري]

الفصل: جويبر، عن الضحاك:"ولا يأب كاتب"، قال: كانت عزيمة، فنسختها: (وَلا

جويبر، عن الضحاك:"ولا يأب كاتب"، قال: كانت عزيمة، فنسختها:(وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) .

6344 -

حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر. عن أبيه، عن الربيع:"وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله" فكان هذا واجبا على الكتاب.

* * *

وقال آخرون: هو على الوجوب، ولكنه واجب على الكاتب في حال فراغه.

ذكر من قال ذلك:

6345 -

حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله"، يقول: لا يأب كاتب أن يكتب إن كان فارغا.

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الله عز وجل أمر المتداينين إلى أجل مسمى باكتتاب كتب الدين بينهم، وأمر الكاتب أن يكتب ذلك بينهم بالعدل، وأمر الله فرض لازم، إلا أن تقوم حجة بأنه إرشاد وندب. ولا دلالة تدل على أن أمره جل ثناؤه باكتتاب الكتب في ذلك، وأن تقدمه إلى الكاتب أن لا يأبى كتابة ذلك، ندب وإرشاد، فذلك فرض عليهم لا يسعهم تضييعه، ومن ضيعه منهم كان حرجا بتضييعه. (1)

ولا وجه لاعتلال من اعتل بأن الأمر بذلك منسوخ بقوله:"فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته". لأن ذلك إنما أذن الله تعالى ذكره به حيث لا سبيل إلى الكتاب أو إلى الكاتب. فأما والكتاب والكاتب موجودان، فالفرض - إذا كان الدين إلى أجل مسمى - ما أمر الله تعالى ذكره به في قوله:"فاكتبوه

(1) قوله: "حرجا"، أي آثما. وانظر ما سلف مرارا في التعليق على هذه الكلمة 2: 423/ ثم 4: 224 (تعليق: 1) / ثم 475 تعليق: 2/ ثم 566 تعليق: 3، ثم ص 567 وما بعدها.

ص: 53

وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه والله".

وإنما يكون الناسخ ما لم يجز اجتماع حكمه وحكم المنسوخ في حال واحدة، على السبيل التي قد بيناها. (1) فأما ما كان أحدهما غير ناف حكم الآخر، فليس من الناسخ والمنسوخ في شيء.

ولو وجب أن يكون قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) ناسخا قوله:"إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله" - لوجب أن يكون قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)[سورة المائدة: 6] ناسخا الوضوء بالماء = في الحضر عند وجود الماء فيه وفي السفر = الذي فرضه الله عز وجل بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)[سورة المائدة: 6] وأن يكون قوله في كفارة الظهار: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)[سورة المجادلة: 4] ناسخا قوله: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا)(2)[سورة المجادلة: 3] .

* * *

فيُسْأل القائل إنّ قول الله عز وجل:"فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الذي اؤتمن أمانته" ناسخٌ قوله:"إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه": ما الفرقُ بَينه وبين قائلٍ في التيمم وما ذكرنا قوله = (3) فزعم أنّ كل ما أبيح في حال

(1) يعني ما سلف له بيانه في 3: 385، 563/ 4: 582، وما سيأتي في هذا الجزء: 118، تعليق:1.

(2)

ساق رأي الطبري مختصرًا، أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: 83، 84، والقرطبي في تفسيره 3: 403، 404.

(3)

في المطبوعة: "ما الفرق بينه وبين القائل في التيمم ما ذكرنا قوله"، أدخل التعريف على"قائل"، وحذف الواو من"وما ذكرنا" فصار الكلام محفوفًا بالفساد والخلط من كل مكان، وتخلع السياق تخلعًا فظيعًا. وقول الطبري"وما ذكرنا" يعني ما ذكره في آية الظهار السالفة. ويعني بقوله:"وما ذكرنا قوله"، أي أنه منسوخ بتمام الآية.

ص: 54

الضرورة لعلة الضرورة، ناسخ حكمُه في حال الضرورة حكمَه في كل أحواله: نظيرَ قوله في أنّ الأمر باكتتاب كتب الديون والحقوق منسوخٌ بقوله:"وإن كنتم عَلى سَفر ولم تجدُوا كاتبًا فرهانٌ مقبوضة فإن أمن بعضُكم بعضًا فليؤدّذ الذي اؤتمن أمانته) ؟

فإن قال: الفرق بيني وبينه أن قوله:"فإن أمن بعضُكم بعضًا" كلام منقطع عن قوله:"وإن كنتم على سَفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة"، وقد انتهى الحكم في السفر إذا عُدم فيه الكاتب بقوله:"فرهان مقبوضة". وإنما عنى بقوله:"فإن أمن بعضكم بعضًا":"إذا تداينتم بدَين إلى أجل مسمى"، فأمن بعضكم بعضًا، فليؤدّ الذي اؤتمن أمانته.

