الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في تأويل قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ
(5) }
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله لا يخفى عليه شيء هو في الأرض ولا شيء هو في السماء. يقول: فيكف يخفى علىّ يا محمدُ - وأنا علامُ جميع الأشياء - ما يُضَاهى به هؤلاء الذين يجادلونك في آيات الله من نصارى نجران في عيسى ابن مريم، في مقالتهم التي يقولونها فيه؟ ! كما:-
6566 -
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"إنّ الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء"، أي: قد علم ما يريدون وما يَكيدون وما يُضَاهون بقولهم في عيسى، إذ جعلوه ربًّا وإلهًا، وعندهم من علمه غيرُ ذلك، غِرّةً بالله وكفرًا به. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ}
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: الله الذي يصوّركم فيجعلكم صورًا أشباحًا في أرحام أمهاتكم كيف شاء وأحب، فيجعل هذا ذكرًا وهذا أنثى، وهذا أسود وهذا أحمر. يُعرّف عباده بذلك أنّ جميع من اشتملت عليه أرحامُ النساء، ممنّ صوره وخلقه كيف شاء (2) = وأنّ عيسى ابن مريم ممن صوّره في
(1) الأثر: 6566 - هو من بقية الآثار التي آخرها رقم: 6564، من سيرة ابن إسحاق.
(2)
في المطبوعة: "ممن صوره" بإسقاط الفاء من أولها. والصواب من المخطوطة.
رحم أمه وخلقه فيها كيف شاء وأحبّ، وأنه لو كان إلهًا لم يكن ممن اشتملت عليه رحم أمه، لأن خلاق ما في الأرحام لا تكون الأرحامُ عليه مشتملة، وإنما تشتمل على المخلوقين، كما:-
6567 -
حدثني ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء"، أي:(1) قد كان عيسى ممن صُوّر في الأرحام، لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه، كما صُوّر غيره من بني آدم، فكيفَ يكون إلهًا وقد كان بذلك المنزل؟ (2)
6568 -
حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه عن الربيع:"هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء"، أي: أنه صوّر عيسى في الرحم كيف شاء.
* * *
قال آخرون في ذلك ما:-
6569 -
حدثنا به موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس = وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء"، قال: إذا وقعت النطفة في الأرحام طارت في الجسد أربعين يومًا، ثم تكون عَلقةً أربعين يومًا، ثم تكون مُضْغة أربعين يومًا، فإذا بلغ أن يُخلق، بعث الله ملكًا يصوِّرها. فيأتي الملك بتراب بين إصبعيه، فيخلطه في المضْغة، ثم يعجنه بها، ثم يصوّرها كما يؤمر، فيقول: أذكر أو أنثى؟ أشقي أو سعيد، وما رزقه؟ وما عمره؟ وما أثره؟
(1)"أي" ساقطة من المخطوطة والمطبوعة، وأثبتها من سيرة ابن هشام، وقد مضى نهج ابن إسحاق على ذلك في الآثار السالفة.
(2)
الأثر: 6567 - هو من بقية الآثار التي آخرها رقم: 6566 عن ابن إسحاق.