المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بطاعة المطيع منهم ومعصية العاصي، فإنه لا يخفى عليه شيء - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ٨

[ابن جرير الطبري]

الفصل: بطاعة المطيع منهم ومعصية العاصي، فإنه لا يخفى عليه شيء

بطاعة المطيع منهم ومعصية العاصي، فإنه لا يخفى عليه شيء من ذلك، ولكنه يحصيه عليهم ويحفظه، حتى يجازي جميعهم، جزاء المحسنين منهم بالإحسان، والمسيئين منهم بالإساءة، (1) ويعفو عمن شاء من أهل التوحيد.

* * *

القول في تأويل قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ‌

(71) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (2)"يا أيها الذين آمنوا"، صدَّقوا الله ورسوله ="خذوا حذركم"، خذوا جُنَّتكم وأسلحتكم التي تتقون بها من عدوكم لغزوهم وحربهم ="فانفروا إليهم ثُبات".

* * *

= وهي جمع"ثبة"، و"الثبة"، العصبة.

= ومعنى الكلام: فانفروا إلى عدوكم جماعة بعد جماعة متسلحين.

= ومن"الثبة" قول زهير:

وَقَدْ أَغْدُوا عَلَى ثُبَةٍ كِرَامٍ

نَشَاوَى وَاجِدِينَ لِمَا نَشَاء (3)

(1) في المطبوعة: "فيجزي المحسن منهم بالإحسان، والمسيء منهم بالإساءة" وفي المخطوطة: "جزاء المحسنين منهم بالإحسان، والمسيء منهم بالإساءة"، وأثبت ما في المخطوطة، وأثبت صواب السياق على ما يقتضيه صدر الكلام.

(2)

في المطبوعة والمخطوطة: "يعني بذلك

" والسياق يقتضي ما أثبت.

(3)

ديوانه: 72، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 132، واللساق (ثبا) و (نشا) ، وغيرها. من أبيات وصف فيها الشرب، قد بلغت منهم النشوة، وهم في ترف من يومهم، لا يفتقدون شيئًا ثم يقول: لَهُمْ رَاحٌ، وَرَاوُوقٌ، ومِسْكٌ

تُعَلُّ بِهِ جُلُودُهُمُ، ومَاءُ

أُمَشِّي بَيْنَ قَتْلَى قَدْ أُصِيَبتْ

نُفُوسُهُمُ، ولَمْ تَقْطُرَ دماءُ

يَجُرُّونَ الْبُرُودَ وَقَدْ تَمَشَّتْ

حُمَيَّا الْكَأْسِ فِيهِمْ والغِنَاءُ

ص: 536

وقد تجمع"الثبة" على"ثُبِين". (1) .

* * *

="أو انفروا جميعًا"، يقول: أو انفروا جميعًا مع نبيكم صلى الله عليه وسلم لقتالهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

9929 -

حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"خذوا حذركم فانفروا ثبات"، يقول: عصبًا، يعني سَرايَا متفرقين ="أو انفروا جميعًا"، يعني: كلكم.

9930 -

حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"فانفروا ثبات"، قال: فرقًا، قليلا قليلا.

9931 -

حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فانفروا ثبات"، قال:"الثبات" الفرق.

9932 -

حدثنا الحسين بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة مثله.

9933 -

حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فانفروا ثبات"، فهي العصبة، وهي الثبة ="أو انفروا جميعًا"، مع النبي صلى الله عليه وسلم.

9934 -

حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"فانفروا ثبات"، يعني: عصبًا متفرِّقين.

* * *

(1) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 132.

ص: 537