قيل له: وما البرهان على ذلك من أصل أو قياس، وقد انقضى الحكم في الدّين الذي فيه إلى الكاتب والكتاب سبيلٌ بقوله:"ويُعلّمكم الله واللهُ بكل شيء عليم"؟ (1)

* * *

وأما الذين زعموا أن قوله:"فاكتبوا"، وقوله:"ولا يأب كاتب" على وجه الندب والإرشاد، فإنهم يُسألون البرهان على دعواهم في ذلك، ثم يعارضون بسائر أمر الله عز وجل الذي أمر في كتابه، ويُسألون الفرق بين ما ادّعوا في ذلك وأنكروه في غيره. فلم يقولوا في شيء من ذلك قولا إلا ألزموا في الآخر مثله.

* * *

ذكر من قال:"العدل" في قوله:"وليكتب بينكم كاتب بالعدل": الحقّ.

(1) هذه حجة حبر رباني بصير بمعاني الكلام.

ص: 55

.........................................................................

.........................................................................

............................................................................ (1)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا}

(2)

قال أبو جعفر: يعني بذلك:" فليكتب" الكاتب = وليملل الذي عليه الحق"، وهو الغريم المدينُ يقول: ليتولّ المدَين إملالَ كتاب ما عليه من دين ربّ المال على الكاتب ="وليتق الله ربه" المملي الذي عليه الحقّ، فليحذر عقابه في بخس الذي له الحق من حقه شيئًا، أن ينقُصَه منه ظلمًا أو يذهب به منه تعدّيًا، فيؤخذ به حيث لا يقدرُ على قضائه إلا من حسناته، أو أن يتحمل من سيئاته، كما:

6346 -

حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"فليكتب وليملل الذي عليه الحق"، فكان هذا واجبًا -"وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئًا"، يقول: لا يظلم منه شيئًا.

6347 -

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا يبخس منه شيئًا"، قال: لا ينقص من حقّ هذا الرجل شيئًا إذا أملى.

* * *

(1) سقط من الناسخ في هذا المكان، ما رواه أبو جعفر من أقوال القائلين في معنى"العدل" بإسناده إليهم. ولا سبيل إلى إتمام ذلك حتى توجد نسخة من التفسير يقل سهو ناسخها وإغفاله.

(2)

في المطبوعة والمخطوطة: سقط من الناسخ"فليكتب" قبل"وليملل"، فأثبتها.

ص: 56

القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"فإن كان الذي عليه الحق سفيهًا أو ضعيفًا"، فإن كان المدين الذي عليه المال"سفيهًا"، يعني: جاهلا بالصواب في الذي عليه أن يُملَّه على الكاتب، كما:-

6348 -

حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فإن كان الذي عليه الحق سفيهًا"، أما السفيه: فالجاهل بالإملاء والأمور.

* * *

وقال آخرون: بل"السفيه" في هذا الموضع، الذي عناه الله: الطفلُ الصغير.

ذكر من قال ذلك:

6349 -

حدثني موسى بن هارون قال حدثنا عمرو، حدثنا أسباط، عن السدي:"فإن كان الذي عليه الحق سفيهًا"، أما السفيه، فهو الصغير.

6350 -

حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"فإن كان الذي عليه الحق سفيهًا أو ضعيفًا"، قال: هو الصبي الصغير، فليملل وليُّه بالعدل.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالآية تأويل من قال:"السفيه في هذا الموضع: الجاهل بالإملاء وموضع صواب ذلك من خطئه"، لما قد بينا قبل من أن معنى"السفه" في كلام العرب: الجهلُ. (1)

(1) انظر تفسير"السفه" فيما سلف 1: 293-295/ 3: 90، 129، 130.

ص: 57

القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ‌

(99) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر يهود بني إسرائيل وغيرهم ممن ينتحل التصديق بكتب الله: ="لم تصدُّون عن سبيل الله"، يقول: لم تضِلُّون عن طريق الله ومحجَّته التي شرَعها لأنبيائه وأوليائه وأهل الإيمان= (1)"من آمن"، يقول: من صدّق بالله ورَسوله وما جاء به من عند الله="تبغونها عوجًا"، يعني: تبغون لها عوجًا.

* * *

"والهاء والألف" اللتان في قوله:"تبغونها" عائدتان على"السبيل"، وأنثها لتأنيث"السبيل".

