الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في تأويل قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا
(63) }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"أولئك"، هؤلاء المنافقون الذين وصفت لك، يا محمد، صفتهم ="يعلم الله ما في قلوبهم" في احتكامهم إلى الطاغوت، وتركهم الاحتكام إليك، وصدودهم عنك = من النفاق والزيغ، (1) وإن حلفوا بالله: ما أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا ="فأعرض عنهم وعظهم"، يقول: فدعهم فلا تعاقبهم في أبدانهم وأجسامهم، ولكن عظهم بتخويفك إياهم بأسَ الله أن يحلّ بهم، وعقوبته أن تنزل بدارهم، وحذِّرهم من مكروهِ ما هم عليه من الشك في أمر الله وأمر رسوله =،"وقل لهم في أنفسهم قولا بليغًا"، يقول: مرهم باتقاء الله والتصديق به وبرسوله ووعده ووعيده.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولم نرسل، يا محمد، رسولا إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه. يقول تعالى ذكره: فأنت، يا محمد، من الرسل الذين فرضت طاعتهم على من أرسلتُه إليه.
وإنما هذا من الله توبيخ للمحتكمين من المنافقين = الذين كانوا يزعمون أنهم
(1) السياق: "يعلم الله ما في قلوبهم
…
من النفاق والزيغ".
يؤمنون بما أنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم = فيما اختصموا فيه إلى الطاغوت، صدودًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول لهم تعالى ذكره: ما أرسلتُ رسولا إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه، فمحمد صلى الله عليه وسلم من أولئك الرسل، فمن ترك طاعته والرِّضى بحكمه واحتكم إلى الطاغوت، فقد خالف أمري، وضيَّع فرضي.
* * *
ثم أخبر جل ثناؤه: أن من أطاع رسله، فإنما يطيعهم بإذنه = يعني: بتقديره ذلك وقضائه السابق في علمه ومشيئته، (1) كما:-
9904 -
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"إلا ليطاع بإذن الله"، واجب لهم أن يطيعهم من شاء الله، ولا يطيعهم أحد إلا بإذن الله.
9905 -
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
9906 -
حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
قال أبو جعفر: إنما هذا تعريض من الله تعالى ذكره لهؤلاء المنافقين، بأن تركهم طاعة الله وطاعة رسوله والرضى بحكمه، إنما هو للسابق لهم من خِذْلانه وغلبة الشقاء عليهم، ولولا ذلك لكانوا ممن أذن له في الرضى بحكمه، والمسارعة إلى طاعته.
* * *
(1) انظر تفسير"الإذن" فيما سلف 8: 192 تعليق: 2 والمراجع هناك.