* * *

ومعنى قوله:"تبغون لها عوجًا"، من قول الشاعر، وهو سحيم عبدُ بني الحسحاس

بَغَاك، وَمَا تَبْغِيهِ حَتَّى وَجَدْتَهُ

كأَنِّكَ قَدْ وَاعَدْتَهُ أَمْسِ مَوْعِدَا (2)

يعني: طلبك وما تطلبه. (3) يقال:"ابغني كذا"، يراد: ابتغه لي. فإذا أرادوا أعِنِّي على طلبه وابتغه معي قالوا:"أبغني" بفتح الألف. وكذلك يقال:"احلُبْني"، بمعنى: اكفني الحلب -"وأحلبني" أعني عليه. وكذلك جميع ما وَرَد من هذا النوع، فعلى هذا. (4)

* * *

وأما"العِوَج" فهو الأوَد والميْل. وإنما يعني بذلك: الضلال عن الهدى.

* * *

(1) انظر معنى"الصد" فيما سلف 4: 300.

(2)

سلف تخريجه في 4: 163، تعليق:2.

(3)

انظر تفسير"بغى" فيما سلف 3: 508 / 4: 163 / 6: 196، 564، 570.

(4)

انظر معاني القرآن للفراء 1: 227، 228.

ص: 53

يقول جل ثناؤه: لم تصدُّون عن دين الله مَنْ صَدّق الله ورسوله تبغون دينَ الله اعوجاجًا عن سننه واستقامته؟

وخرج الكلام على"السبيل"، والمعنى لأهله. كأن المعنى: تبغون لأهل دين الله، ولمن هو على سبيل الحق، عوجا = يقول: ضلالا عن الحق، وزيغًا عن الاستقامة على الهدى والمحجَّة.

* * *

"والعِوج" بكسر أوله: الأوَد في الدين والكلام."والعَوَج" بفتح أوله: الميل في الحائط والقناة وكل شيء منتصب قائم. (1)

* * *

وأما قوله:"وأنتم شهداء". فإنه يعني: شهداء على أنّ الذي تصدّون عنه من السبيل حقٌّ، تعلمونه وتجدونه في كتبكم ="وما الله بغافل عما تعملون"، يقول: ليس الله بغافل عن أعمالكم التي تعملونها مما لا يرضاه لعباده وغير ذلك من أعمالكم، حتى يعاجلكم بالعقوبة عليها معجَّلة، أو يؤخر ذلك لكم حتى تلقَوْهُ فيجازيكم عليها.

* * *

وقد ذكر أن هاتين الآيتين من قوله:"يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله" والآياتُ بعدَهما إلى قوله:"فأولئك لهم عذاب عظيم"، نزلت في رجل من اليهود حاول الإغراء بين الحيَّين من الأوس والخزرج بعد الإسلام، ليراجعوا ما كانوا عليه في جاهليتهم من العداوة والبغضاء. فعنَّفه الله بفعله ذلك، وقبَّح له ما فعل ووبَّخه عليه، ووعظ أيضًا أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونَهاهم عن الافتراق والاختلاف، وأمرهم بالاجتماع والائتلاف.

*ذكر الرواية بذلك:

(1) انظر مجاز القرآن 1: 98.

ص: 54

7524-

حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال، حدثني الثقة، عن زيد بن أسلم، قال: مرّ شأسُ بن قيس = وكان شيخًا قد عَسَا في الجاهلية، (1) عظيمَ الكفر، شديد الضِّغن على المسلمين، شديدَ الحسد لهم = على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج، في مجلس قد جمعهم يتحدّثون فيه. فغاظه ما رأى من جَماعتهم وألفتهم وصَلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال: قد اجتمع مَلأ بني قَيْلة بهذه البلاد! (2) لا والله ما لنا معهم، إذا اجتمع ملأهم بها، من قرار! (3) فأمر فَتى شابًّا من يهودَ وكان معه، (4) فقال: اعمد إليهم، فاجلس معهم، وذَكّرهم يَوْم بعاث وما كان قبله، وأنشدْهم بعض ما كانوا تقاوَلوا فيه من الأشعار =وكان يوم بُعَاث يومًا اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفرُ فيه للأوس على الخزرج= ففعل. فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا، حتى تواثب رجُلان من الحيَّين على الرُّكَب: أوسُ بن قَيْظي، أحد بني حارثة بن الحارث من الأوس - وجبّار بن صخر، أحد بني سَلمة من الخزرج. فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رَدَدْناها الآن جَذَعَةً! (5) وغضب الفريقان، وقالوا: قد فعلنا، السلاحَ السلاحَ!! موعدُكم الظاهرة =والظاهرةُ: الحَرَّة= فخرجوا إليها. وتحاوز الناس. (6) فانضمت الأوس بعضها إلى بعض،

(1) عسا الشيخ يعسو عسوا وعسيًا: كبر وأسن، ويقال أيضًا في مثله"عتا". وقوله:"في الجاهلية" ليست في نص ابن هشام عن ابن إسحاق.

(2)

الملأ: الرؤساء وأشراف القوم ووجوههم ومقدموهم، الذين يرجع إلى قولهم ورأيهم. وبنو قيلة: هم الأنصار من الأوس والخزرج، وقيلة: اسم أم لهم قديمة، هي قيلة بنت كاهل، سموا بها.

(3)

في المطبوعة: "والله مالنا"، أسقط"لا"، وهي في المخطوطة وابن هشام.

(4)

في المطبوعة: "من اليهود"، وأثبت ما في المخطوطة وابن هشام.

(5)

ردها جذعة: أي جديدة كما بدأت. والجذع والجذعة: الصغير السن من الأنعام، أول ما يستطاع ركوبه. يعني أعدناها شابة فتية.

(6)

"تحاوز الناس"، مثل"تحوز وتحيز وانحاز"، أي تنحى ناحية وانضم إلى جماعته، والذي يلي هذه الكلمة هو تفسيرها قوله: "فانضمت الأوس

" وفي المطبوعة: "تحاور" بالراء، ولا معنى لها هنا. والجملة كلها من أول قوله"وتحاوز

" إلى"التي كانو عليها في الجاهلية" مما أسقطه ابن هشام من نص ابن إسحاق، وليس في السيرة. ونص الطبري هنا أتم من نص ابن هشام في مواضع من هذا الأثر.

ص: 55

والخزرج بعضها إلى بعض، على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية. فبلغَ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم، فقال:"يا معشرَ المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهُرِكم بعد إذْ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمرَ الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألَّف به بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارًا؟ فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيدٌ من عدوهم، فألقوا السلاح من أيديهم، وبكَوْا، وعانقَ الرجال من الأوس والخزرج بعضُهم بعضًا، ثم انصرفوا مع رَسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيدَ عدوِّ الله شَأس بن قيس وما صنع. فأنزل الله في شأس بن قيس وما صنع:"قل يا أهل الكتاب لم تكفرُون بآيات الله والله شهيدٌ على ما تعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا" (1) الآية. وأنزل الله عز وجل في أوس بن قَيْظيّ وجبّار بن صخر ومَنْ كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا عما أدخل عليهم شأس بن قيس من أمر الجاهلية: (2) "يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقًا من الذين أوتوا الكتاب يردُّوكم بعد إيمانكم كافرين" إلى قوله:"أولئك لهم عذابٌ عظيم". (3)

* * *

(1) في المخطوطة والمطبوعة، أسقط الناسخ"قل" من أول الآيتين سهوا منه.

(2)

في المطبوعة: "مما أدخل عليهم

"، غيروا ما في المخطوطة، وهو المطابق لنص ابن هشام. وقوله: "عما أدخل عليهم"، أي بسبب ما أدخل عليهم ومن جرائه ومن أجله. و"عن" تأتي بهذا المعنى في كلامهم.

(3)

الأثر: 7524- سيرة ابن هشام 2: 204 - 206، وهو بقية الآثار السالفة التي كان آخرها رقم: 7333، 7334.

ص: 56

وقيل: إنه عنى بقوله:"قل يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل الله"، جماعة يهود بني إسرائيل الذين كانوا بين أظهر مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام نزلت هذه الآيات، والنصارى = وأن صدّهم عن سبيل الله كانَ بإخبارهم من سألهم عن أمر نبيّ الله محمد صلى الله عليه وسلم: هل يجدون ذكره في كتبهم؟. أنهم لا يجدون نعتَه في كتبهم.

*ذكر من قال ذلك:

7525-

حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"قل يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجًا"، كانوا إذا سألهم أحدٌ: هل تجدون محمدًا؟ قالوا: لا! فصدّوا عنه الناس، وبغوْا محمدًا عوجًا: هلاكًا.

7526-

حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"قل يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل الله"، يقول: لم تصدون عن الإسلام وعن نبي الله، من آمن بالله، وأنتم شهداء فيما تقرأون من كتاب الله: أن محمدًا رسول الله، وأنّ الإسلام دين الله الذي لا يَقبل غيره ولا يجزى إلا به، تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل.

7527-

حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، نحوه.

7528-

حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر قال، حدثنا عباد، عن الحسن في قوله:"قل يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل الله"، قال: هم اليهودُ والنصارى، نهاهم أنْ يصدّوا المسلمين عن سبيل الله، ويريدون أن يعدِلوا الناسَ إلى الضلالة.

* * *

قال أبو جعفر: فتأويل الآية على ما قاله السدي: يا معشر اليهود، لم

ص: 57